العقول الراجحة ، فإنّ هذا الوصف يشعر بأن الأخذ بالأحسن من صفات الكمال وليس هو الفيصل بين الحق والباطل والهداية والضلال ، فالهداية والتعقّل من المفاهيم المشككة ، فمن الناس من يأخذ منهما بحظ وافر فهذا هو الأهدى والأعقل ، ومنهم من يكون حظه منهما أقل وهذا لا يقتضي انسلاب صفة الهداية والتعقل عنه.
ومن هنا لا يمكن استظهار المعنى الاول ، ولا يبعد ان يكون المعنى الثالث هو المتعين من هذا الاحتمال ، وذلك لأنّه بعد عدم دلالة الجملة الوصفية على المفهوم لا يكون ثمة مبرّر لاستظهار تصدّي الآية الشريفة لعلاج حالات التعارض والتزاحم ، إذ المبرّر لاستظهار تصدّي الآية لذلك هو مفهوم الوصف ، إذ به يثبت انّ متّبع غير الأحسن لا يكون مهديّا وهذا معناه سقوط الحجية عن القول غير الأحسن وذلك يقتضي انّ الآية متصدية لعلاج حالات التعارض والتزاحم ، إذ لا معنى لسقوط أحد القولين عن الحجية بمجرّد أنّ أحدهما أحسن من الآخر إذا لم يكونا متعارضين أو متزاحمين ، وعليه وبعد عدم حجية مفهوم الوصف تكون الآية بصدد بيان راجحية اختيار القول الأحسن من القولين الواجدين للحجيّة وليست متصدّية لعلاج حالات التعارض والتزاحم أصلا ، لا أقل انّ هذا المعنى محتمل جدا وليس المعنى الاول مترجح عليه فتكون الآية الشريفة مجملة من هذه الجهة.
على انّه لو كان المعنى الاول من هذا الاحتمال هو المتعيّن لما كانت الآية الشريفة صالحة للاستدلال بها على حجية الاستحسان ، وذلك لأن المعنى الاول لا يقتضي أكثر من حجيّة القول الاحسن وسقوط الحجية عن غير الاحسن اما كيف نشخّص الأحسن من القولين فهذا ما لم تتصد الآية