فتح الأبواب

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

فتح الأبواب

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: حامد الخفّاف
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

١٠١

١٠٢

١٠٣

١٠٤

١٠٥

١٠٦

١٠٧

١٠٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

رب سهل (١)

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس أحمد الله جل جلاله الذي عطف على أوليائه وخاصته ولطف لهم بما أراهم من أسرار ملكوته ومملكته وكشف الحجب بينهم وبين عظمة ربوبيته فأشرقت على سرائر قلوبهم شموس إقباله وتحققت بصائرهم بما شاء من مقدس جلاله فعصمهم بتلك الهيبة (٢) أن يقع في حضرته الاشتغال عنه منهم واشتغلوا بمراقبته جل جلاله عنهم واقتدى بهم قوم من أهل الأحلام (٣) والأفهام في شرف ذلك المقام فلم تبق لهم إرادة تعارض مولاهم وهو يراهم في إرادته ولا كراهية تخالف مقدس كراهته وصارت كل الإرادات (٤) غير إرادته عندهم مدحوضة وجميع الاختيارات غير اختياراته مرفوضة وسائر المشورات غير مشوراته منقوضة (٥) وجميع الإشارات غير

__________________

(١) البسملة والدعاء من « ش » ، وفي « د » : « بسم الله الرحمن الرحيم وعليك توكلي يا كريم ».

(٢) في « م » و « د » : الهيئة.

(٣) في « ش » : الإخلاص.

(٤) في « م » الإرادة.

(٥) في « م » و « د » : منقوصة.

١٠٩

إشاراته مبغوضة (١) فهم في سفر اليقين إليه سائرون وعلى بساط الأنس والقدس بين يديه متعاشرون ولما أراد منهم النظر إليه من أنوار جوده (٢) وثمار وعوده ناظرون وصارت إرادتهم وكراهاتهم وحركاتهم وسكناتهم صادرة عن تدبير مولاهم الذي هم بين يديه حاضرون وإليه صائرون فاستراحوا وسلموا من مواقف الحساب وقال لسان حالهم لمالك آمالهم في يوم المآب التدبير في الدنيا لنا كان بك ومنك فصدقهم سبحانه في مقالهم ولسان حالهم بغير ارتياب وقال ببيان المقال أو لسان الحال لقد كنتم في الدنيا متدبرين بمشورتي في جميع الأسباب فسيروا على مراكب السعد والإقبال إلى ما أعددت لخاصتي من تمام دوام الثواب وبقي الذين قدموا رأيهم على رأيه وتدبيرهم على تدبيره أيام كانوا في دار الفناء والذهاب موقوفين في ذل العتاب أو العقاب.

وأشهد أن لا إله إلا هو (٣) شهادة صدر الاعتقاد في الانقياد (٤) والاعتراف بها من مقدس باب جوده (٥) وأنطق بها لساننا اختيارا لا اضطرارا كما أراد من عبيده (٦) وصانها بدروع الملاطفة وحصون المكاشفة عن حيرة التائهين في الشك (٧) في وجوده وعن الإقدام على هول جحوده وأشهد أن جدي محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أعظم واع لمراده ومقصوده وأكمل داع إلى الوقوف عند حدوده الذي أغناه عند المخصوصين

__________________

(١) في « م » منقوصة ، وفي « ش » : مبعوضة ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه في المتن.

(٢) في « د » : وجوده.

(٣) في « د » : الله وحده لا شريك له.

(٤) في « ش » : صدر الاعتقاد لها.

(٥) في « د » : وجوده.

(٦) في « م » : عنده.

(٧) في « د » : بالشك.

١١٠

بلطفه جل جلاله وعناياته عن النظر في براهينه صلوات الله عليه الباهرة وآياته بما أفرده عليه‌السلام عن العالمين من كمال ذاته وجلال صفاته فهو صلى‌الله‌عليه‌وآله أحق بقول الشاعر لانفراده بكماله ـ

لقد بهرت (١) فما تخفى على أحد

إلا على أكمه لا يعرف القمر (٢)

ثم زاده غنى بعد وفاته عن النظر في دلائل (٣) التحدي وكثير من معجزاته بما اشتهر وبهر من تصديقه جل جلاله في الأخبار التي أخبر عليه‌السلام عنها في مغيباته وبما عجل لداع من أمته في (٤) سرعة إجاباته وبما فرج بالتوسل به صلوات الله عليه إلى الله جل جلاله عن مكروب هائل كرباته وبما أظهر على قبره الشريف وقبور عترته من بيناته وبما كفى وشفى بتراب (٥) قبورهم عمن عجز الأطباء عنه ويئسوا من حياته ذلك الحد الذي أودعه ما يحتاج إليه (٦) عليه‌السلام وأمته من أسرار الأولين والآخرين وجمع لهم مواريث الأنبياء والمرسلين وجعل طاعة رسوله عليه‌السلام طاعته سبحانه إلى يوم الدين حتى قال جل جلاله ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (٧) وهذه شهادة صريحة منه جل جلاله أن رسوله

__________________

(١) قال الزمخشري في أساس البلاغة ـ بهر ـ ٣٢ : ومن المجاز : قمر باهر وهو الذي بهر ضوءه ضوء الكواكب.

(٢) البيت من قصيدة لغيلان بن عقبة العدوي المشهور بـ ( ذي الرمة ) ، المتوفّى سنة ١١٧ ، وقد اختلطت عبارة البيت في جميع النسخ ، فضبطناها بالاستفادة من ديوان الشاعر ، انظر « ديوان ذو الرمة : ١٩١ ، معجم شواهد العربية : ١٤٢ ».

(٣) في « م » زيادة : التوحيد.

(٤) في « م » : من.

(٥) في « ش » : من تراب.

(٦) في « ش » و « د » : هو.

(٧) النساء ٤ : ٨٠.

١١١

( ما يَنْطِقُ ) بل ما يعمل عملا ( عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) من رب العالمين.

وأشهد أن تلك الودائع والأسرار ومواريث الأنبياء والرسل والأطهار يحتاج رسوله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في حفظها ونقلها مع بقاء شريعته إلى من يكون مقطوعا سرا وجهرا على عصمته ليؤمن على مستودعها من التعمد (١) لتضييع أمانته ومن السهو والنسيان اللذين لا يدخلان تحت طاقته (٢) كيلا تنقطع فوائد رسالته وتضيع ذخائر نبوته.

وبعد فإنني وجدت العبد المؤدب والمملوك المهذب يجتهد أن لا يقع منه شيء إلا بإذن مولاه ومالك نعمته ليسلم بذلك من معاقبته أو معاتبته وليكون ضمان درك أعمال العبد على مولاه الذي تابعه في إشارته وكان معه في إرادته ووجدت العمل بالمشاورة لله جل جلاله بالاستخارة قد دلني العقل والنقل عليها كما سيأتي في أبواب هذا الكتاب من المعنى والعبارة وأنها طريق إلى ضمان درك حركاتي وسكناتي بها على من وفقني لها وعرفت أن الله جل جلاله العالم بالعواقب يدلني بالمشاورة له على عواقب المطالب ويكشف لي عن مصالحي فيما أشاوره فيه من كل أمر حاضر وغائب ويؤمنني بذلك من الغلط في المسالك والمذاهب فلو وجدت ذلك عند ملك مقرب روحاني أو نبي أو وصي أو تابع لهما بشري أو منجم دنيوي لعذرني على المشاورة له عقلاء المسلمين بل ما كان يعذرني على ترك مشاورته أحد من الفاضلين ولا أعلم كيف قال قوم واعتقدوا أن مشاورة الله جل جلاله ـ ( وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) وأكرم الأكرمين المحسن إلى

__________________

(١) في « د » : التعهد.

(٢) في « د » : طاعته.

١١٢

المسيئين الذي لا يتهم في مشورته وإشارته على اليقين (١) العالم بعواقب ما يشير به من أمور الدنيا والدين تكون دون مشاورة ملك روحاني أو نبي أو وصي أو غيرهما من العالمين إن هذا بعيد من مذاهب العارفين.

وقد رأيت عندي يوم الثلاثاء رابع عشرين من شهر رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة باعثا قويا عرفت أنه من جانب العناية الإلهية علي أن أصنف في المشاورة لله جل جلاله كتابا ما أعلم أن أحدا سبقني إلى مثله يعرف قدر هذا الكتاب من نظره بعين إنصافه وفضله واتفق أن هذا يوم رابع عشرين يوم فتح الله جل جلاله أبواب النصرة في حرب البصرة على مولانا أمير المؤمنين صلوا الله وسلامه عليه ويوم إعزاز الدين ويوم كشف الحق بين المختلفين فوجدته أهلا أن يكشف الله جل جلاله فيه على يدي الحق في مشاورته جل جلاله واستخارته بلطفه وعطفه ورحمته وعنايته وقد سميته كتاب فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب ويصير حجة لله جل جلاله على من عرفه أو بلغه من المكلفين في تقديم مشاورته جل جلاله على العالمين وقاطعا لأعذار من تخلف عن مشاورته سبحانه فيما يشاور فيه جل جلاله من أمور الدنيا والدين.

وهذه أبواب الكتاب نذكرها بابا بابا جملة قبل الشروع في التفصيل ليعرف الناظر فيها ما يتضمنه كل باب منه فيقصد إلى ما يريد من ذلك على التعجيل ولعله يكون أربعة وعشرين بابا حيث كان شروعي فيه بالله جل جلاله يوم رابع عشرين وفيها بلاغ ( لِقَوْمٍ عابِدِينَ ) (٢).

الباب الأول : في بعض ما هداني الله جل جلاله إليه من

__________________

(١) في « د » : التعيين.

(٢) اقتباس من قوله تعالى : إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ : « الأنبياء ٢١ : ١٠٦ ».

١١٣

المعقول المقوي لما رويته في الاستخارة من المنقول.

الباب الثاني : في بعض ما عرفته من صريح القرآن هاديا إلى مشاورة الله جل جلاله وحجة على الإنسان.

الباب الثالث : في بعض ما وجدته من طريق الاعتبار كاشفا لقوة العمل في الاستخارة بما ورد في (١) الأخبار.

الباب الرابع : في بعض ما رويته من تهديد الله جل جلاله لعبده على ترك استخارته وتأكيد ذلك ببعض ما أرويه عن خاصته.

الباب الخامس : في بعض ما رويته عن حجة الله جل جلاله على بريته في عدوله عن نفسه لما استشير مع عصمته (٢) إلى الأمر بالاستخارة وهو حجة على من كلف الاقتداء بإمامته.

الباب السادس : في بعض ما رويته من عمل حجة الله جل جلاله المعصوم في خاص نفسه بالاستخارة أو أمره بذلك من طريق الخاصة والجمهور وقسمه بالله جل جلاله أنه سبحانه يخير لمن استخاره مطلقا في سائر الأمور.

__________________

(١) في « م » : من.

(٢) في « د » : عظمته.

١١٤

الباب السابع : في بعض ما رويته من أن حجة الله جل جلاله المعصوم عليه أفضل الصلوات لم يقتصر في الاستخارة على ما يسميه الناس مباحات وأنه استخار في المندوبات والطاعات والفتوى بذلك عن بعض أصحابنا الثقات.

الباب الثامن : فيما أقوله وبعض ما أرويه من فضل الاستخارة ومشاورة الله جل جلاله بالست رقاع وبعض ما أعرفه من فوائد امتثال (١) ذلك الأمر المطاع وروايات بدعوات عند الاستخارات.

الباب التاسع : فيما أذكره من ترجيح العمل في الاستخارة بالرقاع الست المذكورة وبيان بعض فضل ذلك على غيره من الروايات المأثورة.

الباب العاشر : فيما رويته أو رأيته من مشاورة الله جل جلاله بصلاة ركعتين والاستخارة برقعتين.

الباب الحادي عشر : في بعض ما رويته من الاستخارة بمائة مرة ومرة.

الباب الثاني عشر : في بعض ما رويته في الاستخارة بمائة مرة والإشارة في بعض الروايات إلى تعيين موضع الاستخارات وإلى الاستخارة عقيب المفروضات.

__________________

(١) في « ش » و « د » : أمثال.

١١٥

الباب الثالث عشر : في بعض ما رويته من الاستخارة بسبعين مرة.

الباب الرابع عشر : في بعض ما رويته مما يجري فيه الاستخارة بعشر مرات.

الباب الخامس عشر : في بعض ما رويته من الاستخارة بسبع مرات.

الباب السادس عشر : في بعض ما رويته في الاستخارة بثلاث مرات.

الباب السابع عشر : في بعض ما رويته في الاستخارة بمرة واحدة.

الباب الثامن عشر : فيما رأيته في الاستخارة بقول ما شئت من مرة.

الباب التاسع عشر : في بعض ما رأيته من مشاورة الله جل جلاله برقعتين في الطين والماء.

الباب العشرون : في بعض ما رويته أو رأيته من مشاورة الله جل جلاله بالمساهمة.

الباب الحادي والعشرون : في بعض ما رويته من مشاورة الله جل جلاله بالقرعة.

الباب الثاني والعشرون : في استخارة الإنسان عمن يكلفه الاستخارة من الإخوان.

الباب الثالث والعشرون : فيما لعله يكون سببا لتوقف قوم عن العمل بالاستخارة أو لإنكارها والجواب عن ذلك.

الباب الرابع والعشرون : فيما أذكره من أن الاعتبار في صواب العبد في الأعمال والأقوال على ما وهب الله جل جلاله

١١٦

من العقل في المعقول وعلى ما نبه (١) صلوات الله عليه وآله في المنقول دون من خالف في ذلك على كل حال.

__________________

(١) في « م » و « ش » : نائبه.

١١٧
١١٨

ذكر تفصيل ما أجملناه من الأبواب

على ما يفتحه جل جلاله علينا

من وجوه الصواب

١١٩
١٢٠