عليهماالسلام وعلى سلفهما وذريتهما الطاهرين يقتضيان أنه ليس مع العبد المكلف وقت يخلو فيه من أدب الاعتراف بنعم الله جل جلاله وحق شكرها فإنه لا يسع عمره كله القيام بحق عظيم برها فهل مع هذا يبقى للمكلف وقت تكون فيه نعم الله مباحة له (١) ليس لها صفة زائدة على حسنها مثل إباحتها للدواب وهي خالية من شيء من الآداب هذا لا ينبغي أن يعتقده ذوو الألباب.
وأما الجواب الآخر على سبيل بعض التفصيل فاعلم أنني اعتبرت الذي ربما ذكروا بأنه مباحات كالأكل والشرب ولبس الثياب والنوم ودخول بيوت الطهارات والمشي والركوب والجلوس والتجارة والأسفار والقدوم والنكاح وغير ذلك من تصرفات المكلفين بالمعقولات والمنقولات فما وجدت شيئا من هذه التي يسمونها مباحات إلا وعليها آداب من الألباب (٢) أو من المنقول في الكتاب أو السنة على تفصيل يطول بشرحه مضمون هذا الكتاب إما آداب في هيئات تلك الحركات والسكنات أو فيما يراد منها من الصفات أو في النيات أو بدعوات وما وجدت شيئا عاريا للمكلفين وخاليا من أن يكون عليه أدب أو ندب أو تحريم أو تحليل أو كراهية من سلطان العالمين بالعقل أو النقل وهذا لا يخفى على العارفين وإنما وجدت المباحات الخالية من الآداب مختصة بغير المكلفين من العباد بالحيوانات (٣) والدواب أما بلغك قَوْلُ مَوْلَانَا عَلِيٍّ عليهالسلام عَنِ الْمُكَلَّفِينَ وَفِي حَلَالِهَا حِسَابٌ (٤) فلا تقلدني
__________________
(١) ليس في « د ».
(٢) في « ش » : الآداب.
(٣) في « ش » : والحيوانات.
(٤) روي في تحف العقول : ٢٠١ ، نهج البلاغة : ١٠٦ / ط ٨٢ ، كنز الفوائد : ١٦٠ ، مشكاة الأنوار : ٢٧٠ ، غرر الحكم : ٢٦٠ / ٢٩٥.