فتح الأبواب

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

فتح الأبواب

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: حامد الخفّاف
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

الباب الأول

في بعض ما هداني الله جل جلاله إليه من المعقول

المقوي لما رويته في الاستخارة من المنقول

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس أيده الله تعالى اعلم أنني وجدت تدبير الله جل جلاله لمصالح عباده ما ليس هو على مرادهم بل هو على مراده وما ليس هو على الأسباب الظاهرة لهم في المكروه والمأمول بل هو لما يعلمه الله (١) جل جلاله من مصالحهم التي لا يعلمونها أو أكثرها إلا من جانبه جل جلاله ومن جانب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ولو كان العقل كافيا في الاهتداء إلى تفضيل مصالحهم لما (٢) وجبت بعثة الأنبياء حتى أن في تدبير الله جل جلاله في مصالح الأنام ما يكاد ينفر منه كثير من أهل الإسلام.

فلما رأيت تدبيري ما هو على مرادي ولا على الأسباب الظاهرة في معرفتي واجتهادي وعرفت أنني لا أعرف جميع مصلحتي بعقلي وفطنتي ،

__________________

(١) لفظ الجلالة ليس في « ش » و « د ».

(٢) في « ش » و « م » : ما.

١٢١

فاحتجت لتحصيل (١) سعادتي في دنياي وآخرتي إلى معرفة ذلك ممن يعلمه جل جلاله وهو علام الغيوب وتيقنت أن تدبيره لي خير من تدبيري لنفسي وهذا واضح عند أهل العقول والقلوب ورأيت مشاورته جل جلاله بالاستخارة بابا من أبواب إشاراته الشريفة ومن جملة تدابيره لي بألطافه اللطيفة فاعتمدت عليها والتجأت إليها.

شعر :

لو أن لي بدلا لم أبتدل بهم

فكيف ذاك وما لي عنهم بدل

وكم تعرض لي الأقوام غيرهم

يستأذنون على قلبي فما وصلوا

__________________

(١) في « د » : إلى تحصيل.

١٢٢

الباب الثاني

في بعض ما عرفته من صريح القرآن هاديا إلى مشاورة الله

جل جلاله وحجة على الإنسان

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى اعلم أنني وجدت الله جل جلاله يقول عن الملائكة الذين اختياراتهم وتدبيراتهم من أفضل الاختيارات والتدبيرات لأنهم في مقام المكاشفة بالآيات والهدايات إنهم عارضوه جل جلاله لما قال لهم ـ ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) (١) فقال جل جلاله لهم ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٢) فعرفهم بذلك أن علومهم وأفهامهم قاصرة عن أسراره في التدبير المستقيم حتى اعترفوا في موضع آخر ف ( قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (٣).

فلما رأيت الملائكة عاجزين وقاصرين عن معرفة تدبيره علمت أنني

__________________

( ١ ـ ٢ ) البقرة ٢ : ٣٠.

(٣) البقرة ٢ : ٣٢.

١٢٣

أعظم عجزا وقصورا فالتجأت إليه جل جلاله في معرفة ما لا أعرفه إلا من مشاورته جل جلاله في قليل أمري وكثيره.

فصل :

ثم وجدت الأنبياء الذين هم أكمل بني آدم عليهم‌السلام قد استدرك الله عليهم في تدبيراتهم عند مقامات فجرى لآدم عليه‌السلام في تدبيره في أكل ثمرة الشجرة ما قد تضمنه صريح الآيات وجرى لنوح عليه‌السلام في قوله ـ ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ ) (١) مما لا يخفى عمن عرفه من أهل الصدق وجرى لداود عليه‌السلام في بعض المحاكمات ما قد تضمنه الكتاب حتى قال الله جل جلاله ( وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ) (٢) وجرى لموسى عليه‌السلام لما اختار سبعين رجلا من قومه للميقات ما قد تضمنه صريح الآيات (٣).

فلما رأيت الأنبياء الذين هم أكمل العباد في الإصدار والإيراد قد احتاجوا إلى استدراك عليهم في بعض المراد علمت أنني أشد حاجة وضرورة إلى معرفة إرشادي فيما لا أعرفه من مرادي إلا بمشاورته سبحانه وإشارته فالتجأت إلى تعريف ذلك بالاستخارة من أبواب رحمته.

فصل :

ثم وجدت صريح القرآن قد تضمن عموما عن بني آدم بواضح البيان ،

__________________

(١) هود ١١ : ٤٥.

(٢) ص ٣٨ : ٢٤.

(٣) وهي قوله تعالى في سورة الأعراف ٧ : ١٥٥ : ( وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ ).

١٢٤

فقال ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (١) وقال جل جلاله ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) (٢) وقال جل جلاله ( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ) (٣) وهذا تصريح عظيم بالشهادة من الله جل جلاله بقصور بني آدم الذين تضمنهم محكم هذا القرآن وعزلهم عن الخيرة وأن له جل جلاله الأمر من قبل ومن بعد وأن الحق لو اتبع أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن وأن أهواءهم كانت تبلغ بهم (٤) من الفساد إلى هذا الحد.

فلما علمت ذلك وصدقت قائله جل جلاله على اليقين هربت من اختياري لنفسي إلى اختياره لي باتباع مشورته ورأيته قد عزلني عن الأمر (٥) فعدلت عن أمري لنفسي وعولت على أمره جل جلاله وشريف إشارته وصدقته جل جلاله في أنه لو اتبع الحق هواي فسد حالي ورأيي فاعتمدت على مشورة الحق وعدلت عن اتباع أهوائي وهذا واضح عند من أنصف من نفسه وعرف إشراق شمسه (٦).

__________________

(١) القصص ٢٨ : ٦٨.

(٢) الروم ٣٠ : ٤.

(٣) المؤمنون ٢٣ : ٧١.

(٤) ليس في « ش » ، وفي « م » : لهم.

(٥) عن الأمر : ليس في « ش ».

(٦) في « ش » و « د » : وعرف الله أو شمسه.

١٢٥
١٢٦

الباب الثالث

في بعض ما وجدته من طريق الاعتبار كاشفا لقوة

العمل في الاستخارة بما ورد في الأخبار

اعلم أنني وجدت الموصوفين بالعقل والكمال يوكل أحدهم وكيلا يكون عنده أمينا في ظاهر الحال ولا يطلع على سريرته فيسكن إلى وكيله في تدبيره ومشورته ويشكره من عرف صلاح ذلك الوكيل ويحمدونه على التفويض إلى وكيله فيما يعرفه من كثير وقليل وما رأيت أن مسلما يجوز أن يعتقد أن الله جل جلاله في التفويض إليه والتوكل عليه بالاستخارات والمشورات والعمل بأمره المقدس دون وكيل غير معصوم في الحركات والسكنات

فصل :

ووجدت الموصوفين بالعقل والفضل يصوبون تدبير من يشاور أعقل من في بلده وأعقل من في محلته وأعلم أهل دينه ونحلته مع أن ذلك الذي يشاور في الأشياء لا يدعي أنه أرجح تدبيرا من الملائكة والأنبياء بل ربما يكون المستشار قد غلط في كثير من تدبيراته وندم على كثير من

١٢٧

اختياراته ومع هذا فيشكرون (١) هذا المستشير ويستدلون بذلك (٢) على عقله وسداده ويقولون هذا من أحسن التدبير أفيجوز أن يكون في المعقول والمنقول مشاورة الله جل جلاله وتدبيره لعبده دون عاقل البلد وعاقل المحلة وعالم النحلة كيف يجوز أن يعتقد هذا أحد من أهل الملة؟

__________________

(١) في « م » : فيكون ، وما في المتن من « ش » و « د ».

(٢) في « ش » : لك.

١٢٨

الباب الرابع

في بعض ما رويته من تهديد الله جل جلاله لعبده

على ترك استخارته وتأكيد ذلك ببعض ما أرويه

عن خاصته

فَمِنْ ذَلِكَ ـ فِي كِتَابِ الْمُقْنِعَةِ تَصْنِيفُ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الَّذِي انْتَهَتْ رِئَاسَةُ الْإِمَامِيَّةِ فِي وَقْتِهِ إِلَيْهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ (١) مَا أَخْبَرَنِي بِهِ وَالِدِي قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ عَنْ شَيْخِهِ الْفَقِيهِ حُسَيْنِ بْنِ رَطْبَةَ (٢) عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ الطُّوسِيِ (٣) عَنْ وَالِدِهِ جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ

__________________

(١) الْجُمْلَةِ المعترضة لَمْ تُرَدُّ هُنَا فِي « ش » وَ « د » ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِمَا بَعْدَ نِهَايَةَ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْآتِي مِنْ طُرُقِ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ الثَّلَاثَةِ لِكِتَابِ الْمُقْنِعَةِ.

(٢) الشَّيْخُ الْفَقِيهِ الْجَلِيلُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ رَطْبَةً السُّورَاوِيُّ ، مِنْ أجلاء طَائِفَةٌ الْإِمَامِيَّةِ وَفُقَهَائِهِمْ ، رَحْلِ إِلَى خُرَاسَانَ وَالرَّيِّ ، وَالْتَقَى بكبار عُلَمَاءُ الشِّيعَةِ هُنَاكَ ، يَرْوِي عَنْهُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ : عَرَبِيٍّ بْنِ مُسَافِرٌ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَالسَّيِّدُ مُوسَى بْنِ طَاوُسٍ ، وَكَانَ يَرْوِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ ، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةً ٥٧٩ ه‍.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ٥٢ / ٩٨ ، لِسَانِ الْمِيزَانِ ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٠ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ١٠٤ / ٢٩٠ ، رِيَاضِ الْعُلَمَاءِ ٢ : ٩٣ ، الثِّقَاتِ الْعُيُونِ : ٨٣ ».

(٣) الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ ، كَانَ عَالِماً فَاضِلاً فَقِيهاً مُحْدِثاً

١٢٩

الطُّوسِيُ ، عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْمُقْنِعَةِ.

وَأَخْبَرَنِي وَالِدِي أَيْضاً قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ عَنْ شَيْخِهِ الْفَقِيهِ الْكَامِلِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيِ (١) عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ سَعِيدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ النَّيْسَابُورِيِ (٢) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرٍ الدُّورْيَسْتِيِ (٣) عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ رِضْوَانُ اللهِ

__________________

جَلِيلاً ثِقَةُ ، قَالَ عَنْهُ ابْنِ حَجَرٍ فِي اللِّسَانِ : « ثُمَّ صَارَ فَقِيهُ الشِّيعَةِ وَإِمَامُهُمْ بِمَشْهَدِ عَلِيِّ رضي‌الله‌عنه ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَدُوقٌ ، وَكَانَ مُتَدَيِّناً » ، وَقَدْ قَرَأَ عَلَى وَالِدِهِ الشَّيْخِ الطُّوسِيُّ جَمِيعِ تصانيفه ، كَانَ الْمُتَرْجَمِ لَهُ حَيّاً فِي سَنَةً ٥١٦ ه‍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ رِوَايَةِ عِمَادُ الدِّينِ الطَّبَرِيِّ عَنْهُ فِي هَذَا التَّارِيخِ فِي كِتَابِهِ بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ٤٢ / ٧١ ، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى : ٦٤ ، لِسَانِ الْمِيزَانِ ٢ : ٢٥٠ / ١٠٤٦ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٧٦ / ٢٠٨ ، رِيَاضِ الْعُلَمَاءِ ١ : ٣٣٤ ، الثِّقَاتِ الْعُيُونِ : ٦٦ ».

(١) الشَّيْخُ الْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيِّ ، كَانَ مِنْ أَجِلَّةِ فُقَهَاءَ الْأَصْحَابِ فِي الْمِائَةِ السَّادِسَةِ ، وَهُوَ غَيْرِ عَلِيُّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيِّ الْعَامِيِّ الْمَذْكُورِ فِي كَتَبَ الرِّجَالِ ، يَرْوِي عَنْ قُطْبِ الدِّينِ الرَّاوَنْدِيُّ وَيَرْوِي عَنْهُ السَّيِّدُ مُوسَى بْنِ طَاوُسٍ.

انْظُرْ « رِيَاضِ الْعُلَمَاءِ ٤ : ٢٤٤ ، الثِّقَاتِ الْعُيُونِ : ٢٠٦ » ، وَفِي نُسْخَةٍ « مَ » زِيَادَةٌ : الْعَلَوِيِّ.

(٢) الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ ، أَبُو الْحَسَنِ السبزواري ، مِنْ فُقَهَاءَ طَائِفَةٌ الْإِمَامِيَّةِ فِي الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ ، ذَكَرَهُ منتجب الدِّينِ فِي فِهْرِسْتِهِ قَائِلاً : « فَقِيهُ دَيْنٌ ثِقَةُ ، قَرَأَ عَلَى الشَّيْخُ أَبِي جَعْفَرٍ » ، وَيَرْوِي عَنْ جَمَعَ مِنْ تَلَامِذَةِ الصَّدُوقُ ، مِنْهُمْ وَالِدِهِ عَبْدِ الصَّمَدِ.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ١٠٩ / ٢٢٢ ، النابس فِي الْقَرْنِ الْخَامِسُ : ١٢٢ ».

(٣) الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الدُّورْيَسْتِيِّ ، نِسْبَةُ إِلَى قَرْيَةٍ دوريست الَّتِي هِيَ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْ الرَّيِّ ، وَيُقَالُ لَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ : درشت ، بالشين الْمُعْجَمَةِ ، ثِقَةُ عَيْنٍ عَظِيمٌ الشَّأْنِ ، قَرَأَ عَلَى الشَّيْخُ الْمُفِيدُ وَالسَّيِّدُ الْمُرْتَضَى وَشَيْخٌ الطَّائِفَةِ ، وُلِدَ سَنَةً ٣٨٠ ه‍ وَكَانَ حَيّاً حَتَّى سَنَةً ٤٧٣.

انْظُرْ « رِجَالٍ الشَّيْخُ : ٤٥٩ / ١٧ ، الْمُنْتَخَبِ مِنْ السِّيَاقِ : ٢٦١ / ٤٦٤ ، فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ٣٧ / ٦٧ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٥٣ / ١٣٧ ، رَوْضَاتٍ الجنات ٢ : ١٧٤ / ١٦٨ ، تنقيح الْمَقَالَ ١ : ٢٤٤ / ١٨٥٥ ، النابس فِي الْقَرْنِ الْخَامِسُ : ١٢٢ ».

١٣٠

عَلَيْهِمْ بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْمُقْنِعَةِ.

وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ (١) مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا (٢) جَزَاهُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْعَالِمُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ حَمْزَةَ الْمَعْرُوفُ بِشَفَرْوَةَ الْأَصْفَهَانِيِ (٣) جَمِيعاً عَنِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِ (٤) عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَسِّنٍ الْحَلَبِيِ (٥) عَنِ الشَّيْخِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِيمَا يَرْوِيهِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُقْنِعَةِ عَنِ الصَّادِقِ عليه‌السلام أَنَّهُ

__________________

(١) لَيْسَ فِي « مَ ».

(٢) الشَّيْخُ نَجِيبٌ الدِّينِ أَبُو إِبْرَاهِيمَ مُحَمَّدُ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْبَقَاءِ هِبَةُ اللهِ بْنِ نَمَا بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُمْدُونٍ الْحُلِيِّ ، كَانَ مِنْ فضلاء وَقَّتَهُ وَعُلَمَاءُ عَصَرَهُ ، لَهُ كَتَبَ ، تُوُفِّيَ بِالنَّجَفِ الأشرف سَنَةً ٦٤٥ ه‍.

انْظُرْ « أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٣١٠ / ٩٤٥ ، الْكُنَى وَالْأَلْقَابِ ١ : ٤٢٧ ، الْأَنْوَارِ الساطعة فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ : ١٥٤ ».

(٣) الشَّيْخُ أَسْعَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ أَسْعَدَ الْأَصْفَهَانِيِّ أَبُو السَّعَادَاتِ ، كَانَ عَالِماً فَاضِلاً مُحَقِّقاً ، لَهُ كَتَبَ ، كَانَ حَيّاً فِي صَفَرٍ سَنَةً ٦٣٥ حَيْثُ رَوَى عَنْهُ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ الْكُتُبِ وَالْأُصُولِ وَالْمُصَنَّفَاتِ فِي هَذَا التَّارِيخِ فِي مَسْكَنُهُ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ.

انْظُرْ « فَلَاحِ السَّائِلِ : ١٥ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٣٢ / ٨٩ ، تنقيح الْمَقَالَ ١ : ١٢٤ / ٧٥٧ ، أَعْيَانُ الشِّيعَةِ ٣ : ٢٩٧ ، الْأَنْوَارِ الساطعة فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ : ١٧ ».

(٤) الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الشَّيْخُ الْإِمَامِ قُطْبِ الدِّينِ أَبِي الْحُسَيْنِ سَعِيدٍ بْنُ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيُّ ، فَقِيهُ ثِقَةُ ، مِنْ عُلَمَاءُ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ١٢٧ / ٢٧٥ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ١٨٨ / ٥٥٩ ، الثِّقَاتِ الْعُيُونِ فِي سَادِسٌ الْقُرُونَ : ١٩٠ ».

(٥) الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ ، فَقِيهُ صَالِحٍ ، أَدْرَكَ الشَّيْخُ الطُّوسِيِّ وَرَوَى عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ الْبَرَّاجِ ، وَيَرْوِي عَنْهُ الإمامان ضِيَاءُ الدِّينِ وَقُطْبِ الدِّينِ الراونديان ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى الْمِائَةِ السَّادِسَةِ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ قُطْبِ الدِّينِ الرَّاوَنْدِيُّ الْمُتَوَفَّى ٥٧٣ ه‍ عَنْهُ.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ١٥٥ / ٣٥٧ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٢٨٩ ، النابس فِي الْقَرْنِ الْخَامِسُ : ١٨١ ».

١٣١

قَالَ : يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ مِنْ شَقَاءِ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ الْأَعْمَالَ ثُمَّ لَا يَسْتَخِيرَنِي (١).

رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي كِتَابِهِ كِتَابِ الْأَدْعِيَةِ (٢) قَالَ وَعَنْهُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ (٣) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ أَنْزَلَ اللهُ أَنَّ مِنْ شَقَاءِ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ الْأَعْمَالَ وَلَا يَسْتَخِيرَنِي (٤).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى ووجدت هذا الحديث أيضا في أصل من أصول أصحابنا تاريخ كتابته في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، يَرْوِيهِ عَنِ الصَّادِقِ عليه‌السلام قَالَ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ شَقَاءِ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ الْأَعْمَالَ وَلَا يَسْتَخِيرَنِي (٥).

أقول أنا وإذا علم المكلف (٦) ورود الأخبار بالمشاورة لله جل جلاله واستخارته كما سوف نذكره في الأبواب ونكشف عن حقيقته فما يحتاج

__________________

(١) المقنعة : ٣٦ ، المحاسن : ٥٩٨ / ٣ ، هامش مصباح الكفعمي : ٣٩٣ ، ورواه الشهيد في مجموعته : ١٧ عن العالم ٧ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٢٢ / ١ ، والحرّ العامليّ في الوسائل ٥ : ٢١٧ / ٢ والجواهر السنية : ٢٥٢.

(٢) كل ما نقله السيّد ابن طاوس في كتابه هذا عن كتاب « الأدعية » أو « الدعاء » لسعد بن عبد الله سقط من نسخة « ش ».

(٣) ما بين المعقوفين من بحار الأنوار ، وفي وسائل الشيعة : الحسين بن عثمان ، عن عثمان بن عيسى ، والصواب ما أثبتناه في المتن.

انظر « رجال النجاشيّ : ٢١٢ ، معجم رجال الحديث ١١ : ١٢١ ».

(٤) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٢٥ ، والحرّ العامليّ في الوسائل ٥ : ٢١٧ هامش ح ٢.

(٥) أخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٢٢.

(٦) ليس في « د ».

١٣٢

إلى (١) التهديد من الله جل جلاله على ترك مشاورته إلى إيراد أخبار عنه جل جلاله وعن خاصته وإنما أوردنا (٢) هذا المقدار من الأخبار لنوضح أن النقل ورد معاضدا للعقل.

وبيان ذلك أنك لو عرفت أن الله جل جلاله قد آتى رجلا من الحكمة والعقل والرأي مثل (٣) ما أوتي لقمان وجعل له قدرة مثلا على خلق إنسان وخلق ما يحتاج إليه هذا الإنسان من مصالحه ومراشده وأن هذا الحكيم عارف بتدبير هذا الإنسان وبما يسلمه من مهالكه ومفاسده فبنى هذا الحكيم دارا لهذا الإنسان قبل أن يخلقه وأتقنها وكملها وما يعرف أسرار بنائها (٤) وتدبيرها جميعا غير هذا الحكيم ثم عاد إلى الإنسان الذي يريد أن يسكنه فيها (٥) ففطره من عدم محض وجعله ترابا ثم ألف من التراب جوهرا إلى جوهر وعرضا (٦) إلى عرض وجعله جسما وركبه تركيبا عجيبا وكمله تكميلا غريبا ولا يطلع على جميع تدبير هذا الحكيم لهذا الإنسان إلا الحكيم وحده.

فلما بلغ هذا الإنسان وتكمل بقدرة الحكيم المذكور وأسكنه داره بما فيها من عجائب الأمور صار يعدل عن الحكيم في معرفة أسرار الدار وأسرار جسده وتدبيره الذي لا يحيط بجميع قليله وكثيره سوى الحكيم المشار إليه من غير إساءة وقعت من الحكيم ولا تقصير يحتج به هذا الإنسان

__________________

(١) في « م » : إليه في.

(٢) في « د » : أورد.

(٣) ليس في « م ».

(٤) في « د » : بنيانها.

(٥) في « د » و « ش » : هذه الدار.

(٦) العرض بالتحريك : ما يحلّ في الاسم ولا وجود له ولا شخص له ، في اصطلاح المتكلّمين ما لا يقوم بنفسه ولا يوجد في محل يقوم به ، وهو خلاف الجوهر ، وذلك نحو حمرة الخجل وصفرة الوجل « مجمع البحرين ـ عرض ـ ٤ : ٢١٥ ».

١٣٣

عليه أما كان كل عاقل يعرف ذلك يبلغ من ذم هذا الإنسان الغايات ويعتقد أنه يستحق من الحكيم أن يعاجله بالنقمات وأن يخرب الدار التي بناها له ويخرجه عنها ويخرب جسده الذي عمره بقدرته ويستعيد حياته التي لا بدل له منها فالله جل جلاله كان في بناء دار الدنيا وتدبير جسد الإنسان وتأليفه وإنعامه الذي وقع منه ابتداء وتفضلا والله أتم وأعظم من ذلك الحكيم الذي لو لا إقدار الله جل جلاله ما قدر (١) على شيء مما ضربناه مثلا فكيف صار ذلك الإنسان بمفارقة (٢) الحكيم مستحقا للتهديد والذم والانتقام ولا يكون من عدل عن مشاورة الله جل جلاله كما قال الصادق عليه‌السلام ـ شقيا مذموما عند أهل الإسلام.

فصل :

وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْعَالِمُ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ وَيَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَعَنْ (٣) صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام مَنْ دَخَلَ فِي

__________________

(١) فِي « د » : مَا وَقَعَ.

(٢) فِي « مَ » وَ « ش » : لمفارقة.

(٣) فِي « ش » وَ « د » وَالْبِحَارِ : عَنْ ، وَمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ « مَ » مُوَافِقٌ للوسائل ، وَهُوَ الصَّوَابِ ، أَيُّ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَصَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ صَفْوَانَ ، وَثُبُوتِ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْهُمَا ، وَهُمَا عَنْ ابْنِ مُسْكَانَ.

انْظُرْ « معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ ج ٩ : ١٠٨ ، ١١٩ وَج ١٤ : ٢٨٧ ، ٢٨٨ ».

١٣٤

أَمْرٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِخَارَةٍ ثُمَّ ابْتُلِيَ لَمْ يُؤْجَرْ (١).

وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ بِإِسْنَادِهِمَا الْمَذْكُورِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنِ ابْنِ مُضَارِبٍ (٢) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ مَنْ دَخَلَ فِي أَمْرٍ بِغَيْرِ (٣) اسْتِخَارَةٍ ثُمَّ ابْتُلِيَ (٤) لَمْ يُؤْجَرْ (٥).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى أما يظهر لك من (٦) هذين الحديثين المذكورين أن من دخل في أمر بغير (٧) استخارة فقد خرج عن ضمان الله جل جلاله وتدبيره وصار بلاؤه على (٨) نفسه لا يؤجر على قليله وكثيره أما تبين لك من هذا أنه لو كان الله جل جلاله مع العبد إذا دخل في أمر بغير مشاورته ما كان قد ضاع عليه شيء من ثواب مصيبته فأي عاقل يرضى لنفسه أن يدخل في أمر قد أعرض الله جل جلاله فيه عنه وإذا ابتلي فيه تبرأ الله جل جلاله منه وهذا كاف في التهديد لأهل الإنصاف والتأييد

__________________

(١) أخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٢٣ / ٣ ، والحرّ العامليّ في الوسائل ٥ : ٢١٨ / ٧.

(٢) هو محمّد بن مضارب ، بفتح الميم وفتح الضاد المعجمة والألف والراء المكسورة والباء الموحدة من تحت ، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق ٧ مرتين ، تارة بقوله : محمّد بن مضارب كوفي ، وأخرى : محمّد بن المضارب كوفيّ يكنى أبا المضارب.

انظر « رجال الطوسيّ : ٣٠٠ / ٣٢٢ و ٣٢٢ / ٦٨٣ ، تنقيح المقال ٣ : ١٨٨ ، معجم رجال ١٧ : ٢٦١ / ١١٧٩٨ ».

(٣) في « د » : من غير.

(٤) ليس في « م » والوسائل.

(٥) رواه البرقي في المحاسن : ٥٩٨ ، وأخرجه الحرّ العامليّ في الوسائل ٥ : ٢١٨ / ٨ ، والمجلسي في البحار ٩١ : ٢٢٣ ذيل ح ٣.

(٦) في « د » و « ش » زيادة : تقدير.

(٧) في « د » : من غير.

(٨) في « م » : عن.

١٣٥

فصل :

قد رأينا وروينا تصريحا في النهي عن تقديم مشاورة أحد من العباد قبل مشاورة سلطان المعاد.

أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ الْعَالِمُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ عَنِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنِ السَّيِّدِ السَّعِيدِ شَرَفِ السَّادَةِ الْمُرْتَضَى بْنِ الدَّاعِي الْحَسَنِيِ (١) عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الدُّورْيَسْتِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّيْخِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيِّ فِيمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْأَخْبَارِ فِي بَابِ مَعْنَى مُشَاوَرَةِ اللهِ تَعَالَى قَالَ رحمه‌الله مَا هَذَا لَفْظُهُ :

أَبِي رحمه‌الله قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْراً فَلَا يُشَاوِرْ (٢) فِيهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ حَتَّى يُشَاوِرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قُلْتُ وَمَا مُشَاوَرَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ يَبْدَأُ فَيَسْتَخِيرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلاً ثُمَّ يُشَاوِرُهُ فِيهِ فَإِذَا بَدَأَ (٣) بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَجْرَى اللهُ الْخَيْرَ (٤) عَلَى لِسَانِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ

__________________

(١) السَّيِّدُ الأصيل مُقَدَّمَ السَّادَةِ الْمُرْتَضَى بْنِ الدَّاعِي بْنِ الْقَاسِمِ صَفِيِّ الدِّينِ أَبُو تُرَابٍ الْحَسَنِيِّ الرَّازِيِّ ، مُحْدَثٍ عَالِمٌ صَالِحٍ ، شَاهِدَهُ منتجب بْنِ بَابَوَيْهِ ـ صَاحِبُ الْفِهْرِسْتِ ـ وَقَرَأَ عَلَيْهِ ، وَاحْتَمَلَ الشَّيْخُ الطهراني بَقَاءَهُ إِلَى سَنَةً ٥٢٥ حَتَّى شَاهِدَهُ منتجب الدِّينِ.

انْظُرْ « فِهْرِسْتُ منتجب الدِّينِ : ١٦٣ / ٣٨٥ ، أَمَلٍ الْآمِلِ ٢ : ٣١٩ / ٩٧٧ ، رَوْضَاتٍ الجنات ٧ : ١٦٤ ، الثِّقَاتِ الْعُيُونِ فِي سَادِسٌ الْقُرُونَ : ٢٩٧ ».

(٢) فِي الْمَصْدَرُ : فَلَا يُشَاوَرْنَ.

(٣) فِي « مَ » زِيَادَةٌ : فِيهِ.

(٤) فِي الْمَصْدَرُ : الْخِيَرَةُ.

١٣٦

الْخَلْقِ (١).

أقول : وقد تضمن كتاب المقنعة للشيخ المفيد نحو ذلك.

أَخْبَرَنِي وَالِدِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّاوُسِ عَنْ شَيْخِهِ الْفَقِيهِ حُسَيْنِ بْنِ رَطْبَةَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْمُقْنِعَةِ.

وَأَخْبَرَنِي وَالِدِي قدس‌سره عَنْ شَيْخِهِ الْمُفِيدِ الْفَقِيهِ الْكَمَالِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيِّ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ سَعِيدِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرٍ الدُّورْيَسْتِيِّ عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْمُقْنِعَةِ أَيْضاً كَمَا قَدَّمْنَاهُ (٢).

وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ (٣) إِلَى الشَّيْخِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ رحمه‌الله فِيمَا رَوَاهُ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ مُقْنِعَتِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ الِاسْتِخَارَةِ عَنِ الصَّادِقِ عليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْراً فَلَا يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَداً حَتَّى يَبْدَأَ فَيُشَاوِرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقِيلَ لَهُ (٤) مَا مُشَاوَرَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ يَسْتَخِيرُ اللهَ فِيهِ أَوَّلاً ثُمَّ يُشَاوِرُ فِيهِ فَإِنَّهُ إِذَا بَدَأَ بِاللهِ أَجْرَى اللهُ لَهُ الْخَيْرَ عَلَى لِسَانِ مَنْ شَاءَ مِنَ الْخَلْقِ (٥).

__________________

(١) معاني الأخبار : ١٤٤ / ١ ، الفقيه ١ : ٣٥٥ / ١ ، المحاسن : ٥٩٨ / ٢ ، هامش مصباح الكفعمي : ٣٩٣.

(٢) تقدم في ص ١٣٠.

(٣) تقدم في ص ١٣١.

(٤) في « د » زيادة : أيضا.

(٥) المقنعة : ٣٦ ، ذكرى الشيعة : ٢٥٢ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٥٢ / ١.

١٣٧

وَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْعَالِمُ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ (١) إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ فِيمَا وَجَدْنَاهُ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ.

وَقَالَ جَدِّي أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ لَهُ كِتَابٌ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ (٢) عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ (٣).

قُلْتُ أَنَا : هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْراً فَلَا يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَداً حَتَّى يُشَاوِرَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْنَا وَكَيْفَ يُشَاوِرُهُ قَالَ يَسْتَخِيرُ اللهَ فِيهِ أَوَّلاً ثُمَّ يُشَاوِرُ فِيهِ فَإِذَا بَدَأَ بِاللهِ تَعَالَى أَجْرَى اللهُ الْخِيَرَةَ (٤) عَلَى لِسَانِ مَنْ أَحَبَّ مِنَ الْخَلْقِ (٥)

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى أفلا ترى هذه الأحاديث قد تضمنت نهيا صريحا عن العدول عن مشاورة الله جل جلاله واستخارته فيما يراد ثم ما جعل لمشاورة غيره (٦) جل جلاله أثرا أبدا إذا استشارهم (٧) بعد مشاورة سلطان المعاد بل قال : إذا

__________________

(١) تقدم في ص ١٣١.

(٢) أثبتناه من فهرست الشيخ ، وهو محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة المؤدّب ، أبو جعفر القمّيّ ، كان كبير المنزلة بقم ، كثير الأدب والفضل والعلم ، له عدة كتب ، وقال أبو المفضّل : حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطة وقرأنا عليه وأجازنا ببغداد في النوبختية وقد سكنها.

انظر « رجال النجاشيّ : ٢٦٣ ، معجم رجال الحديث ١٥ : ١٥٦ ».

(٣) فهرست الشيخ : ١٧٦ / ٧٦٥.

(٤) في « د » و « ش » : الخير.

(٥) أخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٥٢ / ٢.

(٦) في « م » و « د » : غير الله.

(٧) في « د » : استشاره.

١٣٨

استخاره سبحانه أولا أجرى الله جل جلاله الخيرة على لسان من أحب من العباد وهذا واضح في النهي عن مشاورة (١) سواه وهاد لمن عرف معناه.

أَقُولُ وَقَدْ رَوَى سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رحمه‌الله فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ كَيْفِيَّةَ مُشَاوَرَةِ النَّاسِ فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ :

حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ أَوْ يَدْخُلَ فِي أَمْرٍ فَلْيَبْدَأْ بِاللهِ وَيَسْأَلْهُ قَالَ قُلْتُ فَمَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُ اللهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ خَيْراً لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي وَعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَيَسِّرْهُ (٢) وَإِنْ كَانَ شَرّاً لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ فَاصْرِفْهُ عَنِّي رَبِّ اعْزِمْ لِي عَلَى رُشْدِي وَإِنْ كَرِهَتْهُ وَأَبَتْهُ نَفْسِي ثُمَّ يَسْتَشِيرُ عَشَرَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ يُصِبْ إِلاَّ خَمْسَةً فَلْيَسْتَشِرْ خَمْسَةً مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْ إِلاَّ رَجُلَيْنِ فَلْيَسْتَشِرْهُمَا خَمْسَ مَرَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُصِبْ إِلاَّ رَجُلاً (٣) فَلْيَسْتَشِرْهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ (٤).

__________________

(١) في « ش » زيادة : من.

(٢) في البحار ومستدرك الوسائل زيادة : لي.

(٣) في البحار والمستدرك زيادة : واحدا.

(٤) أورده الشهيد الأول في ذكرى الشيعة : ٢٥٢ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٥٢ / ٣ ، والنوريّ في مستدرك الوسائل ١ : ٤٥٢ / ٥.

١٣٩
١٤٠