فتح الأبواب

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

فتح الأبواب

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: حامد الخفّاف
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

هذا ما كان يبلغه أمل العبد من رحمة الله جل جلاله زاد على فضله (١) وكرمه وإفضاله أن العقل المبهوت كيف بلغ (٢) إلى هذا المقام مع تقصيره في أعماله وهذا فضل من الله جل جلاله زاد على فضله سبحانه بإجابة الدعوات لأن الداعي إذا دعا ما يعلم الجواب في الحال كما يعلمه في الاستخارات ولو (٣) رأى الداعي حصول الحاجة التي دعا في قضائها على التعجيل والتأجيل ما علم قطعا ويقينا أن هذا جواب دعائه على التحقيق والتفصيل فإنه يجوز أن يكون الله جل جلاله قد أذن في قضاء حاجة الداعي على سبيل التفضل قبل دعائه وسؤاله فصادف قضاؤها حصول تضرعه وابتهاله وأما الاستخارة فهي جواب على التصريح بلفظ افعل أو لا تفعل وخيرة أو لا خيرة وصاف أو فيه أمور مكدرة.

سبحان من أمن أهل مشاورته من ذنوبهم الخطرة وشرفهم بالإذن في محادثتهم في الاستخارة (٤) وكشف لهم بها عن الغيوب وعرفهم تفصيل المكروه والمحبوب.

فصل :

أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْعَالِمُ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ قُولَوَيْهِ الْقُمِّيِّ ،

__________________

(١) لَيْسَ فِي « د » وَ « ش ».

(٢) فِي « د » : يَبْلُغَ.

(٣) فِي « د » : وَإِذَا.

(٤) فِي « د » : بالاستخارة.

١٨١

عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ فِيمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْكَافِي الَّذِي اجْتَهَدَ فِي تَحْقِيقِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَصَنَّفَهُ فِي عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ فِي زَمَنِ وُكَلَاءِ مَوْلَانَا الْمَهْدِيِّ عليه‌السلام وَقَدْ كَشَفْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ غِيَاثِ سُلْطَانِ الْوَرَى لِسُكَّانِ الثَّرَى.

وَقَالَ جَدِّي أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ فِي كِتَابِ فِهْرِسْتِ الْمُصَنِّفِينَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ ثِقَةٌ عَارِفٌ بِالْأَخْبَارِ (١).

وَقَالَ الشَّيْخُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّجَاشِيُّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِهْرِسْتِ أَسْمَاءِ مُصَنِّفِي الشِّيعَةِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ كَانَ شَيْخَ أَصْحَابِنَا فِي وَقْتِهِ بِالرَّيِّ وَوَجْهَهُمْ وَكَانَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي الْحَدِيثِ وَأَثْبَتَهُمْ وَصَنَّفَ الْكِتَابَ الْمَعْرُوفَ بِالْكُلَيْنِيِّ يُسَمَّى الْكَافِيَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً (٢).

أَقُولُ (٣) : قَالَ هَذَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ الثِّقَةُ الْعَارِفُ بِالْأَخْبَارِ الَّذِي هُوَ أَوْثَقُ النَّاسِ فِي الْحَدِيثِ وَأَثْبَتُهُمْ الْمَمْدُوحُ بِهَذِهِ الْمَدَائِحِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ الْوُكَلَاءِ عَنْ خَاتَمِ الْأَطْهَارِ مَا هَذَا لَفْظُهُ :

غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا ـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا تَفْعَلْ وَفِي ثَلَاثٍ مِنْهَا مِثْلَ ذَلِكَ افْعَلْ (٤) ثُمَّ ضَعْهَا تَحْتَ مُصَلاَّكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا

__________________

(١) فِهْرِسْتُ الشَّيْخُ : ٣٢٦ / ٧٠٩.

(٢) رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ٣٧٧ / ١٠٢٦.

(٣) فِي « ش » : أَقُولُ أَنَا.

(٤) فِي الْكَافِي وَبِحَارُ الْأَنْوَارِ : افْعَلْ ، وَفِي ثَلَاثٍ مِنْهَا : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانَةَ لَا تَفْعَلْ.

١٨٢

فَرَغْتَ فَاسْجُدْ سَجْدَةً وَقُلْ فِيهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَسْتَخِيرُ اللهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَقُلِ اللهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ بِيَدِكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَأَخْرِجْ وَاحِدَةً فَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ افْعَلْ فَافْعَلِ الْأَمْرَ الَّذِي تُرِيدُهُ وَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ لَا تَفْعَلْ فَلَا تَفْعَلْهُ وَإِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ افْعَلْ وَالْأُخْرَى لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ مِنَ الرِّقَاعِ إِلَى خَمْسٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهَا فَاعْمَلْ بِهِ (١).

أقول : وقد اعتبرت كلما قدرت عليه من كتب أصحابنا المصنفين من المتقدمين والمتأخرين فما وجدت وما سمعت أن أحدا أبطل هذه ولا ما يجري

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٣ : ٤٧٠ / ٣ ، والمفيد في المقنعة : ٣٦ ، والطوسيّ في التهذيب ٣ : ١٨١ / ٦ ، والشهيد في الذكرى : ٢٥٢ ، والكفعمي في المصباح : ٣٩٠ والبلد الأمين : ١٥٩ ، ونقله الحرّ العامليّ في وسائل الشيعة ٥ : ٢٠٨ / ١ ، والمجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٣٠ / ٥ ، والرواية متحدة مع ما بعدها.

وقال الشيخ المجلسي في بيانه على هذه الرواية : هذا أشهر طرق هذه الاستخارة وأوثقها وعليه عمل أصحابنا ، وليس فيه ذكر الغسل ، وذكره بعض الأصحاب لوروده في سائر أنواع الاستخارة ، ولا بأس به ، وأيضا ليس فيه تعيين سورة في الصلاة ، وذكر بعضهم سورتي الحشر والرحمن ، لورودهما في الاستخارة المطلقة ، فلو قرأهما أو الإخلاص في كلّ ركعة كما مرّ أو ما سيأتي في رواية الكراجكيّ رحمه‌الله لم أستبعد حسنه.

ثمّ اعلم أنّ إخراج الخمس قد لا يحتاج إليه ، كما إذا خرج أولا ( لا تفعل ) ثم ثلاثا ( افعل ) وبالعكس فإن قلت : هذا داخل في القسمين المذكورين ، قلت : إن سلّمنا ذلك وإن كان بعيدا فيمكن أن يخرج ( افعل ) ثم ( لا تفعل ) ثم مرتين ( افعل ) وبالعكس ، ولا يحتاج فيهما إلى اخراج الخامسة ، فالظاهر أنّ المذكور في الخبر أقصى الاحتمالات ، مع أنّه يحتمل لزوم إخراج الخامسة تعبّدا ، وإن كان بعيدا.

ثمّ إنّه لا يظهر مع كثرة إحداهما تفاوت في مراتب الحسن وضدّه ، وبعض الأصحاب جعلوا لهما مراتب بسرعة خروج ( افعل ) أو ( لا تفعل ) ، أو توالي أحدهما بأن يكون الخروج في الأربع أولى في الفعل والترك من الخروج في الخمس ، أو يكون خروج مرتين ( افعل ) ثم ( لا تفعل ) ثم ( افعل ) أحسن من الابتداء بلا تفعل ثمّ ( افعل ) ثلاثا ، وكذا العكس إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تظهر بالمقايسة بما ذكر وليس ببعيد.

١٨٣

مجراها من العمل بالرقاع وإنما وجدت واحدا من علماء أصحابنا المتقدمين جعل بعض روايات الاستخارة بالرقاع على سبيل الرخصة (١) ومعنى الرخصة عند العلماء المعروفين أنها الأمر المشروع الجائز غير المؤكد فيه وهذا اعتراف منه بجواز العمل بها عند من عرف قول هذا القائل وكشف عن معانيه.

ووجدت واحدا من أصحابنا المتأخرين قد جعل العمل على غير هذه الرواية أولى (٢) ومن قال أولى فقد حكم بالجواز وسأذكر كلام هذين الشيخين معا جميعا فيما يأتي من باب ما لعله يكون سببا لإنكار قوم العمل بالاستخارة (٣) وأجيب عنه جوابا شافيا في المعنى والعبارة إن شاء الله تعالى وهو حسبي ( وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس وقد رويت هذه الرواية بطريق غير هذه وفيها روايات.

حَدَّثَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمْدُونٍ الْوَاسِطِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيِ (٤) قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُ

__________________

(١) أَرَادَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ ، حَيْثُ قَالَ فِي الْمُقْنِعَةِ : ٣٦ ، بَعْدَ نَقَلَهُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ شَاذَّةٌ أَوْرَدْنَاهَا للرخصة دُونَ تَحَقُّقِ الْعَمَلِ بِهَا.

(٢) هُوَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْعِجْلِيِّ الْحُلِيِّ ، حَيْثُ قَالَ فِي السَّرَائِرِ : ٦٩ ـ بَعْدَ ذَكَرَهُ لِلِاسْتِخَارَةِ بِمِائَةِ مَرَّةً ـ مَا لَفْظُهُ : وَالرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ ، وَالْأَمْرِ فِيهَا وَاسِعٌ ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

(٣) يَأْتِي فِي الْبَابِ ٢٣.

(٤) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ ، وَلَعَلَّهُ : أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ الْكُوفِيِّ ، أَبُو الْحُسَيْنِ الْكَاتِبِ ، مِنْ تَلَامِذَةِ الْكُلَيْنِيُّ ، كَمَا فِي رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنُ يَعْقُوبَ ص ٣٧٧ / ١٠٢٦ ، فَقَدْ قَالَ النَّجَاشِيِّ : « كُنْتُ أتردد إِلَى الْمَسْجِدِ الْمَعْرُوفِ بِمَسْجِدِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَمَسْجِدِ نفطويه النَّحْوِيِّ ، أَقْرَأُ الْقُرْآنِ عَلَى صَاحِبُ الْمَسْجِدِ ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقْرَءُونَ كِتَابِ الْكَافِي عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ ـ

١٨٤

__________________

ـ الكوفيّ الكاتب ، حدثكم محمّد بن يعقوب الكليني ».

وعنونه تبعا لما في رجال النجاشيّ كلّ من : الوحيد في التعليقة وأبو علي في منتهى المقال ، وآقا بزرك الطهرانيّ في نوابغ الرواة. والغريب أن الشيخ المامقاني « ١ » قال في تنقيح المقال ١ : ٤٩ ، بعد أن عنون الرجل : « لم أقف فيه إلاّ على عنوان الوحيد له بذلك ، وقوله : إنّه سيجيء في أحمد بن محمّد بن يعقوب الكليني ما يشير إلى حسن حاله في الجملة انتهى ، وتبعه في المنتهى فعنون الرجل كذلك ، وعقبه بما ذكره الوحيد (ره) ، وظني أن ذلك اشتباه من قلم الوحيد ، وتبعه أبو علي من غير فحص وأن الصحيح أحمد بن إسماعيل الكاتب الآتي ضرورة أني لم أجد بعد فضل التتبع لأحمد بن أحمد الكاتب ذكرا في كتب الأخبار ولا الرجال ، والعلم عند الله ».

ولا يخفى أن قوله « ١ » بعدم وجود الشخص المذكور في كتب الأخبار والرجال بعد التتبع ، مدفوع بما ورد في رجال النجاشيّ ، وكذا بقية كلامه الشريف ، والظاهر أن مورد الشبهة الحاصلة عند الشيخ المامقاني « ١ » ـ حسب ما أظن ـ هو السهو الوارد في النسخة المطبوعة على الحجر من تعليقة الوحيد ص ٣١ ، حيث أحال إلى ( أحمد بن محمّد بن يعقوب الكليني ) والصواب كما نقله أبو علي في رجاله ص ٣٠ عن التعليقة هو ( محمّد بن يعقوب ) ، فلو كان الشيخ ١ قد رجع إلى ترجمة ( محمّد بن يعقوب الكليني ) لارتفع الاشكال أساسا. ويحتمل أن يكون المراد ممّا في المتن هو : أبو الحسين أحمد بن عليّ بن سعيد الكوفيّ ، من مشايخ المرتضى ، والرّواة عن الكليني كما في ترجمة الكليني في فهرست الطوسيّ. أو أبو الحسين أحمد بن محمّد بن علي الكوفيّ كما في رجال الطوسيّ : ٤٥٠ / ٧٠ حيث قال : « أحمد بن محمّد بن علي الكوفيّ ، يكنى أبا الحسين روى عن الكليني ، أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى (رض) ». والظاهر اتّحاد الأخيرين على أن الشيخ الطهرانيّ قد أفرد كل واحد منهما على حدة في كتابه نوابغ الرواة ص ٣٤ و ٥١.

وصرّح الشيخ الطهرانيّ في نوابغ الرواة ، بتغاير أحمد بن أحمد الكوفيّ مع الأخيرين ، حيث قال ـ بعد أن نقل كلام النجاشيّ ـ : « فيظهر أن النجاشيّ في عهد صغره واختلافه إلى الكتاب أي حدود ٣٨٠ رأى المترجم وسمع منه ما ذكره للأصحاب ، والنجاشيّ لا يروي عن أبي المفضّل الشيباني محمّد بن عبد الله المتوفى ٣٨٧ ، على أنّه سمع منه كثيرا ، وكان له يومئذ خمس عشرة سنة ، فكيف يروي عمن أدرك صحبته في صغره وله سبع سنين تقريبا ، فصاحب الترجمة غير أبي الحسين أحمد بن عليّ بن سعيد الكوفيّ من مشايخ المرتضى كما في ترجمة الكليني من فهرست الطوسيّ عند روايته عن الكليني ، أو أبي الحسين أحمد بن محمّد بن علي الكوفيّ الراوي عن الكليني كما في رجال الطوسيّ ». ـ

١٨٥

قَالَ : حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا ـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ ( مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) لِعَبْدِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانَةَ (١) افْعَلْ وَفِي ثَلَاثٍ مِنْهَا ـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ ( مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) لِعَبْدِهِ فُلَانِ بْنِ فُلَانَةَ (٢) لَا تَفْعَلْ ثُمَّ ضَعْهَا تَحْتَ مُصَلاَّكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ فَاسْجُدْ سَجْدَةً وَقُلْ فِيهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَسْتَخِيرُ اللهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَقُلِ اللهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ بِيَدِكَ فِي (٣) الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَأَخْرِجْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً (٤) فَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ لَا تَفْعَلْ فَلَا تَفْعَلْهُ وَإِنْ خَرَجَتْ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ افْعَلْ فَافْعَلْ وَإِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ افْعَلْ وَالْأُخْرَى لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ مِنَ الرِّقَاعِ إِلَى خَمْسٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهَا فَاعْمَلْ بِهِ وَدَعِ السَّادِسَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا (٥).

أقول : وقد اختار شيخنا السعيد أبو جعفر الطوسي في كتاب مصباح المتهجد العمل بالرقاع الست في الاستخارات في جملة ما اختاره من الروايات وهو كتاب عمل ودراية ما هو على سبيل مجرد الرواية لأن من

__________________

ـ انظر « رجال النجاشيّ : ٣٧٧ / ١٠٢٦ ، رجال الطوسيّ : ٤٥٠ / ٧٠ ، فهرست الطوسيّ : ٣٢٧ / ٧٠٩ ، تعليقات الوحيد : ٣١ و ٣٢٩ ، منتهى المقال : ٣٠ و ٢٩٧ ، تنقيح المقال ١ : ٤٩٠ ، نوابغ الرواة في رابعة المئات : ١٩ و ٣٤ و ٥١ ، مقدّمة الدكتور حسين علي محفوظ لكتاب الكافي ١ : ١٨ ».

(١ ـ ٢) في « م » : فلان.

(٣) في « د » والكافي : إلى.

(٤) ليس في « م » والكافي.

(٥) الكافي ٣ : ٤٧٠ / ٣ ، باختلاف يسير ، والبحار ٩١ : ٢٣٠ / ذ ح ٥! ، والرواية متحدة مع ما قبلها.

١٨٦

صنف كتاب عمل فقد (١) تقلد العمل بما فيه لمن عمل على معانيه أما يعرف أهل العلم أنه إذا صنف الإنسان كتاب عمل ودعا الناس إلى العمل بتلك الأحكام فمتى كان فيه ما لا يعتقده مصنفه حقا وصدقا فقد أبدع في الإسلام وزاد في الحلال والحرام وحوشي فضل شيخنا أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه وغيره من أن يصنف بدعة يدعو الناس إلى العمل بها هذا لا يعتقده فيه فيما أعلم أحد من الإمامية بل هو الثقة المأمون عندهم فيما يدعو إلى العمل به من المراسم النبوية.

وهذه بعض طرقنا إلى رواية ما تضمنه كتاب المصباح الكبير :

رَوَيْتُهُ عَنْ وَالِدِيَ السَّعِيدِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّاوُسِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ عَنِ السَّعِيدِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحُسَيْنِيِّ الْعُرَيْضِيِّ عَنِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ أَبِي طَالِبٍ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَهْرِيَارَ الْخَازِنِ عَنْ خَالِهِ السَّعِيدِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ الشَّيْخِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ عَنْ وَالِدِهِ السَّعِيدِ الْمَذْكُورِ.

وَرَوَيْتُ كِتَابَ الْمُتَهَجِّدِ عَنْ جَمَاعَةٍ أَيْضاً مِنْهُمْ شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ السَّعِيدُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ رحمه‌الله فِي كِتَابِ مِصْبَاحِ الْمُتَهَجِّدِ مَا هَذَا لَفْظُهُ :

رَوَى هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ ( مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ افْعَلْهُ (٢) وَفِي ثَلَاثٍ

__________________

(١) لَيْسَ فِي « ش ».

(٢) فِي « د » : افْعَلْ.

١٨٧

مِنْهَا : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ ( مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا تَفْعَلْهُ (١) ثُمَّ ضَعْهَا تَحْتَ مُصَلاَّكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ فَاسْجُدْ سَجْدَةً وَقُلْ فِيهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَسْتَخِيرُ اللهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَقُلِ اللهُمَّ خِرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ بِيَدِكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَأَخْرِجْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً (٢) فَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ افْعَلْ فَافْعَلِ الْأَمْرَ الَّذِي تُرِيدُهُ وَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ لَا تَفْعَلْ فَلَا تَفْعَلْ وَإِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ افْعَلْ وَالْأُخْرَى لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ مِنَ الرِّقَاعِ إِلَى خَمْسٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهَا فَاعْمَلْ بِهِ وَدَعِ السَّادِسَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا (٣).

أقول : ولما اختصر جدي أبو جعفر الطوسي المصباح الكبير واختار صفوه كانت هذه الرواية في الاستخارة بالرقاع الست من جملة ما اختاره واصطفاه في مختصر المصباح بألفاظ روايته في المصباح الكبير كما قدمناه وهذا مختصر المصباح الكبير أرويه عن والدي موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاوس قدس الله روحه ونور ضريحه عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة عن شيخه أبي علي بن محمد بن الحسن الطوسي مصنف مختصر المصباح.

وأروي أيضا المختصر المذكور عن شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما الذي ذكرناه إلى المصباح الكبير (٤).

وهذا ينبه على جلالة هذه الاستخارة عند هذا الشيخ المجمع على

__________________

(١) في « د » والمصباح : لا تفعل.

(٢) ليس في « ش ».

(٣) مصباح المتهجّد : ٤٨٠ ، والرواية متّحدة مع ما قبلها.

(٤) تقدم في ص ١٨٧.

١٨٨

علمه وورعه ومعرفته بالأخبار وأنه انتهت رئاسة الشيعة في وقته إليه رضوان الله عليه.

ووجدت رواية أخرى بالرقاع ذكر من نقلتها من كتابه أنها منقولة عن الكراجكي وهذا لفظ ما وقفت عليه منها :

هَارُونُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه‌السلام قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَ (١) ـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ ( مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) وَيُرْوَى الْعَلِيِّ الْكَرِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ افْعَلْ كَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَاذْكُرِ اسْمَكَ وَمَا تُرِيدُ فِعْلَهُ وَفِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَ (٢) ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا تَفْعَلْ كَذَا وَتُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (٣) خَمْسِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَتَدَعِ الرِّقَاعَ تَحْتَ سَجَّادَتِكَ وَتَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ اللهُمَّ إِنَّكَ (٤) تَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَتَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَ ( أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) اللهُمَّ آمَنْتُ (٥) بِكَ فَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ (٦) مِنْكَ صَلِّ عَلَى آدَمَ صَفْوَتِكَ وَمُحَمَّدٍ خِيَرَتِكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ وَمَنْ بَيْنَهُمْ مِنْ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ وَعَبْدٍ صَالِحٍ وَوَلِيٍّ مُخْلِصٍ وَمَلَائِكَتِكَ أَجْمَعِينَ إِنْ كَانَ مَا عَزَمْتُ عَلَيْهِ مِنَ الدُّخُولِ فِي سَفَرِي إِلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا خِيَرَةً لِي فِي الْبَدْوِ وَالْعَاقِبَةِ وَرِزْقٍ تُيَسِّرُ لِي مِنْهُ فَسَهِّلْهُ وَلَا تُعَسِّرْهُ وَخِرْ لِي فِيهِ وَإِنْ كَانَ

__________________

(١) فِي « د » وَالْبِحَارُ : مِنْهَا.

(٢) فِي « د » : مِنْهَا.

(٣) فِي « د » : وَاحِدَةً.

(٤) فِي « ش » وَالْبِحَارُ : بِقُدْرَتِكَ.

(٥) لَيْسَ فِي « ش » وَ « د » وَالْبِحَارُ.

(٦) فِي الْبِحَارُ : أَعْلَمُ.

١٨٩

غَيْرَهُ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَبَدِّلْنِي مِنْهُ مَا هُوَ خَيْرٌ (١) مِنْهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ تَقُولُ سَبْعِينَ مَرَّةً خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ الْكَرِيمِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ ذَلِكَ عَفَّرْتَ خَدَّكَ وَدَعَوْتَ اللهَ وَسَأَلْتَهُ مَا تُرِيدُ (٢).

قال وفي رواية أخرى ثم ذكر في أخذ الرقاع ما تقدم في الروايتين الأوليين.

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أما هارون بن خارجة لعله الصيرفي الكوفي راوي الحديث بصلاة الاستخارة فقد ذكر الشيخ الجليل أبو الحسين أحمد بن علي بن العباس النجاشي في كتابه فهرست المصنفين عن هارون بن خارجة ما هذا لفظه هارون بن خارجة كوفي ثقة وأخوه مراد روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

وأما الحديث الثاني في الاستخارة بالرقاع المتضمن للزيادة فيحتمل أن يكون من هارون بن خارجة الأنصاري أيضا كوفي ويكونان حديثين عن اثنين وكل منهما من أصحاب مولانا الصادق عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) في « د » و « ش » زيادة : لي.

(٢) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٣١ / ٦ ، والنوريّ في مستدرك الوسائل ١ : ٤٥٠ / ١.

(٣) رجال النجاشيّ : ٤٣٧ / ١١٧٦.

(٤) على فرض كون راوي الحديث الثاني هو : هارون بن خارجة الأنصاري ، فإنّ تغايره مع هارون بن خارجة الصيرفي ، أمر غير مسلّم به ، بل الاحتمال الأقوى اتّحادهما ، فقد ذكر السيّد الخوئي ـ بعد أن عنون للأنصاري ـ في معجم رجال الحديث ١٩ : ٢٢٥ / ١٣٢٢٦ ، ما لفظه : « أقول : ظاهر عدّ الشيخ إياه من أصحاب الصادق عليه‌السلام بفصل رجل واحد من هارون بن خارجة الصيرفي ، التغاير والتعدّد. ولكن الاتّحاد ممّا لا ينبغي الريب فيه لوجهين :

الأول : إنّ هارون بن خارجة الصيرفي أخوه مراد ، على ما صرّح به الشيخ وغيره ، وقد مرّ في مراد بن خارجة توصيفه بالأنصاري ، ويلزمه أن هارون بن خارجة الصيرفي أيضا أنصاري. ـ

١٩٠

وأما الحديث في الاستخارة بالرقاع عن هارون بن حماد فما وجدت في رجال مولانا الصادق عليه‌السلام هارون بن حماد ولعله هارون بن زياد فقد يقع الاشتباه في الكتابة بين لفظ زياد وحماد في بعض الخطوط.

أقول : فهذه أحاديث قد اعتمد على نقلها وروايتها من يعتمد على نقله وأمانته فإذا كنت (١) علاما بأخبار مثلها في الفروع الشرعية والأحكام الدينية فيلزمك العمل بها والانقياد لها وإلا فالحجة لله جل جلاله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولمن شارعه في ذلك لازمة عليك ونحن نحاكمك إلى عقلك (٢) وإنصافك في مجلس حكم الله جل جلاله المطلع عليك.

فصل :

وهذا يحتاج إليه من لم يعرف فوائد الاستخارة والمشاورة لله جل جلاله بالرقاع المكتوبة عن الله عز وجل إلى عبده وأما من عرف فوائد ذلك وجدانا وعيانا لا يقدر على حصره من أخبار الله عز وجل (٣) في الاستخارات بالرقاع بالغايات وتعريفه ما بين يديه من المحبوب أو المكروه في الحركات والسكنات وقد عرف ذلك على اليقين والمشاهدات فبعد (٤) هذا ما يحتاج إلى تكرار الروايات ولا الإكثار من المنقولات بل الاستخارة بالرقاع عنده قد دل الله جل جلاله بها عليها وجعلها كالتعريف منه بالآيات والمعجزات والبراهين التي لا يبلغ وصفه إليها ويكون كما قال الصادق عليه‌السلام

__________________

ـ الثاني : إنّ النجاشيّ والشيخ في الفهرست ، والبرقي والصدوق في المشيخة ، ذكروا هارون بن خارجة ولم يصفوه بوصف ، فلو كان المسمى بهذا الاسم اثنين لزمهم التعيين لازالة الشبهة ، والله العالم ».

(١) في « د » : كتب.

(٢) في « د » : نفسك.

(٣) في « م » : لا يقدر على حضرة من اختار الله.

(٤) في « م » : فعند.

١٩١

لبعض الشيعة وقد ذكر له أن قوما يعيرونهم بنسبتهم إليه فقال ما معناه أرأيت لو أن في يدك جوهرة وأجمع الخلق على أنها غير جوهرة أكان يؤثر ذلك في علمك شيئا؟.

فقال لا قال فهكذا إذا عابوكم على صحة الاعتقاد فلا يؤثر قولهم ولو ساعدهم على ذلك سائر من خالفكم من العباد (١).

فصل :

ولقد وجدت من دعوات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام في الاستخارات ما يفهم منه قوة العناية منه عليه‌السلام ومنهم صلوات الله عليهم بها وتعظيمهم لها حتى لقد وجدت أنها من جملة أسرار الله عز وجل التي أسرها إلى النبي عليه‌السلام لما أسري به إلى السماء وأنها من أهم المهام ووجدت أن آخر مرسوم خرج عن مولانا المهدي عليه‌السلام وعلى آبائه الطاهرين دعاء الاستخارة وهذا حجة بالغة عند العارفين وها أنا أذكر من دعواتهم المبرورة للاستخارة المذكورة ما تهيأ ذكره في الحال فإن ذكر جميعه أخاف على الناظر فيه من الضجر والملال.

فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ (٢) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ

__________________

(١) رَوَى نَحْوَهُ ابْنِ شُعْبَةَ فِي تُحَفِ الْعُقُولِ : ٣٠٠ ، عَنْ الْإِمَامِ الْكَاظِمِ عليه‌السلام يُوصِي هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ.

(٢) أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ ، الْبَغْدَادِيِّ الْبَزَّازِ الأصولي. وُلِدَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةً ٣٣٩ ه‍ ، بَكْرٍ بِهِ وَالِدِهِ إِلَى الْغَايَةِ ، فأسمعه وَلَهُ خَمْسُ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ كَثِيرِينَ ، طَالَ عُمُرُهُ وَصَارَ « مُسْنَدِ الْعِرَاقِ » قَالَ الْخَطِيبِ : كَانَ صَدُوقاً حُسْنِ السَّمَاعِ ، ـ

١٩٢

الْأَصْفَهَانِيُ (١) فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْفَهَانِيُ (٢) صَاحِبُ الشَّاذَكُونِيِ (٣) قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُ (٤) قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

__________________

ـ يُفْهَمُ الْكَلَامِ عَلَى مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ ، تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ عَامٍ ٤٢٥ ه‍ ، وَدُفِنَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةً ٤٢٦ ه‍.

انْظُرْ « تَارِيخِ بَغْدَادَ ٧ : ٢٧٩ ، الْعِبَرِ ٢ : ٢٥٢ ، تَذْكِرَةُ الْحِفَاظِ ٣ : ١٠٧٥ ، مِرْآةٌ الْجِنَانِ ٣ : ٤٤ ، سَيْرُ أَعْلَامِ النبلاء ١٧ : ٤١٥ / ٢٧٣ ، شذرات الذَّهَبِ ٣ : ٢٢٨ ».

(١) أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيِّ ، أَبُو جَعْفَرٍ النَّحْوِيِّ الْمُحْدِثُ ، الْمَعْرُوفِ ببزرويه ، غُلَامٌ نفطويه ، أَخَذَ عَنْهُ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْيَزِيدِيُّ وَجَمَاعَةٌ ، وَعَنْهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ ، تَصْدُرُ لإقرار النَّحْوِ وَالْعَرَبِيَّةِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةً ٣٥٤ ه‍.

انْظُرْ « تَارِيخِ بَغْدَادَ ٥ : ٢٢٦ ، معجم الْأُدَبَاءِ ٥ : ١٥٢ ، انباه الرُّوَاةِ ١ : ١٨٧ / ٨٩ ، الْقَامُوسِ الْمُحِيطِ : مَادَّةٌ ( بِزْرِ ) ، بغية الوعاة ١ : ٤٠٠ ، الْمُشْتَبِهِ للذهبي ١ : ٦٣ ، تَاجُ الْعَرُوسِ ٣ : ٤١ ، نُزْهَةِ الْأَلِبَّاءُ : ٢٠٣ ، الْوَافِي بالوفيات ٨ : ٢٧٥ ».

(٢) عنونه الشَّيْخُ الطهراني فِي نوابغ الرُّوَاةِ كَمَا وَرَدَ فِي سَنَدَ فَتَحَ الْأَبْوَابِ وَقَالَ : « وَلَعَلَّ الْمُتَرْجَمِ أَدْرَكَ أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ ». أَقُولُ : لَعَلَّهُ هُوَ أَحْمَدُ بْنِ عَلَوِيَّةَ الْأَصْفَهَانِيِّ ، أَبُو جَعْفَرٍ الْكِرْمَانِيِّ ، الشهير بِأَبِي الْأَسْوَدِ ، أَحَدٌ مؤلفي الْإِمَامِيَّةِ وَشعرائهم ، صَاحِبُ الْقَصِيدَةِ الْمَشْهُورَةِ بالمحبرة ، وَكَانَ صَاحِبُ لُغَةٍ يَتَعَاطَى التَّأْدِيبِ وَيَقُولُ الشَّعْرِ الْجَيِّدِ ، رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْفَهَانِيِّ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الشَّيْخُ ، وَرَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ كَتَبَهُ كُلِّهَا كَمَا فِي رِجَالٍ الشَّيْخُ ، وُلِدَ سَنَةً ٢١٢ ه‍ ، وَتُوُفِّيَ سَنَةً ٣٢٠ وَنَيِّفٍ.

انْظُرْ « رِجَالٍ الشَّيْخُ : ٤٤٧ / ٥٦ ، تَهْذِيبِ الْأَحْكَامِ ١ : ١٤١ ، بغية الوعاة ١ : ٣٣٦ / ٦٤٠ ، رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ٨٨ / ٢١٤ ، معجم الْأُدَبَاءِ ٤ : ٧٢ ، رِجَالٍ ابْنِ دَاوُدَ : ٤٠ / ١٠٣ ، تنقيح الْمَقَالَ ١ : ٦٨ / ٤٠٨ ، أَعْيَانُ الشِّيعَةِ ٣ : ٢٢ ، نوابغ الرُّوَاةِ : ٣٢ و ٣٦ ، الْغَدِيرِ ٣ : ٣٤٨ ، معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ ٢ : ١٥١ وَ ١٥٤ ».

(٣) فِي « د » : السَّامِرِيَّ ، وَالشَّاذَكُونِيِّ : بِفَتْحِ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، بَيْنَهَا الْأَلْفِ وَضَمَّ الْكَافُ ، وَفِي آخِرِهَا النُّونُ ، هَذِهِ النِّسْبَةِ إِلَى « شَاذَكُونَةٍ ». قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ مَرْدَوَيْهِ الْحَافِظِ الْأَصْبَهَانِيِّ فِي تَارِيخِهِ : إِنَّمَا قِيلَ لَهُ « الشَّاذَكُونِيِّ » لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَتَّجِرُ إِلَى الْيَمَنِ ، وَكَانَ يَبِيعُ هَذَا المضربات الْكِبَارِ ، وَتُسَمَّى « شَاذَكُونَةٍ » فَنَسَبَ إِلَيْهَا. « الْأَنْسَابِ لِلسِّمْعَانِيِّ ٧ : ٢٣٨ ».

(٤) إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَبُو إِسْحَاقَ الثَّقَفِيِّ ، أَصْلِهِ كوفي ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى أَصْفَهَانَ وَأَقَامَ بِهَا ، قَالَ النَّجَاشِيِّ : « كَانَ زَيْدِيّاً ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَيْنَا » ، لَهُ تصانيف ـ

١٩٣

عُمَرَ بْنِ يُونُسَ الْيَمَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُوحٍ الْأَصْبَحِيُّ وَأَبُو الْحَصِيبِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُوحٍ الْأَصْبَحِيُّ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم‌السلام عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام إِنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله سِرٌّ قَلَّ مَا (١) عُثِرَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَقُولُ وَأَنَا أَقُولُ لَعْنَةُ اللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَصَالِحِي خَلْقِهِ عَلَى (٢) مُفْشِي سِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله إِلَى غَيْرِ ثِقَةٍ فَاكْتُمُوا سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِنِّي وَاللهِ مَا أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَنَظَرَهُ بَصَرِي إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ اللهِ فَمِنْ رَسُولِهِ يَعْنِي جَبْرَئِيلَ عليه‌السلام فَإِيَّاكَ يَا عَلِيُّ أَنْ تُضِيعَ سِرِّي فَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُذِيقَ مَنْ أَضَاعَ سِرِّي هَذَا حَرَّ جَهَنَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ وَإِنْ قَلَّ تَعَبُّدُهُمْ إِذَا عَلِمُوا مَا أَقُولُ كَانُوا فِي أَشَدِّ الْعِبَادَةِ (٣) وَأَفْضَلِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ لَا طُغَاةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَبَيَّنْتُ هَذَا السِّرَّ وَلَكِنِّي عَلِمْتُ أَنَّ الدِّينَ إِذاً يَضِيعُ فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلاَّ إِلَى ثِقَةٍ (٤).

إِنِّي لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فُتِحَ لِي بَصَرِي إِلَى فُرْجَةٍ فِي الْعَرْشِ تَفُورُ كَمَا يَفُورُ الْقِدْرُ فَلَمَّا أَرَدْتُ الِانْصِرَافَ أُقْعِدْتُ عِنْدَ تِلْكَ الْفُرْجَةِ ثُمَّ نُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ إِنَّكَ أَكْرَمُ خَلْقِهِ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ عِلْمٌ قَدْ زَوَاهُ يَعْنِي خَزَنَهُ عَنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ـ

__________________

ـ كَثِيرَةٌ ، تُوُفِّيَ سَنَةً ٢٨٣ ه‍.

انْظُرْ « رِجَالٍ الشَّيْخُ : ٤٥١ / ٧٣ ، فِهْرِسْتُ الشَّيْخُ : ١٦ / ٢٦ ، رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ١٦ / ١٩ ، ذَكَرَ أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ ١ : ١٨٧ / ٢٠ ، الْأَنْسَابِ ٣ : ١٣٧ ، لِسَانِ الْمِيزَانِ ١ : ١٠٢ / ٣٠٠ ».

(١ ـ ٢) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

(٣) فِي النُّسَخِ : الْغِنَاءِ ، وَفِي الْبِحَارُ : الْغِنَاءِ ، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ أَدْعِيَةِ السِّرِّ لِلرَّاوَنْدِيِّ وَالْبَلَدِ الْأَمِينِ.

(٤) فِي « د » : ثقاتي.

١٩٤

وَجَمِيعِ أُمَمِهِمْ (١) غَيْرَكَ وَغَيْرَ أُمَّتِكَ لِمَنِ ارْتَضَيْتَ لِلَّهِ (٢) مِنْهُمْ أَنْ يَنْشُرُوهُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ لِمَنِ ارْتَضَى اللهُ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُمْ بَعْدَ مَا يَقُولُونَهُ (٣) ذَنْبٌ كَانَ قَبْلَهُ وَلَا مَخَافَةَ مَا يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ وَلِذَلِكَ أَمَرَكَ بِكِتْمَانِهِ كَيْلَا يَقُولَ الْعَامِلُونَ حَسْبُنَا هَذَا مِنَ الطَّاعَةِ.

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاوس ثم ذكر في جملة أسرار هذا الدعاء ما هذا لفظه : يَا مُحَمَّدُ وَمَنْ هَمَّ بِأَمْرَيْنِ فَأَحَبَّ أَنْ أَخْتَارَ لَهُ أَرْضَاهُمَا لِي فَأُلْزِمَهُ إِيَّاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يُرِيدُ ذَلِكَ اللهُمَّ اخْتَرْ لِي بِعِلْمِكَ وَوَفِّقْنِي بِعِلْمِكَ لِرِضَاكَ وَمَحَبَّتِكَ اللهُمَّ اخْتَرْ لِي بِقُدْرَتِكَ وَجَنِّبْنِي بِقُدْرَتِكَ مَقْتَكَ وَسَخَطَكَ اللهُمَّ اخْتَرْ لِي فِيمَا أُرِيدُ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَتُسَمِّيهِمَا أَسَرَّهُمَا إِلَيَّ وَأَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ وَأَقْرَبَهُمَا مِنْكَ وَأَرْضَاهُمَا لَكَ اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي زَوَيْتَ بِهَا عِلْمَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ فَإِنَّكَ عَالِمٌ بِهَوَايَ وَسَرِيرَتِي وَعَلَانِيَتِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاسْفَعْ بِنَاصِيَتِي (٤) إِلَى مَا تَرَاهُ لَكَ رِضًا فِيمَا اسْتَخَرْتُكَ فِيهِ حَتَّى يُلْزِمَنِي ذَلِكَ (٥) أَمْراً أَرْضَى فِيهِ بِحُكْمِكَ وَأَتَّكِلُ فِيهِ عَلَى قَضَائِكَ وَأَكْتَفِي فِيهِ بِقُدْرَتِكَ وَلَا تَقْلِبْنِي وَهَوَايَ لِهَوَاكَ مُخَالِفاً وَلَا بِمَا أُرِيدُ لِمَا تُرِيدُ مُجَانِباً اغْلِبْ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي تَقْضِي بِهَا مَا أَحْبَبْتَ عَلَى مَنْ أَحْبَبْتُ بِهَوَاكَ هَوَايَ (٦) وَيَسِّرْنِي لِلْيُسْرَى الَّتِي تَرْضَى بِهَا عَنْ صَاحِبِهَا وَلَا تَخْذُلْنِي بَعْدَ

__________________

(١) فِي « د » : الْأُمَمِ.

(٢) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ وَأَدْعِيَةِ السِّرِّ وَالْبَلَدِ الْأَمِينِ.

(٣) فِي أَدْعِيَةِ السِّرِّ وَالْبَلَدِ الْأَمِينِ : بَعْدَ مَا أَقُولُ لَكَ.

(٤) قَوْلِهِ تَعَالَى : لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ أَيُّ لنأخذن بِنَاصِيَتِهِ إِلَى النَّارِ ، يُقَالُ : سفعت بِالشَّيْءِ إِذَا أَخَذْتَهُ وَجَذَبَتْهُ جذبا شَدِيداً ، وَالنَّاصِيَةِ : شَعْرِ مُقَدَّمَ الرَّأْسِ ، وَالْجَمْعِ النَّوَاصِي. « مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ـ سفع ـ ٤ : ٣٤٥ ».

(٥) فِي الْبِحَارُ : تَلْزَمُنِي مِنْ ذَلِكَ.

(٦) قَالَ الْمَجْلِسِيُّ فِي بَيَانُهُ عَلَى النَّصِّ : قَالَ الْكَفْعَمِيُّ : أَيُّ بارادتك إِرَادَتِي ، وَالْمَعْنَى طَلَبِ رِضَاهُ.

١٩٥

تَفْوِيضِي إِلَيْكَ أَمْرِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِي ( وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) اللهُمَّ أَوْقِعْ خِيَرَتَكَ فِي قَلْبِي وَافْتَحْ قَلْبِي لِلُزُومِهَا يَا كَرِيمُ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ اخْتَرْتُ لَهُ مَنَافِعَهُ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ (١).

ومن ذلك ما نرويه عن مولانا علي بن الحسين عليهما‌السلام في الدعاء للاستخارة.

أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ رَوَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (٢) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْكَاتِبُ (٣) عَنْ أَبِيهِ عَنْ (٤) مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ (٥) الْمِصْرِيِّ عَنْ

__________________

(١) رَوَاهُ الرَّاوَنْدِيُّ فِي أَدْعِيَةِ السِّرِّ : ١ ، ٢٨ ، وَالْكَفْعَمِيُّ فِي الْبَلَدِ الْأَمِينِ : ٥٠٤ ، وَنَقَلَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي بِحَارُ الْأَنْوَارِ : ٩١ : ٢٦٧ / ٢١ ، وَ ٩٥ : ٣٢٥ ، وَنَقْلِ قِطْعَةً مِنْهُ الشَّيْخُ النُّورِيِّ فِي مُسْتَدْرَكِ الْوَسَائِلِ ١ : ٤٤٩ / ٨.

(٢) أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ الْأَكْبَرِ بْنِ يَحْيَى النَّسَّابَةِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الْأَعْرَجِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرُ بْنِ السَّجَّادِ عليه‌السلام ، وَهُوَ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَخِي طَاهِرٌ ، وَأَبِي مُحَمَّدِ الديداني ، لِأَنَّ عَمِّهِ طَاهِرٌ بْنِ يَحْيَى النَّسَّابَةِ ، مِنْ مَشَايِخِ الصَّدُوقُ وَالْمُفِيدُ ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنِ زرقويه وَأَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ ، تُوُفِّيَ فِي سَنَةً ٣٥٨ ه‍ وَدُفِنَ فِي مَنْزِلِهِ بِسُوقِ الْعَطَشُ.

« مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ ١ : ٥٢١ / ٩٤٣ ، نوابغ الرُّوَاةِ : ١٠١ ».

(٣) كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَذَكَرَ النَّجَاشِيِّ وَالطُّوسِيُّ فِي تَرْجَمَةِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ عُمَيْرٍ : ( مُحَمَّدُ بْنِ مُطَهَّرٍ ) ، وَعنونه تَبَعاً لَهُمَا الشَّيْخُ الطهراني فِي نوابغ الرُّوَاةِ وَقَالَ : وَالظَّاهِرُ اتِّحَادِ صَاحِبُ الترجمة مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُسْلِمٍ المطهري.

انْظُرْ « رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ٤٢٦ / ١١٤٤ ، الْفِهْرِسْتِ : ٢٦٢ / ٥٧٩ ، نوابغ الرُّوَاةِ : ٣٠٧ ».

(٤) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

(٥) فِي « د » : سلقان ، وَفِي الْبِحَارُ ، شَلَقَانَ ، وَفِي نوابغ الرُّوَاةِ : ٣٠٧ : شلمغان.

١٩٦

عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَعْلَمِ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ الْبَلْخِيِّ عَنْ أَبِيهِ (١) عَنْ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ وَعَنْ مَوْلَانَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما‌السلام فِيمَا رَوَيَاهُ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّحِيفَةِ عَنْ مَوْلَانَا زَيْنِ الْعَابِدِينَ عليه‌السلام مِنْ نُسْخَةٍ تَارِيخُ كِتَابَتِهَا سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ عليه‌السلام فِي الِاسْتِخَارَةِ :

اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (٢) وَاقْضِ لِي بِالْخِيَرَةِ وَأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ الِاخْتِيَارِ وَاجْعَلْ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الرِّضَا بِمَا قَضَيْتَ لَنَا وَالتَّسْلِيمِ لِمَا حَكَمْتَ فَأَزِحْ عَنَّا رَيْبَ الِارْتِيَابِ (٣) وَأَيِّدْنَا بِيَقِينِ الْمُخْلِصِينَ وَلَا تَسُمْنَا (٤) عَجْزَ الْمَعْرِفَةِ عَمَّا تَخَيَّرْتَ فَنَغْمِطَ (٥) قَدَرَكَ وَنَكْرَهَ مَوْضِعَ (٦) قَضَائِكَ وَنَجْنَحَ (٧) إِلَى الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ مِنْ حُسْنِ الْعَاقِبَةِ وَأَقْرَبُ إِلَى ضِدِّ الْعَافِيَةِ حَبِّبْ إِلَيْنَا مَا نَكْرَهُ مِنْ قَضَائِكَ وَسَهِّلْ عَلَيْنَا مَا نَسْتَصْعِبُ مِنْ حُكْمِكَ وَأَلْهِمْنَا الِانْقِيَادَ لِمَا أَوْرَدْتَ عَلَيْنَا مِنْ مَشِيئَتِكَ حَتَّى لَا نُحِبَّ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ وَلَا تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلَا نَكْرَهَ مَا أَحْبَبْتَ وَلَا نَتَخَيَّرَ مَا كَرِهْتَ وَاخْتِمْ لَنَا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَأَحْمَدُ عَاقِبَةً ،

__________________

(١) قَالَ النَّجَاشِيِّ : « مُتَوَكِّلٌ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ، رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ دُعَاءً الصَّحِيفَةِ » وَقَالَ الشَّيْخُ الطهراني مُعَقِّباً : وَلَكِنْ الْمَذْكُورِ فِي السَّنَدِ المتداول للصحيفة الْمُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ.

انْظُرْ « رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ٤٢٦ / ١١٤٤ ، نوابغ الرُّوَاةِ : ٣٠٧ ».

(٢) فِي الْمَصْدَرُ ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ « مَ » : وَآلِهِ.

(٣) فِي « ش » : رَيْبَ أَهْلِ الِارْتِيَابِ.

(٤) قَالَ الْعَلاَّمَةُ الْمَجْلِسِيَّ فِي الْبِحَارُ ٩١ : ٢٧٠ ، مُبِيناً : « وَلَا تسمنا » بِضَمِّ السِّينَ أَيُّ لَا تُورَدُ عَلَيْنَا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْكَسْرِ ، قَالَ الْكَفْعَمِيُّ رحمه‌الله [ فِي الْمِصْبَاحِ : ٣٩٥ ] : أَيُّ لَا تَجْعَلْهُ سِمَةِ وَعَلَامَةُ لَنَا ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ بِرَفْعِ السِّينَ أَيُّ لَا تَوَلَّنَا أَيُّ تَجْعَلْنَا ضُعَفَاءَ الْمَعْرِفَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى : يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ* أَيُّ يولونكم.

(٥) غمط النِّعْمَةِ بِالْكَسْرِ : أَيُّ احتقرها وَلَمْ يشكرها. انْظُرْ « الصِّحَاحِ ـ غمط ـ ٣ : ١١٤٧ ».

(٦) فِي « د » وَ « ش » : مَوَاضِعَ.

(٧) أَيُّ نميل.

١٩٧

وَأَكْرَمُ مَصِيراً إِنَّكَ تُفِيدُ الْكَرِيمَةَ وَتُعْطِي الْجَسِيمَةَ (١) وَتَفْعَلُ مَا تُرِيدُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢).

دعاء (٣) الاستخارة عن مولانا الصادق عليه‌السلام :

ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابٍ لَهُ فِي الْعَمَلِ مَا هَذَا لَفْظُهُ دُعَاءُ الِاسْتِخَارَةِ عَنِ الصَّادِقِ عليه‌السلام تَقُولُهُ بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنْ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ تَقُولُ :

اللهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَ أَقْوَاماً يَلْجَئُونَ إِلَى مَطَالِعِ النُّجُومِ لِأَوْقَاتِ حَرَكَاتِهِمْ وَسُكُونِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَعَقْدِهِمْ وَحَلِّهِمْ (٤) وَخَلَقْتَنِي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ اللَّجَإِ إِلَيْهَا وَمِنْ طَلَبِ الِاخْتِيَارَاتِ بِهَا وَأَيْقَنُ أَنَّكَ لَمْ تُطْلِعْ أَحَداً عَلَى غَيْبِكَ فِي مَوَاقِعِهَا (٥) وَلَمْ تُسَهِّلْ لَهُ السَّبِيلَ إِلَى تَحْصِيلِ أَفَاعِيلِهَا (٦) وَأَنَّكَ قَادِرٌ عَلَى نَقْلِهَا فِي مَدَارَاتِهَا فِي مَسِيرِهَا عَنِ السُّعُودِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ إِلَى النُّحُوسِ (٧) ـ

__________________

(١) قَالَ الْكَفْعَمِيُّ فِي هَامِشِ ص ٣٩٦ مِنْ الْمِصْبَاحِ : الْكَرِيمَةِ : « كُلِّ شَيْءٌ يُكْرِمَ ، وَكَرَائِمِ الْمَالِ خِيَارَهَا ، وَالْجَسِيمَةِ : الْعَظِيمَةِ ، جِسْمٌ الشَّيْءَ أَيُّ عَظْمٌ » ، وَفِي « ش » وَالْبِحَارِ : وَتُعْطِي الْحَسَنَةِ.

(٢) الصَّحِيفَةِ السَّجَّادِيَّةُ : ١٨٢ ، دُعَاؤُهُ فِي الِاسْتِخَارَةِ ، وَأَوْرَدَهُ الْكَفْعَمِيُّ فِي مِصْبَاحِهِ : ٣٩٤ ، وَالْبَلَدِ الْأَمِينِ : ١٦٢ ، وَنَقَلَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي بِحَارُ الْأَنْوَارِ ٩١ : ٢٦٩ / ٢٢.

(٣) فِي « مَ » : وَأَمَّا.

(٤) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

(٥) الضَّمِيرِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ رَاجَعَ إِلَى النُّجُومِ ، أَيُّ لَمْ تُطْلِعْ أَحَداً عَلَى مَا هُوَ مَغِيبِ مِنْ حواس الْخَلْقِ مِنْ أَحْوَالِهَا الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَا فِي مَوَاقِعِهَا وَمَنَازِلِهَا وَأَوْضَاعِهَا.

(٦) أَيُّ إِلَى أَنْ يَحْصُلُ فِعْلاً مِنْ أَفْعَالِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ أَنْ لَهَا تأثيرا ، إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُ النَّفْيُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ قُدْرَتِهَا وَتَأْثِيرُهَا ، لَكِنْ يَدُلُّ مَا بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ اللهِ فِيهَا سَعَادَةِ وَنحوسة ، لَكِنَّهَا تتبدلان بِالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَبِالتَّوَكُّلِ عَلَى مَالِكٍ الشُّرُورِ وَالْخَيْرَاتِ.

(٧) « السُّعُودِ الْعَامَّةِ » مَا يَعُمُّ جَمِيعِ النَّاسِ ، وَالْخَاصَّةِ مَا يَخُصُّ شَخْصاً أَوْ صِنْفاً ، وَكَذَا النُّحُوسِ الشَّامِلَةِ وَالْمُفْرَدَةِ.

١٩٨

وَمِنَ النُّحُوسِ الشَّامِلَةِ وَالْمُفْرَدَةِ إِلَى السُّعُودِ لِأَنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ (١) وَلِأَنَّهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ وَصَنْعَةٌ مِنْ صَنْعَتِكَ (٢) وَمَا أَسْعَدْتَ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ وَاسْتَمَدَّ الِاخْتِيَارَ لِنَفْسِهِ وَهُمْ أُولَئِكَ وَلَا أَشْقَيْتَ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى الْخَالِقِ الَّذِي أَنْتَ هُوَ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَسْأَلُكَ (٣) بِمَا تَمْلِكُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بِهِ مَلِيٌ (٤) وَعَنْهُ غَنِيٌّ وَإِلَيْهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ وَبِهِ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ مِنَ الْخِيَرَةِ الْجَامِعَةِ لِلسَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْغَنِيمَةِ لِعَبْدِكَ مِنْ حَدَثِ (٥) الدُّنْيَا الَّتِي إِلَيْكَ فِيهَا ضَرُورَتُهُ لِمَعَاشِهِ وَمِنْ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ الَّتِي عَلَيْكَ فِيهَا مُعَوَّلُهُ وَأَنَا هُوَ عَبْدُكَ.

اللهُمَّ فَتَوَلَّ يَا مَوْلَايَ اخْتِيَارَ خَيْرِ الْأَوْقَاتِ لِحَرَكَتِي وَسُكُونِي وَنَقْضِي وَإِبْرَامِي وَسَيْرِي وَحُلُولِي وَعَقْدِي وَحَلِّي وَاشْدُدْ بِتَوْفِيقِكَ عَزْمِي وَسَدِّدْ فِيهِ رَأْيِي وَاقْذِفْهُ فِي فُؤَادِي حَتَّى لَا يَتَأَخَّرَ وَلَا يَتَقَدَّمَ وَقْتُهُ عَنِّي وَأَبْرِمْ مِنْ قُدْرَتِكَ كُلَّ نَحْسٍ يَعْرِضُ بِحَاجِزٍ حَتْمٍ مِنْ قَضَائِكَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَيُبَاعِدُهُ مِنِّي وَيُبَاعِدُنِي مِنْهُ فِي دِينِي وَنَفْسِي وَمَالِي وَوُلْدِي وَإِخْوَانِي وَأَعِذْنِي (٦) مِنَ

__________________

(١) اقْتِبَاسَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةَ الرَّعْدِ ١٣ : ٣٩ : يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.

(٢) فِي الْبِحَارُ : صَنِيعَكَ.

(٣) الظَّاهِرُ « سَأَلَكَ » لَا « أَسْأَلُكَ ».

(٤) الْمَلِيءُ بالهمز : الثِّقَةِ الْغَنِيِّ ، وَقَدْ ملؤ ، فَهُوَ مَلِيءٌ بَيْنَ الْمُلَاءَ وَالملاءة بِالْمُدِّ. وَقَدْ أُولَعُ النَّاسِ فِيهِ بِتَرْكِ الْهَمْزَ وَتَشْدِيدٌ الْيَاءُ. « النِّهَايَةِ ـ مَلَأَ ـ ٤ : ٣٥٢ ».

(٥) مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةَ ، وَيُمْكِنُ تُعَلِّقْهُ بِالْغَنِيمَةِ أَيْضاً بتضمين ، فَقَوْلُهُ عليه‌السلام : « مِنْ خَيْرَاتِ » معطوف عَلَى قَوْلِهِ : « مِنْ الْخِيَرَةُ » ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلَّقَ « مِنْ حَدَثَ » بِالْغَنِيمَةِ فَقَطْ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَيْرَاتِ ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي جُنُبٌ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ بخيرات ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونُ تَصْحِيفٌ « مِنْ خَيْرَاتِ » ، وَعَلَى هَذَا قَوْلِهِ « مِنْ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ » معطوف عَلَى قَوْلِهِ « مِنْ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا ».

(٦) فِي الْبِحَارِ : وَاعذني بِهِ ، أَيُّ بالحاجز أَوْ بحتم الْقَضَاءِ.

١٩٩

الْأَوْلَادِ (١) وَالْأَمْوَالِ وَالْبَهَائِمِ وَالْأَعْرَاضِ (٢) وَمَا أَحْضُرُهُ وَمَا أَغِيبُ عَنْهُ وَمَا أَسْتَصْحِبُهُ وَمَا أُخَلِّفُهُ وَحَصِّنِّي مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِعِيَاذِكَ مِنَ الْآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ وَالْبَلِيَّاتِ وَمِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالنَّقِمَاتِ وَالْمَثُلَاتِ وَمِنْ كَلِمَتِكَ الْحَالِقَةِ (٣) وَمِنْ جَمِيعِ الْمَخُوفَاتِ (٤) وَمِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَمِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَمِنَ الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ فِي قَوْلِي وَفِعْلِي وَمَلِّكْنِي الصَّوَابَ فِيهِمَا (٥) بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (٦) بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ حِرْزِي وَعَسْكَرِي بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ سُلْطَانِي وَمَقْدُرَتِي بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ عِزِّي وَمَنَعَتِي.

اللهُمَّ أَنْتَ الْعَالِمُ بِجَوَائِلِ فِكْرِي وَحَوَابِسِ (٧) صَدْرِي وَمَا يَتَرَجَّحُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَالْإِحْجَامِ عَنْهُ مَكْنُونُ ضَمِيرِي وَسِرِّي وَأَنَا فِيهِ بَيْنَ حَالَيْنِ خَيْرٍ أَرْجُوهُ وَشَرٍّ أَتَّقِيهِ وَسَهْوٍ يُحِيطُ بِي وَدِينٍ أَحُوطُهُ فَإِنْ أَصَابَتْنِي الْخِيَرَةُ الَّتِي أَنْتَ خَالِقُهَا (٨) لِتَهَبَهَا لِي لَا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهَا بَلْ بِجُودٍ مِنْكَ عَلَيَّ بِهَا غَنِمْتُ وَسَلِمْتُ وَإِنْ أَخْطَأْتَنِي خَسِرْتُ وَعَطِبْتُ ـ

__________________

(١) أَيُّ مِنْ بَلِيَّةٍ الْأَوْلَادِ ، أَوْ « مِنْ » بِمَعْنَى « فِي » كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ* وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، أَوْ للتعليل.

(٢) الْعَرْضَ بِالتَّحْرِيكِ : مَتَاعٍ الدُّنْيَا وَحُطَامِهَا « النِّهَايَةِ ـ عَرَضَ ـ ٣ : ٢١٤ ».

(٣) أَيُّ حُكْمِكَ بِالْعُقُوبَةِ المستأصلة ، قَالَ ابْنِ الْأَثِيرِ : الْحَالِقَةَ : الْخَصْلَةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْلِقَ : أَيُّ تَهْلِكُ وَتستأصل الدِّينِ كَمَا يستأصل الْمُوسَى الشَّعْرِ. « النِّهَايَةِ ـ حَلَقَ ـ ١ : ٤٢٨ ».

(٤) فِي « د » وَالْبِحَارُ : المخلوقات.

(٥) أَيُّ فِي قَوْلِي وَفَعَلَيَّ.

(٦) تَكَرَّرَتْ الْعِبَارَةِ فِي « ش » ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَفِي الْبِحَارُ : بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْحَلِيمُ الْكَرِيمِ ، بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْعَظِيمِ.

(٧) فِي الْبِحَارِ : وَجَوَائِسِ ، وَقَالَ الْمَجْلِسِيُّ : أَيُّ مَا يَتَخَلَّلُ فِي صَدْرِي مِنْ الوساوس وَالخيالات ، أَوْ مَا يَتَرَدَّدُ مِنْ ظَنُونٌ صَدْرِي فِي المخلوقات ، قَالَ الْجَوْهَرِيِّ : الجوس مُصْدِرٍ قَوْلُكَ : جاسوا خِلَالِ الدِّيَارَ أَيُّ تخللوها فَطَلَبُوا مَا فِيهَا كَمَا يجوس الرَّجُلِ الْأَخْبَارِ أَيُّ يَطْلُبُهَا وَكَذَلِكَ الاجتياس.

(٨) أَيُّ مقدرها.

٢٠٠