فتح الأبواب

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

فتح الأبواب

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


المحقق: حامد الخفّاف
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

الباب الخامس

في بعض ما رويته عن حجة الله جل جلاله على

بريته في عدوله عن نفسه لما استشير مع عصمته ـ

إلى الأمر بالاستخارة وهو حجة الله على من كلف

الاقتداء بإمامته

أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ الْعَالِمُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي جِيدٍ (١) عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى

__________________

(١) فِي « د » : ابْنِ أَبِي جُنَيْدٍ ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، صِحَّتِهِ مَا فِي الْمَتْنِ ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَيِّدٌ ، يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ ، مِنْ مَشَايِخِ النَّجَاشِيِّ وَالشَّيْخُ ، رَوَى عَنْهُ النَّجَاشِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُخْتَارٌ.

انْظُرْ « رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ٤٠ ، جَامِعُ الرُّوَاةِ ١ : ٥٥٤ ، تنقيح الْمَقَالَ ٢ : ٢٦٧ ، النابس فِي الْقَرْنِ الْخَامِسُ : ١١٧ ».

١٤١

أَبِي الْحَسَنِ ـ يَعْنِي الرِّضَا عليه‌السلام فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْخُرُوجِ فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ إِلَى مِصْرٍ فَقَالَ لِيَ (١) ائْتِ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَخِرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَمَرَّةً فَانْظُرْ مَا يَقْضِي اللهُ (٢).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله هذا لفظ الحديث المذكور أفلا ترى مولانا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام لما استشاره علي بن أسباط فيما أشار إليه عدل عن مشورته مع عصمته وطهارة إشارته وكان أقصى نصيحته لمن استشاره أنه أشار عليه بالاستخارة فمن يقدم بعد مولانا الرضا عليه‌السلام أن يعتقد أن رأيه لنفسه أو مشاورة غير المعصوم أرجح من مشورته صلوات الله عليه أو يعدل عن مشاورة الله جل جلاله إلى غيره ويخالف مولانا الرضا عليه‌السلام فيما أشار إليه.

ويزيدك كشفا مَا رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي كِتَابِ الْأَدْعِيَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَيْبَةَ فَهِمْتُ مَا اسْتَأْمَرْتَ (٣) فِيهِ مِنْ أَمْرِ (٤) ضَيْعَتِكَ (٥) الَّتِي تَعَرَّضَ لَكَ السُّلْطَانُ فِيهَا فَاسْتَخِرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ فَإِنِ احْلَوْلَى (٦) بِقَلْبِكَ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ

__________________

(١) لَيْسَ فِي « مَ ».

(٢) رُوِيَ نَحْوَهُ فِي الْكَافِي ٣ : ٤٧١ / ٤ ، وَالتَّهْذِيبِ ٣ : ١٨٠ / ٣ ، وَقُرْبِ الْإِسْنَادِ : ١٦٤ ، وَتَفْسِيرِ الْقُمِّيِّ ٢ : ٢٨٢ ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ : ٣٢١ ، وَذِكْرَى الشِّيعَةِ : ٢٥١ ، وَأَخْرَجَهُ الْكَفْعَمِيُّ فِي الْمِصْبَاحِ : ٣٩١ وَالْبَلَدِ الْأَمِينِ : ١٥٩ ، وَالْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارِ ٩١ : ٢٦٤ / ١٧ ، وَالنُّورِيِّ فِي مُسْتَدْرَكِ الْوَسَائِلِ ١ : ٤٥٠ / ١٠.

(٣) الِاسْتِئْمَارِ : الْمُشَاوَرَةِ. « لِسَانِ الْعَرَبِ ـ أَمَرَ ـ ٤ : ٣٠ ».

(٤) أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْوَسَائِلِ.

(٥) الضَّيْعَةِ بِالْفَتْحِ فالسكون : الْعَقَارِ وَالْأَرْضِ المغلة. « مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ـ ضَيَّعَ ـ ٤ : ٣٦٧ ».

(٦) مِنْ الْحَلَاوَةِ.

١٤٢

بَيْعُهَا فَبِعْهَا وَاسْتَبْدِلْ غَيْرَهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَلَا تَتَكَلَّمْ بَيْنَ أَضْعَافِ الِاسْتِخَارَةِ حَتَّى تُتِمَّ الْمِائَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ (١).

ويزيدك بيانا مَا أَخْبَرَنِي بِهِ شَيْخِيَ الْعَالِمُ الْفَقِيهُ (٢) مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ الْعَالِمُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ عَنِ الشَّيْخِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ الْقُمِّيِّ عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ فِيمَا صَنَّفَهُ مِنْ كِتَابِ رَسَائِلِ الْأَئِمَّةِ صلوات الله عليه فِيمَا يَخْتَصُّ بِمَوْلَانَا الْجَوَادِ صلوات الله عليه فَقَالَ وَمِنْ كِتَابٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ (٣) :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ بَنَاتِكَ وَأَنَّكَ لَا تَجِدُ أَحَداً مِثْلَكَ فَلَا تَفَكَّرْ فِي ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله قَالَ إِذَا جَاءَكُمْ (٤) مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ وَ ( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ ) (٥).

وَفَهِمْتُ مَا اسْتَأْمَرْتَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ ضَيْعَتَيْكَ اللَّتَيْنِ تَعَرَّضَ لَكَ السُّلْطَانُ

__________________

(١) ذِكْرَى الشِّيعَةِ : ٢٥٢ ، وَأَخْرَجَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارِ ٩١ : ٢٦٤ ، وَالْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي الْوَسَائِلِ ٥ :

٢١٥ / ٧.

(٢) لَيْسَ فِي « د ».

(٣) رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ فِي الْكَافِي ٥ : ٣٤٧ / ٢ أَيْضاً ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ : كَتَبَ عَلِيُّ بْنِ أَسْبَاطٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ... وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ « تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٍ ».

(٤) فِي « د » : جَاءَ أَحَدُكُمْ.

(٥) الْأَنْفَالِ ٨ : ٧٣.

١٤٣

فِيهِمَا فَاسْتَخِرِ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ فَإِنِ احْلَوْلَى فِي قَلْبِكَ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ فَبِعْهُمَا وَاسْتَبْدِلْ غَيْرَهُمَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَلْتَكُنِ الِاسْتِخَارَةُ بَعْدَ صَلَاتِكَ رَكْعَتَيْنِ وَلَا تُكَلِّمْ أَحَداً بَيْنَ أَضْعَافِ الِاسْتِخَارَةِ حَتَّى تُتِمَّ مِائَةَ مَرَّةٍ (١).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى فهذا جواب مولانا الجواد عليه‌السلام وقد تقدم جواب مولانا الرضا عليه‌السلام (٢) لما استشارهما وفوض إليهما كيف عدلا عن مشورتهما مع ما هما عليه من التأييد والمزيد فيه (٣) إلى المشورة عليه بالاستخارة وهذا قولهما صلوات الله عليهما حجة على كل من عرفه من مكلف به قريب وبعيد ـ ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) (٤).

ولو لا أن الاستخارة من أشرف الأبواب إلى معرفة صواب الأسباب ما كانا عليهما‌السلام قد عدلا عن مشورتهما وهما من نواب (٥) مالك يوم الحساب إلى الاستخارة والمستخار (٦) والمستشار مؤتمن ولو كان مستشيره بعيدا من الصواب فمن ذا يقدم على مخالفة قولهما أو يعدل عنه ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) (٧) (٨) ويدلك (٩) جواب مولانا

__________________

(١) أخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٦٤ / ١٨ ، والحرّ العامليّ في الوسائل ٥ : ٢١٥ / ٨.

(٢) تقدم في ص ١٤٢.

(٣) فيه : ليس في « ش ».

(٤) ق ٥٠ : ٣٧.

(٥) في « د » : أبواب.

(٦) ليس في « د » و « ش ».

(٧) آل عمران ٣ : ٨٥.

(٨) في « م » زيادة : وسيأتي ما نقوله في تأويل الجمع بين الأخبار بيان ترجيح العمل باستخارة الرقاع مكشوف لأهل الاختيار.

(٩) في « د » و « ش » : ويدلّ.

١٤٤

الرضا وكتاب مولانا الجواد عليه‌السلام أن المستشير لهما كان عندهما مرضي الأعمال والاعتقاد لمشورة (١) مولانا الرضا عليه‌السلام باستخارة مائة مرة ومرة وهي أبلغ الاستخارات ولأنها لا يعرفها المخالفون لنا ولا تروى إلا من طريق الشيعة دون غيرهم من أهل الاعتقادات ولأجل ما تضمنه جواب مولانا الجواد صلوات الله عليه فيما كتب إليه أن بناته لا يجد لهن مثله لعله أراد في اعتقاده وقوله عليه‌السلام له يرحمك الله (٢) وهو دعاء شفيق عليه كونه يتألم إليه عليه‌السلام من سلطان ذلك الزمان وكل ذلك يشهد أنه كان في المشورة عليه في مقام اختصاص وعزة مكان.

__________________

(١) في « د » و « م » : لمشورتهما.

(٢) قد يستفاد من هذه العبارة رجوع عليّ بن أسباط إلى الحق بعد أن كان فطحيا في زمن الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهو ما ذهب إليه السيّد الخوئي حيث قال : نعم قد يؤيد رجوعه إلى الحق بترحم الإمام الجواد عليه في صحيحة عليّ بن مهزيار الحاكي كتاب عليّ بن اسباط إلى الجواد عليه‌السلام يسأله فيه عن أمر بناته وجوابه عليه‌السلام ، انظر « معجم رجال الحديث ١١ : ٢٦٢ ».

١٤٥
١٤٦

الباب السادس

في بعض ما رويته من عمل حجة الله جل جلاله

المعصوم في خاص نفسه بالاستخارة أو أمره

بذلك من طريق الخاصة والجمهور وقسمه بالله

جل جلاله أنه سبحانه يخير لمن استخاره مطلقا في

سائر الأمور

أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ (١) أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ الشَّيْخِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي جِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ (٢) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ

__________________

(١) لَيْسَ فِي « مَ ».

(٢) فِي « مَ » ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْفَتَّاحُ ، وَمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ « ش » وَ « د » هُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، ابْنِ أَبِي الصُّهْبَانِ ، قُمِّيٍّ ثِقَةُ ، عَدَّهُ الشَّيْخُ فِي رِجَالِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَوَادِ وَالْهَادِي ـ

١٤٧

الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ مَا أُبَالِي إِذَا اسْتَخَرْتُ اللهَ عَلَى أَيِّ طَرَفَيَ (١) وَقَعْتُ وَكَانَ أَبِي يُعَلِّمُنِي الِاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمَنِي السُّوَرَ (٢) مِنَ الْقُرْآنِ (٣) ..

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى ورأيت بعد هذا الحديث المذكور في الأصل الذي رويته منه وهو أصل عتيق مأثور دعاء وما أعلم هل هو متصل بالحديث وأنه منه أو هو زيادة عليه وخارج عنه وها هو على لفظه ومعناه :

اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَعِينُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ إِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا خَيْراً لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي وَعَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَقَدِّرْهُ وَيَسِّرْهُ لِي (٤) وَإِنْ كَانَ شَرّاً فَاصْرِفْهُ عَنِّي بِرَحْمَتِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَ ( أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) (٥).

أقول (٦) : وَوَجَدْتُ فِي أَصْلِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ مَا هَذَا لَفْظُهُ رِبْعِيٌّ عَنِ الْفُضَيْلِ (٧) قَالَ :

__________________

ـ وَالْعَسْكَرِيُّ عليهم‌السلام :

انْظُرْ « رِجَالٍ الطُّوسِيُّ : ٤٠٧ / ٢٥ وَ ٤٢٣ / ١٧ وَ ٤٣٥ / ٥ ، جَامِعُ الرُّوَاةِ ٢ : ١٣٥ ، مَجْمَعِ الرِّجَالِ ٥ : ٢٥١ ، نَقَدَ الرِّجَالِ ٣١٣ / ٤٥٦ ».

(١) فِي « د » وَ « مَ » : طَرِيقِ ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، صَوَابَهُ مِنْ « ش ».

(٢) فِي « د » : السُّورَةِ.

(٣) هَامِشِ مِصْبَاحُ الْكَفْعَمِيُّ : ٣٩٥ ، وَأَخْرَجَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارِ ٩١ : ٢٢٣ ، وَالْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي الْوَسَائِلِ ٥ : ٢١٨ / ٩.

(٤) فِي « مَ » : نُسْخَةٍ بَدَلَ « وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ».

(٥) أَخْرَجَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارِ ٩١ : ٢٦٤.

(٦) فِي « د » وَ « ش » : وَأَنَا أَقُولُ.

(٧) فِي « د » وَ « ش » : رُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ ، وَفِي « مَ » وَالْبِحَارِ وَالْوَسَائِلِ : رِبْعِيٍّ عَنْ الْمُفَضَّلِ ، وَفِي كُلِّهَا تَصْحِيفٌ ، وَالصَّوَابِ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْمَتْنِ ، وَهُوَ رِبْعِيٍّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ـ

١٤٨

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ مَا اسْتَخَارَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ إِلاَّ خَارَ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي مَا يَكْرَهُ (١).

وأما روايتي للاستخارة على العموم من طريق الجمهور فَهُوَ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ النَّجَّارِ (٢) الْمُحَدِّثُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَنْصِرِيَّةِ فِيمَا أَجَازَهُ لِي بِبَغْدَادَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ مِنْ سَائِرِ مَا يَرْوِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍ (٣) لِسَمَاعِهِ بَعْضَهُ مِنْ أَبِيهِ وَتَالِيَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَبْهَانَ الْغَنَوِيِّ الرَّقِّيِ (٤) كِلَاهُمَا عَنِ الْحُمَيْدِيِ.

__________________

ـ الْهُذَلِيِّ ، أَبُو نُعَيْمٍ ، بَصَرِي ثِقَةُ ، لَهُ كِتَابِ ، صَحِبَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ وَأَكْثَرَ الْأَخْذِ عَنْهُ وَكَانَ خصيصا بِهِ ، رَوَى عَنْ الْإِمَامَيْنِ الصَّادِقِ وَالْكَاظِمِ عليهم‌السلام ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ وَالْأَسْوَدَ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ ، فَالظَّاهِرُ أَنْ الْفُضَيْلِ الْوَارِدِ فِي الْمَتْنِ هُوَ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ النَّهْدِيِّ أَبُو الْقَاسِمِ ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، عَدَّهُ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي رِسَالَتِهِ الْعَدَدِيَّةِ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْأَعْلَامِ الَّذِينَ لَا يَطْعُنُ عَلَيْهِمْ.

انْظُرْ « رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ : ١١٩ ، رِجَالٍ الطُّوسِيُّ : ١٩٤ / ٣٩ ، رِجَالٍ الْبَرْقِيُّ : ٤٠ ، رِجَالٍ الْكَشِّيُّ : ٣٦٢ ، معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ ١٣ : ٣٣٥ ».

(١) أَخْرَجَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارِ ٩١ : ٢٢٤ / ٤ ، وَالْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي الْوَسَائِلِ ٥ : ٢١٨ / ١٠.

(٢) فِي « مَ » : مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْبُخَارِيِّ ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، صِحَّتِهِ مَا فِي الْمَتْنِ ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ مَحَاسِنِ ، الْحَافِظِ الْكَبِيرِ مُحِبٌّ الدِّينِ ابْنِ النَّجَّارِ الْبَغْدَادِيِّ ، صَاحِبُ ذَيْلِ تأريخ بَغْدَادَ ، وُلِدَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةً ٥٧٨ وَتُوُفِّيَ فِي خَامِسٌ شَعْبَانَ سَنَةً ٦٤٣.

انْظُرْ « تَذْكِرَةُ الْحِفَاظِ : ١٤٢٨ ، الْعِبَرِ ٥ : ١٨٠ ، الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةِ ١٣ : ١٦٩ ، الْوَافِي بالوفيات ٥ : ٩ ، مِرْآةٌ الْجِنَانِ ٤ : ١١١ ، شذرات الذَّهَبِ ٥ : ٢٢٦ ».

(٣) عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، أَبُو أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورِ الْأَمِينِ ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ سَكِينَةٍ ، وُلِدَ لَيْلَةٍ الْعَاشِرِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةً ٥١٩ ه‍ ، وَتُوُفِّيَ لَيْلَةٍ الْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةً ٦٠٧ ه‍.

انْظُرْ « الْعِبَرِ ٥ : ٢٣ ، التكملة لوفيات النُّقْلَةُ ٢ : ٢٠١ ، ذَيْلِ تأريخ بَغْدَادَ ١ : ٣٥٤ ».

(٤) إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَبْهَانَ الرَّقِّيِّ ، أَبُو إِسْحَاقَ الْغَنَوِيِّ ، الصُّوفِيِّ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيُّ ، كَانَ ذَا سَمَّتِ وَوَقَارٍ وَعِبَادَةِ ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةً ٥٤٣ ه‍ عَنْ ٨٥ سَنَةً.

انْظُرْ « شذرات الذَّهَبِ ٤ : ١٣٥ ، الْعِبَرِ ٢ : ٤٦٥ ».

١٤٩

( قَالَ الْحُمَيْدِيُ : )(١) فِي مُسْنَدِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لْيَقُلْ اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ (٢) بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَ ( أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي (٣) ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ (٤) وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدِرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ (٥).

يقول علي بن موسى مؤلف هذا الكتاب ورأينا أيضا من طريق الجمهور ما هذا لفظه :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ فِي الِاسْتِخَارَةِ اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَتَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ اللهُمَّ إِنَّ عِلْمَكَ بِمَا يَكُونُ كَعِلْمِكَ بِمَا كَانَ اللهُمَّ إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ لِي فِيهِ خَيْرٌ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْعَاجِلِ وَالْآجِلِ فَيَسِّرْهُ وَسَهِّلْهُ وَوَفِّقْنِي لَهُ وَوَفِّقْهُ لِي وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَامْنَعْنِي مِنْهُ

__________________

(١) لَيْسَ فِي « مَ ».

(٢) فِي « د » : وَأَسْتَعِينُكَ.

(٣) لَيْسَ فِي « ش ».

(٤) لَيْسَ فِي « ش » وَ « مَ ».

(٥) رَوَاهُ الْبُخَارِيِّ فِي صحيحه ٢ : ٧٠ وَ ٨ : ١٠١ وَ ٩ : ١٤٥ ، وَالطَّبْرِسِيُّ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ : ٢٢٣ ، وَأَخْرَجَهُ الْمَجْلِسِيُّ فِي الْبِحَارُ ٩١ : ٢٦٥.

١٥٠

كَيْفَ شِئْتَ ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ وَمَرَّةً اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِرَحْمَتِكَ خِيَرَةً (١) فِي عَافِيَةٍ وَيَكْتُبُ سِتَّ رِقَاعٍ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ افْعَلْ عَلَى اسْمِ اللهِ وَعَوْنِهِ وَفِي ثَلَاثٍ مِنْهَا خِيَرَةٌ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا تَفْعَلْ وَالْخِيَرَةُ فِيمَا يَقْضِي اللهُ وَيَكُونُ تَحْتَ السَّجَّادَةِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ مَدَدْتَ يَدَكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَأَخَذْتَ وَاحِدَةً مِنْهَا فَمَا خَرَجَ فِيهِ فَاعْمَلْ عَلَى الْأَكْثَرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَهُوَ حَسْبِي (٢).

هذا آخر ما روي عن ابن مسعود (٣).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس مؤلف هذا الكتاب أيده الله تعالى واعلم أنني وقفت على تصنيف لبعض المخالفين الزهاد أيضا الذي يقتدون به في الأسباب يتضمن هذا حديث الاستخارة ويذكر فيه الرقاع الست وأنا أذكره بألفاظه وهذا المصنف اسمه محمود بن أبي سعيد بن طاهر السجزي (٤) واسم الكتاب الذي وجدت فيه من تصنيفه كتاب الأربعين في الأدعية المأثورة عن سيد المرسلين في الحديث الثاني منه وحدثني من أسكن إليه أن هذا المصنف زاهد كثير التصنيف عند أصحاب أبي حنيفة معتمد عليه فقال ما هذا لفظه :

__________________

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) أخرجه المجلسي في البحار ٩١ : ٢٢٧ / ٣ ، وورد في كتاب المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني ١١ : ١٦٤ / ٢٠٢١٠ ما لفظه : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنّ ابن مسعود كان يقول في الاستخارة : اللهمّ اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك ، اسألك من فضلك العظيم ، فانك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علاّم الغيوب ، إن كان هذا الأمر خيرا لي في دنياي ، وخيرا لي في معيشتي ، وخيرا لي في عاقبة أمري فيسره لي ، ثمّ بارك لي فيه ، وإن كان غير ذلك خيرا لي فاقدر لي الخير حيث كان ، وأرضني به يا رحمان.

(٣) من قوله : يقول عليّ بن موسى مؤلف هذا الكتاب ، إلى هنا سقط من نسخة « ش ».

(٤) في « م » : السخيري ، ولم أعثر على ترجمته في ما استقصيته من كتب الرجال.

١٥١

قَالَ رضي‌الله‌عنه : أَخْبَرَنِي الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْكَبِيرُ الْأُسْتَادُ رُكْنُ الدِّينِ هَذَا تَغَمَّدَهُ اللهُ بِغُفْرَانِهِ وَأَسْكَنَهُ أَعْلَى جِنَانِهِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ بَقِيَّةُ الْمَشَايِخِ أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ الصُّوفِيُ (١) فِي شُهُورِ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ جَمَالُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الدَّاوُدِيُ (٢) قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِفُوشَنْجَ (٣) وَأَنَا أَسْمَعُ فِي شُهُورِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ وَكُنْتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْنَ خَمْسِ سِنِينَ فَحَمَلَنِي (٤) وَالِدِي عِيسَى السِّجْزِيُّ عَلَى عُنُقِهِ كُلَّ يَوْمٍ يَكُونُ سَمَاعُ الْحَدِيثِ سَبْعَةَ فَرَاسِخَ وَيَذْهَبُ بِي إِلَى جَمَالِ الْإِسْلَامِ لِلسَّمَاعِ (٥) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ

__________________

(١) أَبُو الْوَقْتِ عَبْدِ الْأَوَّلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيِّ ، كَانَ مُكْثِراً مِنْ الْحَدِيثَ ، عالي الْإِسْنَادِ ، وَطَالَتْ مُدَّتُهُ ، وَأُلْحِقَ الْأَصَاغِرَ بالأكابر ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةً ٥٥٢ ه‍ ، وَقِيلَ : ٥٥٣ ه‍.

انْظُرْ « شذرات الذَّهَبِ ٤ : ١٦٦ ، الْكُنَى وَالْأَلْقَابِ ١ : ٦٥ ».

(٢) فِي « د » : الزاوودي ، تَصْحِيفٌ ، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الداودي الْبُوشَنْجِيِّ ، الْإِمَامِ أَبُو الْحَسَنِ ، شَيْخٌ خُرَاسَانَ عِلْماً وَسَنَداً ، رَوَى الْكَثِيرِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدُ بْنِ حَمَّوَيْهِ ، وَرَوَى عَنْهُ الصَّحِيحِ للبخاري أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيِّ ، وُلِدَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةً ٣٧٤ ه‍ وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةً ٤٦٧ ه‍.

« تَارِيخِ نَيْشَابُورَ : ٤٨٣ / ١٠٢٤ ، شذرات الذَّهَبِ ٣ : ٣٢٧ ».

(٣) فِي « مَ » : بقوسنج ، وَفِي « ش » : هُوَ سَنَحَ ، وَكِلَاهُمَا تَصْحِيفٌ صَوَابَهُ مَا أَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَتْنِ ، وَفوشنج : بِالضَّمِّ ثُمَّ السُّكُونِ وَشَيْنٌ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةً ، وَنُونٍ سَاكِنَةٌ ثُمَّ جيم ، وَيُقَالُ : بِالْبَاءِ فِي أَوَّلِهَا ، وَالْعَجَمِ يَقُولُونَ : بوشنك ، بالكاف : وَهِيَ بليدة بَيْنَهَا وَبَيْنَ هراة عَشْرَةَ فَرَاسِخَ فِي وَادٍ كَثِيرٍ الشَّجَرِ وَالْفَوَاكِهِ ، وَأَكْثَرَ خَيْرَاتِ مَدِينَةٍ هراة مجلوبة مِنْهَا ، خَرَجَ مِنْهَا طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ « معجم الْبُلْدَانِ ٤ : ٢٨٠ ».

(٤) كَذَا فِي النُّسَخِ ، وَالظَّاهِرُ أَنْ الصَّوَابِ : يُحَمِّلُنِي.

(٥) لَيْسَ فِي « ش » ، وَفِي « د » : قَالَ : أَخَذْنَا الشَّيْخُ إِلَى السَّمَاعِ.

١٥٢

حَمَّوَيْهِ الْحَمَوِيُّ السَّرَخْسِيُ (١) قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطَرٍ الْفِرَبْرِيُ (٢) قَالَ أَخْبَرَنَا إِمَامُ الدُّنْيَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (٣) قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ (٤) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ (٥) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (٦) رضي‌الله‌عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ (٧) ، كَمَا

__________________

(١) فِي « مَ » : السرسخي ، وَفِي « ش » : السرخشي ، وَفِي « د » : السريجي ، وَكُلِّهَا تَصْحِيفٌ ، صَوَابَهُ مَا أَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَتْنِ ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدِ السَّرَخْسِيُّ ، عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَيْهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَعْيَنَ ، الْمُحْدِثُ ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةً ٣٨١ ه‍ وَلَهُ ثَمَانَ وَثَمَانُونَ سَنَةً. « شذرات الذَّهَبِ ٣ : ١٠٠ ».

(٢) فِي « مَ » القريري ، وَفِي « د » العرري ، تَصْحِيفٌ صَوَابَهُ مِنْ « ش » ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مَطَرٍ بْنِ صَالِحِ بْنِ بِشْرٍ الفربري ، أَوْثَقَ مِنْ رَوَى « صَحِيحٌ الْبُخَارِيِّ » عَنْ مُصَنِّفُهُ ، نِسْبَتِهِ إِلَى فربر مِنْ بِلَادِ بُخَارَى ، وُلِدَ سَنَةً ٢٣١ ه‍ وَتُوُفِّيَ فِي ثَالِثٌ شَوَّالٍ سَنَةً ٣٢٠ ه‍.

انْظُرْ « الْعِبَرِ ٢ : ١٨٣ ، وفيات الْأَعْيَانِ ٤ : ٢٩٠ ، معجم الْبُلْدَانِ ٣ : ٧٦٧ ، الْوَافِي بالوفيات ٥ : ٢٤٥ ».

(٣) قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفٍ الثَّقَفِيِّ ، أَبُو رَجَاءِ البغلاني ، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونٍ الْمُعْجَمَةِ ، رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيِّ ، تُوُفِّيَ سَنَةً ٢٤٠ ه‍.

« تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ٨ : ٣٥٨ ، تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ ٢ : ١٢٣ ، شذرات الذَّهَبِ ٢ : ٩٤ ».

(٤) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الموال ، وَاسْمُهُ زَيْدٍ ، قَالَ ابْنِ حَجَرٍ : رَوَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثاً فِي الِاسْتِخَارَةِ ، مَاتَ سَنَةً ١٧٣ ه‍.

انْظُرْ « تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ٦ : ٢٨٢ ، تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ ١ : ٥٠٠ ».

(٥) مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الهدير ـ بالتصغير ـ التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ ، رَوَى عَنْ جَابِرٍ ، وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، مَاتَ سَنَةً ١٣٠ ه‍ أَوْ بَعْدَهَا.

« تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ٩ : ٤٧٣ ، تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ ٢ : ٢١٠ ، شذرات الذَّهَبِ ١ : ١٧٧ ».

(٦) جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٌ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنَمٍ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ السُّلَمِيِّ ، مُفْتِي الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِهِ ، عُمَرَ دَهْراً وَشاخ وَأَضَرَّ ، عَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِينَ سَنَةً ، تُوُفِّيَ فِي سَنَةً ٧٨ ه‍.

انْظُرْ « رِجَالٍ الطُّوسِيُّ : ١٢ / ٢ ، تَذْكِرَةُ الْحِفَاظِ ١ : ٤٤ ، الْإِصَابَةُ ١ : ٢١٣ ، الِاسْتِيعَابِ ١ : ٢٢١ ».

(٧) فِي « مَ » زِيَادَةٌ : كُلِّهَا.

١٥٣

يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لْيَقُلْ اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَ ( أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدِرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ (١).

قال رضي‌الله‌عنه : وقال بعض المشايخ رحمهم‌الله أنه لما صلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء يقطع بعد ذلك كاغذة ست رقاع يكتب في ثلاث منها افعل وفي ثلاث منها لا تفعل ثم يخلط بعضها ببعض ويجعلها في كمه (٢) ثم يخرج ثلاثا منها واحدا بعد أخرى فإن وجد فيها كلها افعل أقدم على ذلك الأمر طيب القلب وإن وجد في اثنتين منها افعل وفي واحدة لا تفعل فلا بأس بالإقدام على ذلك الأمر لكنه دون الأول وإن وجد في كلها لا تفعل لا تفعل فليحذر عن الإقدام على ذلك الأمر وإن وجد في اثنتين منها لا تفعل فالحذر أولى فللأكثر حكم الكل (٣).

قال رضي‌الله‌عنه : وهذا إنما يحتاج إليه في الأمور الخفية التي هي

__________________

(١) روي الحديث في : صحيح البخاريّ ٢ : ٧٠ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٤٥ / ٤٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤٠ / ١٣٨٣ ، مسند أحمد ٣ : ٣٤٤ ، سنن البيهقيّ ٥ : ٢٤٩ ، كنز العمّال ٧ : ٨١٣ / ٢١٥٣٠ ، فتح الباري ١١ : ١٥٥ ، إرشاد الساري ٢ : ٣٣٢ ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٢٧ / ٤.

(٢) الكمّ ، بالضم : ردن القميص. « النهاية ـ كمم ـ ٤ : ٢٠٠ ».

(٣) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٨٨.

١٥٤

مترددة بين المصلحة والمضرة كالنكاح والشركة والسفر ونحوها فأما ما ظهرت مصلحته بالدلائل القطعية كالفرائض من الصلاة والزكاة فإنه لا يسأل إن كان هذا الأمر مصلحة فكذا وإن كان غير ذلك فكذا ولو سأل وكتب فإنه لا يحترز عنها وإن خرج الكل لا تفعل وهذا لا يكون حجة له لأنه لا عبرة للدلالة والإشارة مع التصريح بخلافها وكان الواجب عليه طلب التوفيق لا سؤال أنه هل هو خير أم لا فإن خيرته معلومة وما ظهرت مضرته كالمناهي فلا يقدم عليها وإن خرج الكل افعل لأنه مأمور بالاحتراز عنها صريحا فكان الواجب عليه الاحتراز عنها لا طلب المصلحة فيها.

ومن الدعوات التي وردت في الاستخارة قَوْلِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهُمَّ خِرْ لِي وَاخْتَرْ لِي.

وبلغني عن بعض العلماء في كيفية الاستخارة أنه قال تكتب ثلاث رقاع في كل رقعة ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خيرة من الله العزيز الحكيم افعل وفي ثلاث ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) خيرة من الله العزيز الحكيم لا تفعل وتضع الرقاع تحت السجادة ثم تصلي ركعتين في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة الإخلاص ثلاثا ثم تسلم (١) وتقول اللهم إني أستخيرك بعلمك إلى آخره ثم تسجد وتقول مائة مرة أستخير الله العظيم ثم ترفع رأسك (٢) وتخرج من الرقاع خمسة وتترك واحدة فإن كان في ثلاث افعل فاقصده فالصلاح فيه وإن كان في ثلاث لا تفعل فأمسك فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالى (٣).

__________________

(١) في « ش » و « د » : وتسلّم.

(٢) في « د » و « ش » و « م » : ثم يرفع رأسه ، وما أثبتناه من بحار الأنوار.

(٣) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٢٨ ، من قوله رضوان الله عليه : ومن الدعوات التي وردت في الاستخارة ...

١٥٥

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ رحمه‌الله بِسَمَرْقَنْدَ (١) فِي دَعَوَاتِه :ِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَفَأَّلَ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاقْرَأْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثَلَاثاً ثُمَّ قُلْ اللهُمَّ إِنِّي (٢) تَفَأَّلْتُ بِكِتَابِكَ وَتَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ فَأَرِنِي مِنْ كِتَابِكَ مَا هُوَ الْمَكْتُومُ مِنْ سِرِّكَ الْمَكْنُونِ فِي غَيْبِكَ ثُمَّ افْتَحِ الْجَامِعَ (٣) وَخُذِ الْفَالَ مِنَ الْخَطِّ الْأَوَّلِ فِي الْجَانِبِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعُدَّ الْأَوْرَاقَ وَالْخُطُوطَ كَذَا أَوْرَدَ مُسْنَداً إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

وَفِي فِرْدَوْسِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ عليه‌السلام قَالَ يَا أَنَسُ إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنَّ الْخِيَرَةَ فِيهِ (٥) يَعْنِي افْعَلْ ذَلِكَ.

وَفِي وَصَايَا النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَا عَلِيُّ إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ ثُمَّ ارْضَ مَا يُخَيِّرُ لَكَ تَسْعَدْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (٦).

__________________

(١) سمرقند : بفتح أوله وثانيه ، ويقال لها بالعربية سمران : بلد معروف مشهور ، قيل : إنّه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر ، وهو قصبة الصّغد مبنية على جنوبي وادي الصّغد مرتفعة عليه. « معجم البلدان ٣ : ٢٤٦ ».

(٢) ليس في « ش » والبحار.

(٣) أي القرآن التام الجامع لكلّ السّور والآيات.

(٤) نقله العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٤١ / ١ والشيخ النوريّ في مستدرك الوسائل ١ : ٣٠١ / ٤.

(٥) فردوس الأخبار ٥ : ٣٦٥ / ٨٤٥١ ، كنز العمّال ٧ : ٨١٦ / ٢١٥٣٩ عن كتاب عمل اليوم والليلة لابن السني ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٦٥ / ١٩ ، وفي هامش الفردوس : إسناد الحديث في زهر الفردوس ٤ : ٣٣٤ : قال ابن السني حدّثنا ابن قتيبة العسقلاني حدّثنا عبيد الله بن المؤمل الحميري ، حدّثنا إبراهيم بن البراء حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده أنس مرفوعا.

(٦) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٦٥ ذيل ح ١٩.

١٥٦

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما‌السلام قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما‌السلام إِذَا هَمَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ شِرًى أَوْ بَيْعٍ تَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلِاسْتِخَارَةِ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِسُورَةِ الرَّحْمَنِ وَسُورَةِ الْحَشْرِ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَخَارَ مِائَتَيْ مَرَّةٍ ثُمَّ قَالَ اللهُمَّ إِنِّي قَدْ هَمَمْتُ بِأَمْرٍ قَدْ عَلِمْتَهُ (١) فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي رَبِّ اعْزِمْ لِي عَلَى رُشْدٍ وَإِنْ كَرِهَتْ أَوْ أَحَبَّتْ ذَلِكَ نَفْسِي ـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) مَا شَاءَ اللهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ حَسْبِيَ اللهُ ( وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ثُمَّ يَمْضِي وَيَعْزِمُ (٢).

قال رضي‌الله‌عنه : ومعنى استخارته عند الهم بالحج والعمرة وإن كانا من جملة العبادات والله أعلم لأنه ربما يرغب الشيطان الإنسان في أداء شيء من النوافل ومقصوده أن يحرمه عند اشتغاله به من بعض الفرائض ويمنعه عما هو أهم له منه وللشيطان تسويلات وتعذيرات فاستخار الله تعالى ليرشده إلى ما هو الأهم ويوفقه لما هو الأصلح له وبالله الثقة وعليه التكلان.

قال رضي‌الله‌عنه : وبلغني عن بعض العلماء قال من أراد أمرا فلا يشاور فيه أحدا حتى يشاور الله فيه بأن يستخير الله أولا ثم يشاور فيه فإنه إذا بدأ بالله عز وجل أجرى له الخيرة على لسان من شاء من الخلق ثم ليصل ركعتين بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ثم ليحمد الله تعالى وليثن عليه وليصل على النبي وآله عليه‌السلام ويقول اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره لي وإن كان غير ذلك

__________________

(١) في مكارم الأخلاق زيادة : فإن كنت تعلم أنّه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي.

(٢) رواه الطبرسيّ في مكارم الأخلاق : ٣٢٢ باختلاف يسير ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٥٩.

١٥٧

فاصرفه عني فإذا فعل هكذا استجاب الله دعاءه (١).

وقال رضي‌الله‌عنه ورأيت أيضا أنه يقول في آخر ركعة من صلاة الليل وهو ساجد مائة مرة أستخير الله برحمته وقيل بل يستخيره في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويتم المائة والواحدة ويقول اللهم يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين صل على محمد وآله وخر لي في كذا.

وقل أيضا : لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم رب بحرمة محمد وآله صل على محمد وآله وخر لي في كذا في الدنيا والآخرة خيرة في عافية (٢).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى هذا آخر لفظ المخالف المذكور وإذا كان وجوه هذه الاستخارات بالرقاع وما ذكره (٣) وذكرنا من الدعوات فقد صار ذلك إجماعا ممن رواه من أصحابنا وممن رواه من علماء المخالفين أفما يظهر للمنصف من العارفين أن هذه الاستخارة من جملة الطرق إلى مشورة (٤) رب العالمين وتعليق العامل لها ما يعمله بها على تدبير مالك يوم الدين وظفره بالسلامة من الندامة في الدنيا ويوم القيامة وما زال أهل الاحتياط من الأصحاب (٥) المنصفين إذا اتفق في مسألة لهم روايتهم ورواية غيرهم من علماء المسلمين

__________________

(١) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٦٥ ذيل ح ١٩.

(٢) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٩١ : ٢٦٦.

(٣) في « ش » و « د » : وما ذكروه.

(٤) في « ش » : معرفة.

(٥) في « د » و « ش » : أصحابنا.

١٥٨

أن يجعلوا ذلك حجة واضحة ودلالة راجحة على صحة المسألة المذكورة ويصير العمل بها كأنه معلوم من دين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كالضرورة.

وَيَقُولُ أَيْضاً عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّاوُسِ وَمِمَّا رَوَيْتُهُ بِإِسْنَادِي إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ فِيمَا رَوَاهُ وَأَسْنَدَهُ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ عَمَّا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ فِي كِتَابِ تَسْمِيَةِ الْمَشَايِخِ مِنَ الْجُزْءِ السَّادِسِ مِنْهُ فِي بَابِ إِدْرِيسَ قَالَ :

حَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنَ شِهَابٍ الْحَارِثِيُ (١) قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ (٢) (٣) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا نَتَعَلَّمُ الِاسْتِخَارَةَ كَمَا نَتَعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ (٤) (٥).

وَمِمَّا رَأَيْتُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمُجَلَّدَةِ الَّتِي فِيهَا جُزْءٌ (٦) مِنْ كِتَابِ تَسْمِيَةِ

__________________

(١) فِي « ش » : الْحَاوِي ، وَلَمْ أعثر عَلَى تَرْجَمَتِهِ فِي مَا استقصيته مِنْ كُتُبِ الرِّجَالِ.

(٢) إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَحْضِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه‌السلام ، يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ ، عَدَّهُ الشَّيْخُ فِي رِجَالِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الصَّادِقِ عليه‌السلام ، شَهِدَ فَخّاً مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ الْعَابِدِ صَاحِبُ فَخٍّ ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنِ انْهَزَمَ هُوَ حَتَّى دَخَلَ الْمَغْرِبِ ، فَدَعَا أَهْلِهَا إِلَى الدِّينِ فَأَجَابُوهُ ، وَملكوه سَنَةً ١٧٢ ه‍ ، فَاغْتَمَّ الرَّشِيدِ لِذَلِكَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنِ جَرِيرٍ الرَّقِّيِّ مُتَكَلِّمٍ الزَّيْدِيَّةِ فَسَقَاهُ سَمّاً انْظُرْ « رِجَالٍ الشَّيْخُ ١٥٠ / ١٥٢ ، عُمْدَةِ الطَّالِبُ : ١٥٧ ».

(٣) مَا بَيْنَ القوسين لَيْسَ فِي « مَ » وَوَسَائِلِ الشِّيعَةِ ، وَمَا فِي الْمَتْنِ هُوَ الصَّوَابِ ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الصَّادِقِ عليه‌السلام.

(٤) فِي « ش » وَبِحَارُ الْأَنْوَارِ : كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

(٥) نَقَلَهُ الْعَلاَّمَةُ الْمَجْلِسِيَّ فِي بِحَارُ الْأَنْوَارِ ٩١ : ٢٢٤ ، وَالشَّيْخُ الْحُرِّ فِي وَسَائِلِ الشِّيعَةِ ٥ : ٢٠٦ / ٩

(٦) فِي « د » وَ « ش » : أَجْزَاءٍ.

١٥٩

الْمَشَايِخِ تَصْنِيفِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ الْمَذْكُورِ بِإِسْنَادٍ قَدْ تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ الْمَذْكُورُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ كُنَّا نَتَعَلَّمُ الِاسْتِخَارَةَ كَمَا نَتَعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ مَا أُبَالِي إِذَا اسْتَخَرْتُ اللهَ عَلَى أَيِّ جَنْبَيَّ وَقَعْتُ (١).

يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى ولعل قائلا يقول إن هذا التأكيد في الاستخارة ليس في أكثره ذكر الاستخارة بالرقاع لا في معناه ولا في العبارة.

والجواب عن ذلك أنه قد يمكن أن يكون المعصوم صلوات الله عليه أحال السامع للحديث في الرقاع على ما يعرفه من غير هذين الحديثين ويكون هذا الدعاء مضافا إلى رقاع الاستخارة كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى (٢) قَالَ أَرَادَ بَعْضُ أَوْلِيَائِنَا الْخُرُوجَ لِلتِّجَارَةِ فَقَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى آتِيَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما‌السلام فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَأَسْتَشِيرَهُ فِي أَمْرِي هَذَا وَأَسْأَلَهُ الدُّعَاءَ لِي قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى الْخُرُوجِ لِلتِّجَارَةِ وَإِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أَخْرُجَ حَتَّى أَلْقَاكَ وَأَسْتَشِيرَكَ وَأَسْأَلَكَ الدُّعَاءَ لِي قَالَ فَدَعَا لِي وَقَالَ عليه‌السلام عَلَيْكَ بِصِدْقِ اللِّسَانِ فِي حَدِيثِكَ وَلَا تَكْتُمْ عَيْباً يَكُونُ فِي تِجَارَتِكَ وَلَا تَغْبِنِ الْمُسْتَرْسِلَ (٣) فَإِنَّ غَبْنَهُ رِبًا وَلَا تَرْضَ لِلنَّاسِ إِلاَّ مَا تَرْضَاهُ

__________________

(١) نَقَلَهُ الْعَلاَّمَةُ الْمَجْلِسِيَّ فِي بِحَارُ الْأَنْوَارِ ٩١ : ٢٢٤ ، وَالشَّيْخُ الْحُرِّ فِي وَسَائِلِ الشِّيعَةِ ٥ : ٢٠٧ / ١٠.

(٢) الظَّاهِرُ هُوَ أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارِ الْقُمِّيِّ ، بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ عَنْهُ كَمَا فِي مُسْتَدْرَكِ الْوَسَائِلِ ، عَدَّهُ الشَّيْخُ فِي رِجَالِهِ فِي مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ عليهم‌السلام ، وَقَالَ : رَوَى عَنْهُ التَّلَّعُكْبَرِيِّ ، وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي جِيدٍ الْقُمِّيِّ ، وَسَمِعَ مِنْهُ سَنَةً ٣٥٦ ، وَلَهُ مِنْهُ إِجَازَةِ.

انْظُرْ « رِجَالٍ الشَّيْخُ : ٤٤٤ / ٣٦ ، معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ ٢ : ٣٢٧ / ٩٢٩ ».

(٣) فِي « د » وَ « ش » وَنُسْخَةٍ مِنْ مُسْتَدْرَكِ الْوَسَائِلِ : الْمُشْتَرِي.

١٦٠