الدّرر واللآلئ في فروع العلم الإجمالي

الشيخ علي المروّجي القزويني

الدّرر واللآلئ في فروع العلم الإجمالي

المؤلف:

الشيخ علي المروّجي القزويني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

«أهوى الى السجود» بلفظ الماضي ، ومفاده تحقق الهوي الى السجود ، فيكون موردها الشك في الركوع بعد الوصول الى السجود ، فلا تدل على جريان القاعدة وعدم الاعتناء بالشك في الركوع حال الهوي ولو لم يصل الى السجود. نعم لو كان التعبير «يهوى الى السجود» بلفظ المضارع كان مفاده المعنى المذكور.

ويرد عليه : ان حمل «أهوى الى السجود» على معنى سجد خلاف الظاهر ، كما يظهر ذلك من ملاحظة مادة الهوي ، فانها راجعة الى الحالات الموجودة قبل السجدة. وما ذكره من الفرق بين الهيئتين لا يفيد في المقام ، اذ يمكن أن يكون معنى «أهوى الى السجود» السقوط الى حد ما قبل السجدة ، بخلاف «يهوى» فهو ظاهر فيما اذا يشرع في السقوط اليها.

وبعبارة أخرى : انه لو كان المراد ما اذا وصل الى السجدة لكان المناسب أن يذكر لفظ السجدة ، بأن يقول رجل سجد فلم يدر كما ورد في عدة روايات (١).

«منها» ـ ما رواه حماد بن عثمان. قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أشك وأنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا. فقال : قد ركعت امضه.

والحق في الجواب أن يقال : ان الصحيحة المذكورة الدالة

__________________

(١) الوسائل ، ج ٤ الباب ١٣ من أبواب الركوع الحديث ١ ، ٢ ، ٤ ، ٥ ، ٧.

٨١

فيه مضى وأتم الصلاة وأتى بقضاء كل (١) منها مع سجدتي السهو (٢) والاحوط اعادة الصلاة أيضا ويحتمل وجوب العود (٣) لتدارك التشهد والاتمام وقضاء السجدة فقط مع

______________________________________________________

على عدم كفاية الدخول في مطلق الغير معارضة لما رواه الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أستتم قائما فلا أدري ركعت أم لا. قال : بلى قد ركعت فامض في صلاتك فانما ذلك من الشيطان (١).

قال الشيخ : انما أراد استتم قائما من السجود الى ركعة أخرى ، فيكون الشك في الركوع وقد دخل في حال أخرى فيمضى في صلاته. ولكن لا دليل على هذا التوجيه ، بل الظاهر منه قيام بعد الركوع ، فيستفاد منها كفاية الدخول في الغير المترتب غير الشرعى فتتساقطان بعد التعارض ويبقى العمومات الدالة على كفاية الدخول في مطلق الغير بلا معارض.

وقد ظهر مما ذكرناه ما لو كان المصلى حال القيام.

(١) للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما فلا بد من الاتيان بكليهما كي يخرج عن عهدة التكليف المحرز.

(٢) مرة لوحدة الموجب فلا مقتضى للأكثر.

(٣) قضاء لحق العلم الإجمالي بعد تعارض قاعدة التجاوز في

__________________

(١) الوسائل ، ج ٤ الباب ١٣ من أبواب الركوع الحديث ٣.

٨٢

سجود السهو وعليه أيضا الاحوط الاعادة أيضا (١).

(المسألة العشرون) اذا علم انه ترك سجدة اما من الركعة السابقة أو من هذه الركعة فان كان قبل الدخول في التشهد أو قبل النهوض الى القيام أو في أثناء النهوض قبل الدخول فيه وجب العود اليها لبقاء المحل (٢) ولا شيء

______________________________________________________

السجدة من الركعة السابقة أو التشهد من هذه الركعة للعلم بنقصان أحدهما ومقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بهما ، فلا بد أن يرجع ويأتى بالتشهد ويتم الصلاة بناء على حرمة ابطالها ويقضى السجدة بعدها مع سجدتي السهو لاحتمال الزيادة هذا على مسلك القوم ، واما على المختار من جريان قاعدة الفراغ فلا وجه لقضاء السجدة بعد جريانها في الركعة السابقة فيجرى الاصل في التشهد فلا بد أن يأتى به والاتيان بسجدتى السهو لزيادة القيام.

(١) هذا الاحتياط استحبابى والوجه فيه احتمال زيادة التشهد.

(٢) الامر كما أفاده ، لكن يظهر منه أنه لا يرى الدخول في النهوض معتبرا في جريان القاعدة. وهذا مناقض لما تقدم في مسألة الفرع السابق حيث جزم بجريان القاعدة بعد الشروع في النهوض ، الا أن يكون نظره الى ورود نص خاص في خصوص المقام. فتأمل.

وكيف كان فعلى مسلك غير المشهور يكون الامر كذلك أيضا ،

٨٣

عليه لأنه بالنسبة الى الركعة السابقة شك بعد تجاوز المحل وان كان بعد الدخول في التشهد او في القيام مضى وأتم الصلاة وأتى بقضاء السجدة وسجدتي السهو (١) ويحتمل وجوب العود لتدارك السجدة من هذه الركعة والاتمام وقضاء السجدة مع سجود السهو (٢) والاحوط على التقديرين اعادة الصلاة أيضا.

______________________________________________________

فان مقتضى قاعدة الفراغ صحة الركعة السابقة ومقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالسجدة في هذه الركعة ، فيجب عليه الاتيان بها.

ولقائل أن يقول : انه لو كان في أثناء النهوض صدق عنوان الفراغ من الركعة ، فموضوع قاعدة الفراغ بالنسبة الى هذه الركعة والركعة السابقة على حد سواء فيجرى فيه ما يجري في الفرع الآتي.

(١) بتقريب أن موضوع جريان قاعدة التجاوز محقق بالنسبة الى كليهما ، فتجري القاعدة فيتم الصلاة ويأتي بقضاء السجدة وسجدتي السهو لنقصان السجدة.

(٢) هذا هو المتعين ، اذ المكلف يعلم اجمالا اما يجب عليه قضاء السجدة ان كان الفائت من الركعة السابقة مع الاتيان بسجدتي السهو أو يجب عليه العود لتدارك السجدة ان كانت من هذه الركعة وسجدتي السهو لزيادة القيام أو التشهد ، حيث يعلم أن العلم الإجمالي

٨٤

(المسألة الحادية والعشرون) اذا علم أنه اما ترك جزءا مستحبا كالقنوت مثلا أو جزءا واجبا ، سواء كان ركنا أو غيره من الأجزاء التي لها قضاء كالسجدة والتشهد أو من الاجزاء التي يجب سجود السهو لأجل نقصها صحت صلاته ولا شيء عليه (١). وكذا لو علم أنه اما ترك الجهر أو الاخفات في موضعهما أو بعض الافعال الواجبة المذكورة ، لعدم الاثر لترك الجهر والاخفات ، فيكون الشك بالنسبة الى الطرف الاخر بحكم الشك البدوى.

______________________________________________________

منجز يجب عليه الاتيان بأطرافه فيجب العود والاتيان بالسجدة واتمام الصلاة وقضاء السجدة والاتيان بسجدتي السهو مرتين.

(١) والوجه في الصحة أن جريان قاعدة التجاوز في الجزء الواجب غير معارض لجريانها في الجزء المستحب لعدم ترتب اثر عملى عليه ، اذ على تقدير العلم التفصيلي بفوات الجزء المستحب لا يترتب أثر عملي فضلا عما لو كان طرفا للعلم الإجمالي. ملخص الكلام أنه يشترط في تنجيز العلم كون كلا طرفي العلم حكما الزاميا ، وهذا المناط غير موجود في المقام.

ويرد عليه : ان الملاك في تنجيز العلم الإجمالي هو لزوم المخالفة العلمية من جريان الاصول في أطراف العلم ، بلا فرق بين كون طرفي

٨٥

(الثانية والعشرون) لا اشكال في بطلان الفريضة اذا علم اجمالا انه اما زاد فيها ركنا أو نقص ركنا (١). وأما في

______________________________________________________

العلم حكما الزاميا وغيره. واذن فنقول : ان الجزء اذا كان له أثر شرعي ليصح التعبد به عند الشك فيه تجري قاعدة الفراغ فيه أيضا ، بلا فرق بين الالزامي وغيره ، واذا لم يترتب عليه أثر فلا تجري القاعدة بلا فرق بينهما أيضا ، فالقنوت في المقام له أثر وهو القضاء بعد الركوع كما يستفاد من بعض الاخبار وهو ما رواه محمد بن مسلم وزرارة بن أعين قالا : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال : يقنت بعد الركوع (١) ...

ويستفاد من بعض آخر القضاء بعد الصلاة وهو ما رواه زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل نسى القنوت فذكره وهو في بعض الطريق ، فقال : يستقبل القبلة ثم ليقله (٢) ... فتجرى القاعدة بالنسبة اليه.

ومما ذكرنا ظهر ان التقريب المذكور غير تام بالنسبة الى القاعدة نعم يتم بالنسبة الى البراءة العقلية حيث انها ترفع العقاب ولا عقاب في ترك المستحب فتجرى في الطرف الاخر.

(١) للعلم التفصيلي بالبطلان.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٤ ، الباب ١٨ من أبواب القنوت الحديث ١.

(٢) الوسائل ، ج ٤ الباب ١٦ من أبواب القنوت الحديث ١.

٨٦

النافلة فلا تكون باطلة ، لان زيادة الركن فيها مغتفرة والنقصان مشكوك (١). نعم لو علم أنه اما نقص فيها ركوعا أو سجدتين بطلت (٢).

ولو علم اجمالا أنه اما نقص فيها ركوعا مثلا او سجدة واحدة او ركوعا أو تشهدا او نحو ذلك مما ليس بركن لم يحكم باعادتها ، لان نقصان ما عدا الركن فيها لا اثر له من بطلان أو قضاء أو سجود سهو ، فيكون احتمال نقص الركن كالشك البدوى (٣).

(الثالثة والعشرون) اذا تذكر وهو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية مثلا أنه ترك سجدة من الركعة الاولى وترك أيضا ركوع هذه الركعة جعل السجدة التى أتى بها للركعة الاولى وقام وقرأ وقنت وأتم صلاته ، وكذا لو علم أنه ترك سجدتين من الاولى وهو في السجدة

______________________________________________________

(١) فلا أثر لأحد طرفي العلم الذي هو الميزان في تنجيزه.

(٢) للعلم بالبطلان.

(٣) على ما تقدم في محله ، فلا يترتب على العلم أثر ، فتجري القاعدة بلا معارض.

٨٧

الثانية من الثانية فيجعلهما للأولى ويقوم الى الركعة الثانية ، وان تذكر بين السجدتين سجدة أخرى بقصد الركعة الاولى ويتم (١) ، وهكذا بالنسبة الى سائر الركعات اذا تذكر بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية انه ترك السجدة من السابقة وركوع هذه الركعة ، ولكن الاحوط في جميع هذه الصور اعادة الصلاة بعد الاتمام (٢).

(المسألة الرابعة والعشرون) اذا صلى الظهر والعصر وعلم بعد السلام نقصان احدى الصلاتين ركعة فان كان بعد الاتيان بالمنافى عمدا وسهوا أتى بصلاة واحدة بقصد

______________________________________________________

(١) والسر فيه أنه لا موجب للبطلان ويكون الخطأ في التطبيق ، اذ السجود المأتي به للركعة الثانيه متحد مع السجود المأتى به للركعة الاولى. نعم لو أتى بالسجدة مقيدة بأنها للثانية تبطل لعدم تحقق الامتثال ، اذ لا واقع له. فتأمل.

(٢) لا يخفى أنه على القول بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة تجب لكل زيادة تحقق في مفروض المثال من القيام والقنوت والقراءة والاحتياط المذكور في المقام استحبابى وهو طريق النجاة. ولا يخفى أن ما تعرض في الفرع الثامن يغنى عن التعرض للفرعين المذكورين بعد هذا الفرع فلا وجه للبحث عنهما.

٨٨

ما في الذمة (١) ، وان كان قبل ذلك قام فأضاف الى الثانية ركعة ثم سجد للسهو عن السلام في غير المحل ثم اعاد الاولى ، بل الاحوط أن لا ينوى الاولى بل يصلى اربع ركعات بقصد ما في الذمة ، لاحتمال كون الثانية على فرض كونها تامة محسوبة ظهرا.

(المسألة الخامسة والعشرون) اذا صلى المغرب والعشاء ثم علم بعد السلام من العشاء أنه نقص من احدى الصلاتين ركعة ، فان كان بعد الاتيان بالمنافى عمدا وسهوا وجب عليه اعادتهما ، وان كان قبل ذلك قام فأضاف الى العشاء ركعة ثم يسجد سجدتي السهو ثم يعيد المغرب.

(المسألة السادسة والعشرون) اذا صلى الظهرين وقبل أن يسلم للعصر علم اجمالا أنه اما ترك ركعة من الظهر والتى بيده رابعة العصر او أن ظهره تامة وهذه الركعة ثالثة العصر ، فبالنسبة الى الظهر شك بعد الفراغ ومقتضى القاعدة البناء على كونها تامة وبالنسبة الى العصر شك بين

______________________________________________________

(١) اما الاتيان بها فللعلم ببطلان احدى الصلاتين من غير تعيين وبعد الاتيان بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة يقطع بفراغ ذمته.

٨٩

الثلاث والاربع ومقتضى البناء على الاكثر الحكم بأن ما بيده رابعتها والاتيان بصلاة الاحتياط بعد اتمامها. الا أنه لا يمكن اعمال القاعدتين معا ، لان الظهر ان كانت تامة فلا يكون ما بيده رابعة وان كان ما بيده رابعة فلا يكون الظهر تامة ، فيجب اعادة الصلاتين لعدم الترجيح في اعمال احدى القاعدتين (١) نعم الاحوط الاتيان بركعة أخرى للعصر ثم اعادة الصلاتين لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب

______________________________________________________

وتفصيل هذه المسالة وما بعدها قد مضى في المسألة الثامنة فراجع.

(١) الحق في المقام أن يقال : ان قاعدة الفراغ تجري بالنسبة الى صلاة الظهر فيحكم بكونها تامة ، ولا تعارضها قاعدة البناء على الاكثر لأنها انما تجري فيما احتمل جابرية صلاة الاحتياط ، بأن يحتمل كونها مطابقة للواقع كما عرفت تفصيله سابقا.

وهنا نقطع بعدم كونها جابرة للواقع ، لأنه اما أن يكون الظهر ناقصة فيجب العدول اليها أو العصر ناقصة فيجب الاتيان بركعة متصلة وأما الاتيان بركعة منفصلة فلا أمر به بالوجدان.

فنلخص أنه لا يمكن التمسك بالبناء على الاكثر بعنوان صلاة العصر ، كما أنه لا يجوز له العدول الى الظهر والبناء على الاكثر بعنوان الظهر ، اما لتمامية الظهر فلا وجه للعدول اليها واما لتمامية

٩٠

الامارات (١) وكذا الحال في العشاءين اذا علم انه اما صلى المغرب ركعتين وما بيده رابعة العشاء أو صلاها ثلاث

______________________________________________________

الثانية فلا وجه لصلاة الاحتياط. وكيف كان لا يحتمل مطابقة صلاة الاحتياط للواقع فلا تشمله قاعدة البناء على الاكثر.

(١) ملخص كلامه أنه على القول بكون قاعدة الفراغ من الامارات تكون لوازمها حجة أيضا. وعلى هذا فاذا جرت قاعدة الفراغ بالنسبة الى الظهر تدل على تمامية الظهر بدلالتها المطابقية ، وعلى أن العصر ثلاثة بدلالتها الالتزامية ، فلا يبقى حينئذ موضوع لقاعدة البناء على الاكثر ، لارتفاع موضوعها بسبب قيام الامارة على خلافها.

ويرد عليه : ان ما ذكره لا يتم حتى على تقدير كون قاعدة الفراغ من باب الامارات ، لما قد حققناه في محله بأنه لم يقم دليل على حجية لوازم مطلق الامارات. نعم تثبت بها لوازمها فيما اذا كان الاخبار عن الملزوم اخبارا عن لوازمه أيضا كخبر الواحد والاقرار واخبار ذي اليد ، والمقام ليس من هذا القبيل ، لقصور أدلة الحجية عن اثباتها.

فالنتيجه أن قاعدة الفراغ تجري في الظهر ، وأما العصر فيحكم ببطلانها للشك في عدد ركعاتها ، حيث ان أصل العدم ملغى في باب الشك في عدد الركعات فلا بد من اعادة العصر.

٩١

ركعات وما بيده ثالثة العشاء (١)

(السابعة والعشرون) لو علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات ولكن لم يدر أنه صلى كلا منهما اربع ركعات أو نقص من احداهما ركعة وزاد في الاخرى بنى على أنه صلى كلا منهما اربع ركعات عملا بقاعدة عدم اعتبار الشك بعد السلام ، وكذا اذا علم أنه صلى العشاءين سبع ركعات وشك بعد السلام في أنه صلى المغرب ثلاثة والعشاء اربعة أو نقص من احداهما وزاد في الاخرى فيبنى على صحتهما (٢)

(الثامنة والعشرون) اذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات وقبل السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر اربع ركعات فالتى بيده رابعة العصر أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلم على الثلاث وهذه التى بيده خامسة العصر ، فبالنسبة الى الظهر شك بعد السلام وبالنسبة الى العصر شك بين الاربع والخمس فيحكم بصحة الصلاتين ، اذ لا مانع

______________________________________________________

(١) قد ظهر الحال فيه مما ذكرنا في الظهرين ، فلا وجه للإعادة.

(٢) الوجه فيه كما أفاده الماتن من جريان قاعدة الفراغ في كل منهما.

٩٢

من اجراء القاعدتين فبالنسبة الى الظهر يجرى قاعدة (١) الفراغ والشك بعد السلام فيبنى على أنه سلم على اربع وبالنسبة الى العصر يجرى حكم الشك بين الاربع والخمس فيبنى على الاربع اذا كان بعد (٢) اكمال السجدتين فيتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو ، وكذا الحال في العشاءين اذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلى سبع ركعات وشك في أنه سلم من المغرب على ثلاث فالتى بيده رابعة العشاء او سلم على الاثنتين فالتى بيده خامسة العشاء فانه يحكم بصحة الصلاتين واجراء القاعدتين.

(التاسعة والعشرون) لو انعكس الفرض السابق ـ بأن

______________________________________________________

(١) الظاهر ان الامر كما أفاده ، فان احتمال النقصان للظهر يدفع بقاعدة الفراغ ويحرز بها حصول شرطية الترتيب بين الظهرين والشك في العصر موضوع لقاعدة الشك في الركعات فيبنى على الاربع ويتم ويسجد سجدتي السهو للشك الحادث بلحاظ الدليل الخاص.

(٢) وأما اذا كان الشك قبل اكمال السجدتين ـ كما لو كان حال القيام ـ يهدم قيامه ، فتكون المسألة من مصاديق المسألة السادسة والعشرين فراجع.

٩٣

شك بعد العلم بأنه صلى الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر في أنه صلى الظهر أربع فالتى بيده رابعة العصر أو صلاها خمسا فالتى بيده ثالثة للعصر ـ فبالنسبة الى الظهر شك بعد السلام وبالنسبة الى العصر شك بين الثلاث والاربع ، ولا وجه لأعمال قاعدة الشك بين الثلاث والاربع في العصر لأنه ان صلى الظهر اربعا فعصره أيضا اربع فلا محل لصلاة الاحتياط وان صلى الظهر خمسا فلا وجه للبناء على الاربع في العصر وصلاة الاحتياط ، فمقتضى القاعدة اعادة الصلاتين (١)

نعم لو عدل بالعصر الى الظهر وأتى بركعة أخرى وأتمها يحصل له العلم بتحقق ظهر صحيحة مرددة بين الاولى ان

______________________________________________________

(١) أقول : لا وجه لإعادة الصلاتين ، بل يحكم بصحة صلاة الظهر بمقتضى قاعدة الفراغ. نعم لا بد من اعادة صلاة العصر لعدم امكان اعمال قاعدة البناء على الاكثر بالنسبة اليها ، لما عرفت منا مرارا أنها انما تجري فيما اذا احتمل جابرية صلاة الاحتياط للنقص المحتمل وفي المقام لا يحتمل ذلك ، للقطع بعدم الامر بصلاة الاحتياط ، اما لكون الظهر في الواقع أربعا فما بيده أيضا أربع ، واما لكون الظهر ثلاثا فلا بد من العدول اليها والاتيان بركعة متصلة.

٩٤

كان في الواقع سلم فيها على الاربع وبين الثانية المعدول بها اليها ان كان سلم فيها على الخمس (١) وكذا الحال في العشاءين اذا شك بعد العلم بأنه صلى سبع ركعات قبل السلام من العشاء في أنه سلم في المغرب على الثلث حتى يكون ما بيده رابعة العشاء أو على الاربع حتى يكون ما بيده ثالثتها وهنا أيضا اذا عدل الى المغرب وأتمها يحصل له العلم بتحقق مغرب صحيحة اما الاولى أو الثانية المعدول اليها وكونه شاكا بين الثلاث والاربع مع أن الشك في المغرب

______________________________________________________

(١) وهو كما أفاده ، ولكن ليس العدول هنا الزاميا.

ان قلت : لا وجه للعدول والاتيان بركعة متصلة ، لان الوظيفة في الشك في الركعات الاتيان بالركعة المنفصلة.

قلت : لا مانع من الاتيان بالركعة المتصلة في المقام ، اذ لو عدل في الفرض المذكور الى الظهر وأتى بركعة أخرى فيحصل العلم بصحة الظهر.

وان شئت فقل : ان الاتيان بالركعة المتصلة في صورة الشك بين الثلاث والاربع لا يكون مبطلا للصلاة. نعم لا يكتفى به ظاهرا ، لاحتمال الزيادة. وهذا الاحتمال منتف في فرض حصول العلم بالصحة كما هو المفروض في المقام ، وليس مجال للإتيان بالركعة المنفصلة ، للقطع بعدم كونها جابرة كما ذكرناه آنفا.

٩٥

مبطل لا يضر بالعدول ، لان في هذه الصورة يحصل العلم بصحتها مرددة بين هذه والاولى فلا يكتفى بهذه فقط حتى يقال ان الشك في ركعاتها يضر بصحتها (١)

______________________________________________________

(١) ملخص الاشكال في المقام أنه لا يصح العدول الى المغرب ، لان الشك فيها مبطل.

وأجاب عنه الماتن : ان الشك بما هو شك ليس بمبطل.

وقد أفاد سيدنا الاستاذ في هذا المقام : ان مبطلية الشك من باب الاشتغال لا من ناحية الشك نفسه ، فمع احراز الفراغ بالعدول لا موجب للبطلان.

وربما يرد عليه : أنه خلاف المستفاد من النصوص (١) ، لكن الحق ما أفاده وقد ذكرنا في المسألة الثانية والعشرين من فصل الشك في الركعات ان الشك فيها بما هو ليس مبطلا.

الحق في الجواب أن يقال : انه على تقدير تسليم ان الشك في ركعات المغرب مبطل نقول : ان المقام ليس كذلك ، اذ على تقدير كونها مغربا لا شك في ركعاتها. وبعبارة أخرى : لا يكون الشك في ركعات المغرب كي يكون مبطلا ، وانما الشك في أن ما بيده مغرب صحيحة أو أربع باطلة ، فاذا عدل الى المغرب يعلم بتحققها صحيحة اما صلاته الاولى على تقدير صحتها واما الثانية على تقدير بطلانها.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٥ الباب ٢ من أبواب الخلل الحديث ١ ، ٧ ، ٨.

٩٦

(المسألة الثلاثون) اذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات ولا يدرى انه زاد ركعة في الظهر أو في العصر ، فان كان بعد السلام من العصر وجب عليه اتيان صلاة اربع ركعات بقصد ما في الذمة (١) ، وان كان قبل السلام فبالنسبة الى الظهر يكون من الشك بعد السلام وبالنسبة الى العصر من الشك بين الاربع والخمس ولا يمكن اعمال الحكمين (٢)

______________________________________________________

(١) وذلك للعلم باتيان احدى الصلاتين صحيحة ، فلو أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمة يحصل له اليقين بفراغ ذمته ، ولا مجال للحكم بصحتيهما بقاعدتي الفراغ في كل منهما ، لأنا نعلم اجمالا بفساد احدى الصلاتين ، فالقاعدتان تتساقطتان بالتعارض ، ومقتضى الاستصحاب اعادة الصلاتين. ولكن بعد العلم بصحة احداهما يحصل الفراغ باتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة ولا حاجة الى اعادتهما ولا يعتبر الترتيب بين الصلاتين لكونه شرطا ذكريا ترفع اليد عنه بقاعدة لا تعاد.

(٢) أي لا يمكن اعمال قاعدتين ، وهما قاعدة الفراغ بالنسبة الى الظهر وقاعدة الشك بالنسبة الى العصر ، اذ مقتضى اعمال القاعدتين الحكم بصحة كلتا الصلاتين ، وهو ينافي العلم بزيادة الركعة الموجبة لبطلان احداهما ، فيقع التعارض بين قاعدة الفراغ في الصلاة الاولى مع قاعدة البناء على الاكثر في الصلاة الثانية ويحكم باعادة الصلاتين.

٩٧

لكن لو كان بعد اكمال السجدتين وعدل الى الظهر وأتم الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة اما الاولى او الثانية (١)

(المسألة الحادية والثلاثون) اذا علم أنه صلى

______________________________________________________

والتحقيق أن يقال بجريان قاعدة الفراغ بالنسبة الى الظهر واعادة العصر ، ولا يعارضها قاعدة الشك ، للعلم بعدم مشروعية اتيان ما بيده عصرا اما لزيادة الركعة فيه أو لفقد الترتيب ، فتجري قاعدة الفراغ في الظهر بلا معارض.

(١) أقول : انه وان يحصل له بذلك العلم بفراغ الذمة الا أنه لا يتحتم عليه العدول بل له رفع اليد عما بيده واعادة الصلاتين.

وأورد على المصنف بأن تقييد العدول بما بعد اكمال السجدتين لا وجه له.

وأجاب عنه الايرواني قدس‌سره بأن وجه التقييد اختصاص أخبار البناء على الاكثر بما بعد الاكمال وأما قبله فيدخل في الشكوك المحكومة بالبطلان.

ويمكن أن يجاب عنه : ان مجرد الشك لا يوجب بطلان الصلاة وان المراد بالبطلان عدم جواز الاكتفاء به في مقام الامتثال وهو لا ينافي جواز العدول رجاء ، فاذا عدل الى الظهر وأتم الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بالفراغ.

٩٨

العشاءين ثمان ركعات ولا يدرى أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب اعادتهما ، سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أو قبله (١)

(الثانية والثلاثون) لو أتى بالمغرب ثم نسي الاتيان بها ـ بأن اعتقد عدم الاتيان أو شك فيه فأتى بها ثانيا وتذكر

______________________________________________________

(١) اما وجوب الاعادة اذا كان الشك بعد السلام فلعدم امكان جريان قاعدتي الفراغ كما تقدم في المسألة السابقة ، فيبقى العلم الإجمالي منجزا ، ومقتضاه وجوب اعادتهما. ولا يمكن الاقتصار على الاتيان بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة ، لعدم توافق الصلاتين في عدد الركعات.

وأما وجوبها اذا كان قبل السلام فلمعارضة قاعدة الفراغ مع قاعدة الشك بين الاربع والخمس في العشاء فيبقى العلم الإجمالي بحاله.

هذا غاية ما يقال في توجيه ما أفاده ، ولكنه يمكن أن يجاب عنه بامكان جريان قاعدة الفراغ في المغرب ، ولا يعارضها قاعدة في العشاء ، للعلم بعدم الامر باتمامها اما لفقد الترتيب أو لزيادة الركعة اذا كان ذلك قبل السلام ، ولا مجال للعدول بعد الدخول في ركوع الرابعة ، واما اذ كان ذلك بعد السلام كان ما أفاده تاما للتعارض ، ولا مناص عن اعادة الصلاتين بلا كلام.

٩٩

قبل السلام انه كان آتيا بها ولكن علم بزيادة ركعة اما في الاولى أو الثانية ـ له أن يتم الثانية ويكتفى بها لحصول العلم بالاتيان بها اما اولا أو ثانيا. ولا يضره كونه شاكا في الثانية بين الثلاث والاربع مع أن الشك في ركعات المغرب موجب للبطلان ، لما عرفت سابقا من أن ذلك اذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالاتيان صحيحا (١) وكذا الحال اذا أتى بالصبح ثم نسى وأتى بها ثانيا وعلم بزيادة اما في الاولى او الثانية (٢)

(الثالثه والثلاثون) اذا شك في الركوع وهو قائم وجب

______________________________________________________

(١) ملخص كلامه أنه اذا أتم الثانية يحصل له القطع باتيان المغرب صحيحة. والشك في ركعات المغرب لا يوجب البطلان هنا ، للعلم باتيان المغرب الصحيحة.

أقول : الوجه في جواز اتمامه عدم الشك في ركعات المغرب ، وانما الشك في تعيين المغرب الصحيحة عن غيرها.

ولكن الاتمام ليس واجبا فله أن يرفع اليد عنها والاكتفاء بالاولى لقاعدة الفراغ الجارية فيها ومع جريانها في الاولى لا يبقى مجال للإتيان بالثانية.

(٢) الكلام فيه هو الكلام فيما قبله فلا وجه للإعادة.

١٠٠