الدّرر واللآلئ في فروع العلم الإجمالي

الشيخ علي المروّجي القزويني

الدّرر واللآلئ في فروع العلم الإجمالي

المؤلف:

الشيخ علي المروّجي القزويني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ١٩٨

عليه الاتيان به ، فلو نسى حتى دخل في السجود فهل يجرى عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر عدم الجريان ، لان الشك السابق باق وكان قبل تجاوز المحل (١)

(الرابعة والثلاثون) لو علم نسيان شيء قبل فوات محل المنسى ووجب عليه التدارك فنسى حتى دخل في ركن بعده ثم انقلب علمه بالنسيان شكا يمكن اجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل والحكم بالصحة ان كان ذلك الشىء ركنا والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك ، لكن الاحوط مع الاتمام اعادة الصلاة اذا كان

______________________________________________________

(١) أما وجوب الاتيان بالركوع فلقاعدة الاشتغال على المشهور أو الاستصحاب على المسلك المنصور ، وأما عدم جريان قاعدة التجاوز فيما لو نسي شكه في الركوع ودخل في السجود فلان مبدأ شكه كان شكا في المحل ، وهو المعيار في كون الشك في المحل.

وبعبارة واضحة : ان منتهى شكه وان كان بعد تجاوز المحل ـ وهو حال السجود ـ الا أن مبدأه كان شكا في المحل ، وهو المعيار هنا. ومن هنا علم حكم ما لو شك في السجود قبل أن يدخل في التشهد ثم دخل فيه نسيانا.

١٠١

ركنا والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهد وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود (١)

(الخامسة والثلاثون) اذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما يجب قضاؤه او ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة ثم تبدل اعتقاده بالشك في الاثناء أو بعد الصلاة قبل الاتيان به سقط وجوبه ، وكذا اذا اعتقد بعد السلام نقصان كعة او غيرها ثم زال اعتقاده (٢)

(السادسة والثلاثون) اذا تيقن بعد السلام قبل اتيان المنافي عمدا أو سهوا نقصان الصلاة وشك في أن الناقص ركعة او ركعتان ، فالظاهر انه يجرى عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث فيبنى على الاكثر ويأتى بالقدر المتيقن نقصانه وهو ركعة أخرى ويأتي بصلاة احتياطية. وكذا اذا تيقن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شك في ركعة

______________________________________________________

(١) والحق كما أفاده ، فانه لا مانع من شمول القاعدة للمقام ، وما ذكره هنا من الاحتياط متين على حد الاستحباب.

(٢) لشمول قاعدة التجاوز ، ومجرد حصول العلم بالنقصان لا يضرها بعد زواله. ومنه يظهر الحال فيما اذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثم زال اعتقاده.

١٠٢

أخرى ، وعلى هذا فاذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما.

ويحتمل جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة الى الركعة المشكوكة فيأتى بركعة واحدة من دون الاتيان بصلاة الاحتياط ، وعليه فلا تبطل الصبح والمغرب أيضا بمثل ذلك ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط (١)

(السابعة والثلاثون) لو يتقن بعد السلام قبل اتيان المنافى نقصان ركعة ثم شك في أنه أتى بها أم لا ففى

______________________________________________________

(١) ما ذكره من أنه يجري في المسألة حكم الشك بين الاثنتين والثلاث ... الخ في غاية المتانة ، ولا مانع منه الا توهم أن الشك هنا شك بعد السلام فيجري عليه حكمه. وهو ممنوع ، اذ لا يجري حكم الشك بعد السلام فيما وقع السلام في غير محله ، اذ هو غير مخرج عن الصلاة كما يستفاد ذلك من بعض الروايات ، وهو ما رواه عبيد بن زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في رجل دخل مع الامام في الصلاة وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر أنه فاته ركعة. قال : يعيد ركعة واحدة (١). وغير ذلك من الروايات الواردة في الباب.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٥ الباب ٣ من أبواب الخلل ، الحديث ١.

١٠٣

وجوب الاتيان بها لأصالة عدمه أو جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان والاوجه الثاني واما احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له لان الشك بعد السلام لا يعتنى به اذا تعلق بما في الصلاة وبما قبل السلام وهذا متعلق بما وجب بعد السلام (١)

______________________________________________________

(١) للمسألة صور اربع :

(الاولى) ما لو علم باتيان السلام الموظف باتيانه ففي هذه الصورة تجري قاعدة الفراغ ويحكم بصحة صلاته. ولا يرد علينا ما أورده الماتن «بأن الشك بعد السلام لا يعتنى به اذا تعلق بما في الصلاة وبما قبل السلام وهذا متعلق بما وجب بعد السلام» ، لأنه يرد ما أفاده بالنسبة الى السلام الاول ونحن نجري قاعدة الفراغ بلحاظ السلام الثانى.

(الثانية) أن يعلم بعدم اتيان السلام الثاني ، فشكه في هذه الصورة شك في عدد الركعات في أثناء الصلاة ، فيجري عليه حكمه من البناء على الاكثر ويأتي بركعة منفصلة.

(الثالثة) أن يكون شاكا فيه أيضا ، بأن لا يدري أنه ركع وسلم أو لم يركع ولم يسلم ، بحيث لو كان راكعا لكان قد سلم ولو لم يكن قد سلم لم يكن قد ركع ، ففي هذه الصورة تجري أصالة عدم الاتيان بهما ويأتي بركعة متصلة ويسجد سجدتي السهو لزيادة السلام.

١٠٤

(الثامنة والثلاثون) اذا علم أن ما بيده رابعة ويأتى به بهذا العنوان لكن لا يدرى أنها رابعة واقعية أو رابعة

______________________________________________________

(الرابعة) أن يكون شاكا في كل من الركعة والتسليم شكا مستقلا ، بأن يشك في فعل الركعة الناقصة على تقدير فعل السلام ويشك في السلام على تقدير فعل الركعة الناقصة. ذهب السيد الحكيم «قدس‌سره» في المستمسك الى امكان الرجوع الى حكم الشك في الركعات ، لأنه يمكن أن يثبت كونه في الاثناء بالاستصحاب أو بأصالة عدم السلام.

ويرد عليه نقضا وحلا :

اما النقض فبالشك في السلام في الصورة الثالثة ، لما ذا التزم قدس‌سره بالاتيان بالركعة المتصله هناك دون المقام والحال أنه لا فرق بين المقامين.

وأما الحل فلا بد من الاتيان بالركعة المتصلة هنا أيضا ، لان المفروض أنه مع كونه في الاثناء ووقوع السلام في غير محله وجب عليه الاتيان بركعة متصلة للعلم بالنقصان وقد عرض له الشك في الاتيان بالوظيفة ، فليس شكه شكا ابتدائيا كي يقال بأنه موضوع لحكم الشك في الركعات بل شكه في الاتيان بما وجب عليه من الوظيفة.

وان شئت فقلت : انه بعد العلم بنقصان ركعة من صلاته وجب عليه الاتيان بها متصلة وقد شك في اتيانها ، والاصل عدمه.

١٠٥

بنائية وانه شك سابقا بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث ، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لأنه وان كان عالما بأنها رابعة في الظاهر الا انه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والاربع ، أو لا يجب لأصالة عدم شك سابق والمفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلا؟ وجهان ، والاوجه الاول (١)

(التاسعة والثلاثون) اذا تيقن بعد القيام الى الركعة التالية أنه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهدا ثم شك في أنه هل رجع وتدارك ثم قام أو هذا القيام هو القيام الاول ،

______________________________________________________

(١) وهو المتعين ، فان موضوع الحكم محرز بالفعل وهو كونه شاكا فعلا بين الثلاث والاربع ، والمدار على الحال الفعلي ولا أثر للحال السابق ، فلا بد أن يعمل بمقتضى الشك المذكور ، وهو الاتيان بصلاة الاحتياط. ولا وجه لاحتمال الاتمام بلا احتياط الا توهم جريان أصالة عدم شك سابق ، وهو غير مفيد ، اذ لا تثبت كون الركعة التي بيده رابعة واقعية الا على القول بالاصل المثبت.

مضافا الى أن عدم الشك سابقا لا يستلزم كون ما بيده رابعة واقعية اذ من الممكن أنه لم يشك سابقا لكن مع ذلك تكون صلاته ناقصة نعم يمكن أن يكون عالما بانه ان لم يشك فانه رابع.

١٠٦

فالظاهر وجوب العود الى التدارك لأصالة عدم الاتيان بها بعد تحقق الوجوب. واحتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز المحل لان المفروض انه فعلا شاك وتجاوز عن محل الشك ، لا وجه له لان الشك انما حدث بعد تعلق الوجوب مع كونه في المحل بالنسبة الى النسيان ولم يتحقق التجاوز بالنسبة الى هذا الواجب (١)

(الاربعون) اذا شك بين الثلاث والاربع مثلا فبنى على الاربع ثم أتى بركعة أخرى سهوا فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة أم يجرى عليه حكم الشك بين الاربع والخمس؟ وجهان ، والاوجه الاول (٢)

______________________________________________________

(١) والحق وجوب العود للتدارك ، لأصالة عدم الاتيان بالمشكوك ثم يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد. ولا وجه لجريان قاعدة التجاوز هنا ، للشك في التجاوز عن المحل ، لان القيام الذي هو فيه فعلا ان كان هو القيام الاول فيكون الشك في محله للغوية هذا القيام ، وان كان هو القيام الثاني الذي تحقق بعد الرجوع وتدارك ما فات فيكون الشك بعد تجاوز المحل ، فباستصحاب عدم تحقق القيام الثاني لا يبقى موضوع لقاعدة التجاوز.

(٢) وهو الحق ، لزيادة الركعة بحسب وظيفته الظاهرية ،

١٠٧

(الحادية والاربعون) اذا شك في ركن بعد تجاوز المحل ثم أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية أو لا من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع وجهان والاحوط الاتمام والاعادة (١)

______________________________________________________

فمقتضى الاشتغال هو الاستئناف.

ان قلت : المعيار في باب الشكوك هو الحال الفعلي للمكلف ، وهو في الحال هذه شاك بين الاربع والخمس ، فيجرى عليه حكمه.

قلت : ان ما ذكر يتم فيما تبدل موضوع الشك الاول ، وأما لو كان على حاله والشك الثاني من فروعه كما في المقام حيث انه بعد الشك الاول في أن الركعة التي أتى بها كانت ثالثة أو رابعة حصل له الشك بين الاربع والخمس باتيانه بركعة متصلة ، فالشك الثاني مسبب عن الشك الاول الذي بقي على حاله ، ولا يشمله دليل البناء على الاربع عند الشك بينها وبين الخمس ، لاختصاص أدلتها بالشك الحادث بين الاربع والخمس ، فيكون الشك المذكور من الشكوك غير المنصوصة المحكومة بالبطلان.

وصفوة القول : ان المصلي لا يمكنه أن يعمل على طبق وظيفة الشاك بين الثلاث والاربع ، اذ المفروض أنه تخلف ، وكذلك لا يمكنه العمل على طبق وظيفة الشاك بين الاربع والخمس لما ذكرناه.

(١) أما الاتمام فلعدم جواز ابطال الصلاة ، وأما الاعادة فلقاعدة

١٠٨

(الثانية والاربعون) اذا كان في التشهد فذكر انه نسى الركوع ومع ذلك شك في السجدتين أيضا ففى بطلان الصلاة من حيث انه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتى بالسجدتين فلا محل لتدارك الركوع أو عدمه اما لعدم شمول قاعدة التجاوز في مورد يلزم من اجرائها بطلان الصلاة واما لعدم احراز الدخول في ركن آخر ومجرد الحكم بالمضى لا يثبت الاتيان وجهان والاوجه الثانى (١)

______________________________________________________

الاشتغال. ولكن الحق هو بطلان الصلاة من جهة الزيادة بحسب وظيفته الظاهرية ، فالمتعين هو الاعادة.

(١) بل هو المتعين ، لعدم جريان قاعدة التجاوز في السجدتين ، للعلم التفصيلي بأنه يجب عليه أن يأتي بهما اما لوقوعهما غير مأمور بهما كما اذا وقعا قبل الركوع فان السجدتين قبل الركوع غير مأمور بهما ، وأما لتركهما رأسا فعليه الرجوع والاتيان بالركوع والسجدتين ويتم صلاته بمقتضى الاستصحاب.

أضف الى ذلك ما أفاده الماتن في وجه عدم جريان قاعدة التجاوز بأنه لا تشمل أدلة قاعدة التجاوز في موارد يلزم من اجرائها بطلان الصلاة.

وأما قوله «ان مجرد الحكم بالمضي لا يثبت الاتيان» فهو كما

١٠٩

ويحتمل الفرق بين سبق تذكر النسيان وبين سبق الشك في السجدتين (١) ، والاحوط العود الى التدارك ثم الاتيان بالسجدتين واتمام الصلاة ثم الاعادة بل لا يترك هذا الاحتياط (٢)

(الثالثة والاربعون) اذا شك بين الثلاث والاربع

______________________________________________________

ترى ، اذ الحكم بالمضي يستفاد منه الحكم باتيان المشكوك.

(١) بأن يقال ان سبق تذكر النسيان على الشك في السجدتين يوجب سبق الحكم بالبطلان ، فالشك في السجدتين بعد ذلك لا يوجب ارتفاع الحكم بالبطلان ، بخلاف ما لو سبق الشك فيهما على تذكر النسيان فانه لا يوجب الحكم بالبطلان للشك في الدخول في الركن.

ولكنه يمكن أن يناقش فيه بأنه لا فرق بين سبق النسيان وسبق الشك ، فان كلا منهما يوجب تغيير موضوع الاخر ، فان الحكم بالبطلان في فرض النسيان فيما اذا بقي النسيان حتى سجد ، وأما اذا ارتفع ذلك بجريان قاعدة التجاوز في السجدتين فيرتفع الحكم بالبطلان أيضا. والحاصل ان المعيار في الحكم بالبطلان الدخول في السجدتين ، فمعه يحكم بالبطلان سواء سبق تذكر النسيان أم لا ، وكذا مع عدمه يحكم بالصحة بلا فرق بين سبق أحدهما بالاخر وعدمه.

(٢) قد ظهر مما ذكرناه عدم وجوب الاحتياط.

١١٠

مثلا وعلم أنه على فرض الثلاث ترك ركنا أو ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو لا اشكال في البناء على الاربع وعدم وجوب شيء عليه وهو واضح (١) وكذا اذا علم أنه على فرض الاربع ترك ما يوجب القضاء أو يوجب

______________________________________________________

(١) لا بد أن يفصل بين ما اذا ترك ركنا على فرض الثلاث وبينما اذا ترك ما يوجب القضاء أو سجود السهو ، فعلى الفرض الثاني الحق ما ذهب اليه الماتن ، فانه لا مانع من شمول اطلاق ما دل على البناء على الاكثر للمقام ، ولا يجب عليه القضاء وسجدة السهو بمقتضى جريان قاعدة التجاوز فيهما وعلى الفرض الاول لا يمكن الحكم بصحة الصلاة واعمال قانون الشك ، اذ لا مجال لقاعدة البناء على الاكثر هنا لما عرفت سابقا بانها تجري فيما تصلح صلاة الاحتياط لجابرية نقصان الصلاة وأما فيما لو علم بعدم الحاجة الى صلاة الاحتياط فلا يبقى مورد للبناء على الاكثر. ومقامنا من هذا القبيل ، فانه في مفروض المسألة يعلم بعدم الحاجة الى صلاة الاحتياط اما لبطلان الصلاة على تقدير الثلاث واما لتمامها على تقدير الاربع ، فاذن لا مجال للتمسك بالدليل المذكور في هذا الفرض. وأما البناء على الاقل فلا يجوز لعدم حجيته في الشك في الركعات ، مضافا الى أنه يعلم بعدم جواز الاتيان بركعة متصلة ، اذ الصلاة اما باطلة لنقصان الركن واما تامة فتفسدها زيادة الركعة.

١١١

سجود السهو لعدم احراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء على الاربع (١) واما اذا علم أنه على فرض الاربع ترك ركنا أو غيره مما يوجب بطلان الصلاة فالاقوى بطلان صلاته ، لا لاستلزام البناء على الاربع ذلك لأنه لا يثبت ذلك بل للعلم الإجمالي بنقصان الركعة أو ترك الركن مثلا فلا يمكن البناء على الاربع حينئذ (٢)

______________________________________________________

(١) لما عرفت في محله أن دليل البناء على الاكثر لا يثبت لوازمه العقلية والعادية ، فان غاية ما يستفاد منه هو الاثر الشرعي للركعة المشكوكة ، فتجري قاعدة التجاوز بالنسبة الى ما يوجب القضاء أو سجود السهو ، الا أنه بعد ذلك يحصل العلم بعدم جابرية صلاة الاحتياط ، اذ المصلي يعلم اجمالا ان وظيفته اما فعل الركعة المتصلة أو كانت صلاته تامة بلا حاجة الى صلاة الاحتياط ، فاذا بنى على الاربع يعلم بتوجه تكليف اليه ، وهو اما وجوب الاتيان بالركعة المتصلة أو وجوب القضاء بعد الصلاة ، فلا بد أن يعمل بمقتضاه وهو الاتيان بالركعة المتصلة وقضاء الصلاة بعدها ، لكن العلم الإجمالي ينحل بجريان البراءة عن حرمة الابطال ، اذ يشك في كون ما بيده صحيحا أو باطلا. هذا اذا علم أنه على فرض الاربع ترك ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو.

(٢) الحق ما ذهب اليه الماتن ، الا أن يقال بأنه يرجع الى

١١٢

(الرابعة والاربعون) اذا تذكر بعد القيام انه ترك سجدة من الركعة التى قام عنها ، فان أتى بالجلوس بين السجدتين ثم نسى السجدة الثانية يجوز له الانحناء الى السجود من غير الجلوس (١) ، وان لم يجلس أصلا وجب عليه الجلوس ثم السجود (٢) ، وان جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها وجهان ، الاوجه الاول ولا يضرنيه الخلاف (٣) لكن الاحوط الثانى فيجلس ثم يسجد.

______________________________________________________

أصالة الاقل ويؤتى بركعة متصلة ، اذ في هذا الفرض لا يقطع بفساد صلاته. لكن المبنى فاسد ، اذ الشك في الركعات لا يكون موردا للبناء على الاقل.

(١) لعدم موجب له بل لو أتى به كان زيادة في المكتوبة.

(٢) اذ المفروض انه لم يأت بالجلسة بين السجدتين.

(٣) إذ نية الخلاف انما كانت من باب الخطأ في التطبيق ، فانه وان كان جالسا باعتقاد أنه جلوس عقيب السجدتين الا أنه جلوس بينهما في الواقع ، فانه نوى بجلوسه امتثال ما له من الامر واقعا ، وقد زعم ان أمره الواقعي هو الامر بجلوس الاستراحة والحال أن أمره كان بالجلوس بين السجدتين ، وهذا لا اشكال في كفايته عن

١١٣

(الخامسة والاربعون) اذا علم بعد القيام او الدخول في التشهد نسيان احدى السجدتين وشك في الاخرى فهل يجب عليه اتيانهما لأنه اذا رجع الى تدارك المعلوم يعود

______________________________________________________

الواقع.

وأورد عليه السيد الحكيم «قدس‌سره» في المستمسك : ان جلسة الاستراحة بناء على كونها مستحبة لا تكون من أجزاء الصلاة بل تكون فعلا مستحبا في الصلاة مباينة لأجزائها ، نظير سجدة الشكر المباينة لسجود الصلاة ، فعنوانها يكون عنوانا تقييديا يقابل عنوان الصلاة الملحوظ في أجزائها كذلك ، فيمتنع الاكتفاء بها عنها ، اذ لا بد في الاجزاء الصلاتية من الاتيان بها بعنوان الصلاة وهو ينافي غيرها ـ انتهى كلامه.

ولكنك عرفت مما ذكرنا ما في كلامه «قدس‌سره» ، فان عنوان جلسة الاستراحة ليس ملحوظا بنحو التقييد بل انه من باب الخطأ في التطبيق. وان شئت فقل كما في بعض الكلمات : ان عنوان جلسة الاستراحة لم يثبت له عنوان في الادلة بل الثابت فيها هو الجلوس بعد السجدتين وقارا للصلاة ، فمع الاتيان بها بقصد القربة فقد حصل المأمور به وتخيل كونه هو الجلوس الثانى يكون خطأ في التطبيق ، واما الاحتياط المذكور في كلامه فلا وجه له صناعيا. نعم هو حسن على كل حال.

١١٤

محل المشكوك أيضا أو يجرى بالنسبة الى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟ وجهان ، اوجههما الاول (١) والاحوط اعادة الصلاة أيضا.

(السادسة والاربعون) اذا شك بين الثلاث والاربع مثلا وبعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم أنها كانت اربعا ثم عاد شكه فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب وهو الشك أولا لسقوط التكليف عنه حين العلم والشك بعده شك بعد الفراغ؟ وجهان والاحوط الاول (٢)

______________________________________________________

(١) لا وجه لجريان قاعدة التجاوز هنا ، اذ القيام أو التشهد وقعا في غير محلهما ، فيكون الشك بالنسبة الى السجدة شكا في المحل ، فلا بد من اتيانها. وأما الاحتياط المذكور في كلامه فلعله لاحتمال زيادة السجدة ، وهى لا توجب الاعادة. وعليه فلا وجه للاحتياط المذكور في كلامه ، وقد مر في المسألة السابعة عشرة ما يفيد المقام. فراجع.

(٢) هنا احتمالات :

(الاول) أن لا تجب عليه صلاة الاحتياط ، لان الشك المذكور من الشك بعد الفراغ ، وبعد جريان القاعدة يزول موضوع صلاة الاحتياط.

وفيه : ان قاعدة الفراغ انما تجري فيما اذا لم يكن شاكا حين

١١٥

(السابعة والاربعون) اذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاولى ففي البناء على اتيانها من حيث انه شك بعد تجاوز المحل او الحكم بالبطلان لأوله الى الشك بين الواحدة

______________________________________________________

العمل ولم تكن صورة العمل محفوظة ، فعليه لا يمكن جريانها في مثل المقام ، لكونه شاكا حين العمل كما هو المفروض في المسألة.

(الثانى) أن تجب صلاة الاحتياط عليه بمقتضى أدلة البناء على الاكثر لا من باب أن شكه هذا عين الشك الاول ، ضرورة أن الشك الاول ارتفع بحدوث العلم وهذا شك حادث ، بل من جهة أن الشك المأخوذ في موضوع الادلة يشمل العائد بعد الزوال أيضا. وبعبارة أخرى : دليل البناء باطلاقه يشمل المقام اذ المصلى لم يفرغ من الصلاة بل هو في اثنائها بحكم الاستصحاب فيشمله دليل البناء.

(الثالث) ان تبطل صلاته بطر والشك فيها لعدم شمول القاعدتين ـ الفراغ والبناء على الاكثر ـ وفيه انه يتوقف على عدم امكان تصحيحها.

(الرابع) أن يأتي بالركعة المتصلة باستصحاب النقيصة. وفيه ان السلام اما يكون مخرجا واما لا يكون اما على الاول فلا وجه للإتيان بالركعة المتصله واما على الثاني فانه من الشك في الركعات في الاثناء ولا مجال للاستصحاب فيه كما عرفت سابقا.

١١٦

والاثنتين وجهان ، والاوجه الاول (١) وعلى هذا فلو فرض الشك بين الاثنتين والثلاث بعد اكمال السجدتين مع الشك في ركوع الركعة التي بيده وفي السجدتين من السابقة لا يرجع الى الشك بين الواحدة والاثنتين حتى تبطل الصلاة بل هو من الشك بين الاثنتين والثلاث بعد الاكمال. نعم لو علم بتركهما مع الشك المذكور يرجع الى الشك بين الواحدة والاثنتين لأنه عالم حينئذ باحتساب ركعتيه بركعة.

(الثامنة والاربعون) لا يجرى حكم كثير الشك في صورة العلم الإجمالي ، فلو علم ترك أحد الشيئين اجمالا من غير تعيين يجب عليه مراعاته وان كان شاكا بالنسبة الى كل منهما ، كما لو علم حال القيام أنه اما ترك التشهد او السجدة ، أو علم اجمالا أنه اما ترك الركوع او القراءة

______________________________________________________

(١) لجريان قاعدة التجاوز فيها ، لأنه بفعل القيام والسجود تجاوز عن محل المشكوك بطرفيه.

هذا على مسلك القوم وأما على ما سلكناه فتجري قاعدة الفراغ بالنسبة الى الركعة الاولى وتجري قاعدة التجاوز بالنسبة الى ركوع هذه الركعة ، للنص الخاص الدال على جريانها في موارد خاصة من الصلاة. وملخص الكلام أنه لا اشكال في صدق عنوان الركعتين ، وقد ظهر من ذلك حكم ما بعده.

١١٧

وهكذا ، أو علم بعد الدخول في الركوع انه اما ترك سجدة واحدة أو تشهدا ، فيعمل في كل واحد من هذه الفروض حكم العلم الإجمالي المتعلق به كما في غير كثير الشك (١)

(التاسعة والاربعون) لو اعتقد أنه قرأ السورة مثلا وشك في قراءته الحمد فبنى على أنه قرأه لتجاوز محله ثم بعد الدخول في القنوت تذكر أنه لم يقرأ السورة ، فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضا ، لان شكه الفعلى وان كان بعد تجاوز المحل بالنسبة الى الحمد الا أنه هو الشك الاول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل وحكمه الاعتناء به والعود الى الاتيان بما شك فيه (٢)

______________________________________________________

(١) اذ العمل في الفروض المذكورة ليس للشك يشمله قوله : «لا شك كثير الشك» ، بل هو لا بد أن يعمل بمقتضى العلم الإجمالي. وان شئت فقل : ان الادلة الدالة على عدم الحكم لشك كثير الشك لا تشمل أطراف العلم الإجمالي ، كما أن أدلة الاصول لا تشملها والمانع من الشمول في كلا الموردين أمر واحد.

(٢) الامر كما أفاده ، فان شكه الفعلي هو الشك الحادث قبل التجاوز في الواقع ، لان اعتقاده قراءة السورة لا يوافق الواقع فلم يدخل في الغير.

١١٨

(الخمسون) اذا علم أنه اما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالاحوط قضاء السجدة وسجدتا السهو ثم اعادة الصلاة ، ولكن لا يبعد جواز الاكتفاء بالقضاء وسجدة السهو عملا بأصالة عدم الاتيان بالسجدة وعدم زيادة الركوع (١)

(الحادية والخمسون) لو علم أنه اما ترك سجدة من الاولى أو زاد سجدة في الثانية وجب عليه قضاء السجدة

______________________________________________________

أضف الى ذلك ان المدار في الغير الذى يتحقق بالدخول فيه عنوان التجاوز هو الغير المترتب الشرعى وهذا القنوت ليس ترتبه شرعيا فالقنوت حيث وقع زائدا في غير محله لا يكون من الغير المترتب والعمدة هو هذا التقريب ، اذ لقائل أن يقول انه يصدق الشك في الحمد بعد الدخول في الغير وبعبارة اخرى لو صدق عنوان التجاوز بالدخول في القنوت لم يكن مانع من الاخذ بالقاعدة.

(١) اقول : ان ما ذكره من قضاء السجدة وسجدتي السهو ثم اعادة الصلاة هو العمل بمقتضى العلم الإجمالي بعد سقوط القاعدة في كل منهما ، وأما ما ذكره من الاكتفاء بقضاء السجدة وسجدتي السهو وعدم لزوم الاعاده فهو من باب تقدم الاصل المصحح على المتمم ، فتجري قاعدة الفراغ في الركوع ولا تعارضه قاعدة التجاوز لإثبات السجدة ، للعلم بعدم امتثال أمرها اما لعدم الاتيان بها أو لبطلان الصلاة بزيادة الركوع.

١١٩

والاتيان بسجدتى السهو مرة واحدة بقصد ما في الذمة من كونها للنقيصة او للزيادة (١)

(الثانية والخمسون) لو علم أنه اما ترك سجدة أو تشهدا وجب الاتيان بقضائهما وسجدة السهو مرة (٢)

(الثالثة والخمسون) اذا شك في أنه صلى المغرب

______________________________________________________

(١) ما ذهب اليه الماتن قدس‌سره مقتضى العلم الإجمالي ، الحق في المقام أن يقال ان ما ذكره يتم على تقدير بقاء العلم الإجمالي وعدم انحلاله ، وأما اذا انحل العلم الإجمالي الى علم تفصيلي وشك بدوي فلا وجه لما ذكر. وفي المقام وجوب سجدة السهو معلوم تفصيلا ، لأنه ان ترك سجدة فعليه القضاء وسجدة السهو والاكثر وان زاد سجدة فعليه سجدة السهو فقط ، فلزوم سجدة السهو معلوم على أي حال ولزوم قضاء السجدة مشكوك ، فيكون المقام من قبيل الاقل والاكثر فتجري أصالة البراءة بالنسبة الى الاكثر.

فلا مجال لان يقال بأن أصالة عدم الاتيان بسجدة الركعة السابقة حاكمة على أصالة البراءة بعد تعارض قاعدة التجاوز بالنسبة الى نقص السجدة من الاولى مع أصالة عدم زيادة السجدة في الثانية. نعم لو لا ابتلاءه بالمعارض كان العلم الإجمالي ـ منحلا.

(٢) الاحتياط المذكور مقتضى العلم الإجمالي ويكون الاتيان بسجدة السهو بقصد ما في الذمة.

١٢٠