موسوعة أخلاق القرآن - ج ٥

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٥

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٢١

والتحريض المحض. وقد فسر السلف «دعوة الحق» بالتوحيد والاخلاص فيه والصدق ، ومرادهم هذا المعنى. فقال علي رضي الله عنه : «دعوة الحق التوحيد» ، وقال ابن عباس رضي الله عنه : «شهادة أن لا اله الا الله».

وقيل الدعاء بالاخلاص ، والدعاء الخالص لا يكون الا لله ، ودعوة الحق دعوة الالهية وحقوقها وتجريدها واخلاصها».

* * *

والصوفية ـ كما ينقل صاحب مدارج السالكين عن الهروي ـ يقسمون التبتل بمعنى التجريد المحض الى ثلاثة أقسام ، أو ثلاث درجات :

الدرجة الاولى : تجريد الانقطاع عن الحظوظ والتطلع الى العالم بالخوف أو الرجاء ، لأن التبتل يجمع أمرين هما : الاتصال والانفصال ، والمراد بالانقطاع انقطاع قلب الانسان عن حظوظ النفس التي تزاحم مراد الرب منه ، فلا يلتفت قلبه الى غير الله ، خوفا منه أو رغبة فيه أو مبالاة به.

ويراد بالاتصال اتصال قلب المتبتل بالله ، واقباله عليه ، واقامة وجهه له بالحب والانابة والتوكل ، وذلك يوجد عن طريق الرضى بحكم الله وقسمته ، مع التسليم لله ، فلا يبقى في قلبه خوف من المخلوقين ، ولا مبالاة بهم في قليل أو كثير.

والدرجة الثانية : درجة الانقطاع عن النفس ، بمخالفة هواها ، وتنسم روح الانس بالله ، والتطلع الى فيض الله ورحمته ، وقد عبر عنها ابن القيم بهذه العبارة :

«الفرق بين هذه الدرجة والتي قبلها : أن الاولى انقطاع عن الخلق ، وهذه انقطاع عن النفس ، وجعله بثلاثة أشياء :

٦١

أولها : مجانبة الهوى ومخالفته ونهي نفسه عنه ، لأن اتباعه يصد عن التبتل.

وثانيها : ـ وهو بعد مخالفة الهوى ـ تنسم روح الانس ، والرّوح للروح كالروح للبدن ، فهو روحها وراحتها ، وانما حصل له هذا الروح لما أعرض عن هواه ، فحينئذ تنسم روح الانس بالله ، ووجد رائحته ، اذ النفس لا بد لها من التعلق. فلما انقطع تعلقها من هواها وجدت روح الانس بالله ، وهبت عليها نسماته ، فريّحتها وأحيتها.

وثالثها : شيم برق الكشف ، وهو مطالعته واستشرافه ، والنظر اليه ، ليعلم به مواقع الغيث ومساقط الرحمة.

وليس مراده بالكشف ههنا : الكشف الجزئي السفلي ، المشترك بين البر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، كالكشف عن مخبآت الناس ومستورهم ، وانما هو الكشف عن ثلاثة أشياء ، هن منتهى كشف الصادقين أرباب البصائر :

أحدها : الكشف عن منازل السير.

والثاني : الكشف عن عيوب النفس ، وآفات الاعمال ومفسداتها.

والثالث : الكشف عن معاني الاسماء والصفات ، وحقائق التوحيد والمعرفة.

وهذه الابواب الثلاثة هي مجامع علوم القوم ، وعليها يحومون ، وحولها يدندنون ، واليها يشمرون ، فمنهم من جلّ كلامه في الآفات والقواطع ، ومنهم من جل كلامه في التوحيد والمعرفة ، وحقائق الاسماء والصفات.

والصادق الذكي يأخذ من كل منهم ما عنده من الحق ، فيستعين به

٦٢

على مطلبه ، ولا يرد ما يجده عنده من الحق لتقصيره في الحق الآخر ، ويهدره به ، فالكمال المطلق لله رب العالمين ، وما من العباد الا له مقام معلوم».

الدرجة الثالثة : درجة التجرد للسبق ، وتصحيح الاستقامة ، بالاعراض عما سوى الله ، ولزوم الاقبال عليه ، والاشتغال بمحابه ، وذلك بأن يشغله طلب الوصول عن كل شيء.

* * *

وقد عبر بعض الصوفية عن فضيلة التبتل بمعنى الانقطاع لله تعبيرات دقيقة عميقة ، منها قول أبي سليمان الداراني : «من أظهر الانقطاع لله ، فقد وجب عليه خلع ما دونه من رقبته».

وقال أبو عبد الله الصبيحي : «لا يقطع عن الشيء ما هو مثله أو دونه ، وانما يقطعك عنه ما هو أتم منه وأعلى».

وقال يحيى بن معاذ : «الفوت أشد من الموت ، لأن الفوت انقطاع عن الحق ، والموت انقطاع عن الخلق».

* * *

وهناك تساؤل آخر : كيف يكون التبتل فضيلة من فضائل الاسلام ، مع أنه جاء في مسند أحمد أن رسول الله عليه الصلاة والسّلام نهى عن التبتل ، وجاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حيث روي عن سعد بن أبي وقاص قوله : رد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن لاختصينا. وجاء في الحديث أيضا : «لا رهبانية ولا تبتل في الاسلام»؟.

والجواب على هذا التساؤل أن التبتل له معنى آخر ، هو ترك الزواج

٦٣

والزهد فيه ، وهو التبتل الذي نهى عنه الاسلام ، وكرهه الرسول عليه الصلاة والسّلام. وهو ما يعمد فيه أهلوه الى الانقطاع عن الزواج ، وعما يتبعه من الملاذ ، والتبتل الذي أراده عثمان بن مظعون هو تحريم النساء والطيب وكل ما يلتذ به ولهذا نزل في شأنه قول الله تعالى :

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ» (١).

والقرآن الكريم يقول :

«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (٢).

وذكر القرطبي أن التبتل المنهي عنه هو الانقطاع عن الناس والجماعات وسلوك سبيل الرهبانية. وذكر ابن حجر ان الذي يكره من التبتل هو الذي يفضي الى التنطع وتحريم ما أحل الله ، وليس التبتل من أصله مكروها.

اللهم هبنا نعمة الالتجاء اليك ، وفضيلة الاقبال عليك.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٨٧.

(٢) سورة الاعراف ، الآية ٣١.

٦٤

التطوع

تقول اللغة : ان التطوع في الاصل هو : تكلف الطاعة ، أو الاتيان بما في الطوع من العمل ، ويستعمل بمعنى النفل أو الزيادة على الواجب ، والطوع هو : الانقياد ، والطاعة مثله ، ولكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر به. والتطوع في الاصل تكلف ، وهو في المتعارف التبرع بما لا يلزم كالتنفل. وفي مادة التطوع معنى الاستجابة ، والسلاسة ، واللين.

وتطوع بالشيء : تبرع به وهو لا يلزمه ، وانما يقال في باب الخير والبر. وطوعت له نفسه كذا : انقادت له ، وسهلت عليه فعل الشيء. وتطوع بكذا : تحمله طوعا.

وتطلق كلمة المتطوعين في العادة على الذين يتبرعون بالجهاد والغزو من تلقاء أنفسهم ، دون أن يدعوهم الامام او السلطان لذلك بالتعيين ، وتكون نفقتهم من بيت المال ، وهذا معنى اصطلاحي.

ويقول القرطبي في تفسير التطوع : «هو ما يأتيه المؤمن من قبل نفسه». ويعرف الرازي التطوع بقوله في تفسيره : «التطوع ما ترغب به من ذات نفسك مما لا يجب عليك». وقد يطلق على التطوع لفظ التبرع ، أو لفظ التنفل.

٦٥

وفي نفوس الاخيار من العباد نزعة طيبة تدعوهم الى الاضافة الى الفرائض بما هو زائد عليها ، فهم لا يكتفون بما فرض الله عليهم ، أو بما ألزمهم به ، بل يضمون الى ذلك مزيدا يزيدون به فضلا من التقرب الى الله وابتغاء مرضاته ، لا على سبيل التزيد في الدين او الابتداع فيه ، أو الاضافة اليه ما ليس منه ، بل يتلمسون في ذلك معالم هداية جاءت في سنة الرسول وعمله ، تهيىء لهم فرصا لهذه الزيادة المباركة المقصود بها التنافس في مجالات الخير والبر : «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».

والناس ثلاثة أقسام : اما غافل مهمل لا يؤدي فرضا ولا نفلا ، وهذا شر العباد. واما متوسط يؤدي الفروض والواجبات ويكتفي بها ويقتصر عليها ، وهذا جدير بالنجاة من العذاب ، واما أنه يؤدي الفرائض ، ويتبعها بالسنن والنوافل وهذا خير الناس وأحقهم بفضل الله سبحانه.

ويظهر التطوع بنوع خاص في الجهاد ، وفي بذل المال ، وفي خدمة الناس بلا أجر ودون مقابل.

ولو تأملنا روح القرآن الكريم لادركنا أن «التطوع» خلق من أخلاق القرآن ، وصفة من صفات أهل الايمان ، وفضيلة من الفضائل التي أرشد اليها هدى الرسول عليه الصلاة والسّلام.

وقد جاءت مادة التطوع في أكثر من موطن من مواطن التنزيل الحكيم ، فالله تبارك وتعالى يقول في سورة البقرة :

«إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ» (١).

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٨.

٦٦

أي من تطوع بالحج أو العمرة فكررهما أو كرر احدهما فزاد على الفرض ، أي تحمله طوعا واختيارا ، وزيادة في الطاعة ، فان الله تعالى يثيبه ويجزيه خيرا ، لأنه شاكر يجزي على الاحسان احسانا ، وهو عليم بمن يستحق الجزاء وهو يثيب المحسنين ولا يضيع أجر العاملين.

ويقول القرآن الكريم في شأن فريضة الصوم في سورة البقرة :

«وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (١).

أي من زاد في الصوم على الايام المعدودات ، وهي شهر رمضان الواجب صومه فهو خير له ، لأن فائدته وثوابه له ، والصيام ـ كما في تفسير المنار ـ خير عظيم ، لما فيه من رياضة الجسد والنفس ، وتربية العزيمة والارادة ، وتغذية الايمان بالتقوى ، وتقويته بمراقبة الله تعالى.

ولقد قال أبو امامة رضي الله عنه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا رسول الله ، مرني بأمر آخذه عنك». فقال النبي : «عليك بالصوم فانه لا مثل له».

ويرى بعض المفسرين أن المعنى : من أراد الاطعام مع قضاء الفائت من الصوم ، أو من زاد على اطعام المدّ لمسكين واحد ، بأن أطعم أكثر من مدّ ، أو أكثر من مسكين فذلك خير له.

ويقول الله تبارك وتعالى في سورة التوبة :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٤.

٦٧

«الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (١).

«المطوعين» : المتطوعين ، والتطوع في العبادة ما زاد على الفريضة ، والذين يلمزون : هم الذين يعيبون المتطوعين بالصدقات ، وقيل الذين يعيبون المتطوعين بالجهاد ، وهم الذين نفروا للجهاد بأموالهم وأنفسهم طاعة لله تعالى ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من غير ان يكون واحد منهم مرغما على ذلك ، ومن غير أن يكون الجهاد مطلوبا منهم من ولي الامر ، والقول الاول أرجح وأوضح.

وقد جاء في سبب النزول للآية ما رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تصدقوا فاني أريد أن أبعث بعثا».

فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ، عندي أربعة آلاف : ألفين أقرضهما ربي وألفين أمسكهما لعيالي.

فقال عليه الصلاة والسّلام : «بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت».

وفي رواية الطبري أنه لما حث الرسول على الصدقة في غزوة تبوك جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقال : يا رسول الله مالي ثمانية آلاف ، جئتك بنصفها وأمسكت نصفها ، فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه : «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت» ، وتصدق يومئذ عاصم

__________________

(١) سورة التوبة الآية ٧٩.

٦٨

ابن عدي بمائة وسق من تمر ، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر. ورواية الثمانية آلاف درهم أصح الروايات وقد قال المنافقون عندئذ : ما أخرج هؤلاء صدقاتهم الا رياء ، وأما أبو عقيل فانما جاء بصاعه ليذكّر بنفسه فنزلت الآية.

* * *

وقد جاء ذكر «التطوع» كثيرا في السنة النبوية المطهرة حيث ذكرت السنة التطوع بصلاة النفل ، والتطوع بالصوم ، والتطوع بالهدي ، والتطوع بحراسة المسلمين ، والتطوع بطعام المسكين.

وقد روى البخاري في صحيحه عن طلحة بن عبيد الله : أن أعرابيا جاء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثائر الرأس فقال : يا رسول الله ، أخبرني ما ذا فرض الله علي من الصلاة.

فقال : الصلوات الخمس الا أن تطوّع شيئا.

قال : أخبرني بما فرض الله علي من الصيام.

قال : شهر رمضان الا أن تطوع شيئا.

قال : أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة.

قال : فأخبره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشرائع الاسلام.

قال : والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أفلح ان صدق ، أو دخل الجنة ان صدق».

ومن هذا الهدي النبوي الرائع ندرك أن الاساس في فضيلة التطوع هو الرغبة القائمة على حب الازدياد من الخير ، فلقد يؤدي الانسان

٦٩

المطلوب منه أو الواجب عليه كأحسن ما يكون الاداء ، ثم لا تكتفي نفسه الخيرة بذلك بل هو يطمح الى ما هو أوسع من المطلوب منه أو المفروض عليه.

وهذه الفضيلة لا تتحقق على وضعها الكريم الاصيل الا عند الاخيار من العباد يرون المتعة كل المتعة في أن يضحوا من أجل غيرهم ، وأن يبذلوا في سبيل سواهم لا تأثرا بغرض ولا خضوعا لمرض وانما هو الخير وحبه من أجل جماله وما من مجتمع تسوده فضيلة التطوع الا ويبلغ قمة الرفعة والسؤدد ، ولو نظرنا الى خوالد الاعمال الكبيرة في حياة الشعوب والامم لوجدناها قد نبتت في الارض الطيبة القائمة على أعمال التطوع والتضحية :

«وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (١).

جمّلني الله واياك بفضيلة التطوع ، واذاقنا حلاوة البذل من اجل الغير ابتغاء وجه الله عزوجل.

__________________

(١) سورة الحشر ، الآية ٩.

٧٠

الاستبشار

تقول اللغة : بشّرته أخبرته بخبر سار بسط بشرة وجهه ، وذلك أن النفس اذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجر ، واستبشر أي وجد ما يبشره من الفرح.

والبشير هو المبشر. وتباشير الوجه ما يبدو من سروره ، وتباشير الصبح ما يبدو من أوائله وتباشير النخل ما يبدو من رطبه. والبشر طلاقة الوجه وبشاشته ، والبشارة الخبر المفرح الذي تظهر معه طلاقة الانسان وفرحه.

والتبشير يكون بالخير في العادة ، وقد يكون بالشر اذا كان مقيدا به. يقال بشره تبشيرا اذا أخبره بخبر يظهر أثره على بشرة وجهه. ويقول الامام القرطبي : التبشير هو الاخبار بما يظهر أثره على البشرة ـ وهي ظاهر الجلد ـ لتغيرها بأول خبر يرد على الانسان ، ثم الغالب أن يستعمل في السرور مقيدا بالخير المبشر به ، وغير مقيد ايضا. ولا يستعمل في الغم والشر الا مقيدا منصوصا على الشر المبشر به كقول الله تعالى :

«فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ».

ومن هنا سميت البشرى بذلك لأنها تؤثر في بشرة الوجه ،

٧١

ولذلك كانت نوعين. بشرى سارة تؤثر فيه نضارة وبهجة ، وبشرى محزنة تؤثر فيه عبوسا ، ولكن اذا أطلقت كانت للسرور ، واذا قيدت كانت بحسب ما تقيد به.

وروح الاستبشار خلق من أخلاق القرآن الكريم وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم وجزء من هدي النبي عليه الصلاة والتسليم. والمؤمن من شأنه أن يكون مبشرا بالخير ، ومبشرا بدعوة الحق ، ومستبشرا بين الناس ، فهو يحاول ما استطاع أن يكون طلق الوجه منبسط الاسارير مذكرا بنواحي التفاؤل والبشر والأمل في هذه الحياة.

ويرى ابن القيم في كتابه «مدارج السالكين» أن هناك فرقا بين الفرح والاستبشار ، هو أن الفرح بالمحبوب يكون بعد حصوله ، والاستبشار يكون به قبل حصوله ، اذا كان الانسان على ثقة من حصوله. ولذلك يقول الله تبارك وتعالى في سورة آل عمران عن الشهداء :

«فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ» (١).

ويرى الامام الهروي أن السرور اسم لاستبشار جامع ، وهو أصفى من الفرح ، لأن الافراح ربما شابتها الاحزان ، وأما الاستبشار فهو كالبشرى ، والبشارة أول خبر صادق سار ، والبشرى يراد بها أمران ، أحدهما بشارة المخبر (بكسر الباء). والثاني سرور المخبر (بفتح الباء). وفي الحديث عن ابي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان البشرى هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.

وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى :

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٧٠.

٧٢

«لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» (١).

بشرى الحياة الدنيا هي عند الموت ، تأتيهم ملائكة الرحمة بالبشرى من الله. وفي الآخرة عند خروج نفس المؤمن ، اذا خرجت يعرجون بها الى الله تزف كما تزف العروس تبشر برضوان الله عزوجل.

وقد جاء في «تفسير المنار» أن الاستبشار لا ينافي الاحساس بالالم ، ولا ينافي الصبر والتثبت ما يكون من حزن الانسان عند نزول المصيبة ، بل ذلك من الرحمة ورقة القلب ، ولو فقد الانسان هذه الرحمة لكان قاسيا ، لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ، وانما الجزع المذموم هو الذي يحمل صاحبه على ترك الاعمال المشروعة لاجل المصيبة ، والاخذ بعادات وأعمال مذمومة ضارة ينهى عنها الشرع ، ويستقبحها العقل ، كما نشاهد من جماهير الناس في المصائب والنوائب.

وقد ورد في الصحيحين أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكى عند ما حضر ولده ابراهيم عليه‌السلام الموت ، وقيل له أليس قد نهيتنا عن ذلك؟ فأخبر انها الرحمة ، وقال : ان العين تدمع ، والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون».

ومن سمو مكانة «الاستبشار» أن الله تبارك وتعالى يخبرنا بأنه الذي يبشر من يستحقون البشرى ليكونوا من أهل الاستبشار ، فيقول سبحانه في سورة التوبة :

«الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ،

__________________

(١) سورة يونس ، الآية ٦٤.

٧٣

يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ»» (١).

وتبشير الله يكون عن طريق كتابه المنزل على لسان نبيه المرسل ، وعلى لسان الملائكة عند الموت. وبرحمة منه : أي برحمة عظيمة خاصة من لدنه سبحانه ، والرضوان : نوع من الرضا التام الكامل الذي لا يشوبه سوء ولا يعقبه سخط ، وكذلك يقول الله تعالى في سورة آل عمران :

«وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» (٢).

جعل الله تعالى وعده للمؤمنين بالنصر تطمئن به قلوبهم ، وكان المؤمنون يوم بدر في قلة وذلة من الضعف والحاجة ، فلم يكن لهم اعتماد الا على الله تعالى ، وما وهبهم من قوة في أبدانهم ونفوسهم ، وما أمرهم به من الثبات والذكر ، اذ قال : «اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون» فبذلوا كل قواهم وامتثلوا أمره ، واستبشروا بوعده ، ولم يكن في نفوسهم استشراف الى شيء غير نصر الله واقامة دينه والذود عن نبيه عليه الصلاة والسّلام ، لا في أول القتال ولا في أثنائه ، فكانت أرواحهم بهذا الايمان وهذا الصفاء قد علت وارتفعت وارتقت ، حتى استعدت لقبول الالهام من أرواح الملائكة ، والتقوى بنوع ما من الاتصال بها.

ويقول الله تعالى في سورة آل عمران :

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٢٠ و ٢١.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٢٦.

٧٤

«وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (١).

أي يسرون بلحوق من لحقهم من اخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله تعالى الذي اعطاهم.

وقال السدي : يؤتى الشهيد بكتاب فيه : يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم اذا قدم.

وقال سعيد بن جبير : لما دخلوا الجنة ، ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت اخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة ، فاذا شهدوا القتال باشروه بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصابنا من الخير ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة وأخبرهم ربهم أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك فذلك قوله : «ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون».

ثم يقول تعالى : «يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين» فهم يطلبون البشرى بالذين لم يلحقوا بهم من اخوانهم ، أي يتوقعون أن يبشرهم مبشر في وقت قريب بقدوم هؤلاء الاخوان عليهم شهداء مقتولين كما قتلوا فيكون لهم الفوز الكبير والاجر العظيم.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٦٩ ، ١٧٠.

٧٥

ويقول تعالى في سورة البقرة :

«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» (١).

يعلم الله عباده في هذه الآية الكريمة ان المؤمنين الموفّقين لرضا الله ورضوانه هم الذين يصبرون على المتاعب ، ويتأدبون بمقاومة الشدائد ، ويتطلعون الى الانوار من خلال الظلمات ، ويغلّبون جانب الرجاء على جانب اليأس. وهؤلاء يبشرهم خالقهم بأن ايمانهم بربهم هو الذي يربي فيهم الثقة والصبر ، ويولّد فيهم الامل ، ويبلغهم مواطن الفوز والظفر ، ويجعلهم أهلا لحسن العاقبة في الامور كلها. ولذلك هم أهل للبشرى الواسعة الشاملة التي لم تحدد بنوع أو جهة.

وقد وصفهم بأن فضيلة الاستبشار تدفعهم الى الرضا والتسليم والخضوع المطلق لله في سائر الاحوال. ولذلك وصفهم بقوله : «الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون». ولذلك كان الجزاء عظيما : «أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».

ويقول الله تبارك وتعالى في سورة الانفال :

«وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» (٢).

وقد سبق لنا الاشارة الى هذه الآية الكريمة ، وفيها يقول ابن جرير : وما جعل الله وعده اياكم ما وعدكم به من امداده اياكم بالملائكة الذين

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٥.

(٢) سورة الانفال ، الآية ١٠.

٧٦

ذكر عددهم الا بشرى لكم يبشركم بها ، وكي تطمئن قلوبكم بوعده الذي وعدكم ، فتسكن اليه ولا تجزع من كثرة عدوكم وقلة عددكم ، وما ظفركم ان ظفرتم بعدوكم الا بعون الله ، لا من قبل مدد الملائكة.

ويرى صاحب «تفسير المنار» أن التقدير : وما جعل الله ذلك القول الذي قاله لكم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو : «ألن يكفيكم أن يمدكم» الا بشرى يفرخ بها روعكم ، وتنبسط بها أسارير وجهكم ، وطمأنينة لقلوبكم.

ويقول الله تعالى في سورة عبس عن أهل النعيم :

«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ، ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ» (١).

وفي هذا النص الكريم يقول الامام محمد عبده : الوجوه المسفرة المضيئة المتهللة الضاحكة المستبشرة التي يظهر عليها الفرح والسرور ، لما تجد من برد اليقين ، بأنها ستوفى ما وعدت به جزاء ايمانها ، وما قدمت من صالح أعمال وشكر آلاء ونعم. تلك وجوه الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

وجاء في كتاب «ظلال القرآن» :

فهذه وجوه مستنيرة متهللة ، ضاحكة مستبشرة ، راجية في ربها ، مطمئنة بما تستشعره من رضاه بها ، فهي تنجو من هول الصاخة المذهل ، تتهلل وتستنير وتضحك وتستبشر ، أو هي قد عرفت مصيرها. وتبين لها مكانها ، فتهللت واستبشرت بعد الهول المذهل.

«وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ ، تَرْهَقُها قَتَرَةٌ ، أُولئِكَ

__________________

(١) سورة عبس ، الآية ٣٨ ، ٣٩.

٧٧

هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ» (١) :

فأما هذه فتعلوها غبرة الحزن والحسرة ، ويغشاها الذل والانقباض ، وقد عرفت ما قدمت ، فاستيقنت ما ينتظرها من جزاء ... أولئك هم الكفرة الفجرة ، الذين لا يؤمنون بالله وبرسالاته ، والذين خرجوا عن حدوده ، وانتهكوا حرماته.

ويقول الله تعالى في سورة يونس :

«أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

ويعلق صاحب «ظلال القرآن» على هذا النص بهذه الكلمات :

«وكيف يخاف أولياء الله أو يحزنون ، والله معهم هكذا في كل شأن ، وفي كل عمل ، وفي كل حركة أو سكون ، وهم أولياء الله ، المؤمنون به ـ والايمان اعتقاد يصدقه العمل ـ المراقبون له في السر والعلن ، بمدلول التقوى؟.

كيف يخافون وكيف يحزنون وهم على اتصال بالله ، لأنهم أولياؤه؟ وعلام يحزنون ومم يخافون ، والبشرى لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟ انه الوعد الحق الذي لا يتبدل ، «لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم».

ان أولياء الله الذين يتحدث عنهم السياق هم المؤمنون حق الايمان ، المتقون حق التقوى. والايمان ما وفر في القلب وصدقه العمل ، والعمل هو تنفيذ ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه. هكذا يجب أن نفهم

__________________

(١) سورة عبس ، الآية ٤٠ ـ ٤٢.

٧٨

معنى الولاية لله ، لا كما يفهمه العوام ، من أنهم المهبولون المخبولون الذين يدعونهم بالاولياء».

* * *

وحديث الاستبشار والبشرى في السنة المطهرة حديث له روعته وبهجته ، وحسبنا أولا أن نتذكر أن مجيء الرسول نفسه كان بشرى من الله. واختار الله لتبليغ البشرى كلمته وروحه ، وعبده ونبيه ورسوله عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسّلام. يقول على لسان عيسى في سورة الصف :

«وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» (١).

ويقول رسولنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا بشارة أخي عيسى».

وعيسى نفسه كان مجيئه أيضا بشارة ، يقول الله عزوجل في سورة آل عمران :

«إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» (٢).

ومن وظيفة الرسول الاساسية أنه «مبشر» يقول القرآن في سورة الاحزاب :

«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

__________________

(١) سورة الصف ، الآية ٦.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ٤٥.

٧٩

بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً» (١).

بل يقول القرآن الكريم في شأن الرسل جميعا في سورة الانعام :

«وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» (٢).

والرسول عليه الصلاة والسّلام كان مثلا أعلى في الاستبشار والتبشير والسير في الحياة بروح التفاؤل والبشرى والدعوة الى التيمن وانتظار الخير ، فيروي البخاري قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» وفي المسند : «أبشروا وبشروا من وراءكم».

ونعرف من سيرة الرسول العشرة المبشرين بالجنة ، وهناك أناس غيرهم بشرهم رسول الله بالجنة أيضا. وفي الحديث : «بشّر المشائين في الظلم الى المساجد بالنور التام». ولقد أبلغ جبريل النبي عليه الصلاة والسّلام أن يبشر زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ، ببيت لها في الجنة من قصب. وفي مسند أحمد : «بشر هذه الامة بالسناء والرفعة» ، وقد روى الترمذي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال عن نفسه : «وأنا مبشرهم اذا أيسوا».

ومما يدل على أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يحب روح الاستبشار ما رواه ابن ماجة من قوله : «اللهم اجعلني من الذين اذا احسنوا استبشروا».

وأرشد الرسول صلوات الله وسلامه عليه الى روح الاستبشار حين قال ـ كما روى مسلم ـ : «فان رأى رؤيا حسنة فليبشر». وعلم

__________________

(١) سورة الاحزاب ، الآية ٤٥ ـ ٤٧.

(٢) سورة الانعام ، الآية ٤٨.

٨٠