كنز الولد

ابراهيم بن الحسين الحامدي

كنز الولد

المؤلف:

ابراهيم بن الحسين الحامدي


المحقق: مصطفى غالب
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٢

يفهمك ، ظهوره بالشيء إقباله عليه ، وغيبته قبضه إليه ، وهو المشير إليه في شعره بقوله «بيانا وإيضاحا» (١).

نحن أدنى البيوت منكم وفينا

من علينا من الغيوب تدلّى

نحن منكم لكم وفي النور نور

عزّ من يستمد منه وجلا

فقد أوضح بقوله «ع. م» (٢) ، نحن منكم لكم ، أي مما ذكرناه. وذكر المتدلي من الغيوب عليهم ، الذي يستمد منه ، أنّه المبدع ، وأنهم حجبه ومقاماته يستمدون منه ، ونوره يتدلى إليهم ، سار جار غير منقطع كما بينا ، متصل بكل مقام من نبي ووصي وإمام ، «ع. م» (٣).

والغلف هي المرآة المشاهدة التي يؤتم بها ، وتتبع وتنطق بالحكمة ، والكيفيات واللميات ، ويخبر بالكائنات ، ويعلم بما وراء الحجب من الأسباب الغيبيات. ولها من الشرف على أجسام الحدود أعظم مما كان به جسم الشخص المنبعث من الماء والطين ، من الأوصاف المتناهية بالشرف والعظمة والجلال ، على أبناء جنسه ، وأعظم من شرف جرم الشمس على سائر الأجرام ، وله من الفضل والحاسة في التشكل بالصور الأعظم من قلوب الأولياء والمتدلي. لا تشاهد الغلف كما ذكرنا روحانيات الشمس ، والمشتري ، والزهرة ، وعطارد ، والقمر ، على مرور الزمان في سائر الأدوار والأكوار ، مجوهرة لها ، مكملة لها ، خاصة لها. فهي كافورية كبريتية ، ريحية ، حسية ، قوى فضلات الحدود البررة ، الأخيار الأطهار ، الملتقية بلطائفها لا يضيع منها شيء البتة. فالغلاف نير مضيء ، جوهري بشري ، إنسي جني ، ملكي علمي ، عقلي طيني روحاني.

__________________

(١) بيانا وإيضاحا : سقطت في ط.

(٢) ع. م : سقطت في ط.

(٣) ع. م سقطت في ط.

٢٠١

ومثل اجتماعه من جميع أجسام الحدود ، وفعل الفاعل له ، مثل صائغ يصوغ الذهب ، ويعمل العلوق (١) الرفيعة ، وكان (٢) يعمل لبعض الملوك ما له من أعمال ، وليس له صنعة إلّا علوق الذهب الرزينة الثمينة ، وهو يرفع فضلاتها ممّا يبرده ويخرشه ، ويحتفظ به ، فلما احتاج إليه الملك لعمل تاج ، أمره أن يظهره ويقدره ؛ فإذا هو كثير ، ثم أخلصه وصفاه ، وأخرج ما فيه من آثارات الكمال ، وسواه وسكّه بعد التعريق (٣) ، وعمله تاجا حشا (٤) فيه من النقوش ، والصور ، والتماثيل ، ما يليق به ممّا رصعه باليواقيت الثمينة ، والدرر المبينة ، بما هو يشاكله ويماثله ؛ فلما أفرغه دفعه إلى الملك الذي هو له ، فنظره وأعجبه ، وصاروا جلساؤه ، وأهل خاصته ، يتعجبون من حسن منظره ، وبهاء صورته ، وكثرة قيمته ، وتمام صنعته ، وصار الملك يتجمل به في المحافل ، ويصونه عن البذلة.

فذلك الغلاف مثاله مثال ذلك فالحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله. وفي ذلك قال مولانا الصادق صلوات الله عليه : كثائفنا لطائف شيعتنا ، ولطائف شيعتنا كثائفنا. وهذه إشارة إلى الناحية الريحية المجتمعة من الجميع فيكون ذلك الجسد اللطيف الشريف ، العالي المنيف ، النير المضيء ، البهي السني. سمع كلها ، بصر كلها ، شم كلها ، نطق كلها ، قد أحرزت اللغات جميعا ، والألحان والصفات. ذكر ذلك مولانا الصادق صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما سئل عن البلاغ ، فقال : البلاغ بلاغان : بلاغ جزئي ، وبلاغ كلي. فأما البلاغ الجزئي فمن درجة إلى درجة ، ومن مرتبة إلى مرتبة ، وأما البلاغ الكلي فهو استكمال المراتب كلها ، والبلاغ إلى

__________________

(١) يريد ما يعلق في العنق من العقود والسلاسل والقلادات والقروط والأحراز والدبابيس.

(٢) وكان : وكما في ج.

(٣) التعريق : التعريك في ج وط.

(٤) حشا : حسنا في ج وط.

٢٠٢

غايتها ، وهو الوصول إلى منتهى المواقيت والأهلة.

فبهذا يصير إماما بعد أن كان مأموما ، يطلع به نور النور ، ويتجلى به الحق عند الظهور. فمتى بلغ المربوب ذلك ، لم يبق عليه بشرية ، ولا يوصف بصورية ، بل تتراءى الصور كلها فيه. وقال في بيان ذلك الداعي أبو التمام ، في أرجوزته المعروفة (١) ، مثل ما جاء عن مولانا الصادق عليه‌السلام شعرا :

يكون في الأول مستجيبا

حتى يصير عالما نجيبا

ثم يصير داعيا ومرشدا

لمن به من حيرة الشك اهتدى

ثم يصير بعده جناحا

قد جعل العلم له مباحا

ثم يصير لاحقا مؤيدا

موفقا في أمره مسددا

ثم يكون بعده إماما

مقدسا مؤيدا تماما

لأنّه يأخذ باللطيف

من حده العالم الكثيف

وقول أصدق القائلين رمزا بما هو الحق المبين : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (٢).

الآية. وقال : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٣). وقال : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤).

وهذا هو السر الخفي الذي لا يكون ظهور علمه إلّا من لسان إلى أذن.

وقال سيدنا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. وهذا الذي لا يخطر ببال من أهل الأقوال والأعمال ، بأن ذلك يكون كذلك. قال تعالى أصدق القائلين :

__________________

(١) أرجوزة الداعي أبو التمام المعروفة بالشجرات وفيها ١٣١ بيتا نظمها في أوائل القرن السابع.

(٢) سورة : ٢٤ / ٥٥.

(٣) سورة : ٢٨ / ٥.

(٤) سورة : ٣٢ / ١٧.

٢٠٣

(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) (١). وقوله تعالى : (آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٢) الآية. فالملك هو الإمامة التي خص بها تعالى إبراهيم وإسماعيل وذريتهما ، ومحمدا وعليّا ، والأئمة صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما ، وحشرنا الله في زمرتهم ورزقنا شفاعتهم «ولا قطعنا» (٣) بمنه وكرمه ، إن شاء الله تعالى.

ونحن فقد بينا حقيقة المعاد ومعناه ، وحقيقة الإمامة والوصاية والنبوة ، واللطائف منها والكثائف ، والحجب منها ، والمحتجب بالحقيقة ؛ منزهين عقائدنا عن الغلو والتقصير. ولم يبق لنا إلّا بيان الحدود من لدن آدم عليه‌السلام إلى القائم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من أوضاع الحدود. وبالله وبوليه نستعين.

__________________

(١) سورة : ٧٦ / ٢٠.

(٢) سورة : ٤ / ٥٣.

(٣) ولا قطعنا : سقطت في ج.

٢٠٤

الباب الحادي عشر

«في القول على الحدود العلوية والسفلية ومعرفتهم الذين

هم أسماء الله الحسنى الذين إذا دعي بهم أجاب خيرته من

خلقه المشار إليهم بتسعة وتسعين ، وبإحدى وخمسين». (١)

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ، ومن توسل بها في دعائه استجيب له. لأنهم المشار إليهم بأنهم لو أقسموا على الله لأبرهم.

قال سيدنا المؤيد أعلى الله قدسه في مناجاته له تعالى (٢) متوسلا بهم ومثبتا بهم التوحيد والتجريد والتنزيه (٣) والتشريف والتكريم (٤) بقوله : اللهم إنّك فرضت على جميع حدودك أن ينزهوك عن سمات المربوبين ، ويقدسوك عن سمات المخلوقين ، أتقرب إليك بهم ، إذ هم (٥) يا رب ، الوسائط بينك وبين خلقك ، وجميع أسمائك الروحانيين النفسانيين وخلفائك الجسمانيين ، ما ظهر منهم وبطن ، ولاح للخلق وعلن ، أن تتم نورك في أوليائك ، إذ قلت وقولك الحق المبين (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٦) المعنيون بفحوى قولك (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ

__________________

(١) سقط عنوان الباب بكامله من ج وط. وجاء مكانه «الكتاب الثاني من كنز الولد».

(٢) المجلس الخامس بعد المائة السادسة. تعالى : سقطت في ط.

(٣) التنزيه : «مجردا منزها معظما» في ط.

(٤) التشريف والتكريم : مشرفا مكرما في ط.

(٥) إذ هم : هو في ط.

(٦) سورة : ٦١ / ٨.

٢٠٥

الصَّالِحُونَ) (١) يا من جرى في تأييده ، ودنا في علوه ، يا من عجزت الأوهام عن نعت أدنى حد من حدوده (٢) ، يا نور الأنوار ، ويا سر الأسرار. وأعظم أسمائه الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار. بحق أرباب أدوار تقدمت فيها الأنبياء والأسباب (٣) ، وأدوار تقدمتهم فيها الحجج والأبواب ، لتمام المشيئة الربانية ، وسطوع الحكمة الإلهية ، بممثول التسعة والتسعين الأيام (٤) المختومة بيوم الأضحى ، المفتتحة بيوم الصيام بممثول سبعين يوما بين العيدين على التحقيق ، متممة بأيام التشريق ، بإحدى وخمسين ركعة في الليلة ويومها (٥) ، المتجلية للنفوس المستيقظة من غفلتها ونومها ، بمضمونها من الحدود ، وما اشتملت عليه من القيام والقعود ، والركوع والسجود ، إلى تمام ركعة بركعتين من قعود ، إليك أتوسل بهم حدا حدا ، وأبرأ من أضدادهم ضدا ضدا ، إلى التفاف الساق بالساق ، وانكشاف الظلمة بتبلج الإصباح والإشراق (٦).

فهذا قوله نضر الله وجهه ورزقنا شفاعته في توسله (٧) بالاسم الأعظم أولا الذي هو الأصل الأول ، وعليه المعول ، المبدع الأول ، المشار إليه بأعظم الأسماء ، الملك القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار. ثم ثنى بالتسعة والتسعين على مراتبها وأعدادها ، وقوله بأرباب أدوار تقدمت فيها الأنبياء والأسباب تدل على أن هذه الأرباب المتقدمة على الأنبياء هم الذين أقاموهم مثل هنيد مقيم آدم ، وهود مقيم لنوح ، ومثل صالح لإبراهيم ، وآد لموسى ، وخزيمة لعيسى ، ومثل أبي طالب لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهذا معناه في أرباب النطقاء ، والأسباب هم الأوصياء والأئمة القائمون مقامهم من

__________________

(١) سورة : ٢١ / ١٠٥.

(٢) حدوده : حده في ج.

(٣) الأسباب : الحدود.

(٤) الأيام : يوما في ج.

(٥) نلاحظ بأن رسائل إخوان الصفاء جعلت من حيث عددها مثلا للركعات في لياليها وأيامها.

(٦) أي بظهور القائم المنتظر صاحب القيامة الكبرى.

(٧) توسله : توصله في ط.

٢٠٦

بعدهم ، وحدودهم بيان ذلك قوله : أرباب أدوار فيها تقدمت الأنبياء والأسباب.

ثم قال : وأدوار تقدمت فيها الحجج والأبواب ، يعني أهل المراتب من حجج أولئك الأرباب المتقدمين وأبوابهم ، فذلك كذلك إلى خاتم الأدوار الناطق السابع سلام الله عليه. ثم تلا ذلك التسعة والتسعين بقوله : بسبعين يوما ، بين العيدين على التحقيق متممة بأيام التشريق. فهم الخيرة هياكل النور ، وأشباح الظهور ، التي هي جملة التسعة والتسعين ، فابتدأ بهذه الأدلّاء (١) التي ذكر افتتاحها بيوم الصيام وختامها بيوم الأضحى.

ثم قال : بالسبعين من جملة هذه الأيام الأولة (٢) التي هي بين العيدين ووفائها بثلاث التشريق ثم قال : بإحدى وخمسين إلى قوله : أتوسل بهم حدا حدا وأبرأ من أضدادهم ضدا ضدا ، إلى التفاف الساق بالساق ، وانكشاف الظلمة بتبلج (٣) الإصباح والإشراق «يعني. فالالتفاف هو سياق» (٤) الصور إلى المجمع ، والإصباح والإشراق هو ظهور الولد التام ، كل الكل والتمام والختام (٥). الذي له المتحركات تحركت ، والسواكن سكنت.

قال سيدنا جعفر بن منصور اليمن قدس الله سرّه (٦) : إن السبعين هم هياكل النور ، ومقامات الظهور ، خيرة الله من خلقه ، أولهم آدم وآخرهم القائم فإذا عددت ابتدأت بآدم ووصيه شيث (٧) وستة اتماء دوره (٨) ، ونوح ووصيه

__________________

(١) الأدلاء : سقطت في ج.

(٢) الأولة : الأولى في ج.

(٣) بتبلج : بانبلاج في ج.

(٤) سقطت هذه الجملة من ط.

(٥) يريد الإمام القائم المنتظر الذي هو الناطق السابع ودوره خاتم الأدوار والأكوار.

(٦) كتاب أسرار النطقاء للداعي جعفر بن منصور اليمن نسخة خطية في مكتبة مصطفى غالب.

(٧) يعتبر شيث وصي آدم ناطق الدور الأول وهو دور التكوين. ويذهب الإسماعيلية إلى أن إمام هذا الدور هو هنيد الذي تعهد وأقام الناطق آدم. وقالوا بأن لهذا الدور أساسين هما هابيل وشيث ، الأول قتل بيد أخيه «قابيل» فتسلم منصبه بعد وفاته «شيث». وتشير بعض النصوص الإسماعيلية السرية إلى أن هناك ستين إماما كانوا قبل آدم وآخرهم هنيد.

(٨) يعتبر لمك بن متوشلح متم هذا الدور.

٢٠٧

سام (١) وستة أتماء دوره ، وإبراهيم ووصيه إسماعيل (٢) وستة أتماء دوره ، وموسى ووصيه هارون (٣) وستة أتماء دوره ، وعيسى ووصيه شمعون (٤) وستة أتماء دوره ، فهؤلاء أربعون حدا ، ثم وفاء السبعين من الحسن بن علي إلى القائم صلوات الله عليهم الذين هم (٥) الأتماء السبعة من الحسن إلى محمد بن إسماعيل ، والخلفاء من عبد الله بن محمد (٦) إلى مولانا المعز (٧) ، والأشهاد من مولانا العزيز إلى مولانا الإمام الطيب (٨) ، والأبدال السبعة من ولده ، إلى الثامن والعشرين ، والحجة القائم صلوات الله عليهم.

فهؤلاء أسماء السبعين بالحقيقة ، وتبقى ما يوافيها إلى تسعة وتسعين ، لأن هذه السبعين بين العيدين ، وهم ممثول شهر الصيام الذي هو الستر والكتمان ، وهم الأئمة المستورون ، من إسماعيل بن إبراهيم إلى محمد صلوات الله عليهم ، وذلك ما شرحه جعفر بن منصور اليمن وعضده (٩) عليه سيدنا المؤيد بقوله : إن الأمر في ولد إسماعيل نجع ، وإليهم رجع ، وهم أصحاب الكلمة ، الباقية التي هي نور العظمة. فقيدار بن إسماعيل (١٠) سلّم إلى ولده حمل ، وسلّم حمل إلى ولده سلامان ، وسلّم سلامان إلى ولده نبت ، وسلّم نبت إلى ولده الهميسع (١١) ، وسلّم الهميسع إلى ولده أدد ، وسلم أدد إلى ولده آد ، فهؤلاء سبعة إلى المقيم لموسى ، وسلم آد إلى ولده

__________________

(١) عاش ٦٠٠ عاما. ومتم هذا الدور الثاني ناحور.

(٢) يريد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وأمه هاجر عاش ١٣٧ سنة.

(٣) يعتبر هارون أساس الدور الرابع ولما كانت وفاته في حياة أبيه صار كفيلا لأولاده يوشع ابن ذي النون أساسا مستودعا وأولاده من بعده أئمة استيداع.

(٤) أي شمعون الصفا.

(٥) الذين هم : سقطت في ط.

(٦) أي عبيد الله المهدي الخليفة الفاطمي الأول في المغرب.

(٧) المعز لدين الله الخليفة الفاطمي.

(٨) أي الطيب بن الآمر الإمام المستعلي المستور.

(٩) عضده : أيده المؤيد في ج.

(١٠) إسماعيل : سقطت في ج.

(١١) الهميسع : سقطت في ط.

٢٠٨

عدنان ، وسلم عدنان إلى ولده معد ، وسلّم معد إلى ولده نزار ، وسلّم نزار إلى ولده مضر ، وسلّم مضر إلى ولده الياس ، وسلّم الياس إلى ولده مدركة ، وسلّم مدركة إلى ولده خزيمة ، السابع الثاني ، المقيم لعيسى ، وسلّم خزيمة إلى ولده كنانة ، وسلم كنانة إلى ولده نضر (١) ، وسلّم نضر إلى ولده مالك ، وسلّم مالك إلى ولده فهر ، وسلّم فهر إلى ولده غالب ، وسلّم غالب إلى ولده لؤي ، وسلّم لؤي إلى ولده كعب ، السابع الثالث ، وسلّم كعب إلى ولده مرّة ، وسلّم مرّة إلى ولده كلاب ، وسلّم كلاب إلى ولده قصي ، وسلّم قصي إلى ولده عبد مناف ، وسلّم عبد مناف إلى ولده هاشم ، وسلّم هاشم إلى ولده عبد المطلب الذي (٢) اجتمعت به مراتب الأربع من أبيه هاشم ، لأنّه تسلّم رتبة الرسالة والنبوة من جرجس (٣) آخر متم دور عيسى ، وتسلّم (٤) رتبة الوصاية والإمامة من أبيه عبد مناف. وسلّم عبد المطلب رتبة الرسالة والنبوة إلى ولده عبد الله. وسلّم إلى ولده أبي طالب رتبة الوصاية والإمامة. وقسمها (٥) عبد المطلب بأمر الله ووحيه ، كما قسمها إبراهيم إلى ولديه إسماعيل وإسحاق (٦) عليهم‌السلام ، وأقام عبد المطلب كل واحد منهما في حده ورتبته إلى أن (٧) حضرت النقلة لعبد الله ، وكان ولده محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في المهد ، فأحضر من حضره واستكفل ولده عبد المطلب لولده محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واستودعه له رتبته. وأقام عبد المطلب عليه‌السلام إلى أن حضرته الوفاة فاستكفل ولده صاحب منزلتي الوصاية والإمامة الذي هو أبو طالب عليه‌السلام على محمد واستودعه إياه ،

__________________

(١) نضر : مضر في ط.

(٢) الذي : وقد كان في ط.

(٣) جرجس : جرجيس في ج.

(٤) تسلم : وسلم في ج.

(٥) وقسمها : وهذا في ج.

(٦) لأن الأئمة المقيمين من عقب إسماعيل والأئمة المستودعين من عقب إسحاق.

(٧) إلى أن : سقطت في ج.

٢٠٩

وأقامه له في رتبته ، فلم يزل في كفالته وحضانته ، فكان أبو طالب عليه‌السلام السابع الرابع. ومحمد هو موفي تسعة وعشرين وتم وفاء التسعة والتسعين الأخيار الأبرار الأطهار.

وأما الواحد والخمسون التي (١) هي ممثول الصلوات في الليل والنهار ، فأولهم ما أشار إليه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله : تسلمت من خمسة ، وهو علم ما تسلمه من مراتب النطقاء الخمسة من قبله ، فأول من وقع في يده أبي بن كعب ورباه (٢) بحقيقة الوصاية التي هي حظ آدم فعلمها وقام بها ، ثم رفعه إلى زيد بن عمرو فرباه بمعاني الطهارة التي هي حظ نوح فعلمها وقام بها ، ثم رفعه إلى عمرو بن نفيل (٣) فرباه بمعاني الصلوات التي هي حظ إبراهيم فعلمها وقام بها ، ثم رفعه عمرو بن نفيل إلى زيد بن أسامة فرباه بمعاني الزكاة التي هي حظ موسى فعلمها وقام بها ، ثم رفعه إلى بحيرا (٤) الراهب فرباه بمعاني الصيام الذي هو حظ عيسى فعلمها وقام بها ، ثم رفعه إلى حجة صاحب الوقت التي هي خديجة بنت خويلد (٥) ، وذلك بعد مزاوجته لها ، وقد صار ماهرا في الشرائع ورموزها المراد بها ، فرفعت خديجة منزلته وعلت رتبته في معاني الحج وفرائضه وسننه الذي هو حظه وقسمه من دعائم الدين.

ثم أمرها امام الوقت بتسليم وديعته إليه ، من الرسالة والنبوة ، فهؤلاء (٦) النطقاء الخمسة الذين تسلم منهم ، والخمسة التي هي بينه وبين ربه ، أي بينه وبين إمام زمانه مربيه وكفيله فهم : أبي بن كعب ، وزيد بن عمرو ، وعمرو بن نفيل ، وزيد بن أسامة ، وبحيرا الراهب.

__________________

(١) التي : هو في ط.

(٢) ورباه : فرياه في ج.

(٣) نفيل : نافل في ج.

(٤) بحيرا : بحيراء في ط.

(٥) المقصود السيدة خديجة زوج الرسول ، صلعم.

(٦) فهؤلاء : فهاؤلاء في ج.

٢١٠

وأما الخمسة الذين سلم إليهم فهم الذين نص عليهم ، أولهم وصيه مولانا (١) علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، ومحمد الباقر (٢) ، ومحمد بن إسماعيل ، وهو خامس «أهل النص سابع الاتماء» (٣) صلى الله عليهم أجمعين. والنص قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما.

وأمّا الباقر فقوله لجابر بن عبد الله : يا جابر إذا لقيت ولد ولدي هذا وأومى بيده إلى مولانا الحسين «صلوات الله عليه» (٥) ، فاقرأه عني السلام ، وقل له : يا باقر ابقر العلم بقرا.

وأمّا محمد بن إسماعيل فهو متم شريعته وموفيها حقوقها وحدودها ، وهو السابع من الرسل ، وبيان (٦) ذلك في أدعية مولانا المعز السبعة «وهو الذي يشهد» (٧) له وللقائم محمد بن عبد الله المهدي ، لأنّه قائم القيامة الوسطى ، وقائم القيامة الأولى مولانا أمير المؤمنين صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٨) وقائم القيامة الكبرى صاحب الكشف صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٩) في أذانه بقوله : أشهد أن لا إله إلّا الله مرتين ، وأشهد أن محمدا رسول الله مرتين ، لأن الخلق يشهدون برسالته وهو يشهد لمتم دوره وشريعته ومنهاجه ، وهو منسوب إلى عبد الله بن ميمون في التربية.

فتلك خمسة عشر حدا ، والسادس عشر إمام زمانه الذي هو أبو طالب والسابع عشر هو حجتهما الذي هو أمير المؤمنين شجرة النداء المكني عنها بالخضر ممثول هارون وعيسى كما قال تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً

__________________

(١) مولانا : سقطت في ط.

(٢) محمد الباقر : الباقر في ط.

(٣) «أهل النص سابع الأتماء» : سقطت في ج.

(٤) آله وسلم : سقطت في ط.

(٥) صلوات الله عليه : ص. ع في ط.

(٦) وبيان : سقطت في ط.

(٧) «وهو الذي يشهد» : التي يشهد في ط.

(٨) صلعم : سقطت في ط.

(٩) صلعم : في ط صلوات الله عليه.

٢١١

إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (١) هو ابن مريم الحقيقي التي هي خديجة فهي مريم الكبرى ، وهي التي تولت تربيته بأمر صاحب الوقت منذ نشأ لسبع سنين واتبع ناطق الدور وهو ممثول سليمان في ملكه وسطوته ، وهو الصراط السوي ، وكذلك أيضا حجج الليل والنهار أربعة وعشرون ، للناطق اثنا عشر حجّة (٢) وللوصي مثلها ، مع الجملة بالتسعة العقول الروحانية التي هي : المبدع الأول والمنبعث الأول ، «والعقول السبعة» (٣) الانبعاثية ، فتلك خمسون جدا ثم العاشر وفاء الحادي والخمسين ، المجمع الأعلى (٤) والبرزخ الأسنى ، فهذه أعداد الحدود ومعرفتها ، وحقيقة معنويتها (٥).

فصل : ونحن نذكر الآن فضل الشخصين الطاهرين ، وشرفهما ومعجزاتهما «اللذين هما» (٦) ناطق الدور ووصيه (صلوات الله عليهما وآلهما) (٧) ومواليدهما وما يجب من ولايتهما وحقائقهما ، إذ معرفتهما بحقيقتهما «هي معرفة» (٨) الله وتوحيده ، «مما روته الثقات» (٩) وشرحه أهل العدالات ، أول شيء من ذلك هو (١٠) أن الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١١) لما حملت به آمنة فرأت مناما أفزعها فأمرت رسولا إلى معبر كان في الحرم ، فمضى الرسول فلقيه كاهن من الأحبار فسأله : أين تريد؟ فكتمه ، فقال له لا تكتم. لقد (١٢) أمرتك امرأة رأت مناما هو كذا وكذا ، وهي ستلد ولدا ينسخ شرائع اليهود والنصارى ويملك العرب والعجم ، وحلاه بحليته وهو في بطن أمه.

__________________

(١) سورة ٤٣ / ٥٧.

(٢) حجة : سقطت في ج.

(٣) والعقول السبعة : والسبعة العقول في ط.

(٤) المجمع الأعلى : وهو المجمع الأعلى في ج.

(٥) معنويتها : معنوياتها في ج.

(٦) اللذين هما : سقطت في ط.

(٧) صلوات الله عليهما وآلهما : سقطت في ط.

(٨) هي معرفة : معرفتها في ط.

(٩) مما روته الثقات : مما رواه الثقات في ج.

(١٠) هو : سقطت في ط.

(١١) صلى‌الله‌عليه‌وآله : سقطت في ط.

(١٢) لقد : سقطت في ط.

٢١٢

فلمّا ولدت خمدت في تلك الليلة نيران بيوت العبادات عند المجوس ، وتساقطت الأصنام من مواضعها ، وسقط من إيوان كسرى اثنتا عشرة شرفة ، وأزهرت الأرض في تلك الليلة ، واعتدل الجو وقد كان «فيه السعيد الكامل» (١) وبشر به ، وكذلك قس بن ساعدة ، وسيف بن ذي يزن ، وما جاء به من المعجزات مثل غرس النخلة لليهودية التي اشترى منها سلمان وامتحنته بغرس ثلاثمائة نخلة عند تمام آخر نخلة منها تطعم الأولة ، ومثل اقتراح قريش عليه في إنزال القمر وانشقاقه تحت قميصه ، ويخرج من كل كم شطر ، ويلتقيان في الهواء ، فكان ذلك. ومنها إطعام الأربعين رجلا من قريش على (٢) فخذ شاة وعس لبن شاة فشبعوا وارتووا (٣) ومنهم من يأكل الجذعة ويشرب فرق اللبن ، ومنها دخوله الغار وطي العنكبوت عليه نسجها حتى لم يروا منها رده لوصيه بدعائه للشمس حتى صلى العصر (٤). ومنها شاة أم معبد وولدها ، ومنها شاة جابر بن عبد الله وتفريق الطعام ، وإطعامه المهاجرين والأنصار منه حتى غنوا ، ورده ولدي جابر إلى الحياة وقد ذبح أحدهما الثاني ، ومثل إطعام أصحابه من باقي الطعام الذي كان فيه بقية شيء مع بعض أصحابه في المزود ، ومثل قبضه على مزود كان فيه باقي ماء بكفه (٥) ، فظهر الماء بين أصابعه ، فشرب الكل من أصحابه ودوابهم ، وغرفوا آنيتهم ، فكان ذلك أعظم من حجر موسى. ومنها مثل ناقته التي ضلّت ، فأرسل من يأتي بها من واد ، وأعلمهم أن زمامها التوى على شجرة فضبطها ، ومثل تسبيح الحصى في كفه ، ومثل الملائكة الذين ظهروا على الخيل البلق وعليهم الثياب يوم بدر ، يتقدمهم جبرائيل على فرس يقال له الحيزوم ، وهو يقول : أقدم حيزوم ؛ والفريقان

__________________

(١) فيه السعيد الكامل : به أسعد الكامل في ط.

(٢) على : سقطت في ط.

(٣) وارتووا : وريوا في ط.

(٤) العصر : المغرب في ج.

(٥) ماء بكفه : ماء لا يكفيه في ج وط.

٢١٣

يسمعانه. ومثل الشجرة اليابسة التي استند إليها عند منزل بحيرا الراهب ، فاخضرت وأطعمت ، ومثل الغمامة التي أظلته «يوم أمر عمه إلى بحيرا في تجارة خديجة» (١) ، ومثل الشجرة التي دعاها فخرت حتى وقفت بين يديه ونطقت بالشهادة بنبوته ورسالته (٢) ، ومثل تكليم العضو له ، ومثل كلام الذئب له ، ومثل إخباره بموت النجاشي ساعة وفاته وصلاته عليه ، ومثل تفله في بئر معطلة حتى أفاضت بالماء. وهذا قليل من كثير لو تقصيناه بشرح معجزاته وفضله لطال به الشرح.

فصل : في فضائل الوصي ومعجزاته «صلوات الله عليه وآله» (٣) :

أولها لما حضر أمه المخاض أمرها أبو طالب أن تمسح بالكعبة ، فلما دخلتها ولدته في وسطها فأمر إمام الوقت أن يضرب في موضع مولده مسمار فضة ، العالم يصلون عليه إلى يوم القيامة لأنّه من الفروض الواجبة ، ثم أسلم «وهو ابن» (٤) سبع سنين ، ولم يعبد وحدثنا ، ولا عصى الله طرفة عين ، ومثل قتل الحنش (٥) في الماء وهم في لقاء قريش إلى بدر ، ومثل أمر «الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (٦) بعد أن نزل عليه الوحي أن يتبع أبا بكر ويأخذ منه سورة براءة ويمضي بها إلى (٧) مكّة ، ففعل وقرأها على قريش وما منهم إلّا من يطلبه بدم ، ومثل قول جبرائيل يوم حنين وقد انهزم أصحاب الرسول وعثروا ، وعلي يذب عنه ، وقتل دونه سبعين رئيسا ، وهزم سبعين كتيبة. لا فتى إلا علي ، لا سيف إلا ذو الفقار ، هذه المواساة يا محمد. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) : إنّه أخي وابن عمي. فقال : وأنا أخوكما. ومثل مؤاخاة الرسول له دون

__________________

(١) يوم أمر عمه إلى بحيرا في تجارة خديجة : (أمره عمه إلى بحيراء في تجارة خديجة) في ج.

(٢) ورسالته : سقطت في ط.

(٣) صلوات الله عليه وآله : سقطت في ط.

(٤) وهو ابن : سقطت في ط.

(٥) الحنش : الجنش في ط.

(٦) الرسول صلعم : (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله) في ط.

(٧) ويمضي بها إلى : سقطت في ط.

(٨) وآله : سقطت في ط.

٢١٤

كل أحد ، ومثل تسبيح الحصى في كفه ، ومثل قتله للعفاريت في البئر ، ومثل نصبه من كفه المنجنيق إلى درب (١) خيبر ورجمه بالباب أربعين باعا. «ومثل جواب» (٢) أهل الكهف له دون أصحابه ، ومثل انشقاق القبور يوم أمره الرسول مع أحبار (٣) اليهود والنصارى ، ومثل نص رسول الله عليه ، فتهامزوا وقالوا : حظي بها ابن عمه ، فنزلت الآية : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٤). وسلم إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله كتبه وسلاحه وثيابه ودوابه وجميع مواريث الأنبياء. وأنزل الله تعالى لهم (٥) : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (٦) : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٧). ومثل قضاء ديون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعداته ثلاثة أيام من بعده : ومثل تسليمه النوق إلى الأعرابي حتى غلا فيه عبد الله بن سبأ وأصحابه فأحرقهم ، ومثل إخباره في مسجد الرسول بموت سلمان في المدائن ومسيره لتجهيزه «وقبره والصلاة» (٨) على جنازته ، ومثل غزوة كسرى للمسلمين في أيام عمر ومسيره منجدا لهم ، وعبوره الفرات ، وقتله القوم ، وأخذه التاج ، والبساط وابنة كسرى وغنمه لهم ، ومثل فعله في أحد الخصمين اللذين احتكما عنده ، ومثل إحضار معاوية إلى الكوفة بحضور (٩) كميل بن زياد. وهذا قليل من كثير من فضائله ، ومعجزاته صلوات الله عليه وآله ، ولو تقصينا بشرح ما نحفظه لطال به الشرح «وخرج عن حد هذا الكتاب» (١٠).

__________________

(١) درب : ضرب في ج.

(٢) ومثل جواب : سقطت في ط.

(٣) أحبار : أجار في ط.

(٤) سورة : ٤٦ / ١٠.

(٥) لهم : سقطت في ج.

(٦) سورة ١٩ / ٥٠.

(٧) سورة ٤٣ / ٤.

(٨) وقبره والصلاة : وقبر أنه وصلاته في ط.

(٩) بحضور : بمحضر في ط.

(١٠) وخرج عن حد هذا الكتاب : سقطت في ط.

٢١٥

فصل : نذكر فيه اتصال المراتب بهما :

وذلك أنّه لمّا آن قيام الناطق السادس الذي هو ممثول اللحم في الشرائع ، وزوّجه صاحب الوقت بخديجة بنت خويلد (عليها‌السلام) (١) وهي حجته فزاوجها على الظاهر والباطن كما زاوج إبراهيم سارة (٢) فرفعت (خديجة منزلته) (٣) كما ذكرنا بأمر ولي الأمر ، وسلمت إليه رتبة النبوة والرسالة ، وهو ما روي أن خديجة أسلمت يوم الاثنين وقت الظهر ، وهو اليوم الذي بعث فيه ، والوقت الذي قام به مرسلا. وقولهم إن عليا أسلم يوم الثلاثاء وقت الظهر بعد مبعثه بيوم ، فكان بين إسلام خديجة وإسلام علي خمس صلوات ، في خمسة أوقات ، والمعنى في ذلك أنّه لمّا تسلم من خديجة رتبة النبوّة والرسالة في الظاهر المحض ، الذي هو حظ النطقاء قبل إسلام علي ، ومعنى إسلام علي يعني (٤) أن المقام الذي هو صاحب الوقت ، لمّا كان في كهف التقية وحجب الاستتار من قريش وغيرهم ، لحسدهم وتكبرهم ، وانكتام الأمر من إسماعيل ابن إبراهيم (عليه‌السلام) (٥) تنبه فأمر حجته (بنت خويلد خديجة) (٦) بإحضارهما ، والخمسة حدود الذين هم بينه وبين ربه ـ الذين تقدم ذكرهم ـ بأمر الله له ووحيه إليه ، أن يستكفل محمدا لعلي رتبة الوصاية والإمامة ويستودعها فيهم له (٧) فشرحت خديجة عليه ما أمرت ، وبيّنت له أنّه وصيه ووارث علمه ، والذي تجتمع إليه المراتب ، وهو مستقر الباطن ومركزه ، وأساس الدين ، وأخذت عليه عهد الكفالة والوفاء بالوديعة لوصيه من بعده لأنّه مقام النور والحجاب المشهور ، والباب المستور ، الذي (٨) اسمه في العصور والدهور ،

__________________

(١) عليها‌السلام : سقطت في ط.

(٢) سارة : سقطت في ج.

(٣) خديجة منزلته : سقطت في ط.

(٤) يعني : سقطت في ط.

(٥) عليه‌السلام : سقطت في ط.

(٦) بنت خويلد خديجة : خديجة بنت خويلد يوم الثالث وقت الظهر في ط.

(٧) ويستودعها فيهم له : ويستودعه فيهما له في ط.

(٨) الذي : سقطت في ط.

٢١٦

نهاية النهايات وغاية الغايات ، صاحب الظهور اللطيف المتسلسل معناه من أول السلالة الشرعية إلى ظهوره مع الرتبة اللحمية ، فبسط يده للعهد على ذلك ، وأقر بما هنالك ، فرضي علي بكفالته ووديعته ، وسلّم الأمر لصاحب الأمر ، واستسلم بالدخول تحت طاعته وخدمته ، إلى وفاء مدته ، فذلك معنى إسلام علي : وهو الرضاء والتسليم بالحقيقة.

فقام صلوات الله عليه مجاهدا مساعدا مرافدا ، حتى نشر الله به الإسلام ، وظهرت القضايا والأحكام ، وميز بين الحلال والحرام ، فأباد الملحدين والمارقين ، واستأصل شأفة المعاندين ، وذلك لما قام آدم في الشريعة هو ووصيه مقام السلالة ، وقام نوح ووصيه مقام النطفة ، وقام إبراهيم ووصيه مقام العلقة ، وقام موسى ووصيه مقام المضغة ، وقام عيسى ووصيه مقام العظام ، وقام محمد ووصيه مقام اللحم الذي هو تمام الخلقة (١) الجسمانية. وظهر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله كظهور النفس التي لا قوام للجسم إلّا بها ولا يعرف إلّا بها ، ولا يتحرك إلّا بها. صح أن تلك العناية الإلهية انسلت من حد القوة إلى الفعل ، ومن الكمون إلى الظهور ، ومن العدم إلى الوجود ، فكان صلوات الله عليه وآله للشرائع الموضوعة (٢) من عصر آدم إلى محمد يقوم مقام الحياة المحيية المميتة ، الحاسة الداركة الناطقة ، العاقلة العاملة ، حجّة الله وقدرته ، وآيته ومعجزاته ، سيف نقمته لأعدائه ، ونعمته الكاملة لأوليائه ، فبسببه دارت الأفلاك ، وتناظرت الأملاك ، وتمخضت الطبائع والأمهات ، أذن الله الواعية ، ويده المبسوطة ، وعينه الناظرة ، مولانا أمير المؤمنين وعلم الدين ، وقبلة الموحدين ، السميع العليم ، المشتق اسمه من العلي العظيم ، ولي المؤمنين المخرج لهم من الظلمات إلى النور ، من أقر

__________________

(١) الخلقة : الخلاقة في ج.

(٢) الموضوعة : الأوضاع في ط.

٢١٧

بولايته سلم وغنم ، ومن أنكرها «غرم وحرم» (١).

قال جعفر بن منصور : ذكر في التواريخ والسير أن الله لا يقبل توبة نبي ولا اصطفاء وصي ، ولا إمامة «ولي ، ولا عمل طاعة من عامل ولو تقطع في العبادة واجتهد إلّا» (٢) بولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه «وآله فمن أتى بغير ولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه اسقطت» (٣) نبوته ووصايته وولايته وصالح عمله ، ولم يقبل الله منه ولا زكى عمله ، وعلي «منه السلام» (٤) من ولد إسماعيل بن إبراهيم لا من ولد إسحاق صلى الله عليهم أجمعين (٥) ، وأي فضل أعظم من هذا الذي ما له شريك فيه ، بل هو مخصوص به وحده. فكما أن الله واحد أحد فرد صمد ، لا شريك معه (٦) في ملكه ، ولا له (٧) صاحبة ولا ولد ، كذلك مولانا علي عليه‌السلام واحد في فضله ، أحد فرد صمد لا شريك له فيه ليس له كفوا أحد.

وقال في فصل ثان : قال الله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) (٨) الآية. فأوجد لهم الباب عيانا وعرفهم به تبيانا ، وأقام عليه الدلائل والبراهين بالرمز والإشارات والتلويحات والكشف بالمقامات ، فجعل تحت الاستتار في جميع الأدوار إلّا بالإشارة إليه ، والتوجه نحوه وإظهاره آياته في آخر دور وخاتم كور. وأجرى بيانه على لسان خاتم أنبيائه ورسله ، محمد صفوته وخاصته ، صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الأطهار فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ،

__________________

(١) غرم وحرم : غزم وخرم في ج.

(٢) سقطت الكلمات الموضوعة بين قوسين من ج وط.

(٣) سقطت الجملة الموضوعة بين قوسين في ج.

(٤) منه السلام : صلوات الله عليه في ط.

(٥) أجمعين : سقطت في ط.

(٦) معه : فيه في ط.

(٧) ولا له : سقطت في ط.

(٨) سورة : ٥٧ / ١٣.

٢١٨

فمن أراد المدينة فليأتها من بابها. وقال سبحانه : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) (١) الآية (٢) ، إعلاما بأن ظهر الباب الذي من قبله العذاب هو ظاهر الشريعة المتمسك به أهل الشك والارتياب المتبرءين من التأويل ، فأوجب لأهل باطن الباب الثواب والرحمة ، وعلى أهل ظاهره العذاب والنقمة ، إذ كان باطن الباب هو ولاية مولانا (٣) أمير المؤمنين وطاعته والرضا والتسليم له والوفاء بعهده ، لقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (٤).

فهذا بيان ما شرحنا بأن المبدع الأول ضارب السور الذي له باب ، وكان أوصياء النطقاء عليهم‌السلام أبوابه القائمين بالقوة ، الذين جعلهم تحت الاستتار إلّا بالإشارة إليهم ، إلى أن أظهره في آخر دوره على لسان خاتم أنبيائه يعني بالفعل ، وكانت إشارتهم رمزوا به مثل ما رمز آدم بتابوت السكينة ، ونوح بالسفينة ، وإبراهيم بالبيت ، وموسى بالعصا ، وعيسى بالصليب.

وقال محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنا مدينة العلم وعليّ بابها نصا جليا ، وكان لمحمد معجزات القرآن الذي أعجز الخلق أن يأتوا بسورة من مثله ، والقدرة التي هي وصيه صلوات الله عليه وآله. وذكر جعفر بن منصور عن مولانا الصادق صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إن أمير المؤمنين قال : إن لي منزلة لم تخطر على قلب بشر ، وحدّا لم يبلغ معرفته أحد. وإن الربوبية لتخطر على قلوب البشر فيعرفها أهل الحقائق منهم ، وأن الخلق بأجمعهم ليعرفون الله بإقرارهم بظاهر المعرفة ، وأهل الحقائق يعرفون الله بحقيقة معرفته ، ويوحدونه من وجه توحيده. وإن عليا (عليه‌السلام) (٥) لم يعرفه أحد بالجملة من حقيقة

__________________

(١) سورة : ٢ / ١٨٩.

(٢) الآية : سقطت في ط.

(٣) ولاية مولانا : سقطت في ط.

(٤) سورة : ١٧ / ٣٤.

(٥) عليه‌السلام : سقطت في ط.

٢١٩

معرفته إلّا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (١) والأئمة من ولده صلى الله عليهم أجمعين (٢) بل عرفه أهل اليقين بظاهر المعرفة ، وإثبات الآيات والمعجزات التي أظهرها لهم مرّة بعد مرة.

هذا الفصل قد بين أن الخلق يعرفون الله بإثبات صنعه ، وأهل الحقائق يوحدونه من وجهة توحيده بإثباته من حيث حدوده ، كما قال الحكيم : أينما ظهرت لك المعجزة فاسجد ، أي فأطع. ولم يظهر من المعجزات لأحد مثل ما ظهر لنبيّنا محمد ووصيه علي (٣) ، ومعرفة رسول الله له والأئمة من ولده ، بأنّه النهاية الثانية يستحق من الصفات المتناهية بالشرف ما تستحقه الأولة ، وأنّه حجابها وبابها ، ولسان نطقها وبرهانها. ولذلك وصف ذاته فقال : أنا الأول وأنا الآخر ، وأنا الظاهر وأنا الباطن ، وأنا بكل شيء عليم ، أنا الذي سمكت سماءها ، وسطحت أرضها ، وأجريت أنهارها ، وأنبت (٤) أشجارها ، فالنهاية الأولة التي هي المنطقة له. وبذلك بالأول من عالم الإبداع ، والآخر الذي له يتحد بكل مقاوم ، هو الظاهر بالمعجزات ، والباطن الذي لا يدرك بالصفات. وسمك سماءها العالية ، من الطبيعيات والنطقاء والحدود في سائر الأوقات ، وسطح الأرض للمواليد من معدن ونبات وحيوان ، وأنبت الأشجار للأقوات ، وأجرى الأنهار في البر والبحر (٥) تقدير ذات الذوات. فهذا نطق النهاية الأولة على لسان النهاية الثانية ، والنهاية الثانية أيضا تستحق من الصفات مثل ذلك ، فهو الأول في الإسلام والإيمان ، وهو أول باتحاد المتحد به ، وهو آخر. أي النهاية الثانية الظاهرة بالفعل بعد القوة كما ذكرنا. وهو الباطن بما بطن فيه من العلم والحكمة (٦) والأنوار والأسرار ، وسمك

__________________

(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله : سقطت في ط.

(٢) أجمعين : سقطت في ط.

(٣) ووصيه علي : سقطت في ط.

(٤) أنبت : ونبت في ط.

(٥) البر والبحر : برد وبحر في ط.

(٦) الحكمة : سقطت في ج.

٢٢٠