مع الدكتور السّالوس في آية التطهير

السيّد علي الحسيني الميلاني

مع الدكتور السّالوس في آية التطهير

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٣٢

الله عليه وسلّم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق ، فوضعتها بين يديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أين ابن عمك وابناك؟ فقالت رضي الله عنها : في البيت ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادعيهم فجاءت إلى علي رضي الله عنه فقالت : أجب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم أنت وابناك ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فلما رآهم مقبلين مدّ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم يده إلى كساء وكان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رءوسهم ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه فقال : «اللهم هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».

(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا ابن حميد ، حدّثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد ، قال : ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أُمّ سلمة رضي الله عنها فقالت : في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت أُمّ سلمة : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيتي فقال : لا تأذني لأحد ، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ، فلم استطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن رضي الله عنه فلم استطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه ، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جدّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأُمّه رضي الله عنها ثمّ جاء علي رضي الله عنه فلم أستطع أن أحجبه فاجتمعوا ، فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكساء كان عليه ثمّ قال : هؤلاء هم أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط ، قالت : فقلت : يا رسول الله وأنا؟ قالت : فو الله ما أنعم وقال : إنّكِ إلى خير.

(طريق أُخرى) قال الإمام أحمد : حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عوف بن

٤١

أبي المعدل ، عن عطيّة الطفاوي ، عن أبيه ، قال : إن أُمّ سلمة رضي الله عنها حدّثته ، قالت : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيتي يوماً إذ قالت الخادم : إن فاطمة وعليّاً رضي الله عنهما بالسدّة ، قالت : فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قومي فتنحي عن أهل بيتي ، قالت : فقمت فتنحيت في البيت قريباً ، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين رضي الله عنهم وهما صبيان صغيران ، فأخذ الصبيّين فوضعهما في حجره فقبّلهما واعتنق عليّاً رضي الله عنه بإحدى يديه وفاطمة رضي الله عنها باليد الأُخرى ، وقبّل فاطمة وقبّل عليّاً وأغدق عليهم خميصة سوداء وقال : اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي. قالت : فقلت : وأنا يا رسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وأنت».

(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا الحسن بن عطية ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتي (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : وأنا جالسة على باب البيت فقلت : يا رسول الله ألست من أهل النبي؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّكِ إلى خير ، أنتِ من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت : وفي البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

(طريق أُخرى) رواها ابن جرير أيضاً ، عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة رضي الله ، عنها بنحوه.

(طريق أُخرى) قال ابن جرير : حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا خالد بن مخلّد ، حدّثني موسى بن يعقوب ، حدّثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ،

٤٢

عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ثمّ أدخلهم تحت ثوبه ثمّ جأر إلى الله عزوجل ثمّ قال : «هؤلاء هم أهل بيتي» قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فقلت : يا رسول الله أدخلني معهم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنت من أهلي».

(طريق أُخرى) رواها ابن جرير أيضاً ، عن أحمد بن محمّد الطوسي ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن محمّد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أمه رضي الله ، عنها بنحو ذلك.

(حديث آخر) : قال ابن جرير : حدّثنا ابن وكيع ، حدّثنا محمّد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة رضي الله عنها : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه ، ثمّ جاء الحسين فأدخله معه ، ثمّ جاءت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها معه ، ثمّ جاء علي رضي الله عنه فأدخله معه ، ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ورواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن محمّد بن بشر ، به.

(طريق أُخرى) قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا شريح بن يونس أبو الحارث ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، عن العوام ـ يعني ابن حوشب رضي الله عنه ـ عن عم له ، قال : دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها ، فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت رضي الله عنها : تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟ لقد

٤٣

رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم ، فألقى عليهم ثوباً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت : فدنوت منهم فقلت : يا رسول الله وأنا من أهل بيتك صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تنحّي فإنّك على خير.

(حديث آخر) قال ابن جرير : حدّثنا ابن المثنى ، حدّثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي ، حدّثنا مندل ، عن الأعمش ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطيّة عن أبي سعيد عن أُمّ سلمة رضي الله عنها كما تقدم. وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي ، عن عطيّة عن أبي سعيد رضي الله عنه موقوفاً. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(حديث آخر) قال ابن جرير : حدّثنا ابن المثنى ، حدّثنا أبو بكر الحنفي ، حدّثنا بكير بن مسمار ، قال : سمعت عامر بن سعد رضي الله عنه قال : قال سعد رضي الله عنه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة رضي الله عنهم فأدخلهم تحت ثوبه ـ ثمّ قال : رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

(حديث آخر) وقال مسلم في صحيحه : حدّثني زهير بن حرب وشجاع ابن مخلّد ، عن ابن علية ، قال زهير : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدّثني أبو حيان ، حدّثني يزيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن

٤٤

مسلمة إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسمعت حديثه وغزوت معه وصلّيت خلفه ، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سنّي وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فما حدّثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلّفونيه. ثمّ قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثمّ قال : أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله ربي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب الله تعالى وفيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحثّ على كتاب الله عزوجل ورَغّب فيه ـ ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، ثلاثاً. فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم؟ قال : هم (١) آل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، رضي الله عنهم. قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة بعده؟ قال : نعم.

ثمّ رواه عن محمّد بن الريان ، عن حسان بن إبراهيم ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه ، فذكر الحديث بنحو ما تقدّم ، وفيه : فقلت له : من أهل بيته ، نساؤه؟ قال لا ، وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله

__________________

(١) كذا في تفسير ابن كثير ، وهو تحريف!! إذ في صحيح مسلم ٧ / ١٢٣ : «هم آل علي وآل عقيل ...».

٤٥

وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. هكذا وقع في هذه الرواية.

والأُولى أولى والأخذ بها أحرى ، وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه ، إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة ، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط ، بل هم مع آله ، وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينها وبين الرواية التي قبلها ، وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت ، فإن في بعض أسانيدها نظراً والله أعلم.

ثمّ الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم داخلات في قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فإن سياق الكلام معهن ، ولهذا قال تعالى بعد هذا كلّه (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أي واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيوتكنّ من الكتاب والسنة. قاله قتادة وغير واحد ، واذكرن هذه النعمة التي خصصتنّ بها من بين الناس ، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس ، وعائشة الصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله عنهما أولاهنّ بهذه النعمة وأحظاهنّ بهذه الغنيمة وأخصهنّ من هذه الرحمة العميمة ، فإنه لم ينزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي في فراش امرأة سواها كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه عليه. قال بعض العلماء رحمه‌الله : لأنه لم يتزوّج بكراً سواها ولم ينم معها رجل في فراشها سواه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورضي الله عنها ، فناسب أن تخصّص بهذه المزيّة ، وأن تفرد بهذه المرتبة العليّة ، ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته فقرابته أحق بهذه التسمية كما تقدم في الحديث «وأهل بيتي أحق» ، وهذا يشبه ما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا سئل عن

٤٦

المسجد الذي أسّس على التقوى من أول يوم فقال : «هو مسجدي هذا» فهذا من هذا القبيل ، فإن الآية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر ، ولكن إذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أولى بتسميته بذلك والله أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو الوليد ، حدّثنا أبو عوانة ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ابن جميلة ، قال : إن الحسن بن علي رضي الله عنهما استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما ، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر ، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد ، وحسن رضي الله عنه ساجد ، قال : فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثمّ برئ ، فقعد على المنبر فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله فينا ، فإنّا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلّا وهو ناح بكّاء.

وقال السدي عن أبي الديلم قال : قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الأحزاب (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نعم ، ولأنتم هم؟! قال : نعم» (١).

وفي الدر المنثور :

«أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه : عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ان رسول الله

__________________

(١) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤١٣ ـ ٤١٥.

٤٧

صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ادعي زوجك وابنيك حسناً وحسيناً ، فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بفضلة إزاره فغشّاهم ايّاها ، ثمّ أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، قالها ثلاث مرات. قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأدخلت رأسي في الستر فقلت يا رسول الله : وأنا معكم؟ فقال : إنّكِ إلى خير ، مرتين.

وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبيها بتريدة لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه فقال لها : أين ابن عمك؟ قالت : هو في البيت ، قال : اذهبي فادعيه وابنيك ، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد ، وعلي رضي الله عنه يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأجلسهما في حجره ، وجلس علي رضي الله عنه عن يمينه ، وجلست فاطمة رضي الله عنها عن يساره ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت (١).

وأخرج الطبراني عن أُمّ سلمة رضي الله عنها : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها : ائتني بزوجك وابنيه ، فجاءت بهم ، فألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهم كساءً فدكياً ، ثمّ وضع يده عليهم ثمّ قال : اللهم إن هؤلاء أهل محمّد ، وفي لفظ آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على

__________________

(١) كذا ، لم ينقل بقيّة الحديث!!

٤٨

آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنّكِ على خير.

وأخرج ابن مردويه عن أُمّ سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي البيت سبعة : جبريل وميكائيل عليهم‌السلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت؟ قال : إنّكِ إلى خير ، إنّكِ من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأخرج ابن مردويه ، والخطيب ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان يوم أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها ، فنزل جبريل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي ، فضمهم إليه ونشر عليهم الثوب ، والحجاب على أُمّ سلمة مضروب ، ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، قالت أُمّ سلمة رضي الله عنها : فأنا معهم يا نبي الله؟ قال : أنت على مكانك وإنّكِ على خير.

وأخرج الترمذي وصحّحه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه من طرق : عن أُمّ سلمة رضي الله عنها قالت : في بيتي نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين ، فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكساء كان عليه ، ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

٤٩

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم : عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غداةً وعليه مرط مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما فأدخلهما معه ، ثمّ جاء علي فأدخله معه ، ثمّ قال (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

وأخرج ابن جرير ، والحاكم ، وابن مردويه : عن سعد قال : نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الوحي ، فأدخل عليّاً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه عن واثلة بن الاسقع رضي الله عنه قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعلي حتى دخل ، فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ، ثمّ لفّ عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ثمّ تلا هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي ـ وحسّنه ـ ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم ـ وصححه ـ ، وابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها إذا

٥٠

خرج إلى صلاة الفجر ويقول : الصلاة يا أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي ، فقيل لزيد رضي الله عنه : ومن أهل بيته ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وأخرج الحكيم الترمذي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي معاً في الدلائل ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً ، فذلك قوله (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) و (أَصْحابُ الشِّمالِ) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثمّ جعل القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين. ثمّ جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب.

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : هم أهل بيت طهّرهم الله من السوء واختصهم برحمته ، قال : وحدّث الضحاك بن

٥١

مزاحم رضي الله عنه أن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول : نحن أهل بيت طهرهم الله ، نحن شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم.

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعين صباحاً إلى بابها يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم.

وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه : عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : حفظت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمانية أشهر بالمدينة ، ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلّا أتى إلى باب علي رضي الله عنه ، فوضع يده على جنبتي الباب ثمّ قال : الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : شهدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسعة أشهر ، يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الصلاة رحمكم الله ، كلّ يوم خمس مرات.

وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ

٥٢

لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١).

وفي الصواعق المحرقة : الآية الأُولى : قال الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). أكثر المفسّرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. لتذكير ضمير (عنكم) وما بعده» (٢).

أقول :

فهل من العدل إغفال الدكتور كلّ هذه الأحاديث؟!

ممّن نصَّ على صحّة الحديث :

هذا ، وقد قال جماعة من الأئمّة بصحّة الحديث الدالّ على اختصاص الآية الكريمة بأهل البيت ، إذ أخرجوه في الصحيح أو نصّوا على صحّته ، ومن هؤلاء :

١ ـ أحمد بن حنبل. بناءً على التزامه بالصحّة في «المسند».

٢ ـ مسلم بن الحجّاج ، إذ أخرجه في (صحيحه).

٣ ـ الترمذي ، قال السيوطي وغيره : أخرج الترمذي وصحّحه ...

٤ ـ ابن حبّان ، إذ أخرجه في (صحيحه).

٥ ـ الحاكم النيسابوري ، إذ صحّحه في «المستدرك».

٦ ـ الذهبي ، إذ صحّحه في «تلخيص المستدرك» تبعاً للحاكم.

٧ ـ ابن تيميّة ، إذ قال : «فصل : وأمّا حديث الكساء فهو صحيح ، رواه

__________________

(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥ / ١٩٩.

(٢) الصواعق المحرقة : ٨٥.

٥٣

أحمد والترمذي من حديث أُمّ سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة ...» (١).

٨ ـ الفخر الرازي ، قال : «واعلم أنّ هذه الرواية كالمتّفق على صحّتها بين أهل التفسير والحديث» (٢).

٩ ـ ابن حجر المكي ، قال : «وصحَّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل على هؤلاء كساءً وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي ـ أي : خاصتي ـ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. فقالت أُمّ سلمة : وأنا معهم؟ قال : إنّكِ على خير.

وفي رواية أنه قال بعد تطهيراً : أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوّ لمن عاداهم ؛ وفي أُخرى : عليهم كساءً ووضع يده عليها ثمّ قال : اللهم انّ هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد انك حميد مجيد ...» (٣).

__________________

(١) منهاج السُنّة ٥ / ١٣.

(٢) التفسير الكبير ٨ / ٨٠.

(٣) الصواعق المحرقة : ٨٥.

٥٤

روايات الطبري

وهذه نصوص روايات أبي جعفر الطبري في تفسيره ، قال :

«واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله (أهل البيت) فقال بعضهم : عنى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم.

ذكر من قال ذلك :

١ ـ حدّثني محمّد بن المثنى ، قال : حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي ، قال : حدثنا مندل عن الأعمش ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي رضي الله عنه وحسن رضي الله عنه وحسين رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

٥٥

٢ ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمّد بن بشر ، عن زكريا ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : قالت عائشة : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله معه ثمّ جاء علي فأدخله معه ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

٣ ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمّد بن بكر ، عن حماد بن سلمة ، عن عليّ ابن زيد ، عن أنس : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يمرّ ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة فيقول : الصلاة أهل البيت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

٤ ـ حدّثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي ، عن هلال ـ يعني ابن مقلاص ـ ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عندي وعلي وفاطمة وحسن وحسين ، فجعلت لهم خزيرة فأكلوا وناموا وغطى عليهم عباءة أو قطيفة ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

٥ ـ حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، قال : أخبرني أبو داود ، عن أبي الحمراء ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال : الصلاة الصلاة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.)

٥٦

٦ ـ حدّثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق باسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثله.

٧ ـ حدّثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا الفضل بن دكين ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن كلثوم المحاربي ، عن أبي عمار ، قال : إني لجالس عند واثلة ابن الأسقع ، إذ ذكروا عليّاً رضي الله عنه فشتموه ، فلما قاموا قال : اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا ، إني عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين ، فألقى عليهم كساء له ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قلت : يا رسول الله وأنا؟ قال : وأنتَ ، قال : فو الله إنها لأوثق عملي عندي.

٨ ـ حدّثني عبد الكريم بن أبي عمير ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا أبو عمرو ، قال : حدثنا شدّاد أبو عمار ، قال : سمعت واثلة بن الأسقع يحدّث قال : سألت عن علي بن أبي طالب في منزله ، فقالت فاطمة : قد ذهب يأتي برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذ جاء فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودخلت ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليّاً عن يساره وحسناً وحسيناً بين يديه ، فلفع عليهم بثوبه وقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) اللهم هؤلاء أهلي ، اللهم أهلي أحق. قال واثلة : فقلت من ناحية البيت : وأنا يا رسول من أهلك؟ قال : وأنت من أهلي. قال واثلة : انها لمن أرجى ما أرتجي.

٩ ـ حدّثني أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر ابن حوشب ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن أُمّ سلمة ، قالت : لمّا نزلت هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

٥٧

الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فجلل عليهم كساء خيبرياً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : ألست منهم؟ قال : أنت إلى خير.

١٠ ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، قال : حدثنا سعيد بن زربي ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن أُمّ سلمة ، قالت : جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلّها على طبق فوضعته بين يديه ، فقال : أين ابن عمك وابناك؟ فقالت : في البيت ، فقال : ادعيهم ، فجاءت إلى عليّ فقالت : أجب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنت وابناك. قالت أُمّ سلمة : فلما رآهم مقبلين مدّ يده إلى كساءٍ كان على المنامة فمدّه وبسطه وأجلسهم عليه ، ثمّ أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمّه فوق رءوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربّه فقال : هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

١١ ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن عطيّة ، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد ، عن أُمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن هذه الآية نزلت في بيتها (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت : وأنا جالسة على باب البيت فقلت أنا : يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : إنّكِ إلى خير ، أنت من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قالت : وفي البيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

٥٨

١٢ ـ حدّثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلّد ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب ، قال : ثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني أُمّ سلمة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع عليّاً والحسنين ثمّ أدخلهم تحت ثوبه ثمّ جأر الى الله ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي ، فقالت أُمّ سلمة : أدخلني معهم ، قال : إنّكِ من أهلي.

١٣ ـ حدّثني أحمد بن محمّد الطوسي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا محمّد بن سليمان الأصبهاني ، عن يحيى بن عبيد المكي ، عن عطاء ، عن عمر ابن أبي سلمة ، قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيت أُمّ سلمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ، ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلل هو وهم بالكساء ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. قالت أُمّ سلمة : أنا معهم؟ قال : مكانك وأنت على خير.

١٤ ـ حدّثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا الصباح ابن يحيى المري ، عن السدي ، عن أبي الديلم ، قال : قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الأحزاب (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : ولأنتم هم؟! قال : نعم.

١٥ ـ حدّثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا بكير بن مسمار ، قال : سمعت عامر بن سعد ، قال : قال سعد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال : رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي.

٥٩

١٦ ـ حدّثنا ابن حميد ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد ، قال : ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أُمّ سلمة قالت : فيه نزلت (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قالت أُمّ سلمة : جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بيتي فقال : لا تأذني لأحد ، فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها ، ثمّ جاء الحسن فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأمه ، وجاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بساط ، فجلّلهم نبي الله بكساء كان عليه ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط. قالت : فقلت : يا رسول الله : وأنا؟ قالت : فو الله ما أنعم وقال : إنّكِ الى خير (١).

وقال آخرون : بل عني بذلك أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ذكر من قال ذلك :

حدّثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الأصبغ ، عن علقمة ، قال : كان عكرمة ينادي في السوق (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نزلت في نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصّة» (٢).

__________________

(١) لا يخفى عدم ذكر مجيء علي في الحديث مع التصريح بنزول الآية فيه ، فما هو السبب؟!

(٢) تفسير الطبري ٢٢ / ٥ ـ ٧.

٦٠