المسألة الخامسة عشرة
فى
إثبات أن لله تعالى علما وقدرة
اعلم أنا لا ندعى فى هذه المسألة أزيد من أن المفهوم من كونه تعالى عالما قادرا حيا ، ليس نفس المفهوم من ذاته ، بل هو أمر مغاير لذاته. فان كانت «المعتزلة» تساعدنا على هذا القدر ، فقد حصل الوفاق وزال الخلاف. واعلم : أن أكثر المتكلمين تخبطوا فى تعيين محل النزاع فى هذه المسألة.
وتحقيق الكلام أن نقول : ان كل من علم أمرا من الأمور ، فانه لا بدّ وأن يحصل بين العلم وبين المعلوم نسبة مخصوصة ، واضافة مخصوصة. هذه الاضافة هى التى يعبر عنها المتكلمون بالتعلق ، فيقولون : العلم متعلق بالمعلوم. وعندنا : أن العلم عبارة عن نفس هذا التعلق وعن نفس هذه الاضافة المخصوصة. وندعى أن هذه الاضافة والنسبة : مغايرة لنفس الذات. فالعلم مع هذه الاضافة المخصوصة أمران ، لا أمر واحد.
وجماعة من الأصحاب : أثبتوا أمورا ثلاثة : الذات والعلم ـ وهو صفة حقيقية قائمة بالذات ـ ثم أثبتوا لهذه الصفة هذه النسبة وهذه الاضافة وهذا التعلق. فيكون هذا التعلق حاصلا بين تلك الصفة وبين المعلوم.
وأما القاضى «أبو بكر الباقلانى» فظاهر كلامه يشعر باثبات أمور أربعة : الذات والعلم ، ثم العلم يوجب العالمية ـ هذه أمور