تراثنا ـ العددان [ 55 و 56 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 55 و 56 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٢

من أتباع مدرسة الخلفاء ، فتراهم يقولون : هذا لا يلائم الخليفة عمر ، و...

لأنهم يعرفون أن دين الإسلام دين المدنية والعلم ، فهؤلاء لا يقبلون بشرعية النهي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..

وهكذا الحال بالنسبة إلى الرأي ، فالمؤمن بالشرع لا يرتضي الاجتهاد قبال النص ، بل تراه يفسر الرأي بأنه (إدراك) أو (ظن) أو (اعتقاد) صواب الحكم في ما لا نص فيه ، وحينما يرى تخالف سيرة الخليفة مع المصطلح ، لاجتهاد الخليفة قبال النص وظنه بصواب الحكم دون البحث عن النص تحصل في داخله هزة عنيفة ، إذ ماذا يفعل مع النصوص الصادرة من الشيخين وهو يراها تخالف الثوابت الأخرى؟!

فلو ضعف خبر حرق أبي بكر لصحيفته ، لأجيب بما صدر عنه من الرأي قبال النص ، وتبريره لفعل مالك ب «تأول فأخطأ» ، وحرقه الفجاءة ، و...

وإن استبعد صدور النهي عن عمر والقول بأنه لا يتلاءم معه ، فماذا يجيب عما فعله مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخميس ، ومنعه من الإتيان بالقلم والدواة ، وقوله : «حسبنا كتاب الله» بمحضره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟! وتمزيقه لكتاب المؤلفة قلوبهم في أوائل خلافة أبي بكر!

نعم ، واجه هؤلاء مشكلة نفسية ، إذ كيف بهم وهم يرون من الصحابة من يكره التدوين ويحبذ الرأي؟! أليس هذه المواقف خلافا للكتاب والسنة؟!

نعم ، إن الخلفاء وأتباعهم كرهوا وكرهوا التدوين ، ثم ألبسوا هذه الكراهة لباسا شرعيا في الزمن اللاحق ـ بعد أن لم يكن له عين ولا أثر في الزمن الأول ـ ، إذ لو كان النهي شرعيا في الزمن الأول لتمسك به أبو بكر

١٠١

وعمر ، ولكنهما لما لم يجدا هذا المنع عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أرجعا المنع إلى علل اخترعوها ، وصرحوا بأن النهي يرجع إليهم ، كقول عمر : «وإني لا ألبس كتاب الله ...» وقول أبي بكر عن الاختلاف : «والناس بعدكم أشد اختلافا» ، وغيره.

وبما أنه لم يصدر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التدوين نهي شرعي ، ولا مجوز في الإتلاف ، بقيت ذمة عمر بن الخطاب مشغولة لإتلافه مال الآخرين وتراث أمة كبيرة ، فإنه لم يصح منع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تدوين حديثه ، ولا أمره بحرق مدونات الآخرين؟! وقد وقفت على النقول الكثيرة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الداعية إلى لزوم تعليم الحاضر للغائب ، وقوله : «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» ، ودعوته إلى حفظ حديثه : «من حفظ أربعين حديثا عني ..» وتأكيده على العلم والتعليم ، وجعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فداء الأسرى تعليم الكتابة ، وغيرها من النصوص الدالة على اكتناز أحاديث الرسول.

نعم ، صار الدفن والحرق والإماثة ـ في الزمن اللاحق ـ أصولا شرعية يسير عليها صغار التابعين وبقية المسلمين ، وذلك لما سنه الشيخان من النهي عن حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك بعد أن وضعوا أحاديث على لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تؤكد لزوم طاعتهم ، وبعد هذا فلا بد من الأخذ بسيرتهما وإن خالفا النص القرآني والحديث المتواتر! بدعوى أنهما أعلم بالسنة من غيرهما!!

وبهذا فقد اتضح أن هناك نهجين :

الأول : يستقي المواقف من النصوص ـ قرآنية كانت أم نبوية ـ.

الثاني : يؤصل أصولا طبق المواقف!!

ونحن قد أطلقنا على الأول اسم (التعبد المحض) وعلى الثاني

١٠٢

(الرأي والاجتهاد) ، وإنك ستقف على تفاصيل هذا الأمر لاحقا بمشيئة الله تعالى.

والعجب من هؤلاء أنهم يسمون أنفسهم ب : «أهل السنة والجماعة» ويرمون الآخرين ب «البدعة والزندقة»! وترى بعضهم يدعو إلى الاكتفاء بالقرآن عن السنة!!

ونحن لا نريد أن نناقش هذه الأقوال أو تلك ، بل نقول : إن أهل السنة هم المدافعون عنها ، المتمسكون بها ، تلك السنة التي لا تخالف القرآن ، ولا تخالف الثابت من أقوال وأفعال وتقريرات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يمكن بعد هذا إطلاق لفظ السنة على جماعة جزافا من دون انطباقه عليهم في الواقع الخارجي!

والآن مع الأقوال الأربعة في سبب تسمية أهل السنة ب : «أهل السنة والجماعة» :

أقوال في التسمية :

هناك أربعة أقوال في سبب تسمية أهل السنة ب : «أهل السنة والجماعة» :

الأول : إنهم سموا بهذا الاسم ، لأن السنة الصحيحة البعيدة عن البدع هي عندهم ، وذلك لما صح طرقه عند المحدثين وعدم أخذهم من الخوارج والشيعة.

الثاني : إنهم سموا بهذا الاسم لاستقرارهم على ما أقره الخلفاء من سنن في الوقائع والأحكام واعتبار غير ذلك بدعة ، أي أنهم ألزموا الآخرين باتباع ما سنه الخلفاء والذهاب إلى كون خلافه بدعة ، وإن كانت لتلك

١٠٣

المذاهب والنحل طرق صحيحة عندهم!!

الثالث : إنهم سموا بهذا الاسم بعد عام الجماعة ـ سنة ٤١ ه ـ عند صلح الإمام الحسن بن علي عليهما‌السلام مع معاوية بن أبي سفيان ، وفي هذا العام سن لعن الإمام علي عليه‌السلام على المنابر ، ومنه انتزع اسم أهل السنة لمخالفي الإمام علي عليه‌السلام وأنصار مدرسة الخلفاء.

الرابع : إنهم سموا بهذا الاسم دفعا لما قيل فيهم من عدم أخذهم بأحاديث الرسول ومنعهم لتدوين حديثه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي أن التسمية جاءت من باب تسمية الأعمى بالبصير.

وبعد هذا ، نترك للقارئ الحكم بقرب أي الأقوال الأربعة للواقع ، وتطابقه مع السير الطبيعي للمسألة وتاريخ الحديث النبوي ، أو بعده عنها!

للبحث صلة ...

١٠٤

دور الشيخ الطوسي قدس‌سره

في علوم الشريعة الإسلامية

(٣)

السيد ثامر هاشم العميدي

الفصل الثاني

تيسير سبل التأويل والجمع بين الأخبار

عرف الشيخ الطوسي ـ رضي الله تعالى عنه ـ أولا بنشاطه المميز في الحديث الشريف وعلومه ، وبرز في هذا الحقل في أوائل حياته العلمية حتى فاق فيه أساطين الحديث في عصره ، وكادت أن تغطي عبقريته أساتذته العظام من أمثال الشيخ المفيد والسيد المرتضى لو لم يبلغا من العلم غايته القصوى.

وهذا الكلام قد يبدو صعبا لأول وهلة ، ولكن الأصعب منه ـ وهو الواقع ـ أن يتحقق كل هذا للشيخ ـ ليكون فلتة من فلتات العباقرة ـ وهو لم يتجاوز العقدين إلا بقليل ..

وقد عرفنا شيئا عن هذه الحقيقة في الفصل الأول من فصول هذا الدور ، وبقيت أشياء أخرى موزعة على فصول ، نستهلها بما في هذا

١٠٥

الفصل ، فنقول :

حاول الشيخ الطوسي قدس‌سره في كتابيه التهذيب والاستبصار تيسير فهم التأويل الصحيح للأحاديث المختلفة بسبل شتى ، مع بيان كيفية الجمع بينها لغاية أشرنا لها في ما تقدم.

ومن هنا اضطر إلى رصدها وتتبعها في جميع ما وصل إليه من كتب الحديث وأصوله ومصنفاته ، حتى قال عن جهوده تلك في كتاب العدة في أصول الفقه ـ في ذكر الخبر الواحد ، وجملة القول في أحكامه ـ ما هذا نصه :

«وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم‌السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف ب : الإستبصار ، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث» (١).

وهذا العدد وإن لم يجتمع في كتاب حديثي شيعي قبل كتاب التهذيب قط ، إلا أنه لا يمثل العدد الكلي الذي وقف عليه الشيخ الطوسي من الأخبار المختلفة ، بدليل أنه وصف ما لم يذكره ـ في موارد عدة من الكتابين ـ بالكثرة.

ومن الأمثلة الدالة على ذلك ما ذكره الشيخ في باب الأحداث الموجبة للطهارة من التهذيب ، من الأخبار الدالة على كون النوم من الأحداث الموجبة للطهارة ، كخبر سماعة ، وخبر زرارة ، وخبر عبد الحميد ابن عواض ، وخبر محمد بن عبيد الله وعبد الله بن المغيرة ، وخبر إسحاق ابن عبد الله الأشعري (٢).

__________________

(١) العدة في أصول الفقه ١ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، الفصل الرابع.

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٦ ح ١ ـ ٥ باب ١.

١٠٦

فقد أورد الشيخ بعد تلك الأخبار خبرين آخرين تضمنا نفي إعادة الوضوء من النوم ، وهما : خبر عمران بن حمران ، وخبر بكر بن أبي بكر الحضرمي (١).

ثم قال : «وكذلك سائر الأخبار التي وردت مما يتضمن نفي إعادة الوضوء من النوم ، لأنها كثيرة» (٢).

ثم بين المعنى المراد بالنوم المذكور في الخبرين بما يزيل التنافي الظاهر بينهما وبين ما تقدم عليهما من أخبار.

وهذا يكشف عن أن إعراض الشيخ عما وصفه بالكثرة ، إنما كان بسبب اكتفائه بذكر بعضه ، ولما كان جواب بعضه هو جواب الكل بحكم وحدة الدلالة ، فلا معنى لذكر الجميع سوى التطويل الذي حرص الشيخ على تجنبه في مؤلفاته كافة ، خصوصا وهو لا يعلم ـ وقتئذ ـ بما سيؤول إليه مصير التراث الشيعي على أيدي الهمج الرعاع الذين أحالوا معظم تراثنا إلى رماد ، لا سيما في الجامع الأزهر ، ومن قبل في بغداد!

والمهم هنا ، هو أن ما فعله الشيخ يعبر عن جهود علمية مضنية في الحديث ولكنها غير منظورة ، لاختفائها في ما وراء تلك الإشارات.

وأعني بتلك الجهود ، استقصاء الشيخ للحديث المختلف بأكثر مما هو عليه في التهذيب والاستبصار ، ثم تصنيفه بحسب دلالته ، وفرز ما اتحد في الدلالة ، ثم انتقاء بعضه مع الإشارة الطفيفة إلى الآخر في مورده ، إذ لا تعقل إشارته لشئ لم يره.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ / ٧ ح ٦ و ٧ باب ١.

(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٧ ذ ح ٧ باب ١.

١٠٧

كما أن التمعن في أخبار التهذيب يكشف هو الآخر عن استقصاء الشيخ لأدلة الفقه من الأخبار المتفقة وإن لم يذكرها كلها في التهذيب عند تعرضه لشرح أقوال شيخه المفيد وبيان مستندها ، إذ أقصى الكثير منها واكتفى ببعضها للعلة المذكورة في تركه الكثير من الأحاديث المختلفة.

ونظرة سريعة واحدة إلى أي باب من أبواب الوسائل تشعرك بهذا ، وكم من حديث تجده مخرجا عن الكافي أو الفقيه أو غيرهما من الكتب التي اعتمدها الشيخ وبشكل مطرد ، ولكنك لا تجده لا في التهذيب ولا في الإستبصار ، بل تجد نظيره!

وفي هذا دلالة واضحة على استفراغ الشيخ ما في وسعه لتتبع واستقصاء أدلة الأحكام الفرعية والوقوف عليها عن كثب ، ثم إقصاء ما شاء منها واختيار ما وافق مسلكه في الاختصار.

وكدليل آخر على تلك الجهود المضنية غير المنظورة أيضا ، تنبيهه على ما لم يؤخذ من فتاوى الشيخ المفيد من جهة الأثر ، كقوله مثلا في باب أوقات الصلاة : «فأما ما ذكره رحمه‌الله من اعتبار الزوال بالأصطرلاب والدائرة الهندسية ، فالمرجع فيه إلى أهل الخبرة ، وليس مأخوذا من جهة الأثر» (١).

ولا يخفى أن فقدان النص المؤيد لتلك الفتيا لا يضر بصحتها ، لأن الرجوع إلى أهل الخبرة في كل فن من المرتكزات العقلية التي لا تنكر ، ومع هذا قد يكون لها مستند من نصوص عامة ، وإن لم يكن في خصوصها ثمة أثر.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٦ ذ ح ٧٤ باب ٤.

١٠٨

وما يعنينا هنا ، هو أن كلام الشيخ قدس‌سره ينطوي على مراجعته لجميع ما في كتب الحديث وأصوله ومصنفاته الكثيرة الواصلة إليه ، وإلا كيف يقول : «وليس مأخوذا من جهة الأثر» من دون التأكد من مراجعة موارد الأثر؟!

وعلى أية حال ، فإن المهم هنا هو تسجيل ما يدل بصراحة على دوره العظيم في خدمة الحديث الشريف ، لا سيما الحديث المختلف ، وذلك من خلال تيسير سبل تأويله وكيفية الجمع بين مداليل ما اختلف واتفق ، وهو ما سنبينه في الفقرات الآتية :

أولا : بيان معاني الأخبار :

ربما يظن حصول التعارض بين جملة من الأخبار بسبب سوء فهم دلالاتها ، مع أنها في الواقع متفقة غير مختلفة.

ومن هنا نجد الشيخ الطوسي قدس‌سره قد أولى هذا النوع من الأخبار عناية خاصة ، إذ بين ما يكتنفه من غموض وأزال الالتباس المؤدي إلى الظن باختلاف وتناقض تلك الأخبار.

فغايته إذا من بيان المعنى لجملة من الأخبار إزالة ذلك الالتباس والقضاء عليه ، ولا شك أن فهم الخبر على وجهه يتطلب معرفة واسعة في اللغة ودلالات الألفاظ ، فضلا عن التضلع بالحديث دراية ورواية.

وهناك أمثلة شتى في التهذيبين شاهدة على عناية الشيخ بهذا الجانب ، نذكر منها ما أخرجه في باب وجوب الحج بسنده عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال :

١٠٩

«أنزل الله عزوجل فرض الحج على أهل الجدة (١) في كل عام».

ثم أورد حديثين آخرين عن الإمامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، بهذا المعنى (٢).

وبما أن المعروف في فرض الحج عند جميع المسلمين ـ بلا خلاف ـ هو مرة واحدة ، وما زاد على المرة فمستحب بالإجماع ، كما بين في أحاديث الباب المذكور نفسه ..

لذا قال الشيخ معقبا على تلك الأحاديث التي توحي بظاهرها وجوب الحج على الأثرياء في كل عام : «فمعنى هذه الأخبار : أنه يجب على أهل الجدة في كل عام على طريق البدل ، لأن من وجب عليه الحج في السنة الأولى فلم يفعل وجب عليه في الثانية ، وكذلك إذا لم يحج في الثانية وجب عليه في الثالثة ، وعلى هذا في كل سنة إلى أن يحج.

ولم يعنوا عليهم‌السلام وجوب ذلك عليهم في كل عام على طريق الجمع.

ونظير هذا ما نقوله في وجوب الكفارات الثلاث ، من أنه متى لم يفعل واحدة منها ، فإنا نقول : إن كل واحدة منها لها صفة الوجوب ، فإذا فعل واحدة منها خرج الباقي من أن يكون واجبا ، وكذلك القول في ما تضمنت هذه الأخبار» (٣).

وهذه الطريقة في توضيح المتون وإن وجدت بذورها في كتب

__________________

(١) أي : أهل الثراء ، الأغنياء.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ / ١٦ ح ٤٦ ـ ٤٨ باب ١.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ / ١٦ ـ ١٧ ذ ح ٤٨ باب ١.

١١٠

الحديث المصنفة قبل التهذيب ، كالكافي (١) ، والفقيه (٢) ، إلا أنها لم تكن مطردة في جميع ما في تلك الكتب من متون هي بحاجة إلى بيان وتوضيح ، كما هو الحال في التهذيب (٣) ، والاستبصار (٤).

ثانيا : بيان فقه الحديث :

تعرض الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب إلى بيان فقه الأحاديث ، خصوصا المرددة منها بين عدة وجوه محتملة ، فكان قدس‌سره يأخذ بأقواها حجة وأبرمها دليلا ، ويوجه فقه الحديث تارة على أساس ذائقته الفقهية مع الفهم الثاقب وإعمال الفكر في فهم الخبر ، وأخرى على أساس تراكم مؤيدات ذلك التبين من الأثر ، والأخير هو المطرد في سائر أجزاء التهذيب ، بل هو المصرح به في ديباجة الكتاب كما أشرنا له من قبل.

ومثال الأول : حديث علي بن مهزيار عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه‌السلام ، قال : «قيل له : إن رجلا تزوج بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ، ثم أرضعتها امرأة أخرى ، فقال ابن شبرمة : حرمت عليه الجارية

__________________

(١) أنظر : فروع الكافي ٣ / ٢٩ ذ ح ٧ باب ١١ من كتاب الصلاة.

(٢) أنظر : من لا يحضره الفقيه ٣ / ١٣٩ ح ٦١١ باب ٦٩ وج ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ح ٨٩٢ وح ٨٩٦ باب ٩٥.

(٣) أنظر على سبيل المثال تعليق الشيخ قدس‌سره على أحاديث التهذيب الآتية : ١ / ٤٧ ح ١٣٦ باب ٣ ، ٢ / ٧٥٧ ح ١٩١ باب ١٠ ، ٣ / ١٤ ح ٤٨ باب ١ ، ٤ / ٨٩ ح ٢٦٢ باب ٢٧ ، ٥ / ٣٧٨ ح ١٣١٨ باب ٢٥ ، ٦ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ح ١٠٨٠ و ١٠٨١ باب ٩٣ ، ٧ / ٢٠ ـ ٢١ ح ٨٧ باب ٢ ، ٨ / ١٩٤ ح ٦٨٠ باب ٨ ، ٩ / ٨٤ ح ٢١ باب ١ ، ١٠ / ٦ ح ١٩ باب ١ ، وغيرها.

(٤) وكذلك على أحاديث الإستبصار الآتية : ١ / ٣٣ ح ٨٧ باب ١٧ ، ٢ / ٢٩٧ ح ١٠٥٩ باب ٢٠٤ ، ٣ / ٦٨ ح ٢٢٧ باب ٤١ ، ٤ / ٩٩ ح ٣٨٣ باب ٦٢ ، وغيرها.

١١١

وامرأتاه (١)!

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : أخطأ ابن شبرمة ، حرمت عليه الجارية وامرأته التي أرضعتها أولا ، فأما الأخيرة لم تحرم عليه ، لأنها أرضعت ابنته» (٢).

وهنا قال الشيخ معقبا :

«وفقه هذا الحديث : إن المرأة الأولى إذا رضعت الجارية حرمت الجارية عليه ، لأنها صارت بنته ، وحرمت عليه المرأة الأخرى ، لأنها أم امرأته ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فإذا أرضعتها المرأة الأخيرة أرضعتها وهي بنت الرجل لا زوجته ، فلم تحرم عليه لأجل ذلك» (٣).

وهذا البيان وإن استدل فيه الشيخ ـ في جملة ما استدل به ـ على حديث «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» إلا إنه لا يتنافى مع إعمال الفكر والذائقة الفقهية السليمة ، وإلا فالحديث من المشهورات التي لا تخفى على ابن شبرمة وأمثاله ، ولكن مقام حفظ الحديث أو روايته يختلف جذريا عن مقام تطبيق الحديث على مصاديقه.

ومثال الثاني : حديث معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال : «المفرد عليه طواف بالبيت ، وركعتان عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ، وسعي بين الصفا والمروة ، وطواف الزيارة ـ وهو طواف النساء ـ ، وليس عليه هدي

__________________

(١) الظاهر أن هذه الحكاية كانت مشهورة عن ابن شبرمة ، ولعلها صدرت منه أيام توليه القضاء لأبي جعفر الدوانيقي (المنصور العباسي) على سواد الكوفة ، إذ من الواضح أن ابن مهزيار لم يكن في عصر ابن شبرمة.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ح ١٢٣٢ باب ٢٥.

(٣) تهذيب الأحكام ٧ / ٢٩٤ ذ ح ١٢٣٢ باب ٢٥.

١١٢

ولا أضحية.

قال : وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟

فقال عليه‌السلام : نعم ما شاء ، ويجدد التلبية بعد الركعتين. والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية» (١).

وهنا عقب الشيخ بقوله :

«قال محمد بن الحسن : فقه هذا الحديث : إنه قد رخص للقارن والمفرد أن يقدما طواف الزيارة قبل الوقوف بالموقفين. فمتى فعلا ذلك فإن لم يجددا التلبية يصيرا محلين ولا يجوز ذلك ، فلأجله أمرا ـ المفرد والسائق ـ بتجديد التلبية عند الطواف ، مع أن السائق لا يحل وإن كان قد طاف لسياقه الهدي. روى ذلك ...» (٢).

ثم أيد هذا المعنى بروايتين ، كما أيد الرخصة في تقديم الطواف للمفرد بثلاث روايات ، وأخيرا أيد تجديد التلبية برواية واحدة (٣).

وهذه الطريقة المثلى ـ في فهم السنة الشريفة بالسنة نفسها ـ قد انعكست بكل وضوح على كتاب التهذيب وكتاب الإستبصار اللذين قلما نجد فيهما فقها تفريعيا مستنبطا ، فكانا بحق محاولة بكر جمعت مع أغراضها التي أشرنا لها سابقا فقها روائيا يكاد يكون بتحليلاته وتأويلاته ومحامله الآتية عديم النظير.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٤ ح ١٣١ باب ٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٤ ذ ح ١٣١ باب ٤.

(٣) أنظر : تهذيب الأحكام ٥ / ٤٤ ـ ٤٦ ح ١٣٢ ـ ١٣٧ باب ٤.

١١٣

ثالثا : صفة التأويل بالأثر :

إذا كان المراد بالتأويل ، هو ما لم يكن مقطوعا به لتردده بين عدة وجوه محتملة ، لأنه «اللفظ الذي يراد به المعنى المرجوح من محتملاته» (١) فإنه لا يمكن أبدا وصف تأويلات التهذيب والاستبصار كلها بهذا التعريف ، لأنها لم تكن ـ في أغلبها ـ سوى تفسيرا للسنة بما صح من السنة الشريفة نفسها.

وبهذا يعود التأويل تفسيرا ، وتنقلب دلالته الظنية إلى القطع ، لكون المقتضي للحمل على المرجوح قطعيا ، ومن غير المعقول أن يكون مقتضي المحمول قطعيا في دلالته ـ كما لو كان من الحديث المتواتر ـ ، ومع هذا يكون المحمول ظنيا!

وهذه الحقيقة بالإمكان تلمسها في أغلب أبواب التهذيب أو الإستبصار ، لأن تراكم المؤيدات الصحيحة الصريحة لكثير من التأويلات ، مع تعدد طرقها إلى أهل البيت عليهم‌السلام في كتاب التهذيب نفسه ، وفي خارجه أيضا ، لما تقدم من اعتماد الشيخ طريقة الاختصار ، وهو ما يوحيه لفظ تهذيب الأخبار زيادة على ما أثبتناه في صحة تلك الطريقة ، يعني تواتر تلك المؤيدات.

وعليه : يكون العامل على طبق بعض تأويلات الشيخ ، يكون عاملا في الواقع على طبق الفتوى والأثر (الصحيح أو المتواتر) ، وهذا هو ما أشار إليه الشيخ في ديباجة التهذيب كما أوردناه سابقا.

__________________

(١) مناهج الأخبار في شرح الإستبصار ـ لأحمد بن زين العابدين العلوي ـ ١ / ٤.

١١٤

وهذا لا يعني أن جميع ما في التهذيب أو الإستبصار من تأويل هو بهذه المثابة ، كما يعلم من مراجعة فتاوى ابن إدريس الحلي في السرائر ، ولكن الإنصاف اقتضى التنبيه على وجود الكثير من التأويل الذي لم يغادر الوصف المذكور.

هذا ، وجدير بالإشارة هو أن الشيخ الطوسي قدس‌سره لا يذكر الأخبار المختلفة في أوائل أبواب كتابيه التهذيب والاستبصار أبدا ، وإنما يستفتحها دائما بالأحاديث المتفقة التي هي في الواقع مستند الشيخ المفيد في المقنعة ، ثم يذكر بعد ذلك بعض ما خالفها من الأخبار ، ثم يؤول تلك الأخبار بما يتفق ودلالة ما قدمه قبل ذلك من الأخبار المتفقة.

وعلى هذا فهو لا يحتاج إلى ذكر مؤيدات التأويل من الأثر بعده ، بل تكفي الإحالة في ذلك إلى ما في أوائل الأبواب ، ولكنه مع هذا لم يترك تأويلاته في الغالب بلا شاهد جديد مضاف.

وهذا مما ينبغي الالتفات إليه في مقام معرفة قوة التأويل الموقوفة على معرفة رتبة مؤيداته ، وعليه سيكون تقييم التأويل بالنظر إلى شواهده اللاحقة غير مجز ما لم يتم النظر إلى مؤيداته السابقة.

بل وحتى النظر إلى كلا القسمين غير كاف في المقام ، لاحتمال وجود مؤيدات أخر في باب آخر من التهذيب كما سنبينه بعد قليل.

وإذا لوحظ منهجه في الاختصار كما تقدم علم أيضا بأن ما ذكر من مؤيدات وشواهد لصحة التأويل لا يدل على عدم وجود نظائرها في غير التهذيب ، لما مر من أنه ليس من طريقة الشيخ ذكر جميع ما استقصاه من الأخبار المتفقة.

١١٥

ومن هنا أصبحت معرفة قوة التأويل بالأثر مضنية حقا ، إذ تتطلب من الباحث الرجوع إلى سائر المؤيدات الخبرية ودراستها سندا ودلالة ، وقد لا يتأتى هذا إلا إلى المتضلعين بعلم الحديث رواية ودراية.

ومنه يتضح عقم الانتقادات التي وجهها بعضهم إلى تأويلات الشيخ من أن شواهدها الخبرية المذكورة بعدها ضعيفة بحسب الاصطلاح ، خصوصا وهو يجد في شروح التهذيب ـ ك : ملاذ الأخيار ـ وشروح الإستبصار ـ ك : مناهج الأخيار ـ توضيحا شاملا لرتب الأحاديث.

ولهذا ، فإنه حتى لو افترضنا عدم وجود المؤيد الآخر لا في التهذيب ولا في غيره ، فلا يقدح هذا أيضا بصحة التأويل بحجة ضعف مؤيده المذكور بعده بحسب الاصطلاح ، لسببين ، وهما :

الأول : وهو ما أشار إليه الشيخ حسن في منتقى الجمان ، وحاصله : إن الشيخ لم يتوخ في أسانيد التهذيب سوى العلو ، ولهذا فضل بعض الطرق الضعيفة ـ بحسب الاصطلاح ـ على غيرها من الطرق الصحيحة المتوافرة لديه إلى أصحاب الكتب والمصنفات المشهورة ، كما هو واضح في كتابه الفهرست (١).

وبهذا يفسر استئثاره بما رواه عن محمد بن الحسن بن الوليد القمي ـ وهو من مشايخ الشيخ الصدوق ـ بتوسط الشيخ ابن أبي جيد القمي ، وهذا العلو في الإسناد لا يتوفر للشيخ بغير هذا الطريق.

على أن ابن أبي جيد ليس ضعيفا ، فهو محل اعتماد مشايخ الشيعة وأشهر المفهرسين لكتب الأصحاب ، وثقة جليل عند طائفة من العلماء وإن

__________________

(١) راجع : منتقى الجمان ١ / ٢٢ ـ ٢٣ من الفائدة الثالثة وج ١ / ٢٩ ـ ٣٠ من الفائدة الخامسة.

١١٦

ضعفه بعضهم!

الثاني : إمكان تصحيح أكثر طرق الشيخ الضعيفة باستخدام نظرية تعويض الأسانيد التي لم تأخذ دورها كما ينبغي عند جميع الباحثين (١).

فكيف الحال إذا لو كان المؤيد صحيحا ونظائره الكثيرة مثله؟!

ولكي تتضح حقيقة ما ذكرناه نورد المثال التالي :

أورد الشيخ في التهذيب ثلاث روايات في باب زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وكلها تخالف روايات الباب لأنها أوجبت الزكاة في الغلات دون أن تبلغ نصابها ، وهي :

الأولى : عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تجب الصدقة إلا في وسقين ، والوسق ستون صاعا» (٢).

الثانية : عن أبي بصير أيضا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لا يكون في الحب ، ولا في النخل ، ولا في العنب زكاة حتى تبلغ وسقين ، والوسق ستون صاعا» (٣).

الثالثة : عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الزكاة في كم تجب في الحنطة والشعير؟ فقال عليه‌السلام : «في وسق» (٤).

وهنا قال الشيخ :

«فهذه الأخبار كلها محمولة على أن المراد بها الاستحباب والندب دون الفرض والإيجاب ، وليس لأحد أن يقول : لا يمكن حملها على

__________________

(١) أفردنا لهذه النظرية دراسة وافية بكتاب مستقل بعنوان : نظرية تعويض الأسانيد للشهيد الصدر وقد يطبع قريبا إن شاء الله تعالى.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ / ١٧ ح ٤٣ باب ٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ / ١٧ ـ ١٨ ح ٤٤ باب ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ / ١٨ ح ٤٥ باب ٤.

١١٧

الندب لأنها تتضمن لفظ الوجوب (١) ، لأنها وإن تضمنت لفظ الوجوب فإن المراد بها تأكيد الندب ، لأن ذلك قد يعبر عنه بلفظ الوجوب وقد بيناه في غير موضع من هذا الكتاب.

والذي يدل على أنه لم يرد بها الفرض والإيجاب الذي يستحق بتركه العقاب ما رواه : ... " (٢).

ثم أورد جملة من الروايات الدالة على أن النصاب في زكاة هذه الأشياء هو خمسة أوسق ، وهي :

الأولى : محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد [بن محمد] ، عن الحسين [بن سعيد] ، عن النضر [بن سويد] ، عن هشام [بن سالم] ، عن سليمان [بن خالد] ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيبا» (٣).

وجميع من في السند ثقة بالاتفاق ، فهو صحيح بلا خلاف.

الثانية : محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التمر والزبيب ، ما أقل ما تجب فيه الزكاة؟ فقال : خمسة أوساق ...»(٤).

وهذا الإسناد صحيح معتبر لجلالة جميع من فيه ، وإن قالوا بحسنه

__________________

(١) في الأصل : «تتضمن بلفظ الوجوب».

(٢) تهذيب الأحكام ٤ / ١٨ ذ ح ٤٥ باب ٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ / ١٨ ح ٤٦ باب ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ / ١٨ ح ٤٦ باب ٤.

١١٨

بإبراهيم بن هاشم بحسب الاصطلاح.

الثالثة : سعد [بن عبد الله] ، عن أبي جعفر [ابن عيسى الأشعري] ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ليس في ما دون خمسة أوساق شئ ، والوسق ستون صاعا» (١) ، وهذا الإسناد صحيح أيضا بلا خلاف.

الرابعة : علي بن الحسن ، عن القاسم بن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير والحسن بن شهاب ، قالا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ليس في أقل من خمسة أوساق زكاة ، والوسق ستون صاعا» (٢).

والرواية ضعيفة سندا بالقاسم بن عامر ، ولكن لا يضر ، فمتنها مخرج من طرق صحيحة كما عرفت.

الخامسة : وعنه [أي : عن علي بن الحسن بن فضال] ، عن محمد ابن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن أذينة ، عن زرارة وبكير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «وأما ما أنبتت الأرض من شئ من الأشياء فليس فيه زكاة إلا في أربعة أشياء : البر ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، وليس في شئ من هذه الأربعة الأشياء شئ حتى يبلغ خمسة أوساق ، والوسق ستون صاعا ...» (٣).

وجميع من في السند ثقة ، ومحمد بن إسماعيل هو البرمكي الجليل ، فالرواية موثقة بعلي بن الحسن ، وهي معتبرة على كل حال.

هذا بالنسبة إلى الشواهد والمؤيدات الخبرية المذكورة بعد التأويل

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ / ١٨ ـ ١٩ ح ٤٥ باب ٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ / ١٩ ح ٤٩ باب ٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ / ١٩ ح ٥٠ باب ٤.

١١٩

مباشرة والدالة على صحته وسلامته.

وأما لو تابعنا بقية الشواهد الأخر فستجدها أضعاف هذا العدد ، وإليك خلاصة ما وقفنا عليه منها في التهذيب وفي غيره :

١ ـ الرواية الأولى في الباب المذكور من التهذيب وهي في أعلى درجات الصحة ، فقد أخرجها عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، والحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (١).

٢ ـ الرواية الثانية من الباب المذكور مرسلة ، ولا يضر إرسالها لما عرفت (٢).

٣ ـ الرواية الثالثة من الباب أيضا موثقة بعلي بن الحسن بن فضال (٣).

٤ ـ الرواية الرابعة أخرجها الشيخ في باب الخراج وعمارة الأرضين من التهذيب بسنده عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهي في أعلى درجات الصحة (٤).

هذا عن المؤيدات في داخل التهذيب فقط ، وأما المؤيدات التي لم يذكرها الشيخ فبالإمكان تلمسها من خلال مراجعة المجاميع الحديثية المتأخرة ، فإنها أوردت الكثير من نظائر ما ذكرناه (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ / ١٣ ح ٣٤ باب ٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ / ١٤ ح ٣٥ باب ٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ / ١٤ ح ٣٦ باب ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ / ١١٩ ح ٣٤٢ باب ٣٤.

(٥) راجع : وسائل الشيعة ٩ / ١٧٥ باب ١ من أبواب زكاة الغلات ، ومستدرك الوسائل

١٢٠