تراثنا ـ العددان [ 55 و 56 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 55 و 56 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٢

مما يشتمل عليه معنى الفعل» (١).

وعرفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ ه) بأنه : «ما ليس خبرا من مصدر مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده ، ف (ما ليس خبرا) مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قولك : ضربك ضرب أليم ، و (من مصدر) مخرج لنحو الحال المؤكدة من قوله تعالى : (ولى مدبرا) (٢) ، ومفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك : أمرك سير سير شديد ، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة نحو : عرفت قيامك ، ومدخل لأنواع المفعول المطلق ما كان منها منصوبا لأنه فضلة نحو : ضربت ضربا أو ضربا شديدا أو ضربتين ، أو مرفوعا لأنه نائب عن الفاعل نحو : غضب غضب شديد» (٣).

وقد أخذ بهذا التعريف الأشموني (ت ٩٠٠ ه) (٤).

ويلاحظ عليه : إن إدخاله المصدر المرفوع في تعريف المفعول المطلق غريب ، وقد عقب عليه الصبان بقوله : «إنه بعد رفعه لا يسمى ـ اصطلاحا ـ مفعولا مطلقا بل نائب فاعل» (٥).

وعرفه الإشبيلي (ت ٦٨٨ ه) بأنه : «المصدر الذي اشتق منه الفعل إذا تعدى إليه فعله» (٦).

__________________

(١) الفوائد الضيائية ١ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.

(٢) سورة النمل ٢٧ : ١٠.

(٣) شرح الألفية لابن الناظم : ١٠٢.

(٤) شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ١ / ٢٠٨.

(٥) حاشية الصبان على شرح الأشموني ٢ / ١١٠.

(٦) البسيط في شرح جمل الزجاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي ١ / ٤٦٧.

٣٤١

ويلاحظ عليه : أن المفعول المطلق ليس منحصرا بالمصدر ، بل يشمل غيره ، كما أن نصبه ليس مشروطا بأن يتعدى إليه خصوص الفعل الذي اشتق منه ، فإنه ينصب بتعدي غيره أيضا مما هو بمعناه ، كما في نحو : قعدت جلوسا.

وعرفه ابن هشام (ت ٧٦١ ه) بثلاثة تعاريف :

الأول : إنه «مصدر فضلة تسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه ، فالأول كقوله تعالى : (وكلم الله موسى تكليما) (١)» ، والثاني نحو قولك : قعدت جلوسا ... واحترزت بذكر (الفضلة) عن نحو : كلامك كلام حسن ، وقول العرب : جد جده ، فكلام الثاني وجده مصدران سلط عليهما عامل من لفظهما ، وهو الفعل في المثال الثاني والمبتدأ في المثال الأول ـ بناء على قول سيبويه : إن المبتدأ عامل في الخبر ـ وليسا من باب المفعول المطلق في شئ» (٢).

الثاني : إنه «المصدر الفضلة ، المؤكد لعامله أو المبين لنوعه أو عدده ، وقولي : (المؤكد لعامله) مخرج لنحو قولك : كرهت الفجور الفجور ، فإن [الفجور] الثاني مصدر فضلة مفيد للتوكيد ، ولكن المؤكد ليس العامل في المؤكد» (٣).

وقد تابعه على هذا التعريف جمال الدين الفاكهي (ت ٩٧٢ ه) (٤).

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ١٦٤.

(٢) شرح قطر الندى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٣) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.

(٤) شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : ١٥٩ ـ ١٦٠.

٣٤٢

الثالث : إنه «اسم يؤكد عامله أو يبين نوعه أو عدده ، وليس خبرا ولا حالا» (١).

ويلاحظ أنه أخذ (الاسم) في جنس التعريف دون (المصدر) ، ليجعله شاملا للمفعول المطلق الذي ليس بمصدر ، كاسم المصدر وغيره ، بدلالة قوله بعد ذلك : «وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا» (٢).

وقال الأزهري في شرحه : «هو اسم يؤكد عامله ، فيفيد ما أفاده العامل من الحدث من غير زيادة على ذلك ، أو يبين ... نوع العامل ، فيفيده زيادة على التوكيد ، أو يبين ... عدد العامل ، فيفيد عدد مرات العامل زيادة على التوكيد ، وليس هو خبرا عن المبتدأ ولا حالا من غيره ...

[يخرج به] نحو : ضربك ضربتان ، وضربك ضرب أليم ، فإنه وإن بين العدد في الأول والنوع في الثاني ، لوصفه بأليم ، فهو خبر عن ضربك ، فلا يكون مفعولا مطلقا ... ونحو : (ولى مدبرا) ، فإنه وإن كان توكيدا لعامله ، فهو حال من الضمير المستتر في عامله فلا يكون مفعولا مطلقا» (٣).

وقد عقب بعض الأساتذة المعاصرين على هذا التعريف بأنه : «لا داعي لقوله : (ليس خبرا عن مبتدأ) ، لأن هذا الخبر مرفوع وعمدة ، كما أن خبر النواسخ عمدة ، ولا لقوله : (ليس حالا) ، لأن الحال مشتق في الغالب ، أما المفعول المطلق فليس مرفوعا ولا عمدة ، وليس بمشتق في

__________________

(١) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ٢ / ٣٣.

(٢) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ٢ / ٣٣.

(٣) شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري ١ / ٣٢٤.

٣٤٣

الغالب ، هذا والحال في المثال مؤكدة لعاملها» (١).

ويمكن مناقشته بأن ابن هشام لم يأخذ في تعريف المفعول المطلق كونه فضلة منصوبا لتنعدم الحاجة إلى قيد (عدم كونه خبرا) ، كما أن قيد (عدم كونه حالا) يفيد في الاحتراز عن الموارد التي يكون فيها المفعول المطلق مشتقا وإن لم تكن غالبة.

وعرفه ابن عقيل (ت ٧٦٩ ه) بأنه : «المصدر المنتصب توكيدا لعامله أو بيانا لنوعه أو عدده» (٢).

وتقييده للمصدر بأنه (منصوب) مخرج لنحو : كلامك كلام حسن ، وقول العرب : جد جده ، فيكون مغنيا عن ذكر قيد (الفضلة) في التعريف.

* * *

__________________

(١) النحو الوافي ، عباس حسن ٢ / ١٩٨ (حاشية الصفحة).

(٢) شرح ابن عقيل على الألفية ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ١ / ٥٥٧.

٣٤٤

ثلاث وعشرون ـ مصطلح المفعول به

عبر النحاة في البداية عن المفعول به بلفظ (المفعول) فقط ، وهذا ما نجده في كتاب سيبويه (ت ١٨٠ ه) الذي سجل فيه أقوال ومصطلحات النحاة السابقين عليه (١).

وعزى ابن النديم هذا المصطلح إلى أبي الأسود الدؤلي (ت ٦٩ ه) ، إذ قال : «رأيت ما يدل على النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته ، وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصين ، ترجمتها هذه ، فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمة الله عليه» (٢).

ثم عبر عنه الفراء (ت ٢٠٨ ه) ، والمبرد (ت ٢٨٥ ه) بلفظ (المفعول به) (٣).

ومن الملاحظ أن النحاة لم يطرحوا تعريفا اصطلاحيا للمفعول به حتى القرن الخامس ، إذ وجدت أقدم من عرفه ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ ه) بقوله : هو ما «يذكر للبيان عمن وقع به الفعل» (٤).

والباء في قوله : (به) بمعنى : (على) ، فمراده : من وقع عليه فعل

__________________

(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ١ / ٣١ ـ ٤٥ ، وص ١٨٩ ـ ١٩٠.

(٢) الفهرست ـ لابن النديم ـ : ٤١.

(٣) أ ـ معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق أحمد نجاتي ومحمد النجار ١ / ١٣٧.

ب ـ المقتضب ، محمد بن يزيد المبرد ، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة ١ / ٨.

(٤) شرح المقدمة المحسبة ، طاهر بن أحمد بن بابشاذ ، تحقيق خالد عبد الكريم ٢ / ٣٠٢.

٣٤٥

الفاعل ، كما أن قوله : (يذكر للبيان عن) يمكن الاستغناء عنه ، إذ ليس له مدخلية في بيان حقيقة المفعول به.

وعرفه الحريري (ت ٥١٦ ه) بأنه : «كل اسم تعدى الفعل إليه» (١) ، ومراده : خصوص ما تعدى إليه الفعل بنفسه ، دون ما تعدى إليه بواسطة الحرف ، نحو : ذهبت بزيد ، فإن زيدا وإن كان هنا مفعولا به في المعنى ، إلا أنه لا يعرب مفعولا به اصطلاحا.

وعرفه الزمخشري (ت ٥١٦ ه) بقوله : «هو الذي يقع عليه فعل الفاعل» (٢).

وهو أشهر تعاريف المفعول به ، وقد قال الرضي في شرحه : «يريد ما وقع عليه ، أو جرى مجرى الواقع ، ليدخل فيه المنصوب في : ما ضربت زيدا ... فكأنك أوقعت عدم الضرب على زيد» (٣).

وقال الجامي في بيانه : إن وقوع الفعل عليه قيد تخرج «به بقية المفاعيل ، إذ لا يقال في واحد منها : إن الفعل واقع عليه ، بل [واقع] فيه ، أو له ، أو معه ، والمفعول المطلق [يخرج] بما يفهم من مغايرته لفعل الفاعل ، فإن المفعول المطلق عين فعله» (٤).

وقد أخذ ابن الحاجب (ت ٦٤٦ ه) بهذا التعريف (٥) ، وعقب عليه

__________________

(١) شرح ملحة الإعراب ، القاسم بن علي الحريري ، تحقيق بركات يوسف هبود : ١٥٩.

(٢) المفصل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ٣٤ ، ويلاحظ أن ابن هشام قال ـ في كتابه شرح قطر الندى : ٢٠١ ـ : «هذا الحد لابن الحاجب» ، وهو اشتباه منه.

(٣) شرح الرضي على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ١ / ٣٣٣.

(٤) الفوائد الضيائية ، عبد الرحمن الجامي ، تحقيق أسامة الرفاعي ١ / ٣٢٠.

(٥) أ ـ الإيضاح في شرح المفصل ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي ١ / ٢٤٤.

٣٤٦

بالملاحظات التالية :

أولا : إنه «لا حاجة إلى قولنا : (الفاعل) بل يكفي أن يقال : هو الذي وقع عليه الفعل ، وإنما قلنا : الفاعل ، لرفع وهم من يتوهم في قولهم : زيد ضربته ، أنه مفعول به ، وليس كذلك ، فإن زيدا فيما فرض ليس موضوعا دالا على تعلق الفعل به ، وإنما هو ههنا مخبر عنه ، وإنما الضمير هو الذي تعلق به الفعل ، ولما رأى المتوهم الضمير هو في المعنى لزيد توهم أنه في معنى الحد المذكور ، وليس كذلك ، فإن هذه الدلالة ليست وضعية ، وإنما هي دلالة عقلية ، والكلام في حدود الألفاظ إنما هو باعتبار الوضع اللغوي ، لا باعتبار الدلالة العقلية» (١).

ثانيا : إن المراد «بالوقوع التعلق المعنوي بالمفعول ، لا الأمر الحسي ، إذ ليس كل الأفعال المتعدية واقعة على مفعولها حسا ، كقولك : علمت زيدا وأردته ... والتعلق المعنوي يشمل الجميع ، فوجب حمله عليه» (٢).

ثالثا : إن وقوع الفعل على المفعول به بمعنى تعلقه به هو الفارق بين الفعل المتعدي والفعل اللازم ، ذلك لأن الفعل المتعدي هو الذي له متعلق تتوقف عقليته عليه (٣) ، ولو قال النحويون في تعريف المفعول به : " هو

__________________

ب ـ الفوائد الضيائية ١ / ٣٢٠.

ج ـ الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمودي ٣ / ٥٤.

د ـ شرح الرضي على الكافية ١ / ٣٣٣.

(١) الأمالي النحوية ٣ / ٥٤.

(٢) الإيضاح في شرح المفصل ١ / ٢٤٤.

(٣) أ ـ الإيضاح في شرح المفصل ١ / ٢٤٤.

ب ـ شرح قطر الندى وبل الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد : ٢٠١.

٣٤٧

الذي تتوقف عقلية الفعل مع ذكر الفاعل عليه ، لكان جيدا» (١).

وقد عقب الرضي على هذه الملاحظة الأخيرة بأنه يلزم من تفسير «وقوع الفعل بتعلقه بما لا يعقل إلا به ... أن تكون المجرورات في : مررت بزيد ، وقربت من عمرو ... مفعولا بها ، ولا شك أنه يقال : إنها مفعول بها ، ولكن بواسطة حرف جر ، ومطلق لفظ المفعول به لا يقع على هذه الأشياء في اصطلاحهم ، وكلامنا في المطلق.

وأيضا فإن معنى : (اشترك) في قولهم : اشترك زيد وعمرو ، لا يفهم بعد إسنادك إياه إلى زيد إلا بشئ آخر وهو عمرو أو غيره ، وليس بمفعول في الاصطلاح» (٢).

وأما الشلوبين (ت ٦٤٥ ه) فقد عرف المفعول به بأنه : «المحل الذي يوقع فيه الفاعل فعله» (٣).

ومثله تعريف الإشبيلي (ت ٦٨٨ ه) إذ قال : «المفعول به : هو المحل الذي أوقع الفاعل به فعله ، فإذا قلت : ضربت زيدا ، فليس زيد مفعولك ، وإنما مفعولك الضرب ، وزيد إنما هو من وقع به الضرب ، فهو مفعول به» (٤).

وعرفه ابن عصفور (ت ٦٦٩ ه) بأنه : " كل فضلة انتصبت عن تمام

__________________

(١) الأمالي النحوية ٣ / ٥٤.

(٢) شرح الرضي على الكافية ١ / ٣٣٤.

(٣) أ ـ التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف المطوع : ١٥٥.

ب ـ شرح المقدمة الجزولية الكبير ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ١ / ٢٤٠.

(٤) البسيط في شرح جمل الزجاجي ، ابن أبي الربيع الإشبيلي ، تحقيق عياد الثبيتي ١ / ٢٦٣.

٣٤٨

الكلام ، يصلح وقوعها في جواب من قال : بأي شئ وقع الفعل ، أو يكون على طريقة ما يصلح ذلك فيه» (١).

وقوله : (كل فضلة انتصبت بعد تمام الكلام) يشمل جميع المفاعيل ، ولأجل ذلك عقبه بقوله : (يصلح وقوعها في جواب ...) ليكون دالا على خصوص المفعول به.

وأما قوله : (أو يكون على طريقة ما يصلح ذلك فيه) فلعله بمعنى قول الرضي : ما جرى مجرى الواقع عليه الفعل ، ليدخل المنصوب في نحو : ما ضربت زيدا.

وأما الرضي (ت ٦٨٦ ه) فقد عرف المفعول به بأنه : «ما يصح أن يعبر عنه باسم مفعول غير مقيد ، مصوغ من عامله المثبت أو المجعول مثبتا ، فبقولنا : (اسم مفعول غير مقيد مصوغ من عامله) يخرج عنه جميع المعمولات ، أما المفعول المطلق ، فلأن الضرب في قولك : (ضربت ضربا) ... وإن كان مفعولا للمتكلم ... إلا أنه لا يقال : إن ضربا مضروب ، وأما سائر المفاعيل فيطلق عليها اسم المفعول المصوغ من عامله ، لكن مقيدا بحرف الجر» (٢).

وقال في آخر التعريف : (أو المجعول مثبتا) ليشمل التعريف المفعول به للفعل المنفي في نحو : ما ضربت زيدا.

وعرفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ ه) بما يقارب تعريف الرضي ، فقال : هو ما «يصدق عليه اسم مفعول تام من لفظ ما عمل فيه ، كقولك : ركب

__________________

(١) المقرب ، ابن عصفور ، تحقيق أحمد الجواري وعبد الله الجبوري ١ / ١١٣.

(٢) شرح الرضي على الكافية ١ / ٣٣٤.

٣٤٩

زيد الفرس ، فالفرس مركوب ... وقولي : تام ، احترازا مما يصدق عليه اسم مفعول مفتقر إلى حرف جر ، نحو : سرت يوم الجمعة ، فيوم الجمعة مسير فيه ، وضربت زيدا تأديبا ، فالتأديب مضروب له» (١).

وقد مال أكثر النحاة بعد ذلك إلى الأخذ بتعريف الزمخشري كابن هشام (ت ٧٦١ ه) (٢) ، والسيوطي (ت ٩١١ ه) (٣) ، والفاكهي (ت ٩٧٢ ه) (٤).

* * *

__________________

(١) شرح ابن الناظم على الألفية : ٩٥.

(٢) أ ـ شرح قطر الندى وبل الصدى : ٢٠١.

ب ـ شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محيي الدين عبد الحميد ، ص ٢١٣.

(٣) همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي ، تحقيق عبد العال سالم مكرم ٣ / ٧.

(٤) شرح الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمد الطيب الإبراهيم : ١٥٠.

٣٥٠

من ذخائر التراث

٣٥١
٣٥٢

٣٥٣
٣٥٤

مقدمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد :

لقد أرسى سيد الكائنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أساس الدعاء لأمته ليبقى تراثا يرتاده الطالبون الحيارى.

وقد رفد هذا التراث من بعده باب مدينة علمه وحكمته سيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وتبعه سبطه الشهيد المظلوم الحسين بن علي عليه‌السلام.

أما الذي أثرى هذا التراث وأغناه فهو رابع الأئمة ، سيد الساجدين ، وزين العابدين ، الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام ، وهذه صحيفته الخالدة الصحيفة السجادية سميت زبور آل محمد عليهم‌السلام وإنجيلهم.

وهكذا يزداد التراث الدعائي متانة في عهد كل إمام حتى عهد الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

٣٥٥

ولم يتوقف نمو هذا التراث بعد الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ، فقد استمر العلماء الأعلام من المتقدمين والمتأخرين في إغنائه ..

ولكن لا بإنشاء الأدعية والمناجاة فحسب ، وإنما بتأليف كتب الأدعية والزيارات ، وتصنيفها وتبويبها ، وبيان خصوصياتها وشرحها.

فهذا شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ، المتوفى عام ٤٦٠ ه ، ألف مصباح المتهجد.

والسيد رضي الدين علي بن طاووس ، المتوفى عام ٦٦٤ ه ، ألف جملة وافرة من كتب الدعاء ، مثل : إقبال الأعمال ومهج الدعوات وغيرهما.

ومؤلف هذا المختصر : جمال الدين ابن فهد الحلي ، المتوفى عام ٨٤١ ه ، ألف عدة الداعي في غاية الجودة ، وقد بلور فيه تهذيب النفس والسير إلى الله تعالى ، والإعراض عن زخارف الدنيا وزينتها.

والشيخ إبراهيم الكفعمي ، المتوفى أواخر القرن التاسع أو أوائل القرن العاشر ، هو الآخر ترك لنا آثارا نفيسة ، مثل : المصباح والبلد الأمين وغيرهما.

وكذا الشيخ البهائي ، المتوفى عام ١٠٣٠ ه ، والعلامة المجلسي ، المتوفى عام ١١١٠ ه ، والسيد علي خان المدني ، المتوفى عام ١١٢٠ ه ، والعلامة محمد إسماعيل المازندراني الخواجوئي ، المتوفى عام ١١٧٣ ه ، والشيخ عباس القمي ، المتوفى عام ١٣٥٩ ه ، والسيد محسن الأمين ، المتوفى عام ١٣٧١ ه .. وهكذا حتى يومنا هذا.

* * *

٣٥٦

ترجمة المؤلف (١)

اسمه ونسبه :

جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الحلي الأسدي.

ولادته ونشأته :

ولد قدس‌سره سنة ٧٥٦ أو ٧٥٧ ه في الحلة السيفية ، وتتلمذ على يد أكابر __________________

(١) تجد ترجمته في : أمل الآمل ٢ / ٢١ رقم ٥٠ ، رياض العلماء ١ / ٦٤ ، لؤلؤة البحرين : ١٥٥ ، الكشكول ـ للبحراني ـ ١ / ٣٠٤ ، رجال السيد بحر العلوم ٢ / ١٠٧ ، مقابس الأنوار : ١٤ ، روضات الجنات ١ / ٧١ رقم ١٧ ، خاتمة مستدرك الوسائل ٢ / ٢٩٢ ، تنقيح المقال ١ / ٩٢ رقم ٥٢٩ ، الكنى والألقاب ١ / ٣٦٨ ، سفينة البحار ٧ / ١٦٣ ، الفوائد الرضوية : ٣٣ ، هدية الأحباب : ٨١ ، مراقد المعارف ١ / ٧٦ رقم ٢١ ، أعيان الشيعة ٣ / ١٤٧ ، طبقات أعلام الشيعة ـ أعلام القرن التاسع ـ : ٩ ، هدية العارفين ١ / ١٢٥ ، الأعلام ـ للزركلي ـ ١ / ٢٢٧ ، معجم المؤلفين ٢ / ١٤٤ ، معجم رجال الحديث ٢ / ١٨٩ رقم ٧٥٤.

وانظر أيضا ما كتبه المحققون الأفاضل : أحمد الموحدي القمي ، والشيخ مجتبى العراقي ، والسيد محمد عبد الرزاق ، والسيد مهدي الرجائي ، في مقدمات الكتب التي حققوها للمؤلف قدس‌سره.

٣٥٧

العلماء حينها ـ كما سيأتي ذكرهم ـ وقد بقي فترة مدرسا في المدرسة الزينية في الحلة ، ثم انتقل إلى كربلاء وبقي فيها ، وأسس حوزتها العلمية ، وازدهرت بانتقاله الحركة العلمية في كربلاء وأصبحت إحدى المراكز العلمية المهمة كالنجف والحلة وبغداد.

الثناء عليه :

١ ـ أمل الآمل : فاضل ، عالم ، ثقة ، صالح ، زاهد ، عابد ، ورع ، جليل القدر.

٢ ـ رياض العلماء : الفاضل ، العالم ، العلامة ، الفهامة ، الثقة ، الجليل ، الزاهد ، العابد ، الورع ، العظيم القدر.

٣ ـ روضات الجنات : الشيخ العالم ، العارف الملي ، وكاشف أسرار الفضائل بالفهم الجلي ... له من الاشتهار بالفضل والإتقان ، والذوق والعرفان ، والزهد والأخلاق ، والخوف والإشفاق ، وغير أولئك من جميل السياق ، ما يكفينا مؤونة التعريف ، ويغنينا عن مرارة التوصيف ، وقد جمع بين المعقول والمنقول ، والفروع والأصول ، والقشر واللب ، واللفظ والمعنى ، والظاهر والباطن ، والعلم والعمل ، بأحسن ما كان يجمع ويكمل.

مشايخه :

١ ـ الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني.

٢ ـ جمال الدين بن الأعرج الحميدي.

٣ ـ الشيخ جلال الدين عبد الله بن شرف شاه.

٣٥٨

٤ ـ الشيخ زين الدين علي بن الخازن الحائري.

٥ ـ السيد المرتضى بهاء الدين علي بن عبد الحميد ، النسابة الحسيني النجفي.

٦ ـ الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي الحائري.

٧ ـ الشيخ الفقيه ضياء الدين علي بن محمد بن مكي ـ ابن الشهيد الأول ـ.

٨ ـ الشيخ ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الحميد النيلي.

٩ ـ الشيخ الفاضل المقداد بن عبد الله السيوري.

إجازات شيوخه له :

١ ـ إجازة الشيخ علي بن محمد بن عبد الحميد النيلي :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين ، وسلم كثيرا.

وبعد :

فقد استخرت الله وأجزت للشيخ الأجل الأوحد ، العالم العامل ، الفاضل الكامل ، الورع المحقق ، افتخار العلماء ، مرجع الفضلاء ، بقية الصالحين ، زين الحاج والمعتمرين ، جمال الملة والحق والدين ، أحمد بن المرحوم شمس الدين محمد بن فهد ، أدام الله فضله ، وكثر في العلماء مثله ... (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٤ / ٢١٥.

٣٥٩

٢ ـ إجازة الشيخ علي بن الحسن بن محمد الخازن :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى على سيد المخلوقات ، محمد وآله خير موال وسادات ، وسلم تسليما.

وبعد :

يقول العبد الفقير إلى الله سبحانه ، الملتجئ إلى عفوه وتجاوزه ، والراجي من فضله وكرمه ، علي بن الحسن بن محمد الخازن بالمشهد المقدس الطاهر الإمامي الحسيني الحائري صلوات الله وسلامه ، وأشرف تحياته على ساكنه وآله :

إنه لما شرفني المولى الفقيه ، العالم العامل ، الورع المخلص الكامل ، جامع الفضائل ، مجمع الأفاضل ، الراغب في اقتناء العلوم العقلية والنقلية ، والمجتهد في تحصيل الكمالات النفسانية ، الفائز بالسهم العلي ، أفضل إخوانه ، إمام الحاج والمعتمرين ، جمال الملة ، ونظام الفرقة ، مولانا جمال الملة والحق والدين ، أحمد بن المرحوم شمس الدين محمد بن فهد الحلي ، لطف الله به ، وجعلني أهلا لما التمس مني ولم أكن أهلا له ، بأن أجيز له ما أجاز لي الشيخ الفقيه إمام المذهب ، خاتمة الكل ، مقتدى الطائفة المحقة ، ورئيس الفرقة الناجية ، السعيد المرحوم ، والشهيد المظلوم ، الفائز بالدرجات العلى والمحل الأسنى ، الشيخ أبو عبد الله محمد بن مكي ، أسكنه الله بحبوحة جنته ، وجعله من الفائزين بمحبته ، المعوضين بما عوض أهل محنته ، بمحمد وأطائب عترته.

فأسرعت إلى ملتمسه ، لوجوب طاعته ، وتحتم إرادته ، واستعنت بواهب العقل ومفيض الجود في التوفيق لمقتضى إرادته ، وشرعت في ثبت

٣٦٠