معجم البلدان - ج ٥

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٥

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

الأرض مما ليس فيه ساق : وهو اسم موضع ، وقيل اسم واد في قول معقل بن خويلد الهذلي :

نزيعا محلبا من أهل لفت

لحيّ بين أثلة والنجام

نُجَانَيْكَث : بالضم ، وبعد الألف نون مفتوحة ، وياء ساكنة ، وكاف مفتوحة ، وثاء مثلثة : من قرى سمرقند.

نَجاوِيز : بفتح أوله ، وبعد الألف واو مكسورة ثم ياء ، وزاي : بلد باليمن في شعر الكميت.

نَجَبٌ : بفتح أوله وثانيه ، وباء موحدة ، والنّجب : قشور الشجر ، ولا يقال لما لان من قشور الأغصان نجب ، والقطعة نجبة : موضع كانت فيه وقعة لبني تميم على بني عامر بن صعصعة ، دعت بنو عامر حسّان ابن معاوية بن آكل المرار الكندي وهو ابن كبشة امرأة من بني عامر بن صعصعة بعد وقعة جبلة بحول إلى غزو بني حنظلة وهوّنوا أمرهم عليه فساروا إليهم في جمع وثروة وقد استعدّ بنو يربوع لهم ووقعت الحرب فقتل ابن كبشة الملك وأسر يزيد بن الصّعق وغيره من وجوه بني عامر ومن تبعهم ، فقال سحيم بن وثيل الرياحي :

ونحن ضربنا هامة ابن خويلد

يزيد وضرّجنا عبيدة بالدّم

بذي نجب إذ نحن دون حريمنا

على كل جيّاش الأجاري مرجم

وقيل : بفتح النون والجيم معا ، ذو نجب واد قرب ماوان في ديار بني محارب ، قال أبو الأحوص الرياحي :

ولو أدركته الخيل ، والخيل تدّعي ،

بذي نجب ما أقرنت وأجلّت

أقرنت أي ضعفت.

النَّجْبُ : بالسكون بعد الفتح ، والباء موحدة ، علم مرتجل : موضع في ديار بني كلاب ، قال القتال الكلابي :

عفا النّجب بعدي فالعريشان فالبتر ،

فبرق نعاج من أميمة فالحجر

النَّجْبَةُ : ماء لبني سلول بالضَّمرين.

نَجْبَةُ : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة : قرية من قرى البحرين لبني عامر بن عبد القيس.

نَجْدَانِ : تثنية نجد ، واشتقاقه ذكر في نجد : موضع يقال له نجدا مريع ، قال الشماخ :

أقول وأهلي بالجناب وأهلها

بنجدين : لا تبرح نوى أمّ حشرج

ونجدان : جبلان بأجإ فيهما نخل وتين ، ونجدان في شعر حميد بن ثور وغيره قال :

دعوت بعجلى واعترتني صبابة ،

وقد جاوزت نجدين أظعان مريما

قال أبو زياد : نجدان مربع في بلاد خثعم.

نُجُدٌ : بضمتين ، لغة هذيل في نجد ، قال السكري : قال الأخفش في قول أبي ذؤيب :

في عانة بجنوب السّيّ مشربها

غور ومصدرها عن مائها نجد

لغة هذيل خاصة نجد يريدون نجدا.

النَّجَدُ : بالفتح ، والتحريك ، وهو البأس والشهرة ، يقال : رجل نجد بيّن النجد : وهو صقع واسع من وراء عمان ، عن ابن موسى.

نَجْدٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، قال النضر : النجد قفاف الأرض وصلابها وما غلظ منها وأشرف ، والجماعة النجاد ، ولا يكون إلا قفّا أو صلابة من

٢٦١

الأرض في ارتفاع من الجبل معترضا بين يديك يردّ طرفك عما وراءه ، يقال : اعل هاتيك النجاد وهذاك النجاد بوجه ، وقال : ليس بالتشديد الارتفاع ، وقال الأصمعي : هي نجود عدّة ، منها : نجد برق واد باليمامة ونجد خال ونجد عفر ونجد كبكب ونجد مريع ، ويقال : فلان من أهل نجد ، وفي لغة هذيل والحجاز : من أهل النّجد ، قال أبو ذؤيب :

في عانة بجنوب السّيّ مشربها

غور ومصدرها عن مائها نجد

قال : وكل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد ، فهي ترعى بنجد وتشرب بتهامة ، وقال الأصمعي : سمعت الأعراب تقول : إذا خلّفت عجلزا مصعدا فقد أنجدت ، وعجلز فوق القريتين ، قال : وما ارتفع عن بطن الرمّة ، والرمة واد معلوم ذكر في موضعه ، فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق ، قال : وسمعت الباهلي يقول : كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى ، وقد ذكر في موضعه ، فهو نجد إلى أن تميل إلى الحرّة فإذا ملت إليها فأنت بالحجاز ، وقيل : نجد إذا جاوزت عذيبا إلى أن تجاوز فيد وما يليها ، وقيل : نجد هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام ، قال السكري : حد نجد ذات عرق من ناحية الحجاز كما تدور الجبال معها إلى جبال المدينة ، وما وراء ذات عرق من الجبال إلى تهامة فهو حجاز كله ، فإذا انقطعت الجبال من نحو تهامة فما وراءها إلى البحر فهو الغور ، والغور وتهامة واحد ، ويقال إن نجدا كلها من عمل اليمامة ، وقال عمارة بن عقيل : ما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق ، وحدّ نجد أسافل الحجاز وهودج وغيره ، وما سال من ذات عرق موليا إلى المغرب فهو الحجاز إلى أن يقطعه تهامة ، وحجاز يحجز أي يقطع بين تهامة وبين نجد ، والذي قرأته في كتاب جزيرة العرب الذي رواه ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه : وما ارتفع عن بطن الرمّة يخفّف ويثقّل فهو نجد ، والرمة فضاء يدفع فيه أودية كثيرة ، وتقول العرب عن لسان الرمة :

كلّ بنيّ فإنه يحسيني

إلا الجريب فإنه يرويني

والجريب : واد عظيم يصبّ في الرمة ، قال : وكان موضع مملكة حجر الكندي بنجد ما بين طميّة وهي هضبة بنجد إلى حمى ضريّة إلى دارة جلجل من العقيق إلى بطن نخلة الشامية إلى حزنة إلى اللقط إلى أفيح إلى عماية إلى عمايتين إلى بطن الجريب إلى ملحوب إلى مليحيب ، فما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق ، وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق ، وقال العتبي : حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال : العرب تقول إذا خلّفت عجلزا مصعدا حتى تنحدر إلى ثنايا ذات عرق فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر ، وإذا عرضت لك الحرار وأنت تنجد فتلك الحجاز ، تقول : احتجزنا الحجاز ، فإذا تصوّبت من ثنايا العرج فقد استقبلت الأراك والمرج وشجر تهامة ، فإذا تجاوزت بلاد فزارة فأنت بالجناب إلى أرض كلب ، ولم يذكر الشعراء موضعا أكثر مما ذكروا نجدا وتشوّقوا إليها من الأعراب المتضمّرة ، وسأورد منه ههنا بعض ما يحضرني ، قال أعرابيّ :

أكرّر طرفي نحو نجد وإنني

إليه ، وإن لم يدرك الطرف ، أنظر

حنينا إلى أرض كأنّ ترابها

إذا مطرت عود ومسك وعنبر

٢٦٢

بلاد كأنّ الأقحوان بروضة

ونور الأقاحي وشي برد محبّر

أحنّ إلى أرض الحجاز وحاجتي

خيام بنجد دونها الطرف يقصر

وما نظري من نحو نجد بنافعي ،

أجل لا ، ولكني إلى ذاك أنظر

أفي كل يوم نظرة ثم عبرة

لعينيك مجرى مائها يتحدّر

متى يستريح القلب إمّا مجاور

بحرب وإمّا نازح يتذكّر

وقال أعرابيّ آخر :

فيا حبّذا نجد وطيب ترابه

إذا هضبته بالعشيّ هواضبه

وريح صبا نجد إذا ما تنسّمت

ضحى أو سرت جنح الظلام جنائبه

بأجرع ممراع كأنّ رياحه

سحاب من الكافور ، والمسك شائبه

وأشهد لا أنساه ما عشت ساعة ،

وما انجاب ليل عن نهار يعاقبه

ولا زال هذا القلب مسكن لوعة

بذكراه حتى يترك الماء شاربه

وقال أعرابيّ آخر :

خليليّ هل بالشام عين حزينة

تبكّي على نجد لعلّي أعينها

وهل بائع نفسا بنفس أو الأسى

إليها فأجلاها بذاك حنينها

وأسلمها الباكون إلا حمامة

مطوّقة قد بان عنها قرينها

تجاوبها أخرى على خيزرانة

يكاد يدنّيها من الأرض لينها

نظرت بعيني مؤنسين فلم أكد

أرى من سهيل نظرة أستبينها

فكذّبت نفسي ثم راجعت نظرة ،

فهيّج لي شوقا لنجد يقينها

وقال أعرابيّ آخر :

سقى الله نجدا من ربيع وصيّف ،

وما ذا ترجّي من ربيع سقى نجدا؟

بلى إنه قد كان للعيس مرّة

وركنا ، وللبيضاء منزلة حمدا

وقال اعرابيّ آخر :

ومن فرط إشفاقي عليك يسرّني

سلوّك عني خوف أن تجدي وجدي

وأشفق من طيف الخيال ، إذا سرى ،

مخافة أن يدري به ساكنو نجد

وأرضى بأن تفديك نفسي من الرّدى ،

ولكنني أخشى بكاءك من بعدي

مذاهب شتّى للمحبين في الهوى ،

ولي مذهب فيهم أقول به وحدي

وقال أعرابيّ آخر :

ألا حبّذا نجد وطيب ترابه ،

وغلظة دنيا أهل نجد ودينها!

نظرت بأعلى الجلهتين فلم أكد

أرى من سهيل لمحة أستبينها

وقال أعرابيّ آخر :

رأيت بروقا داعيات إلى الهوى ،

فبشّرت نفسي أن نجدا أشيمها

إذا ذكر الأوطان عندي ذكرته ،

وبشّرت نفسي أن نجدا أقيمها

٢٦٣

ألا حبّذا نجد ومجرى جنوبه

إذا طاب من برد العشيّ نسيمها!

أجدّك لا ينسيك نجدا وأهله

عياطل دنيا قد تولّى نعيمها

وقال اعرابيّ آخر :

ألا أيها البرق الذي بات يرتقي

ويجلو ذرى الظلماء ذكّرتني نجدا

ألم تر أنّ الليل يقصر طوله

بنجد وتزداد الرياح به بردا؟

وقال أعرابيّ من بني طهيّة :

سمعت رحيل القافلين فشاقني ،

فقلت اقرءوا مني السلام على دعد

أحنّ إلى نجد وإني لآيس

طوال الليالي من قفول إلى نجد

تعزّ فلا نجد ولا دعد فاعترف

بهجر إلى يوم القيامة والوعد

وقال نوح بن جرير بن الخطفى :

ألا قد أرى أنّ المنايا تصيبني ،

فما لي عنهنّ انصراف ولا بدّ

أذا العرش لا تجعل ببغداد ميتتي ،

ولكن بنجد ، حبّذا بلدا نجد!

بلاد نات عنها البراغيث ، والتقى

بها العين والآرام والعفر والرّبد

وقال اعرابيّ آخر :

ألا هل لمحزون ببغداد نازح

إذا ما بكى جهد البكاء مجيب؟

كأني ببغداد ، وإن كنت آمنا ،

طريد دم نائي المحلّ غريب

فيا لائمي في حبّ نجد وأهله ،

أصابك بالأمر المهمّ مصيب

وقال أعرابيّ آخر :

تبدّلت من نجد وممن يحلّه

محلة جند ، ما الأعاريب والجند؟

وأصبحت في أرض البنود وقد أرى

زمانا بأرض لا يقال لها بند

البنود : بأرض الروم كالأجناد بأرض الشام والكور بالعراق والطساسيج لأهل الأهواز والرساتيق لأهل الجبال والمخاليف لأهل اليمن ، وقال أعرابيّ آخر :

لعمريّ لمكّاء يغنّي بقفرة

بعلياء من نجد علا ثم شرّقا

أحبّ إلينا من هديل حمامة ،

ومن صوت ديك هاجه الليل أبلقا

وقال عبد الرحمن بن دارة :

خليليّ إن حانت بحمص منيّتي

فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد

وأدخل على عبد الملك بن مروان عشرة من الخوارج فأمر بضرب رقابهم وكان يوم غيم ومطر ورعد وبرق ، فضربت رقاب تسعة منهم وقدم العاشر ليضرب عنقه فبرقت برقة فأنشأ يقول :

تألّق البرق نجديّا فقلت له :

يا ايها البرق إني عنك مشغول

بذلّة العقل حيران بمعتكف

في كفه كحباب الماء مسلول

فقال له عبد الملك : ما أحسبك إلا وقد حننت إلى وطنك وأهلك وقد كنت عاشقا؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : لو سبق شعرك قتل أصحابك لوهبناهم

٢٦٤

لك ، خلّوا سبيله ، فخلوه ، وقدم بعض أهل هجر إلى بغداد فاستوبأها فقال :

أرى الريف يدنو كلّ يوم وليلة ،

وأزداد من نجد وصاحبه بعدا

ألا إن بغدادا بلاد بغيضة

إليّ ، وإن كانت معيشتها رغدا

بلاد تهبّ الريح فيها مريضة ،

وتزداد خبثا حين تمطر أو تندى

نجْدُ ألْوَذَ : في بلاد هذيل في خبر أبي جندب.

نجدُ أجأ : علم لجبل أسود بأجإ أحد جبلي طيّء.

نجدُ بَرْق : بفتح الباء ، وسكون الراء ، والقاف : واد باليمامة بين سعد ومهب الجنوب.

نجدُ خال : موضع بعينه.

نجدُ الشَّرَى : موضع في شعر ساعدة بن جؤيّة الهذلي حيث قال :

تحمّلن من ذات السّليم كأنها

سفائن يمّ تنتحيها دبورها

ميمّمة نجد الشّرى لا تريمه ،

وكانت طريقا لا تزال تسيرها

نجدُ عُفْر : ذكر في عفر.

نجدُ العُقَاب : قال الأخطل :

ويامنّ عن نجد العقاب وياسرت

بنا العيس عن عذراء دار بني الشّجب

قال : أراد ثنية العقاب المطلة على دمشق ، وعذراء : القرية التي تحت العقبة.

نجد كَبْكَب : بتكرير الكاف والباء ، طريق كبكب : هو الجبل الأحمر الذي تجعله خلف ظهرك إذا وقفت بعرفة ، وقد ذكر في كبكب ، قال امرؤ القيس :

فلله عينا من رأى من تفرّق

أشدّ وأنأى من فراق المحصّب

فريقان منهم قاطع بطن نخلة ،

وآخر منهم جازع نجد كبكب

نجدُ مَريعٍ : بفتح الميم وكسر الراء ثم ياء ساكنة ، وعين مهملة : موضع آخر ، قال ابن مقبل :

أناظر الوصل من غاد فمصروم ،

أم كلّ دينك من دهماء مقروم؟

أم ما تذكّر من دهماء قد طلعت

نجدي مريع وقد شاب المقاديم

وأنشد ابن دريد في كتاب المجتبي :

سألت فقالوا : قد أصابت ظعائن

مريعا ، وأين النجد نجد مريع؟

ظعائن إمّا من هلال فما درى ال

مخبّر أو من عامر بن ربيع

لهنّ زهاء بالفضاء كأنه

مواقر نخل من قطاة تنيع

يقولون مجنون بسمراء مولع ،

ألا حبّذا جنّ بها وولوع!

ولا خير في حبّ يكون كأنه

شغاف أجنّته حشا وضلوع

نجدُ اليَمَن : قال أبو زياد : فأما ديار همدان وأشعر وكندة وخولان فإنها مفترشة في أعراض اليمن وفي أضعافها مخاليف وزروع وبها بواد وقرى مشتملة على بعض تهامة وبعض نجد اليمن في شرقي تهامة ، وهي قليلة الجبال مستوية البقاع ، ونجد اليمن غير نجد الحجاز غير أن جنوبي نجد الحجاز يتصل بشمالي نجد اليمن وبين النجدين وعمان برية ممتنعة ، ونجد اليمن أراد عمرو بن معدي كرب بقوله :

٢٦٥

أولئك معشري وهم خيالي ،

وجدّي في كتيبتهم ومجدي

هم قتلوا عزيزا يوم لحج ،

وعلقمة بن سعد يوم نجد

نَجْرَانُ : بالفتح ثم السكون ، وآخره نون ، والنجران في كلامهم : خشبة يدور عليها رتاج الباب ، وأنشدوا :

وصيت الباب في النجران حتى

تركت الباب ليس له صرير

وقال ابن الأعرابي : يقال لأنف الباب الرتاج ولد رونده النّجاف والنجران ولمترسه المفتاح ، قال ابن دريد : نجران الباب الخشبة التي يدور عليها ، ونجران في عدة مواضع ، منها : نجران في مخاليف اليمن من ناحية مكة ، قالوا : سمي بنجران بن زيدان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان لأنه كان أول من عمرها ونزلها وهو المرعف وإنما صار إلى نجران لأنه رأى رؤيا فهالته فخرج رائدا حتى انتهى إلى واد فنزل به فسمي نجران به ، كذا ذكره في كتاب الكلبي بخط صحيح زيدان بن سبإ ، وفي كتاب غيره زيد ، روى ذلك الزيادي عن الشرقي ، وأما سبب دخول أهلها في دين النصرانية قال ابن إسحاق : حدثني المغيرة بن لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهم أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى يقال له فيميون ، بالفاء ويروى بالقاف ، وكان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بالقرى فإذا عرف بقرية خرج منها إلى أخرى ، وكان لا يأكل إلّا من كسب يديه ، وكان بنّاء يعمل في الطين ، وكان يعظّم الأحد فلا يعمل فيه شيئا فيخرج إلى فلاة من الأرض فيصلي بها حتى يمسي ، ففطن لشأنه رجل من أهل قرية بالشام كان يعمل فيها فيميون عمله ، وكان ذلك الرجل اسمه صالح فأحبه صالح حبّا شديدا فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح فجلس منه منظر العين مستخفيا منه ، فقام فيميون يصلي فإذا قد أقبل نحوه تنّين ، وهو الحية العظيمة ، فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخاف عليه فصرخ : يا فيميون التنين قد أقبل نحوك! فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها فخرج إليه صالح وقال : يا فيميون يعلم الله أنني ما أحببت شيئا قط مثل حبك وقد أحببت صحبتك والكينونة معك حيث كنت ، فقال : ما شئت ، أمري كما ترى فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم ، فلزمه صالح ، وقد كان أهل القرية يفطنون لشأنه ، وكان إذا جاءه العبد وبه ضرّ دعا له فشفي ، وكان إذا دعي لمنزل أحد لم يأته ، وكان لرجل من أهل تلك القرية ولد ضرير فقال لفيميون : إن لي عملا فانطلق معي إلى منزلي ، فانطلق معه فلما حصل في بيته رفع الرجل الثوب عن الصبيّ وقال له : يا فيميون عبد من عباد الله أصابه ما ترى فادع الله له! فدعا الله فقام الصبيّ ليس به بأس ، فعرف فيميون أنه عرف فخرج من القرية واتبعه صالح حتى وطئا بعض أراضي العرب فعدوا عليهما فاختطفهما سيّارة من العرب فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران ، وكان أهل نجران يومئذ على دين العرب يعبدون نخلة لهم عظيمة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة فإذا كان ذلك العيد علّقوا عليها كلّ ثوب حسن وجدوه وحليّ النساء ، فخرجوا إليها يوما وعكفوا عليها يوما ، فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر ، فكان فيميون إذا قام بالليل في بيت له أسكنه إياه سيّده استسرج له البيت نورا حتى يصبح

٢٦٦

من غير مصباح ، فأعجب سيّده ما رأى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون : إنما أنتم على باطل وهذه الشجرة لا تضرّ ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها وهو الله وحده لا شريك له ، فقال له سيّده : افعل فإنك إن فعلت هذا دخلنا في دينك وتركنا ما نحن عليه ، فقام فيميون وتطهّر وصلّى ركعتين ثم دعا الله تعالى عليها فأرسل الله ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها فعند ذلك اتبعه أهل نجران فحملهم على الشريعة من دين عيسى بن مريم ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على غيرهم من أهل دينهم بكلّ أرض فمن هناك كانت النصرانية بنجران من أرض العرب.

قال ابن إسحاق : فهذا حديث وهب بن منبّه عن أهل نجران ، قال : وحدّثني يزيد بن زياد عن محمد ابن كعب القرظي وحدثني أيضا بعض أهل نجران أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأصنام وكان في قرية من قراها قريبا من نجران ، ونجران القرية العظيمة التي إليها إجماع تلك البلاد ، كان عندهم ساحر يعلّم غلمان أهل نجران السحر ، فلما نزلها فيميون ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به ابن منبه إنما قالوا رجل نزلها وابتنى خيمة بين نجران وبين القرية التي بها الساحر ، فجعل أهل نجران يرسلون أولادهم إلى ذلك الساحر يعلّمهم السحر فبعث الثامر ابنه عبد الله مع غلمان أهل نجران فكان ابن الثامر إذا مر بتلك الخيمة أعجبه ما يرى من صلاته وعبادته فجعل يجلس إليه ويسمع منه حتى أسلم وعبد الله تعالى وحده وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى فقه فيه فسأله عن الاسم الأعظم فكتمه إياه وقال : إنك لن تحمله ، أخشى ضعفك عنه ، والثامر أبو عبد الله لا يظنّ إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان ، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضنّ به عنه عمد إلى قداح فجمعها ثم لم يبق لله تعالى اسما يعلمه إلا كتب كل واحد في قدح فلما أحصاها أوقد نارا وجعل يقذفها فيها قدحا قدحا حتى مرّ بالاسم الأعظم فقذفه فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها ولم تضرّه النار شيئا ، فأتى صاحبه فأخبره أنه قد علم الاسم الأعظم وهو كذا ، فقال : كيف علمته؟ فأخبره بما صنع ، فقال : يا ابن أخي قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظنّ أن تفعل ، وجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضرّ إلا قال له : يا عبد الله أتوحّد الله وتدخل في ديني فأدعو الله فيعافيك؟ فيقول : نعم ، فيدعو الله فيشفى حتى لم يبق بنجران أحد به ضرّ إلا أتاه فاتبعه على أمره ودعا له فعوفي ، فرفع أمره إلى ملك نجران فأحضره وقال له : أفسدت عليّ أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي ، لأمثّلنّ بك! فقال : لا تقدر على ذلك ، فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح من رأسه فيقع على الأرض ويقوم وليس به بأس ، وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس ، فلما غلبه قال عبد الله بن الثامر ، لا تقدر على قتلي حتى توحّد الله فتؤمن بما آمنت به فإنك إن فعلت ذلك سلّطت عليّ فتقتلني ، قال : فوحّد الله ذلك الملك وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ثم ضربه بعصا كانت في يده فشجّه شجّة غير كبيرة فقتله ، قال عبيد الله الفقير إليه : فاختلفوا ههنا ، ففي حديث رواه الترمذي من طريق ابن أبي ليلى عن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، على غير هذا السياق وإن قاربه في المعنى ، فقال : إن الملك لما رمى الغلام في رأسه وضع الغلام يده على صدغه ثم مات ، فقال أهل نجران : لقد علم هذا الغلام علما ما علمه

٢٦٧

أحد فإنّا نؤمن بربّ هذا الغلام ، قال : فقيل الملك أجزعت أن خالفك ثلاثة؟ فهذا العالم كلهم قد خالفوك! قال : فخدّ أخدودا ثم ألقى فيه الحطب والنار ثم جمع الناس وقال : من رجع عن دينه تركناه ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار ، فجعل يلقيهم في ذلك الأخدود ، فذلك قوله تعالى : قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود ، حتى بلغ إلى : العزيز الحميد ، وأما الغلام فإنه دفن وذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل ، روى هذا الحديث الترمذي عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق ابن معمر ، ورواه مسلم عن هدّاب بن خالد عن حماد بن سلمة ثم اتفقا ، عن سالم عن ابن أبي ليلى عن صهيب عن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وفي حديث ابن إسحاق : إن الملك لما قتل الغلام هلك مكانه واجتمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر وهو النصرانية وكان على ما جاء به عيسى ، عليه السّلام ، من الإنجيل وحكمه ، ثم أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث ، فمن هنالك أصل النصرانية بنجران ، قال : فسار إليهم ذو نواس بجنوده فدعاهم إلى اليهودية وخيّرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل ، فخدّ لهم الأخدود فحرق من حرق في النار وقتل من قتل بالسيف ومثّل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا ، ففي ذي نواس وجنوده أنزل الله تعالى : قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود ، إلى آخر الآية ، قال عبيد الله الفقير إليه : خبر الترمذي ومسلم أعجب إليّ من خبر ابن إسحاق لأن في خبر ابن إسحاق أن الذي قتل النصارى ذو نواس وكان يهوديّا صحيح الدين اتبع اليهودية بآيات رآها ، كما ذكرناه في امام من هذا الكتاب ، من الحبرين اللذين صحباه من المدينة ودين عيسى إنما جاء مؤيدا ومسددا للعمل بالتوراة فيكون القاتل والمقتول من أهل التوحيد والله قد ذمّ المحرق والقاتل لأصحاب الأخدود فبعد إذا ما ذكره ابن إسحاق وليس لقائل أن يقول إن ذا نواس بدّل أو غيّر دين موسى ، عليه السلام ، لأن الأخبار غير شاهدة بصحة ذلك ، وأما خبر الترمذي أن الملك كان كافرا وأصحاب الأخدود مؤمنين فصحّ إذا ، والله أعلم ، وفتح نجران في زمن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، في سنة عشر صلحا على الفيء وعلى أن يقاسموا العشر ونصف العشر ، وفيها يقول الأعشى :

وكعبة نجران حتم علي

ك حتى تناخي بأبوابها

نزور يزيدا وعبد المسيح

وقيسا هم خير أربابها

وشاهدنا الورد والياسمي

ن والمسمعات بقصّابها

وبربطنا دائم معمل ،

فأيّ الثلاثة أزرى بها؟

وكعبة نجران هذه يقال بيعة بناها بنو عبد المدان بن الدّيّان الحارثي على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة وسموها كعبة نجران وكان فيها أساقفة معتمّون وهم الذين جاءوا إلى النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، ودعاهم إلى المباهلة ، وذكر هشام بن الكلبي أنها كانت قبّة من أدم من ثلاثمائة جلد ، كان إذا جاءها الخائف أمن أو طالب حاجة قضيت أو مسترفد أرفد ، وكان لعظمها عندهم يسمّونها كعبة نجران ، وكانت على نهر بنجران ، وكانت لعبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل ، وكان يستغلّ

٢٦٨

من ذلك النهر عشرة آلاف دينار وكانت القبّة تستغرقها ، ثم كان أول من سكن نجران من بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان يزيد بن عبد المدان ، وذلك أن عبد المسيح زوّجه ابنته دهيمة فولدت له عبد الله بن يزيد ومات عبد الله بن يزيد فانتقل ماله إلى يزيد فكان أول حارثيّ حلّ في نجران ، وكان من أمر المباهلة ما ليس ذكره من شرط كتابي ذا وقد ذكرته في غيره ، وقد روي عن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال : القرى المحفوظة أربع : مكة والمدينة وإيلياء ونجران ، وما من ليلة إلا وينزل على نجران سبعون ألف ملك يسلمون على أصحاب الأخدود ولا يرجعون إليها بعد هذا أبدا ، قال أبو عبيد في كتاب الأموال : حدثني يزيد عن حجاج عن ابن الزبير عن جابر قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، لأخرجنّ اليهود والنصارى عن جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما ، قال : فأخرجهم عمر ، رضي الله عنه ، قال : وإنما أجاز عمر إخراج أهل نجران وهم أهل صلح بحديث روي عن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، فيهم خاصة عن أبي عبيدة بن الجرّاح ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه كان آخر ما تكلم به أنه قال : أخرجوا اليهود من الحجاز وأخرجوا أهل نجران من جزيرة العرب ، وعن سالم بن أبي الجعد قال : جاء أهل نجران إلى عليّ ، رضي الله عنه ، فقالوا : شفاعتك بلسانك وكتابتك بيدك ، أخرجنا عمر من أرضنا فردّها إلينا صنيعة ، فقال : يا ويلكم إن كان عمر رشيد الأمر فلا أغيّر شيئا صنعه! فكان الأعمش يقول : لو كان في نفسه عليه شيء لاغتنم هذا. ونجران أيضا : موضع على يومين من الكوفة فيما بينها وبين واسط على الطريق ، يقال إن نصارى نجران لما أخرجوا سكنوا هذا الموضع وسمّي باسم بلدهم ، وقال عبيد الله بن موسى بن جار بن الهذيل الحارثي يرثي عليّ بن أبي طالب ويذكر أنه حمل نعشه في هذا الموضع فقال:

بكيت عليّا جهد عيني فلم أجد

على الجهد بعد الجهد ما أستزيدها

فما أمسكت مكنون دمعي وما شفت

حزينا ولا تسلى فيرجى رقودها

وقد حمل النّعش ابن قيس ورهطه

بنجران والأعيان تبكي شهودها

على خير من يبكى ويفجع فقده ،

ويضربن بالأيدي عليه خدودها

ووفد على النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وفد نجران وفيهم السيّد واسمه وهب والعاقب واسمه عبد المسيح والأسقف وهو أبو حارثة ، وأراد رسول الله ، صلى الله عليه وسلّم ، مباهلتهم فامتنعوا وصالحوا النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، فكتب لهم كتابا ، فلما ولي أبو بكر ، رضي الله عنه ، أنفذ ذلك لهم ، فلما ولي عمر ، رضي الله عنه ، أجلاهم واشترى منهم أموالهم ، فقال أبو حسّان الزيادي : انتقل أهل نجران إلى قرية تدعى نهر ابان من أرض الهجر المنقطع من كورة البهقباذ من طساسيج الكوفة وكانت هذه القرية من الضواحي وكان كسرى أقطعها امرأة يقال لها ابان وكان زوجها من أوراد المملكة يقال له باني وكان قد احتفر نهر الضيعة لزوجته وسماه نهر ابان ثم ظهر عليها الإسلام وكان أولادها يعملون في تلك الأرض ، فلما أجلى عمر ، رضي الله عنه ، أهل نجران نزلوا

٢٦٩

قرية من حمراء ديلم يرتادون موضعا فاجتاز بهم رجل من المجوس يقال له فيروز فرغب في النصرانية فتنصر ثم أتى بهم حتى غلبوا على القرية وأخرجوا أهلها عنها وابتنوا كنيسة دعوها الأكيراح ، فشخصوا إلى عمر فتظلّموا منهم فكتب إلى المغيرة في أمرهم فرجع الجواب وقد مات عمر ، رضي الله عنه ، فانصرف النجرانيون إلى نهر ابان واستقروا به ، ثم شخص العجم إلى عثمان ، رضي الله عنه ، فكتب في أمرهم إلى الوليد بن عتبة فألفوه وقد أخرجه أهل الكوفة فانصرف النجرانيون إلى قريتهم وكثر أهلها وغلبوا عليها.

ونجران أيضا : موضع بالبحرين فيما قيل. ونجران أيضا : موضع بحوران من نواحي دمشق وهي بيعة عظيمة عامرة حسنة مبنية على العمد الرخام منمّقة بالفسيفساء وهو موضع مبارك ينذر له المسلمون والنصارى ، ولنذور هذا الموضع قوم يدورون في البلدان ينادون من نذر نذر نجران المبارك ، وهم ركاب الخيل ، وللسلطان عليهم قطيعة وافرة يؤدّونها إليه في كل عام ، وقيل : هي قرية أصحاب الأخدود باليمن ، ينسب إليها يزيد بن عبد الله بن أبي يزيد النجراني يكنى أبا عبد الله من أهل دمشق من نجران التي بحوران ، روى عن الحسين بن ذكوان والقاسم بن أبي عبد الرحمن ومسحر السكسكي ، روى عنه يحيى بن حمزة وسويد ابن عبد العزيز وصدقة بن عبد الله وأيوب بن حسّان وهشام بن الغاز ، وقال أبو الفضل المقدسي النجراني : والنجراني الأول منسوب إلى نجران هجر وفيهم كثرة ، قال عبيد الله الفقير إليه : هذا قول فيه نظر فإن نجران هجر مجهول والمنسوب إليه معدوم ، وقال أبو الفضل : والثاني نجران اليمن ، منهم : عبيد الله ابن العباس بن الربيع النجراني ، حدث عن محمد بن إبراهيم البيلماني ، روى عنه محمد بن بكر بن خالد النيسابوري ونسبه إلى نجران اليمن وقال : سمعت منه بعرفات ، وقال الحازمي : وممن ينسب إلى نجران بشر بن رافع النجراني أبو الأسباط اليماني ، حدث عنه حاتم بن إسماعيل وعبد الرزاق ، وينسب إلى نجران اليمن أيضا أبو عبد الملك محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري يقال له النجراني لأنه ولد بها في حياة رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، سنة عشر وولّاه الأنصار أمرهم يوم الحرّة فقتل بها سنة ٦٣ ، روى عنه ابنه أبو بكر ، وقد أكثرت الشعراء من ذكر نجران في أشعارها ، قال اعرابيّ :

إن تكونوا قد غبتم وحضرنا ،

ونزلنا أرضا بها الأسواق

واضعا في سراة نجران رحلي ،

ناعما غير أنني مشتاق

وقال عطارد بن قرّان أحد اللصوص وكان قد أخذ وحبس بنجران :

يطول عليّ الليل حتى أملّه

فأجلس والنهديّ عندي جالس

كلانا به كبلان يرسف فيهما ،

ومستحكم الأقفال أسمر يابس

له حلقات فيه سمر يحبها ال

عناة كما حبّ الظماء الخوامس

إذا ما ابن صبّاح أرنّت كبوله

لهنّ على ساقيّ وهنا وساوس

تذكّرت هل لي من حميم يهمّه

بنجران كبلاي اللذان أمارس

فأما بنو عبد المدان فإنهم

وإني من خير الحصين ليائس

٢٧٠

روى نمر من أهل نجران أنكم

عبيد العصا لو صبّحتكم فوارس

نَجْرٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء ، وله إذا كان بهذه الصيغة معان : النجر اللون ، قال :

نجار كلّ إبل نجارها ،

ونار إبل العالمين نارها

يصف إبلا مسروقة ففيها من كل لون ، والنجر : السّوق الشديد ، قال ابن الأعرابي : النجر شكل الإنسان وهيئته ، والنجر : القطع ، ومنه نجر النجار ، والنجر : كثرة شرب الماء ، والنجار : الأصل ، ونجر : علم لأرض مكة والمدينة.

النَّجَفُ : بالتحريك ، قال السهيلي : بالفرع عينان يقال لإحداهما الرّبض وللأخرى النجف تسقيان عشرين ألف نخلة ، وهو بظهر الكوفة كالمسنّاة تمنع مسيل الماء أن يعلو الكوفة ومقابرها ، والنجف : قشور الصّلّيان ، وبالقرب من هذا الموضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وقد ذكرته الشعراء في أشعارها فأكثرت ، فقال علي بن محمد العلوي المعروف بالحمّاني الكوفي :

فيا أسفي على النجف المعرّى ،

وأودية منوّرة الأقاحي

وما بسط الخورنق من رياض

مفجّرة بأفنية فساح

ووا أسفا على القنّاص تغدو

خرائطها على مجرى الوشاح

وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي يمدح الواثق ويذكر النجف :

يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف

نحيّ دارا لسعدى ثم ننصرف

وابك المعاهد من سعدى وحارتها ،

ففي البكاء شفاء الهائم الدّنف

أشكو إلى الله يا سعدى جوى كبد

حرّى عليك متى ما تذكري تجف

أهيم وجدا بسعدى وهي تصرمني ،

هذا ، لعمرك ، شكل غير مؤتلف

دع عنك سعدى فسعدى عنك نازحة ،

واكفف هواك وعدّ القول في لطف

ما إن أرى الناس في سهل ولا جبل

أصفى هواء ولا أعذى من النّجف

كأنّ تربته مسك يفوح به ،

أو عنبر دافه العطّار في صدف

حفّت ببرّ وبحر من جوانبها ،

فالبرّ في طرف والبحر في طرف

وبين ذاك بساتين يسيح بها

نهر يجيش بجاري سيله القصف

وما يزال نسيم من أيامنه

يأتيك منها بريّا روضة أنف

تلقاك منه قبيل الصبح رائحة

تشفي السقيم إذا أشفى على التلف

لو حلّه مدنف يرجو الشفاء به

إذا شفاه من الأسقام والدّنف

يؤتى الخليفة منه كلما طلعت

شمس النهار بأنواع من التّحف

والصّيد منه قريب إن هممت به

يأتيك مؤتلفا في زيّ مختلف

فيا له منزلا طابت مساكنه

بجيز من حاز بيت العزّ والشرف

٢٧١

خليفة واثق بالله همّته

تقوى الإله بحق الله معترف

ولبعض أهل الكوفة :

وبالنّجف الجاري ، إذا زرت أهله ،

مها مهملات ما عليهنّ سائس

خرجن بحبّ اللهو في غير ريبة

عفائف باغي اللهو منهن آيس

يردن إذا ما الشمس لم يخش حرّها

ظلال بساتين جناهنّ يابس

إذا الحرّ آذاهنّ لذن بغينة

كما لاذ بالظل الظباء الكوانس

لهنّ ، إذا استعرضتهنّ عشيّة

على ضفّة النهر المليح ، مجالس

يفوح عليك المسك منها وإن تقف

تحدّث وليست بينهنّ وساوس

ولكن نقيّات من اللؤم والخنا

إذا ابتزّ عن أبشارهنّ الملابس

النَّجَفَةُ : بالتحريك ، مثل الذي قبله وزيادة هاء ، والنجفة تكون في بطن الوادي شبه جدار ليس بعريض له طول منقاد من بين معوجّ ومستقيم لا يعلوها الماء وقد يكون في بطن الأرض ، وقد يقال لإبط الكثيب نجفة الكثيب ، وهو الموضع الذي تصفّقه الرياح فتنجّفه فيصير كأنه جرف منخرق ، وقبر منجوف : هو الذي يحفر في عرضه وهو غير مضروح أي موسّع ، والنجفة : موضع بين البصرة والبحرين ، وقال السكوني : النجفة رملة فيها نخل تحفر له فيخرج الماء ، وهو في شرقي الحاجر بالقرب منه.

نُجْلٌ : بالضم ثم السكون ، وآخره لام ، وهو جمع نجل ، وله معان : النجل الولد ، والنجل الماء المستنقع ، والنجل النزّ ، قال الأصمعي : النجل يستنجل من الأرض أي يستخرج ، والنجل الجمع الكثير من الناس ، والنجل المحجة ، والنجل سلخ الجلد من قفاه ، والنجل إثارة أخفاف الإبل الكمأة وإظهارها ، والنجل السير الشديد ، والنجل محو الصبيّ اللوح ، والنجل رميك بالشيء ، والنجل سعة العين مع حسنها ، فهذه اثنا عشر وجها في النجل ، والنّجل : قرية أسفل صفينة بين أفيعية وأفاعية وهي مرحلة من مراحل طريق مكة وبها ماء ملح ويستعذب لها من النجارة والنّجير ومن ماء يقال له ذو محبلة.

نَجْوَةُ : بمعنى الموضع المرتفع ، بفتح أوله ، وسكون ثانية ، وفتح الواو ، ونجوة بني فيّاض : بالبحرين قرية لعبد القيس.

نُجَهْ : بالضم ثم الفتح والتخفيف : مدينة في أرض بربرة الزنج على ساحل البحر بعد مدينة يقال لها مركه ، ومركه بعد مقدشوه في بحر الزنج.

نَجْهُ الطّير : موضع بين مصر وأرض التيه ، له ذكر في خبر المتنبي نقلته من خط الخالدي ، والله أعلم.

النُّجَيْرُ : هو تصغير النجر ، وقد تقدم اشتقاقه : حصن باليمن قرب حضرموت منيع لجأ إليه أهل الردّة مع الأشعث بن قيس في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، فحاصره زياد بن لبيد البياضي حتّى افتتحه عنوة وقتل من فيه وأسر الأشعث بن قيس وذلك في سنة ١٢ للهجرة ، وكان الأشعث بن قيس قد قدم على النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، في وفد كندة من حضرموت فأسلموا وسألوا أن يبعث عليهم رجلا يعلّمهم السنن ويجبي صدقاتهم ، فأنفذ معهم زياد بن لبيد البياضي عاملا للنبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، يجبيهم ، فلما مات النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، خطبهم زياد ودعاهم إلى بيعة أبي

٢٧٢

بكر ، رضي الله عنه ، فنكص الأشعث عن بيعة أبي بكر ، رضي الله عنه ، ونهاه ابن امرئ القيس بن عابس فلم ينته فكتب زياد إلى أبي بكر بذلك فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية وكان على صنعاء بعد قتل العنسي أن يمدّ زيادا بنفسه ويعينه على مخالفي الإسلام بحضرموت ، وكتب إلى زياد أن يقاتل مخالفي الإسلام بمن عنده من المسلمين ، فجمع زياد جموعه وواقع مخالفيه فنصره الله عليهم حتى تحصنوا بالنّجير فحصرهم فيه إلى أن أعيوا عن المقام فيه فاجتمعوا إلى الأشعث وسألوه أن يأخذ لهم الأمان ، فأرسل إلى زياد بن لبيد يسأله الأمان حتى يلقاه ويخاطبه فآمنه ، فلما اجتمع به سأله أن يؤمّن أهل النّجير ويصالحهم فامتنع عليه ورادّه حتى آمن سبعين رجلا منهم وأن يكون حكمه في الباقي نافذا ، فخرج سبعون فأراد قتل الأشعث وقال له : قد أخرجت نفسك من الأمان بتكملة عدد السبعين ، فسأله أن يحمله إلى أبي بكر ليرى فيه رأيه فآمنه زياد على أن يبعث به وبأهله إلى أبي بكر ليرى فيه رأيه ، وفتحوا له حصن النجير وكان فيه كثير فعمد إلى أشرافهم نحو سبعمائة رجل فضرب أعناقهم على دم واحد ولام القوم الأشعث وقالوا لزياد : إن الأشعث غدر بنا ، أخذ الأمان لنفسه وأهله وماله ولم يأخذ لنا وإنما نزل على أن يأخذ لنا جميعا ، وأبى زياد أن يواري جثث من قتل وتركهم للسباع ، وكان هذا أشدّ على من بقي من القتل ، وبعث السبي مع نهيك بن أوس بن خزيمة وكتب إلى أبي بكر : إنّا لم نؤمنه إلا على حكمك ، وبعث الأشعث في وثاق وأهله وماله معه ، فترى فيه رأيك ، فأخذ أبو بكر يقرّع الأشعث ويقول له : فعلت وفعلت ، فقال الأشعث : أيها الرجل استبقني لحربك وزوّجني أختك أمّ فروة بنت أبي قحافة ، ففعل أبو بكر ذلك وكان الأشعث بالمدينة مقيما حتى ندب عمر الناس لقتال الفرس فخرج فيهم ، وقال أبو صبيح السكوني :

ألا بلّغا عني ابن قيس وبرمة :

أأنفذت قولي بالفعال المصدّق

أقلّت عديد الحارثيين بعد ما

دعتهم سجوع ذات جيد مطوّق

فيا لهف نفسي ، لهف نفسي على الذي

سبانا بها من غيّ عمياء موبق

فأفنيت قومي في ألايا توكدت ،

وما كنت فيها بالمصيب الموفّق

وقال عرّام : حذاء قرية صفينة ماءة يقال لها النجير وبحذائها ماءة يقال لها النجارة بئر واحدة وكلاهما فيه ملوحة وليست بالشديدة ، قال كثير :

وطبّق من نحو النجير كأنه

بأليل لما خلّف النخل ذامر

وقال الأعشى ميمون بن قيس يمدح النبي ، صلّى الله عليه وسلّم :

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ،

وبتّ كما بات السليم مسهّدا

وما ذاك من عشق النساء وإنما

تناسيت قبل اليوم خلّا مهدّدا

ولكن أرى الدهر الذي هو خائن

إذا أصلحت كفّاي عاد فأفسدا

كهولا وشبّانا فقدت وثروة ،

فلله هذا الدهر كيف تردّدا!

وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع

وليدا وكهلا ، حين شبت ، وأمردا

٢٧٣

وأبتذل العيس المراقيل تغتلي

مسافة ما بين النّجير وصرخدا

وقال أبو دهبل الجمحي :

أعرفت رسما بالنّجي

ر عفا لزينب أو لساره

لعزيزة من حضرمو

ت على محيّاها النضارة

نُجَيْرٌ : تصغير نجار : وهو في الأصل ماء في ديار بني تميم ، كذا قاله الأصمعي.

نَجَيْرَمُ : بفتح أوله وثانيه ، وياء ساكنة ، وراء مفتوحة ، وميم ، ويروى بكسر الجيم ، وربما قيل نجارم ، بالألف بعد الجيم ، قال السمعاني : هي محلة بالبصرة ، قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب : نجيرم بليدة مشهورة دون سيراف مما يلي البصرة على جبل هناك على ساحل البحر رأيتها مرارا ليست بالكبيرة ولا بها آثار تدل على أنها كانت كبيرة أولا ، فإن كان بالبصرة محلة يقال لها نجيرم فهم ناقلة هذا الاسم إليها وليس مثلها ما ينقل منها قوم يصير لهم محلّة ، وقد نسب إليها قوم من أهل الأدب والحديث ، منهم : إبراهيم بن عبد الله النجيرمي ويوسف بن يعقوب النجيرمي وابنه بهزاد بن يوسف.

النُّجَيْل : تصغير النجل ، وقد ذكرت في معنى النجل اثني عشر وجها قبل هذا : وهو من أعراض المدينة من ينبع ، قال كثيّر :

وحتى أجازت بطن ضاس ودونها

رعان فهضبا ذي النّجيل فينبع

نَجِيلٌ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء ساكنة ، ولام ، وهو ضرب من الحمض معروف : وأيضا هو قاع قريب من المسلح والأثم فيه مزارع على السّواني ، قال كثير :

كأني ، وقد جاوزت برقة واسط

وخلّفت أحواض النجيل ، طعين

النُّجيلَةُ : تصغير النجلة ، وقد تقدم ذكره : ماء في بطن النّشّاش واد بين اليمامة وضريّة.

النُّجيمِيّةُ : من قرى عثر من جهة اليمن.

باب النون والحاء وما يليهما

نَحَا : بالفتح ، والقصر ، كأنه من نحا نحوه قصد قصده ، فهو منقول عن الفعل الماضي : وهو شعب بتهامة لهذيل.

نَحَائِتُ : بالفتح ، يشبه أن يكون جمع نحيت وهو الشيء المنحوت ، وجمل نحيت إذا نحتت مناسمه ، أو جمع النحاتة ما ينحت من الخشب : اسم موضع ، قال زهير :

لمن الديار بقنّة الحجر

أقوين من حجج ومن شهر

لعب الرياح بها وغيّرها

بعدي سوافي المور والقطر

قفرا بمندفع النحائت من

ضفوى ألات الضال والسّدر

قالوا في تفسيره : مندفع حيث يندفع الماء إلى النحائت ، والنحائت : آبار في موضع معروف يقال لها النحائت ، فليس كل الآبار تسمى النحائت.

نَحْلُ : بالفتح ثم السكون ، ولام ، بلفظ النحل من الزنابير : قرية من قرى بخارى ، ينسب إليها منيح بن يوسف بن سيف بن الخليل النحلي البخاري ، حدث عن المسيب بن إسحاق ومحمد بن سلّام ، روى عنه ابنه أبو عبد الرحمن عبد الله النحلي ، ومات سنة ٢٦٤ ، والنحلي

٢٧٤

وزير المعتمد بن عبّاد لا أدري إلى أي شيء نسب ، ومن شعره وقد حبسه المعتمد بن عبّاد صاحب إشبيلية :

رأيتك تكسوني غفارة سندس

بثوب حرير فيه للرقم ألوان

فعبّر لي أن الحرير جريرة ،

وعبّر لي أن الغفارة غفران

نَحْلَةُ : واحدة من النحل الذي قبله : قرية بينها وبين بعلبك ثلاثة أميال ، إياها عنى أبو الطيّب فيما أحسب بقوله :

ما مقامي بدار نحلة إلا

كمقام المسيح بين اليهود

نَحْلِينُ : بكسر أوله ، وسكون الحاء ، وكسر اللام ، وياء ساكنة ، ونون : قرية من قرى حلب ، ينسب إليها أبو محمد عامر بن سيّار النّحليني ، حدّث عن عبد الأعلى بن أبي المساور وعطّاف بن خالد ، روى عنه محمد بن حميد الرازي ونفر سواه.

نَحِيزَةُ : بالفتح ثم الكسر ، وياء ساكنة ، وزاي ، ولها في اللغة معان كثيرة : نحيزة الرجل طبيعته ، والنحيزة : طرّة تنسج ثم تخاط على الفساطيط شبه الشقّة ، والنحيزة : العرقة ، قال ابن شميل : والنحيزة طريقة سوداء كأنها خطّ مستوية مع الأرض خشنة لا يكون عرضها ذراعين وإنما هي علامة في الأرض من حجارة أو طين أسود ، قال الأصمعي : النحيزة الطريق بعينه شبه بخطوط الثوب ، قال أبو زيد : النحيزة من الشّعر يكون عرضها شبرا تعلّق على الهودج يزيّنونه بها وربما رقموها بالعهن ، قال أبو عمرو : النحيزة النسيجة شبه الحزام يكون على الفساطيط التي تكون على البيوت تنسج وحدها ، وكأن النحائز من الطرق مشبهة بها ، قال أبو خيرة : النحيزة جبل منقاد في الأرض ، والأصل في جميع ما ذكر واحد وهو الطريقة المستدقة. والنحيزة : واد في ديار غطفان ، عن ابن موسى.

باب النون والخاء وما يليهما

نُخال : بالضم ، وآخره لام : علم مرتجل لاسم شعب من شعب ، وشعب : واد يصب في الصفراء بين مكة والمدينة ، قال كثير :

وذكرت عزّة إذ تصاقب دارها

برحيّب فأرابن فنخال

نُخَانُ : بالضم ، وآخره نون : قرية على باب أصبهان يقال لها مدينة جيّ أو بقربها أو محلّة منها ، وقد نسب إليها أبو جعفر زيد بن بندار بن زيد النخاني الفقيه الأصبهاني ، سمع القعنبي وعثمان بن أبي شيبة وغيرهما ، روى عنه أحمد بن محمد بن نصر الأصبهاني ، وتوفي سنة ٢٧٣.

نَخِبٌ : بالفتح ثم الكسر ثم باء موحدة ، فلان نخب الفؤاد إذا كان جبانا : وهو واد بالطائف ، عن السّكوني ، وأنشد :

حتى سمعت بكم ودعتم نخبا ،

ما كان هذا بحين النفر من نخب

وفي شعر أبي ذؤيب يصف ظبية وولدها :

لعمرك ما عيناء تنسأ شادنا

يعنّ لها بالجزع من نخب النجل

النجل ، بالجيم : النزّ ، وأضافه إلى النجل لأن به نجالا كما قيل نعمان الأراك لأن به الأراك ، ويقال : نخب واد بالسراة ، وقال الأخفش : نخب واد بأرض هذيل ، وقيل : واد من الطائف على ساعة ، ورواه بفتحتين ، مرّ به النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، من طريق يقال لها

٢٧٥

الضيقة ثم خرج منها على نخب حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة.

نَخْجُوَانُ : بالفتح ثم السكون ، وجيم مضمومة ، وآخره نون ، وبعضهم يقول نقجوان ، والنسبة إليها نشويّ على غير أصلها : بلد بأقصى أذربيجان ، وقد ذكر في موضع آخر.

نُخَذُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وذال معجمة لفظة عجمية : ناحية خراسانية بين عدة نواح ، منها : الفرياب وذمّ واليهودية وآمل.

النُّخَرُ : بوزن زفر ، والنخرة : رأس الأنف ، والجمع نخر : اسم موضع في حسبان ابن دريد.

نَخْرَةُ : بالفتح ثم السكون ، والراء ، يقال : نخر الحمار نخيرا بأنفه إذا صوّت ، والواحدة نخرة : وهو جبل في السراة.

نَخْشَبُ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة مفتوحة ، وباء موحدة : من مدن ما وراء النهر بين جيحون وسمرقند وليست على طريق بخارى فإن القاصد من بخارى إلى سمرقند يجعل نخشب عن يساره وهي نسف نفسها المذكورة في بابها ، بينها وبين سمرقند ثلاث مراحل ، ينسب إليها الحافظ عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم بن رمضان بن علي بن أفلح أبو محمد بن أبي جعفر بن أبي بكر النسفي النخشبي العاصمي أحد الأئمة ، مات سنة ٤٥٦ ، قاله هبة الله الأكفاني ، سمع أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عمر وأبا القاسم علي بن محمد الصحّاف وأبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب الأصبهاني وأبا طالب بن غيلان وأبا محمد الجوهري وأبا علي المذهب وأبا عبد الله الصوري وأبا العباس جعفر بن محمد المستغفري النخشبي بها وقدم دمشق وحدث بها ، روى عنه عبد العزيز الكناني وأبو بكر الخطيب وغيرهما ، قال : ولم يبلغ الأربعين ، ومات بنخشب سنة ٤٥٢.

نخلا : ناحية من نواحي الموصل الشرقية قرب الخازر ، وهو اسم الكورة التي يسقيها الخازر.

نَخْلانُ : من نواحي اليمن ، قال أبو دهبل الشاعر :

إن تمس عن منقلى نخلان مرتحلا

يرحل عن اليمن المعروف والجود

نَخْلَتان : تثنية نخلة ، قال السكري : عن يمين بستان ابن عامر وشماله نخلتان يقال لهما النخلة اليمانية والنخلة الشامية ، قاله في تفسير قول جرير :

إنّي تذكّرني الزبير حمامة

تدعو بمجمع نخلتين هديلا

قالت قريش : ما أذلّ مجاشعا

جارا وأكرم ذا القتيل قتيلا!

وقال الفأفاء بن برمة من بني عوف بن عمرو بن كلاب الكلابي :

عسى إن حججنا نلتقي أمّ واهب ،

وتجمعنا من نخلتين طريق

وتنضمّ أعضاء المطيّ وبيننا

لغا في حديث دون كلّ رفيق (١)

نَخْلٌ : بالفتح ثم السكون ، اسم جنس النخلة : منزل من منازل بني ثعلبة من المدينة على مرحلتين ، وقيل : موضع بنجد من أرض غطفان مذكور في غزاة ذات الرقاع ، وهو موضع في طريق الشام من ناحية مصر ، ذكره المتنبي فقال :

فمرّت بنخل وفي ركبها

عن العالمين وعنه غنى

وقيل في شرح قول كثير :

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.

٢٧٦

وكيف ينال الحاجيّة آلف

بيليل ممساه وقد جاوزت نخلا؟

نخل : منزل لبني مرّة بن عوف على ليلتين من المدينة ، وقال زهير :

وإني لمهد من ثناء ومدحة

إلى ماجد تبقى لديه الفواضل

أحابي به ميتا بنخل وأبتغي

إخاءك بالقيل الذي أنا قائل

نخلة القُصْوَى : واحدة النخل ، والقصوى تأنيث الأقصى ، قال جرير (١) :

كم دون أسماء من مستعمل قذف ،

ومن فلاة بها تستودع العيس

حنّت إلى نخلة القصوى فقلت لها :

بسل عليك ألا تلك الدهاريس

أمّي شآميّة إذ لا عراق لنا

قوما نودّهم إذ قومنا شوس

نخلة الشامِيّةُ : واديان لهذيل على ليلتين من مكة يجتمعان ببطن مرّ وسبوحة ، وهو واد يصبّ من الغمير واليمانية تصبّ من قرن المنازل ، وهو على طريق اليمن مجتمعهما البستان وهو بين مجامعهما فإذا اجتمعتا كانتا واديا واحدا فيه بطن مرّ ، وإياهما عنى كثير بقوله :

حلفت بربّ الموضعين عشيّة ،

وغيطان فلج دونهم والشقائق

يحثّون صبح الحمر خوصا كأنها

بنخلة من دون الوحيف المطارق

لقد لقيتنا أمّ عمرو بصادق

من الصّرم أو ضاقت عليه الخلائق

نخلة محمود : موضع بالحجاز قريب من مكة فيه نخل وكروم ، وهي المرحلة الأولى للصادر عن مكة ، وفي تعاليق أبي موسى : عمران النخلي من بطن نخلة وكان مقامه بها وثمّ لقيه سعيد بن جمهان ، قال صخر :

ألا قد أرى والله أنّي ميّت

بأرض مقيم سدرها وسيالها

لقد طال ما حيّيت أخيلة الحمى

ونخلة إذ جادت عليه ظلالها

ويوم نخلة : أحد أيام الفجار كان في أحد هذه المواضع ، وفي ذلك يقول ابن زهير :

يا شدّة ما شددنا غير كاذبة

على سخينة لو لا الليل والحرم

وذلك أنهم اقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم وجنّ عليهم الليل فكفّوا عنهم ، وسخينة : لقب تعيّر به قريش ، وهو في الأصل حساء يتخذ عند شدة الزمان وعجف المال ولعلها أولعت بأكله ، قال عبد الله ابن الزّبعرى :

زعمت سخينة أن ستغلب ربها ،

وليغلبنّ مغالب الغلّاب

نخلة اليَمانِيَةُ : واد يصبّ فيه يدعان وبه مسجد لرسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وبه عسكرت هوازن يوم حنين ، ويجتمع بوادي نخلة الشامية في بطن مرّ وسبوحة واد يصب باليمامة على بستان ابن عامر وعنده مجتمع نخلتين وهو في بطن مرّ ، كما ذكرنا ، قال ذو الرمّة :

أما والذي حجّ الملبّون بيته

شلالا ومولى كل باق وهالك

وربّ قلاص الخوص تدمى أنوفها

بنخلة والداعين عند المناسك

لقد كنت أهوى الأرض ما يستفزني

لها الشوق إلا أنها من ديارك

__________________

(١) هذه الأبيات المتلمس لا لجرير.

٢٧٧

قال أبو زياد الكلابي : نخلة واد من الحجاز بينه وبين مكة مسيرة ليلتين إحدى الليلتين من نخلة يجتمع بها حاج اليمن وأهل نجد ، ومن جاء من قبل الخط وعمان وهجر ويبرين فيجتمع حاجهم بالوباءة وهي أعلى نخلة وهي تسمى نخلة اليمانية وتسمى النخلة الأخرى الشامية وهي ذات عرق التي تسمى ذات عرق ، وأما أعلى نخلة ذات عرق فهي لبني سعد بن بكر الذين أرضعوا رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وهي كثيرة النخل وأسفلها بستان ابن عامر وذات عرق التي يعلوها طريق البصرة وطريق الكوفة.

نَخَلَى : بالتحريك : واد في صدر ينبع ، عن ابن الأعرابي وله نظائر ست ذكرت في قلهى.

النَّخُومُ : بالفتح ، كلمة قبطية : اسم لمدينة بمصر.

نَخِيرْجَان : هو في الأصل اسم خازن كان لكسرى : وهو اسم ناحية من نواحي قهستان ، ولعلها سميت باسم ذلك الخازن أو غيره.

نُخَيْلٌ : تصغير نخل : وهو اسم عين قرب المدينة على خمسة أميال وإياها عنى كثير :

جعلن أراخيّ النُّخيل مكانه

إلى كلّ قرّ مستطيل مقنّع

وذو النّخيل أيضا : قرب مكة بين مغمّس وأثبرة وهو يفرغ في صدر مكة. وذو النخيل أيضا : موضع دوين حضرموت. والنّخيل أيضا : ناحية بالشام ، ويوم النخيل : من أيام العرب ، قال لبيد :

ولقد بكت يوم النخيل وقبله

مرّان من أيامنا وحريم

منّا حماة الشّعب يوم تواعدت

أسد وذبيان الصّفا وتميم

النُّخَيْلَةُ : تصغير نخلة : موضع قرب الكوفة على سمت الشام وهو الموضع الذي خرج إليه عليّ ، رضي الله عنه ، لما بلغه ما فعل بالأنبار من قتل عامله عليها وخطب خطبة مشهورة ذمّ فيها أهل الكوفة وقال : اللهم إني لقد مللتهم وملّوني فأرحني منهم! فقتل بعد ذلك بأيام ، وبه قتلت الخوارج لما ورد معاوية إلى الكوفة ، وقد ذكرت قصته في الجوسق الخرب ، فقال قيس ابن الأصم الضبيّ يرثي الخوارج :

إني أدين بما دان الشُّراة به

يوم النخيلة عند الجوسق الخرب

وقال عبيد بن هلال الشيباني يرثي أخاه محرزا وكان قد قتل مع قطري بنيسابور :

إذا ذكرت نفسي مع الليل محرزا

تأوّهت من حزن عليه إلى الفجر

سرى محرز والله أكرم محرزا

بمنزل أصحاب النخيلة والنهر

والنّخيلة أيضا : ماء عن يمين الطريق قرب المغيثة والعقبة على سبعة أميال من جويّ غربيّ واقصة ، بينها وبين الحفير ثلاثة أميال ، وقال عروة بن زيد الخيل يوم النخيلة من أيام القادسية :

برزت لأهل القادسية معلما ،

وما كل من يغشى الكريهة يعلم

ويوما بأكناف النخيلة قبله

شهدت فلم أبرح أدمّى وأكلم

وأقعصت منهم فارسا بعد فارس ،

وما كلّ من يلقى الفوارس يسلم

ونجّاني الله الأجلّ وجرأتي ،

وسيف لأطراف المرازب مخذم

وأيقنت يوم الدّيلميّين أنني

متى ينصرف وجهي إلى القوم يهزموا

٢٧٨

فما رمت حتى مزّقوا برماحهم

قبائي وحتى بلّ أخمصي الدّم

محافظة ، إني امرؤ ذو حفيظة ،

إذا لم أجد مستأخرا أتقدّم

باب النون والدال وما يليهما

نَدَا : بلفظ النّدا ، وهو على وجوه : ندا الماء وندا الخير وندا الشر وندا الصّوت وندا الحضر وندا الدّجنّة ، فندا الماء معروف ، وندا الخير : هو المعروف وضده في الشر ، وندا الحضر : لقاؤه ، وفلان أندى صوتا من فلان أي أبعد ، وندا : موضع في بلاد خزاعة.

نَدَامانُ : بالفتح ، وآخره نون : من قرى أنطاكية.

النَّدَبُ : بفتح النون والدال ، والباء موحدة ، مسجد الندب : بالبصرة ، له ذكر في الأخبار ، بقرب قصر أوس.

نَدٌّ : حصن باليمن ، قال الأصمعي : أظنه من عمل صنعاء.

نَدْرَةُ : بالفتح ، ودال مهملة أو معجمة : من نواحي اليمامة عند منفوحة.

النَّدْوَةُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الواو ، وقال أهل اللغة : النادي المجلس يندو إليه من حواليه ، ولا يسمّى ناديا حتى يكون فيه أهله وإذا تفرّقوا لم يكن ناديا ، وهو النّديّ والجمع الأندية ، قالوا : وإنما سمّي ناديا لأن القوم يندون إليه ندوا وندوة ولذلك سميت دار النّدوة بمكة كان إذا حدث بهم أمر ندوا إليها فاجتمعوا للمشاورة ، قال : وأناديك أشاورك وأجالسك من النادي ، نقلت عن ابن الأعرابي : الندوة السخاء ، والندوة المشاورة ، والندوة الأكلة بين الشّفتين ، وقال الخارزنجي : دار الندوة بمكة هي دار الدّعوة يدعون للطعام والتدبير وغيرهما ، ويقال : دار المفاخرة لأنه قيل للمناداة مفاخرة ، وهي دار مفاخرة ، ودار الندوة : هي من المسجد الحرام ، وقد ذكرت شيئا من خبر دار الندوة بمكة.

النُّدْهَةُ : أرض واسعة بالسند ما بين حدود طوران ومكران والملتان ومدن المنصورة وهي في غربي نهر مهران ، وأهل هذه الأرض بادية أصحاب إبل ، وهذا الفالج الذي يحمل إلى الآفاق بخراسان وفارس وسائر البلاد ذو السّنامين يجعل فحلا للنوق العربية فيكون عنها البخاتي إنما يحمل من بلادهم فقط ، ومدينة الندهة هذه التي يتجر إليها هي قندابيل وهم مثل البادية لهم أخصاص وآجام والمند وهم طائفة كالزّطّ على شطوط مهران وحدّ الملتان إلى البحر ولهم في البرّيّة التي بين نهر مهران وبرّ قامهل ناحية بالسند مزارع ومواطن كثيرة ولهم عدد كثير وبها نارجيل وموز وأكثر زروعهم الأرز ، ومن المنصورة إلى أول حدّ الندهة خمس مراحل ، ومن كيز مدينة مكران إلى الندهة نحو من عشر مراحل ، ومن الندهة إلى تيز مكران ، مدينة على البحر ، نحو خمس عشرة مرحلة.

النَّدِيّ : بالفتح ، والياء مشددة ، والنديّ والنادي واحد : قرية باليمن.

باب النون والذال وما يليهما

نَذَشُ : بفتح أوله وثانيه ، وشين معجمة : هو منزل بين نيسابور وقومس على طريق الحاج.

باب النون والراء وما يليهما

نَرَز : بالتحريك ، وآخره زاي ، قال ابن دريد :

٢٧٩

النَّرز الاستخفاء ، ونرز : موضع ، عن الأزهري.

نَرْسُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره سين مهملة : وهو نهر حفره نرسى بن بهرام بن بهرام بن بهرام بنواحي الكوفة مأخذه من الفرات عليه عدة قرى قد نسب إليه قوم والثياب النرسية منه ، وقيل : نرس قرية كان ينزلها الضّحاك بيوراسب ببابل وهذا النهر منسوب إليها ويسمّى بها ، وممن ينسب إليها أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي المعروف بأبيّ ، سمع الشريف أبا عبد الله عبد الرحمن الحسني ومحمد ابن إسحاق بن فرويه ، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي وهو من شيوخه ، ومما رواه عنه نصر بن محمد بن الجاز عن محمد بن أحمد التميمي أنبأنا أحمد بن علي الذهبي أن المنذر بن محمد أنشده لعبيد الله بن يحيى الجعفي قال :

يا ضاحك السنّ ما أولاك بالحزن

وبالفعال الذي يجزى به الحسن

أما ترى النقص في سمع وفي بصر ،

ونكبة بعد أخرى من يد الزمن

وناعيا لأخ قد كنت تألفه

قد كان منك مكان الروح في البدن

أخنت عليه يد للموت مجهزة ،

لم يثنها سكن مذ كان عن سكن

فغادرته صريعا في أحبّته ،

يدعى له بحنوط التّرب والكفن

كأنه حين يبكي في قرائبه

وفي ذوي ودّه الأدنين لم يكن

من ذا الذي بان عن إلف وفارقه

ولم يحل بعده غدرا ولم يخن؟

ما للمقيم صديق في ثرى جدث ،

ولا رأينا حزينا مات من حزن

قال الحافظ أبو القاسم : قرأت بخط أبي الفضل بن ناصر : وكان أبيّ شيخا ثقة مأمونا فهما للحديث عارفا بما يحدث كثير التلاوة للقرآن بالليل ، سمع من مشايخ الكوفة وهو كبير بنفسه وكتب من الحديث شيئا كثيرا ودخل بغداد سنة ٤٤٥ فسمع بها من شيوخ الوقت وسافر إلى الحجاز والشام وسمع بها الحديث أيضا وكان يجيء إلى بغداد منذ سنة ٤٧٨ كل سنة في رجب فيقيم بها شهر رمضان ويسمع فيه الحديث وينسخ للناس بالأجرة ويستعين بها على الوقت ، وكان ذا عيال ، وكان مولده على ما أخبرنا به في شهر شوال سنة ٤٢٤ ، وأول ما سمع الحديث في سنة ٤٢ من الشريف أبي عبد الله العلوي بالكوفة ، وبلغ من العمر ستّا وثمانين سنة ومتعه الله بجوارحه إلى حين مماته ، قال : وسمعت أبا عامر العبدري يقول : قدم علينا أبيّ في بعض قدماته فقرئ عليه جزء من حديثه ولم يكن أصله معه حاضرا وكان في آخره حديث فقال : ليس هذا الحديث في أصلي فلا تسمعوا عليّ الجزء ، ثم ذهب إلى الكوفة فأرسل بأصله إلى بغداد ، فلم يكن الحديث فيه على كثرة ما كان عنده من الحديث ، وكان أبو عامر يقول : بأبيّ يختم هذا الشأن.

نِرْسِيَانُ : ناحية بالعراق بين الكوفة وواسط ، لها ذكر في الفتوح ، ولعلها النّرس أو غيرها ، والله أعلم ، وقال عامر بن عمرو :

ضربنا حماة النّرسيان بكسكر

غداة لقيناهم ببيض بواتر

وقرنا على الأيام والحرب لاقح

بجرد حسان أو ببزل غوابر

وظلّت بلال النرسيان وتمره

مباحا لمن بين الدبا والأصافر

٢٨٠