معجم البلدان - ج ٥

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٥

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

وأسرع فيها قبل ذلك حقبة

ركاح فجنبا نقدة فالمغاسل

مَغَامُ : ويقال مغامة ، بالفتح فيهما : بلد بالأندلس ، ينسب إليها أبو عمران يوسف بن يحيى المغامي ، ومحمد بن عتيق بن فرج بن أبي العباس بن إسحاق التّجيبي المغامي المقري الطليطلي أبو عبد الله ، لقي أبا عمرو الداني وعليه اعتمد ، وروى عن أبي الربيع سليمان بن إبراهيم وأبي محمد بن أبي طالب المقري وغيرهم ، وكان عالما بالقراءة بوجوهها إماما فيها ذا دين متين ، وكان مولده لتسع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ٤٢٢ ، ومات بإشبيلية في منتصف ذي القعدة سنة ٤٨٥ ، وحبس كتبه على طلبة العلم بالعدوة وغيرها ، وفيها معدن الطين الذي تغسل به الرءوس ومنها ينتقل إلى سائر بلاد المغرب ، وقد ذكرناه بالعين آنفا نقلا عن العمراني وهو خطأ منه والصواب ههنا.

المَغْرِبُ : بالفتح ، ضد المشرق : وهي بلاد واسعة كثيرة ووعثاء شاسعة ، قال بعضهم : حدّها من مدينة مليانة وهي آخر حدود إفريقية إلى آخر جبال السوس التي وراءها البحر المحيط وتدخل فيه جزيرة الأندلس وإن كانت إلى الشمال أقرب ما هي ، وطول هذا في البر مسيرة شهرين ، فقد ذكرت تحديدها في ترجمة آسيا فينقل منها أبو ينظر فيها من أراد النظر.

مَغْرَةُ : بالفتح ، وهو الطين الأحمر ، قال الحازمي : هو موضع بالشام في ديار كلب.

مَغْزُ : بالفتح ثم السكون وزاي ، معناه بالفارسية اللّبّ ، ويسمون المخّ أيضا مغزا : وهي قرية كبيرة كثيرة البساتين يسميها المستعربون أمّ الجوز لكثرته فيها ، بينها وبين بسطام مرحلة ، وهي من نواحي قومس.

المَغْسِلُ : بالفتح ثم السكون ، اسم المكان من غسل يغسل فهو مغسل ، بكسر السين ، واحدة المغاسل : وهي أودية قريبة من اليمامة ، قال الحفصي : المغسل رمل واسع يمضي إلى الدام وإلى البياض.

المَغْسَلَة : جبّانة في طريق المدينة يغسل فيها الثياب.

مَغْكانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : من قرى بخارى ، بينها وبين المدينة خمسة فراسخ على يمين الطريق الذي لبيكند ، بينها وبين الطريق نحو ثلاثة فراسخ.

المُغَمَّسُ : بالضم ثم الفتح ، وتشديد الميم وفتحها ، اسم المفعول من غمست الشيء في الماء إذا غيّبته فيه : موضع قرب مكة في طريق الطائف ، مات فيه أبو رغال وقبره يرجم لأنه كان دليل صاحب الفيل فمات هناك ، قال أمية بن أبي الصّلت الثّقفي يذكر ذلك :

إنّ آيات ربّنا ظاهرات

ما يماري فيهنّ إلا الكفور

حبس الفيل بالمغمّس حنّى

ظلّ يحبو كأنه معقور

كلّ دين يوم القيامة عند ال

له إلا دين الحنيفة بور

وقال نفيل :

ألا حيّيت عنّا يا ردينا ،

نعمناكم مع الإصباح عينا

ردينة لو رأيت ، ولن تريه ،

لدى جنب المغمّس ما رأينا

إذا لعذرتني ورضيت أمري ،

ولن تأسي على ما فات بينا

١٦١

حمدت الله أن أبصرت طيرا ،

وخفت حجارة تلقى علينا

وكلّ القوم يسأل عن نفيل ،

كأنّ عليّ للحبشان دينا

قال السّهيلي : المغمّس ، بضم أوله ، هكذا لقيته في نسخة الشيخ أبي بحر المقيّدة على أبي الوليد القاضي بفتح الميم الأخيرة من المغمّس ، وذكر السّكّري في كتاب المعجم عن ابن دريد وعن غيره من أئمة اللغة أن المغمّس ، بكسر الميم الأخيرة ، فإنه أصحّ ما قبل فيه ، وذكر أيضا أنه يروى بالفتح ، فعلى رواية الكسر هو مغمّس مفعّل كأنه اشتق من الغميس وهو الغميز يعني النبات الأخضر الذي ينبت في الخريف من تحت اليابس ، يقال : غمس المكان وغمز إذا نبت فيه ذلك ، كما يقال مصوّح ومشجّر ، وأما على رواية الفتح فكأنه من غمست الشيء إذا غطيته وذلك أنه مكان مستور إما بهضاب وإما بعضاه ، وإنما قلنا هذا لأن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، لما كان بمكة كان إذا أراد حاجة الإنسان خرج إلى المغمّس وهو على ثلثي فرسخ من مكة ، كذلك رواه أبو علي بن السكن في كتاب السنن له ، وفي السنن لأبي داود : أن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، كان إذا أراد التّبرّز أبعد ، ولم يبيّن مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن ، ولم يكن ، صلّى الله عليه وسلّم ، ليأتي المذهب إلا وهو مستور متحفظ ، فاستقام المعنى فيه على الروايتين جميعا ، وقد ذكرته في رغال ، وقال ثعلبة بن غيلان الإيادي يذكر خروج إياد من تهامة ونفي العرب إيّاها إلى أرض فارس :

تحنّ إلى أرض المغمّس ناقتي ،

ومن دونها ظهر الجريب وراكس

بها قطعت عنّا الوذيم نساؤنا ،

وغرّقت الأبناء فينا الخوارس

إذا شئت غنّاني الحمام بأيكة ،

وليس سواء صوتها والعرانس

تجوب من الموماة كلّ شملّة

إذا أعرضت منها القفار البسابس

فيا حبّذا أعلام بيشة واللّوى ،

ويا حبّذا أجشامها والجوارس!

أقامت بها جسر بن عمرو وأصبحت

إياد بها قد ذلّ منها المعاطس

مُغْنَانُ : بالضم ثم السكون ، ونونان : من قرى مرو.

المُغْنَقَةُ : بالضم ثم السكون ، وفتح النون والقاف ، قال العمراني : موضع.

مُغُونُ : بضم أوله وثانيه ، وسكون الواو ، ونون : قرية من قرى بشت من نواحي نيسابور ، ينسب إليها عبدوس بن أحمد المغوني ، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد الجرجاني المقري.

مَغُونَةُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، ونون ، قال أبو بكر : موضع قرب المدينة.

المُغِيثُ : بالضم ثم الكسر ، وآخره ثاء مثلثة : اسم الوادي الذي هلك فيه قوم عاد ، وقال أبو منصور : بين معدن النّقرة والرّبذة ماء يعرف بمغيث ماوان ماء وشروب.

المُغِيثَةُ : مفهومة المعنى ، إنه اسم الفاعل من غاثه يغيثه إذا أغاثه ، وغاث الله البلاد إذا أنزل بها الغيث : منزل في طريق مكة بعد العذيب نحو مكة وكانت أولا مدينة خربت ، شرب أهلها من ماء المطر ، وهي لبني نبهان ، وبين المغيثة والقرعاء الزّبيدية ،

١٦٢

وقال الأزهري : ركية بين القادسية والعذيب ، وقال غيره : بينها وبين القرعاء اثنان وثلاثون ميلا ، وبينها وبين القادسية أربعة وعشرون ميلا. والمغيثة أيضا : قرية بنيسابور.

المُغَيْزِلُ : تصغير مغزل : علم جبل في بلاد بلعنبر ، قال أبو سعيد : المغيزل جبل بالصّمّان مشبه بالمغزل لدقته ، وقال غيره : هو طريق في الرّغام معروف ، وقال جرير :

يقلن اللواتي كنّ قبل يلمنني :

لعلّ الهوى يوم المغيزل قاتله

مُغِيلَةُ : بضم أوله ثم الكسر ، اسم الفاعل من الغيل وهو الماء الذي يجري على وجه الأرض ، وقيل : ما جرى من المياه في الأنهار : إقليم من أعمال شذونة بالأندلس فيه قلعة ورد وفي أرضه سعة.

باب الميم والفاء وما يليهما

مَفْتَحُ : بالفتح ثم السكون ، وتاء بنقطتين من فوقها ، وحاء مهملة : قرية بين البصرة وواسط وهي من أعمال البصرة : منها محمد بن يعقوب المفتحي ، يروي عن العلاء بن مصعب البصري ، يروي عنه أبو الحسن عبد الله بن موسى بن الحسين بن إبراهيم البغدادي وغيره ، وبها سمع الدارقطني من الحسين ابن علي بن قوهي. ومفتح دجيل : ناحية دجيل الأهواز ، ذكره في أخبار المعراج.

المُفْتَرِضُ : مفتعل من الفرض وهو الواجب : ماء عن يمين سميراء للقاصد مكة.

المَفْجَرُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الجيم ، اسم المكان من فجرت الحوض وغيره إذا أسلته : موضع بمكة ما بين الثنية التي يقال لها الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور ، عن الأصمعي.

مُفْحِلٌ : بالفاء : من نواحي المدينة فيما أحسب ، قال ابن هرمة :

تذكّرت سلمى والنّوى تستبيعها ،

وسلمى المنى لو أنّنا نستطيعها

فكيف إذا حلّت بأكناف مفحل ،

وحلّ بوعساء الحليف تبيعها؟

باب الميم والقاف وما يليهما

مَقَابِرُ الشُّهَداء : ببغداد إذا خرجت من قنطرة باب حرب فهي نحو القبلة عن يسار الطريق ، لا أدري لم سمّيت بذلك. ومقابر الشهداء : بمصر ، لما مات يزيد بن معاوية وابنه معاوية وتولى مروان ابن الحكم الخلافة واستقام أمره بالشام قصد مصر في جنوده وكان أهل مصر زبيرية فأوقع بأهلها وجرت حروب قتل فيها بينهم قتلى فدفن المصريون قتلاهم في هذا الموضع وسمّوه مقابر الشهداء وغلب عليها الاسم إلى هذه الغاية ، وكانت قتلى المصريين ستمائة ونيفا وقتلى الشاميين ثمانمائة ، وذلك في سنة ٦٥ للهجرة.

مَقَابِرُ قُرَيْشٍ : ببغداد وهي مقبرة مشهورة ومحلّة فيها خلق كثير وعليها سور بين الحربية ومقبرة أحمد ابن حنبل ، رضي الله عنه ، والحريم الطاهري ، وبينها وبين دجلة شوط فرس جيد ، وهي التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وكان أول من دفن فيها جعفر الأكبر بن المنصور أمير المؤمنين في سنة ١٥٠ ، وكان المنصور أول من جعلها مقبرة لما ابتنى مدينته سنة ١٤٩.

١٦٣

المَقَادُ : بالفتح ، وآخره دال : هو جبل بني فقيم بن جرير بن دارم وسعد بن زيد مناة بن تميم ، قال جرير :

أهاجك بالمقاد هوى عجيب ،

ولجّت في مباعدة غضوب؟

أكلّ الدهر يوئس من رجاكم

عدوّ عند بابك أو رقيب؟

فكيف ولا عداتك ناجزات ،

ولا مرجوّ نائلكم قريب؟

وقال أيضا :

أيقيم أهلك بالستار ، وأصعدت

بين الوريعة والمقاد حمول؟

وقال الحفصي : المقاد من أرض الصّمّان ، وأنشد لمروان بن أبي حفصة :

قطع الصرائم والشقائق دوننا ،

ومن الوريعة دوّها فمقادها

مَقَارِيبُ : بالفتح ، وبعد الألف راء ثم ياء ، وباء موحدة ، جمع المقرب : اسم موضع من نواحي المدينة ، قال كثيّر :

ومنها بأجزاع المقاريب دمنة ،

وبالسّفح من فرعان آل مصرّع

مَقّاسٌ : بالفتح ثم التشديد ، وآخره سين مهملة ، يقال : تمقّست نفسي بمعنى غثت ، قال : نفسي تمقّس من سماني الأقبر جبل بالخابور.

المَقَاعِدُ : جمع مقعد : عند باب الأقبر بالمدينة ، وقيل : مساقف حولها ، وقيل : هي دكاكين عند دار عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، وقال الداودي : هي الدرج.

المَقَامُ : بالفتح ، ومقامات الناس ، بالفتح ، مجالسهم ، الواحد مقام ومقامة ، وقيل : المقام موضع قدم القائم ، والمقام ، بالضم : مصدر أقمت بالمكان مقاما وإقامة ، والمقام في المسجد الحرام : هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم ، عليه السّلام ، حين رفع بناء البيت ، وقيل : هو الحجر الذي وقف عليه حين غسلت زوج ابنه إسماعيل رأسه ، وقيل : بل كان راكبا فوضعت له حجرا من ذات اليمين فوقفت عليه حتى غسلت شقّ رأسه الأيمن ثم صرفته إلى الشقّ الأيسر فرسخت قدماه فيه في حال وقوفه عليه ، وقيل : هو الحجر الذي وقف عليه حتى أذّن في الناس بالحجّ فتطاول له وعلا على الجبل حتى أشرف على ما تحته فلما فرغ وضعه قبلة ، وقد جاء في بعض الآثار أنه كان ياقوته من الجنة ، وقيل في قوله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) ، المراد به هذا الحجر ، وقيل بل هي مناسك الحجّ كلها ، وقيل عرفة ، وقيل مزدلفة ، وقيل الحرم كله ، وذرع المقام ذراع ، وهو مربع سعة أعلاه أربع عشرة إصبعا في مثلها وفي أسفله مثلها وفي طرفيه طوق من الذهب وما بين الطرفين بارز لا ذهب عليه ، طوله من نواحيه كلها تسع أصابع ، وعرضه عشر أصابع ، وعرضه من نواحيه إحدى وعشرون إصبعا ، ووسطه مربّع ، والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع وحولهما مجوّف ، وبين القدمين من الحجر إصبعان ووسطه قد استدقّ من التّمسّح به ، والمقام في حوض مربّع حوله رصاص ، وعلى الحوض صفائح من رصاص ، ومن المقام في الحوض إصبعان وعليه صندوق ساج وفي طرفه سلسلتان تدخلان في أسفل الصندوق ويقفل عليه قفلان ، وقال عبد الله بن شعيب بن شيبة : ذهبنا نرفع المقام في خلافة المهدي فانثلم وهو حجر رخو فخشينا أن

١٦٤

يتفتّت فكتبنا في ذلك إلى المهدي فبعث إلينا ألف دينار فصببناها في أسفله وفي أعلاه وهو هذا الذهب الذي عليه اليوم ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ولو لا ذلك لأضاء ما بين المشرق والمغرب ، وقال البشّاري : المقام بإزاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم يدخل في الطواف في أيام الموسم ويكبّ عليه صندوق حديد عظيم راسخ في الأرض طوله أكثر من قامة وله كسوة ، ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت فإذا رفع جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح في أوقات الصلاة فإذا سلّم الإمام استلمه ثم أغلق الباب ، وفيه أثر قدم إبراهيم ، عليه السّلام ، مخالفة ، وهو أسود وأكبر من الحجر الأسود.

مَقَامي : قرية لبني العنبر باليمامة ، تروى عن الحفصي.

مَقْتَدٌ : بالفتح ، يجوز أن يكون اسم الموضع من القتاد وهو شجر كثير الشوك : موضع ، عن الحازمي.

المُقْتَرِبُ : قرية لبني عقيل باليمامة.

مَقَدُ : بالتحريك ، اختلف فيه فقال الأزهري حكاية عن الليث : المقديّ من الخمر منسوبة إلى قرية بالشام ، وأنشد في تخفيف الدال :

مقديّا أحلّه الله للنا

س شرابا وما تحلّ الشّمول

وقال عدي بن الرقاع وقد شدد الدال :

شيت بعفر أو برجلتها ربعا

رمادا وأحجارا بقين بها سفعا

فما رمتها حتى غدا اليوم نصفه ،

وحتى سرت عيناي كلتاهما دمعا

أسرّ هموما لو تغلغل بعضها

إلى حجر صلد تركن به صدعا

أميد كأنّي شارب لعبت به

عقار ثوت في سجنها حججا سبعا

مقدّيّة صهباء تشخن شربها

إذا ما أرادوا أن يروحوا بها صرعى

عصارة كرم من حديجاء لم تكن

منابتها مستحدثات ولا قرعا

وقال شمر : سمعت أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو : المقديّ ضرب من الشراب ، بتخفيف الدال ، قال : والصحيح عندي أن الدال مشددة ، قال : وسمعت رجاء بن سلمة يقول المقدّي ، بتشديد الدال ، الطّلاء المنصّف مشبّه بما قدّ بنصفين ، ويصدّقه قول عمرو ابن معدي كرب :

وقد تركوا ابن كبشة مسلحبّا

وهم شغلوه عن شرب المقدّي

وقيل : مقديّة قرية بناحية دمشق من أعمال أذرعات ، ينسب إليها الأسود بن مروان المقدي ، يروي عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل الدمشقي ، أثنى عليه أبو القاسم الطبراني ووثقه وروى عنه ، وقال الحازمي : مقدّ قرية بحمص مذكورة بجودة الخمر ، وقال أبو القاسم الطيّب بن علي التميمي اللغوي : المقدّي من قرية مقدّ ، وقال أبو منصور : أنبأنا السعدي أنبأنا ابن عفّان عن ابن نمير عن الأعمش عن منذر الثوري قال : رأيت محمد بن علي يشرب الطلاء المقدّيّ الأصفر كان يرزقه إياه عبد الملك وكان في ضيافته يرزقه الطلاء وأرطالا من اللحم ، ورواه ابن دريد بكسر الميم وفتحها وقال : المقدية ضرب من الثياب ولا أدري إلى ما تنسب ، وقال نفطويه : المقدّ ، بتشديد الدال ، قرية بالشام ، وقال غيره : هي في طرف حوران قرب أذرعات.

١٦٥

المَقْدِسُ : في اللغة المنزه ، قال المفسرون في قوله تعالى : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ، قال الزّجاج : معنى نقدس لك أي نطهّر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهّره ، قال : ومن هذا قيل للسطل القدس لأنه يتقدّس منه أي يتطهّر ، قال : ومن هذا بيت المقدس ، كذا ضبطه بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وتخفيف الدال وكسرها ، أي البيت المقدّس المطهّر الذي يتطهر به من الذنوب ، قال مروان :

قل للفرزدق ، والسفاهة كاسمها :

إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس

ودع المدينة إنها محذورة ،

والحق بمكة أو بيت المقدس

وقال قتادة : المراد بأرض المقدس أي المبارك ، وإليه ذهب ابن الأعرابي ، ومنه قيل للراهب مقدّس ، ومنه قول امرئ القيس :

فأدركنه يأخذن بالساق والنّسا

كما شبرق الولدان ثوب المقدّس

وصبيان النصارى يتبرّكون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه ، وفضائل بيت المقدس كثيرة ولا بدّ من ذكر شيء منها حتى يستحسنه المطّلع عليه ، قال مقاتل بن سليمان قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ ،) قال : هي بيت المقدس ، وقوله تعالى لبني إسرائيل : وواعدناكم جانب الطور الأيمن ، يعني بيت المقدس ، وقوله تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ، قال : البيت المقدس ، وقال تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) ، هو بيت المقدس ، وقوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، البيت المقدس ، وفي الخبر : من صلى في بيت المقدس فكأنما صلى في السماء ، ورفع الله عيسى بن مريم إلى السماء من بيت المقدس وفيه مهبطه إذا هبط وتزفّ الكعبة بجميع حجّاجها إلى البيت المقدس يقال لها مرحبا بالزائر والمزور ، وتزف جميع مساجد الأرض إلى البيت المقدس ، أول شيء حسر عنه بعد الطوفان صخرة بيت المقدس وفيه ينفخ في الصور يوم القيامة وعلى صخرته ينادي المنادي يوم القيامة ، وقد قال الله تعالى لسليمان بن داود ، عليهما السلام ، حين فرغ من بناء البيت المقدس : سلني أعطك ، قال : يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي ، قال : لك ذلك ، قال : يا رب وأسألك أن تغفر لمن جاء هذا البيت يريد الصلاة فيه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولد ، قال : لك ذلك ، قال : وأسألك من جاء فقيرا أن تغنيه ، قال : لك ذلك ، قال : وأسألك من جاء سقيما أن تشفيه ، قال : ولك ذلك ، وعن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال : لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد البيت المقدس ، وإن الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة في غيره ، وأقرب بقعة في الأرض من السماء البيت المقدس ويمنع الدّجال من دخولها ويهلك يأجوج ومأجوج دونها ، وأوصى آدم ، عليه السّلام ، أن يدفن بها وكذلك إسحاق وإبراهيم ، وحمل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها ، وأوصى يوسف ، عليه السّلام ، حين مات بأرض مصر أن يحمل إليها ، وهاجر إبراهيم من كوثى إليها ، وإليها المحشر ومنها المنشر ، وتاب الله على داود بها ، وصدّق إبراهيم الرؤيا بها ، وكلّم عيسى الناس في المهد بها ، وتقاد الجنة يوم القيامة إليها ومنها يتفرّق

١٦٦

الناس إلى الجنة أو إلى النار ، وروي عن كعب أن جميع الأنبياء ، عليهم السلام ، زاروا بيت المقدس تعظيما له ، وروي عن كعب أنه قال : لا تسمّوا بيت المقدس إيلياء ولكن سموه باسمه فإن إيلياء امرأة بنت المدينة ، وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : فلما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله حكما يوافق حكمه وملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك ، وعن ابن عباس قال : البيت المقدس بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبيّ أو أقام فيه ملك ، وعن أبي ذر قال : قلت لرسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : أيّ مسجد وضع على وجه الأرض أوّلا؟ قال : المسجد الحرام ، قلت : ثم أيّ؟ قال : البيت المقدس وبينهما أربعون سنة ، وروي عن أبيّ بن كعب قال : أوحى الله تعالى إلى داود ابن لي بيتا ، قال : يا رب وأين من الأرض؟ قال : حيث ترى الملك شاهرا سيفه ، فرأى داود ملكا على الصخرة واقفا وبيده سيف ، وعن الفضيل بن عياض قال : لمّا صرفت القبلة نحو الكعبة قالت الصخرة : إلهي لم أزل قبلة لعبادك حتى إذا بعثت خير خلقك صرفت قبلتهم عني! قال : ابشري فإني واضع عليك عرشي وحاشر إليك خلقي وقاض عليك أمري وناشر منك عبادي ، وقال كعب : من زار البيت المقدس شوقا إليه دخل الجنة ، ومن صلى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا ، ومن تصدّق فيه بدرهم كان فداءه من النار ، ومن صام فيه يوما واحدا كتبت له براءته من النار ، وقال كعب : معقل المؤمنين أيام الدجال البيت المقدس يحاصرهم فيه حتى يأكلوا أوتار قسيّهم من الجوع ، فبينما هم كذلك إذ سمعوا صوتا من الصخرة فيقولون هذا صوت رجل شعبان ، ينظرون فإذا عيسى بن مريم ، عليه السّلام ، فإذا رآه الدجال هرب منه فيتلقاه بباب لدّ فيقتله ، وقال أبو مالك القرظي في كتاب اليهود الذي لم يغيّر : إن الله تعالى خلق الأرض فنظر إليها وقال : أنا واطئ على بقعتك ، فشمخت الجبال وتواضعت الصخرة فشكر الله لها وقال : هذا مقامي وموضع ميزاني وجنتي وناري ومحشر خلقي وأنا ديّان يوم الدين ، وعن وهب بن منبّه قال : أمر إسحاق ابنه يعقوب أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين وأن ينكح من بنات خاله لابان ابن تاهر بن أزر وكان مسكنه فلسطين فتوجه إليها يعقوب ، وأدركه في بعض الطريق الليل فبات متوسدا حجرا فرأى فيما يرى النائم كأن سلّما منصوبا إلى باب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه وأوحى الله إليه : إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد ورّثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوّة ثم أنا معك حتى تدرك إلى هذا المكان فاجعله بيتا تعبدني فيه أنت وذريتك ، فيقال إنه بيت المقدس ، فبناه داود وابنه سليمان ثم أخربته الجبابرة بعد ذلك فاجتاز به شعيا ، وقيل عزير ، عليهما السلام ، فرآه خرابا ، فقال : أنّي يحيى هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، كما قص ، عزّ وجل ، في كتابه الكريم ، ثم بناه ملك من ملوك فارس يقال له كوشك ، وكان قد اتخذ سليمان في بيت المقدس أشياء عجيبة ، منها القبّة التي فيها السلسلة المعلقة ينالها صاحب الحق ولا ينالها المبطل حتى اضمحلت بحيلة غير معروفة ، وكان من عجائب بنائه أنه بنى بيتا وأحكمه وصقله فإذا دخله الفاجر والورع تبيّن الفاجر من الورع لأن

١٦٧

الورع كان يظهر خياله في الحائط أبيض والفاجر يظهر خياله أسود ، وكان أيضا مما اتخذ من الأعاجيب أن ينصب في زاوية من زواياه عصا آبنوس فكان من مسها من أولاد الأنبياء لم تضرّه ومن مسها من غيرهم أحرقت يده ، وقد وصفها القدماء بصفات إن استقصيتها أمللت القارئ ، والذي شاهدته أنا منها أن أرضها وضياعها وقراها كلّها جبال شامخة وليس حولها ولا بالقرب منها أرض وطيئة البتة وزروعها على الجبال وأطرافها بالفؤوس لأن الدواب لا صنع لها هناك ، وأما نفس المدينة فهي على فضاء في وسط تلك الجبال وأرضها كلها حجر من الجبال التي هي عليها وفيها أسواق كثيرة وعمارات حسنة ، وأما الأقصى فهو في طرفها الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود ، عليه السّلام ، وهو طويل عريض وطوله أكثر من عرضه ، وفي نحو القبلة المصلى الذي يخطب فيه للجمعة وهو على غاية الحسن والإحكام مبنيّ على الأعمدة الرخام الملونة والفسيفساء التي ليس في الدنيا أحسن منها لا جامع دمشق ولا غيره ، وفي وسط صحن هذا الموضع مصطبة عظيمة في ارتفاع نحو خمسة أذرع كبيرة يصعد إليها الناس من عدة مواضع بدرج ، وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة على أعمدة رخام مسقفة برصاص منمّقة من برّا وداخل بالفسيفساء مطبقة بالرخام الملون قائم ومسطح ، وفي وسط هذا الرخام قبة أخرى وهي قبة الصخرة التي تزار وعلى طرفها أثر قدم النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وتحتها مغارة ينزل إليها بعدّة درج مبلّطة بالرخام قائم ونائم يصلّى فيها وتزار ، ولهذه القبة أربعة أبواب ، وفي شرقيها برأسها قبة أخرى على أعمدة مكشوفة حسنة مليحة يقولون إنها قبة السلسلة ، وقبة المعراج أيضا على حائط المصطبة وقبة النبي داود ، عليه السّلام ، كل ذلك على أعمدة مطبق أعلاها بالرصاص ، وفيها مغاور كثيرة ومواضع يطول عددها مما يزار ويتبرك به ، ويشرب أهل المدينة من ماء المطر ، ليس فيها دار إلا وفيها صهريج لكنها مياه رديّة أكثرها يجتمع من الدروب وإن كانت دروبهم حجارة ليس فيها ذلك الدّنس الكثير ، وبها ثلاث برك عظام : بركة بني إسرائيل وبركة سليمان ، عليه السّلام ، وبركة عياض عليها حمّاماتهم ، وعين سلوان في ظاهر المدينة في وادي جهنم مليحة الماء وكان بنو أيوب قد أحكموا سورها ثم خرّبوه على ما نحكيه بعد ، وفي المثل : قتل أرضا عالمها وقتلت أرض جاهلها ، هذا قول أبي عبد الله محمد بن أحمد بن البنّاء البشّاري المقدسي له كتاب في أخبار بلدان الإسلام وقد وصف بيت المقدس فأحسن فالأولى أن نذكر قوله لأنه أعرف ببلده وإن كان قد تغير بعده بعض معالمها ، قال : هي متوسطة الحرّ والبرد قلّ ما يقع فيها ثلج ، قال : وسألني القاضي أبو القاسم عن الهواء بها فقلت : سجسج لا حرّ ولا برد ، فقال : هذه صفة الجنّة ، قلت : بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أنفس منه ولا أعفّ من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها ، وكنت يوما في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت : أيّ بلد أجلّ؟ قلت : بلدنا ، قيل : فأيهما أطيب؟ قلت : بلدنا ، قيل : فأيهما أفضل؟ قلت : بلدنا ، قيل : فأيهما أحسن؟ قلت : بلدنا ، قيل : فأيهما أكثر خيرات؟ قلت : بلدنا ، قيل : فأيهما أكبر؟ قلت : بلدنا ، فتعجب أهل المجلس من ذلك وقيل : أنت رجل محصّل وقد ادّعيت ما لا يقبل منك وما مثك إلا كصاحب

١٦٨

الناقة مع الحجاج ، قلت : أما قولي أجلّ فلأنها بلدة جمعت الدنيا والآخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها ، ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها ، وأما طيب هوائها فإنه لا سمّ لبردها ولا أذى لحرها ، وأما الحسن فلا يرى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها ، وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله فيها فواكه الأغوار والسهل والجبل والأشياء المتضادّة كالأترجّ واللوز والرطب والجوز والتين والموز ، وأما الفضل فهي عرصة القيامة ومنها النشر وإليها الحشر وإنما فضلت مكة بالكعبة والمدينة بالنبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، ويوم القيامة تزفّان إليها فتحوي الفضل كله ، وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها؟ فاستحسنوا ذلك وأقرّوا به ، قال : إلا أن لها عيوبا ، يقال إن في التوراة مكتوبا بيت المقدس طست من ذهب مملوء عقارب ، ثم لا ترى أقذر من حماماتها ولا أثقل مؤنة وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى وفيهم جفاء وعلى الرحبة والفنادق ضرائب ثقال وعلى ما يباع فيها رجّالة وعلى الأبواب أعوان فلا يمكن أحدا أن يبيع شيئا مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار ، وليس للمظلوم أنصار ، فالمستور مهموم والغني محسود والفقيه مهجور والأديب غير مشهور ، ولا مجلس نظر ولا تدريس ، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المجلس من الناس والمسجد من الجماعات ، وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق ، ولها ثمانية أبواب حديد : باب صهيون وباب النية وباب البلاط وباب جب ارميا وباب سلوان وباب أريحا وباب العمود وباب محراب داود ، عليه السّلام ، والماء بها واسع ، وقيل : ليس ببيت المقدس أكثر من الماء والأذان قلّ أن يكون بها دار ليس بها صهريج أو صهريجان أو ثلاثة على قدر كبرها وصغرها ، وبها ثلاث برك عظام : بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض عليها حمّاماتهم لها دواع من الأزقة ، وفي المسجد عشرون جبّا مشجّرة قلّ أن تكون حارة ليس بها جبّ مسيل غير أن مياها من الأزقة وقد عمد إلى واد فجعل بركتين تجتمع إليهما السيول في الشتاء وقد شقّ منهما قناه إلى البلد تدخل وقت الربيع فتدخل صهاريج الجامع وغيرها ، وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود ، طول الحجر عشرة أذرع وأقلّ منقوشة موجّهة مؤلفة صلبة وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرّفوه وكان أحسن من جامع دمشق لكن جاءت زلزلة في أيام بني العباس فطرحته إلّا ما حول المحراب ، فلما بلغ الخليفة خبره أراد رده مثلما كان فقيل له : تعيا ولا تقدر على ذلك ، فكتب إلى أمراء الأطراف والقوّاد يأمرهم أن يبني كل واحد منهم رواقا ، فبنوه أوثق وأغلظ صناعة مما كان ، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حذاء الأعمدة الرخام ، وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث ، وللمغطى ستة وعشرون بابا : باب يقابل المحراب يسمّى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهّب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد القوّة عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب وعلى اليسار مثلها وفي نحو المشرق أحد عشر بابا سواذج وخمسة عشر رواقا على أعمدة رخام أحدثها عبد الله بن طاهر ، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين ، وعلى المؤخر أروقة ازاج من الحجارة ، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة ، والسقوف كلها

١٦٩

إلّا المؤخر ملبسة بشقاق الرصاص والمؤخر مرصوف بالفسيفساء الكبار والصحن كله مبلط ، وفي وسط الرواق دكة مربعة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من أربع جهاتها بمراق واسعة ، وفي الدكة أربع قباب : قبة السلسلة وقبة المعراج وقبة النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وهذه الثلاث الصغار ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام مكشوفة ، وفي وسط الدكة قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة من مراقي الدكة ، وهي : الباب القبليّ وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء ، وهو الذي يفتح إلى المغرب ، جميعها مذهبة في وجه كل واحد باب مليح من خشب التّنّوب ، وكانت قد أمرت بعملها أمّ المقتدر بالله ، وعلى كل باب صفّة مرخمة والتنّوبيّة مطبّقة على الصفرية من خارج ، وعلى أبواب الصّفات أبواب أيضا سواذج داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجلّ من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليه أروقة لاطئة داخلة في رواق آخر مستدير على الصخرة على أعمدة معجونة بقناطر مدورة فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيها طاقات كبار والقبة فوق المنطقة طولها غير القاعدة الكبرى مع السّفّود في الهواء مائة ذراع ترى من البعد فوقها سفود حسن طوله قامة وبسطة ، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب وأرض البيت مع حيطانه ، والمنطقة من داخل وخارج على صفة جامع دمشق ، والقبة ثلاث سافات : الأولى مروّقة على الألواح ، والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلا تميلها الرياح ، ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعد منها الصّنّاع لتفقدها ورمّها فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورؤيت شيئا عجيبا ، وعلى الجملة لم أر في الإسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة ، ويدخل المسجد من ثلاثة عشر موضعا بعشرين بابا ، منها : باب الحطّة وباب النبي ، عليه الصلاة والسلام ، وباب محراب مريم وباب الرحمة وباب بركة بني إسرائيل وباب الأسباط وباب الهاشميين وباب الوليد وباب إبراهيم ، عليه السلام ، وباب أمّ خالد وباب داود ، عليه السّلام ، وفيه من المشاهد محراب مريم وزكرياء ويعقوب والخضر ومقام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وجبرائيل وموضع المنهل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه وليس على الميسرة أروقة ، والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي وإنما ترك هذا البعض لسبين أحدهما قول عمر : واتخذوا في غربي هذا المسجد مصلّى للمسلمين ، فتركت هذه القطعة لئلا يخالف ، والآخر لو مدّ المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك ، والله أعلم ، وطول المسجد ألف ذراع بالذراع الهاشمي ، وعرضه سبعمائة ذراع ، وفي سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام ، وعلى السقوف خمسة وأربعون ألف شقة رصاص ، وحجم الصخرة ثلاثة وثلاثون ذراعا في سبعة وعشرين ، وتحت الصخرة مغارة تزار ويصلّى فيها تسع مائة وستين نفسا ، وكانت وظيفته كل شهر مائة دينار ، وفي كل سنة ثمانمائة ألف ذراع حصرا ، وخدّامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمّون الأخماس لا يخدمه غيرهم ولهم نوب يحفظونها ، وقال المنجمون : المقدس طوله ست وخمسون درجة ، وعرضه ثلاث وثلاثون درجة ، في الإقليم الثالث ، وأما فتحها في أول الإسلام إلى يومنا هذا فإن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنفذ عمرو بن العاص إلى فلسطين ثم نزل البيت المقدس فامتنع عليه فقدم أبو عبيدة بن الجرّاح

١٧٠

بعد أن افتتح قنّسرين وذلك في سنة ١٦ للهجرة فطلب أهل بيت المقدس من أبي عبيدة الأمان والصلح على مثل ما صولح عليه أهل مدن الشام من أداء الجزية والخراج والدخول فيما دخل فيه نظراؤهم على أن يكون المتولّي للعقد لهم عمر بن الخطاب ، فكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر فقدم عمر ونزل الجابية من دمشق ثم صار إلى بيت المقدس فأنفذ صلحهم وكتب لهم به كتابا وكان ذلك في سنة ١٧ ، ولم تزل على ذلك بيد المسلمين ، والنصارى من الروم والأفرنج والأرمن وغيرهم من سائر أصنافهم يقصدونها للزيارة إلى بيعتهم المعروفة بالقمامة وليس لهم في الأرض أجلّ منها ، حتى انتهت إلى أن ملكها سكمان بن أرتق وأخوه ايلغازي جدّ هؤلاء الذين بدياربكر صاحب ماردين وآمد ، والخطبة فيها تقام لبني العباس ، فاستضعفهم المصريون وأرسلوا إليهم جيشا لا طاقة لهم به ، وبلغ سكمان وأخاه خبر ذلك فتركوها من غير قتال وانصرفوا نحو العراق ، وقيل : بل حاصروها ونصبوا عليها المجانيق ثم سلموها بالأمان ورجع هؤلاء إلى نحو المشرق ، وذلك في سنة ٤٩١ ، واتّفق أن الأفرنج في هذه الأيام خرجوا من وراء البحر إلى الساحل فملكوا جميع الساحل أو أكثره وامتدوا حتى نزلوا على البيت المقدّس فأقاموا عليها نيفا وأربعين يوما ثم ملكوها من شماليها من ناحية باب الأسباط عنوة في اليوم الثالث والعشرين من شعبان سنة ٤٩٢ ووضعوا السيف في المسلمين أسبوعا والتجأ الناس إلى الجامع الأقصى فقتلوا فيه ما يزيد على سبعين ألفا من المسلمين وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا فضّة كل واحد وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم فضّة وتنّور فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأموالا لا تحصى ، وجعلوا الصخرة والمسجد الأقصى مأوى لخنازيرهم ، ولم يزل في أيديهم حتى استنقذه منهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٨٣ بعد إحدى وتسعين سنة أقامها في يد الأفرنج وهي الآن في يد بني أيوب ، والمستولي عليهم الآن منهم الملك المعظم عيسى ابن العادل أبي بكر بن أيوب ، وكانوا قد أحكموا سوره وعمّروه وجوّدوه ، فلما خرج الأفرنج في سنة ٦١٦ وتملّكوا دمياط استظهر الملك المعظم بخراب سوره وقال : نحن لا نمنع البلدان بالأسوار إنما نمنعها بالسيوف والأساورة ، وهذا كاف في خبرها وليس كلّ ما أجده أكتبه ولو فعلت ذلك لم يتسع لي زماني ، وفي المسجد أماكن كثيرة وأوصاف عجيبة لا تتصوّر إلا بالمشاهدة عيانا ، ومن أعظم محاسنه أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه يرى أن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها ، ولذا قيل إن الله نظر إليه بعين الجمال ونظر إلى المسجد الحرام بعين الجلال :

أهيم بقاع القدس ما هبّت الصّبا ،

فتلك رباع الأنس في زمن الصّبا

وما زلت في شوقي إليها مواصلا

سلامي على تلك المعاهد والرّبى

والحمد لله الذي وفّقني لزيارته ، وينسب إلى بيت المقدس جماعة من العبّاد الصالحين والفقهاء ، منهم : نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود أبو الفتح المقدسي الفقيه الشافعي الزاهد أصله من طرابلس وسكن بيت المقدس ودرّس بها وكان قد سمع بدمشق من أبي الحسن السمسار وأبي الحسن محمد بن عوف وابن سعدان وابن شكران وأبي القاسم وابن الطبري ، وسمع بآمد هبة الله بن سليمان وسليم بن أيوب بصور وعليه تفقّه وعلى محمد بن البيان الكازروني ، وروى عنه أبو بكر الخطيب وعمر بن عبد الكريم

١٧١

الدهستاني وأبو القاسم النسيب وأبو الفتح نصر الله اللاذقي وأبو محمد بن طاووس وجماعة ، وكان قدم دمشق في سنة ٧١ في نصف صفر ثم خرج إلى صور وأقام بها نحو عشر سنين ثم قدم دمشق سنة ٨٠ فأقام بها يحدث ويدرّس إلى أن مات ، وكان فقيها فاضلا زاهدا عابدا ورعا أقام بدمشق ولم يقبل لأحد من أهلها صلة ، وكان يقتات من غلة تحمل إليه من أرض كانت له بنابلس وكان يخبز له منها كل يوم قرص في جانب الكانون ، وكان متقلّلا متزهدا عجيب الأمر في ذلك ، وكان يقول : درست على الفقيه سليم من سنة ٣٧ إلى سنة ٤٠ ما فاتني فيها درس ولا إعادة ولا وجعت إلا يوما واحدا وعوفيت ، وسئل كم في ضمن التعليقة التي صنّفها من جزء ، فقال : نحو ثلاثمائة جزء وما كتبت منها حرفا وأنا على غير وضوء ، أو كما قال ، وزاره تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان يوما فلم يقم إليه وسأله عن أحلّ الأموال السلطانية فقال : أموال الجزية ، فخرج من عنده وأرسل إليه بمبلغ من المال وقال له : هذا من مال الجزية ، ففرّقه على الأصحاب ولم يقبله وقال : لا حاجة لنا إليه ، فلما ذهب الرسول لامه الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد وقال له : قد علمت حاجتنا إليه فلو كنت قبلته وفرّقته فينا ، فقال : لا تجزع من فوته فلسوف يأتيك من الدنيا ما يكفيك فيما بعد ، فكان كما تفرّس فيه ، وذكر بعض أهل العلم قال : صحبت أبا المعالي الجويني بخراسان ثم قدمت العراق فصحبت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة الجويني ، ثم قدمت الشام فرأيت الفقيه أبا الفتح فكانت طريقته أحسن من طريقتهما جميعا ، وتوفي الشيخ أبو الفتح يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة ٤٩٠ بدمشق ودفن بباب الصغير ، ولم تر جنازة أوفر خلقا من جنازته ، رحمة الله عليه ، ومحمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل المقدسي الحافظ ويعرف بابن القيسراني ، طاف في طلب الحديث وسمع بالشام وبمصر والعراق وخراسان والجبل وفارس ، وسمع بمصر من الجبّاني وأبي الحسن الخلعي ، قال : وسمعت أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول : أحفظ من رائيّة محمد ابن طاهر ما هو هذا :

إلى كم أمنّي النفس بالقرب واللّقا

بيوم إلى يوم وشهر إلى شهر؟

وحتّام لا أحظى بوصل أحبّتي

وأشكو إليهم ما لقيت من الهجر؟

فلو كان قلبي من حديد أذابه

فراقكم أو كان من صالب الصخر

ولمّا رأيت البين يزداد والنّوى

تمثّلت بيتا قيل في سالف الدهر :

متى يستريح القلب ، والقلب متعب ،

ببين على بين وهجر على هجر؟

قال الحافظ : سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني الحافظ ببغداد يذكر أن أبا الفضل ابتلي بهوى امرأة من أهل الرستاق كانت تسكن قرية على ستة فراسخ فكان يذهب كل ليلة فيرقبها فيراها تغزل في ضوء السراج ثم يرجع إلى همذان فكان يمشي كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا ، ومات ابن طاهر ودفن عند القبر الذي على جبلها يقال له قبر رابعة العدوية وليس هو بقبرها إنما قبرها بالبصرة وأما القبر الذي هناك فهو قبر رابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري الكاتب وقد اشتبه على الناس.

المُقَدَّسَةُ : فهي الأرض المقدّسة أي المباركة النزهة ، قيل : هي دمشق وفلسطين وبعض الأردنّ وبيت

١٧٢

المقدس منه.

مَقْدَشُو : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال ، وشين معجمة : مدينة في أول بلاد الزنج في جنوب اليمن في برّ البربر في وسط بلادهم ، وهؤلاء البربر غير البربر الذين هم بالمغرب ، هؤلاء سود يشبهون الزنوج جنس متوسط بين الحبش والزنوج ، وهي مدينة على ساحل البحر وأهلها كلهم غرباء ليسوا بسودان ولا ملك لهم إنما يدبّر أمورهم المتقدمون على اصطلاح لهم ، وإذا قصدهم التاجر لا بدّ له من أن ينزل على واحد منهم ويستجير به فيقوم بأمره ، ومنها يجلب الصندل والآبنوس والعنبر والعاج ، هذا أكثر أمتعتهم ، وقد يكون عندهم غير ذلك مجلوبا إليهم.

مَقَدٌّ : بالتحريك ، وتشديد الذال المعجمة ، المقذّ في اللغة منقطع الشعر من مؤخر القفا ، وأصل القذّ القطع : وهو اسم موضع جاء في الشعر.

مَقَذُونِيَةُ : بفتح أوله وثانيه ، وضم الذال المعجمة ، وسكون الواو ، وكسر النون ، وياء خفيفة : وهو اسم لمصر باليونانية القديمة ، هكذا ذكره ابن الفقيه ، وقال ابن البشّاري : مقذونية بمصر وقصبتها الفسطاط وهو المصر ومن دونها الغربية والجيزية وعين شمس ، وقال ابن خرداذبه : وكانت مصر منازل الفراعنة ومن جملتهم ملك كان اسمه مقذونية ، ثم ذكر ابن الفقيه في أخبار بلاد الروم فقال : ثم عمل مقذونية وحدّه من المشرق السور الطويل ومن القبلة بحر الشام ومن المغرب بلاد الصقالبة ومن ظهر القبلة بلاد برجان ، ومقام الوالي حصن يقال له باندس ، فهذه الحدود تدل على أنه مع القسطنطينية في برّ واحد ، والله أعلم ، والسور الطويل بناء يقطع من بحر الشام إلى بحر الخزر وطوله أربعة أيام ، وعرض هذه الولاية أعني مقذونية مسيرة خمسة أيام ، طولها ثلاث وستون درجة ، وعرضها ثمان وأربعون درجة وعشر دقائق في الإقليم الخامس ، طالعها الأسد ، بيت حياتها السنبلة تحت نقطة السرطان خارجة من المنطقة بأربع عشرة درجة ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، عاقبتها مثلها من الميزان.

مُقْرَى : بالضم ثم السكون ، وراء ، وألف مقصورة تكتب ياء لأنها رابعة ، من أقرت الناقة تقري فهي مقرية والمكان مقرى إذا ثبت ماء الفحل في رحمها : قرية على مرحلة من صنعاء وبها معدن العقيق ، ينسب إليها فيما أحسب جبلة المقري وشريح ابن عبيد المقري ، روى عن أبي أمامة ، روى عنه جرير ، وأبو شعبة يونس بن عثمان المقري عن راشد بن سعد ، روى عن يحيى بن صالح الوحاظي ، وقال الهمذاني : ابن الحائك هو مقرى بن سبيع بن الحارث ابن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير بن سبإ ، قال : ومقرى على زنة معطى ، والكلبي يقول مقرى بن سبيع بن الحارث بن زيد بن غوث بن عوف ابن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس ابن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن غوث ابن قطن بن عريب ، وقد يوجد العقيق في غير هذه إلا أن أجوده ما كان بها ، فذكر معالجوه أنهم يجدون منه القطعة فوق عشرين رطلا فتكسّر وتلقى في الشمس في أشد ما يكون من الحرّ ثم يسخن له تنانير بأبعار الإبل ويجعل في أشياء تكنّه عن ملامسة النار فينزّ منه ماء في مجرى يصنعونه له ثم يستخرجونه ولم يبق منه إلا الجوهر وما عداه قد صار رمادا.

مَقْرَى : بالفتح ثم السكون ، وراء ، وألف مقصورة تكتب ياء لمجيئها رابعة : قرية بالشام من نواحي

١٧٣

دمشق ، هكذا وجدناه مضبوطا بخط أبي الحسن علي ابن عبيد الكوفي المتقن الخط والضبط وكذا نقله ابن عدي في كتابه ، والمحدثون وأهل دمشق على ضم الميم ، قال البحتري يمدح خمارويه :

أما كان في يوم الثنيّة منظر

ومستمع ينبي عن البطشة الكبرى

وعطف أبي الجيش الجواد بكرّة

مدافعة عن دير مرّان أو مقرى

قال ابن سميفع : في الطبقة الأولى ذو قربات جابر ابن أرذ ، بالتحريك وآخره ذال معجمة ، المقري ، وأمّ بكر بن أرذ المقريّة روت عن زوجها عوسجة ابن أبي ثوبان وهي أمّ أم الهجرس بنت عوسجة وأم الهجرس أم صفوان بن عمرو ، وقال توفيق بن محمد النحوي :

سقى الحيا أربعا تحيا النفوس بها

ما بين مقرى إلى باب الفراديس

قال الحافظ الدمشقي : راشد بن سعد المقري ويقال الحرّاني الحمصي ، حدث عن ثوبان مولى رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ومعاوية بن أبي سفيان وأبي أمامة الباهلي ويعلى بن مرّة وعمرو بن العاص وعبد الله ابن بشر السلمي المازني وأبي الدرداء والمقدام بن معدي كرب وغيرهم ، روى عنه ثور بن يزيد الكلاعي وحريز بن عثمان الرحبي ومعاوية بن صالح الحضرمي وشهد مع معاوية صفّين وذهبت عينه يومئذ ، قال يحيى بن معين : راشد بن سعد ثقة ، وشريح بن عبيد بن عبد بن عريب أبو الصّلت وأبو الصواب المقري الحضرمي الحمصي ، حدث عن معاوية وفضالة ابن عبيد وأبي ذرّ الغفاري وأبي زهير ويقال أبي النمير وعقبة بن عامر وعقبة بن عبد السلام وبشير بن عكرمة وأبي أمامة والحارث بن الحارث والمقدام بن معدي كرب وأبي الدرداء والعرباض بن سارية وأبي مالك الأشعري وثوبان مولى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والمقداد بن الأسود الكندي وعبد الرحمن ابن جبير بن نفير وكثير بن مرّة وأبي راشد وأبي رهيم السماعي وشراحيل بن معشر العبسي ويزيد بن حمير وأبي طيبة الكلاعي وأبي بحرية وغيرهم ، سئل محمد بن عوف فقيل له : هل سمع شريح بن عبيد من أبي الدرداء؟ فقال : لا ، فقيل له : فهل سمع من أحد من أصحاب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال : ما أظن ذلك لأنه لا يقول في شيء سمعت ، وهو ثقة.

مِقْرَاةُ : بالكسر ثم السكون ، وهو في اللغة شبه حوض ضخم يقرأ فيه ماء البئر أي يجيء إليه ، وجمعها المقاري ، والمقاري أيضا : الجفان التي تقرى فيها الأضياف ، والمقراة وتوضح في قول امرئ القيس :

فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها

لما نسجتها من جنوب وشمأل

قريتان من نواحي اليمامة ، وقال السّكري في شرح هذا البيت : الدّخول فحومل وتوضح والمقراة مواضع ما بين إمّرة وأسود العين.

المقرانة : حصن باليمن.

مُقُرِّي : بضمتين ، وتشديد الراء : بلد بأرض النوبة افتتحه عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة ٣١.

مَقْرٌ : بالفتح ثم السكون ، وهو في اللغة إنقاع السمك الملح في الماء : موضع قرب فرات بادقلا من ناحية البرّ من جهة الحيرة ، كانت بها وقعة للمسلمين وأميرهم خالد بن الوليد في أيام أبي بكر ، رضي الله عنه ، فقال عاصم بن عمرو :

١٧٤

ألم ترنا غداة المقر فئنا

بأنهار وساكنها جهارا

قتلناهم بها ثم انكفأنا

إلى فم الفرات بما استجارا

لقينا من بني الأحرار فيها

فوارس ما يريدون الفرارا

المِقَرُّ : بكسر الميم ، وفتح القاف ، وتشديد الراء ، كذا ضبطه الحازمي : علم مرتجل لاسم جبل كاظمة في ديار بني دارم ، ولو كان من القرار والاستقرار لكان بفتح الميم ، وقال العمراني : مقرّ موضع بكاظمة ، وقيل : أكمة مشرفة على كاظمة ، وفي شعر الراعي مقرّ وعليه :

وأنضاء أنخن إلى سعيد

طروقا ثم عجّلن ابتكارا

على أكوارهن بنو سبيل ،

قليل نومهم إلا غرارا

حمدن مزاره ولقين منه

عطاء لم يكن عدة ضمارا

فصبّحن المقرّ وهنّ خوص

على روح تلقّين الحمارا

وقال : المقرّ موضع بالبصرة على مسيرة ليلتين وهو وسط كاظمة وعليه قبر غالب أبي الفرزدق ، كذا ضبطه بفتح الميم والقاف وهذا مشتق ، قال العمراني : والمقرّ جبل كاظمة ، عن السكري بخط ابن أخي الشافعي قاله في شرح قول جرير :

تبدّل يا فرزدق مثل قومي

بقومك إن قدرت على البدال

فإن أصبحت تطلب ذاك فانقل

شماما والمقرّ إلى وعال

مَقْرُونٌ : من أقاليم الجزيرة الخضراء بالأندلس.

مَقَرّةُ : تأنيث المقرّ ، بالفتح ، وتشديد الراء ، وهو الموضع الذي يستقر فيه كأنه أنّث لأنه بقعة أو أرض : موضع.

مَقْرَةُ : بالفتح ثم السكون ، وتخفيف الراء ، كأنه إن كان عربيّا من الاستنقاع ، تقول مقرت السمكة في الماء والملح مقرا إذا أنقعتها فيه ، ومقرة : مدينة بالمغرب في بر البربر قريبة من قلعة بني حمّاد بينها وبين طبنة ثمانية فراسخ وكان بها مسلحة للسلطان ضابطة للطريق ، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن الحسن المقري ، ذكره السلفي في تعاليقه.

مقرية : حصن من حصون اليمن بيد عبد علي بن عواض.

المَقْسُ : بالفتح ثم السكون ، وسين مهملة ، يقال : مقسته في الماء مقسا إذا غططته فيه ، والمقس كان في القديم يقعد عندها العامل على المكس فقلب وسمي المقس : وهو بين يدي القاهرة على النيل ، وكان قبل الإسلام يسمى أمّ دنين ، وكان فيه حصن ومدينة قبل بناء الفسطاط ، وحاصرها عمرو بن العاص وقاتله أهلها قتالا شديدا حتى افتتحها في سنة ٢٠ للهجرة ، وأظنه غير قصر الشمع المذكور في بابه وفي بابليون.

المُقْشَعِرُّ : اشتقاقه معلوم ، بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وشين معجمة ، وعين مكسورة ، وراء مشددة : من جبال القبلية ، عن الزمخشري عن الشريف عليّ.

مِقَصُّ قَرْنٍ : جبل مطلّ على عرفات ذكر في قرن ، وأنشد ابن الأعرابي لابن عمّ خداش بن زهير عن الأصمعي :

وكائن قد رأيت من أهل دار

دعاهم رائد لهم فساروا

١٧٥

فأصبح عهدهم كمقصّ قرن

فلا عين تحسّ ولا إثار

فإنك لا يضيرك بعد حول

أظبي كان خالك أم حمار

فقد لحق الأسافل بالأعالي ،

وعاج اللّؤم واختلف النّجار

وعاد العبد مثل أبي قبيس ،

وسيق من المعلهجة العشار

قال : فإن قرنا جبل صعب أملس ليس فيه أثر ولا مقصّ ، يقال : قرن مقص للأثر يريد يقص فيه الأثر.

المُقَطَّعَةُ : قال حمزة : هو اسم قرية من قرى قمّ وقاشان وفارسيّها أقجوى ، ويزعمون أن مزدك الزنديق اشترى بقية هذه القرية بدراهم مقطّعة تزلق من ثقب المنخل وتسمى أقجوى.

المُقَطَّمُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وتشديد الطاء المهملة وفتحها ، وميم : وهو الجبل المشرف على القرافة مقبرة فسطاط مصر والقاهرة ، وهو جبل يمتد من أسوان وبلاد الحبشة على شاطئ النيل الشرقي حتى يكون منقطعه طرف القاهرة ويسمى في كل موضع باسم وعليه مساجد وصوامع للنصارى لكنه لا نبت فيه ولا ماء غير عين صغيرة تنزّ في دير للنصارى بالصعيد ، وقد ذكر قوم أنه جبل الزبرجد ، والله أعلم ، والذي يتصوّر عندي أن هذا اسم أعجميّ فإن كان عربيّا فهو من القطم وهو العضّ بأطراف الأسنان ، والقطم : تناول الحشيش بأدنى الفم ، فيجوز أن يكون المقطّم الذي قطم حشيشه أي أكل لأنه لا نبات فيه ، أو يكون من قولهم فحل قطم وهو شدّة اغتلامه فشبّه بالفحل الأغلم لأنه اغتلم أي هزل فلم يبق فيه دسم ، وكذلك هذا الجبل لا ماء فيه ولا مرعى ، قال الهنائيّ : المقطم مأخوذ من القطم وهو القطع كأنه لما كان منقطع الشجر والنبات سمي مقطّما ، قلت : وهذا شيء لم أكن وقعت عليه عند ما استخرجته وذكرته قبل ، ثم وقع لي قول الهنائي فقارب ما ذهبت إليه ، والله أعلم والحمد لله على التوفيق وإيّاه أسأل الهداية في جميع ما أعتمده إلى سواء الطريق ، وظهر لي بعد وجه آخر حسن وهو أن هذا الجبل كان عظيما طويلا ممتدّا وله في كل موضع اسم يختصّ به فلما وصل إلى هذا الموضع قطم أي قطع عن الجبال فليس بعده إلا الفضاء ، هذا من طريق اللغة ، وأما أهل السير فقال القضاعي : سمي بالمقطم بن مصر ابن بيصر وكان عبدا صالحا انفرد بعبادة الله تعالى في هذا الجبل فسمي به ، وليس بصحيح لأنه لا يعرف لمصر ابن اسمه المقطّم ، وروى عبد الرحمن بن عبد الحكم عن الليث بن سعد قال : سأل المقوقس عمرو ابن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فتعجّب عمرو من ذلك وقال : أكتب بذلك إلى أمير المؤمنين ، فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه أن سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي أرض لا تزرع ولا يستنبط فيها ماء ولا ينتفع بها؟ فقال : إنّا نجد صفتها في الكتب وأنها غراس الجنة ، فكتب إلى عمر بذلك فكتب إليه عمر : إنّا لا نجد غراس الجنة إلا للمؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المؤمنين ولا تبعه بشيء ، فكان أول من قبر فيها رجل من المعافر يقال له عامر فقيل عمرت ، فقال المقوقس لعمرو : ما على هذا عاهدتني ، فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم يدفن فيه النصارى ، وقبر في مقبرة المقطم من أصحاب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، عمرو ابن العاص وعبد الله بن الحارث الزّبيدي وعبد الله ابن حذافة السهمي وعقبة بن عامر الجهني ، وقد

١٧٦

روي عن كعب أنه قال : جبل مصر مقدّس وليس بمصر غيره ، وقد ذكره أيمن بن خزيم في قوله يمدح بشر بن مروان:

ركبت من المقطّم في جمادى ،

إلى بشر بن مروان ، البريدا

ولو أعطاك بشر ألف ألف

رأى حقّا عليه أن يزيدا

وقال الوزير الكامل أبو القاسم الحسين بن علي المغربي وكان الحاكم قتل أهله بمصر :

إذا كنت مشتاقا إلى الطفّ تائقا

إلى كربلا فانظر عراض المقطّم

ترى من رجال المغربيّ عصابة

مضرّجة الأوساط والصدر بالدّم

وقال أيضا يرثي أباه وعمّه وأخاه :

تركت على رغمي كراما أعزّة

بقلبي وإن كانوا بسفح المقطّم

أراقوا دماهم ظالمين وقد دروا ،

وما قتلوا غير العلى والتكرّم

فكم تركوا محراب آي معطّلا ،

وكم تركوا من خيمة لم تتمّم

وقال شاعر يرثي إسحاق بن يحيى بن معاذ بن مسلم الجبلي والي مصر من قبل المتوكل وكان بها في سنة ٢٣٧ :

سقى الله ما بين المقطّم فالصّفا ،

صفا النيل ، صوب المزن حين يصوب

وما بي أن تسقى البلاد وإنما

أحاول أن يسقى هناك حبيب

فإن كنت يا إسحاق غبت فلم تؤب

إلينا وسفر الموت ليس يؤوب

فلا يبعدنك الله ساكن حفرة

بمصر عليها جندل وجبوب

وقد ذكره المتنبي فقال يخاطب كافورا الإخشيدي :

ولو لم تكن في مصر ما سرت نحوها

بقلب المشوق المستهام المتيّم

ولا نبحت خيلي كلاب قبائل

كأن بها في الليل حملات ديلم

ولا اتّبعت آثارها عين قائف

فلم تر إلا حافرا فوق منسيم

وسمنا بها البيداء حتى تغمّرت

من النيل واستذرت بظلّ المقطّم

مُقَلِّصٌ : موضع في شعر أبي دؤاد الإيادي حيث قال :

أقفر الخبّ من منازل أسما

ء فجنبا مقلّص فظليم

وترى بالجواء منها حلولا ،

وبذات القصيم منها رسوم

مِقْلاصُ : بالكسر ثم السكون ، وآخره صاد مهملة : قرية من قرى جرجان.

مُقَمِّلٌ : بالضم ثم الفتح ، وكسر الميم وتشديدها ، ولام : مسجد للنبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، بحمى غرز النقيع.

مِقْنَاص : بعد القاف الساكنة نون : موضع في بلاد العرب ، قال أعرابي من طيّء :

متى تريان أبرد حرّ قلبي

بماء لم تخوّضه الإماء

من اللّائي يصلّ بها حصاها

جرى ماء بهنّ وزلّ ماء

بأبطح بين مقناص وإير

تنفّخ عن شرائعه السماء

١٧٧

مقنا : قرب أيلة صالحهم النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، على ربع عروكهم ، والعروك حيث يصطاد عليه ، وعلى أن يعجل منهم ربع كراعهم وخلفتهم ، وقال الواقدي : صالحهم على عروكهم وربع ثمارهم وكانوا يهودا.

المُقَنَّعَةُ : بالضم ثم الفتح ، وتشديد النون ، يقال : قنّعه الشيب إذا علاه ، وقنّعه بالسوط إذا علاه به أيضا : وهو ماء لبني عبس ، وقال الأصمعي : الفوّارة قرية إلى جنب الظهران وحذاءها ماء يقال له المقنّعة لبني خشرم من بني عبس.

مَقُولة : من نواحي صنعاء اليمن.

المِقْيَاسُ : هو عمود من رخام قائم في وسط بركة على شاطئ النيل بمصر له طريق إلى النيل يدخل الماء إذا زاد عليه وفي ذلك العمود خطوط معروفة عندهم يعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته فأقلّ ما يكفي أهل مصر لسنتهم أن يزيد أربعة عشر ذراعا فإن زاد ستة عشر ذراعا زرعوا بحيث يفضل عندهم قوت عام وأكثر ما يزيد ثمانية عشر ذراعا والذراع أربعة وعشرون إصبعا ، قال القاضي القضاعي : وكان أول من قاس النيل بمصر يوسف ، عليه السّلام ، وبنى مقياسه بمنف وهو أول مقياس وضع ، وقيل : إنه كان يقاس بأرض علوة بالرصاصة قبل ذلك ، ثم لما صار الأمر إلى دلوكة العجوز التي ذكرتها في حائط العجوز بنت مقياسا بأنصنا وهو صغير ومقياسا آخر بإخميم ، وقيل : إنهم كانوا يقيسون الماء قبل ذلك بالرصاصة ، قال : ولم يزل المقياس فيما مضى قبل الفتح بقيسارية الأكسية ومعالمه هناك باقية إلى أن ابتنى المسلمون بين الحصن والبحر أبنيتهم الباقية إلى الآن ثم ابتنى عمرو بن العاص عند فتحه مصر مقياسا بأسوان ثم بني في أيام معاوية مقياس بأنصنا ثم ابتنى عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وكانت منزله ، قال : فأما المقياس القديم الذي بالجزيرة فالذي وضع أساسه أسامة بن زيد التنوخي وهو الذي بنى بيت المال بمصر في أيام سليمان بن عبد الملك وكان بناؤه المقياس في سنة ٩٧ ، قال ابن بكير : أدركت المقياس يقيس الماء بمنف ويدخل زيادته كل يوم إلى الفسطاط ، ثم بنى بها المتوكل مقياسا في سنة ٢٤٧ وهو المقياس الكبير المعروف بالجديد وأمر أن يعزل النصارى عن قياسه فجعل على المقياس أبا الرّدّاد المعلّم واسمه عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي الردّاد وأصله من البصرة ، ذكره ابن يونس وقال : قدم مصر وحدّث بها وجعل على قياس النيل وأجرى عليه سليمان بن وهب صاحب خراج مصر يومئذ سبعة دنانير في كل شهر فلم يزل المقياس منذ ذلك الوقت في يد أبي الرداد وولده إلى الآن ، وتوفي أبو الرداد سنة ٢٦٦ ، ثم ركب أحمد بن طولون سنة ٢٥٩ ومعه أبو أيوب صاحب خراجه وبكّار بن قتيبة قاضيه فنظر إلى المقياس وأمر بإصلاحه وقدّر له ألف دينار فعمّر ، وبنى الخازن في الصّنّاعة مقياسا وأثره باق ولا يعتمد عليه.

المَقِيلَةُ : بالفتح ثم الكسر : موضع على الفرات قرب الرّقّة به كان معسكر سيف الدولة بن حمدان في سنة ٣٥٥ وعام الفداء الذي جمع فيه الأموال وفدى أسرى المسلمين من الروم وكان فيهم أبو الفوارس ابن حمدان وغيره من أهله وأبى أن يفديهم ويترك غيرهم من المسلمين.

باب الميم والكاف وما يليهما

مَكَا : بالفتح ، يقال : مكيت يده تمكى مكا شديدا إذا غلظت ، ومكا : جبل لهذيل.

١٧٨

مَكّادَةُ : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، وبعد الألف دال مهملة : مدينة بالأندلس من نواحي طليطلة هي الآن للأفرنج ، قال ابن بشكوال : سعيد بن يمن بن محمد بن عدل بن رضا بن صالح بن عبد الجبار المرادي من أهل مكّادة يكنّى أبا عثمان ، روى عن وهب بن مسرّة وعبد الرحمن بن عيسى وغيرهما ، وتوفي في ذي القعدة سنة ٤٣٧ ، وأخوه محمد بن يمن ابن محمد بن عادل رحل إلى المشرق ، روى عن الحسن ابن رشيق وعمرو بن المؤمّل وأبي محمد بن أبي زيد وغيرهم ، وكان رجلا صالحا خطيبا بجامع مكادة ، حدث عنه جماعة ، ومات بعد سنة ٤٥٠.

المَكْتَبُ : من قرى ذي جبلة باليمن.

مَكْتُومَةُ : من الكتمان : من أسماء زمزم.

مَكْحُولٌ : من مياه بني عدي بن عبد مناة باليمامة ، عن ابن أبي حفص.

مُكْرَانُ : بالضم ثم السكون ، وراء ، وآخره نون أعجمية ، وأكثر ما تجيء في شعر العرب مشددة الكاف ، واشتقاقها في العربية أن تكون جمع ما كر مثل فارس وفرسان ، ويجوز أن تكون مكران جمع مكر مثل وغد ووغدان وبطن وبطنان ، قال حمزة : قد أضيفت نواح إلى القمر لأن القمر هو المؤثر في الخصب فكل مدينة ذات خصب أضيفت إليه ، وذكر عدّة مواضع ثم قال : وماه كرمان هو الذي اختصروه فقالوا مكران ، ومكران : اسم لسيف البحر ، وقد شدّد كافه الحكم بن عمرو التغلبي وكان قد افتتحها في أيام عمر فقال :

لقد شبع الأرامل ، غير فخر ،

بفيء جاءهم من مكّران

أتاهم بعد مسغبة وجهد

وقد صفر الشتاء من الدخان

فإني لا يذمّ الجيش فعلي ،

ولا سيفي يذمّ ولا سناني

غداة أرفّع الأوباش رفعا

إلى السند العريضة والمدان

ومهران لنا فيما أردنا

مطيع غير مسترخي الهوان

وفي كتاب أحمد بن يحيى بن جابر : ولّى زياد بن أبي سفيان في أيام معاوية سنان بن سلمة المحبّق الهذلي وكان فاضلا متألّها وهو أول من أحلف الجند بطلاق نسائهم أن لا يهربوا فأتى الثغر وفتح مكران عنوة ومصّرها وأقام بها وضبط البلاد ، وفيه قيل :

رأيت هذيلا أمعنت في يمينها

طلاق نساء ما تسوق لها مهرا

لهان عليّ حلفة ابن محبّق

إذا رفعت أعناقها حلّقا صفرا

وقال ابن الكلبي : كان الذي فتح مكران حكيم بن جبلة العبدي ثم استعمل زياد على الثغر راشد بن عمرو الجديدي الأزدي فأتى مكران ثم غزا القيقان فظفر ثم غزا السند فقتل وقام بأمر الناس سنان بن سلمة فولّاه زياد ابن أبيه الثغر وقام به سنتين ، وقال أعشى همدان في مكران :

وأنت تسير إلى مكّران

فقد شحط الورد والمصدر

ولم تك من حاجتي مكّران

ولا الغزو فيها ولا المتجر

وحدّثت عنها ولم آتها ،

فما زلت من ذكرها أخبر

١٧٩

بأنّ الكثير بها جائع ،

وأنّ القليل بها معور

وهذا نظم قول حكيم بن جبلة العبدي وكان عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، أمر عبد الله بن عامر أن يوجه رجلا إلى ثغر السند يعلم له علمه فوجّه حكيم بن جبلة فلما رجع أوفده إلى عثمان فسأله عن حال البلاد فقال : يا أمير المؤمنين قد عرفتها وخبرتها ، فقال : صفها لي ، فقال : ماؤها وشل وتمرها دقل ولصّها بطل ، إن قلّ الجيش فيها ضاعوا وإن كثروا جاعوا ، فقال عثمان : أخابر أم ساجع؟ فقال : بل خابر ، فلم يغزها أحد في أيامه وأول ما غزيت في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، كما ذكرنا ، قال أهل السير : سميت مكران بمكران بن فارك بن سام ابن نوح ، عليه السّلام ، أخي كرمان لأنه نزلها واستوطنها لما تبلبلت الألسن في بابل ، وهي ولاية واسعة تشتمل على مدن وقرى وهي معدن الفانيذ ومنها ينقل إلى جميع البلدان وأجوده الماسكاني أحد مدنها ، وهذه الولاية بين كرمان من غربيّها وسجستان شماليها والبحر جنوبيها والهند في شرقيها ، قال الإصطخري : مكران ناحية واسعة عريضة والغالب عليها المفاوز والضرّ والقحط ، والمتغلب عليها في حدود سنة ٣٤٠ رجل يعرف بعيسى بن معدان ويسمّى بلسانهم مهرا ومقامه بمدينة كيز وهي مدينة نحو من النصف من ملتان وبها نخل كثير وهي فرضة مكران ، فأكبر مدينة بمكران القيربون وبها بيد وقصر فيد ودرك وفهلفهرة كلها صغار وهي جروم ولها رساتيق تسمى الخروج ومدينتها رأسك ورستاق يسمى جربان ، وبها فانيذ وقصب سكر ونخيل ، وعامّة الفانيذ الذي يحمل إلى الآفاق منها إلا شيء يسير يحمل من ناحية ماسكان ، وطول عمل مكران من التيز إلى قصدار نحو اثنتي عشرة مرحلة ، وإياها عنى عمرو بن معدي كرب بقوله :

قوم هم ضربوا الجبابر إذ بغوا

بالمشرفيّة من بني ساسان

حتى استبيح قرى السواد وفارس

والسهل والأجبال من مكران

مَكْرَانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون ، هكذا وجدته في شعر الجميع منقذ بن طريف : وهو موضع في بلاد العرب ، فقال :

كأنّ راعينا يحدو بنا حمرا

بين الأبارق من مكران فاللّوب

فإن تقرّي بها عينا وتختفضي

فينا وتنتظري كرّي وتقريبي

مَكْرُوثا : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء مهملة ، وثاء مثلثة : موضع في ديار بني جحاش رهط الشماخ ، قال كعب بن زهير :

صبحنا الحيّ حيّ بني جحاش

بمكروثاء داهية نآدا

مَكْزُ : بالزاي : مدينة بمكران وبها مقام سلطانها ، كذا قال الراوي.

مُكْسُ : موضع بأرمينية من ناحية البسفرجان قرب قاليقلا ، قال البحتري :

مغلق بابه على جبل القب

ق إلى دارتي خلاط ومكس

وفي الفتوح : أن حبيب بن مسلمة سار إلى الصينانة فلقيه صاحب مكس وهي ناحية من نواحي البسفرجان فقاطعه على بلاده.

المُكَسَّرُ : من أعمال المدينة ، قال الأحوص :

أمن عرفات آيات ودور

تلوح بذي المكسّر كالبدور

١٨٠