معجم البلدان - ج ٥

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٥

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

عبس وبنو عامر ومن معهما الجبل كانت كبشة بنت عروة الرحّال بن عتبة بن جعفر بن كلاب يومئذ حاملا بعامر بن الطفيل فقالت : ويلكم يا بني عامر ارفعوني والله إن في بطني لمعزّ بني عامر! فوضعوا القسيّ على عواتقهم ثم حملوها حتى بوّؤوها القنّة قنة وقبان وزعموا أنها ولدت عامرا يوم فرغ الناس من القتال.

وَقْرَانُ : شعاب في جبال طيّء ، قال حاتم الطائي :

وسال الأعالي من نقيب وثرمد ،

وبلّغ أناسا أن وقران سائل

وَقَّشُ : بالفتح ، وتشديد القاف ، والشين معجمة : مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة ، منها أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام الكناني الحافظ المعروف بالوقّشي الفقيه الجليل عالم الزمن ، إمام عالم في كل فن ، صاحب الرسالة المرشدة ، ذكره القاضي عياض في مشيخة القاضي ابن فيروز فقال : هشام بن أحمد بن هشام بن سعيد بن خالد الكناني القاضي أبو الوليد الوقّشي حدث عن أبي محمد الشنتجالي وأبي عمر الطلمنكي إجازة وغيرهما ، وكان غاية في الضبط والتقييد والإتقان والمعرفة بالنسب والأدب وله تنبيهات وردود على كبار أهل التصانيف التاريخية والأدبية يقضي ناظرها العجب تنبئ عن مطالعته وحفظه وإتقانه وناهيك من حسن كتابه في تهذيب الكنى لمسلم الذي سمّاه بعكس الرتبة ، ومن تنبيهاته على أبي نصر الكلاباذي ومؤتلف الدارقطني ومشاهد ابن هشام وغيرها ، ولكنه اتّهم برأي المعتزلة وظهر له تأليف في القدر والقرآن وغير ذلك من أقاويلهم وزهد فيه الناس وترك الحديث عنه جماعة من كبار مشايخ الأندلس ، وكان الفقيه أبو بكر بن سفيان بن العاصم قد أخذ عنه وكان ينفي عنه الرأي الذي زنّ به والكتاب الذي نسب إليه وقد ظهر الكتاب وأخبر الثقة أنه رواه عليه سماع ثقة من أصحابه وخطه عليه ، لقيه القاضي أبو علي ببلنسية واستجازه ولم يسمع منه وقال لم يعجبني سمته ، ولا أعلم أن القاضي حدث عنه بشيء أكثر من أنه ذكر أنه استجازه روايته ، ودخل العدوّ بلنسية وهو بها فالتزم قضاء المسلمين بها تلك المدة ثم خرج إلى دانية ومات بها ، فيما قيل ، سنة ٤٨٨.

وَقَشٌ : بالتحريك : بلد باليمن قرب صنعاء. وهجرة وقش : موضع فيه كالخانقاه يسكنه العبّاد وأهل العلم ، وفي اليمن عدة مواضع يقال لها هجرة كذا.

وَقْطٌ : هو في الأصل محبس الماء في الصفا : وهو موضع بعينه في قول طفيل الغنوي :

عرفت لليلى بين وقط وضلفع

منازل أقوت من مصيف ومربع

إلى المنحنى من واسط لم يبن لنا

بها غير أعواد الثّمام المنزّع

وَقْف : موضع في بلاد عامر ، قال لبيد :

لهند بأعلى ذي الأغرّ رسوم

إلى أحد كأنهنّ وشوم

فوقف فسلّيّ فأكناف ضلفع

تربّع فيه تارة وتقيم

الوَقْوَاقُ : بتكرير القاف ، والوقوقة : نباح الكلب ، والوقواق الكثير الكلام : وهي بلاد فوق الصين يجيء ذكرها في الخرافات.

وَقِيرٌ : بالفتح ثم الكسر ، والوقير : الجماعة من الناس ، والوقير : صغار الشاء ، وقيل : الشاء براعيها وكلبها وحمارها ، قال الأصمعي : لا يكون وقيرا إلا كذلك ، والوقيرة : النقرة في الصخرة العظيمة تمسك الماء ، والوقير : جبل ، وقيل بلد ، قال الهذلي :

٣٨١

أمن آل ليلى بالضّجوع وأهلنا

بنعف اللوى أو بالصّفيّة عير

رفعت لها طرفي وقد حال دونها

رجال وخيل ما تزال تغير

فإنك حقّا أي نظرة عاشق

نظرت وقدس دوننا ووقير

الوَقِيطُ : بالفتح ثم الكسر ، وآخره طاء مهملة ، الوقيط : المكان الصلب الذي يستنقع فيه الماء فلا يزال فيه الماء ، وقال أبو أحمد العسكري : يوم الوقيط ، الواو مفتوحة ، والقاف مكسورة ، والياء ساكنة ، والطاء مهملة ، وهو اليوم الذي قتل فيه الحكم بن خيثمة ابن الحارث بن نهيك النهشلي ، قتله أراز أحد بني تيم الله بن ثعلبة ، فقال الشاعر يرثي الحكم :

ما شئن فلتفعل الوائدا

ت والدهر بعد فتانا حكم

يجوب الفلاة ويهدي الخميس ،

ويصبح كالصّقر فوق العلم

تعلّمت خير فعال الكرام ،

وبذل الطعام وطعن البهم

فنفسي فداؤك يوم الوقيط ،

إذ الرّوع أفد ، وخالي وعم

وأسر في هذا اليوم أيضا من فرسان بني تميم عثجل ابن المأموم والمأموم بن شيبان أسرهما بشر بن مسعود وطيسلة بن شربب ، وفيه يقول الشاعر :

وعثجل بالوقيط قد اقتسرنا

ومأموم العلى أيّ اقتسار

وُقَبْطٌ : وقرأت بخط محمد بن محمد ابن أخي الشافعي وناهيك به صحة نقل وإتقان ضبط : الوقيط ، بضم الواو ، وفتح القاف ، والطاء مهملة ، تصغير الوقط ، وهو المكان الذي يستنقع فيه الماء يتخذ فيه حياض يحبس فيها الماء للمارة ، واسم ذلك الموضع أجمع وقط ، وقال السكري : ماء لبني مجاشع بأعلى بلاد بني تميم إلى بلاد عامر وليس لبني مجاشع بالبادية إلا زرود ووقيط ، قال ذلك في قول جرير :

فليس بصابر لكم وقيط

كما صبرت لسوءتكم زرود

وإنما جعلتهما موضعين لصحة إتقان الإمامين اللذين نقلت عنهما وإن كانا واحدا ، والله أعلم ، وقال يزيد بن جحيظة :

وقد قال عوف : شمت بالأمس بارقا ،

فلله عوف كيف ظلّ يشيم

ونجّاه من يوم الوقيط مقلّص

أقبّ على فأس اللجام أزوم

باب الواو والكاف وما يليهما

وِكار : بكسر أوله ، يجوز أن يكون جمع وكر : موضع.

وَكْدٌ : بالفتح ثم السكون ، ودال مهملة ، والوكد الممارسة : موضع بين مكّة والمدينة ، وقيل : جبل صغير يشرف على خلاطا ينظر إلى الجمرة.

وَكْرَاء : بالفتح ثم السكون ، والمد ، والوكر موضع الطائر : وهو موضع في قول المرّار :

أغبرور لم يألف بوكراء بيضه ،

ولم يأت أمّ البيض حيث تكون

الوَكَفُ : بالتحريك ، وآخره فاء ، الوكف : الجور والميل ، والوكف : الثقل ، والوكف : ما انهبط من الأرض ، والوكف : الإثم ، والوكف : العيب ، وقال السكري : الوكف إذا انحدرت من

٣٨٢

الصمّان وقعت في الوكف وهو منحدرك إذا خلفت الصمان ، وقال جرير :

ساروا إليك من السَّهبا ودونهم

فيحان فالحزن فالصّمّان فالوكف

وَكَفُ الرِّماء : في الأصل أصل الجبل ، خرج قوم من هذيل إلى بني الدّيش فالتجؤوا إلى أصل جبل فنزلوا فيه وتراموا فسمي وكف الرماء إلى الساعة.

الوَكيعُ : أرض لطيّء فيها روضة ، ذكرت في الرياض وشاهدها ، والله أعلم.

باب الواو واللام وما يليهما

وَلاسْتَجِرْد : السين مهملة ، وتاء مثناة من فوقها ، وجيم مكسورة ، قال مسعر : وسرنا من دستجرد إلى قرية أخرى يقال لها ولا ستجرد ذات العيون يقال إن فيها ألف عين يجتمع ماؤها إلى نهر واحد ومنها إلى قصر اللصوص من نواحي همذان ، وقال أبو نصر : منها أبو عمر عبد الواحد بن محمد وكان مقيما بقصر كنكور فسألته عن مولده فقال في سنة ٤٤٠ بولاستجرد من أعمال همذان وكان والدي من أصبهان ورحلت إلى بغداد لطلب الحديث فكتبت بخطي أزيد من مائة جزء عن ابن المسلم وجابر بن ياسين وأبي بكر بن الخطيب وابن المهندس وابن المنقور وعلقت على أبي إسحاق الشيرازي مسائل في الخلاف ثم تفقهت عن أبي الفضل بن زيرك وأبي منصور العجلي بهمذان وكتبت بها عن أبي الفضل بن زيرك القومساني ونظرائه.

ولاشْجِرْد : بسكون الشين المعجمة ، وكسر الجيم ، وراء ساكنة ، ودال مهملة ، كذا ذكره السمعاني في قصر كنكور : مدينة بين همذان وكرمان شاهان ، منها أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عمر ابن هارون الولاشجردي الفقيه ، سمع أبا الحسين بن الغريق الهاشمي وأبا محمد بن هزار مرد الصريفيني وابن المسلم وأبا الفضل محمد بن عثمان القومساني وغيرهم ، ومات سنة ٥٠٢ ، ومولده سنة ٤٤٠ بتبريز ، قال السلفي : بولاية ولاشجرد من همذان.

وولاشجرد : موضع بنواحي بلخ كانت فيه غزوة للمسلمين وهي ثغر. وولاشجرد وربما قالوا ولاشكرد : من نواحي كرمان. وولاشجرد : من نواحي أخلاط.

الوَلَجَةُ : بأرض كسكر موضع مما يلي البرّ واقع فيه خالد بن الوليد جيش الفرس فهزمهم ، ذكره في الفتوح ، في صفر سنة ١٢ ، وقال القعقاع بن عمرو :

ولم أر قوما مثل قوم رأيتهم

على ولجات البرّ أحمى وأنجبا

وأقتل للرّوّاس في كل مجمع

إذا صعصع الدهر الجموع وكبكبا

والولجة : ناحية بالمغرب من أعمال تاهرت ، نسب إليها السلفي أبا محمد عبد الله بن منصور التاهرتي ، قال : وكان من الفضلاء في الأدب والفقه وله شعر وكتب عني من الحديث كثيرا سنة ٥٢٧ ورجع إلى المغرب وروى بها ، ومات سنة ٥٥٣. والولجة : موضع بأرض العراق عن يسار القاصد إلى مكة من القادسية ، وكان بين الولجة والقادسية فيض من فيوض مياه الفرات.

وَلِعَانُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، والعين مهملة ، وآخره نون : علم مرتجل لموضع قرب آرة من أرض تهامة ، قال بعضهم :

٣٨٣

فإنّ بخلص فالبريراء فالحشا

فوكد إلى النقعاء من ولعان

ويروى بالباء موضع اللام.

وَلْغُون : بالفتح ثم السكون ، والغين معجمة ، وواو ساكنة ، ونون ، بوزن حمدون ، من ولغ يلغ وهو شرب السباع : موضع بالبحرين ، ويقال : هذه ولغون ومررت بولغين.

وَلْمَةُ : بالفتح ثم السكون : حصن بالأندلس من أعمال شنت برية.

وَلْوَالِج : بالفتح ثم السكون ، وكسر اللام ، والجيم : بلد من أعمال بذخشان خلف بلخ وطخارستان ، وأحسب أنها مدينة مزاحم بن بسطام ، ينسب إليها أبو الفتح عبد الرشيد بن أبي حنيفة النعمان بن عبد الرزّاق بن عبد الله الولوالجي ، إمام فاضل سكن سمرقند ، وسمع بها الحديث ورواه ، ولد ببلده سنة ٤٦٧ ، ولا أدري متى مات إلا أن السمعاني رحمه الله روى عنه وكان سكن كشّ مدة ثم انتقل إلى سمرقند ، وسمع ببلخ أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وأبا جعفر محمد بن الحسين السّمنجاني ، وببخارى أبا بكر محمد بن منصور بن الحسن النسفي وأحمد بن سهل العتابي.

وَلِيداباذ : من قرى همذان من ناحية بزنيروذ ، ينسب إليها عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان أبو محمد الجلّاب يقال له الخرّاز الوليداباذي ويقال الدهقان أحد أركان السنّة بهمذان ، روى عن أبي حاتم الرازي ويحيى بن عبد الله الكرابيسي ومحمد بن سليمان الباغندي وإسماعيل بن إسحاق القاضي وخلق سواهم ، روى عنه خلق من أهل همذان صالح بن أحمد وعبد الرحمن الأنماطي وأبو سعيد بن خيران وأبو بكر لال وكثير سواهم كالحاكم أبي عبد الله وأبي الحسين ابن فارس البغوي وغيرهما ، وذهب بصره في المحنة ، وضاعت كتبه وتغيرت أحواله ، وكان سديدا بالأثر والسّنّة ، توفي في سنة ٣٤٢ بوليداباذ.

وَلِيلَى : مدينة بالمغرب قرب طنجة ، لما دخل إدريس ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، المغرب ناجيا من وقعة فخّ حصل بها في سنة ١٧٢ في أيام الرشيد وأقام بها إلى أن مات مسموما في قصة طويلة في سنة ١٧٤.

الوَلِيّةُ : موضع في بلاد خثعم أوقع بأهله جرير بن عبد الله البجلي حيث حرق ذا الخلصة وخرّبه ، قالت امرأة منهم :

وبنو أمامة بالوليّة صرّعوا

شملا يعالج كلهم أنبوبا

في أبيات ذكرت في ذي الخلصة.

الوَلِيهَةُ : كأنه من الوله : موضع.

باب الواو والنون وما يليهما

وَنَج : هي ونه : قرية من قرى نسف.

وَنْجَر : من رساتيق همذان قد ذكر في أسفجين ، وفيه منارة ذات الحوافر.

وَنْداد : من قرى الريّ.

وَنْدَاد هُرْمُز : بفتح أوله ، وهرمز اسم ملك من ملوك الفرس : كورة في جبال طبرستان تلقاء خراسان مجاورة لجبال شروين ، وونداد هرمز : اسم رجل عصى في تلك الجبال أيام الرشيد فقدم الرشيد بنفسه إلى الري وأرسل إليه فاستدعاه فقدم عليه بالأمان وسلّم إلى عمّال الرشيد بلاده فصيّره الرشيد اصفهبذ خراسان ووجّه عبد الله بن مالك الخزاعي فحاز بلاده وسلمها

٣٨٤

إلى المسالح فلما ولي المأمون أخذها منهم وسلمها إلى أصحابه ، والمسالح : من أول بلاد خراسان وطبرستان إلى أول حدود الديلم إحدى وثلاثون مسلحة ، والمسلحة : الجيش أصحاب السلاح الذين يحفظون المواضع ما بين المائتين إلى الألفين.

وَنُّ : بالفتح ، وتشديد النون : قرية من قرى قوهستان وإليها ينسب الونّيّ صاحب كتاب الفرائض.

وَنْك : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، والكاف : من قرى الريّ.

وَنَنْدون : بفتح أوله وثانيه ، ونون أخرى ساكنة ، وآخره نون : من قرى بخارى.

وَنُوفاغ : بفتح أوله ، وثانيه مضموم ، وبعد الواو فاء ، وآخره غين معجمة : من قرى بخارى أيضا.

وَنُوفَخ : بفتح أوله ، وضم ثانيه ، وسكون الواو ، وفاء ، وخاء معجمة : من قرى بخارى أيضا.

وَنُوفَخ : بفتح أوله وثانيه ، وينسب إليها ونجيّ : من قرى نسف.

الوَنِيّةُ : بالفتح ثم الكسر ، وتشديد الياء ، كأنه نسب إلى الونا وهو ترك العجلة : موضع.

باب الواو والهاء وما يليهما

وَهَان زَاد : قلعة سميرم تسمى بذلك : وهي من أعمال أصبهان.

وَهْبَن : علم مرتجل ، بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة ، ونون : من رستاق القرج بالرّي ، ينسب إليها مغيرة بن يحيى بن المغيرة السّدّي الرازي الوهبني وأبوه يحيى بن المغيرة صاحب جرير ، رحل إليه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان.

وَهْبِين : بالفتح ثم السكون ، وكسر الباء الموحدة ثم ياء ساكنة ، ونون معربة ، مرتجل ، قال الأزهري : وهبين جبل من جبال الدّهناء رأيته ، قال الراعي :

وقد قادني الجيران قدما وقدتهم ،

وفارقت حتى ما تحنّ جماليا

رجاؤك أنساني تذكّر إخوتي ،

ومالك أنساني بوهبين ماليا

وَهْدٌ : بالفتح ثم السكون ، وهو المكان المنخفض : اسم موضع في قول رجل من فزارة :

أيا أثلتي وهد سقى خضل النّدى

مسيل الرّبا حيث انحنى بكما الوهد

ويا ربوة الحيّين حيّيت ربوة

على النأي منّا واستهلّ بك الرّعد

وَهْرَانُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : مدينة على البر الأعظم من المغرب ، بينها وبين تلمسان سرى ليلة ، وهي مدينة صغيرة على ضفة البحر وأكثر أهلها تجار لا يعدو نفعهم أنفسهم ، ومنها إلى تنس ثماني مراحل ، قال أبو عبيد البكري : وهران مدينة حصينة ذات مياه سائحة وأرحاء ولها مسجد جامع ، وبنى مدينة وهران محمد بن أبي عون ومحمد بن عبدون وجماعة من الأندلسيين الذين ينتجعون مرسى وهران باتفاق منهم مع نفزة وبني مسقن وهم من ازداجة وكانوا من أصحاب القرشي سنة ٢٩٠ فاستوطنوها سبعة أعوام ، وفي سنة ٢٩٧ زحف إليها قبائل كثيرة يطالبون أهلها بإسلام بني مسقن فخرجوا ليلا هاربين واستجاروا بازداجة وتغلبوا على مدينة وهران وخربت مدينة وهران وأضرمت نارا ثم عاد أهل وهران إليها بعد سنة ٢٩٨ بأمر أبي حميد دوّاس ابن صولاب وابتدأوا في بنائها وعادت أحسن مما ٢٥ ـ ٥ معجم البلدان دار صادر

٣٨٥

كانت وولى عليهم داود بن صولاب اللهيصي محمد بن أبي عون فلم تزل في عمارة وكمال وزيادة إلى أن وقع يعلى بن محمد بن صالح اليفرني بازداجة في ذي القعدة من السنة المذكورة فبدّد جمعهم وحرق مدينة وهران ثانية وخرّبها وكذلك بقيت سنين ثم تراجع الناس إليها وبنيت ، وينسب إليها أبو القاسم عبد الرحمن ابن عبد الله بن خالد الهمداني الوهراني ، يروي عن أبي بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، روى عنه ابن عبد البرّ وأبو محمد بن حزم الحافظ الأندلسي. ووهران أيضا : موضع بفارس.

وَهْرَنْدازان : قرية كبيرة على باب مدينة الريّ ، لها ذكر كثير في التواريخ ، كان الملوك إذا سفروا برزوا إليها.

وهشتاباذ : من قرى الريّ.

وَهْط : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وطاء مهملة ، والوهط : المكان المطمئن المستوي ينبت العضاه والسّمر والطلح ، وبه سمي الوهط ، قال أبو حنيفة : إذا أنبت الموضع العرفط وحده سمي وهطا كما يقال إذا أنبت الطلح وحده غول ، وهو مال كان لعمرو ابن العاص بالطائف : وهو كرم كان على ألف ألف خشبة شرى كل خشبة بدرهم ، وقال ابن الأعرابي : عرش عمرو بن العاص بالوهط ألف ألف عود كرم على ألف ألف خشبة ابتاع كل خشبة بدرهم ، فحج سليمان بن عبد الملك فمر بالوهط فقال : أحب أن أنظر إليه ، فلما رآه قال : هذا أكرم مال وأحسنه ما رأيت لأحد مثله لو لا أن هذه الحرة في وسطه ، فقيل له : ليست بحرة ولكنها مسطاح الزبيب ، وكان زبيبه جمع في وسطه فلما رآه من البعد ظنه حرة سوداء ، وقال ابن موسى : الوهط قرية بالطائف على ثلاثة أميال من وجّ كانت لعمرو بن العاص.

باب الواو والياء وما يليهما

وَيْبَوْذَى : بفتح الواو ، وسكون ثانيه ثم باء موحدة ، وواو ساكنة ، وذال : من قرى بخارى.

وِيذاباذ : بالذال معجمة ، كأنه عمارة ويذ ، وقد تقدم تفسيره في مواضع : هي محلة كبيرة بأصبهان ، ينسب إليها أبو محمد جابر بن منصور بن محمد بن صالح الويذاباذي شيخ أبي سعد السمعاني ، سمع أبا العباس أحمد بن عبد الغفار بن أشتة الأصبهاني وأخوه أبو العباس أحمد في التحبير أيضا.

وِيذار : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وآخره راء : هي مدينة تعمل فيها الثياب الويذارية.

وِيرُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وراء : قرية بأصبهان ، ينسب إليها أحمد بن محمد بن أبي عمرو ابن أبي بكر الويري ، قال الحافظ ابن النجار : سمعت منه في داره بقرية وير عن أبي موسى الحافظ محمد بن عمرو.

وِيزَةُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وزاي ثم هاء : موضع.

وِيسُو : بكسر أوله ، والسين مهملة ، وواو : بلاد وراء بلغار ، بينها وبين بلغار ثلاثة أشهر ، يقصر عندهم الليل حتى لا يرون الظلمة ثم يطول في فصل آخر حتى لا يرون الضوء.

وَيْمَةُ : بليدة في الجبال بين الرّيّ وطبرستان ومقابلها قلعة حصينة يقال لها بيروز كوه من أعمال دنباوند ،

٣٨٦

رأيتها أنا وقد استولى عليها الخراب وهي في وسط الجبال عندها عيون جارية. وويمة أيضا : حصن باليمن مطلّ على زبيد.

وَيْمِيَةُ : الياء مخففة ليست للنسبة : مدينة بالأندلس من كورة جيّان وهي اليوم خراب ينبت بقربها العاقرقرجا.

وَيْنَا : بالقصر ، والنون : موضع ، والله أعلم وهو الموفق.

٣٨٧

ه

باب الهاء والألف وما يليهما

هابُ : قلعة عظيمة من العواصم.

الهارِبِيّةُ : بلفظ اسم الفاعل من لفظ هرب يهرب : مويهة لبني هاربة بن ذبيان ، وقال بشر بن أبي خازم :

ولم تهلك لمرّة إذ تولّوا

وساروا سير هاربة فغادوا

وذلك لحرب كانت بينهم فرحلوا من غطفان فنزلوا في بني ثعلبة بن سعد فعدادهم اليوم فيهم وهم قليل ، قال هشام بن محمد الكلبي : لم أر هاربيّا قطّ.

هاروت : بلفظ هاروت الذي جاء ذكره في القرآن ، وهو من الهرت وهو الشق : قرية بأسفل واسط ، ينسب إليها أبو البقاء الهاروتي ، روى عنه أبو محمد عبد الله بن موسى بن عبد الله الكرخي.

الهَارُونِيّةُ : مدينة صغيرة قرب مرعش بالثغور الشامية في طرف جبل اللّكّام ، استحدثها هارون الرشيد وعليها سوران وأبواب حديد ثم خرّبها الروم فأرسل سيف الدولة غلامه غرقويه فأعاد عمارتها ، وهي اليوم من بلاد بني ليون الأرمني ، قال أحمد ابن يحيى : لما كانت سنة ١٨٣ أمر الرشيد ببناء الهارونية بالثغر فبنيت وشحنت بالمقاتلة ومن نزع إليها من المطّوّعة ونسبت إليه ، ويقال إنه بناها في خلافة أبيه المهدي وتمت في أيام ابنه ، ثم استولى عليها العدوّ لسبع بقين من شوال سنة ٣٤٨ وسبي من أهلها ألف وخمسمائة مسلم ما بين امرأة ورجل وصبيّ. والهارونيّة أيضا : من قرى بغداد قرب شهرابان في طريق خراسان بها القنطرة العجيبة البناء لها ذكر تعرف بقنطرة الهارونية.

هَارَةُ : موضع في قول ابن مقبل :

قريت الثريّا بين بطحاء هارة

ومنزوز قفّ حيث يلتقيان

وقيل : هارة أي هائرة ، من قوله تعالى : جرف هار فانهار به ، وقفّ : ما على طرف الأرض ، ومنزوز : لا يحبس الماء.

الهارُونيّ : قصر قرب سامرّاء ، ينسب إلى هارون الواثق بالله ، وهو على دجلة بينه وبين سامرّاء ميل وبإزائه بالجانب الغربي المعشوق.

٣٨٨

هَاشٌ : آخره شين معجمة ، والهوش : كثرة الناس في الأسواق ، وذو هاش : موضع في قول الشمّاخ : فأيقنت أن ذا هاش منيّتها وقال زهير :

عفا من آل فاطمة الجواء

فيمن فالقوادم فالحساء

فذو هاش فميث عريتنات

عفتها الريح بعدك والسماء

الهَاشِمِيّةُ : ماء في شرقي الخزيمية في طريق مكة لبني الحارث بن ثعلبة من بني أسد على مقدار أربعة أميال إلى جانبه ماء يقال له أراطى. والهاشمية أيضا : مدينة بناها السفّاح بالكوفة وذلك أنه لما ولي الخلافة نزل بقصر ابن هبيرة واستتمّ بناءه وجعله مدينة وسماها الهاشمية فكان الناس ينسبونها إلى ابن هبيرة على العادة ، فقال : ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنها ، فرفضها وبنى حيالها مدينة سماها الهاشمية ونزلها ثم اختار نزول الأنبار فبنى مدينتها المعروفة فلما توفي دفن بها ، واستخلف المنصور فنزلها أيضا واستتمّ بناء كان بقي فيها وزاد فيها على ما أراد ثم تحوّل عنها فبنى مدينة بغداد وسماها مدينة السلام ، وبالهاشمية هذه حبس المنصور عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، ومن كان معه من أهل بيته. والهاشمية أيضا : قرب الرّيّ.

هَاطْرَى : بسكون الطاء فيلتقي ساكنان ، وفتح الراء ، ممال : قرية بينها وبين الجعفريّ الذي عند سامرّاء ثلاثة فراسخ وهي دون تكريت وأسفل منها الدور الأعلى المعروف بالخربة ، وكان أكثر أهلها اليهود وإلى الآن في بغداد يقولون : كأنك من يهود هاطرى. وهاطرى أيضا : قرية بمقابل المذار من أرض ميسان ، وهي قرية طيبة نزهة كثيرة النخل والشجر والمياه والدجاج ، وقد رأيتها.

الهَامُ : بلفظ الهام الذي هو الرأس ، والهام الصدى : وهي قرية باليمن بها معدن العقيق.

الهَامَةُ : واحدة الهام الذي قبله : موضع بتيه مصر وهي كورة واسعة فيها جبل ألاق.

باب الهاء والباء وما يليهما

الهَبَاءَةُ : قال ابن شميل : الهباء التراب الذي تطيّره الريح فتراه على وجوه الناس وجلودهم وثيابهم ، وتأنيثه للأرض : وهي الأرض التي ببلاد غطفان قتل بها حذيفة وحمل ابنا بدر الفزاريّان ، قتلهما قيس بن زهير. وجفر الهباءة : مستنقع في هذه الأرض ، وقال عرّام : الصحن جبل في بلاد بني سليم فوق السوارقية وفيه ماء يقال له الهباءة وهي أفواه آبار كثيرة مخرقة الأسافل يفرغ بعضها في بعض الماء العذب الطيب ويزرع عليه الحنطة والشعير وما أشبهه ، وقد قال قيس بن زهير العبسي :

تعلّم أن خير الناس ميت

على جفر الهباءة لا يريم

ولو لا ظلمه ما زلت أبكي

عليه الدهر ما طلع النجوم

ولكنّ الفتى حمل بن بدر

بغى والبغي مصرعه وخيم

أظنّ الحلم دلّ عليّ قومي ،

وقد يستجهل الرجل الحليم

ومارست الرجال ومارسوني ،

فمعوجّ عليّ ومستقيم

وقال أيضا قيس بن زهير من أبيات :

٣٨٩

شفيت النفس من حمل بن بدر ،

وسيفي من حذيفة قد شفاني

شفيت بقتلهم لغليل صدري ،

ولكني قطعت بهم بناني

فلا كانت الغبرا ولا كان داحس ،

ولا كان ذاك اليوم يوم دهاني (١)

الهَبَاتَان : يقال : هبا الشيء يهبو إذا سطع : موضع.

هُبَالَةُ : بالضم ، وبعد الألف لام ، والهبل :

كالثكل ، والمهبل : الهوّة الذاهبة في الأرض بين الجبلين ، والهبالة : الغنيمة ، واهتبله : اعتقله ، وهبالة : موضع ، قال ذو الرمة :

أبي فارس الحوّاء يوم هبالة

إذ الخيل بالقتلى من القوم تعثر

ويوم هبالة ضبطه بعضهم بالفتح ، فقال خراشة بن عمرو العبسي في هذا اليوم :

ونحن تركنا عنوة أمّ حاجب

تجاذب نوحا ساهر الليل مثكلا

وجمع بني عمرو غداة هبالة

صبحنا مع الأشراف موتا معجّلا

وقال أبو زياد : هبالة وهبيل من مياه بني نمير الذي يقول فيه ذروة بن جحفة العبدي الكلابي وكان قد خرج يمير أهله من الوشم ، فلما عاد ومعه ثميلتان على راحلة له ، والثميلة : نصف الغرارة ، فمرّ بهذا الموضع فحطّ به وأرسل راحلته ترعى فبعدت عنه فخرج في طلبها ، فلما رجع وجد ثميلتيه قذ ذهب بهما ووجد آثار الثميلتين تسحب نحو البيوت فسأل عن أهل البيوت فقيل هذه بيوت بني عثير النميري ، فانطلق ولم يقل شيئا ، فلما قدم على أهله لامته امرأته فأنشأ يقول :

سيعلم عمّنا الغادي علينا

بجنب القفّ أنّ لنا رجالا

رجال يطلبون ثميلتيهم ،

سأوردهم هبالة أو هبالا

لعلّي أن أميرك من عثير

ومن أصحابه ثملا ثقالا

فلما كان العام المقبل انقضّ وفتية إلى بلاد بني عثير فوجدوا سبع خلفات فاستاقوهن وطلبهم النميريون فلم يفيئوا شيئا فباعها فاستوفر من الميرة والثياب والطعام ، وكان مسافر بن أبي عمرو بن أميّة بن عبد شمس قد جسا فخرج إلى الحيرة ليتداوى فمات بهبالة فقال أبو طالب بن عبد المطلب يرثيه :

ليت شعري مسافر بن أبي عم

رو وليت يقولها المحزون

رجع الوفد سالمين جميعا

وخليلي في مرمس مدفون

ميت درء على هبالة قد حا

لت فياف من دونه وحزون

مدره يدفع الخصوم بأيد

وبوجه يزينه العرنين

بورك الميّت الغريب كما بو

رك نضر الريحان والزيتون

هَبْرَاثان : بالفتح ثم السكون ، وراء مهملة ، وألف ، وثاء مثلثة ، وآخره نون : من قرى دهستان.

هَبَزَتَان : بفتح أوله وثانيه ، وزاي مفتوحة ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون : من قرى دهستان.

هُبَكاتُ : بالضم ثم الفتح ، وآخره تاء مثناة ، كذا هو في كتاب الأديبي ولا أصل له في لغتهم : وهي مياه لكلب.

__________________

(١) هذا البيت مخالف للبيتين السابقين في الوزن.

٣٩٠

هُبَلُ : بالضم ثم الفتح ، بوزن زفر ، أظنه من الهابل وهو الكثير اللحم والشحم ، ومنه حديث عائشة : والنساء يومئذ لم يهبّلهن اللحم ، أي لم يسمنّ ، أو من الهبل وهو الثكل يراد به أنّ من لم يطعه أهبله أي أثكله ، أو من الهبل والهبالة وهو الغنيمة أي يغتنم عبادته أو يغتنم من عبده ، والله أعلم ، وهبل : صنم لبني كنانة بكر ومالك وملكان وكانت قريش تعبده ، وكانت كنانة تعبد ما تعبده قريش وهو اللّات والعزّى ، وكانت العرب تعظم هذا المجمع عليه فتجتمع عليه كل عام مرة ، وقيل : إن هبل كان من أصنام الكعبة ، وقال أبو المنذر هشام بن محمد : وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها وكان أعظمها عندهم هبل وكان فيما بلغني أنه من عقيق أحمر على صورة الإنسان مكسور اليد اليمنى أدركته قريش كذلك فجعلوا له يدا من ذهب ، وكان أول من نصبه خزيمة بن مدركة بن إلياس ابن مضر ، وكان يقال له هبل خزيمة ، وكان في جوف الكعبة قدّامه سبعة أقدح مكتوب في أولها صريح والآخر ملصق ، فإذا شكّوا في مولود أهدوا له هدية ثم ضربوا بالقداح فإن خرج صريح ألحقوه وإن خرج ملصق دفعوه ، وقدح على الميت وقدح على النكاح ، وثلاثة لم تفسر لي على ما كانت ، فإذا اختصموا في أمر أرادوا سفرا أو عملا استقسموا بالقداح عنده فما خرج عملوا به وانتهوا إليه ، وعنده ضرب عبد المطلب بالقداح على ابنه عبد الله والد النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، وهو الذي يقول له أبو سفيان بن حرب حين ظفر يوم أحد : أعل هبل أي أعل دينك ، فقال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : الله أعلى وأجلّ ، ولما ظفر النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، يوم فتح مكة دخل المسجد والأصنام منصوبة حول الكعبة فجعل يطعن بسية قوسه في عيونها ووجوهها ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، ثم أمر بها فألقيت على وجوهها ثم أخرجت من المسجد فأحرقت ، فقال في ذلك راشد بن عبد الله السّلمي : قالت : هلمّ إلى الحديث! فقلت : لا ،

يأبى الإله عليك والإسلام

لما رأيت محمدا وقبيله

بالفتح حين تكسّر الأصنام

ورأيت نور الله أصبح ساطعا

والشرك تغشى وجهه الأقتام

هَبُّود : بالفتح ثم التشديد ، والهبيد : حبّ الحنظل ، قال أبو منصور : أنشدنا أبو الهيثم :

شربن بعكّاش الهبابيد شربة ،

وكان لها الأحفى خليطا تزايله

قال : عكاش الهبابيد ماء يقال له هبود فجمعه بما حوله ، وهبود : اسم فرس لبني قريع ، وقال إسماعيل بن حماد : هبود اسم موضع في بلاد تمم ، وقيل : هبود اسم جبل ، وقال ابن مقبل :

جزى الله كعبا بالأباتر نعمة ،

وحيّا بهبود جزى الله أسعدا

وحدّث عمر بن كركرة قال : أنشدني ابن مناذر قصيدته الداليّة فلما بلغ إلى قوله :

يقدح الدهر في شماريخ رضوى ،

ويحطّ الصخور من هبّود

قلت له : أيّ شيء هبود؟ قال : جبل ، فقلت : سخنت عينك! هبود عين باليمامة ماؤها ملح لا يشرب منه شيء وقد والله خرئت فيه مرات! فلما كان بعد مدة وقعت عليه في مسجد البصرة وهو ينشد ، فلما بلغ هذا البيت أنشد :

٣٩١

ويحطّ الصخور من عبّود

فقلت له : عبود أيّ شيء هو؟ قال : جبل بالشام فلعلك يا ابن الزانية خرئت فيه أيضا! فضحكت وقلت : ما خرئت فيه ولا رأيته ، فانصرفت وأنا أضحك من قوله.

الهَبِيرُ : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، قال أبو عمرو : الهبير من الأرض أن يكون مطمئنا وما حوله أرفع منه ، والهبير على قول ابن السكيت : المطمئن في الرمل ، والجمع أهبرة ، قال عديّ بن الرقاع :

بمجرّ أهبرة الكناس تلفّعت

بعدي بمنكر تربها المتراكم

والهبير : رمل زرود في طريق مكة كانت عنده وقعة ابن أبي سعيد الجنّابي القرمطي بالحاج يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ٣١٢ قتلهم وسباهم وأخذ أموالهم. وهبير سيّار : بنجد ، ولعله الأول ، وقال أعرابيّ في أبيات ذكرت في قنّسرين :

وحلّت جنوب الأبرقين إلى اللوى

إلى حيث سارت بالهبير الدوافع

وكانت وقعة للعرب بالهبير قديمة ، قال حبيب بن خالد ابن المضلّل الأسدي :

ألا أبلغ تميما على حالها

مقال ابن عمّ عليها عتب

غبنتم تتابع الأنبياء

وحسن الجوار وقرب النسب

فنحن فوارس يوم الهبير

ويوم الشّعيبة نعم الطلب

فجئنا بأسراكم في الحبال

وبالمردفات عليها العقب

قال ابن الأعرابي : العقب الجمال والصباحة ، قالوا : فنقول العقب؟ قال : ليس هذا.

باب الهاء والتاء وما يليهما

الهَتّاخُ : بالفتح ، والتشديد : قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميّافارقين.

هَتْرُونَة : بالفتح ثم السكون ، وراء ، وواو ، ونون : ناحية بالأندلس من بطن سرقسطة.

الهَتْمَة : بالفتح ثم السكون ، والهتم : كسر الأنيب ، وهتمة : منزل من منازل سلمى أحد جبلي طيّء.

الهتيل : هتل المطر بمعنى هطل ، والهتيل : موضع.

الهُتَيّ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مشددة ، تصغير الهتيّ وهي ساعات الليل ، ذهب هتء من الليل أي ساعة منه ، والهتيّ : بلد أو ماء.

باب الهاء والجيم وما يليهما

الهَجَرَانِ : قال الحسن بن أحمد بن يعقوب اليمني المعروف بابن الحائك : عندل وخودون وهدّون ودمّون مدن للصّدف بحضرموت ثم الهجران ، وهما مدينتان متقابلتان في رأس جبل حصين تطلع إليه في منعة من كل جانب ، يقال لواحدة خيدون وخودون كله يقال ودمون وهو تثنية الهجر ، والهجر بلغة أهل اليمن : القرية ، وساكن خودون الصدف ، وساكن دمون بنو الحارث الملك بن عمرو المقصور ابن حجر آكل المرار ، وفيها يقول امرؤ القيس :

كأني لم آله بدمّون مرّة ،

ولم أشهد الغارات يوما بعندل

وكلّ رجل من هاتين القريتين مطلّ على قلعته ، ولهم غيل يصب من سفح الجبل يشربونه ، وزروع هذه

٣٩٢

القرى النخل والبرّ والذّرة ، وفيها يقول المتمثل : الهجران كفة ككفة النخل والدبر بها محفّة ، الدبر عندهم : الزرع ، والغيل : النهر.

هَجَرُ : بفتح أوله وثانيه ، في الإقليم الثاني ، طولها من جهة المغرب ثلاث وسبعون درجة ، وعرضها أربع وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة ، وفي العزيزي : عرضها أربع وثلاثون درجة ، وزعم أنها في الإقليم الثالث ، وفي اشتقاقه وجوه ، يجوز أن يكون من هجر إذا هذى ، ويجوز أن يكون منقولا من الفعل الماضي ، ويجوز أن يكون من الهجرة وأصله خروج البدويّ من باديته إلى المدن ثم استعمل في كل محلّ تسكنه وتنتقل عنه ، فيجوز أن يكون أصله الهجران كأنهم هجروا ديارهم وانتقلوا عنها ، ويجوز أن يكون من هجرت البعير أهجره هجرا إذا ربطت حبلا في ذراعه إلى حقوه وقصّرته لئلا يقدر على العدو ، فشبه الداخل إلى هذا الموضع بالبعير الذي فعل به ذلك ثم غلب على اسم الموضع ، ويجوز أن يكون شيء مهجر إذا أفرط في الحسن والتمام ، وسمي بذلك لأن الناعت له يخرج في إفراطه إلى الهجر وهو الهذيان ، ويجوز أن يكون من التهجير وهو التبكير إلى الحاجة ، أو من الهاجرة وهي شدة الحر وسط النهار كأنها شبهت لشدة الحرّ بها بالهاجرة ، وقال ابن الحائك : الهجر بلغة حمير والعرب العاربة القرية ، فمنها : هجر البحرين وهجر نجران وهجر جازان وهجر حصنة من مخلاف مازن ، وهجر : مدينة وهي قاعدة البحرين ، وربما قيل الهجر ، بالألف واللام ، وقيل : ناحية البحرين كلها هجر ، وهو الصواب ، قال ابن الكلبي عن الشرقي : إنما سميت عن بهجر بنت المكفف وكانت من العرب المتعرّبة وكان زوجها محلّم بن عبد الله صاحب النهر الذي بالبحرين يقال له نهر محلم وعين محلم ، وينسب الذي هاجريّ على غير قياس كما قيل حاريّ بالنسبة إلى الحيرة ، قال عوف بن الجزع :

تشقّ الأحزّة سلّافنا

كما شقّق الهاجريّ الدبارا

الدبار : المشارات التي تشقّ للزراعة ، وقال أبو الحسن الماوردي في الحاوي : الذي جاء في الحديث ذكر القلال الهجرية قيل إنها كانت تجلب من هجر إلى المدينة ثم انقطع ذلك فعدمت ، وقيل : هجر قرية قرب المدينة ، وقال : بل عملت بالمدينة على مثل قلال هجر ، وقال قوم : هجر بلاد قصبتها الصفا ، وقد ذكرت في موضعها ، بينها وبين اليمامة عشرة أيام ، وبينها وبين البصرة خمسة عشر يوما على الإبل ، وقد ذكر قوم من أهل الأدب أن هجر لا تدخله الألف واللام ، وقال ابن الأنباري : الغالب عليه التذكير والصرف وربما أنثوها ولم يصرفوها ، قالوا : والهجر ، بالألف واللام ، موضع آخر وقد فتحت في أيام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قيل في سنة ثمان ، وقيل في سنة عشر ، على يد العلاء بن الحضرمي ، وقد ذكر ذلك في البحرين ، وقال ابن موسى : هجر قصبة بلاد البحرين بينه وبين سرّين سبعة أيام. والهجر : بلد باليمن بينه وبين عثر يوم وليلة من جهة اليمن ، وقال ابن الحائك : الهجر قرية صمد وجازان ، والهجران اسم للمشقّر وعطالة وهما حصنان باليمامة.

هَجْرٌ : بالفتح ثم السكون ، بلفظ الهجر ضد الوصل ، قال الحازمي : موضع في شعر بعضهم.

هَجْمٌ : من هجمت على الشيء هجما إذا جئته بغتة : موضع في شعر عامر بن الطفيل ، قال ابن الأعرابي في نوادره : الهجم ماء لبني فزارة قديم مما حفرته عاد ،

٣٩٣

والهجم : كل ما سال أو انصبّ ، والهجم : الحلب.

هُجُول : بالضم ، جمع هجل : وهي الصحراء التي لا نبات بها ، وقيل : الهجل ما اتسع من الأرض وغمض : وهو اسم جبل في الحجاز يتلاقى هو والأخشبان في موضع ، ولذلك قال بعضهم :

ووجدي بكم وجد المضلّ بعيره

بمكة يوما والرّفاق نزول

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بحيث تلاقى أخشب وهجول؟

الهِجْرَةُ : من نواحي اليمامة قرية ونخيلات لبني قيس بن ثعلبة رهط الأعشى ، وقال في موضع آخر : مويهة لبني قيس.

هجرةُ البُحَيْح : من نواحي صنعاء اليمن. وهجرة ذي غبب : من نواحي ذمار باليمن أيضا.

الهجرين : نخل لقوم شتى باليمامة ، عن الحفصي.

الهُجَيرة : تصغير هجرة ، كأنه صغّر عن هجر الكبرى المقدم ذكرها : موضع.

الهَجِيرَةُ : من الهجير ، وهو شدّة الحر وقت الظهيرة : ماء لبني عجل بين الكوفة والبصرة.

باب الهاء والدال وما يليهما

هَدَى : بالفتح ، منقول عن الفعل الماضي من هدى يهدي إذا أرشد : موضع في نواحي الطائف.

الهُدَا : بالضم ، ويكتب بالياء لأنه من هديته ، وكتبناه على اللفظ ، والهدى نقيض الضلالة ، قال ابن الأعرابي : الهدى البيان ، والهدى : إخراج شيء إلى شيء ، والهدى : الطاعة والورع ، والهدى : الهادي ، ومنه قوله تعالى : لعلّي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ، والهدى : الطريق ، والهدى : واد حذو اليمامة سماه رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم.

الهَدّارُ : بتشديد الدال ، يجوز أن يكون من الهدر وهو إبطال الدم ، أو من هدر البعير إذا شقشق بجرّته ، والحمامة تهدر أيضا ، وأصلهما الصوت ، الهدّار : من نواحي اليمامة بها كان مولد مسيلمة بن حبيب الكذاب ، وقال الحفصي : الهدار قرية لبني ذهل بن الدّؤل ولبني الأعرج بن كعب بن سعد ، قال موسى بن جابر العبيدي :

فلا يغررنّك فيما مضى

جخيف قريش وإكثارها

غداة علا عرضنا خالد

وسالت أباض وهدّارها

قالوا : أول من تنبأ مسيلمة بالهدّار وبه ولد وبه نشأ وكان من أهله وكان له عليه طويّ فسمعت به بنو حنيفة فكاتبوه واستجلبوه فأنزلوه حجرا ، ولما قتل خالد مسيلمة دخل أهل قرى اليمامة في صلح الهدار في عدة قرى فسبى خالد أهلها وأسكنها بني الأعرج وهم بنو الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم فهم أهلها إلى الآن ، وقال عرّام : الهدار حسي من أحساء مغار يفور بماء كثير وهو في سبخ بحذائه حاميتان سوداوان في جوف إحداهما ماءة مليحة يقال لها الرّفدة ، وقد ذكر في مغار.

الهَدَالَةُ : بالفتح ، والهدالة : ضرب من الشجر ، ويقال : كلّ غصن ينبت في أراكة أو طلحة مستقيما فهو هدالة كأنه مخالف لسائرها من الأغصان وربما داووا به من الجنون أو السحر ، والهدالة : قرية من قرى عثر في أوائل اليمن من جهة القبلة.

الهِدَانُ : بكسر أوله ، وآخره نون ، وهو الرجل الجافي الأحمق : وهو تليل بالسّيّ يستدل به وبآخر

٣٩٤

مثله. والهدان أيضا : موضع بحمى ضريّة ، عن ابن موسى.

الهَدْأةُ : كما ذكره البخاري في قتل عاصم قال : وهو موضع بين عسفان ومكة ، وكذا ضبطه أبو عبيد البكري الأندلسي ، وقال أبو حاتم : يقال لموضع بين مكة والطائف الهدة ، بغير ألف ، وهو غير الأول ذكر معه لنفي الوهم.

الهَدَبِيّةُ : بفتح أوله وثانيه ثم باء موحدة ، وياء مشددة ، كأنه نسبة إلى الهدب ، وهو أغصان الأراطي ونحوها مما لا ورق له ، والهدب مصدر الأهدب من الشجر ، هدبت هدبا إذا تدلّت أغصانها ، قال عرام : إذا جاوزت عين النازية وردت مائة يقال لها الهدبية وهي ثلاث آبار ليس عليهن مزارع ولا نخل ولا شجر وهي بقاع كبيرة تكون ثلاثة فراسخ في طول ما شاء الله ، وهي لبني خفاف ، بين حرّتين سوداوين ، وليس ماؤهم بالعذب ، وأكثر ما عندها من النبات الحمض ، ثم تنتهي إلى السّوارقية على ثلاثة أميال منها ، وهي قرية غنّاء كبيرة من أعمال المدينة.

الهَدْرَاء : ماء بنجد لبني عقيل بينهم وبين الوحيد بن كلاب وليس لعبادة فيه شيء.

الهِدَمْلَةُ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، وسكون الميم ، والهدمل : الثوب الخلق ، والهدملة : الرملة كثيرة الشجر ، وقيل : الهدملة موضع بعينه ، وينشد قول جرير :

حيّ الهدملة من ذات المواعيس ،

فالحنو أصبح قفرا غير مأنوس

الهِدَمُ : بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، يشبه أن يكون جمع هدم : أرض بعينها ذكرها زهير في شعره :

بل قد أراها جميعا غير مقوية ،

سرّاء منها فوادي الحفر فالهدم

وقال عبّاد بن عوف المالكي ثم الأسدي :

لمن ديار عفت بالجزع من رمم

إلى قصائرة فالجفر فالهدم؟

الهُدُمُ : كأنه جمع هدم مثل سقف وسقف ، قال الحازمي : بضم الهاء والدال ، وفي كتاب الواقدي بفتح الهاء وكسر الدال : ماء لبليّ وراء وادي القرى ، قال عدي بن الرقاع العاملي :

لمّا غدا الحيّ من صرخ وغيّبهم

من الروابي التي غربيّها اللمم

ظلّت تطلّع نفسي إثرهم طربا ،

كأنني من هواهم شارب سدم

مسطارة بكرت في الرأس نشوتها ،

كأنّ شاربها مما به لمم

حتى تعرّض أعلى الشيح دونهم ،

والحب حب بني العسراء والهدم

فنكّبوا الصور اليسرى فمال بهم

على الفراض فراض الحامل الثّلم

لو لا اختياري أبا حفص وطاعته

كاد الهوى من غداة البين يعتزم

هِدْنٌ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، والنون : موضع بالبحرين.

الهَدّةُ : بالفتح ثم التشديد ، وهو الخسفة في الأرض ، والهدّ الهدم : وهو موضع بين مكة والطائف ، والنسبة إليها هدويّ ، وهو موضع القرود ، وقد خفّف بعضهم داله.

الهَدَةُ : بتخفيف الدال ، من الهدي أو الهدى بزيادة هاء : بأعلى مرّ الظهران ممدرة أهل مكة ، والمدر :

٣٩٥

طين أبيض يحمل منها إلى مكة تأكله النساء ويدق ويضاف إليه الإذخر يغسلون به أيديهم.

الهُدَيّة : بالتصغير : موضع حوالي اليمامة ، وقال أبو زياد الكلابي : من مياه أبي بكر بن كلاب الذئبة وهي في رمل وحذاءها ماءة يقال لها الهديّة ، وينسب ذلك الرمل إليها فيقال رمل الهديّة ، والله أعلم.

باب الهاء والراء وما يليهما

الهُرارُ : بالضم ، وتكرير الراء ، قال الأموي : من أدواء الإبل الهرار وهو استطلاق بطنها : وهو موضع في طرف الصمان من بلاد تميم ، وقيل : الهرار قفّ باليمامة ، قال النمر :

هل تذكرين ، جزيت أفضل صالح ،

أيامنا بمليحة فهرارها؟

هَرَامِيتُ : بالفتح ، وكسر الميم ثم ياء ، وتاء مثناة ، قال أبو منصور : قال الأصمعي عن يسار ضريّة وهي قرية فيها ركايا يقال لها هراميت وحولها جفار ، وأنشد ثعلب للراعي :

فلم يبق إلا آل كل نجيبة

لها كاهل حاب وصلب مكدّح

ضبارمة شدف كأنّ عيونها

بقايا نطاف من هراميت نزّح

وقال في تفسير هراميت : بئر عن يسار ضرية يقال لها هراميت قلب بين الضباب وجعفر ، والأصمعي يقول : هراميت لبني ضبة ، قال أبو عبيدة : هراميت بالعالية في بلاد الضباب من غني ، وقال النضر : هراميت من ركايا غني خاصة ، وقال غيره : هراميت آبار مجتمعة بناحية الدهناء كان بها يوم بين الضباب وجعفر زعموا أن لقمان بن عاد احتفرها ، وقد ذكرها أبو العلاء المعرّي فقال :

حفر ابن عاد لابراد هراميتا

وقال أبو أحمد : هراميت ، الهاء مفتوحة ، والراء غير معجمة ، ماءة وهي ثلاث آبار يقال لها هراميت ، ويوم الهراميت : بين الضباب وبين جعفر بن كلاب كان القتال بسبب بئر أراد أحد أن يحتفرها.

هِرّانُ : من حصون ذمار باليمن.

هَرَاةُ : بالفتح : مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان لم أر بخراسان عند كوني بها في سنة ٦٠٧ مدينة أجلّ ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها ، فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات كثيرة محشوّة بالعلماء ومملوّة بأهل الفضل والثراء ، وقد أصابها عين الزمان ونكبتها طوارق الحدثان وجاءها الكفّار من التتر فخربوها حتى أدخلوها في خبر كان ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون ، وذلك في سنة ٦١٨ ، قال الرّهني : إن مدينتها بنية للإسكندر وذلك أنه لما دخل الشرق ومرّ بها إلى الصين وكان من عادته أن يكلف أهل كل بلد ببناء مدينة تحصنهم من الأعداء فيقدّرها ويهندسها لهم وأنه أعلم أن في أهل هراة شماسا وقلة قبول فاحتال عليهم وأمرهم أن يبنوا مدينة ويحكموا أساسها ثم خط لهم طولها وعرضها وسمك حيطانها وعدد أبراجها وأبوابها واشترط لهم أن يوفّيهم أجورهم وغراماتهم عند عوده من ناحية الصين ، فلما رجع من الصين ونظر إلى ما بنوه عابه وأظهر كراهيته وقال : ما أمرتكم أن تبنوا هكذا ، فردّ بناءهم عليهم بالعيب ولم يعطهم شيئا ، ونسب إليها خلق من الأئمة والعلماء ، منهم : الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم بن زياد أبو علي الأنصاري مولاهم الهروي أحد مشهوري المحدثين

٣٩٦

بهراة ، سمع بدمشق هشام بن عمار ، وسمع ببغداد عثمان بن أبي شيبة وغيره خلقا كثيرا ، وروى عنه جماعة كثيرة ، منهم حاتم بن حيّان ، وقال الدارقطني : الحسين بن حزم وأخوه يوسف بن حزم الهرويّان ينسبان إلى الأنصار واسم أبيهما إدريس ولقبه حزم ، وللحسين كتاب صنفه في التاريخ على حروف المعجم نحو كتاب البخاري الكبير ذكر فيه حديثا كثيرا وأخبارا ، وكان من الثقات ، ومات سنة ٣٠١ ، وفي هراة يقول أبو أحمد السامي الهروي :

هراة أرض خصبها واسع ،

ونبتها اللّفّاح والنرجس

ما أحد منها إلى غيرها

يخرج إلا بعد ما يفلس

ويقول فيها الأديب البارع الزوزني :

هراة أردت مقامي بها

لشتّى فضائلها الوافره

نسيم الشمال وأعنابها ،

وأعين غزلانها الساحره

وهراة أيضا : مدينة بفارس قرب إصطخر كثيرة البساتين والخيرات ، ويقال إن نساءهم يغتلمن إذا أزهرت الغبيراء كما تغتلم القطاط.

الهُرْثُ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره ثاء مثلثة : قرية على نهر جعفر من أعمال واسط ، منها : أبو الغنائم محمد بن علي بن فارس بن المعلّم الشاعر ، مولده في سنة ٥٠١ ، ومات في سنة ٥٩٢ ، وكان رقيق الشعر جيّده ، وهو القائل يذكر الهرث :

يا خليليّ القوافي اطّرحت ،

فابكيا الفضل بدمع مستهلّ

وارثيا لي من زمان خائن ،

ومحلّ مثل حالي مضمحلّ

قد منعت الهرث دارا في الأذى

بالفيافي غير دار الهون رحلي

إنّ بذل الشعر يا قالته

عندكم سهل وعندي غير سهل

هِرْجَاب : بالكسر ثم السكون ، والجيم ، وآخره باء موحدة ، وهو العظيم الضخم من كل شيء : موضع في قول عامر بن الطفيل يرثي أباه :

ألا إن خير الناس رسلا ونجدة

بهرجاب لم تحبس عليه الركائب

الهَرْدَةُ : قال أبو زياد : ومن بلاد أبي بكر الهردة.

الهُرّ : بالضم ، والتشديد ، يجوز أن يكون منقولا من الفعل الذي لم يسمّ فاعله ثم استعمل اسما : وهو قفّ باليمامة.

هرشير : قرية بين الرّي وقزوين ، هذا اسمها الفارسي وتسمّى مدينة جابر ، قاله حمزة الأصبهاني.

هَرْشَى : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة ، والقصر ، يقال : رجل هرش وهو الجافي المائق ، وهارشت بين الكلاب معروف : وهي ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة يرى منها البحر ولها طريقان فكل من سلك واحدا منهما أفضى به إلى موضع واحد ، ولذلك قال الشاعر :

خذا أنف هرشى أو قفاها فإنما

كلا جانبي هرشى لهنّ طريق

عن ابن جعدة : عاتب عمر بن عبد العزيز رجلا من قريش كانت أمه أخت عقيل بن علّفة فقال له : قبحك الله أشبهت خالك في الجفاء! فبلغ عقيلا فجاء حتى دخل على عمر فقال له : ما وجدت لابن عمك

٣٩٧

شيئا تعيره به إلا خؤولتي فقبح الله شرّكما خالا! فقال صخر بن الجهم العدوي وأمه قرشية : آمين يا أمير المؤمنين قبح الله شرّ كما خالا ، وأنا معكما ، فقال عمر : إنك لأعرابيّ جلف جاف ، أما لو تقدمت إليك لأدّبتك ، والله لا أراك تقرأ من كتاب الله شيئا! فقال : بلى إني لأقرأه ، قال : فاقرأ : إذا زلزلت الأرض زلزالها ، حتى تبلغ إلى آخرها ، فقرأ : فمن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، فقال له عمر : ألم أقل لك إنك لا تحسن أن تقرأ لأن الله تعالى قدم الخير وأنت قدمت الشرّ ، فقال عقيل :

خذا أنف هرشى أو قفاها فإنما

كلا جانبي هرشى لهن طريق

فجعل القوم يضحكون من عجرفته ، وقيل إن هذا الخبر كان بين يعقوب بن سلمة وهو ابن بنت لعقيل وبين عمر بن عبد العزيز ، وإنه قال لعمر : بلى والله إني لقارئ لآية وآيات ، وقرأ : إنّا بعثنا نوحا إلى قومه ، فقال عمر : قد أعلمتك أنك لا تحسن ، ليس هكذا ، قال : فكيف؟ فقال : إنّا أرسلنا نوحا إلى قومه ، فقال : ما الفرق بين أرسلنا وبعثنا؟

خذا أنف هرشى أو قفاها فإنما

كلا جانبي هرشى لهن طريق

وقال عرّام : هرشى هضبة ململمة لا تنبت شيئا وهي على ملتقى طريق الشام وطريق المدينة إلى مكة وهي في أرض مستوية ، وأسفل منها ودّان على ميلين مما يلي مغيب الشمس يقطعها المصعدون من حجّاج المدينة ينصبّون منها منصرفين إلى مكة ، ويتصل بها مما يلي مغيب الشمس خبث رمل في وسط هذا الخبت جبيل أسود شديد السواد صغير يقال له طفيل.

هِرَقْلَةُ : بالكسر ثم الفتح : مدينة ببلاد الروم سمّيت بهرقلة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح ، عليه السّلام ، وكان الرشيد غزاها بنفسه ثم افتتحها عنوة بعد حصار وحرب شديد ورمي بالنار والنفط حتى غلب أهلها ، فلذلك قال المكيّ الشاعر :

هوت هرقلة لما أن رأت عجبا

جوّ السّما ترتمي بالنفظ والنار

كأنّ نيراننا في جنب قلعتهم

مصبّغات على أرسان قصّار

ثم قدم الرّقّة في شهر رمضان ، فلمّا عيّد جلس للشعراء فدخلوا عليه وفيهم أشجع السّلمي فبدر فأنشد :

 لا زلت تنشر أعيادا وتطويها ،

تمضي لها بك أيّام وتمضيها

ولا تقضّت بك الدنيا ولا برحت

يطوي بك الدهر أياما وتطويها

ليهنك الفتح والأيّام مقبلة

إليك بالنصر معقودا نواصيها

أمست هرقلة تهوي من جوانبها ،

وناصر الله والإسلام يرميها

ملكتها وقتلت الناكثين بها

بنصر من يملك الدنيا وما فيها

ما روعي الدين والدنيا على قدم

بمثل هارون راعيه وراعيها

فأمر له بعشرة آلاف دينار وقال : لا ينشدني أحد بعده بشيء ، فقال أشجع : والله لأمره ألّا ينشده أحد من بعدي أحبّ إليّ من صلته! وكان في السبي

٣٩٨

الذي سبي من هرقلة ابنة بطريقها ، وكانت ذات حسن وجمال ، فنودي عليها في المغانم فزاد عليها صاحب الرشيد فصادفت منه محلّ عظيما فنقلها معه إلى الرّقّة وبنى لها حصنا بين الرافقة وبالس على الفرات وسماه هرقلة يحكي بذلك هرقلة التي ببلاد الروم ، وبقي الحصن عامرا مدّة حتى خرب وآثاره إلى وقتنا ذا باقية وفيه آثار عمارة وأبنية عجيبة ، وهو قرب صفّين من الجانب الغربي.

الهِرْمَاسُ : بالكسر ، وآخره سين مهملة ، والهرماس : الأسد الجريء ، وقيل ولد النمر : وهو نهر نصيبين مخرجه من عين بينها وبين نصيبين ستة فراسخ مسدودة بالحجارة والرصاص وإنما يخرج منها إلى نصيبين من الماء القليل لأن الروم بنت هذه الحجارة عليها لئلا تغرق هذه المدينة ، وكان المتوكل لما دخل هذه المدينة سار إليها وأمر بفتحها ففتح منها شيء يسير زيادة على ما هو عليه فغلب الماء عليه غلبة شديدة حتى أمر بإحكامه وإعادته إلى ما كان عليه بالحجارة والرصاص ، وإلى الآن هذه العين في أعلى المدينة وفاضل مائها يصب إلى الخابور ثم إلى الثرثار ثم إلى دجلة ، قال ذلك أحمد بن الطيب الفيلسوف.

والهرماس : موضع بالمعرّة ، قال ابن أبي حصينة المعرّي :

يا صاحبيّ سقى منازل جلّق

غيث يروّي ممحلات طساسها

من لي بردّ شبيبة قضّيتها

فيها وفي حمص وفي عرناسها

وزمان لهو بالمعرّة مونق

بسيابها وبجانبي هرماسها

هَرْكام : ناحية من نواحي الطّرم بين قزوين وبلاد الديلم.

هَرْكَنْد : بالنون : بحر في أقصى بلاد الهند بين الهند والصين وفيه جزيرة سرنديب هي آخر جزيرة الهند مما يلي المشرق فيما زعم بعضهم.

الهَرَمانِ : هي أهرام كثيرة إلّا أن المشهور منها اثنان ، واختلف الناس في أهرام مصر اختلافا جمّا وتكاد أن تكون حقيقة أقوالهم فيها كالمنام إلّا أنّا نحكي من ذلك ما يحسن عندنا ، فمن ذلك ما ذكره أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي في كتاب خطط مصر أنه وجد في قبر من قبور الأوائل صحيفة فالتمسوا لها قارئا فوجدوا شيخا في دير القلمون فقرأها فإذا فيها : إنا نظرنا فيما تدل عليه النجوم فرأينا أنّ آفة نازلة من السماء وخارجة من الأرض ثم نظرنا فوجدناه ماء مفسدا للأرض وحيوانها ونباتها ، فلما تمّ اليقين من ذلك عندنا قلنا لملكنا سوريد بن سهلوق : مر ببناء افرونيات وقبر لك وقبور لأهل بيتك ، فبنى لنفسه الهرم الشرقي وبنى لأخيه هو جيب الهرم الغربي وبنى لابن هو جيب الهرم المؤزّر وبنيت الافرونيات في أسفل مصر وأعلاها وكتبنا في حيطانها علما غامضا من معرفة النجوم وعللها والصنعة والهندسة والطبّ وغير ذلك مما ينفع ويضر ملخّصا مفسرا لمن عرف كلامنا وكتابتنا ، وانّ هذه الآفة نازلة بأقطار العالم وذلك عند نزول قلب الأسد في أول دقيقة من رأس السرطان وتكون الكواكب عند نزوله إياها في هذه المواضع من الفلك : الشمس والقمر في أول دقيقة من رأس الحمل ، وزحل في درجة وثمان وعشرين دقيقة من الحمل ، والمشتري في الحوت في تسع وعشرين درجة وثمان وعشرين دقيقة ، والمريخ في الحوت في تسع وعشرين درجة وثلاث دقائق ، والزهرة في الحوت في ثمان وعشرين درجة ودقائق ، وعطارد في الحوت في

٣٩٩

سبع وعشرين درجة ودقائق ، والجوزهر في الميزان وأوج القمر في الأسد في خمس درج ودقائق ، ثم نظرنا هل يكون بعد هذه الآفة كون مضرّ بالعالم فاحتسبنا الكواكب فإذا هي تدلّ على أنّ آفة من السماء نازلة إلى الأرض وأنها ضدّ الآفة الأولى وهي نار محرقة لأقطار العالم ، ثم نظرنا متى يكون هذا الكون المضر فرأيناه يكون عند حلول قلب الأسد في آخر دقيقة من الدرجة الخامسة عشرة من الأسد ويكون إيليس وهو الشمس معه في دقيقة واحدة متصلة بستورنس وهو زحل من تثليث الرامي ويكون المشتري وهو زاويس في أول الأسد في آخر احتراقه ومعه المرّيخ وهو آرس في دقيقة ويكون سلين وهو القمر في الدلو مقابلا لإيليس مع الذنب في اثنتين وعشرين ويكون كسوف شديد له بثلث سلين القمر ويكون عطارد في بعده الأبعد أمامها مقبلين أما الزهرة فللاستقامة وأما عطارد فللرجعة ، قال الملك : فهل عندكم من خبر توقفوننا عليه غير هذين الاثنين؟ قالوا : إذا قطع قلب الأسد ثلثي سدس أدواره لم يبق من حيوان الأرض متحرّك إلّا تلف فإذا استتمّ أدواره تحلّلت عقود الفلك وسقط على الأرض ، قال لهم : ومتى يكون يوم انحلال الفلك؟ قالوا : اليوم الثاني من بدو حركة الفلك ، فهذا ما كان في القرطاس ، فلما مات سوريد دفن في الهرم الشرقي ودفن هوجيب في الهرم الغربي ودفن كرورس في الهرم الذي أسفله من حجارة أسوان وأعلاها كدان ، ولهذه الأهرام أبواب في آزاج تحت الأرض طول كلّ أزج منها مائة وخمسون ذراعا ، فأما باب الهرم الشرقي فمن الناحية البحرية ، وأما باب الهرم الغربي فمن الناحية الغربية ، وأما باب الهرم المؤزر فمن الناحية القبلية ، وفي الأهرام من الذهب وحجارة الزمرد ما لا يحتمله الوصف ، وإنّ مترجم هذا الكتاب من القبطي إلى العربي أجمل التاريخات إلى أول يوم من توت الأحد وطلوع شمسه سنة خمس وعشرين ومائتين من سني العرب فبلغت أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وعشرين سنة لسني الشمس ثم نظر كم مضى من الطوفان إلى يومه هذا فوجده ثلاثة آلاف وتسعمائة وإحدى وأربعين سنة وتسعة وخمسين يوما فألقاها من هذه الجملة فبقي معه ثلاثمائة وتسع وتسعون سنة وخمسة أيام فعلم أن هذا الكتاب المؤرّخ كتب قبل الطوفان بهذه السنين ، وحكى ابن زولاق : ومن عجائب مصر أمر الهرمين الكبيرين في جانبها الغربي ولا يعلم في الدنيا حجر على حجر أعلى ولا أوسع منها ، طولها في الأرض أربعمائة ذراع في أربعمائة ، وكذلك علوها أربعمائة ذراع ، وفي أحدهما قبر هرمس وهو إدريس ، عليه السّلام ، وفي الآخر قبر تلميذه أغا تيمون ، وإليهما تحج الصابئة ، قال : وكانا أولا مكسوّين بالديباج وعليهما مكتوب : وقد كسوناهما بالديباج فمن استطاع بعدنا فليكسهما بالحصير ، قال : وقال حكيم من حكماء مصر : إذا رأيت الهرمين ظننت أن الإنس والجنّ لا يقدرون على عمل مثلهما ولم يتولّهما إلا خالق الأرض ، ولذلك قال بعض من رآهما : ليس من شيء إلا وأنا أرحمه من الدهر إلا الهرمين فإني أرحم الدهر منهما ، قال عبيد الله مؤلف هذا الكتاب : وقد رأيت الهرمين وقلت لمن كان في صحبتي غير مرّة إن الذي يتصوّر في ذهني أنه لو اجتمع كل من بأرض مصر من أولها إلى آخرها على سعتها وكثرة أهلها وصمدوا بأنفسهم عشر سنين مجتهدين لما أمكنهم أن يعملوا مثل الهرمين وما سمعت بشيء تعظّم عمارته فجئته إلا ورأيته دون

٤٠٠