معجم البلدان - ج ٥

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٥

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

الأعظم ويتلوه في العظم وبعد المأتى زبيد وإليه يصب أكثر أودية اليمن ، وقال شاعر يمنيّ :

فعجت عناني للخصيب وأهله

ومور وريم والمصلّى وسردد

هي أسماء ذكرت في مواضعها.

مَوْرَق : بالفتح ثم السكون ، وفتح الراء ، والقاف : اسم موضع ، كذا ذكر بعضهم أن مورق اسم موضع ، وأما قول الأعشى :

فما أنت إن دامت عليك بخالد ،

كما لم يخلّد قبل ساسا ومورق

قال : أراد ساسان ملك الفرس ومورق ملك الروم ، وهو شاذّ في القياس لأن كل ما كان من الكلام فاؤه حرف علة فإن المفعل منه مكسور العين مثل موعد ومورد وموحل إلا ما شذّ مثل مورق اسم موضع وموزن وموكل موضع وموهب وموظب اسمان لرجلين وموحد في العدد في أسماء ذكرت في مواضعها ، وأما ما فاؤه حرف صحيح فله حكم آخر ذكر في غير هذا الموضع.

مُورَق : بالضم ثم السكون ، وفتح الراء ، والقاف : موضع بفارس.

مُورَةُ : بالضم ثم السكون ، وفتح الراء : حصن بالأندلس من أعمال طليطلة ، ينسب إليه إسماعيل بن يونس الموري من قلعة أيوب أبو القاسم ، حدث عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن القاسم الثغري ، حدث عنه أبو عمرو الهرمزي.

مُورِيَانُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الراء ، وياء ، وآخره نون : قرية من نواحي خوزستان ، وإليها ينسب أبو أيوب المورياني وزير المنصور واسمه سليمان ابن أبي سليمان بن أبي مجالد وقتله المنصور.

مَوْزَارُ : بالفتح ثم السكون ، وزاي ، وآخره راء : حصن ببلاد الروم استجدّ عمارته هشام بن عبد الملك ، وكان السبب في عمارته أن الروم عرضوا لرسول له في درب اللّكّام عند العقبة البيضاء فعمّره مسلحة للمسلمين ورتّب فيه أربعين رجلا وجماعة من الجراجمة وأقام ببغراس مسلحة ، وقد ذكره أبو فراس فقال :

وألهبن لهبي عرقة وملطية ،

وعاد إلى موزار منهنّ زائر

وقال المتنبي :

وعادت فظنوها بموزار قفّلا

وليس لها إلا الدخول قفول

مُوَزَّرٌ : بالضم ، وتشديد الزاي ، وراء ، كأنه مفعّل من الوزر : معدن الذهب بضرية من ديار كلاب ، قال ابن مقبل : أو تحلّ موزّرا وموزّر : كورة بالجزيرة منها نصيبين الروم ، كذا أخبرني بعض من رآها.

مَوْزَعٌ : بفتح الزاي ، وهو شاذّ في القياس كما ذكرنا في مورق : موضع باليمن وهو المنزل السادس لحاجّ عدن ودونها ترن ، وقال ابن الحائك : فمن مدن تهائم اليمن موزع.

مَوْزَنُ : قياسه كسر الزاي وإنما جاء فتحها شاذّا كما ذكرنا في مورق ، وآخره نون ، تلّ موزن قد ذكر في موضعه وقد أفرد فقال كثيّر :

كأنهُمُ قُصْراً مصابيح راهب

بموزن روّى بالسليط ذبالها

يجرّون عرض العبقريّة نخوة

تمسّ الحواشي أو تلمّ خيالها

٢٢١

وهو بلد بالجزيرة ثم ديار مضر ، معجمة الضاد ، فتحه عياض بن غنم صلحا ، وقيل : موزن اسم امرأة سمي البلد بها ، قال كثيّر :

فإن لا تكن بالشام داري مقيمة

فإن بأجنادين منها ومسكن

منازل لم يعف التنائي قديمها ،

وأخرى بميّافارقين فموزن

مَوْزُورُ : اسم المفعول من الوزر : اسم لكورة بالأندلس تتصل أعمالها بأعمال قرمونة وهي عن قرطبة بين الغرب والقبلة كثيرة الزيتون والفواكه ، بينها وبين قرطبة عشرون فرسخا ، وإليها ينسب أميّة بن غالب الشاعر الموزوري ، وعبد السلام بن السمح بن نائل بن عبد الله بن مجنون بن حارث بن عبد الله بن عبد العزيز الهراوي الموزوري يكنّى أبا سليمان ، رحل إلى المشرق وتردّد هنالك مدة طويلة وسكن اليمن ، وسمع بمكة ابن الأعرابي وبمصر أبا جعفر النحاس وأبا علي الآمدي اللغوي وغيرهم ، وسمع بجدّة من الحسين بن الحميد البحتري نوادر علي بن عبد العزيز وموطّأ القعنبي وغير ذلك وقدم الأندلس ، وكان حسن الخطّ بديعه ، وكان زاهدا صالحا ، وسكن المدينة الزهراء بقرطبة إلى أن مات بها ، قال ابن الفرضي : تردّدت إليه زمانا وسمعت منه نوادر علي بن عبد العزيز ولم تكن عند أحد من شيوخنا سواه وقرأت عليه كتاب الأبيات لسيبويه شرح النحاس وكتاب الكافي في النحو له وغير ذلك ، وتوفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٣٨٧.

مَوْسِلٌ : إن لم تكن الميم أصلية فهو شاذّ كما يكون في مورق ، وهو أمّ موسل : هضبة في بلادهم ، والمسل : السيلان.

مُوسَيَاباذ : قرية منسوبة إلى رجل اسمه موسى بن نواحي همذان ، ينسب إليها أبو عبد الله الحسين بن المظفّر بن الحسين بن جعفر بن حمدان الواعظ الموسياباذي ، روى عن أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسين الكلابي الدمشقي وأبي علي الحسن بن سعيد البعلبكي وأبي حاتم اللبّان وأبي الحسين بن فارس وابن لال وأبي البركات وغيرهم ، روى عنه محمد بن عثمان وأحمد بن طاهر القومساني وغيرهم ، قال شيرويه : سمعت أبا بكر الأحباري يقول : أخرج الموسياباذي من همذان بسبب ما سبّب عنه ثم عاد إليها ، وإليها ، وأحمد بن محمد بن أحمد أبو العباس القاري الموسياباذي يعرف ببحر الهمذاني ، روى عن ابن جارجان وجماعة من أهل همذان ، وقال ابن شيرويه : سمعت منه القليل وتركت الرواية عنه لأني رأيت في كتاب الإخوان لابن السني قد حلّ سماع محمد بن أحمد البقّال من ابن فنجويه وجعله إلى أحمد بن محمد القاري ، وكان كثير القراءة للقرآن عليه زيّ الفقراء من الصوف والفوطة ، ومات في سنة ٤٨٠ ، وأبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن الموسياباذي الصوفي الهمذاني ، شيخ صالح ظريف حسن له رباط بهمذان يخدم فيه الصوفية بنفسه ، سمع أباه وأبا القاسم الفضل بن أبي حرب الجرجاني وأبا الفتح عبدوس بن محمد بن عبدوس الهمذاني وأبا الفتح عبد الغافر بن منصور السمسار الهمذاني وغيرهم ، كتب عنه أبو سعد ، وولادته في تاسع محرم سنة ٤٦٢ ، ومات بهمذان في رجب سنة ٥٥٣. وموسياباذ : قرية بالرّي منسوبة إلى موسى الهادي لأنه أحدثها ، عن الآبيّ.

مُوسَى : بلفظ موسى اسم رجل : حفر لبني ربيعة الجوع كثير الزرع والنخل ، ووادي موسى يذكر في وادي.

٢٢٢

مُوش : هكذا وجدته بضم الميم وليس له في العربية أصل على هذا ، فإن فتح كان مصدر ماش الرجل كرمه يموشه موشا إذا تتبع باقي قطوفه فأخذها ، وهو في موضعين : أحدهما أعجميّ بلدة من ناحية خلاط بأرمينية ، والآخر جبل في بلاد طيّء في شعر أبي جبلة حيث قال :

صبحنا طيّئا في سفح سلمى

بكأس بين موش فالدلال

قال الأبيوردي : ويروى بين كحلة فالدلال ، وقال : قال منبّه بن حبيب هي من جبلي طيّء.

مَوْشُوحٌ : بالفتح ثم السكون ، وشين معجمة ، وآخره مهمل ، اسم المفعول من الوشاح : موضع في ديار بني يربوع ، له ذكر في أيام الغطالي.

مَوْشُومٌ : اسم المفعول من الوشم وهي العلامة ، والشيء موشوم : وهو اسم ماء لبني العنبر بالفقي ، قاله السكوني في شرح قول جرير :

وابني شريك شريك اللؤم إذ نزلا

بالجزع أسفل من أطواء موشوم

يا قبّح الله عبدا من بني لجإ

يأوي إلى نسوة رصع مداريم

قال الحفصي : موشوم جبل وعنده قرية وهو لبني سحيم ، قال عبد الله بن الصّمّة :

أسقي الأجارع من نجد فخصّ به

سعد فبطن بليّات فموشوم

مُوشَةُ : قرية من قرى الفيوم بمصر ، أتت إمارة مصر من عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح وعزل عمرو بن العاص وهو بها وكان واليا على الصعيد.

موشيل : بالشين المعجمة ، وآخره لام : قرية بأذربيجان.

المُوشِيّةُ : بالضم ، وتشديد الياء ، من الوشي إن كان عربيّا : هي قرية كبيرة جامعة في غربي النيل من الصعيد.

المَوْصِلُ : بالفتح ، وكسر الصاد : المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق وسعة رقعة فهي محطّ رحال الركبان ومنها يقصد إلى جميع البلدان فهي باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان ، وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاثة : نيسابور لأنها باب الشرق ، ودمشق لأنها باب الغرب ، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قلّ ما لا يمر بها ، قالوا : وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق ، وقيل وصلت بين دجلة والفرات ، وقيل لأنها وصلت بين بلد سنجار والحديثة ، وقيل بل الملك الذي أحدثها كان يسمّى الموصل ، وهي مدينة قديمة الأسّ على طرف دجلة ومقابلها من الجانب الشرقي نينوى ، وفي وسط مدينة الموصل قبر جرجيس النبي ، وقال أهل السير : إن أول من استحدث الموصل راوند بين بيوراسف الازدهاق ، وقال حمزة : كان اسم الموصل في أيام الفرس نوأردشير ، بالنون أو الباء ، ثم كان أول من عظّمها وألحقها بالأمصار العظام وجعل لها ديوانا برأسه ونصب عليها جسرا ونصب طرقاتها وبنى عليها سورا مروان بن محمد بن مروان ابن الحكم آخر ملوك بني أميّة المعروف بمروان الحمار والجعدي ، وكان لها ولاية ورساتيق وخراج مبلغه أربعة آلاف ألف درهم والآن فقد عمرت وتضاعف خراجها وكثر دخلها ، قالت القدماء : ومن أعمال الموصل الطبرهان والسنّ والحديثة والمرج وجهينة والمحلبية ونينوى وبارطلّى وباهذرا وباعذرا وحبتون وكرمليس والمعلّة ورامين

٢٢٣

وبا جرمى ودقوقا وخانيجار. والموصلان : الجزيرة والموصل كما قيل البصرتان والمروان ، قال الشاعر :

وبصرة الأزد منّا والعراق لنا

والموصلان ، ومنّا الحلّ والحرم

وكثيرا ما وجدت العلماء يذكرون في كتبهم أن الغريب إذا أقام في بلد الموصل سنة تبيّن في بدنه فضل قوة ، وإن أقام ببغداد سنة تبيّن في عقله زيادة ، وإن أقام بالأهواز سنة تبين في بدنه وعقله نقص ، وإن أقام بالنّبّت سنة دام سروره واتصل فرحه ، وما نعلم لذلك سببا إلا صحة هواء الموصل وعذوبة مائها ورداءة نسيم الأهواز وتكدر جوه وطيبة هواء بغداد ورقته ولطفه ، فأما التّبّت فقد خفي علينا سببه ، وليس للموصل عيب إلا قلة بساتينها وعدم جريان الماء في رساتيقها وشدة حرها في الصيف وعظم بردها في الشتاء ، فأما أبنيتهم فهي حسنة جيدة وثيقة بهية المنظر لأنها تبنى بالنورة والرخام ، ودورهم كلها آزاج وسراديب مبنية ولا يكادون يستعملون الخشب في سقوفهم البتة ، وقلّ ما عدم شيء من الخيرات في بلد من البلدان إلا ووجد فيها ، وسورها يشتمل على جامعين تقام فيهما الجمعة أحدهما بناه نور الدين محمود وهو في وسط السوق وهو طريق للذاهب والجائي مليح كبير ، والآخر على نشز من الأرض في صقع من أصقاعها قديم وهو الذي استحدثه مروان بن محمد فيما أحسب ، وقد ظلم أهل الموصل بتخصيصهم بالنسبة إلى اللواط حتى ضربوا بهم الأمثال ، قال بعضهم :

كتب العذار على صحيفة خدّه

سطرا يلوح لناظر المتأمل

بالغت في استخراجه فوجدته :

لا رأي إلا رأي أهل الموصل

ولقد جئت البلاد ما بين جيحون والنيل فقلّ ما رأيته يخرج عن هذا المذهب فلا أدري لم خصّ به أهل الموصل ، وقال السريّ بن أحمد الرفاء الشاعر الموصلي يتشوّقها :

سقّى ربى الموصل الفيحاء من بلد

جود من المزن يحكي جود أهليها

أأندب العيش فيها أم أنوح على

أيامها أم اعزّي في لياليها؟

أرض يحنّ إليها من يفارقها ،

ويحمد العيش فيها من يدانيها

قال بطليموس : مدينة الموصل طولها تسع وستون درجة ، وعرضها أربع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة ، طالعها بيت حياتها عشرون درجة من الجدي تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان في الإقليم الرابع ، ومن بغداد إلى الموصل أربعة وسبعون فرسخا ، وأما من ينسب إلى الموصل من أهل العلم فأكثر من أن يحصوا ولكن نذكر من أعيانهم وحفّاظهم ومشهورهم ما ربما احتيج إلى كثير من الوقت عند الكشف عنهم ، منهم : عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث أبو القاسم الأزدي الموصلي ، سمع الكثير ورحل فسمع بدمشق من هشام بن عمار ودحيم بن إبراهيم ، وبحمص من محمد بن مصفّى ، وبعسقلان الحسن بن أبي السري العسقلاني ، وبمصر محمد بن رمح ، وحدث عنهم وعن العباس بن سليم وأبان بن سفيان وإسحاق بن عبد الواحد ومحمد بن علي بن خداش وغسّان بن الربيع ومحمد بن عبد الله بن منير وأبي بكر بن أبي شيبة الكوفيين وأبي جعفر عبد الله بن محمد البقيلي وأحمد ابن عبد الملك وافد الحرّانيين ، روى عنه ابناه أبو

٢٢٤

جابر زيد وإبراهيم أبو عوانة الأسفرايينيّان ، وقال أبو زكرياء يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب طبقات محدّثي أهل الموصل : عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث المعولي ، ومعولة من الأزد ، كان فيه فضل وصلاح ، وطلب الحديث ورحل فيه وأكثر الكتابة ، سمع من المواصلة والكوفيين والحرّانيين والجزريين وغيرهم وكتب بالشام وصنف حديثه وحدث الناس عنه دهرا طويلا ، وتوفي سنة ٢٦١ ، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنّى بن يحيى بن عيسى ابن هلال التميمي الموصلي الحافظ.

مَوْضُوعٌ : موضع في قول البعيث الجهني :

ونحن وقعنا في مزينة وقعة

غداة التقينا بين غيق وعيهما

ونحن جلبنا يوم قدس أوارة

قبائل خيل تترك الجوّ أقتما

ونحن بموضوع حمينا ديارنا

بأسيافنا والسّبي أن يتقسما

مَوْظَبُ : بالفتح ثم السكون ، والظاء معجمة مفتوحة ، والباء موحدة ، هو من واظبت على شيء إذا لازمته وداومت عليه ، وإما من قولهم روضة موظوبة إذا ألحّ عليها في الرعي والأصل واحد وهو شاذّ لأن قياسه موظب ، بكسر الظاء ، كما ذكرنا في مورق : وهو اسم موضع ، قال بعضهم :

كذبت عليكم أو عدوني وعلّلوا

بي الأرض والأقوام قردان موظبا

المُوَفَّقِيُّ : بالضم ثم الفتح ، منسوب إلى الموفق أبي أحمد الناصر لدين الله بن المتوكل على الله وأخي المعتمد على الله ووالد المعتضد بالله وكان قد ولي عهد أخيه : وهو نهر كبير حفره الموفق ، قصبة أعلاه بزوفر وقصبة أسفله خسرو سابور قرب واسط وخسرو فيروز.

المُوفية : قال الحفصي عن الأصمعي : بلاد بالمياه يقال لها الموفية فيها نخيلات.

المُوفِيَاتُ : بالضم ثم السكون ، وكسر الفاء ، من أوفى يوفي بمعنى وفى يفي : جبل من جبال بني جعفر بالحمى بنجد ، قال :

ألا هل إلى شرب بناصفة الحمى

وقيلولة بالموفيات سبيل؟

مُوقانُ : بالضم ثم السكون ، والقاف ، وآخره نون ، قال ابن الكلبي : موقان وجيلان وهما أهل طبرستان ابنا كماشح بن يافث بن نوح ، عليه السّلام ، وأهله يسمّونه موغان ، بالغين المعجمة ، وهي عجمية ، ويجوز أن يجعل جمعا للموق وهو الحمق : ولاية فيها قرى ومروج كثيرة تحتلها التركمان للرّعي فأكثر أهلها منهم ، وهي بأذربيجان يمرّ القاصد من أردبيل إلى تبريز في الجبال ، قال أعرابيّ في أبيات ذكرت في قنّسرين :

يؤمّون بي موقان أو يقذفون بي

إلى الريّ لا يسمع بذلك سامع

وقال الشمّاخ بن ضرار الثعلبي الغطفاني :

وذكّرني أهل القوادس أنّني

رأيت رجالا واجمين بأجمال

وغيّب عن خيل بموقان أسلمت

بكير بني الشّدّاخ فارس أطلال

لقد كان يروي سيفه وسنانه

من العنق الداني إلى الحجر البالي

وقد علمت خيل بموقان أنه

هو الفارس الحامي إذا قيل تنزال

٢٢٥

مُوَقَّر : بالضم ثم الفتح ، وتشديد القاف وفتحها ، يجوز أن يكون مفعّلا من الوقر وهو الثقل الذي يحمل على الظهر ، ويجوز أن يكون من التوقير وهو التعظيم : اسم موضع بنواحي البلقاء من نواحي دمشق وكان يزيد بن عبد الملك ينزله ، قال جرير :

أشاعت قريش للفرزدق خزية

وتلك الوفود النازلون الموقّرا

عشيّة لاقى القين قين مجاشع

هزبرا أبا شبلين في الغيل قسورا

وقال كثيّر :

سقى الله حيّا بالموقّر دارهم

إلى قسطل البلقاء ذات المحارب

قال الحافظ أبو القاسم : الوليد بن محمد الموقري أبو بشير القرشي مولى يزيد بن عبد الملك من أهل الموقر حصن بالبلقاء ، روى عن الزهري وعطاء الخراساني وثور بن يزيد ، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو صالح عبد الغفار بن داود الحرّاني والحكم بن موسى وسويد ابن سعيد وأبو الطاهر موسى بن عطاء المقدسي وغيرهم ، وقال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن الموقري فقال : ما أظنه ثقة ، ولم يحمده ، وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي : الوليد بن محمد الموقري غير ثقة يروي عن الزهري عدة أحاديث ليس لها أصول ، وقال محمد ابن عوف الحمصي : الوليد الموقري ضعيف كذاب ، وقال محمد بن المصفى : مات الوليد بن محمد الموقري سنة ٢٨٢ قبل شهر رمضان ، وقال عتبة بن سعيد بن الرّخس : مات الموقري سنة ٢٨١ ، وقد صرح الشاعر بأن الموقر من أرض الشام فقال :

أذنت عليّ اليوم إذ قلت إنني

أحب من اهل الشام أهل الموقّر

بها ليل شهم عصمة الناس كلّهم

إذا الناس جالوا جولة المتحير

وقال كثيّر عزّة :

أقول ، إذ الحيّان كعب وعامر

تلاقوا ولفّتنا هناك المناسك :

جزى الله حيّا بالموقّر نضرة

وجادت عليه الرائحات الهواتك

بكلّ حثيث الوبل زهر غمامه ،

له درر بالقسطلين مواسك

مَوْقَعٌ : بالفتح ثم السكون ، وفتح القاف ، شاذّ كما قلنا في مورق كأنه من الوقوع : موضع.

المَوْقَعَةُ : قال عرّام : وحذاء أبلى جبل يقال له ذو الموقعة من شرقيها وهو جبل معدن بني سليم يكون فيه اللّازورد كثيرا وفي أسفله من شرقيه بئر يقال لها الشقيقة.

مَوْقُوعٌ : اسم المفعول من وقع يقع إذا سقط : هو ماء بناحية البصرة قتل به أبو سعيد المثنّى الخارجي العبدي ، كان قدم من البحرين في زمن الحجاج وخرج بهذا الموضع يحكم فخرج إليه الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي صاحب شرطة البصرة فقتله وأصحابه.

المَوْقِفُ : مفعل من وقف يقف : محلة بمصر ، ينسب إليها أبو جرير الموقفي المصري ، يروي عن محمد بن كعب القرظي ، روى عنه عبد الله بن وهب وسعيد ابن كثير وعفير ، وهو منكر الحديث.

المَوْقَقُ : بفتح أوله ، وقافين الأولى مفتوحة ، لا أدري ما أصله ، قال أبو عبيد الله السكوني : قرية ذات نخل وزرع لجرم في أجإ أحد جبلي طيّء ، وقيل : موقق ماء لبني عمرو بن الغوث صار لبني

٢٢٦

شمجى إلى اليوم ، قال زيد الخيل الطائي :

ونحن ملأنا جوّ موفق بعدكم ،

بني شمجى ، خطّيّة وحوافرا

وكلّ كميت كالقناة طمرّة ،

وكلّ طمرّ يحسب الغوط حاجرا

فأجابه جبلة بن مالك بن كلثوم بن شيماء من بني شمجى بن جرم :

ما إن ملأتم جوّ موقق بعدنا

ولا جبأها إلا غريبا مجاورا

مجاور جيران أساءت جوارهم

فألفوك مشؤوم النقيبة فاجرا

ورثت من اللّخناء قوشة عذرة ،

ومهبلها قد كان قبلك خادرا

قوشة : أم زيد الخيل ، ومهبلها : فم رحمها.

مَوْكَلٌ : مثل مورق في الشّذوذ وقياسه موكل ، بالكسر ، وهو من قولهم رجل وكل إذا كان ضعيفا : وهو موضع باليمن ذكره لبيد فقال يصف الليالي :

وغلبن أبرهة الذي ألفينه

قد كان خلّد فوق غرفة موكل

قيل : هو رجل.

مُولْتَان : بضم أوله ، وسكون ثانيه واللام يلتقي فيه ساكنان ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون ، وأكثر ما يسمع فيه ملتان ، بغير واو ، وأكثر ما يكتب كما ههنا : بلد في بلاد الهند على سمت غزنة ، قال الإصطخري : وأما المولتان فهي مدينة نحو نصف المنصورة ويسمى فرج بيت الذهب وبها صنم تعظمه الهند وتحج إليه من أقصى بلدانها ويتقرب إلى الصنم في كل عام بمال عظيم ينفق على بيت الصنم والمعتكفين عليه منهم ، وسمي المولتان بهذا الصنم ، وبيت هذا الصنم قصر مبنيّ في أعمر موضع بسوق المولتان بين سوق العاجيّين وصفّ الصّفّارين ، وفي وسط هذا القصر قبّة فيها الصنم وحوالي القبة بيوت يسكنها خدم هذا الصنم ومن يعتكف عليه ، وليس أهل المولتان من الهند والسند يعبدون الصنم وليس يعبده إلا الذين هم في القصر ، والصنم على صورة إنسان جالس متربع على كرسي من جصّ وآجرّ وقد ألبس جميع بدنه جلدا يشبه السّختيان الأحمر لا يبين من جثته شيء إلا عيناه ، فمنهم من يزعم أن بدنه خشب ومنهم من يزعم غير ذلك إلا أن بدنه لا يترك أن ينكشف البتة ، وعيناه جوهرتان وعلى رأسه إكليل ذهب وهو متربع على ذلك السرير وقد مدّ ذراعيه على ركبتيه وجعل كلتا يديه كما يعقد في الحساب أربعة قد لفّ البنصر والوسطى وبسط الخنصر والسبّابة ، وعامة ما يحمل إلى هذا الصنم من المال فإنما يأخذه أمير المولتان وينفق على السدنة منه ويرفع الباقي لنفسه ، وإذا قصدهم الهند بحرب أو انتزاع البلد أخرجوا الصنم وأظهروا كسره وإحراقه فيرجعون عنهم ولو لا ذلك لخرّبوا المولتان ، وعلى المولتان حصن منيع ، وهي خصبة إلا أن المنصورة أخصب منها وأعمر ، وإنما سمي المولتان فرج بيت الذهب لأنها فتحت في أول الإسلام وكان بالمولتان ضيق وقحط فوجدوا فيها ذهبا كثيرا فاتّسعوا به ، قال : وخارج المولتان على نصف فرسخ أبنية كثيرة تسمى جندراون وهي معسكر الأمير لا يدخل الأمير منها إلى المولتان إلا يوم الجمعة فإنه يركب الفيل ويدخل المدينة لصلاة الجمعة ، وأميرهم قرشيّ من نسل سامة بن لؤيّ وقد تغلب عليها ولا يطيع صاحب المنصورة ولا غيره إنما يخطب للخليفة ، وذكر أهل السير أن الكرك وهم

٢٢٧

شراة كفّار تلك الناحية سبوا نسوة من المسلمين فصاحت امرأة منهم : يا حجّاجاه! فبلغه ذلك فأرسل إلى داهر ملك الدّيبل وأمره على الغزو لهؤلاء الذين سبوا النسوة فحلف أنه لا طاعة له على الذين أخذوهنّ ، فاستأذن عبد الملك في غزوه فلم يأذن له ، فلما ولي الوليد استأذنه فأذن له فبعث لذلك محمد بن القاسم بن أبي عقيل ابن عمّه فقتل داهر وفتح مولتان من بلاد الهند ، ومات الوليد وولي سليمان فبعث إلى محمد وضربه بالسياط وألبسه المسوح لعداوة كانت بينهما ، وكان أنفق في الغزوة خمسين ألف ألف درهم حتى فتح الهند فاسترجع النفقة وزيادة مثلها ، فالهند من فتوح الوليد بن عبد الملك ، وهذه البلاد منذ ذلك الوقت بيد المسلمين إلى الآن.

مُولُس : بالضم ثم السكون ، وضم اللام ، والسين مهملة : حصن من إقليم القاسم من أعمال طليطلة.

المُولَةُ : بالضم ثم السكون ، واللام ، قال أبو عمرو : هي العنكبوت ، والمولة والمننة والليث والشّبث بمعنى : وهو اسم عين تبوك ، عن أبي سعد ، وأنشد :

ملأى من الماء كعين المولة

يعني أن عينه مملوءة من الدمع كعين تبوك في غزارتها.

المُونِسَةُ : بالضم ثم السكون ، وكسر النون ، واشتقاقها مفهوم : قرية على مرحلة من نصيبين للقاصد إلى الموصل ، بها خان تبرّع بعمله رجل من التجار يقال له سيابوقه الدّيبلي عمله في حدود سنة ٦١٥ ، وفي تاريخ دمشق : أن إبراهيم بن مياس بن مهري بن كامل ابن الصيقل بن أحمد بن ورد بن زياد بن عبيد بن شبيب بن فقيع بن الأعور بن قشير بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة أبا إسحاق بن أبي رافع القشيري سمع أبا بكر الخطيب وأبا القاسم الحنّائي وأبا عبد الله ابن سلوان وأبا الحسن بن أبي الحديد عبد العزيز الكناني بدمشق ، وسمع ببغداد القاضي أبا الحسن المهتدي وأحمد بن محمد بن المنقور وأبا نصر الزّيني وأبا إسحاق الفيروزآباذي الإمام ، سمع منه أبو الحسين أخي وأبو محمد بن صابر ، ذكر أبو محمد بن صابر أنه سأله عن مولده فقال : ولدت في جمادى الآخرة سنة ٤٣٦ بالمونسة من أرض الشط ، ومات في ثالث شعبان سنة ٥٠١ بدمشق ، وبها نهران جاريان ، وهي منزل القوافل ، وهي ملك لقوم من التركمان يقال لهم بنو المراق.

المُونِسِيّةُ : قرية بالصعيد على شرقي النيل دون قوص بيوم ، أنشأها مونس الخادم مملوك المعتضد في أيام المقتدر بالله أيام قدومه مصر لقتال المغاربة.

مَوْنَةُ : بالفتح ثم السكون ، ونون : قرية من قرى همذان ، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن عمر ابن أحمد بن عمر الصوفي الموني ، حدث عن أبيه وأبي الفضل محمد بن عثمان القومساني بالإجازة ، ذكره أبو سعد في شيوخه ، وكانت ولادته سنة ٤٦٤ ، وتوفي في حدود سنة ٥٤٠.

مَوْهَبَةُ : حصن من أعمال صنعاء وهي الآن بيد ابن الهرش.

مُوَيْسِلٌ : بالضم ثم الفتح ، تصغير ماسل ، وقد تقدّم : ماء في بلاد طيّء ، قال واقد بن الغطريف الطائي وكان قد مرض فحمي الماء واللبن ، وقال أبو محمد الأسود هذا الشعر لزيادة بن بجدل الطريفي الطائي :

يقولون لا تشرب نسيئا فإنه ،

إذا كنت محموما ، عليك وخيم

لئن لبن المعزى بماء مويسل

بغاني داء إنني لسقيم

٢٢٨

وقائلة : لا تبعدنّ ابن بجدل

إذا ضاق همّ أو ألمّ خصيم

وأقصى مداك العمر والموت دونه ،

وليس بمعقود عليك تميم

وقال أعرابيّ آخر :

ألم ترَ أنَّ الريح ، بين مُوَيْل

وجاوا ، إذا هبّت عليك تطيب؟

بلاد لبست اللهو فيها مع الصّبا

لها في فؤادي ، ما حييت ، نصيب

المُوَيْقِعُ : بلفظ تصغير موقع ، ومويقع : هو موضع بين الشام والمدينة ، كذا في شرح شعر عدي بن الرقاع العاملي:

صادتك أخت بني لؤيّ إذ رمت ،

وأصاب سهمك إذ رميت سواها

وأعارها الحدثان منك مودّة ،

وأعير غيرك ودّها وهواها

بيضاء تستلب الرجال عقولهم ،

عظمت روادفها ودقّ حشاها

يا شوق ما بك يوم بان حدوجهم

من ذي المويقع غدوة فرآها

باب الميم والهاء وما يليهما

مَهَاباذ : بالفتح ، وبعد الألف باء موحدة ، وآخره ذال معجمة ، تفسيرها عمارة القمر ، وأباذ عمارة ، ولذلك تقول العجم أباذان أي عامر : قرية مشهورة بين قمّ وأصبهان ، ينسب إليها أحمد بن عبد الله المهاباذي النحوي مصنف شرح اللمع أخذه عن عبد القاهر الجرجاني.

مَهايِع : كأنه جمع مهيع ، وهو الطريق الواضح : قرية كبيرة غنّاء بتهامة بها ناس كثير ومنبر بقرب ساية وواليها من قبل أمير المدينة.

المَهْجَمُ : بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن ، بينها وبين زبيد ثلاثة أيام ، ويقال لناحيتها خزاز ، وأكثر أهلها خولان من أعلاها وأسافلها وشمالها بعد السّردد.

مَهْجُورٌ : بالجيم : ماء من نواحي المدينة ، قال :

بروضة الخرجين من مهجور

تربّعت في عازب نضير

مَهْجَرَةُ : بالفتح ثم السكون ، وجيم مفتوحة ، يجوز أن يكون اسما لبقعة من هجر يهجر إذا تباعد ، أو من هجر يهجر إذا هذى ، أو من قولهم هجرت البعير أهجره هجرا وهو أن تشدّ حبلا في رسغ رجله ثم يشدّ إلى حقوه ، ومهجرة : بلدة في أول أعمال اليمن ، بينها وبين صعدة عشرون فرسخا.

المَهْدِيّةُ : بالفتح ثم السكون ، في موضعين : إحداهما بإفريقية والأخرى اختطها عبد المؤمن بن عليّ قرب سلا ، فأما المهديّ ففي اشتقاقه عندي أربعة أوجه : أحدها أن يكون من المهدي ، بفتح ميمه ، ويعني أنه هو مهتد في نفسه لا أنه هداه غيره ولو كان ذلك لكان المهدي ، بضم الميم ، كقولك المرميّ والمكريّ والملقيّ ، ولو كان يفعل ذلك بغيره لضمّت الميم ، وليس الضم والفتح للتعدية وغير التعدية ، فإن الأصمعي يقول : هداه يهديه في الدين هدى وهداه يهديه هداية إذا دلّه على الطريق ، وهديت العروس فأنا أهديها هداء ، وأهديت الهديّة إهداء وأهديت الهدي ، هذان الأخيران بالألف والأول كما تراه ثلاثيّا متعدّيا فلا يفتقر إلى زيادة ألف التعدية فهو بمنزلة اسم الزمان والمكان وإن كان اسم رجل لأنك إذا قلت مضرب أو مشرب إنما المراد موضع

٢٢٩

الضرب والشرب ومحلهما ، فكذلك هذا المسمّى المراد أنه موضع الهدي ومحلّه ، ويجوز أن يكون المهديّ منسوبا إلى اسم مكان الهدي كما أن مضربيّ منسوب إلى اسم مكان الضرب ، والقياس هدى يهدي والمكان مهديّ بتصحيح الياء كما أن قاض أصله قاضي بتصحيح الياء مثل مضرب سواء ولكنهم استثقلوا الخروج من الكسر إلى الضم كما استثقلوا في القاضي والغازي فعدلوا إلى الأخفّ فقالوا مهدى كما قالوا مغزى فصار مقصورا لا يحتمل ما تحتمله الياء من التحريك في النصب فلزم طريقة واحدة وأعيدت الياء في القاضي إلى أصلها لما أمن الثقل عليها ، فإن قيل فهلّا فرّوا في القاضي والغازي إلى القصر وألزموه طريقة واحدة؟ قلنا إنما فرّوا من الثقل ، ولو قالوا قاضا لصار بعد الضاد ألف وقبلها ألف وصار في زنة الفعل من قاضيت ففرّوا إلى الأخفّ ، لكنهم لما نسبوا إليهما ردّوهما إلى الأصل الواحد في رأيي فقالوا قاضيّ ومهديّ ، فكسروا الدال التي في مهدي وشدّدوا ياء النسبة وإن كان الأشهر الأكثر قاضويّ ومهدويّ ومغزويّ إلا أن ذلك هو الأولى على أصلنا ، فهذا هو وجه حسن في تعليل من قال قاضيّ ومغزيّ لا مطعن للمنصف فيه ، والوجه الثاني وهو الذي يراه النحويون في هذا أن المهديّ هو اسم المفعول من هدى يهدي فهو مهديّ مثل ضرب يضرب فهو مضروب فعلى هذا أصله مهدوي ، بفتح أوله وسكون ثانيه وضم الدال وسكون واوه وتصحيح يائه ، بوزن مضروب ، فاستثقلوا الخروج من الواو الساكنة إلى الياء فأدغموا الواو في الياء فصارت ياء مشددة فكسرت لها الدال فصار مهديّ مثل مرميّ ومشويّ ومقليّ ، والوجه الثالث أن يكون منسوبا إلى المهد تشبيها له بعيسى ، عليه السلام ، فإنه تكلم في المهد فضيلة اختصّ بها وإنه يأتي في آخر الزمان فيهدي الناس من الضلالة ويردهم إلى الصواب ، وهذه المدينة بإفريقية منسوبة إلى المهدي ، وبينها وبين القيروان مرحلتان ، القيروان في جنوبيها ، والثياب السوسية المهدويّة إليها تنسب ، وقد اختطها المهدي ، واختلف في نسبه فأكثر أهل السير الذين لم يدخلوا في رعيتهم وبعض رعيتهم الذين كانوا يخفون أمرهم يزعمون أنه كان ابن يهوديّ من أهل سلمية الشام وتزوّج القدّاح الذي كان أصل هذه الدعوة بأمه فربّاه إلى أن حضرته الوفاة ولم يكن له ولد فعهد إليه وعلّمه الدعوة وكان اسمه سعيدا فلما صار الأمر إليه سمي عبيد الله ، وقال قوم قليلون : إنه ولد القداح نفسه ، في قصص طويلة ، وقال من صحّح نسبه : إنه أحمد بن إسماعيل الثاني ابن محمد بن إسماعيل الأكبر بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قدم إفريقية ، فملكها وأقام بالقيروان مدّة ثم خطّ المهدية ، وهي على ساحل بحر الروم داخلة فيه ككفّ على زند ، عليها سور عال محكم كأعظم ما يكون يمشي عليه فارسان ، عليها باب من حديد مصمت مصراع واحد تأنّق المهديّ في عمله ، وقال بعض أهل المعرفة بأخبارهم : في سنة ٣٠٠ خرج المهدي بنفسه إلى تونس يرتاد لنفسه موضعا يبني فيه مدينة خوفا من خارج يخرج عليه ، وأراد موضعا حصينا حتى ظفر بموضع المهدية وهي جزيرة متصلة بالبرّ كهيئة كف متصلة بزند ، فتأمّلها فوجد فيها راهبا في مغارة فقال له : بم يعرف هذا الموضع؟ فقال : هذا يسمّى جزيرة الخلفاء ، فأعجبه هذا الاسم فبناها وجعلها دار مملكته وحصّنها بالسور المحكم والأبواب الحديد المصمت وجعل في كل مصراع من الأبواب مائة قنطار ، ولها بابان بأربعة مصاريع لكل باب منها دهليز يسع خمسمائة فارس ،

٢٣٠

وكان شروعه في اختطاطها لخمس خلون من ذي القعدة سنة ٣٠٣ ، وقال أبو عبيد البكري : كان شروعه فيها سنة ٣٠٠ وكمّل سورها في سنة خمس وانتقل إليها سنة ثمان في شوال ، ولم تزل دار مملكة لهم إلى أن ولي الأمر إسماعيل بن أبي القاسم سنة ٤٤ فسار إلى القيروان محاربا لأبي يزيد واتخذ مدينة صبرة واستوطنها بعد أبيه معدّ وعمل فيها مصانع واحتفر أبآرا وبنى فيها قصورا عالية ، قال بطليموس : مدينة برقة وهي المهدية طولها اثنتان وثلاثون درجة ، وعرضها ست وثلاثون درجة ، داخلة في الإقليم الرابع ، طالعها العقرب تحت اثنتي عشرة درجة ، منزلها من قلب العقرب الجناح الأيمن ولها ممسك العنان ولها جبهة الليث تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان ، يقابلها مثلها اثنتا عشرة درجة من الجدي ، وقال أبو عبيد البكري : جعل لمدينتها بابا حديد لا خشب فيهما كل باب وزنه ألف قنطار وطوله ثلاثون شبرا كل مسمار من مساميره ستة أرطال وجعل فيها من الصهاريج العظام ، وأهل تلك النواحي يسمّونها مواجل ، ثلاثمائة وستين موجلا غير ما يجري إليها من القناة التي فيها ، والماء الجاري الذي بالمهدية جلبه عبيد الله من قرية ميّانش وهي على مقربة من المهدية في أول أقداس ويصبّ في المهدية في صهريج داخل المدينة عند جامعها ويرفع من الصهريج إلى القصر بالدواليب وكذلك يسقي أيضا من قرية ميّانش من الآبار بالدواليب يصبّ في محبس يجري منه في تلك القناة ، قال : ومرسى المهدية منقور في حجر صلد يسع ثلاثين مركبا ، على طرفي المرسى برجان بينهما سلسلة حديد فإذا أريد إدخال سفينة أرسل حرّاس البرجين أحد طرفي السلسلة حتى تدخل السفينة ثم يمدّونها كما كانت تحبيسا لها ، ولما فرغ من إحكام ذلك قال : اليوم أمنت على الفاطميّات ، يعني بناته ، وارتحل إليها وأقام بها ثم عمّر فيها الدكاكين ورتب فيها أرباب المهن كلّ طائفة في سوق فنقلوا إليها أموالهم فلما استقام ذلك أمر بعمارة مدينة أخرى إلى جانب المهدية وجعل بين المدينتين قدر طول ميدان وأفردها بسور وأبواب وحفظة وسماها زويلة وأسكن أرباب الدكاكين من البزّازين وغيرهم فيها بحرمهم وأهاليهم وقال : إنما فعلت ذلك لآمن غائلتهم وذاك أن أموالهم عندي وأهاليهم هناك ، فإن أرادوني بكيد وهم بزويلة كانت أموالهم عندي فلا يمكنهم ذلك ، وإن أرادوني بكيد وهم بالمهدية خافوا على حرمهم هناك ، وبنيت بيني وبينهم سورا وأبوابا فأنا آمن منهم ليلا ونهارا لأني أفرّق بينهم وبين أموالهم ليلا وبينهم وبين حرمهم نهارا ، وشرب أهلها من الآبار والصهاريج ، ومهما ذكرنا من حصانتها فإن أحوال ملوكها تناقضت حتى أفضى الأمر إلى أن أنفذ روجار صاحب صقليّة جرجي إليها في سنة ٥٤٣ فأخلاها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس وخرج هاربا حتى لحق بعبد المؤمن وبقيت في يد الأفرنج اثنتي عشرة سنة حتى قدم عبد المؤمن في سنة ٥٥٥ إلى إفريقية فأخذ المهدية في أسرع وقت فهي في يد أصحابه إلى يومنا هذا ولم تغن حصانتها في جنب قضاء الله شيئا ، وينسب إلى المهدية جماعة وافرة من العلماء في كل فنّ ، منهم : أبو الحسن علي بن محمد بن ثابت الخولاني المعروف بالحدّاد المهدوي القائل :

قالت ، وأبدت صفحة

كالشمس من تحت القناع :

بعت الدفاتر وهي آ

خر ما يباع من المتاع

٢٣١

فأجبتها ، ويدي على

كبدي وهمّت بانصداع :

لا تعجبي فيما رأي

ت فنحن في زمن الضّياع

مَهَرَاتُ : بلد بنجد من أرض مهرة قرب حضرموت.

المِهْرَاسُ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وآخره سين مهملة ، المهراس : موضعان أحدهما موضع باليمامة كان من منازل الأعشى ، وفيه يقول :

شاقتك من قبلة أطلالها

بالشطّ فالوتر إلى حاجر

فركن مهراس إلى مارد

فقاع منفوحة ذي الحائر

 قالوا : كان الأعشى ينزل هذا الشقّ من اليمامة ، والمهراس : حجر مستطيل يتوضأ منه ، وفي حديث أبي هريرة أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، قال : إذا أراد أحدكم الوضوء فليفرغ على يديه من إنائه ثلاثا ، فقال له قين الأشجعي : فإذا أتينا مهراسكم كيف نصنع؟ أراد بالمهراس هذا الحجر المنقور الذي لا يقلّه الرجال ، والمهراس فيما ذكره المبرّد : ماء بجبل أحد ، وروي أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، عطش يوم أحد فجاءه عليّ ، رضي الله عنه ، وفي درقته ماء من المهراس فعافه وغسل به الدم عن وجهه. قال عبيد الله الفقير إليه : ويجوز أن يكون جاءه بماء من الحجر المنقور المسمّى بالمهراس ، ويجوز أن يكون علما لهذا الحجر سمي به لثقله لما أنه يقع على الشيء فيهرسه ، وليس كل حجر منقور مستطيل مهراسا ، والله أعلم ، وقال سديف بن ميمون يذكر حمزة وكان دفن بالمهراس :

لا تقيلن عبد شمس عثارا ،

واقطعن كل رقلة وغراس

أقصهم أيها الخليفة واحسم

عنك بالسيف شأفة الأرجاس

واذكرن مقتل الحسين وزيد

وقتيلا بجانب المهراس

هو حمزة بن عبد المطلب.

مِهْرَانُ : بالكسر ثم السكون ، وراء ، وآخره نون ، اسم أعجميّ : موضع لنهر السند ، قال حمزة : وأصله بالفارسية مهران روذ ، وهو واد يقبل من الشرق آخذا على جهة الجنوب متوجها إلى جهة المغرب حتى يقع في أسفل السند ويصبّ في بحر فارس ، وهو نهر عظيم بقدر دجلة تجري فيه السفن ويسقي بلادا كثيرة ويصب في البحر عند الدّيبل ، قال الإصطخري : وبلغني أن مخرج مهران من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون فيظهر مهران بناحية الملتان على حد سمندور والرور ثم على المنصورة ثم يقع في البحر شرقي الدّيبل ، وهو نهر كبير عذب جدّا ، ويقال : إن فيه تماسيح مثل ما في النيل وهو مثله في الكبر وجريه مثل جريه ويرتفع على وجه الأرض ثم ينضب فيزرع عليه مثل ما يزرع بأرض مصر ، والسندروذ : نهر آخر هناك ذكر في موضعه.

مِهْرَبارات : من قرى أصبهان ، كان ينزلها محمد بن أحمد بن عبد الله بن جره المهربرتي ، سمع منه بها قتيبة بن سعيد.

مِهْرَبانان : بالكسر ثم السكون ، وفتح الراء ، وباء موحدة ، وبعد الألف نون ، وآخره نون ، والمهر بالفارسية له معنيان : أحدهما هو الشمس ، ومهر معناه المحبة والشفقة : من قرى مرو.

٢٣٢

مِهْرَبَنْدَقْشَاي : والعامة يسمونها بندكشاي ، بباء موحدة ، ونون ، ودال ، والقاف ، والشين : قرية على ثلاثة فراسخ من مرو ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن الحسن بن الحسين المهربندقشائي.

مِهْرِجان قَذَق : ثلاث كلمات ، بكسر أوله ، وسكون ثانيه ثم راء ، فهذا معناه الشمس أو المحبة والشفقة ، ثم جيم ، وبعد الألف نون ، وهذا معناه النفس أو الروح ، ثم قاف مفتوحة وقد تضم ، وذال معجمة ، وقاف أخرى ، وأظنه اسم رجل فيكون معناه محبة أو شمس نفس قذق : وهي كورة حسنة واسعة ذات مدن وقرى قرب الصّيمرة من نواحي الجبال عن يمين القاصد من حلوان العراق إلى همذان في تلك الجبال.

مِهْرِجان : معناه بالفارسية فرح النفس ، قد يسقط من الكورة المذكورة آنفا قذق فيقال مهرجان فقط ، قال أبو سعد : مهرجان قرية بأسفرايين لقبها بذلك كسرى قباذ بن فيروز والد كسرى أنوشروان لحسنها وخضرتها وصحة هوائها ، ينسب إليها جماعة من العلماء ، منهم : أبو بكر محمد بن عبد الله بن مهدي المهرجاني النيسابوري ، سمع محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن رجاء وعمر بن شبّة وأبا سعيد الأشجّ وغيرهم ، روى عنه أبو علي الحافظ وغيره ، ومهرجان : قرية بين أصبهان وطبس كبيرة بها جامع وقد خربت.

مِهْرجَمِين : قد ذكرنا معنى مهر ، ثم جيم مفتوحة ، وميم مكسورة ، وياء ساكنة ، ونون : من قرى جرجان.

مِهْرِقان : بالقاف ، وآخره نون : من قرى الرّيّ ، عن أبي سعد ، ينسب إليها خضر أبو عمر المهرقاني الرازي ، يروي عن عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطّان وأبي داود الطيالسي وكان صدوقا ، روى عنه أبو حاتم الرازي.

مِهْرَوَان : بالواو ، وآخره نون : كورة في سهل طبرستان ، بينها وبين سارية عشرة فراسخ ، وبها مدينة ذات منبر ، وكان يكون بها قائد في ألف رجل مسلّحة ، وقد نسب بهذه النسبة يوسف بن أحمد بن يوسف بن محمد أبو القاسم المهرواني القزّاز نزيل بغداد ، قال شيرويه : قدم علينا همذان في رجب سنة ٤٣٣ وروى عن ابن زرقويه وأبي أحمد الفرضي وابن مهدي وأبي محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى المعلّم وغيرهم ، حدثنا عنه أبو علي الميداني وعبدوس أنه صدوق حسن.

مَهْرُوبان : الواو ساكنة ثم باء موحدة وآخره نون ، في موضعين : أحدهما على ساحل البحر بين عبّادان وسيراف بليدة صغيرة رأيتها أنا وهي في الإقليم الثالث ، طولها ست وسبعون درجة ونصف ، وعرضها ثلاثون درجة ، وقال أبو سعد : مهروبان ناحية مشتملة على عدة قرى بهمذان ، ينسب إليها أبو القاسم يوسف ابن محمد بن أحمد بن محمد المهروباني ، سمع أبا عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي وأبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت القرشي وغيرهما ، روى عنه أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني بمرو وأبو المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري ، وانتخب له الحافظ أبو بكر الخطيب فوائد.

مَهْرُوذ : آخره ذال معجمة ، والواو ساكنة : من طساسيج سواد بغداد بالجانب الشرقي من استان شاذقباذ وهو نهر عليه قرى في طريق خراسان ، ولما فرغ المسلمون من المدائن وملكوها ساروا نحو جلولاء حتى أتوا مهروذ وعلى المقدّمة هاشم بن

٢٣٣

عتبة بن أبي وقّاص فجاءه دهقانها وصالحه على جريب من الدراهم على أن لا يقتلوا من أهلها أحدا.

مَهْرَةُ : بالفتح ثم السكون ، هكذا يرويه عامة الناس ، والصحيح مهرة بالتحريك وجدته بخطوط جماعة من أئمة العلم القدماء لا يختلفون فيه ، قال العمراني : مهرة بلاد تنسب إليها الإبل ، قلت : هذا خطأ إنما مهرة قبيلة وهي مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة تنسب إليهم الإبل المهريّة وباليمن لهم مخلاف يقال بإسقاط المضاف إليه ، وبينه وبين عمان نحو شهر وكذلك بينه وبين حضرموت فيما زعم أبو زيد ، وطول مخلاف مهرة أربع وستون درجة ، وعرضه سبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة ، في الإقليم الأول.

مِهْرِيجان : بكسر الراء ثم ياء ساكنة ، وجيم ، وآخره نون : قرية بمرو ، ينسب إليها مطر بن العباس بن عبد الله بن الجهم بن مرّة بن عياض المهريجاني تابعيّ ، لقي عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، فدعا له بطول العمر فعاش مائة وخمسا وثلاثين سنة ، وتوفي بمرو أيام نصر بن سيّار ودفن بمقبرة تنسب إليه. ومهريجان أيضا : قرية بكازرون من نواحي فارس ، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن محمد المهريجاني ، روى عن أبي سعيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد الله بن محمد الورّاق ، سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.

مِهْرِيجِرْد : بكسر الميم والراء ، وسكون الهاء والياء ، وكسر الجيم ، وسكون الراء الثانية بعدها دال مهملة : قرية غنّاء من كورة تمد ، وهي من أجلّ قراها وأعمرها وأكثرها سوادا ومياها وأنهارا.

المُهَزَّمُ : موضع في قول عدي بن الرقاع :

لمن رسم دار كالكتاب المنمنم

بمنعرج الوادي فويق المهزّم؟

مَهْزُورٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم زاي ، وواو ساكنة ، وراء ، قال أبو زيد : يقال هزره يهزره هزرا وهو الضرب بالعصا على الظهر والجنب ، وهو مهزور وهزير ، والهزير : المتقحّم في البيع والإغلاء ، وقد هزرت له في البيع أي أغليت ، مهزور ومذينب : واديان يسيلان بماء المطر خاصّة ، وقال أبو عبيد : مهزور وادي قريظة ، قالوا : لما قدمت اليهود إلى المدينة نزلوا السافلة فاستوبؤوها فبعثوا رائدا لهم حتى أتى العالية بطحان ومهزورا وهما واديان يهبطان من حرّة تنصبّ منها مياه عذبة فرجع إليهم فقال : قد وجدت لكم بلدا نزها طيبا وأودية تنصبّ إلى حرّة عذبة ومياها طيبة في متأخر الحرة ، فتحوّلوا إليها فنزل بنو النضير ومن معهم بطحان ونزلت قريظة وهدل على مهزور فكانت لهم تلاع وماء يسقي سمرات ، وفي مهزور اختصم إلى النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، في حديث أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه أن النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أتاه أهل مهزور فقضى أن الماء إذا بلغ الكعبين لم يحبس الأعلى ، وكانت المدينة أشرفت على الغرق في خلافة عثمان ، رضي الله عنه ، من سيل مهزور حتى اتخذ عثمان له ردما ، وجاء أيضا بماء عظيم مخوف في سنة ١٥٦ فبعث إليه عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس وهو الأمير يومئذ عبيد الله بن أبي سلمة العمري فخرج وخرج الناس بعد صلاة العصر وقد ملأ السيل صدقات رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فدلتهم عجوز من أهل العالية على موضع كانت تسمع الناس يذكرونه فحضروه فوجدوا للماء مسيلا ففتحوه فغاض الماء منه إلى وادي بطحان ، قال أحمد بن جابر :

٢٣٤

ومن مهزور إلى مذينب شعبة تصب فيها.

مَهْزُولٌ : بالفتح ، وآخره لام ، اسم المفعول من الهزال : اسم واد في اقبال النير بحمى ضريّة ، وقيل : واد إلى أصل جبل يقال له ينوف ، وقال أبو زياد : مهزول واد يتعلّق بواديين فهما شعبتا مهزول ، وأنشد :

عوجا خليليّ على الطّلول

بين اللوى وشعبتي مهزول

وما البكا في دارس محيل

قفر وليس اليوم كالمأهول

مِهْسَاع : بالكسر ثم السكون ، وسين مهملة ، مهمل عند اللغويين : وهو مخلاف باليمن.

مُهَشِّمَةُ : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وتشديد الشين وكسرها ، وعن الحفصي مهشّمة ، بفتح الشين ، قال ابن شميل : كل غائط من الأرض يكون وطيئا فهو هشيم ، والمتهشمة : التي يبس كلأها ، وقال ابن شميل : الأرض إذا لم يصبها مطر ولا نبت فيها تراها مهتشمة ومتهشمة ، ومهشّمة هذه : من قرى اليمامة ، قال الحفصي : مهشمة قرية ونخل ومحارث لبني عبد الله بن الدّئل باليمامة ، قال الشاعر :

يا ربّ بيضاء على مهشّمه

أعجبها أكل البعير النيّمه

مَهْفِيرُوزان : بالفتح ثم السكون ، وكسر الفاء ثم ياء ساكنة ، وراء ، وواو ، وزاي ، وآخره نون : قرية على باب شيراز بأرض فارس.

مَهْوَرٌ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الواو ، وراء ، هو من هار الجرف يهور إذا انصدع من خلفه وهو ثابت مكانه ، واسم المكان مهور : موضع ، ويروى مهوا.

مَهْيَعَةُ : بالفتح ثم السكون ثم ياء مفتوحة ، وعين مهملة ، وهو مفعلة من التهيّع وهو الانبساط ، ومن قال إنه فعيل فهو مخطئ لأنه ليس في كلامهم فعيل بفتح أوله ، وطريق مهيع واضح : وهي الجحفة ، وقيل : قريب من الجحفة ، وقد ذكرت الجحفة ، وهي ميقات أهل الشام.

مَهِينَةُ : بالفتح ثم الكسر ثم ياء ساكنة ، ونون ، وهاء ، من الهوان : من قرى اليمامة.

باب الميم والياء وما يليهما

مَياسِرُ : قال ابن حبيب : مياسر بين الرحبة والسّقيا من بلاد عذرة يقال لها سقيا الجزل وهي قريب من وادي القرى ، قال كثيّر :

نظرت ، وقد حالت بلاكث دونهم

وبطنان وادي برمة وظهورها ،

إلى ظعن بالنّعف نعف مياسر

حدتها تواليها ومارت صدورها

عليهنّ لعس من ظباء تبالة

مذبذبة الخرصان باد نحورها

مَيّافارِقِين : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ثم فاء ، وبعد الألف راء ، وقاف مكسورة ، وياء ، ونون ، قال بعض الشعراء:

فإن يك في كيل اليمامة عسرة

فما كيل ميّافارقين بأعسرا

وقال كثيّر :

مشاهد لم يعف التنائي قديمها ،

وأخرى بميّافارقين فموزن

ميّافارقين : أشهر مدينة بديار بكر ، قالوا : سميت بميّا بنت لأنها أول من بناها ، وفارقين هو الخلاف

٢٣٥

بالفارسية يقال له بارجين ، لأنها كانت أحسنت خندقها فسميت بذلك ، وقيل : ما بني منها منها بالحجارة فهو بناء أنوشروان بن قباذ وما بني بالآجرّ فهو بناء أبرويز ، قال بطليموس : مدينة ميّافارقين طولها أربع وسبعون درجة وأربعون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة ، داخلة في الإقليم الخامس ، طالعها الجبهة ، بيت حياتها ثلاث درج من العقرب ، لها شركة في السماك الشامي وحرب في قلب الأسد تحت أربع عشرة درجة من السرطان ، يقابلها مثلها من الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، رابعها مثلها من الميزان ، وقال صاحب الزيج : طول ميافارقين سبع وخمسون درجة ونصف وربع ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة ، والذي يعتمد عليه أنها من أبنية الروم لأنها في بلادهم ، وقد ذكر في ابتداء عمارتها أنه كان في موضع بعضها اليوم قرية عظيمة وكان بها بيعة من عهد المسيح وبقي منها حائط إلى وقتنا هذا ، قالوا : وكان رئيس هذه الولاية رجلا يقال له ليوطا فتزوج بنت رئيس الجبل الذي هناك يسكنه في زماننا الأكراد الشامية وكانت تسمّى مريم فولدت له ثلاثة بنين كان اثنان منهم في خدمة الملك ثيودسيوس اليوناني الذي دار ملكه برومية الكبرى وبقي الأصغر وهو مرّوثا فاشتغل بالعلوم حتى فاق أهل عصره فلما مات أبوه جلس في مكانه في رياسة هذه البلاد وأطاعه أهلها ، وكان ملك الروم مقيما بدار ملكه برومية وكان تحت حكمه إلى آخر بلاد ديار بكر والجزيرة ، وكان ملك الفرس حينئذ سابور ذو الأكتاف ، وكان بينه وبين ملك الروم ثيودسيوس منازعة وحروب مشهورة ، وكان ثيودسيوس قد تزوّج امرأة يقال لها هيلانة من أهل الرّها فأولدها قسطنطين الذي بنى مدينة قسطنطينية ثم مات ثيودسيوس فملّكوا هيلانة إلى أن كبر ابنها قسطنطين فاستولى على الملك برومية الكبرى ثم اختار موضع قسطنطينية فعمّرها هناك وصارت دار ملك الروم ، وبقي مرّوثا بن ليوطا المقدم ذكره مقيما بديار بكر مطاعا في أهلها وكان له همة في عمارة الأديرة والكنائس فبنى منها شيئا كثيرا فأكثر ما يوجد من ذلك قديم البناء فهو من إنشائه ، وكان ربّ ماشية ، وكان الفرس مجاوريه فكانوا يغيرون عليه ويأخذون مواشيه فعمد إلى أرض ميافارقين فقطع جميع ما كان حولها من الشوك والشجر وجعله سياجا على غنمه من اللصوص الذين يسرقون أمواله ، فيقال إنه كان لملك الفرس بنت لها منه منزلة عظيمة فمرضت مرضا أشرفت منه على الهلاك وعجز عن إصلاحها أطباء الفرس فأشار عليه بعض أصحابه باستدعاء مرّوثا لمعالجتها ، فأرسل إلى قسطنطين ملك الروم يسأله ذلك ، فأنفذه إليه ووصل إلى المدائن وعالج المرأة فوجدت العافية ، فسرّ سابور بذلك وقال لمرّوثا : سل حاجتك ، فسأله الصلح والهدنة ، فأجاب إليه وكتب بينه وبين قسطنطين عهدا بالهدنة مدّة حياتهما ، فلما أراد مرّوثا الرجوع عاود سابور في ذكر حاجة أخرى فقال : إنك قتلت خلقا كثيرا من النصارى وأحب أن تعطيني جميع ما عندك في بلادك من عظام الرهبان والنصارى الذين قتلهم أصحابك ، فرتب معه الملك من سار في بلاده ليستخرج له ما أحبّ من ذلك بعد البحث حتى جمع منه شيئا كثيرا فأخذه معه إلى بلده ودفنها في الموضع الذي اختاره من دياره ومضى إلى قسطنطين وعرّفه ما صنع بالهدنة ، فسرّ به وقال له : سل حاجتك ، فقال : أحب أن يساعدني الملك في بناء موضع في ذلك الدّوار الذي جعلته لغنمي ويعاونني بجاهه وماله ، فكتب إلى كل من يجاوره بمساعدته بالمال والنفس ورجع مرّوثا إلى دياره فساعده من حوله

٢٣٦

حتى أدار عوضا من الشوك حائطا كالسور وعمل فيه طاقات كثيرة سدّها بالشوك ثم سأل الملك أن يأذن له أن يبني في جانب حائطه حصنا يأمن به غائلة العدوّ الذي يطرق بلاده ، فأذن له في ذلك ، فبنى البرج المعروف ببرج الملك وبنى البيعة على رأس التلّ وكتب اسم الملك على أبنيته ، ووشى به قوم إلى الملك قسطنطين وزعموا أنه فعل ما فعل للعصيان ، فسيّر الملك رجلا وقال له : انظر فإن كان بناؤه بيعة وكتب اسمي على ما بناه فدعه بحاله وإلّا فانقض جميع ما بناه وعد ، فلما رأى اسم الملك على السور رجع وأخبر قسطنطين بذلك فأقره على بنائه وأعجبه ما صنع من كتابة اسم الملك على ما جدّده وأنفذ إلى جميع من في تلك الديار من عماله بمساعدة مرّوثا على بناء مدينة بحيث بنى حائطه وأطلق يده في الأموال فعمرها وجعل في كل طاقة من تلك الطيقان التي ذكرنا أنه سدّها بالشوك عظام رجل من شهداء النصارى الذين قدم بهم من عند سابور فسميت المدينة مدورصالا ، ومعناه بالعربية مدينة الشهداء ، فعرّبت على تطاول الأيام حتى صارت ميّافارقين ، هكذا ذكروه وإن كان بين اللفظتين تباين وتباعد ، وحصّنها مروثا وأحكمها ، فيقال إنها إلى وقتنا هذا وهو سنة ٦٢٠ لم تؤخذ عنوة قط ، وآمد بالقرب منها وهي أحصن منها وأحسن قد أخذت بالسيف مرارا ، قالوا : وأمر الملك قسطنطين وزراءه الثلاثة فبنى كل واحد منهم برجا من أبرجتها فبنى أحدهم برج الرومية والبيعة بالعقبة ، وبنى الآخر برج الراوية المعروف الآن ببرج علي بن وهب وبيعة كانت تحت التلّ وهي الآن خراب وأثرها باق مقابل حمّام النجارين ، وبنى الثالث برج باب الربضّ والبيعة المدورة وكتب على أبراجها اسم الملك وأمه هيلانة وجعل لها ثمانية أبواب ، منها : باب أرزن ويعرف بباب الخنازير ثم تسير شرقا إلى باب قلونج وهو بين برج الطبّالين وبين برج المرآة ومكتوب عليه اسم الملك وأمه ، وإنما سمي برج المرآة لأنه كان عليه بين البرجين مرآة عظيمة يشرق نورها إذا طلعت الشمس على ما حولها من الجبال وأثرها باق إلى الآن وبعض الضباب الحديد باق إلى الآن ، ثم عمل بعد ذلك باب الشهوة وهو من برج الملك ثم تسير من جانب الشمال إلى أن تصل إلى البرج الذي فيه الموسوم بشاهد الحمّى ، وهناك باب آخر وهو من الربض إلى المدينة ومقابل أرزن القبلي نصبا ، ثم تسير إلى الجانب الشمالي وكان هناك باب الربض بين البرجين ، ثم تنزل في الغرب إلى القبلة وهناك باب يسمى باب الفرح والغم لصورتين هناك منقوشتين على الحجارة ، فصورة الفرح رجل يلعب بيديه وصورة الغمّ رجل قائم على رأسه صخرة جماد ، فلذلك لا يبيت أحد في ميافارقين مغموما إلا النادر ، والآن يسمى هذا الباب باب القصر العتيق الذي بناه بنو حمدان ، ثم تسير إلى نحو القبلة إلى أسفل العقبة وهناك باب عند مخرج الماء ، وفي جانب القبلي في السور الكبير باب فتحه سيف الدولة من القصر العتيق وسماه باب الميدان وكان يخرج في الفصيل إلى باب الفرح والغم وليس مقابله في الفصيل باب ، وفي برج علي بن وهب في الركن الغربي القبلي في أعلاه صليب منقور كبير يقال إنه مقابل البيت المقدس وعلى بيعة قمامة في البيت المقدس صليب مثل هذا مقابله ، ويقال إن صانعهما واحد ، وقيل إنه كان مدة عمارتها حتى كملت ثماني عشرة سنة ، فإن صح هذا فهو إحدى العجائب لأن مثل تلك العمارة لا يمكن استتمام مثلها إلا في أضعاف هذه السنين ، وقيل إنه ابتدئ بعمارتها بعد المسيح بثلاثمائة سنة وكان ذلك لستمائة

٢٣٧

وثلاث وعشرين سنة من تاريخ الإسكندر اليوناني ، وقيل إن أول عمارتها في أيام بطرس الملك في أيام يعقوب النبي ، عليه السّلام ، وقيل إن مرّوثا بنى في المدينة ديرا عظيما على اسم بطرس وبولس اللذين هما في البيعة الكبرى وهو باق إلى زماننا هذا في المحلة المعروفة بزقاق اليهود قرب كنيسة اليهود وفيها جرن من رخام أسود فيه منطقة زجاج فيها من دم يوشع بن نون وهو شفاء من كل داء وإذا طلي به على البرص أزاله ، يقال إن مروثا جاء به معه من رومية الكبرى عند عوده من عند الملك ، وما زالت ميافارقين بأيدي الروم إلى أيام قباذ بن فيروز ملك الفرس فإنه غزا ديار بكر وربيعة وافتتحها وسبى أهلها ونقلهم إلى بلاده وبنى لهم مدينة بين فارس والأهواز فأسكنهم فيها وجعل اسمها أبزقباذ ، وقيل هي أرّجان ويقال لها الاستان الأعلى أيضا ، ثم ملك بعده ابنه أنوشروان بن قباذ ثم هرمز بن أنوشروان ثم أبرويز بن هرمز وكان أبرويز مشتغلا بلذاته غافلا عن مملكته فخرج هرقل ملك الروم صاحب عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فافتتح هذه البلاد وأعادها إلى مملكة الروم وملكها بأسرها ثماني سنين آخرها سنة ثماني عشرة للهجرة ، وبعد أن فتحت الشام وجاء طاعون عمواس ومات أبو عبيدة بن الجرّاح أنفذ عمر ، رضي الله عنه ، عياض بن غنم بجيش كثيف إلى أرض الجزيرة فجعل يفتحها موضعا موضعا ، ووجدت بعض من يتعاطى علم السير قد ذكر في كتاب صنفه أن خالد بن الوليد والأشتر النخعي سارا إلى ميافارقين في جيش كثيف فنازلاها فيقال إنها فتحت عنوة ، وقيل صلحا على خمسين ألف دينار على كل محتلم أربعة دنانير ، وقيل دينارين وقفيز حنطة ومدّ زيت ومدّ خل ومدّ عسل وأن يضاف كل من اجتاز بها من المسلمين ثلاثة أيام ، وجعل للمسلمين بها محلة وقرر أخذ العشر من أموالهم ، وكان ذلك بعد أخذ آمد ، قال : وكان المسلمون لما نزلوا عليها نزلوا بمرج هناك على عين ماء فنصبوا رماحهم هناك بالمرج فسمي ذلك الموضع عين البيضة إلى الآن ، وإياها عنى المتنبي في قوله يصف جيشا :

ولما عرضْتَ الجيش كان بهاؤه

على الفارس المرخى الذؤابة منهم

حواليه بحر للتجافيف مائج ،

يسير به طود من الخيل أيهم

تساوت به الأقطار حتى كأنه

يجمّع أشتات الجبال وينظم

وأدّبها طول القتال وطرفه

يشير إليها من بعيد فتفهم

تجاوبه فعلا وما تسمع الوحى ،

ويسمعها لحظا وما يتكلّم

تجانف عن ذات اليمين كأنها

ترقّ لميّافارقين وترحم

ولو زحمتها بالمناكب زحمة

درت أيّ سوريها الضعيف المهدّم

مَيَانِجُ : بالفتح ، وبعد الألف نون ، وآخره جيم ، أعجميّ لا أعلم معناه ، قال أبو الفضل : موضع بالشام ولست أعرف في أي موضع هو منها ، ينسب إليه أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف الميانجي ، سمع محمد بن عبد الله السمرقندي بالميانج ، روى عنه أبو الحسن محمد بن عوف الدمشقي ، وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي : يوسف بن القاسم بن يوسف بن الفارس ابن سوّار أبو بكر الميانجي الشافعي الفقيه قاضي دمشق ولي القضاء بها نيابة عن القاضي أبي الحسن علي ابن النعمان قاضي نزار الملقب بالعزيز ، روى عن أبي

٢٣٨

خليفة وأبي يعلى الموصلي وزكرياء بن يحيى الساجي وعبدان الجواليقي ومحمد بن إسحاق السرّاج ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ومحمد بن جرير الطبري وذكر جماعة كثيرة ، روى عنه ابن أخيه أبو مسعود صالح بن أحمد ابن القاسم وأبو سليمان رزين وذكر جماعة أخرى كثيرة ، قال بإسناده : توفي أبو بكر الميانجي في شعبان سنة ٣٧٥ ، وكان مولده قبل التسعين ومائتين ، وكان ثقة نبيلا مأمونا ، تلقى عليه عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ وأبو مسعود صالح بن أحمد بن القاسم الميانجي ، سمع أبا الحسن الدارقطني وطبقته وحدثنا عنه أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري بمكة ، وأبو عبد الله أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي ، روى عنه يوسف بن القاسم الميانجي ، ومات بالميانج ، كل هذا عن ابن طاهر ، وقد نسب إلى ميانه ميانجيّ ، يذكر في موضعه.

مَيَانُ رُوذَان : بالفتح ، وبعد الألف نون ، وضم الراء ، وسكون الواو ، وذال معجمة ، وآخره نون ، هو فارسيّ معناه وسط الأنهار : وهي جزيرة تحت البصرة فيها عبادان يحيط بها دجلة من جانبيها وتصبّ في البحر الأعظم في موضعين : أحدهما يركب فيه الراكب القاصد إلى البحرين وبر العرب والآخر يركب فيه القاصد إلى كيس وبر فارس ، فهذه الجزيرة مثلثة الشكل من جانبيها دجلة والجانب الثالث البحر الأعظم وفيها نخل وعمارة وقرى من جملتها المحرزي التي هي مرفأ سفن البحر اليوم ، وميان روذان أيضا : ناحية في أقصى ما وراء النهر قرب أوزكند.

مَيّانِش : بالفتح ، وتشديد الثاني ، وبعد الألف نون مكسورة ، وشين معجمة : قرية من قرى المهدية بإفريقية صغيرة ، بينها وبين المهدية نصف فرسخ ، قال لي رجل من أهل المهدية : لا يكون فيها اليوم ثلاثون بيتا ، وفيها ماء عذب إذا قصر الماء بالمهدية استجلبوه منها ، وذكر أبو عبيد البكري أن المهدي لما بنى المهدية استجلب الماء من ميانش إلى المهدية في قناة صنعها فكان يستقي من آبار ميانش بالدواليب إلى برك ويخرج من تلك البرك في قناة إلى صهريج في جامع المهدية ويستقي من ذلك الصهريج بالدواليب إلى القصر ، ينسب إليها أحمد بن محمد بن سعد الميانشي الأديب ، ووجدت بخطه كتاب النقائض بين جرير والفرزدق وقد كتبه بمصر في سنة ٣٨١ وقد أتقنه خطّا وضبطا ، ومنها أيضا عمر بن عبد المجيد ابن الحسن المهدي الميانشي نزيل مكة ، روى عنه مشايخنا ، مات بمكة فيما بلغني ، ونسبته إلى المهدية ربما كانت دليلا على أن ميانش من نواحي إفريقية.

المِيَانُ : بالكسر ، وآخره نون ، معناه بالفارسية الوسط ، وعرّب بدخول الألف واللام عليه : وهي مواضع كانت بنيسابور فيها قصور آل طاهر بن الحسين ، روي أنه قدم أبو محلّم عوف بن محلم الشيباني على عبد الله بن طاهر بن الحسين فحادثه فقال له فيما يقول : كم سنك؟ فلم يسمع ، فلما أراد أن يقوم قال عبد الله للحاجب : خذ بيده ، فلما توارى عوف قال له الحاجب : إن الأمير سألك كم سنك فلم تجبه ، فقال له : لم أسمع ، ردّني إلى الأمير ، فردّه فوقف بين يديه وقال له :

يا ابن الذي دان له المشرقان

طرّا وقد دان له المغربان

إن الثمانين وبلّغتها

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وصيّرت بيني وبين الورى

عنانة من غير جنس العنان

وبدّلتني من نشاط الفتى

وهمّه همّ الدّثور الهدان

٢٣٩

وأبدلتني بالقوام الحنا ،

وكنت كالصّعدة تحت السّنان

فهمت من أوطار وجدي بها

لا بالغواني ، أين مني الغوان؟

وما بقي فيّ لمستمتع

إلا لساني وبحسبي لسان

أدعو إلى الله وأثني به

على الأمير المصعبيّ الهجان

فقرّباني ، بأبي أنتما ،

من وطني قبل اصفرار البنان

وقبل منعاي إلى نسوة

أوطانها حمران والمرقبان

سقى قصور الشاذياخ الحيا

قبل وداعي وقصور الميان

فكم وكم من دعوة لي بها

ما إن تخطّاها صروف الزمان

فأمره بالانصراف إلى وطنه وقال له : جائزتك ورزقك يأتيك في كل عام فلا تتعبن بتكلف المجيء.

مِيَانَه : بكسر أوله وقد يفتح ، وبعد الألف نون ، والنسبة إليه ميانجي كالذي قبله : وهو بلد بأذربيجان معناه بالفارسية الوسط وإنما سمي بذلك لأنه متوسط بين مراغة وتبريز ، وأنا رأيتها وهو منها مثل زاوية إحدى المثلّثات ، وقد نسب إليها القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الميانجي قاضي همذان استشهد بها ، رحمه الله ، وولده أبو بكر محمد وولده عين القضاة عبد الله بن محمد كان له فضل وفقه وكان بليغا شاعرا متكلما تمالأ عليه أعداء له فقتل صبرا ، كما ذكرنا في كتابنا أخبار الأدباء.

المِيَاهُ : يقال لها بالفارسية الماشية : باليمامة ، قال أبو زياد : وللوعليّين وهم آل وعلة الجرميّون حلفاء بني نمير المياه مياه الماشية البئر والبئر إلى أجبال يقال لها المعانيق.

مِيَاهٌ : بكسر أوله ، وآخره هاء خالصة ، جمع ماء وتصغيره مويه والنسبة إليها ماهيّ : موضع في بلاد عذرة قرب الشام. ووادي المياه : من أكرم ماء بنجد لبني نفيل بن عمرو بن كلاب ، قال أعرابيّ ، وقيل مجنون ليلى :

ألا لا أرى وادي المياه يثيب ،

ولا القلب عن وادي المياه يطيب

أحبّ هبوط الواديين وإنني

لمستهزأ بالواديين غريب (١)

وما عجب موت المحبّ صبابة ،

ولكن بقاء العاشقين عجيب

دعاك الهوى والشوق لمّا ترنمت

هتوف الضحى بين الغصون طروب

تجاوبها ورق أغنّ لصوتها ،

فكلّ لكلّ مسعد ومجيب (٢)

ألا يا حمام الأيك ما لك باكيا ،

أفارقت إلفا أم جفاك حبيب؟

مَيْبُذُ : بالفتح ثم السكون ، وضم الباء الموحدة ، وذال معجمة : بلدة من نواحي أصبهان بها حصن حصين ، وقيل إنها من نواحي يزد ، ينسب إليها من المتأخرين عبد الرشيد بن علي بن محمد أبو محمد الميبذي ، سمع بأصبهان الكثير وصحب أبا موسى الحافظ وكتب عنه وعن طبقته وقدم بغداد حاجّا فسمع بها من أصحاب ابن بنان وابن الحصر وغيرهم وحدث بها عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سال الملقب بترك وعاد إلى بلده وحدث بها وكان له فهم

__________________

(١) عجز البيت غامض ، ولعل فيه تحريفا.

(٢) صدر البيت غامض ، ولعل فيه تحريفا.

٢٤٠