معجم البلدان - ج ٥

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٥

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦١

على الحائط وجعلت لمن يصعد إليها ويأتيني بخبرها عشرة آلاف درهم ، فانتدب لذلك رجل من أصحابي ثم تسنّم السلّم وهو يتعوّذ ويقرأ ، فلما صار على سورها وأشرف على ما فيها قهقه ضاحكا ثم نزل إليها فناديناه : أخبرنا بما عندك وبما رأيته ، فلم يجبنا ، فجعلت أيضا لمن يصعد إليها ويأتيني بخبرها وخبر الرجل ألف دينار ، فانتدب رجل من حمير فأخذ الدنانير فجعلها في رحله ثم صعد فلما استوى على السور قهقه ضاحكا ثم نزل إليها فناديناه : أخبرنا بما وراءك وما الذي ترى ، فلم يجبنا ، ثم صعد ثالث فكانت حاله مثل حال اللذين تقدماه فامتنع أصحابي بعد ذلك من الصعود وأشفقوا على أنفسهم ، فلما أيست ممن يصعد ولم أطمع في خبرها رحلت نحو البحيرة وسرت مع سور المدينة فانتهيت إلى مكان من السور فيه كتابة بالحميرية فأمرت بانتساخها فكانت هذه :

ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن

يرجو الخلود وما حيّ بمخلود

لو أن حيّا ينال الخلد في مهل

لنال ذاك سليمان بن داود

سالت له العين عين القطر فائضة

فيه عطاء جليل غير مصرود

وقال للجنّ : أنشوا فيه لي أثرا

يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يودي

فصيّروه صفاحا ثم ميل به

إلى البناء بإحكام وتجويد

وأفرغوا القطر فوق السور منحدرا

فصار صلبا شديدا مثل صيخود

وصبّ فيه كنوز الأرض قاطبة ،

وسوف تظهر يوما غير محدود

لم يبق من بعدها في الأرض سابغة

حتى تضمّن رمسا بطن أخدود

وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا

مضمنّا بطوابيق الجلاميد

هذا ليعلم أن الملك منقطع

إلا من الله ذي التقوى وذي الجود

ثم سرت حتى وافيت البحيرة عند غروب الشمس فإذا هي مقدار ميل في ميل وهي كثيرة الأمواج وإذا رجل قائم فوق الماء فناديناه : من أنت؟ فقال : أنا رجل من الجن كان سليمان بن داود حبس ولدي في هذه البحيرة فأتيته لأنظر ما حاله ، قلنا له : فما بالك قائما على وجه الماء؟ قال : سمعت صوتا فظننته صوت رجل يأتي هذه البحيرة في كل عام مرة فهذا أوان مجيئه فيصلي على شاطئها أياما ويهلل الله ويمجده ، قلنا : فمن تظنه؟ قال : أظنه الخضر ، عليه السلام ، ثم غاب عنّا فلم ندر أين أخذ فبتنا تلك الليلة على شاطئ البحيرة وقد كنت أخرجت معي عدة من الغواصين فغاضوا في البحيرة فأخرجوا منها حبّا من صفر مطبقا رأسه مختوما برصاص فأمرت به ففتح فخرج منه رجل من صفر على فرس من صفر بيده مطرد من صفر فطار في الهواء وهو يقول : يا نبي الله لا أعود ، ثم غاصوا ثانية وثالثة فأخرجوا مثل ذلك فضجّ أصحابي وخافوا أن ينقطع بهم الزاد فأمرت بالرحيل وسلكت الطريق التي كنت أخذت فيها وأقبلت حتى نزلت القيروان ، والحمد لله الذي حفظ لأمير المؤمنين أموره وسلّم له جنوده! فلما قرأ عبد الملك هذا الكتاب كان عنده الزهري فقال له : ما تظن بأولئك الذين صعدوا السور كيف استطيروا من السور وكيف كان حالهم؟ قال الزهري :

٨١

خبّلوا يا أمير المؤمنين فاستطيروا لأن بتلك المدينة جنّا قد وكلّوا بها ، قال : فمن أولئك الذين كانوا يخرجون من تلك الحباب ويطيرون؟ قال : أولئك الجنّ الذين حبسهم سليمان بن داود ، عليه السّلام ، في البحار.

مَدينَةُ نَسَفَ : وقد ذكرنا نسف في موضعها ، ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو محمد حامد بن شاكر ابن سورة بن ونوشان الورّاق المديني النسفي ، رجل ثقة جليل ، روى عن محمد بن إسماعيل البخاري الجامع الصحيح ، وروى عن أبي موسى الترمذي وغيرهما ، سمع منه أبو يعلى عبد المؤمن بن خلف النسفي كتاب الصحيح ، ومات سنة ٣١١ في ذي القعدة.

مدينة نَيْسابُور : فهذه ومدينة مرو ومدينة سمرقند ليست بأعلام فيما أحسب إنما هي واحد من الجنس غلب على المنسوبين إليها للتمييز بينهم وبين من هم من الرستاق فأما الباقي فهي أعلام لا تعرف إلا بذلك ، وقد نسب إلى هذه أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عمارة المديني ، سمع إسحاق بن راهويه ومحمد بن رافع وغيرهما ، ومحمد بن نعيم بن عبد الله أبو بكر النيسابوري المديني ، سمع قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وغيرهما ، روى عنه من الأقران محمد بن إسماعيل البخاري وأبو العباس السرّاج وبعدهما أبو حامد بن الشرقي ومكّي ابن عبدان ، وسليمان بن محمد بن ناجية المديني ، روى عن أحمد بن سلمة النيسابوري ، ومحمد بن محمد بن سعد بن أيوب أبو الحسن المديني ، سمع أبا بكر بن خزيمة وأبا العباس السرّاج ، روى عنه والذي قبله الحاكم أبو عبد الله.

مَدينَةُ يَثْرِبَ : قال المنجمون : طول المدينة من جهة المغرب ستون درجة ونصف ، وعرضها عشرون درجة ، وهي في الإقليم الثاني ، وهي مدينة الرسول ، صلّى الله عليه وسلّم ، نبدأ أولا بصفتها مجملا ثم نفصّل ، أما قدرها فهي في مقدار نصف مكة ، وهي في حرّة سبخة الأرض ولها نخيل كثيرة ومياه ، ونخيلهم وزروعهم تسقى من الآبار عليها العبيد ، وللمدينة سور والمسجد في نحو وسطها ، وقبر النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، في شرقي المسجد وهو بيت مرتفع ليس بينه وبين سقف المسجد إلا فرجة وهو مسدود لا باب له وفيه قبر النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وقبر أبي بكر وقبر عمر ، والمنبر الذي كان يخطب عليه رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، قد غشي بمنبر آخر والروضة أمام المنبر بينه وبين القبر ومصلّى النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، الذي كان يصلّي فيه الأعياد في غربي المدينة داخل الباب وبقيع الغرقد خارج المدينة من شرقيّها وقباء خارج المدينة على نحو ميلين إلى ما يلي القبلة ، وهي شبيهة بالقرية ، وأحد جبل في شمال المدينة ، وهو أقرب الجبال إليها مقدار فرسخين ، وبقربها مزارع فيها نخيل وضياع لأهل المدينة ، ووادي العقيق فيما بينها وبين الفرع ، والفرع من المدينة على أربعة أيام في جنوبيّها ، وبها مسجد جامع ، غير أن أكثر هذه الضياع خراب وكذلك حوالي المدينة ضياع كثيرة أكثرها خراب وأعذب مياه تلك الناحية آبار العقيق ، ذكر ابن طاهر بإسناده إلى محمد بن إسماعيل البخاري قال : المديني هو الذي أقام بالمدينة ولم يفارقها ، والمدني الذي تحول عنها وكان منها ، والمشهور عندنا أن النسبة إلى مدينة الرسول مدنيّ مطلقا وإلى غيرها من المدن مدينيّ للفرق لا لعلة أخرى ، وربما ردّه بعضهم إلى الأصل فنسب إلى مدينة الرسول أيضا مدينيّ ، وقال

٨٢

الليث : المدينة اسم لمدينة رسول الله خاصة والنسبة للإنسان مدنيّ ، فأما العير ونحوه فلا يقال إلا مدينيّ ، وعلى هذه الصيغة ينسب أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي المعروف بابن المديني ، كان أصله من المدينة ونزل البصرة وكان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، والمقدّم في حفّاظ وقته ، روى عن سفيان بن عيينة وحمّاد بن زيد وكتب عن الشافعي كتاب الرسالة وحملها إلى عبد الرحمن بن مهدي وسمع منه ومن جرير بن عبد الحميد وعبد العزيز الدراوردي وغيرهم من الأئمة ، روى عنه أحمد بن حنبل ومحمد بن سعيد البخاري وأحمد بن منصور الرّمادي ومحمد بن يحيى الذّهلي وأبو أحمد المرئيّ وغيرهم من الأئمة ، وقال البخاري : ما انتفعت عند أحد إلا عند علي بن المديني ، وكان مولده سنة ١٦١ بالبصرة ، ومات بسامرّاء وقيل بالبصرة ليومين بقيا من ذي القعدة سنة ٢٣٤ ، ولهذه المدينة تسعة وعشرون اسما ، وهي : المدينة ، وطيبة ، وطابة ، والمسكينة ، والعذراء ، والجابرة ، والمحببة ، والمحببة ، والمحبورة ، ويثرب ، والناجية ، والموفية ، وأكّالة البلدان ، والمباركة ، والمحفوفة ، والمسلمة ، والمجنة ، والقدسية ، والعاصمة ، والمرزوقة ، والشافية ، والخيرة ، والمحبوبة ، والمرحومة ، وجابرة ، والمختارة ، والمحرمة ، والقاصمة ، وطبابا ، وروي في قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ، قالوا : المدينة ومكة ، وكان على المدينة وتهامة في الجاهلية عامل من قبل مرزبان الزارة يجبي خراجها وكانت قريظة والنضير اليهود ملوكا حتى أخرجهم منها الأوس والخزرج من الأنصار ، كما ذكرناه في مأرب ، وكانت الأنصار قبل تؤدي خراجا إلى اليهود ، ولذلك قال بعضهم :

نؤدي الخرج بعد خراج كسرى

وخرج بني قريظة والنضير

وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : من صبر على أوار المدينة وحرّها كنت له يوم القيامة شفيعا شهيدا ، وقال ، صلى الله عليه وسلم ، حين توجّه إلى الهجرة : اللهم إنك قد أخرجتني من أحبّ أرضك إليّ فأنزلني أحب أرض إليك ، فأنزله المدينة ، فلما نزلها قال : اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا واسعا ، وقال ، عليه الصلاة والسلام : من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل فإنه من مات بها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة ، وعن عبد الله بن الطّفيل : لما قدم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة وثب على أصحابه وباء شديد حتى أهمدتهم الحمّى فما كان يصلي مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إلا اليسير فدعا لهم وقال : اللهم حبّب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما كان بها من وباء بخمّ ، وفي خبر آخر : اللهم حبّب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشدّ وصححها وبارك لنا في صاعها ومدّها وانقل حمّاها إلى الجحفة ، وقد كان همّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، أن ينتقل إلى الحمى لصحته ، وقال : نعم المنزل الحمى لو لا كثرة حيّاته ، وذكر العرض وناحيته فهمّ به وقال : هو أصح من المدينة ، وروي عنه ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال عن بيوت السّقيا : اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك ورسولك دعاك لأهل مكة وإن محمدا عبدك ونبيك ورسولك يدعوك لأهل المدينة بمثل ما دعاك إبراهيم أن تبارك في صاعهم ومدهم وثمارهم ، اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة واجعل ما بها من وباء بخمّ ، اللهم إني قد

٨٣

حرّمت ما بين لابتيها كما حرّم إبراهيم خليلك ، وحرّم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، شجر المدينة بريدا في بريد من كل ناحية ورخّص في الهش وفي متاع الناضح ونهى عن الخبط وأن يعضد ويهصر ، وكان أول من زرع بالمدينة واتخذ بها النخل وعمّر بها الدور والآطام واتخذ بها الضياع العماليق وهم بنو عملاق بن أرفخشد بن سام بن نوح ، عليه السّلام ، وقيل في نسبهم غير ذلك مما ذكر في هذا الكتاب ، ونزلت اليهود بعدهم الحجاز وكانت العماليق ممن انبسط في البلاد فأخذوا ما بين البحرين وعمان والحجاز كلّه إلى الشام ومصر ، فجبابرة الشام وفراعنة مصر منهم ، وكان منهم بالبحرين وعمان أمّة يسمون جاسم ، وكان ساكنو المدينة منهم بنو هفّ وسعد ابن هفّان وبنو مطرويل ، وكان بنجد منهم بنو بديل بن راحل وأهل تيماء ونواحيها ، وكان ملك الحجاز الأرقم بن أبي الأرقم ، وكان سبب نزول اليهود بالمدينة وأعراضها أن موسى بن عمران ، عليه السلام ، بعث إلى الكنعانيّين حين أظهره الله تعالى على فرعون فوطئ الشام وأهلك من كان بها منهم ثم بعث بعثا آخر إلى الحجاز إلى العماليق وأمرهم أن لا يستبقوا أحدا ممن بلغ الحلم إلا من دخل في دينه ، فقدموا عليهم فقاتلوهم فأظهرهم الله عليهم فقتلوهم وقتلوا ملكهم الأرقم وأسروا ابنا له شابّا جميلا كأحسن من رأى في زمانه فضنّوا به عن القتل وقالوا : نستحييه حتى نقدم به على موسى فيرى فيه رأيه ، فأقبلوا وهو معهم وقبض الله موسى قبل قدومهم فلما قربوا وسمع بنو إسرائيل بذلك تلقوهم وسألوهم عن أخبارهم فأخبروهم بما فتح الله عليهم ، قالوا : فما هذا الفتى الذي معكم؟ فأخبروهم بقصته ، فقالوا : إن هذه معصية منكم لمخالفتكم أمر نبيكم ، والله لا دخلتم علينا بلادنا أبدا ، فحالوا بينهم وبين الشام ، فقال ذلك الجيش : ما بلد إذ منعتم بلدكم خير لكم من البلد الذي فتحتموه وقتلتم أهله فارجعوا إليه ، فعادوا إليها فأقاموا بها فهذا كان أول سكنى اليهود الحجاز والمدينة ، ثم لحق بهم بعد ذلك بنو الكاهن بن هارون ، عليه السلام ، فكانت لهم الأموال والضياع بالسافلة ، والسافلة ما كان في أسفل المدينة إلى أحد ، وقبر حمزة والعالية ما كان فوق المدينة إلى أحد ، وقبر حمزة والعالية ما كان فوق المدينة إلى مسجد قباء وما إلى ذلك إلى مطلع الشمس ، فزعمت بنو قريظة أنهم مكثوا كذلك زمانا ثم إن الروم ظهروا على الشام فقتلوا من بني إسرائيل خلقا كثيرا فخرج بنو قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون الحجاز الذي فيه بنو إسرائيل ليسكنوا معهم ، فلما فصلوا من الشام وجّه ملك الروم في طلبهم من يردّهم فأعجزوا رسله وفآتوهم وانتهى الروم إلى ثمد بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشا فسمي ذلك الموضع ثمد الروم فهو معروف بذلك إلى اليوم ، وذكر بعض علماء الحجاز من اليهود أن سبب نزولهم المدينة أن ملك الروم حين ظهر على بني إسرائيل وملك الشام خطب إلى بني هارون وفي دينهم أن لا يزوّجوا النصارى فخافوه وأنعموا له وسألوه أن يشرّفهم بإتيانه ، فأتاهم ففتكوا به وبمن معه ثم هربوا حتى لحقوا بالحجاز وأقاموا بها ، وقال آخرون : بل علماؤهم كانوا يجدون في التوراة صفة النبيّ ، صلى الله عليه وسلّم ، وأنه يهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرّتين ، فأقبلوا من الشام يطلبون الصفة حرصا منهم على اتباعه ، فلما رأوا تيماء وفيها النخل عرفوا صفته وقالوا : هو البلد الذي نريده ، فنزلوا وكانوا أهله حتى أتاهم تبّع فأنزل معهم بني عمرو بن عوف ، والله أعلم أيّ ذلك كان ، قالوا : فلما كان من سيل العرم ما كان ،

٨٤

كما ذكرناه في مأرب ، قال عمرو بن عوف : من كان منكم يريد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل ، المدركات بالدّخل ، فليلحق بيثرب ذات النخل ، وكان الذين اختاروها وسكنوها الأنصار وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد وأمهم في قول ابن الكلبي قيلة بنت الأرقم بن عمرو ابن جفنة ، ويقال : قيلة بنت هالك بن عذرة من قضاعة ، وقال غيره : قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة ولذلك سمي بنو قيلة فأقاموا في مكانهم على جهد وضنك من العيش ، وكان ملك بني إسرائيل يقال له الفيطوان ، وفي كتاب ابن الكلبي : الفطيون ، بكسر الفاء والياء بعد الطاء ، وكانت اليهود والأوس والخزرج يدينون له ، وكانت له فيهم سنّة الّا تزوّج امرأة منهم إلا أدخلت عليه قبل زوجها حتى يكون هو الذي يفتضّها إلى أن زوّجت أخت لمالك بن العجلان بن زيد السالمي الخزرجي ، فلما كانت الليلة التي تهدى فيها إلى زوجها خرجت على مجلس قومها كاشفة عن ساقيها وأخوها مالك في المجلس ، فقال لها : قد جئت بسوءة بخروجك على قومك وقد كشفت عن ساقيك ، قالت : الذي يراد بي الليلة أعظم من ذلك لأنني أدخل على غير زوجي ، ثم دخلت إلى منزلها فدخل إليها أخوها وقد أرمضه قولها فقال لها : هل عندك من خير؟ قالت : نعم ، فما ذا؟ قال : أدخل معك في جملة النساء على الفطيون فإذا خرجن من عندك ودخل عليك ضربته بالسيف حتى يبرد ، قالت : افعل ، فتزيّا بزيّ النساء وراح معها فلما خرج النساء من عندها دخل الفطيون عليها فشدّ عليه مالك بن العجلان بالسيف وضربه حتى قتله وخرج هاربا حتى قدم الشام فدخل على ملك من ملوك غسّان يقال له أبو جبيلة ، وفي بعض الروايات أنه قصد اليمن إلى تبّع الأصغر ابن حسّان فشكا إليه ما كان من الفطيون وما كان يعمل في نسائهم وذكر له أنه قتله وهرب وأنه لا يستطيع الرجوع خوفا من اليهود ، فعاهده أبو جبيلة أن لا يقرب امرأة ولا يمسّ طيبا ولا يشرب خمرا حتى يسير إلى المدينة ويذلّ من بها من اليهود ، وأقبل سائرا من الشام في جمع كثير مظهرا أنه يريد اليمن حتى قدم المدينة ونزل بذي حرض ثم أرسل إلى الأوس والخزرج أنه على المكر باليهود عازم على قتل رؤسائهم وأنه يخشى متى علموا بذلك أن يتحصّنوا في آطامهم وأمرهم بكتمان ما أسرّه إليهم ثم أرسل إلى وجوه اليهود أن يحضروا طعامه ليحسن إليهم ويصلهم ، فأتاه وجوههم وأشرافهم ومع كل واحد منهم خاصّته وحشمه ، فلما تكاملوا أدخلهم في خيامه ثم قتلهم عن آخرهم فصارت الأوس والخزرج من يومئذ أعزّ أهل المدينة وقمعوا اليهود وسار ذكرهم وصار لهم الأموال والآطام ، فقال الرّمق بن زيد بن غنم بن سالم بن مالك بن سالم ابن عوف بن الخزرج يمدح أبا جبيلة :

لم يقض دينك مل حسا

ن وقد غنيت وقد غنينا

الراشقات المرشقا

ت الجازيات بما جزينا

أشباه غزلان الصّرا

ثم يأتزرن ويرتدينا

الرّيط والديباج وال

حلي المضاعف والبرينا

وأبو جبيلة خير من

يمشي وأوفاهم يمينا

٨٥

وأبرّهم برّا وأع

لمهم بفضل الصالحينا

أبقت لنا الأيام وال

حرب المهمّة يعترينا

كبشا له زرّ يف

لّ متونها الذّكر السّنينا

ومعاقلا شمّا وأس

يافا يقمن وينحنينا

ومحلّة زوراء تج

حف بالرجال الظالمينا

ولعنت اليهود مالك بن العجلان في كنائسهم وبيوت عبادتهم ، فبلغه ذلك فقال :

تحايا اليهود بتلعانها

تحايا الحمير بأبوالها

وما ذا عليّ بأن يغضبوا

وتأتي المنايا باذلالها!

وقالت سارة القرظية ترثي من قتل من قومها :

بأهلي رمّة لم تغن شيئا

بذي حرض تعفّيها الرياح

كهول من قريظة أتلفتهم

سيوف الخزرجية والرماح

ولو أذنوا بأمرهم لحالت

هنالك دونهم حرب رداح

ثم انصرف أبو جبيلة راجعا إلى الشام وقد ذلّل الحجاز والمدينة للأوس والخزرج فعندها تفرّقوا في عالية المدينة وسافلتها فكان منهم من جاء إلى القرى العامرة فأقام مع أهلها قاهرا لهم ، ومنهم من جاء إلى عفا من الأرض لا ساكن فيه فبنى فيه ونزل ثم اتخذوا بعد ذلك القصور والأموال والآطام ، فلما قدم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، من مكة إلى المدينة مهاجرا أقطع الناس الدور والرباع فخطّ لبني زهرة في ناحية من مؤخر المسجد فكان لعبد الرحمن ابن عوف الحصن المعروف به وجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليّين الخطّة المشهورة بهم عند المسجد وأقطع الزبير بن العوّام بقيعا واسعا وجعل لطلحة بن عبيد الله موضع دوره ولأبي بكر ، رضي الله عنه ، موضع داره عند المسجد ، وأقطع كل واحد من عثمان بن عفّان وخالد بن الوليد والمقداد وعبيد والطفيل وغيرهم مواضع دورهم ، فكان رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، يقطع أصحابه هذه القطائع فما كان في عفا من الأرض فإنه أقطعهم إياه وما كان من الخطط المسكونة العامرة فإن الأنصار وهبوه له فكان يقطع من ذلك ما شاء ، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان فوهب له ذلك وأقطعه ، وأما مسجد النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال ابن عمر : كان بناء المسجد على عهد رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وسقفه جريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا فزاد فيه عمر وبناه على ما كان من بنائه ثم غيّره عثمان وبناه بالحجارة المنقوشة والقصّة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه ساجا وزاد فيه. وكان لما بناه رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، جعل له بابين شارعين باب عائشة والباب الذي يقال له باب عاتكة وبابا في مؤخر المسجد يقال له باب مليكة وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل ، وكان طول المسجد مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز زاد في القبلة من موضع المقصورة اليوم ، وكان بين المنبر وبين الجدار في عهد النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، قدر ما تمرّ الشاة ، وكان طول المسجد في عهد عمر ،

٨٦

رضي الله عنه ، مائة وأربعين ذراعا وارتفاعه أحد عشر ذراعا ، وكان بنى أساسه بالحجارة إلى أن بلغ قامة وجعل له ستة أبواب وحصّنه ، وروي أن عمر أول من حصّن المسجد وبناه سنة ١٧ حين رجع من سرع وجعل طول جداره من خارج ستة عشر ذراعا ، وكان أول عمل عثمان إياه في شهر ربيع الأول سنة ٢٩ وفرغ من بنائه في المحرم سنة ٣٠ فكانت مدة عمله عشرة أشهر وقتل عثمان وليس له شرّافات فعملها والمحراب عمر بن عبد العزيز ، ولما ولي الوليد بن عبد الملك واستعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة أمره بهدم المسجد وبنائه فاستعمل عمر على ذلك صالح بن كيسان وكتب الوليد إلى ملك الروم يطلب منه عمّالا وأعلمه أنه يريد عمارة مسجد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فبعث إليه أربعين رجلا من الروم وأربعين من القفط ووجّه إليه أربعين ألف مثقال ذهبا وأحمالا من الفسيفساء ، فهدم الروم والقفط المسجد وخمّروا النورة للفسيفساء سنة وحملوا القصّة من بطن نخل وعملوا الأساس بالحجارة والجدار والأساطين بالحجارة المطابقة وجعلوا عمد المسجد حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص ، وجعل عمر المحراب والمقصورة من ساج وكان قبل ذلك من حجارة وجعل طول المسجد مائتي ذراع وعرضه في مقدمه مائتين وفي مؤخره مائة وثمانين وهو سقف دون سقف ، قال صالح بن كيسان : ابتدأت بهدم المسجد في صفر سنة ٨٧ وفرغت منه لانسلاخ سنة ٨٩ فكانت مدة عمله ثلاث سنين ، وكان طوله يومئذ مائتي ذراع في مثلها فلم يزل كذلك حتى كان المهدي فزاد في مؤخره مائة ذراع وترك عرضه مائتي ذراع على ما بناه عمر بن عبد العزيز ، وأما عبد الملك بن شبيب الغساني في سنة ١٦٠ فأخذ في عمله وزاد في مؤخره ثم زاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسّعه ، وقرئ على موضع زيادة المأمون : أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، سنة ٢٠٢ طلب ثواب الله وطلب كرامة الله وطلب جزاء الله فإن الله عنده ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا ، والمؤذنون في مسجد المدينة من ولد سعد الفرط مولى عمّار بن ياسر ، ومن خصائص المدينة أنها طيبة الريح وللعطر فيها فضل رائحة لا توجد في غيرها وتمرها الصّيحاني لا يوجد في بلد من البلدان مثله ، ولهم حب اللبان ومنها يحمل إلى سائر البلدان ، وجبلها أحد قد فضّله رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : أحد جبل يحبنا ونحبه وهو على باب من أبواب الجنة ، وحرّم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، شجر المدينة بريدا في بريد من كل ناحية ، واستعمل على الحمى بلال بن الحارث المزني فأقام عليه حياة رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية وفي أيامه مات ، وكان عمر بن عبد العزيز يقول : لأن أوتى برجل يحمل خمرا أحب إليّ من أن أوتى به وقد قطع من الحرم شيئا ، وكان عمر بن الخطاب ينهى أن يقطع العضاه فتهلك مواشي الناس وهو يقول لهم عصمة ، وأخبار مدينة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كثيرة وقد صنف فيها وفي عقيقها وأعراضها وجبالها كتب ليس من شرطنا ذكرها إلا على ترتيب الحروف وقد فعلنا ذلك ، وفيما ذكرناه مما يخصها كفاية ، والله يحسن لنا العافية ولا يحرمنا ثواب حسن النية في الإفادة والاستفادة بحق محمد وآله ، وأما المسافات فإن من المدينة إلى مكة نحو عشر مراحل ، ومن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة ، وطريق البصرة إلى المدينة نحو من ثماني عشرة مرحلة ويلتقي مع طريق الكوفة بقرب

٨٧

معدن النقرة ، ومن الرّقّة إلى المدينة نحو من عشرين مرحلة ، ومن البحرين إلى المدينة نحو خمس عشرة مرحلة ، ومن دمشق إلى المدينة نحو عشرين مرحلة ومثله من فلسطين إلى المدينة على طريق الساحل ، ولأهل مصر وفلسطين إذا جاوزوا مدين طريقان إلى المدينة أحدهما على شغب وبدا وهما قريتان بالبادية كان بنو مروان أقطعوهما الزهريّ المحدّث وبها قبره ، حتى ينتهي إلى المدينة على المروة ، وطريق يمضي على ساحل البحر حتى يخرج بالجحفة فيجتمع بهما طريق أهل العراق وفلسطين ومصر.

باب الميم والذال وما يليهما

المَذَادُ : بالفتح ، وآخره دال مهملة ، وهو اسم المكان من ذاده يذوده إذا طرده ، قال ابن الأعرابي : المذاد والمزاد المرتفع : موضع بالمدينة حيث حفر الخندق النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، قال كعب بن مالك :

فليأت مأسدة تسلّ سيوفها

بين المذاد وبين جزع الخندق

وقيل : المذاد واد بين سلع وخندق المدينة.

المَذَارُ : بالفتح ، وآخره راء ، وهي عجمية ولها مخرج في العربية أن يكون اسم مكان من قولهم ذره وهو يذره ولا يقال وذرته ، أماتت العرب ماضيه ، أي دعه وهو يدعه ، فميمه على هذا زائدة ، ويجوز أن تكون الميم أصلية فيكون من مذرت البيضة إذا فسدت ، ومذرت نفسه أي خبثت وغثّت ، والمذار : في ميسان بين واسط والبصرة وهي قصبة ميسان ، بينها وبين البصرة مقدار أربعة أيام ، وبها مشهد عامر كبير جليل عظيم قد أنفق على عمارته الأموال الجليلة وعليه الوقوف وتساق إليه النذور ، وهو قبر عبد الله بن علي بن أبي طالب ، ويقال إن الحريري أبا محمد القاسم بن علي صاحب المقامات قد مات بها ، وأهلها كلهم شيعة غلاة طغام أشبه شيء بالأنعام ، وفيه قال الشاعر :

أيها الصّلصل المغذّ إلى المد

فع من نهر معقل فالمذار

وكان قد فتحها عتبة بن غزوان في أيام عمر بن الخطاب بعد البصرة ، قال البلاذري : ولما فتح عتبة بن غزوان الأبلّة سار إلى الفرات فلما فرغ منها سار إلى المذار فخرج إليه مرزبانها فقاتله فهزمه الله وغرق عامّة من معه وأخذ مرزبانها فضرب عنقه ثم سار إلى دستميسان ، وكانت بالمذار وقعة لمصعب بن الزبير على أحمد بن سميط النخلي ، ينسب إليها جماعة ، منهم : محمد بن أحمد بن زيد المذاري ، حدث عن عمرو بن عاصم الكلابي ، روى عنه أحمد بن يحيى ابن زهير التستري ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي وغيرهما ، وأبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عثمان المذاري ، سكن والده بغداد وبها ولد أبو الحسن ، وسمع الحديث من أبي طالب علي ابن طالب المكي مولى يعلى بن الفراء ، وحدث عن أبي الحسين محمد بن الحسين بن موسى بن حمزة بن أبي يعلى وغيرهم ، ومات سنة ٥٨٥ ، روى عنه أبو المعمّر الأنصاري ويحيى بن أسعد بن نوش ، ومولده سنة ٥١٦ ، وأخوه أبو المعالي أحمد ، سمع من أبي علي البنّاء وأبي القاسم علي بن أحمد الميسري في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ٥٤٦ ، وأخوهما أبو السعود عبد الرحمن بن محمد ، حدث عن عاصم بن الحسن ومطهّر ابن أحمد بن البانياسية.

٨٨

المَذَارِعُ : بلفظ جمع مذرعة : وهي البلاد التي بين الريف والبر مثل القادسية والأنبار ، ومذارع البصرة : نواحيها.

المَذَاهِبُ : من نواحي المدينة في شعر ابن هرمة :

ومنها بشرقيّ المذاهب دمنة

معطّلة آياتها لم تغيّر

فصرنا بها لمّا عرفنا رسومها

أزمّة سمحات المعاطف ضمّر

مَذْحِجُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الحاء المهملة ، وجيم ، قال ابن دريد : ذحجه وسحجه بمعنى ، قال : ذحجته الريح أي جرّته ، قال ابن الأعرابي : ولد أدد بن زيد بن يشجب مرّة والأشعر وأمهما ذلّة بنت ذي منشجان الحميري فهلكت فخلف على أختها مذلّة بنت ذي منشجان فولدت له مالكا وطيّئا واسمه جلهمة ثم هلك أدد فلم تتزوج مذلة وأقامت على ولدها مالك وطيّء فقيل أذحجت على ولدها أي أقامت فسمي مالك وطيّء مذحجا ، قال ابن الكلبي : ولد أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان مرّة ونبتا وهو الأشعر ومالكا وجلهمة وهو طيّء وأمهما ذلة بنت ذي منشجان وهي مذحج وكانت قد ولدتهما عند أكمة يقال لها مذحج فلقبت بها فولد مالك وطيّء كلهم يقال لهم مذحج وليس من ولد مرة من يقال له مذحجي كما قال ابن الأعرابي ، وقال ابن إسحاق : مذحج بن يحابر بن مالك بن زيد بن كهلان ، ولم يتابع على ذلك ، وقد ذهب قوم إلى أن طيّئا ليست من مذحج وأن مذحجا ولد مالك بن أدد فقط ، فعلى قول ابن الكلبي بنو الحارث بن كعب كلهم وسعد العشيرة وجعفي والنّخع ومراد وجنب وصدا ورها وعنس ، بالنون ، كلّ هؤلاء من ولد مالك بن أدد ، وطيّء على شعب قبائلها كلها من مذحج ، والكلام في شعب هذه القبائل ليس كتابي هذا مؤسسا عليه ولي عزم إن ساعدني الأجل ومدّ بضبعي التوفيق أن أعمل فيه كتابا شافيا سهل المأخذ حتى لا يفتقر النّساب بعده إلى غيره.

المَذَرُ : بالتحريك ، وآخره راء ، المذر : التفرقة ، ومنه قولهم : شذر مذر ، ويقال : الماء إذا صب على اللبن يتمذّر أي يتفرّق ، ومذرت البيضة مذرا إذا فسدت : وهو اسم جبل أو واد.

المُذَرّى : جبل بأجإ أحد الجبلين ، قال كثير :

وحضّ الذي ولّى على الصبر والتقى ،

ولم يهمم البالي بأن يتخشّعا

ولو نزلت مثل الذي نزلت به

بركن المذرّى من أجا لتصدّعا

مَذْرُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وراء ، يصلح أن يشتقّ من الذي قبله ، وهو عجمي : من قرى بلخ.

مِذْعَرٌ : بالكسر ، وفتح العين ، وهو من الذعر وهو الفزع إلا أن كسر ميمه في المكان شاذّ لأنه من شروط الآلات : وهو اسم ماء لبني جعفر بن كلاب.

مِذْعَى : بالكسر ثم السكون ، والقصر ، قالوا : والمذع السيلان من العيون التي في شعفات الجبال : وهو ماء لغنيّ بينه وبين ماء لهم يقال له زقا قدر ضحوة ، قال إلا أن مذعى لبني جعفر اشتروها من بعض بني غنيّ ، قال بعضهم :

يهددني ليأخذ حفر مذعى ،

ودون الحفر غول للرجال

وبين مذعى واللّقيطة يومان ، قال بعضهم :

٨٩

أشاقتك المنازل بين مذعى

إلى شعر فأكناف الكؤود؟

قال أبو زياد : إذا خرج عامل بني كلاب مصدقا من المدينة فأول منزل ينزله يصدق عليه أريكة ثم العناقة ثم يرد مذعى لبني جعفر ثم يرد الصّلوق ، وعلى مذعى عظيم بني جعفر وكعب بن مالك وغاضرة بن صعصعة.

مِذْفار : بالكسر ثم السكون ، والفاء ، وآخره راء ، وهو منقول من الذّفر وهو حدة الرائحة طيبة كانت أو خبيثة ، وليس باسم المكان منه ، ولو كان كذلك لكان مذفر ، بالفتح ، فهو مثل المقراض من القرض كأنّ شيئا من الآلة المنقولة سمي به ثم نقل إلى هذا المكان : وهو اسم موضع في قول الهذلي :

لهامهم بمذفار صياح

يدعّي بالشراب بني تميم

وهذا كقول الآخر :

يا عمرو إن لم تدع شتمي ومنقصتي

أضربك حتى تقول الهامة اسقوني

المِذْنَبُ : جبل ، وقال الحفصي : المذنب قرية لبني عامر باليمامة في شعر لبيد ، قال :

طرب الفؤاد ، وليته لم يطرب ،

وعناه ذكرى خلّة لم تصقب

سفها ، ولو أني أطيع عواذلي

فيما يشرن به بسفح المذنب

لزجرت قلبا لا يريع لزاجر ،

إنّ الغويّ إذا غوى لم يعتب

مِذْوَد : بالكسر ثم السكون ، وفتح الواو ، ودال مهملة ، مذود الثور الوحشي : قرنه يذود به عن نفسه ، ومذود الرّجل لسانه مثله ، والمذود : معلف الدابّة ، ومذود : جبل ، قال أبو دؤاد الإيادي في ذلك يصف فرسا :

يتبعن مشترفا ترمي دوابره

رمي الأكفّ بترب الهائل الخصب

كأنّ هاديه جذع برايته

من نخل مذود في باق من الشّذب

وهذا يدل على أنه موضع معمور فيه نخل لا جبل ، فإن النخل ليس من نبات الجبال.

مَذْيَامْجَكَث : بالفتح ثم السكون ، وياء مثناة من تحت ، وميم ساكنة ، وجيم مفتوحة ، وكاف مفتوحة ، وثاء مثلثة : قرية من قرى كرمينية من أعمال سمرقند.

مَذْيَانْكَن : بالفتح ثم السكون ، وياء مثناة من تحت ، ونون ساكنة بعد الألف يلتقي فيها ساكنان ، وفتح الكاف ، ونون : قرية من قرى بخارى.

مُذَيّح : بضم أوله ، وفتح ثانيه ، وياء مثناة من تحت شديدة ، وحاء مهملة ، الذي جاء على هذا ذوّح إبله إذا بدّدها ، والذّوح : السير العنيف ، فقياسه مذوّح فيكون مرتجلا على هذا : وهو ماء ببطن مسحلان ، قال ابن حريق :

لقد علمت ربيعة أنّ بشرا

غداة مذيّح مرّ التقاضي

المُذَيْخِرَةُ : كأنه تصغير المذخرة ، بالخاء معجمة ، والراء : وهو اسم قلعة حصينة في رأس جبل صبر وفيها عين في رأس الجبل يصير منها نهر يسقي عدّة قرى باليمن ، وهي قريبة من عدن يسكنها آل ذي مناخ ، وبها كان منزل أبي جعفر المناخي من حمير ، قال عمارة بن أبي الحسن : المذيخرة من أعمال صنعاء وهو جبل بلغني أن أعلاه نحو عشرين فرسخا فيه المزارع والمياه ونبت الورس وفي شفيره الزعفران ولا يسلك

٩٠

إلا من طريق واحد ، وهو في مخلاف السّحول ، وذكر عمارة بن أبي الحسن بن زيدان اليمني في كتابه : ولما ملك الزيادي اليمن واختطّ زبيد ، كما ذكرناه في زبيد ، وحجّ من اليمن جعفر مولى زياد بمال وهدايا في سنة ٢٠٥ وسار إلى العراق فصادف المأمون بها وعاد جعفر هذا في سنة ٢٠٦ إلى زبيد ومعه ألف فارس فيها من مسوّدة خراسان سبعمائة فعظم أمر ابن زياد وتقلّد إقليم اليمن بأسره الجبال والتهائم وتقلد جعفر هذا الجبل واختطّ به مدينة يقال لها المذيخرة ذات أنهار ورياض واسعة ، والبلاد التي كانت لجعفر تسمّى اليوم مخلاف جعفر ، والمخلاف عند أهل اليمن عبارة عن قطر واسع ، وكان جعفر هذا من الدّهاة الكفاة وبه تمت دولة بني زياد ولذلك يقولون ابن زياد وجعفر.

مُذَيْنِبٌ : بوزن تصغير المذنب ، وأصله مسيل الماء بحضيض الأرض بين تلعتين ، وقال ابن شميل : المذنب كهيئة الجدول يسيل عن الروضة ماؤها إلى غيرها فتفرّق ماءها فيها ، والتي يسيل عليها الماء مذنب أيضا ، وقال ابن الأعرابي : مذنب الوادي ، والمذنب : الطويل الذنب ، والمذنب : الضبّ ، والمذنب : المغرفة ، ومذينب : واد بالمدينة ، وقيل : مذينب يسيل بماء المطر خاصة ، وقد روى مالك في موطّئه أن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، قال في سيل مهزور ومذينب : يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل.

باب الميم والراء وما يليهما

مَرْآةُ : بالفتح ثم السكون ، وفتح الهمزة ، وألف ساكنة ، وهاء ، بوزن مرعاة ، من الرؤية : قرية قرب مأرب كانت ببلاد الأزد التي أخرجهم منها سيل العرم.

المَرَابِدُ : جمع المربد ، يذكر بعد : وهو موضع بعينه يقال له ذات المرابد بعقيق المدينة ، قال معن ابن أوس :

فذات الحماط خرجها وطلوعها

فبطن البقيع قاعه فمرابده

قال : ثمّ مواضع يقال لها مرابد يغادر فيها السيل.

مَرَابِضُ : بالفتح ، وبعد الألف باء موحدة ، وضاد معجمة ، جمع مربض ، وقد تقدم اشتقاقه في الربض : وهو موضع في قول المتلمس :

ألك السدير وبارق

ومرابض ولك الخورنق؟

المِرَاحُ : بالكسر ، وآخره حاء مهملة ، يصلح أن يكون جمع مرح وهو الفرح : وهي ثلاثة شعاب ينظر بعضها إلى بعض ، وهي شعاب بتهامة تصبّ من دآة ، وهو الجبل الذي يحجز بين النخلتين لهذيل ، قال مرّة بن عبد الله اللّحياني :

تركنا بالمراح وذي سحيم

أبا حيّان في نفر منافي

المراحضة : حصن من أعمال صنعاء بيد ابن الهرش.

مُرَاخٌ : بالضم ، وآخره معجم ، يجوز أن يكون اسم المفعول من راخ يريخ إذا استرخى ، أو راخ يريخ إذا تباعد ما بين فخذيه ، والمراخ : موضع قريب من المزدلفة ، وقيل : هو من بطن كساب جبل بمكة ، وقد روي بالحاء المهملة ، قال عبد الله بن إبراهيم الجمحي في شعر هذيل في يوم الأحثّ في قصة وجّهنا الظعن إلى كساب وذي مراخ نحو الحرم حرم مكة فقال أبو قلابة الهذلي :

يئست من الحذيّة أمّ عمرو

غداة إذ انتحوني بالجناب

٩١

يصاح بكاهل حولي وعمرو

وهم كالضاريات من الكلاب

يسامون الصّبوح بذي مراخ

وأخرى القوم تحت خريق غاب

فيأسا من صديقك ثم يأسا

ضحى يوم الأحثّ من الإياب

وقال الفضل بن العباس اللهبي :

وإنك والحنين إلى سليمى

حنين العود في الشّول النّزاع

تحنّ ويزدهيها الشوق حتى

حناجرهنّ كالقصب اليراع

ليالي ، إذ نخالف من نحاها

إذ الواشي بنا غير المطاع

تحلّ الميث من كنفي مراخ

إذا ارتبعت وتسرب بالرّقاع

مُرَادٌ : بالضم ، وآخره دال مهملة ، من أراد يريد والشيء مراد اسم المفعول منه : حصن قريب من قرطبة بالأندلس.

المُرَارُ : بالضم ، وتكرير الراء ، المرارة : بقلة مرّة ، وجمعها مرار ، وقال الأصمعي : إذا أكلت الإبل المرار قلصت عنه مشافرها ، وبه سمي آكل المرار ، قال ابن إسحاق في عام الحديبية : وخرج رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، حتى إذا سلك ثنية المرار بركت ناقته فقال الناس : خلأت ، فقال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : ما خلأت ولا هو لها بخلق وإنما حبسها حابس الفيل ، قال : وثنية المرار مهبط الحديبية ، وخلأت الناقة إذا بركت ولم تقم.

المَرّارُ : بالفتح ، والتشديد ، فعّال من المرارة : واد.

مُرَازِمُ : بالضم ، وبعد الألف زاي مكسورة ، وميم ، وأظنه من رازم القوم دارهم إذا أطالوا المقام بها ، أو من رزم الشتاء رزمة شديدة إذا برد ، وهو رازم ، ومرازم : هو الجبل المشرف على حقّ آل سعيد بن العاصي ، عن الأصمعي في كتاب جزيرة العرب.

المِرَاضَان : تثنية المراض ، بلفظ جمع مريض ، ثنّي بعد أن سمّي ، قال أبو منصور : قال الليث المراضان واديان ملتقاهما واحد ، قال المراضان والمرائض مواضع في ديار تميم بين كاظمة والنقيرة فيها أحساء ليست من باب المرض ، والميم فيها ميم مفعل من استراض الوادي إذا استنقع فيه الماء ، ويقال : أرض مريضة إذا ضاقت بأهلها ، قال جرير : كما اختبّ ذئب بالمراضين لاغب

المِرَاضُ : بالكسر ، جمع مريض ، يجوز أن يكون من قولهم أرض مريضة إذا ضاقت بأهلها ، وأرض مريضة إذا كثر بها الهرج ، وبخط الترمذي في شعر الفضل بن عباس اللهبي : المراض ، بالفتح ، وهو في قوله :

أتعهد من سليمى درس نؤي

زمان تخلّلت سلمى المراضا

كأنّ بيوت جيرتهم قباب

على الأزمات تحتل الرياضا

ورواه الخالع مراض ، بفتح الميم ، فيكون من راض يروض والموضع مراض ، ويجوز أن يكون من الروضة أو من الرياضة ، وبالفتح قرأته بخط ابن باقلاء وهو الصحيح إذ هو في قول كثيّر :

فأصبح من تربي خصيلة قلبه

له ردّة من حاجة لم تصرّم

٩٢

كذا الطّلع إن يقصد عليه فإنه

يهمّ ، وإن تحزق به يتيمّم

وما ذكره تربي خصيلة بعد ما

ظعنّ بأحواز المراض فيعلم

وهو واد في شعر الشمّاخ ، عن الأديبي ، وقال غيره :

مراض موضع على طريق الحجاز من ناحية الكوفة وهناك لقي الوليد بن عقبة بن أبي معيط بجادا مولى عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، فأخبره بقتل عثمان فقال :

يوم لاقيت بالمراض بجادا ،

ليت اني هلكت قبل بجاد

مَرَاغَةُ : بالفتح ، والغين المعجمة : بلدة مشهورة عظيمة أعظم وأشهر بلاد أذربيجان ، طولها ثلاث وسبعون درجة وثلث ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلث ، قالوا : وكانت المراغة تدعى أفرازهروذ فعسكر مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وهو وإلى إرمينية وأذربيجان منصرفه من غزو موقان وجيلان بالقرب منها وكان فيها سرجين كثير فكانت دوابّه ودوابّ أصحابه تتمرّغ فيها فجعلوا يقولون ابنوا قرية المراغة ، وهذه قرية المراغة ، فحذف الناس القرية وقالوا مراغة ، وكان أهلها ألجئوها إلى مروان فابتناها وتألّف وكلاؤه أهلها فكثروا فيها للتقرر وعمّروها ثم إنه قبضت مع ما قبض من ضياع بني أمية وصارت لبعض بنات الرشيد ، فلما عاث الوجناء ابن رواد الأزدي وأفسد وولي خزيمة بن خازم إرمينية وأذربيجان في خلافة الرشيد بنى سورها وحصّنها ومصّرها وأنزل بها جندا كثيفا ، ثم إنهم لما ظهر بابك الخرّمي بالبذّ لجأ الناس إليها فنزلوها فسكنوها وتحصّنوا فيها ورمّ سورها في أيام المأمون عدّة من عمّاله ، منهم : أحمد بن محمد بن الجنيد فرزندا وعلي بن هشام ثم نزل الناس بربضها ، وينسب إلى المراغة جماعة ، منهم : جعفر بن محمد بن الحارث أبو محمد المراغي أحد الرحّالين في طلب الحديث وجمعه ، سكن نيسابور ، وسمع بدمشق وغيرها جماهير بن محمد الزملكاني وابن قتيبة محمد بن الحسن العسقلاني وأبا يعلى الموصلي وجعفر بن محمد القيرواني وعبد الله بن محمد بن ناجية ومحمد بن يحيى المروزي وأبا خليفة الفضل بن الحباب وزكرياء الساجي وعبدان الجواليقي وأحمد بن يحيى ابن زهير والمنصور بن إسماعيل الفقيه وأبا العباس الدّغولي وعلي بن عبدان وغيرهم ، روى عنه أبو علي الحافظ وأبو عبد الله الحاكم وعبد الرحمن بن محمد السرّاح وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر المقري ، قال أبو عبد الله الحافظ : جعفر بن محمد بن الحارث أبو محمد المراغي مريد نيسابور شيخ الرحّالة في طلب الحديث وأكثرهم جهادا وجمعا ، كتب الحديث نيفا وستين سنة ولم يزل يكتب إلى أن توفاه الله ، وكان من أصدق الناس فيه وأثبتهم ، سمع ببغداد القرباني وابن ناجية ومحمد بن يحيى المروزي وأقرانهم وذكر جماعة في بلاد شتى ، قال : ومات يوم الاثنين السادس والعشرين من رجب سنة ٣٥٦ بنيسابور وهو ابن نيف وثمانين سنة ، ولم تزل قصبتها وبها آثار وعمائر ومدارس وخانكاهات حسنة ، وقد كان فيها أدباء وشعراء ومحدّثون وفقهاء ، قال ابن الكلبي : في مراغة هجر سوق لأهل نجد معروف ، قال الخارزنجي : المراغة ردهة لأبي بكر ولذلك قال الفرزدق في مواضع من شعره يا ابن المراغة نسبه إلى هذا الموضع ، كما يقال ابن بغداد وابن الكوفة ، وهذا خلف من القول ، والذي ذهب إليه الحذّاق أن المراغة الأتان فكان ينسبه إليها على أن في بلاد العرب موضعا يقال له

٩٣

المراغة من منازل بني يربوع ، قال الأصمعي وذكر مياها ثم قال : ومن هذه الأمواه من صلب العلم وهي المردمة رداه منها المراغة من مياه البقّة ، قال أبو البلاد الطهوي وكان قد خطب امرأة فزوّجت من بني عمرو بن تميم فقتلها وهرب ثم قال :

ألا أيها الرّبع الذي ليس بارحا

جنوب الملا بين المراغة والكدر

سقيت بعذب الماء! هل أنت ذاكر

لنا من سليمى إذ نشدناك بالذكر؟

لعمرك ما قنّعتها السيف عن قلى ،

ولا سأمان في الفؤاد ولا غمر

ولكن رأيت الحيّ قد غدروا بها ،

ونزغ من الشيطان زيّن لي أمري

وإنّا أنفنا أن ترى أمّ سالم

عروسا تمشّى الخيزلى في بني عمرو

وإنا وجدنا الناس عودين : طيّبا ،

وعودا خبيثا لا يبضّ على العصر

تزين الفتى أخلاقه وتشينه ،

وتذكر أخلاق الفتى حيث لا يدري

مَرَاقِيَةُ : بالفتح ، والقاف المكسورة ، والياء مخففة ، إذا قصد القاصد من الإسكندرية إلى إفريقية فأول بلد يلقاه مراقية ثم لوبية ، ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن أبي رومان عبد الله بن يحيى بن هلال الإسكندري المراقي ، سكن الإسكندرية ، روى عن أبيه وعن ابن وهب ، وهو ضعيف ، روى المناكير ، ومات سنة ٢٥٦.

المَرَاقِبُ : موضع في ديار هذيل بن مدركة ، قال مالك ابن خالد الخناعي ثم الهذلي :

وقلت لوهب حين زالت رحاؤهم ،

هلمّ تغنّينا ردى فالمراقب

كأنهم حين استدارت رحاؤهم

بذات اللّظى أو أدرك القوم لاعب

إذا أدركوهم يلحقون سراتهم

بضرب كما جدّ الحصير الشواطب

في أبيات.

المَرَاكِبُ : موضع في قول أبي صخر الهذلي يصف سحابا :

مصرّ شآميه ليتبع في الحمى ،

ودون يمانيه جبال المراكب

مَرّاكُشُ : بالفتح ثم التشديد ، وضم الكاف ، وشين معجمة : أعظم مدينة بالمغرب وأجلّها وبها سرير ملك بني عبد المؤمن ، وهي في البرّ الأعظم بينها وبين البحر عشرة أيام في وسط بلاد البربر ، وكان أول من اختطها يوسف بن تاشفين من الملثمين الملقب بأمير المسلمين في حدود سنة ٤٧٠ ، وبينها وبين جبل درن الذي ظهر منه ابن تومرت المسمى بالمهدي ثلاثة فراسخ وهو في جنوبيها ، وكان موضع مرّاكش قبل ذلك مخافة يقطع فيه اللصوص على القوافل ، كان إذا انتهت القوافل إليه قالوا مراكش معناه بالبربرية أسرع المشي ، وبقيت مدة يشرب أهلها من الآبار حتى جلب إليها ماء يسير من ناحية أغمات يسقي بساتين لها ، وكان أول من اتخذ بها البساتين عبد المؤمن بن علي ، يقولون إن بستانا منها طوله ثلاثة فراسخ.

مُرَامِرُ : بالضم ، والميم الثانية مكسورة في شعر الأسود ابن يعفر حيث قال :

ولقد غدوت لعازب متنادر

أحوى المذانب مؤنق الرّوّاد

٩٤

جادت سواريه فآزر نبته

نفأ من الصفراء والزّبّاد

بالجوّ فالأمراج حول مرامر

فبضارج فقصيمة الطّرّاد

مَرّانُ : بالفتح ثم التشديد ، وآخره نون ، يجوز أن يكون من مرّ الطعام يمرّ مرارة ويمرّ أيضا أو من مرّ يمرّ من المرور ، ويجوز أن يكون من مرن الشيء يمرن مرونا إذا استمرّ وهو لين في صلابة ، ومرنت يد فلان على العمل أي صلبت ، قال السكري : هو على أربع مراحل من مكة إلى البصرة ، وقيل : بينه وبين مكة ثمانية عشر ميلا وفيه قبر تميم ابن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وقبر عمرو بن عبيد ، قال جرير يعرّض بابن الرّقاع :

قد جرّبت عركي في كل معترك

غلب الرجال فما بال الضغابيس

وابن اللبون إذا ما لزّ في قرن

لم يستطع صولة البزل القناعيس

إني ، إذا الشاعر المغرور حرّبني ،

جار لقبر على مرّان مرموس

قال : أراد قبر تميم بن مر ، إذا حربني أي أغضبني يموت فيصير جارا لمن هو مدفون هناك ، ويصدّق ذلك قوله :

قد كان أشوس أبّاء فأورثني

شغبا على الناس في أبنائه الشوس

نحمي ونغتصب الجبّار نجنبه

في محصد من حبال القدّ مخموس

وقال الحازمي : بين البصرة ومكة لبني هلال من بني عامر ، وقيل : بين مكة والمدينة ، وقال عرّام عند ذكره الحجاز وقرية يقال لها مرّان : قرية غنّاء كبيرة كثيرة العيون والآبار والنخيل والمزارع وهي على طريق البصرة لبني هلال وجزء لبني ماعز وبها حصن ومنبر وناس كثير ، وفيها يقول الشاعر :

أبعد الطوال الشم من آل ماعز

يرجّي بهرّان القرى ابن سبيل؟

مررنا على مرّان ليلا فلم نعج

على أهل آجام بها ونخيل

وقال ابن قتيبة : قال المنصور أمير المؤمنين يرثي عمرو بن عبيد :

صلّى الإله عليك من متوسّد

قبرا مررت به على مرّان

قبرا تضمّن مؤمنا متحنّفا

صدق الإله ودان بالقرآن

لو أن هذا الدهر أبقى صالحا

أبقى لنا عمرا أبا عثمان

وقال ابن الأعرابي على هذا النمط من جملة أبيات :

أيا نخلتي مرّان هل لي إليكما

على غفلات الكاشحين سبيل؟

أمنّيكما نفسي إذا كنت خاليا ،

ونفعكما ، لو لا الفناء ، قليل

وما لي شيء منكما غير أنني

أحنّ إلى ظلّيكما فأطيل

مُرّانُ : بالضم ، كأنه فعلان من المرارة للمبالغة أو تثنية المر ، والمرّان : القنا ، سمي بذلك للينه : هو موضع بالشام قريب من دمشق ذكر في دير مرّان.

المُرّانِ : تثنية المرّ ضد الحلو : ماءان لغطفان عند جبل لهم أسود.

٩٥

مَرَانَةُ : بالفتح ، وبعد الألف نون ، هو فعالة من مرن على الشيء مرونا إذا اعتاده واستمر ، قال أبو منصور في قول ابن مقبل :

يا دار ليلى خلاء لا أكلّفها

إلا المرانة حتى تعرف الدينا

المرانة : هضبة من هضبات بني العجلان ، يريد لا أكلفها أن تبرح ذلك المكان وتذهب إلى مكان آخر ، وقال الأصمعي : المرانة اسم ناقة هادية للطريق ، وقيل : المرانة السكوت الذي مرنت عليه الدار ، وقيل المرانة معرفتها ، ومما يقوّي أن المرانة اسم موضع قول لبيد :

لمن طلل تضمنّه أثال

فسرحة فالمرانة فالخيال

وقال بشر بن أبي خازم :

وأنزل خوفنا سعدا بأرض

هنالك إذ نجير ولا نجار

وأدنى عامر حيّا إلينا

عقيل بالمرانة والوبار

المَرَاوِزَةُ : بالفتح ، وبعد الواو زاي ، هي نسبة إلى المروزيّين نسبة إلى مرو مثل المهالبة والمسامعة والبغاددة : وهي محلة كانت ببغداد متصلة بالحربية خربت الآن ، كان قد سكنها أهل مرو فنسبت إليهم ، ونسب إليها أبو عبد الله محمد بن خلف بن عبد السلام الأعور المروزي ، روى عن علي بن الجعد ويحيى بن هاشم السمسار ، روى عنه أبو عمرو بن السمّاك وأبو بكر الشافعي وغيرهما ، وتوفي سنة ٢٨١. والمراوزة أيضا : قرية كبيرة قرب سنجار ذات بساتين ومياه جارية وبها خانقاه حسنة على رأس تل يصعد الراكب إليها على فرسه.

مَرَاهِطُ : بالفتح ، كأنه جمع مرهط اسم المكان من الرهط ، كقولهم : مشجر من الشجر ، ولو جمع لقيل مشاجر ، وهو ذو مراهط : موضع ، عن الأزهري.

مَرْأةُ : بالفتح ، بلفظ المرأة من النساء : قرية بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم باليمامة سمّيت بشطر اسم امرئ القيس ، بينها وبين ذات غسل مرحلة على طريق النباج ، ولما قتل مسيلمة وصالح مجّاعة خالدا على اليمامة لم تدخل مرأة في الصلح فسبي أهلها وسكنها حينئذ بنو امرئ القيس بن زيد مناة ابن تميم فعمروا ما والاها حتى غلبوا عليها ، وكان ذو الرمة الشاعر نزل عليها فلم يدخلوا رحله ولم يقروه فذمّهم ومدح بهنس صاحب ذات غسل وهو مرئي أيضا ، وذات غسل قرية له ، فقال ذو الرمة :

فلما وردنا مرأة اللؤم غلّقت

دساكر لم تفتح لخير ظلالها

ولو عبرت أصلابها عند بهنس

على ذات غسل لم تشمّس رحالها

وقد سمّيت باسم امرئ القيس قرية

كرام غوانيها لئام رجالها

تظلّ الكرام المرملون بجوّها

سواء عليهم حملها وحيالها

إذا ما امرؤ القيس بن لؤم تطعّمت

بكاس النّدامى خيّبتها سبالها

وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير :

ويوم مرأة إذ وليّتم رفضا

وقد تضايق بالأبطال واديه

المَرَايِضُ : بالفتح ، وهو من استراض الوادي إذا استنقع فيه الماء ، ومنه سمّيت الروضة : وهي مواضع

٩٦

في ديار بني تميم بين كاظمة والنقيرة.

المَرَايِغُ : جمع مراغ الإبل وهو متمرّغها : كورة بصعيد مصر في غربي النيل فيها عدّة قرى آهلة عامرة جدّا.

مِرْبَاطُ : بالكسر ثم السكون ، وباء موحدة ، وآخره طاء مهملة : فرضة مدينة ظفار ، بينها وبين ظفار على ما حدّثني رجل من أهلها مقدار خمسة فراسخ ، ولما لم تكن ظفار مرسى ترسى فيه المراكب وكان لمرباط مرسى جيد كثر ذكره على أفواه التجار ، وهي مدينة مفردة بين حضرموت وعمان على ساحل البحر لها سلطان برأسه ليس لأحد عليه طاعة ، وقرب مدينته جبل نحو ثلاثة أيام في مثلها فيه ينبت شجر اللّبان وهو صمغ يخرج منه ويلقط ويحمل إلى سائر الدنيا ، وهو غلّة الملك يشارك فيه لاقطيه ، كما ذكرناه في ظفار ، وأهلها عرب وزيّهم زيّ العرب القديم وفيهم صلاح مع شراسة في خلقهم وزعارة وتعصب وفيهم قلّة غيرة كأنهم اكتسبوها بالعادة وذلك أنه في كل ليلة تخرج نساؤهم إلى ظاهر مدينتهم ويسامرن الرجال الذين لا حرمة بينهم ويلاعبنهم ويجالسنهم إلى أن يذهب أكثر الليل فيجوز الرجل على زوجته وأخته وأمه وعمته وإذا هي تلاعب آخر وتحادثه فيعرض عنها ويمضي إلى امرأة غيره فيجالسها كما فعل بزوجته ، وقد اجتمعت بكيش بجماعة كثيرة منهم رجل عاقل أديب يحفظ شيئا كثيرا وأنشدني أشعارا وكتبتها عنه ، فلما طال الحديث بيني وبينه قلت له : بلغني عنكم شيء أنكرته ولا أعرف صحته ، فبدرني وقال : لعلك تعني السمر؟ قلت : ما أردت غيره ، فقال : الذي بلغك من ذلك صحيح وبالله أقسم انه لقبيح ولكن عليه نشأنا وله مذ خلقنا الفنا ولو استطعنا أن نزيله لأزلناه ولو قدرنا لغيّرناه ولكن لا سبيل إلى ذلك مع ممرّ السنين عليه واستمرار العادة به.

مربالا : ناحية قرب خلاط لها ذكر في كتاب الفتوح : ان حبيب بن مسلمة نزلها فجاءه بطريق خلاط بكتاب عياض بن غنم بأنه قد أمنه على نفسه وبلاده وقاطعه على إتاوة فأمضى حبيب بن مسلمة ذلك.

مُرْبِخ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر الباء الموحدة ، وخاء معجمة ، قال أبو منصور : مربخ رمل بالبادية بعينه ، وقال أبو الهيثم : سمي جبل مربخ مربخا لأنه يربخ الماشي فيه من التعب والمشقة أي يذهب عقله كالمرأة الرّبوخ التي يغشى عليها من شدة الشهوة ، وقال الليث : ربخت الإبل في المربخ أي فترت في ذلك الرمل من الكلال ، وأنشد بعضهم :

أمن جبال مربخ تمطّين

لا بدّ منه فانحدرن وارقين

أو يقضي الله رمايات الدّين

وقال نصر : مربخ رمل مستطيل بين مكة والبصرة.

ومربخ أيضا : جبل آخر عند ثور مما يلي القبلة ، وقال العمراني : مربخ ، بفتح الميم والباء ، رمل من رمال زرود ، وعن جار الله بضم الميم وكسر الباء.

المِرْبَدُ : بالكسر ثم السكون ، وفتح الباء الموحدة ، ودال مهملة : وهذا اسم موضع هكذا وليس بجار على فعل على أن ابن الأعرابي روى أن الرابد الخازن ولو كان منه لقيل المرابد على زنة اسم المفعول مثل المقاتل من القاتل فمجيئه على غير جريان الفعل دليل على أنه موضع هكذا ، وذهب القاضي عياض إلى أن أصله من ربد بالمكان إذا أقام به ، فقياسه على هذا أن يكون مربد ، بفتح الميم وكسر الباء ، فلم يسمع فيه ذلك فهو أيضا غير قياس ، ودخل أبو ٧ ـ ٥ معجم البلدان دار صادر

٩٧

القاسم نصر بن أحمد الحميري على أبي الحسين بن المثنّى في آخر حريق كان في سوق المربد فقال له أبو الحسين ابن المثنى : يا أبا القاسم ما قلت في حريق المربد؟ قال : ما قلت شيئا ، فقال له : وهل يحسن بك وأنت شاعر البصرة والمربد من أجلّ شوارعها وسوقه من أجلّ أسواقها ولا تقول فيه شيئا؟ فقال : ما قلت ولكني أقول ، وارتجل هذه الأبيات :

أتتكم شهود الهوى تشهد ،

فما تستطيعون أن تجحدوا

فيا مربديّون ناشدتكم

على أنّني منكم مجهد

جرى نفسي صعدا نحوكم ،

فمن أجله احترق المربد

وهاجت رياح حنيني لكم ،

وظلّت به ناركم توقد

ولو لا دموعي جرت لم يكن

حريقكم أبدا يخمد

وفي حديث النبي ، صلّى الله عليه وسلّم : أن مسجده كان مربدا ليتيمين في حجر معاذ بن عفراء فاشتراه منهما معوّذ بن عفراء فجعله للمسلمين فبناه رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، مسجدا ، قال الأصمعي : المربد كل شيء حبست فيه الإبل ولهذا قيل مربد النعم بالمدينة وبه سمي مربد البصرة وإنما كان موضع سوق الإبل وكذلك كلّ ما كان من غير هذا الموضع أيضا إذا حبست فيه الإبل ، وأنشد الأصمعي يقول :

أتيت بأبواب القوافي كأنني

أصيد بها سربا من الوحش نزّعا

عواصي إلا ما جعلت وراءها

عصا مربد يغشى نحورا وأذرعا

قال : يعني بالمربد ههنا عصا جعلها معترضة على الباب تمنع الإبل من الخروج سمّاها مربدا لهذا وهو أنكر ذلك عليه ، وقيل : إنما أراد عصا معترضة على باب المربد فأضاف العصا المعترضة إلى المربد ليس أن العصا مربد. والمربد أيضا : موضع التمر مثل الجرين.

ومربد النّعم : موضع على ميلين من المدينة وفيه تيمم ابن عمر. ومربد البصرة : من أشهر محالّها وكان يكون سوق الإبل فيه قديما ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء ، وهو الآن بائن عن البصرة بينهما نحو ثلاثة أميال وكان ما بين ذلك كله عامرا وهو الآن خراب ، فصار المربد كالبلدة المفردة في وسط البرية ، وقدم أعرابيّ البصرة فكرهها فقال :

هل الله من وادي البصيرة مخرجي

فأصبح لا تبدو لعيني قصورها

وأصبح قد جاوزت سيحان سالما ،

وأسلمني أسواقها وجسورها

ومربدها المذري علينا ترابه

إذا سحجت أبغالها وحميرها

فنضحي بها غبر الرءوس كأننا

أناسيّ موتى نبش عنها قبورها

وينسب إليها جماعة من الرّواة ، منهم : سماك بن عطية المربدي البصري ، يروي عن الحسن وأيوب ، روى عنه حمّاد بن زيد حديثه في الصحيحين ، وأبو الفضل عباس بن عبد الله بن الربيع بن راشد مولى بني هاشم المربدي ، حدث عن عباس بن محمد وعبد الله بن محمد بن شاكر ، حدث عنه ابن المقري وذكر أنه سمع منه بمربد البصرة ، والقاضي أبو عمرو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي البصري ، قال

٩٨

السلفي : كان ينزل المربد ، حدث عن أبيه وأبي عليّ محمد بن أحمد اللؤلؤي وعليّ بن إسحاق الماذراني ، حدث عنه أبو بكر الخطيب ووثّقه ، وتوفي في ذي القعدة سنة ٤١٣.

المَرْبَعُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم باء موحدة مفتوحة ، وعين مهملة : جبل قرب مكة ، قال الأبحّ ابن مرّة الهذلي أخو ابن خراش :

لعمرك ساري بن أبي زنيم

لأنت بعرعر الثأر المنيم

يريد سارية وهو الذي ناداه عمر على المنبر يا سارية الجبل.

عليك بنو معاوية بن صخر ،

وأنت بمربع وهم بضيم

وقيل : مربع موضع بالبحرين ، عن أبي بكر بن موسى.

مِرْبَعٌ : بكسر أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الباء الموحدة ، مال مربع : بالمدينة في بني حارثة وكان به أطم.

مُرَبَّعَةُ الخُرْسِيِّ : أما مربعة فكأنه يراد به الموضع المربّع ، وأمّا الخرسي ، فبضم الخاء ، وراء ساكنة ، وسين مهملة ، وهي نسبة إلى خراسان ، يقال : خرسيّ وخراسيّ وخراسانيّ ، عن صاحب كتاب العين : وهي محلة في شرقي بغداد ، فكان الخرسيّ هذا صاحب شرطة بغداد وأظنه في أيام المنصور.

مُرَبَّعَةُ أبي العبّاس : أيضا ببغداد بين الحربية وباب البصرة متصلة بشارع باب الشام ، منسوبة إلى أبي العباس الفضل بن سليمان الطوسي أحد النقباء السبعين.

مُرَبَّعَةُ الفُرْس : بضم الفاء ، وسكون الراء ، وسين مهملة ، جمع فارسيّ : ببغداد أيضا متصلة بمربعة أبي العباس وهم قوم أقطعهم المنصور هذا الموضع لما اختط بغداد.

مَرْبَلُّه : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة ، ولام مشددة مضمومة ، وهاء ساكنة : هي ناحية من أعمال قبرة بالأندلس.

مَرْبُوط : بالفتح ثم السكون ، وباء موحدة ، وآخره طاء مهملة : من قرى الإسكندرية.

المَرْبُوعُ : موضع بنواحي سلمية بالشام.

مَرْبولة : موضع في شعر امرئ القيس حيث قال :

فا شطب من أهله فغرور

فمربولة إنّ الديار تدور

فجزع محيلات كأن لم تقم بها

سلامة حولا كاملا وقدور

مُرْبَيْطَر : بالضم ثم السكون ، وباء موحدة مفتوحة ، وياء مثناة من تحت ساكنة ، وطاء مفتوحة ، وراء : مدينة بالأندلس بينها وبين بلنسية أربعة فراسخ وفيها الملعب ، وهو إن صح ما ذكروه من أعجب العجائب ، وذلك أن الإنسان إذا صعد فيه نزل وإذا نزل فيه صعد ، ينسب إليها قاضيها ابن خيرون المربيطري ، وسفيان بن العاصي بن أحمد بن عباس بن سفيان بن عيسى بن عبد الكبير بن سعيد الأسدي المربيطري ، سكن قرطبة يكنّى أبا بحر ، روى عن أبي عمر بن عبد البر الحافظ وأبي العباس العذري وأكثر عنه وعن أبي الليث نصر بن الحسن السمرقندي وأبي الوليد الباجي وغيرهم جماعة ، وكان من أجلّة العلماء وكبار الأدباء من أهل الرواية والدراية ، سمع الناس منه كثيرا وحدث عنه جماعة ولقيه ابن بشكوال وحدث عنه ، ومات لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ٥٢٠ ، ومولده سنة ٤٤٠.

٩٩

مَرْتُ : بفتح الميم ، والراء ، والتاء فوقها نقطتان : هي قرية بينها وبين أرمية منزل واحد في طريق تبريز ، وهي كبيرة ذات بساتين وفي أهلها شجاعة وجماعة.

مَرْتِجٌ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، وكسر التاء المثناة من فوق ، وجيم ، هكذا ضبطه الحازمي ولم أجد له على هذا اشتقاقا إلا أن يكون من قولهم : رتج في منطقه إذا استغلق ، وهو بعيد من الأماكن فإن ضممت الميم صار من أرتج الخصب إذا عمّ فلم يغادر موضعا إلا أخصبه ، واسم الفاعل مرتج : وهو موضع قرب ودّان ، وقيل : هو في صدر نخلى واد لحسن بن علي بن أبي طالب.

المُرْتاحية : من كور مصر البحرية.

مَرْتَحوان : بالفتح ثم السكون ، وتاء فوقها نقطتان ، وحاء مهملة : من نواحي حلب.

المُرْتَمَى : بالضم ثم السكون ، وتاء مثناة من فوقها : هو بئر بين القرعاء وواقصة ممرّة ، رشاؤها نيف وأربعون قامة لكنها عذبة قليلة الماء ولها حوض وقباب خراب ، ثم أحساء بني وهب على خمسة أميال من المرتمى ، قال أبو صخر الهذلي :

عفا سرف من جمل فالمرتمى قفر ،

فشعب فأدبار الثنيّات فالغمر

فخيف منى أقوى خلاف قطينه ،

فمكة وحش من جميلة فالحجر

تبدّت بأجياد فقلت لصحبتي :

ءَ الشمس أضحت بعد غيم أم البدر؟

وأظن هذا المرتمى غير ذلك ، والله أعلم.

مرْجانَةُ : سفح مرجانة : في جبل أروند ، فيه شعر في أروند ينقل إلى ههنا :

يا أيها المغتدي نحو الجبال

مَرْجٌ : بالفتح ثم السكون ، والجيم ، وهي الأرض الواسعة فيها نبت كثير تمرج فيها الدواب أي تذهب وتجيء ، وأصل المرج القلق ، ويقال : مرج الخاتم في يدي مرجا إذا قلق ، وهي في مواضع كثيرة كلّ مرج منها يضاف إلى شيء أذكره مرتّبا على الحروف.

مَرْجُ الأَطْرَاخُون : بالخاء المعجمة ، وآخره نون : قرب المصيصة.

مَرْجُ الخُطَبَاء : موضع بخراسان خطب فيه جماعة من الخطباء فغلب عليه ذلك ، قال المدائني : قدم عبد الله بن عامر بن كريز إلى أبرشهر فامتنعت عليه فشخص عنها فنزل مرج الخطباء وهو على يوم من نيسابور ، فقال معتق بن قلع العشري : أيها الأمير لا تقتلنا بالشتاء فإنه عدوّ كلب وارجع إلى أبرشهر فإني أرجو أن يفتحها الله عليك ، فرجع ففتحها عنوة ، فقال ابن أخي فقال معاوية يفخر بمشورة معتق :

بالمرج قد مرجوا وارتجّ أمرهم ،

حتى إذا قلّدوه معتقا عتقوا

أشار بالأمر والرأي السديد ولم

يعيا به فيهم والخير متّسق

فذاك عمّي والأخبار نامية ،

وخير ما حدّث الأقوام ما صدقوا

مَرْجُ حُسَينٍ : بالثغور الشامية ، منسوب إلى حسين ابن سليم الأنطاكي كانت له به وقعة ونكاية بالعدوّ فسمي بذلك.

١٠٠