رحلة أفوقاي الأندلسي

أحمد بن قاسم الحجري أفوقاي

رحلة أفوقاي الأندلسي

المؤلف:

أحمد بن قاسم الحجري أفوقاي


المحقق: د. محمّد رزوق
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-504-0
الصفحات: ١٨٨

أسماء الله الحسنى ، بارئ ، مصور ، ومزجته بكلام بيت من الضمياطي وهو :

ويا بارئ الأنفاس قد بت مبرءا

بك السقم عني يا مصور زولا

وجعلته عليها. وفي نحو الستة أيام لم يبق في يديها أثر للثالول ، وشفاها الله من العلة الأخرى ، ومن الثالثة نقص من دائها.

وهذا الجدول ممزوج فيه البيت ـ كما ذكر ابن الحاج في كتابه تمزج ـ :

وأيضا رأيت برهانا للبيت الذي يقول فيه :

ويا مقسط ثبت على القسط نيتي

ويا جامع اجمع لي رضا سائر الملا

وذكر في الخواص لهذا البيت أنه نافع ، فكان إذا تلف لي شيء نقرأه ، ويرده الله علي ببركة أسمائه. وقد تلف لي مجموع آلات مثل مقصّ وخدمي (*) ، وغير ذلك ،

__________________

(*) الخدمي : من أسماء الخنجر في العامية المغربية.

١٤١

ففتشت في الليل لا وجدته ، فقرأت البيت مرارا. ورأيت في النوم أنه كان مطروحا في بستان كنت فيه في ذلك اليوم ومشيت من الصبح للموضع بعينه الذي رأيته فيه ووجدته ، ثم مرة أخرى تلف لي ، أظنه مقص عجيب ، وفتشت في حوائجي ، وفي الدار ، وما وجدته. وقرأت البيت مرارا طالبا من الله تعالى أن يرد علي ما تلف لي. ومشيت إلى ناحية السوق بمراكش في زنقة كدية حلوان ، وسمعت حس المقص بين قدمي في الأرض ، ورفعته متعجبا ، لأني على يقين أنه لم يكن عندي. وذكرت ذلك لشيخنا الفقيه الخير سيدي أحمد بن الحاج التواتي الذي كان يقدم لطلب المطر إذا خص (٢٥٧) ، وقال لي : من ساقه لك؟ لا أدري ، قال لي : الله تعالى ساقه.

ومما أنعم الله تعالى علي بمصر في أول شهر ذي القعدة ، صليت يوما الظهر ، وأتيت بسجدتي السهو لأصلي ما زدت في الصلاة ، ثم في اليوم نفسه في صلاة العصر وقع لي مثل ذلك في الصلاة ورفعتها ، فأخذني الغيظ على نفسي ، وقلت : ما كان يقع منك غلط حين تدخلين إلى حضرة السلطان ، وهو مخلوق مثلك ، وحين تقفين بحضرة الخالق العظيم ، ورب السلاطين وخالقهم ، تتكلمين بحضرته والملائكة حاضرون ، تنتقلين بكلامك إلى كلام في شيء آخر ، ثم إلى أمر آخر من الأمور المذمومة بحضرة الله تعالى ، المولى الكيم ، حتى تقول الملائكة عني أنني من الكاذبين ، أو من الحمق أو من المجانين حتى تفسد علي صلاتي. ولكن ـ إن شاء الله ـ نشتري سوطا من جلد ، ونضربك به على كل صلاة بعد سجدتي السهو ، لعلك تخافين من الضرب أكثر مما تخافين من الله تعالى ، الذي هو يراك ويسمعك. ولم نتحقق هل قلت لنفسي ذلك الكلام جهرا أم سرا (٢٥٨). وفي ذلك اليوم بعد أن صليت المغرب وجلست في البيت الذي كنت فيه فرأيت مع الشفق قبل أن وقدت السراج قضيبا نزل قدامي من الهواء من عود الطّرفه على طول ذراع. وقبضته ، وفهمت أن ذلك بدل عن السوط ، كأن لسان الحال يقول لي لا نوخرك إلى أن تشتري سوطا ، خذ هذا واضرب به ينوب عن السوط لعلك تداوي نفسك ، وتخافين من

__________________

(٢٥٧) هنا ينتهي ما سقط من نسخة «ب».

(٢٥٨) إضافة في «ب» : لأنني كنت عازما على ذلك.

١٤٢

ضربك إياها أكثر من خوفها من عذاب الله. ورجعت نضرب نفسي بعد سجدتي السهو على رجلي اليسرى بالقضيب ، لأن النفس والشيطان من أهل الشمال. والقضيب إلى الآن عندي ، فإذا نظرت إليه يجتمع فكري في الصلاة بعض المرات. وانتفعت به نفعا جيدا. وحصلت لي فائدة بالبرهان والعيان. إن الله يريد من الإنسان قولا باللسان ، وإخلاصا بالقلب ، وعملا بالجوارح. وفهمت من الآية المتقدم (٢٥٩) ذكرها : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) ، إنه الأمر بالضرب بالقضيب بعد ترقيع الصلاة على وجه التداوي لنفسي على وجه الاختصاص (٢٦٠). ونعود بالله من كل بدعة غير مستحسنة.

نسأل الله سبحانه ، الرحمان الرحيم ، أن يعفو عني فيما خصني (٢٦١) من الإخلاص فيما مضى ، ويوفقني فيما بقي ، وأن يستر عيوبنا ، ويغفر ذنوبنا ، ويختم علينا بخواتم السعادة ، ولقارئ هذا الكتاب ، ولكاتبه ، ومستمعه (٢٦٢) ، ولمن رأى فيه عيبا حقيقة وأصلحه ، والمغفرة للوالدين ، ولكافة أييمتنا ، وللمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، بفضل سيدنا محمد ، سيد الأولين والآخرين ، وخاتم النبيين ، وإمام المرسلين ، وحبيب رب العالمين ، ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ـ.

وقد قرأت هذا الكتاب بمصر المحروسة بالله على العلامة الشيخ علي الأجهوري (٢٦٣) ، فقيه شهير في المذهب المالكي ، يثنى عليه في مصر وغيرها في كثير من البلدان والأقطار ، المرة الأولى في الرحلة المذكورة في أول الكتاب ، ثم مرة ثانية (٢٦٤) حين استخرجت هذا منها على أمره. وطلبت منه أن كل ما يظهر له أنه

__________________

(٢٥٩) «ب» : المتقدمة.

(٢٦٠) «ب» : الاختصاص فيما مضى وفيما بقي وأن يستر عيوبنا وأن يغفر ذنوبنا.

(٢٦١) «ب» : كتب الحجري فوقها : «فاتني».

(٢٦٢) «ب» : ولمستعمله.

(٢٦٣) «ب» : رحمه‌الله تعالى ورضي عنه.

(٢٦٤) «ب» : ثانية حين استخرجت.

١٤٣

غير لائق أن يأمرني بإسقاطه ونصحني ، ونفعني بعمله ، ونيته الصالحة ، ودعا لي بالخير ـ جزاه الله خيرا كثيرا ، وكمل عليه بالسعادة في الدارين ، آمين ـ.

وقد زدت في هذا الكتاب بتونس ما ظهر لي أن فيه نفعا ، وكان الفراغ (٢٦٥) من هذا التأليف لإحدى وعشرين يوما من شهر ربيع الثاني من عام سبعة وأربعين وألف ، وذلك يوم الجمعة. ولما كتبت آخر حرف منه سمعت المؤذن يقول : الله أكبر للأذان الأول لصلاة الجمعة ، فاستبشرت بخير وبقبول (٢٦٦) الكتاب. وقد ذكر الفقيه الجليل أحمد بن أحمد باب السوداني (٢٦٧) في كتاب عمله (٢٦٨) ببلاد درعة وهو ماشي إلى بلاده ، وهي بتنبقت (٢٦٩) ببلاد السودان ، من مراكش وكنت ممن خرج معه منها ، وودعناه وهو رحمه‌الله ـ الذي عمل شرحا على مختصر خليل (٢٧٠). وسمعت في مصر (٢٧١) من ذكره واستحسنه ، وكذلك بتونس ، سمعت من بعض الفقهاء من شكره كثيرا.

وبعد أن مشى إلى بلاده كتبت له وأعلمته أني مشيت إلى بلاد الفرنج وفلنضس لأغراض قضيتها وتعطلت بتلك البلاد. وكتب لي ـ رحمه‌الله وجزاه عني خيرا ـ ودعا لي ولأولادي ، وقال لي : قصرت حين ما كتبت كل ما رأيت. وأما الكتاب الذي عمل في بلاد درعة كان أجويبة على ما سأل محمد بن عبد الله

__________________

(٢٦٥) «ب» : وكان الفراغ منه أولا في مصر لإحدى وعشرين ...

(٢٦٦) «ب» : وقبوله.

(٢٦٧) انظر ترجمته عند م. حجي ، الحركة ، ٢ : ٣٨٣ والمصادر بالهامش ٢٣ من المصدر نفسه والصفحة.

(٢٦٨) «ب» : كتاب اللمغة.

(٢٦٩) «ب» : تنبكت.

(٢٧٠) يسمى هذا الشرح : منن الرب الجليل ببيان مبهمات خليل في جزأين ، مخطوطات خ. القرويين ، رقم ٤٢٨ ؛ وخ. ع بالرباط ٤٢٠ د ؛ وخ. ع بمراكش ، رقم ٨٠ ، ٤٧٣ ؛ وخ. ح بالرباط رقم ٤٤٦٨ و ٤٨٧٥.

(٢٧١) «ب» : بمصر.

١٤٤

بومحلّي (٢٧٢) ، وكان رجل من العلماء (٢٧٣) ـ رحمه‌الله ـ الشيخ سالم السنهوري (٢٧٤) المصري ـ رحمه‌الله ـ ، وأيضا لكل من يريد من الفقهاء والعلماء أن يجاوب عليه. والسؤالات (٢٧٥) في شأن طابة المسماة بالدخان ، والعفيون ، والمسكرات ، والمخدرات (٢٧٦). وذكر في عشبة الدخان أنها حلال لذاتها في كتابه (٢٧٧). وقال إنه في الحين الذي ختمه سمع الأذان للصلوات ، وفرح بذلك ، واستبشر بخير ، وكذلك فرحت حين سمعت التكبير بعد أن كتبت آخر حرف من الكتاب.

وكنت قد رأيت في النوم فقيه زمانه بالمغرب ، قاضي المسلمين بمدينة مراكش في زمان السلطان مولاي أحمد الشريف الحسني ، وأيضا في زمان مولاي زيدان السلطان ـ رحمهم‌الله جميعا ـ فقال لي القاضي (٢٧٨) أبو عبد الله الرجراجي ، ومعه محمد

__________________

(٢٧٢) انظر ترجمته في كتابه إصليت الخريت ، في قطع بلعوم العفريت النفريت ، مخطوط خ. ح بالرباط ، عدد ١٠٠.

ملاحظة : أخطأ الشهاب الحجري حينما سماه محمدا ، إذ إن اسمه أحمد ، كما هو معروف. والسؤال المشار إليه في النص يتعلق باستعمال التبغ ، إذ أن إحمد بن أبي محلي كان من المدمنين على التدخين يرى حليته ويناقش آراء القائلين بالتحريم.

انظر م. حجي ، الحركة ، ١ : ٢٤٧.

(٢٧٣) «ب» : رجل من أكابر العلماء.

(٢٧٤) أفتى الشيخ سالم السنهوري (ت. ١٠١٥ / ١٦٠٦) ، إمام المالكية بمصر ، بتحريم الدخان ، فبعث له ابن أبي محلي بكتيب سماه الحكاية الأدبية والرسالة الطلبية مع الإشارة الشجرية (الإصليت ، ورقة ٩٣ ـ ١٠٠).

(٢٧٥) «ب» : والسؤال.

(٢٧٦) «ب» : والمخضرات.

(٢٧٧) يقصد كتابه : «اللمغ في الإشارة إلى حكم طبغ».

أثبته ابن أبي محلي في الإصليت ، ١٣٦ ظ ـ ١٤٥ ، بتصرف ، وتوجد نسخة مستقلة مخطوطة بمكتبة تمكروت رقم ٢٩٩٩ في ١٧ ورقة.

(٢٧٨) «ب» : وقال القاضي الذي رأيت في النوم أبو عبد الله.

١٤٥

بن يوسف (٢٧٩) الأستاذ الشهير في قراءة القرآن ، وقال : لماذا أنت مشغول؟ قلت : أؤلف كتابا وبحلف ، قال لي : مبارك. ومقلوب اسم حلف فهو فلح (٢٨٠) ، وفي ليلة أخرى قبل أن ختمته بنحو العشرين يوما قيل لي في النوم إذا تتم الكتاب يكون الذهب ويوم السبت التالي ليوم الجمعة التي ختمته فيها كان كما قيل لي (٢٨١). نسأل الله العظيم أن يجعله نافعا مقبولا منه ومن المسلمين ، ناصرا لدين رب العالمين. وإن قال قائل لو كتمت ما ذكرت في الباب الأخرى لكان خيرا من ذكره ، فأقول : لما ألفت الكتاب في الرد على النصارى واليهود من كتبهم ، ذكرت في الباب ما اتفق لعبد من الأمة المحمدية وأنا من المذنبين منهم ما لا يتفق أبدا بعد النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم لنصراني ولا ليهودي. وانظر ما يقع لأولياء الله تعالى الصالحين. وقد ذكر الولي عبد الوهاب الشعراوي بمصر في كتابه المسمى بكتاب المنن عجايبا وغرايبا حتى ذكر أن مما من الله تعالى عليه أنه لا ينام من أربع وعشرين ساعة التي في الليل والنهار إلا ثلاث ساعات فقط. وقال بعض المفسرين للقرآن العزيز في معنى قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ، إن ذكر نعمه تعالى هو من الشكر له عليها. وقد ذكر لي بمراكش العلامة الفقيه النبيه ، الخير ، قاضي المسلمين ، سيدي عيسى بن عبد الرحمان السكتي (٢٨٢) : «إنه من الجهاد الرد على الكفار ما يقولونه من الباطل في

__________________

(٢٧٩) يقصد محمد بن يوسف الترغي (ت. ١٠٠٩ ه‍ / ١٦٠٠ ـ ١٦٠١ م).

انظر ترجمته عند : م. حجي ، الحركة ، ٢ : ٣٨٠ ، والمصادر بالهامش ١٥ من نفس الصفحة.

(٢٨٠) زيادة في «ب» : وفهمت أنه رضي بالكتاب لأجل ما قال لي قبل أن مشيت إلى بلد النصارى وذلك أنه سألني في أمر الأندلس الجدود قلت السلطان نصره الله أذن لهم أن يعينوا من يمشي لبلد النصارى وهم يقولون أن القايد إبراهيم القلعي الأندلسي يمشي أو أنا قال لي ما يليق يمشي القلعي لأنه عامي والقسيسون النصارى يشككونه في دينه ، ما يليق يمشي إلا أنت. واتفقوا جميعا أن نمشي ومشيت والمشية كانت بسبب الكتاب.

(٢٨١) زيادة «ب» : فتح الله تعالى مسئلة من فضله أن يجعله نافعا ...

(٢٨٢) يقصد السكتاني.

انظر ترجمته عند م. حجي ، الحركة ، ٢ : ٣٩١ ، والمصادر بالهامش ٤٥ من نفس الصفحة.

١٤٦

الأديان».

والحمد لله ، والشكر له على ما جاهدنا معهم. نسأل الله العظيم أن يكون هذا الكتاب السيف الأشهر ، على كل من كفر. وبرهانه يظهر ، يا الله ، يا واحد ، يا هادي ، يا وهاب ، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلىءاله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا أبدا دايما إلى يوم الدين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

واعلم ـ رحمك الله ـ أن هذا الكتاب ذكرت فيه أني قرأته بمصر المحروسة بالله على العلامة الشيخ سيدي علي الأجهوري المالكي ، وإني بعد أن جئت إل مدينة تونس ـ حرسها الله وجدت فيها الكتاب الذي كتب الشيخ الفقيه الأكيحل الأندلسي ، كان في مدينة غرناطة ، شيخ الترجمة بالإجازة ، وقرأت عليه هنالك ، وعرفت خطه العجمي والعربي. وبعد أن توفي رحمه‌الله تعالى بقي الكتاب بيد الفقيه يوسف فلب الأندلسي ، وأتى به إلى مدينة تونس ، ومات فيها ، وبقي الكتاب بيد واحد من إخواننا الأندلس ، وكتمه عن غيره ، لأن بعض الأندلس من أهل العلم كانوا يطلبون عليه ، وأنا كنت نتمنى قراءته فأعطاه لي الذي كان بيده ـ جزاه الله تعالى عني خيرا كثيرا ـ حتى توفيت (٢٨٣) النظر فيه ، وزدت منه في كتابي ناصر الدين في الباب الأول عقيدة تصفيون ابن العطار في التوحيد ، وبعض المسائل مما ذكرت على الكتب التي وجدت تحت الأرض ، مكتوبة بالعربية من عهد الصالحة مريم على أمرها. وأيضا وجدت في تونس كتابا كبيرا مكتوبا بالقالب بالعجمية مترجم من بالرا الاشبيلي (٢٨٤) مثل الذي قرأت بفرنصه ، فيه جميع كتب التوراية والزبور والإنجيل. وزدت منه في كتابي قصت بخت نصر ، وما فسر النبي دانيال عليه‌السلام وغير ذلك. زدت من التوراية في الباب العاشر. وأيضا كتبت في الكتاب ترجمة البراة التي كتب سلطان إشبانية ـ وهي بلاد الأندلس ـ وأمر بخروج المسلمين

__________________

(٢٨٣) «ب» : استوفيت.

(٢٨٤) يقصدCipriano de Valera البروتستانتي ، وكتابه :

Los dos tratados del papa y de ka Missa. publiee par Louis Usoz y Rio) ٠٢ tomes (, Ma ـ drid. ١٥٨١.

١٤٧

الأندلس منها ، وذكر الأسباب التي حملته على إخراجهم. جاءت نسخة من البراءة إلى مراكش وترجمتها للسلطان مولاي زيدان ـ رحمه‌الله ـ والترجمت (٢٨٥) في آخر الباب الحادي عشر من الكتاب. في الباب الثاني عشر ذكرت براة الراهب ، وما جوبته فيها ، والفتوة التي استفتيته في دينه لما علمت من سوء اعتقادهم ، وكان في مراكش. والباب الثالث عشر ذكرت الشمسية من الذهب التي وجدت في بيتي. وما ذكر سيدي أحمد باب السوداني في ذكر الله أكبر عند تمام الكتاب ،

انتهى.

والحمد لله رب العالمين (٢٨٦).

__________________

(٢٨٥) «ب» : الترجمة.

(٢٨٦) هناك إضافة في «ب» :

ومما كتبت في مصر في الكتاب الذي ألفته المسمى رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب أن النصراني المسمى بابرت الذي كان يقرأ بالعربية في مدينة بريش العظيمة التي فيها دار الملك الفرنجي قال لي عندنا في هذه المدينة رجل لبيب وعاقل مقبول من الجميع حتى إذا عمل أحد شعرا ما يظهره للناس حتى يعرضه عليه فإذا أذن له يظهره وإلا يتركه فمشينا عنده ومن عادة الفرنصيين إذا يرد عليهم رجل غريب ممن يثنى عليه يقولون له أن يحكي لهم حكاية وكان ابرت الذي مشيت معه سمع مني بعض الحكايات ومشينا عند الرجل الذي ذكرنا وبعد أن قبل علينا بحسن القبول والأدب وكان يعرف اللسان العجمي الذي يتكلمون به ببلد الأندلس وقال إنه جلس في أخبار مدوننا والفرنجيون يعظمون كثيرا لمن جال في الدنيا ورى بلده كثيرة وقال لي الرجل احك لي حكاية فقال لي ابرت الذي حملني إلى عنده أن أحكي حكاية اسقوا الأندلسي ولما رأيت أنه لا بد من ذلك لما جرت به العادة عندهم قلت فيما مضى جاء رجل أندلسي اسمه اسقوا إلى مدينة غرناطة يحمل حطبا على دابته وساق معه وعاء ليشتري من دراهم الحطب زيتا فلما دخل المدينة التقى بخديم من دار السلطان وقال لي هذا الحطب للبيع قال نعم قال له بكم قال بكذا من الدراهم قال لي أجي معي نخلصك

١٤٨

تابع هامش (٢٨٦)

__________________

فمشينا معه إلى باب دار السلطان ونزل الحطب ودخلها الخديم وبقي الرجل ينتظر الدراهم ولما تعطل عليه غوبس وعيّط وأراد الدخول إلى دار السلطان قبضه البواب وضربه فأخذ الرجل حماره وحباله ومشا إلى دكان فيه الزيت فمد له الوعاء وقال لصاحب الدكان عمر هذا بالزيت فصنع ذلك ، وقال له اعطني كذا من دراهم حق الزيت فطلع إلى الدكان وقبض الزيات وضربه ضربا شديدا في جسده فقام الزيات بالعياط واجتمع الناس وفبضوا الحطاب ومشوا به لمن يحكم فيه وهو يقول بالعياك أنا بالله وبالسلطان فوصل الخبر للملك وأمر بإحضاره والناس معه للشهادة عليه والزيات يشتكي وشهدوا بما رأوا من الضرب قال له السلطان : تجوز ولا يقدر أحد أن يردها قال أنا يا مولاي جبت حمل حطب واشتراه مني خديمكم وبعد أن دخل الحطب إلى الدار طلبت الدراهم وضربوني في جسدي وقلت هذا صرف السلطان وسكته به إن شاء الله نشري الزيت ، ولما أعطاه لي طلب الاخلاص فخلصته بسكّة السلطان التي قبضت في الحطب فضحك السلطان وقال له ما اسمك قال اسمي اسقوا قال له أين ساكن قال في البلد الفلاني قال له ارحل بأولادك تسكن في مدينتي وتلزم هذه الدار من جملة خدامنا فامتثل الأمر وكان يشرح السلطان ويطول الكلام فيما حكى عنه بعد ذلك.

ولما فرغت مما ذكر فرح الكاتب وقال ابرت بكلام الفرنج أنه استحسن ما سمع وبعد ذلك بأيام جاء عنده رجل من أصحابه ، وقال لي الكاتب احك لنا الحكاية التي ذكرت لأن صاحبنا هذا يعرف كلام بلدكم العجمي واشرح هو وصاحبه حيث ذكرت الحكاية ؛ انتهى.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين اللهم اغفر لكاتبه ولمن كتبه إليه ولوالدين ولجميع المسلمين ولا تحاسبنا يا مولانا بما فعلنا وما أسررنا وما أعلنا وأنت أعلم به منا يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.

ملاحظة : وردت بعد هذا بخط مغاير ودقيق كتابة لا علاقة لها بموضوع الكتاب ، وقد آثرنا حدفها.

١٤٩
١٥٠

ملاحق الكتاب

١٥١
١٥٢

ملحق (١)

ترجمة كتاب «مواهب الثواب»

بسم الله الرحمان الرحيم [و] صلى الله على سيدنا ومولانا محمد و [على] ءاله وصحبه ، وسلم تسليما.

يقول العبد الفقير أحمد بن قاسم الأندلسي مؤلف الكتاب المسمى ب ناصر الدين على القوم الكافرين ، بعد الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد و [على] وصحبه ، التابعين له في الدين.

أما الكتب التي ذكرنا أنها وجدت في خندق الجنة بقرب غرناطة تحت الأرض ، فباشرت بيدي بعض ورقها ، وقراءتها ، وترجمتها. فكانت كل ورقة قدر كف اليد مستديرة من رصاص ، وبعضها أصغر منقوشة على خطوط مثل هذا : بسم الله الرحمان الرحيم ، ومثل الخاتم الذي كتبنا في الباب الأول. ثم إني طالعت في تونس كتاب الاكيحل الأندلسي ـ رحمه‌الله ـ ، وقال : إن جميع الكتب كانت اثنين وعشرين كتابا ، وأن الصالحة مريم ـ عليها‌السلام ـ نزل عليها جبريل عليه‌السلام بسبعة ألواح من الزبرجد الأخضر ، وقال لها : أن تكتب نسخة منها بيدها ، وتبعثها مع سائر الكتب التي كتب الحواريون بعد أن عرج سيدنا عيسى عليه‌السلام إلى السماء ، إلى بلاد إشبانية وهي بلاد الأندلس ـ ، فكتبت نسخة من الكتاب ، وهو المسمى بحقيقة الإنجيل الذي تقدم الكلام عليه في هذا الكتاب عند الخاتم. فكتبت نسخة من الكتاب ، وهو المسمى بحقيقة الإنجيل ، وبعثها مع سائر الكتب مع جماعة من الحواريين ، وهم : شنتاغ ، وتصفيون ، وأخوه سسليوه الذي كتب الرق الذي تكلمنا عليه ، وهما اللذان كتبا الكتب ، وكانوا عرب ، وخمسة من الحواريين معهم ، وجميعهم أحرقهم المجوس الروم في الغار الذي وجدوا الكتب ، كل واحد بستر من رصاص في قلب حجر معقود عليه ، بعد ألف وست مائة سنة. وورق كتاب حقيقة الإنجيل أغلظ من سائر ورق الكتب ، في غلظ ريال كبير وأغلظ. وفيه سر للكتب ،

١٥٣

لأن بعد قراءته ، تكون الناس على دين واحد ، انتهى.

انظر هل يكون ذلك في زمن الفاطمي لأنه صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما يجدها ملأ جورا وظلما».

وكتبت نسخة من كتاب مواهب الثواب. وهو من جملة الكتب التي ساق من غرناطة لتونس الفقيه يوسف فلب الأندلسي المذكور ـ رحمه‌الله ـ. وهي هذه النسخة :

بسم الله الرحمان الرحيم [و] وصلى الله علي سيدنا ومولانا محمد [على] ءاله وصحبه وسلم تسليما.

نسخة من أحد الكتب التي وجدت تحت الأرض في خندق الجنة بقرب غرناطة ، مكتوبة في ورق الرصاص من عهد الصالحة مريم ـ عليها‌السلام ـ بعد أن عرج سيدنا عيسى عليه‌السلام ، المسمى بكتاب مواهب الثواب ، واللعنة بعكسها للمعاكسين إليها. فيه ثمان مسائل ليدره مع جمهور الحواريين للصالحة العذرة مريم ، وجوابها إليه. لم يقدر أحد على فهم معاني تواريخ الحقيقة ، تما (٢٨٧) دونه ، ليعقوب ابن شامخ الحوري عاقبة الدين. مكتوب على يدي تلميذه وكاتبه تصفون ابن العطار الأعربي ، قال يعقوب الحوري : جماعة جمهورنا الحواريين الإثنى عشر كنا مع الصالحة مريم في بيتها بعد نزول حقيقة الإنجيل عليها ، ووصفها للأمر فيه إلينا ، فخاطبتنا بقول قد أسحرت به عقولنا ، وطابت أنفسنا ، وسكنت قلوبنا ، وخشعت لما يجب الخشوع إليه من أحسن الذكر ، والعمل الصالح ، والطاعة لله. ثم خطبتنا بأسرار عظيمة لم يجب ذكرها في كتابي هذا ، ولكن أقول إن خطابها يوقف الملائكة في السماء والإنس في الثرى ، تعظيما لله ، ووعظا ، ومعجزة منه للسامعين. وما رأيت أبدا أطيب نفسا من نفسها ، ولا أفصح لسانا من لسانها ، ولا أكبر علما من علمها بعد سيدنا يصوع. وذلك الوصف كله كان في خواص حقيقة الإنجيل العزيز ، شكر لله على تلك النعم. وأطلب من مجدك وفضلك أن تقصص علينا ثمانية مسائل في مواهب ثوابها ، وعن المتوكلين للأمر بها ، التابعين إليها بالإيمان ، وعن

__________________

(٢٨٧) كذا بالأصل ، ولعلها «كما».

١٥٤

ثوابهم الموصوفين في وصفك بالتوريخ للعباد في آخر الزمن ، وما يبتغي بالعكس للمعاكسين إليها من اللعنة والعقاب ، ليكتب جمهورنا والعباد من بعدنا في آخر الزمن ، فقالت : يا يدره ، صف أولا منهن؟ قال : أخبرنا عن حقيقة الإنجيل ، وعن ثوابه يا مولاتنا. فقالت : حقيقة الإنجيل هي روح الإنجيل ، هي كنز من كنوز العرش ، فلاح للمؤمنين ، آمين. عبد يؤمن حق الإيمان بإخلاص ونية لم يخالطهما شيء من الشك ، ومات على ذلك ألا يكتب الله له براءة من النار ، ويغفر له جميع ذنوبه ، ولو كانت لم تحص في العدد. وما من عبد مؤمن يأتي لها على علم بعد شرحها للعباد يرجعه الله في الجنة درجة عالية. والعامل بالعكس لا شفاعة فيه ، يلعنه الله وملائكته ألف مرة في كل يوم ، وهو تحت سخط الله ، ويخلده في نار جهنم إلا أن يرجع من ذلك كله حق الرجوع لله.

ثم قالت : يا يدره ، صف لي الثانية؟ قال أخبرنا عن فضل العرب أنصار الدين في آخر الزمن ، وعن ثوابهم ، وعن فضل لسانهم على الألسن ، يا مولاتنا ، فقالت : العرب أنصار الدين في آخر الزمن ، وفضل لسانهم على الألسن مثل فضل الشمس على دراري السماء ، اختارهم الله لذلك الأمر ، وأيدهم بنصره (٢٨٨) وفضل المؤمنين عند الله كبير ، وثوابهم جسيم. فما من عبد مومن يدعو لهم بالنصر والتأييد ، بعد أن شهر الله حقيقة الإنجيل في الموضوع المقدس الذي يرى فيه ، إلا وينصره الله النصر المبين ، ويكتبه الله حقا عبده تابعا لمرضيته ، ومنيبا لنصر دينه الرشيد ، ومن يردهم لسوء يلعنه الله وملائكته ألف مرة في كل يوم وهو تحت سخطه إلا أن يرجع عن ذلك كله حق الرجوع لله. ثم قالت : صف الثالثة يا يدره ، قال أخبر عن صالح الفقه الذي يشهر الله الحقيقة على يديه ، وعن ثوابه ، يا مولاتنا ، فقالت : إنما صالح الفقه حقا المؤمنون بما وضع الله في الوجود من كلماته التامة بالإنجيل العزيز على فيه روح يصوع بالحقيقة روحه من بعده ما دون الشكوك ، والظن وذلك جمهور المسجد المؤمن الصالح العالم المنور بنور الإيمان والرحمة والخليفة اليصعية الموكلة عليه بقدرة النهاية ، والأمر

__________________

(٢٨٨) كتب في الطرة : انظر هذا الفضل الذي ذكر للعرب ، إنهم أنصار دين الله وفضل لسانهم على سائر الألسن ، وإن الله فضلهم واختارهم.

١٥٥

والحل والربط لأنها الحقيقة برنامج حقها ونورها فلاح للمؤمنين ، لا نور لهم دونها ، ولا لأحد من العالمين ، ما من عبد يؤمن بذلك كله حق الإيمان بنية وإخلاص لطاعة الله لم يخلطها شيء من الشك ، ويحث نفسه على تسهيل الأمر بالحقيقة للمجتمع الأكبر بجزيرة السبر بمشارق البندقية ، وشرحها يدخل بها في دين الله إلا ويكتب عبده صالح الفقه حقا ، وعصبة متصلة من ذلك الجمهور ، وصلوحيته ، ويسيل سلسلة ربقته في عنقه ، وينظرها بعين عنايتها ، وكفله بكنف رحمته ، وأن ينفق الأمر درهما طيبا من ماله في سبيل الله ، يغفر الله له جميع ذنوبه ويحشره تحت رضائه ويعطيه في الجنة أجر المصدقة التي بنت مسجد نبي الله سليمان ابن داوود ، لأنه معينا استبناء المسجد للمؤمنين بالله واليوم الآخر بذلك الصدقة المقبولة منه. وبالعكس ما من عبد يصل توريخها بيده وخواص الأمر بها في علمها ، ويشك فيها ويريد طول الأمل بها ويرضى بكتمانها وكتمان توريخها وكتاب هذا أدنى حينا من الدهر من ذلك الجمهور ومن الخليفة اليصعية ومن العرب الأنصار ومن الناصر الساكن في المشرق ، ومن ملوك الأرض ومن عباد الله ليتبعوا موذيته ولينالوا من الثواب الحقيقة الموهوبة لهم ومن فضله إلا ويرفضه من ذلك الجمهور ، وصلوحيته ، ويقطع من عصابته ، ويخلع سلسلة ربقته من عنقه ، ويكتب في غيبه عدوله معاكسا لمرضيته ويلعنه الله وملائكته ألف لعنة تلزم في الحين بكل من يبلغ قول هذا ، وتوريخ الأمر بالحقيقة عنده ، كان من كان ، ويجعله كمشكوة دون مصباح ، ويقعده في نار جهنم ملموما مدحورا خالدا في عذابها ما دام ملكه ، إلا أن يرجع من ذلك كله حق الرجوع إلى الله ، ويغفر عنه. ثم قالت : صف لي الرابعة يا يدره ، قال : أخبرنا عن الناصر الساكن في المشرق ، وعن ثوابه ، يا مولاتنا ، فقالت : الناصر ملك من ملوك العرب ، وليس بأعربي ساكن في المشرق بأرض الانانيين عدوا بالغا لله جناس العجم ولملتهم ومذهبهم واختلافهم في الدين. يكون له نمائة جميلة لطاعة الله ، ولنصر دينه الرشيد ، أيده الله بنصره ، وألقى نصر حقيقة الإنجيل العزيز في حكمه ، ويوقف لواء الدين بيده ، وأيده بالنصر والتمكين في الوجود على سائر الأجناس في ذلك الزمن ، وله نور وعلم لطاعته في ذلك الأمر ، وهو في غفلة من قول هذا إلى وقة يبلغ الأمر بالحقيقة الكفولة عنده ، وذلك كله سابقة في سابق علم الله سبحانه ليهب فضله

١٥٦

من شاء ، حاش أن يكون في ملكه ما لا يريد إلا مسترضى لأمره له عند الله ثواب كبير ودرجة عالية ، فما من عبد مؤمن بالله بالنصر والتأييد ويعينه بنفسه أو ماله لذلك الأمر ومات على ذلك ألا يغفر الله له جميع ذنوبه ويعطيه في أجر الشهداء الذين سيتشهدون على الدين. ومن يأته بالعكس يلعنه الله وملائكته ألف مرة في كل يوم ، ويرفضه من رحمته ، إلا أن يرجع عن ذلك كله. ثم قالت صف لي الخامسة ، يدره ، قال : أخبرني عن المتألفين قلوبهم للمجتمع الأكبر ، وعن ثوابهم يا مولاتنا ، فقالت إنما المتألفين قلوبهم المجتمع الأكبر الذين تميل وتخشع قلوبهم لله واستيذانهم إلى الإنجيل العزيز ، ولحقيقته وللمؤمنين بما تجمع إليه الحقيقة كانوا من جميع الأجناس ، وأيضا الذين يهبون الصدقة ، ويحثون نفوسهم والعباد إلى الحضور فيه بقدر الاستطاع عليه وبالنية. فما من عبد من عباد الله يفعل به ، ويهب نيته وصدقته الطيبة إليها بنية وإخلاص في سبيل الله لذلك الأمر ومات على الإيمان إلا ويغفر الله له جميع ذنوبه ، ولو كانت لم تحص في العدد ، ويكتبه من المتألفين قلوبهم إليه ، وإن حضر فيه ويومن بالمجموع عليه إلا ويكتب الله له براءة من النار ، ويعطيه أجر الشهداء المستشهدين على الدين. والمعاكس لذلك والمانع للعباد من الحضور فيه لا شك في خلوده في نار جهنم وعذابه الأكبر ، إلا أن يرجع من ذلك كله حق الرجوع لله ثم قالت : صف لي السادسة : يدره ، قال : أخبرنا عن المترجمين المفسرين وعلى ثوابهم ، ومولاتنا ، فقالت : المترجمون حقا مترجمون الكتب الذي بحقيقة الإنجيل بعد شرحها للعباد في المجتمع الأكبر. يبعثهم في ذلك الزمن مصابيح أجناس الوجود ، يتلألؤون نورا العلم والفقه الموهوب ، ويدخلون في أرض السبر ، يزيدهم قوة من فضله في العلم. ولغة الألسن للترجمة المذكورة ، والتفسير ، ليستفهموا بعض من بعض ، وقولهم في القوام لشرح دينه الرشيد ، والاستفهام فيه لسعته. ولكن يكون عندهم قليل ثم قليل بين الأجناس لبرهان معجزة الله في العالمين ، وراسهم أضعف خلقه شارح الحقيقة طايعا لله ولخليفته المسجد المؤمن بالله واليوم الآخر ومؤمنا بذلك الإيمان وعصابة متصلة من جمهوره يبعثه الله في ذلك الزمن بنور العلم والفقه والرحمة لذلك الأمر كما وصفت لكم ، وكلهم ألقاهم الله في كفالة الملوك والمتربين ، والله يحب أهل العلم الصالحين ، ويكره أهل الفسق الجاهلين.

١٥٧

وجزاء المومنين منهم عند الله كبير ، وثوابهم جسيم ، ولهم درجة عالية في الجنة.

وما من ملك ، أو مترف ، أو عبد من عباد الله المؤمنين يحسن إليهم ، ويهيئ أمورهم للمجموع الأكبر المذكور وشرح الحقيقة إلا يغفر له جميع ذنوبه ، ويكتبه عنده من الشهداء الذين سيتشهدون على الدين ، ويرفع لهم بكل درهم طيب ينفق لذلك الأمر من ماله درجة في الجنة. ومن يردهم بسوء أو معاكسة يلعنه الله وملائكته ألف مرة في كل يوم ، ويرفضه من رحمته ، إلا أن يرجع عن ذلك كله حق الرجوع لله. ثم قالت : صف السابعة ، يدره ، قال : أخبرنا عن أضعف خلق الله شارح حقيقة الإنجيل في المجتمع الأكبر وعن ثوابه ، يا مولاتنا ، فقالت الله يخص برحمته تأويل العلم من يشاء من عباده ، وذلك العبد من المخصوصين المكتوبين في علم غيبه مواهبه ومننه عليه كبيرة ، ورحمته ومعجزته ظاهرة فيه للعباد المخلصين الذين يشاء الله يطالعهم عليه من فضله. ولكن يكون عددهم قليل في العالمين ، عنصره طيب ، زكي ، أعرابي ، لأن النصر لا ينبغي لغير العرب. والناصر في ذلك الزمن هو مظهر من جميع العلوم كما كان ابني يصوع ، ولا يعدم فهم جواب السائلين منور بنور الإحسان والرحمة ، خالص النية ، وله علم كثير موهوب من الله ليس يوصف به بين العباد ، له نشية معتدلة ، وبشاشة في وجهه مشتملة ، وفصاحة في اللسان بلفظ نصير وعلم كثير وإتقان ، يبعثه الله في تكبيره ... (٢٨٩) لسيد الأرض ، وفيها يعلمه الذكر ليكون أضعف خلقه في الوجود ، ويضع تهام الضالين والمرتدين الفاسقين المنافقين المختلفين من جميع الأجناس بالإنجيل العزيز ، وبالحقيقة بالشهود ، المنقوب من مرتب منزلة الصبر صبورا على ذا الفقر والآفاق ، رافض الفخر والكبر ، ويكون له إنبات الاهفة كبيرة لتعظيم الأجر ، وطاعة لله ، مجتنبا من المحارم والعيوب ، صادق القول والوعد ، حافظ الأمان والميمنة ، خالق المسيرة ، لم يغفل عن ذكر الله ، وخشيته بقلبه ، وتذكره طرفة عين ، وأن تلحقه معصية يسبقها بالندم ، ويرتجي من الله العفو والغفران ، وثوابه عند الله كبير ، وأجره جسيم على قدر نيته وإيمانه وعلمه وطاعته إليه ، ويزيده من فضله أن الله لا يضيع أجر المحسنين. يهب الله له شرح حقيقة

__________________

(٢٨٩) بياض بالأصل.

١٥٨

الإنجيل العزيز المقفولة ، وألقى عملها وفهمه ، وشرحها في محفوظه ونور قلبه بإيمانه. وذلك سابقة في علم غيبه ، شارح الحقيقة إذا يشاء الله يشرحها في ذلك المجتمع لطاعته ولا بنظارة العباد. ولكن الله ينبيهم بالحقيقة وألقى فيهما من كل حكمة ما يليق بذلك المقام ما دون اختلاف وينذر عباده بها إلى يوم كان وعده مفعولا تعيي العقول فيه. ما من عبد مومن يدعى إليه يقول : اللهم رب احرس بعين عنايتك لأضعف خلقك شارح حقيقة الإنجيل العزيز في المجتمع الأكبر وهي أمره إليه ، واجعلني بما أشرح فيها من الحق مؤمنا ويسّر عليّ حفظها وعامل بما أمرت فيها من الحق مؤمنا ، وفي الإنجيل العزيز من الطاعة ... (٢٩٠) إنك على كل شيء قدير إلا وينظره الله بعين رحمته ، ويحرسه من جميع الآفات. ومن يرده بالعكس يلعنه الله وملائكته ألف مرة في كل يوم إلا أن يرجع من ذلك كله حق الرجوع لله. ثم قالت. صف الثامنة ، يدره ، قال : أخبرنا عن بركة الموضع الذي يرام الحقيقة عن ثواب زيارة العباد ، يا مولاتنا ، قالت : دليل على بركة الموضع المقدس الذي ترامى الحقيقة والكتب فيه اخترته لذلك الأمر وكتبت بذلك فما من عبد مؤمن طاهر نقي يزوره بنية وإخلاص ، لم يخلط شيء في أن الإنجيل العزيز ، وفي الحقيقة روحه ، وحق الكتب التي معها ، ويدعى الله بعد إشهارها فيه ، ويقول : اللهم رب آمنت حق الإيمان بكلماتك التامات التي أرسلت بها سيدنا يصوع روحك ، وبحقيقة إنجيلك العزيز الذي شرحت نسختها في ذلك الموضوع المقدس ، والكتاب الثابت الصحيح الذي معها ، أسألك باسمك العظيم الأعظم ، وبمجدك وفضلك ورحمتك على عبادك أن ترفع بها وبه لواء دينك الرشيد على الأديان كلها ، وأن تؤيد بها ، وبه مسجدك المومن المقدس وزكى بجهوده الصالح ، وأن تدخل بها وبه عبادك المؤمنين في كنف رحمتك وأن تهتك بها وبه ستر المعاكسين إليها ، إنك على كل شيء قدير ، إلا ويغفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت لم تحص في العدد ، وأن تصدق أن الله يزيد درجته في الجنة على قدر نيته ، وعلى كل درهم طيب أعطاه في ذلك الموضوع لتهينه الأمر المذكور. وأقول لكم إن ذلك في طاعته ، ومرضيته ، وما كان لله حاشا أن يضيع أبدا

__________________

(٢٩٠) بياض بالأصل.

١٥٩

لعباده أنه يجزي المحسنين الطايعين إليه ، ولا خوف من الأعداء ، إن الله لا يهدي القوم الظالمين ، وينزل السكينة على قلوب المؤمنين ، والرحمة على عباده أجمعين ، ليستذانوا لشرح الحقيقة والإيمان بها ، ويهدي من يشاء منهم بفضله العظيم. فلما فرغت من ذلك القول إذا قائلا بالنداء من قبل الحق يا من له الخليفة الموهوبة ، والقدرة على من سبقت عليه الفضايل ومواهب الثواب الموصوفة على مريم العذرة في جوانب الثمانية مسايل وأوثق كلمة اللعنة والرفاض من جمهور المسجد المؤمن المقدس وصلوحيته على من سبقت عليه الرفض في وصفها وثوابها وفضلا لا ينفد أبدا ، واللعنة لا ينبغي نقضها لأحد من بعدك حلها إلا بحق الرجوع لله عن المحارم. قال الخليفة : السمع والطاعة لرب العالمين. أشهدكم يا معشر الحواريين بمولاتنا مريم العذرة ـ وهي وأنتم معها خير الشاهدين ـ على الحق ، إن أوثق كلمة الإثقان بقدرة الخليفة اليصوعية الذي سبقت عليه كملت إثقان الفضايل ، وثواب المواهب كما وصفتها في جواب المسايل الثمانية ثوابا وفضلا لا ينفذ أبدا من بعدي ، وأوثق بالعكس كلمة اثقان اللعنة والرفض من جمهور المسجد المؤمن الصالح المقدس ، على من سبقت عليه كلمة اللعنة والرفض في جوابها في الثمانية مسايل المذكورة ... (٢٩١) لا ينبغي نقضها لأحد من بعدي [إلا بحق الرجوع] لله من الحرام. فلما فرغت من ذلك ... (٢٩٢) انفتح فرشه الأعلى وخرج منه ... (٢٩٣) وكتب على جدول خاتم سليمان ... (٢٩٤) في جدار وسطه هذه ... (٢٩٥) مضى عن جمهورنا وقد ... (٢٩٦).

__________________

(٢٩١) بياض بالأصل.

(٢٩٢) بياض بالأصل.

(٢٩٣) بياض بالأصل.

(٢٩٤) بياض بالأصل.

(٢٩٥) بياض بالأصل.

(٢٩٦) بياض بالأصل.

١٦٠