معجم البلدان - ج ٣

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٣

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

الإقليم الخامس ، طالعها عشرون درجة من برج العقرب تحت سبع عشرة درجة من برج السرطان ، يقابلها مثلها من برج الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، لها شركة في كفّ الجذماء ، حولها كل نحو عامر ، وفيها جاءت الرواية من كلّ فيلسوف وحكيم ، وفيها قامت الأعلام والنجوم ، وقد روي عن جبير بن مطعم أنّه قال : لو لا أصوات أهل رومية وضجّهم لسمع الناس صليل الشمس حيث تطلع وحيث تغرب ، ورومية من عجائب الدنيا بناء وعظما وكثرة خلق وأنا من قبل أن آخذ في ذكرها أبرأ إلى الناظر في كتابي هذا ممّا أحكيه من أمرها ، فإنّها عظيمة جدّا خارجة عن العادة مستحيل وقوع مثلها ، ولكني رأيت جماعة ممّن اشتهروا برواية العلم قد ذكروا ما نحن حاكوه فاتبعناهم في الرواية ، والله أعلم ، روي عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، أنّه قال : حلية بيت المقدس أهبطت من الجنة فأصابتها الروم فانطلقت بها إلى مدينة لهم يقال لها رومية ، قال : وكان الراكب يسير بضوء ذلك الحلي مسيرة خمس ليال ، وقال رجل من آل أبي موسى : أخبرني رجل يهودي قال : دخلت رومية وإن سوق الطير فيها فرسخ ، وقال مجاهد : في بلد الروم مدينة يقال لها رومية فيها ستمائة ألف حمّام ، وقال الوليد بن مسلم الدمشقي : أخبرني رجل من التجار قال : ركبنا البحر وألقتنا السفينة إلى ساحل رومية فأرسلنا إليهم إنّا إيّاكم أردنا ، فأرسلوا إلينا رسولا ، فخرجنا معه نريدها فعلونا جبلا في الطريق فإذا بشيء أخضر كهيئة اللّجّ فكبّرنا فقال لنا الرسول : لم كبّرتم؟ قلنا : هذا البحر ومن سبيلنا أن نكبّر إذا رأيناه ، فضحك وقال : هذه سقوف رومية وهي كلّها مرصّصة ، قال : فلمّا انتهينا إلى المدينة إذا استدارتها أربعون ميلا في كلّ ميل منها باب مفتوح ، قال : فانتهينا إلى أوّل باب وإذا سوق البياطرة وما أشبهه ثمّ صعدنا درجا فإذا سوق الصيارفة والبزّازين ثمّ دخلنا المدينة فإذا في وسطها برج عظيم واسع في أحد جانبيه كنيسة قد استقبل بمحرابها المغرب وببابها المشرق ، وفي وسط البرج بركة مبلّطة بالنحاس يخرج منها ماء المدينة كلّه ، وفي وسطها عمود من حجارة عليه صورة رجل من حجارة ، قال : فسألت بعض أهلها فقلت ما هذا؟ فقال : إن الذي بنى هذه المدينة قال لأهلها لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذه الصفة فهم الذين يفتحونها ، وذكر بعض الرهبان ممن دخلها وأقام بها أن طولها ثمانية وعشرون ميلا في ثلاثة وعشرين ميلا ، ولها ثلاثة أبواب من ذهب ، فمن باب الذهب الذي في شرقيّها إلى البابين الآخرين ثلاثة وعشرون ميلا ، ولها ثلاثة جوانب في البحر والرابع في البرّ ، والباب الأوّل الشرقيّ والآخر الغربي والآخر اليمني ، ولها سبعة أبواب أخر سوى هذه الثلاثة الأبواب من نحاس مذهّب ، ولها حائطان من حجارة رخام وفضاء طوله مائتا ذراع بين الحائطين ، وعرض السور الخارج ثمانية عشر ذراعا ، وارتفاعه اثنان وستون ذراعا ، وبين السورين نهر ماؤه عذب يدور في جميع المدينة ويدخل دورهم مطبق بدفوف النحاس كلّ دفّة منها ستة وأربعون ذراعا ، وعدد الدفوف مائتان وأربعون ألف دفة ، وهذا كلّه من نحاس ، وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعا في عرض ثلاثة وأربعين ذراعا ، فكلّما همّ بهم عدوّ وأتاهم رفعت تلك الدفوف فيصير بين السورين بحر لا يرام ، وفيما بين أبواب الذهب إلى باب الملك اثنا عشر ميلا وسوق مادّ من شرقيّها إلى غربيّها بأساطين النحاس

١٠١

مسقّف بالنحاس وفوقه سوق آخر ، وفي الجميع التجار ، وبين يدي هذا السور سوق آخر على اعمدة نحاس كل عمود منها ثلاثون ذراعا ، وبين هذه الأعمدة نقيرة من نحاس في طول السوق من أوّله إلى آخره فيه لسان يجري من البحر فتجيء السفينة في هذا النقير وفيها الأمتعة حتى تجتاز في السوق بين يدي التجار فتقف على تاجر تاجر فيبتاع منها ما يريد ثمّ ترجع إلى البحر ، وفي داخل المدينة كنيسة مبنية على اسم ماربطرس وماربولس الحواريين ، وهما مدفونان فيها ، وطول هذه الكنيسة ألف ذراع في خمسمائة ذراع في سمك مائتي ذراع ، وفيها ثلاث باسليقات بقناطر نحاس ، وفيها أيضا كنيسة بنيت باسم اصطفانوس رأس الشهداء ، طولها ستمائة ذراع في عرض ثلاثمائة ذراع في سمك مائة وخمسين ذراعا ، وثلاث باسليقات بقناطرها وأركانها ، وسقوف هذه الكنيسة وحيطانها وأرضها وأبوابها وكواها كلّها وجميع ما فيها كأنّه حجر واحد ، وفي المدينة كنائس كثيرة ، منها أربع وعشرون كنيسة للخاصة ، وفيها كنائس لا تحصى للعامّة ، وفي المدينة عشرة آلاف دير للرجال والنساء ، وحول سورها ثلاثون ألف عمود للرهبان ، وفيها اثنا عشر ألف زقاق يجري في كل زقاق منها نهران واحد للشرب والآخر للحشوش ، وفيها اثنا عشر ألف سوق ، في كلّ سوق قناة ماء عذب ، وأسواقها كلّها مفروشة بالرخام الأبيض منصوبة على أعمدة النحاس مطبقة بدفوف النحاس ، وفيها عشرون ألف سوق بعد هذه الأسواق صغار ، وفيها ستمائة ألف وستون ألف حمّام ، وليس يباع في هذه المدينة ولا يشترى من ستّ ساعات من يوم السبت حتى تغرب الشمس من يوم الأحد ، وفيها مجامع لمن يلتمس صنوف العلم من الطبّ والنجوم وغير ذلك يقال إنّها مائة وعشرون موضعا ، وفيها كنيسة تسمّى كنيسة الأمم إلى جانبها قصر الملك ، وتسمّى هذه الكنيسة صهيون بصهيون بيت المقدس ، طولها فرسخ في فرسخ في سمك مائتي ذراع ، ومساحة هيكلها ستة أجربة ، والمذبح الذي يقدّس عليه القربان من زبرجد أخضر طوله عشرون ذراعا في عرض عشرة أذرع يحمله عشرون تمثالا من ذهب طول كل تمثال ثلاثة أذرع أعينها يواقيت حمر ، وإذا قرّب على هذا المذبح قربان في الأعياد لا يطفأ إلّا يصاب ، وفي رومية من الثياب الفاخرة ما يليق به ، وفي الكنيسة ألف ومائتا أسطوانة من المرمر الملمّع ومثلها من النحاس المذهب طول كلّ أسطوانة خمسون ذراعا ، وفي الهيكل ألف وأربعمائة وأربعون أسطوانة طول كلّ أسطوانة ستون ذراعا لكل أسطوانة رجل معروف من الأساقفة ، وفي الكنيسة ألف ومائتا باب كبار من النحاس الأصفر المفرّغ وأربعون بابا كبارا من ذهب سوى أبواب الآبنوس والعاج وغير ذلك ، وفيها ألف باسليق طول كل باسليق أربعمائة وثمانية وعشرون ذراعا في عرض أربعين ذراعا ، لكل باسليق أربعمائة وأربعون عمودا من رخام مختلف ألوانه ، طول كل واحد ستة وثلاثون ذراعا ، وفيها أربعمائة قنطرة تحمل كلّ قنطرة عشرون عمودا من رخام ، وفيها مائة ألف وثلاثون ألف سلسلة ذهب معلّقة في السقف ببكر ذهب تعلّق فيها القناديل سوى القناديل التي تسرج يوم الأحد ، وهذه القناديل تسرج يوم أعيادهم وبعض مواسمهم ، وفيها الأساقفة ستمائة وثمانية عشر أسقفا ، ومن الكهنة والشمامسة ممن يجري عليه الرزق من الكنيسة دون غيرهم خمسون ألفا ، كلما مات واحد أقاموا مكانه آخر ، وفي المدينة كنيسة الملك وفيها خزائنه التي فيها أواني الذهب والفضة مما قد جعل للمذبح ، وفيها عشرة

١٠٢

آلاف جرّة ذهب يقال لها الميزان وعشرة آلاف خوان ذهب وعشرة آلاف كأس وعشرة آلاف مروحة ذهب ومن المنائر التي تدار حول المذبح سبعمائة منارة كلها ذهب ، وفيها من الصلبان التي تخرج يوم الشعانين ثلاثون ألف صليب ذهب ومن صلبان الحديد والنحاس المنقوشة المموّهة بالذهب ما لا يحصى ومن المقطوريّات عشرون ألف مقطوريّة ، وفيها ألف مقطرة من ذهب يمشون بها أمام القرابين ، ومن المصاحف الذهب والفضة عشرة آلاف مصحف ، وللبيعة وحدها سبعة آلاف حمّام سوى غير ذلك من المستغلّات ، ومجلس الملك المعروف بالبلاط تكون مساحته مائة جريب وخمسين جريبا ، والإيوان الذي فيه مائة ذراع في خمسين ذراعا ملبّس كلّه ذهبا وقد مثّل في هذه الكنيسة مثال كلّ نبيّ منذ آدم ، عليه السلام ، إلى عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، لا يشكّ الناظر إليهم أنّهم أحياء ، وفيها ثلاثة آلاف باب نحاس مموّه بالذهب ، وحول مجلس الملك مائة عمود مموّهة بالذهب على كل واحد منها صنم من نحاس مفرّغ في يد كلّ صنم جرس مكتوب عليه ذكر أمّة من الأمم وجميعها طلسمات ، فإذا همّ بغزوها ملك من الملوك تحرّك ذلك الصنم وحرّك الجرس الذي في يده فيعلمون أن ملك تلك الأمة يريدهم فيأخذون حذرهم ، وحول الكنيسة حائطان من حجارة طولهما فرسخ وارتفاع كل واحد منهما مائة ذراع وعشرون ذراعا لهما أربعة أبواب ، وبين يدي الكنيسة صحن يكون خمسة أميال في مثلها في وسطه عمود من نحاس ارتفاعه خمسون ذراعا ، وهذا كله قطعة واحدة مفرّغة ، وفوقه تمثال طائر يقال له السوداني من ذهب على صدره نقش طلسم وفي منقاره مثال زيتونة وفي كلّ واحدة من رجليه مثال ذلك ، فإذا كان أوان الزيتون لم يبق طائر في الأرض إلّا وأتى وفي منقاره زيتونة وفي كل واحدة من رجليه زيتونة حتى يطرح ذلك على رأس الطلسم ، فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك ، وهذا الطلسم عمله لهم بليناس صاحب الطلسمات ، وهذا الصحن عليه أمناء وحفظة من قبل الملك وأبوابه مختومة ، فإذا امتلأ وذهب أوان الزيتون اجتمع الأمناء فعصروه فيعطى الملك والبطارقة ومن يجري مجراهم قسطهم من الزيت ويجعل الباقي للقناديل التي للبيع ، وهذه القصة ، أعني قصة السوداني ، مشهورة قلّما رأيت كتابا تذكر فيه عجائب البلاد إلّا وقد ذكرت فيه ، وقد روي عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنّه قال : من عجائب الدنيا شجرة برومية من نحاس عليها صورة سودانية في منقارها زيتونة فإذا كان أوان الزيتون صفرت فوق الشجرة فيوافي كل طائر في الأرض من جنسها بثلاث زيتونات في منقاره ورجليه حتى يلقي ذلك على تلك الشجرة فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لقناديل بيعتهم وأكلهم لجميع الحول ، وفي بعض كنائسهم نهر يدخل من خارج المدينة ، في هذا النهر من الضفادع والسلاحف والسراطين أمر عظيم ، فعلى الموضع الذي يدخل منه الكنيسة صورة صنم من حجارة وفي يده حديدة معقفة كأنّه يريد أن يتناول بها شيئا من الماء ، فإذا انتهت إليه هذه الدوابّ المؤذية رجعت مصاعدة ولم يدخل الكنيسة منها شيء البتة ، قال المؤلف : جميع ما ذكرته ههنا من صفة هذه المدينة هو من كتاب أحمد بن محمد الهمذاني المعروف بابن الفقيه وليس في القصة شيء أصعب من كون مدينة تكون على هذه الصفة من العظم على أن ضياعها إلى مسيرة أشهر لا تقوم مزدرعاتها بميرة أهلها ، وعلى ذلك فقد حكى جماعة من بغداد أنّها كانت من العظم والسعة وكثرة الخلق والحمّامات

١٠٣

ما يقارب هذا وإنّما يشكل فيه أن القارئ لهذا لم ير مثله ، والله أعلم ، فأمّا أنا فهذا عذري على أنني لم أنقل جميع ما ذكر وإنّما اختصرت البعض.

رُومَةُ : بضم الراء ، وسكون الواو : أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة نزلها المشركون عام الخندق ، وفيها بئر رومة ، اسم بئر ابتاعها عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وتصدّق بها ، وقد أشبع القول فيها في البئر.

رَوْنَاتُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، ونون ، وآخره تاء مثناة من فوق : موضع في شعر ابن مناذر.

رُونَاش : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، ونون ، وآخره شين معجمة ، وقيل بالسين المهملة ، قصر روناش : من كور الأهواز ، والله أعلم.

رُؤيَا : بلفظ الرؤيا من المنام : اسم موضع.

رُويَانُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : مدينة كبيرة من جبال طبرستان وكورة واسعة ، وهي أكبر مدينة في الجبال هناك ، قالوا : أكبر مدن سهل طبرستان آمل وأكبر مدن جبالها رويان ، ورويان في الإقليم الرابع ، طولها ست وسبعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق ، وبين جيلان ورويان اثنا عشر فرسخا ، وقد ذكر بعضهم أن رويان ليست من طبرستان وإنّما هي ولاية برأسها مفردة واسعة محيط بها جبال عظيمة وممالك كثيرة وأنهار مطّردة وبساتين متّسعة وعمارات متصلة ، وكانت فيما مضى من مملكة الديلم فافتتحها عمرو بن العلاء صاحب الجوسق بالرّي وبنى فيها مدينة وجعل لها منبرا ، وفيما بين جبال الرويان والديلم رساتيق وقرى ، يخرج من القرية ما بين الأربعمائة رجل إلى الألف ويخرج من جميعها أكثر من خمسين ألف مقاتل ، وخراجها على ما وظف عليها الرشيد أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم ، وفي بلاد الرويان مدينة يقال لها كجّة بها مستقر الوالي ، وجبال الرويان متصلة بجبال الريّ وضياعها ومدخلها ممّا يلي الري ، وأوّل من افتتحها سعيد بن العاصي في سنة ٢٩ أو ٣٠ وهو والي الكوفة لعثمان سار إليها فافتتحها ، وقد نسب إلى هذا الموضع طائفة من العلماء ، منهم : أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الروياني الطبري القاضي الإمام أحد أئمة الشافعية ووجوه أهل عصره ورؤوس الفقهاء في أيّامه بيانا وإتقانا ، وكان نظام الملك عليّ بن إسحاق يكرمه ، تفقه على أبي عبد الله محمد بن بيان الفقيه الكازروني وصنف كتبا كثيرة ، منها : كتاب التجربة وكتاب الشافي ، وصنف في الفقه كتابا كبيرا عظيما سماه البحر ، رأيت جماعة من فقهاء خراسان يفضلونه على كل ما صنف في مذهب الشافعي ، وسمع الحديث من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ومن شيخه ابن بيان الكازروني ، روى عنه زاهر بن طاهر الشحامي وإسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيرهما ، وقتل بسبب التعصب شهيدا في مسجد الجامع بآمل طبرستان في محرم سنة ٥٠١ وقيل سنة ٥٠٢ ، عن السلفي ، ومولده سنة ٤١٥ ، وعبد الكريم بن شريح بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الروياني الطبري أبو معمر قاضي آمل طبرستان ، إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام ، ورد نيسابور فأقام بها مدة وسمع ببسطام أبا الفضل محمد بن عليّ بن أحمد السهلكي ، وبطبرستان الفضل بن أحمد بن محمد البصري وأبا جعفر محمد بن عليّ بن محمد المناديلي وأبا الحسين أحمد بن الحسين بن أبي خداش الطبري ، وبساوة أبا عبد الله محمد بن أحمد

١٠٤

ابن الحسن الكامخي ، وبأصبهان أبا المظفر محمود بن جعفر الكوسج ، وبنيسابور أبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي وفاطمة بنت أبي عثمان الصابوني وأبا نصر محمد بن أحمد الرامش إجازة ... (١) ، وفوّض إليه القضاء بآمل في رمضان سنة ٥٣١ ، وبندار بن عمر بن محمد ابن أحمد أبو سعيد التميمي الروياني ، قدم دمشق وحدث بها وبغيرها عن أبي مطيع مكحول بن علي ابن موسى الخراساني وأبي منصور المظفر بن محمد النحوي الدينوري وأبي محمد عبد الله بن جعفر الجباري الحافظ وعلي بن شجاع بن محمد الصيقلي وأبي صالح شعيب بن صالح ، روى عنه الفقيه نصر بن سهل بن بشر وأبو غالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الشيرازي ومكي بن عبد السلام المقدسي وأبو الحسن عليّ بن طاهر النحوي ، قال عبد العزيز النخشبي وسئل عنه فقال : لا تسمع منه فإنّه كذاب. ورويان أيضا : من قرى حلب قرب سبعين عندها مقتل آق سنقر جدّ بني زنكي أصحاب الموصل ، وقال العمراني : بالريّ محلة تسمى رويان أيضا.

رُؤَيَّتَان : في قول جرير :

هل رام بعد محلّنا روض القطا

فرؤيّتان إلى غدير الخانق

الرُّوَيتجُ : موضع في قول بحير بن لأي التغلبي :

تبيّن رسوما بالرويتج قد عفت

لعزّة قد عرّين حولا حلاحلا

تعاورها صفق الرّياح فأصبحت

كما ردّ أيدي الطاحنات المناخلا

الرُّوَيثاتُ : جمع الذي بعده : جبال من أرض بني سليم فيها قنة خشناء.

الرُّوَيثَةُ : تصغير روثة ، واحدة روث الدواب أو روثه الأنف وهو طرفه ، قال ابن الكلبي : لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة نزل الرويثة وقد أبطأ في مسيره فسماها الرويثة من راث يريث إذا أبطأ : وهي على ليلة من المدينة ، وقال ابن السكيت : الرويثة معشى بين العرج والروحاء ، قال السلفي : الرويثة ماء لبني عجل بين طريق الكوفة والبصرة إلى مكّة ، وقال الأزهري : رويثة اسم منهلة من المناهل التي بين المسجدين ، يريد مكّة والمدينة.

الرُّوَيحان : كأنّه تصغير مثنى الريح : موضع بفارس.

رُويندز : قلعة حصينة من أعمال أذربيجان قرب تبريز.

رُوَيدَشت : بضم أوّله ، وفتح ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت ، ودال مهملة ، وشين معجمة ، وتاء مثناة من فوق : قرية من قرى أصبهان وعمل من أعمالها يشتمل على قرى وضياع كثيرة ، وهي روذدشت ، وقد تقدم ذكرها ، وقال الحافظ في تاريخ دمشق : أحمد ابن عبد الله أبو العباس ويقال أبو بكر الرويدشتي الأصبهاني ، حدث بدمشق سنة ٤٥٩ عن سعد بن عليّ الزنجاني نزيل مكّة وأبي سعد عليّ بن عثمان بن جنّي نزيل صور ، سمع منه شيخنا أبو الحسن بن قيس مع أبيه بدمشق وأبو البركات عبد المنعم بن محمد حافظ الحفاظ البقلي بمكّة ، والله أعلم.

الرُّوَيلُ : واد قرب الحاجر ينزله الحاج ، وهو في ديار بني كلاب ، عن أبي زياد ، وأنشد :

لياح له بطن الرويل مجنّة ،

ومنه بأبقاء الحريداء مكنس

رُوِين : بضم أوّله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : من قرى جرجان.

رُوَيّةُ : بضم أوّله ، وفتح ثانيه ، وتشديد الياء المثناة من تحت ، كأنّه تصغير ريّة واحدة الريّ من

__________________

(١) هكذا بياض بالأصل.

١٠٥

العطش ، وقيل : رؤيّة ، بالهمز ، ماء في بلادهم ، قال الفرزدق :

هل تعلمون غداة يطرد سبيكم

بالصمد بين رويّة وطحال

وقال الأخطل يصف سحابا :

وعلا البسيطة والشقيق بريّق

فالضّوج بين رؤيّة وطحال

وثنّاه لإقامة الوزن على طريقتهم في مثل ذلك أيضا فقال :

أعرفت بين رويّتين فحنبل

دمنا تلوح كأنّها أسطار؟

وبنو الروية : من قرى اليمن.

رُؤيَةُ : بلفظ رؤية البصر ، إقليم الرؤية : من أعمال بطليوس ، والله أعلم.

باب الراء والهاء وما يليهما

الرُّهاء : بضم أوّله ، والمدّ ، والقصر : مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام بينهما ستة فراسخ سميت باسم الذي استحدثها ، وهو الرهاء بن البلندى بن مالك ابن دعر ، وقال الكلبي في كتاب أنساب البلاد بخط حجحج : الرهاء بن سبند بن مالك بن دعر بن حجر ابن جزيلة بن لخم ، وقال قوم : إنّها سمّيت بالرّها ابن الروم بن لنطي بن سام بن نوح ، عليه السلام ، قال بطليموس : مدينة الرها طولها اثنتان وسبعون درجة وثلاثون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة ، طالعها سعد الذابح لها شركة في النسر الطائر تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان ، بيت ملكها مثلها من الحمل في الإقليم الرابع ، وقال يحيى ابن جرير النصراني : الرها اسمها بالرومية أذاسا ، بنيت في السنة السادسة من موت الإسكندر ، بناها الملك سلوقس كما ذكرنا في أذاسا ، والنسبة إليها رهاويّ ، وكذلك النسبة إلى رهاء قبيلة من مذحج ، وقد نسب إليها جماعة من المتقدمين والمتأخرين ، فمن المتقدمين يحيى بن أبي أسد الرهاويّ أخو زيد ، يروي عن الزهري وعمرو بن شعيب وغيرهما ، كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به ، روى عنه أهل بلده وغيرهم ، ومات سنة ١٤٦ ، ومن المتأخرين الحافظ عبد القادر بن عبد الله بن عبد الرحمن الرهاوي أبو محمد ، ولد بالرها ونشأ بالموصل وكان مولى لبعض أهل الموصل وطلب العلم وسمع الكثير ، رحل في طلب الحديث من الجزيرة إلى الشام ومصر ، وسمع بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر السلفي ودخل العراق وسمع من ابن الخشّاب وخلق كثير من تلك الطبقة ومضى إلى أصبهان ونيسابور ومرو وهراة وسمع من مشايخها وقدم واسطا وسمع بها وعاد إلى الموصل وأقام بها بدار الحديث المظفرية مدة يحدث وسكن بآخره بحرّان ، ومات في جمادى الأولى سنة ٦١٢ ، وكان يقول إن مولده سنة ٥٣٦ ، وكان ثقة صالحا ، وأكثر سفره في طلب الحديث والعلم كان على رجله ، وخلف كتبا وقفها بمسجد كان سكنه بحرّان ، وقال أبو الفرج الأصبهاني : حدثني أبو محمد حمزة بن القاسم الشامي قال : اجتزت بكنيسة الرها عند مسيري إلى العراق فدخلتها لأشاهد ما كنت أسمعه عنها ، فبينما أنا أطوف إذ رأيت على ركن من أركانها مكتوبا فقرأته فإذا هو بحمرة : حضر فلان بن فلان وهو يقول : من إقبال ذي الفطنة إذا ركبته المحنة انقطاع الحياة وحضور الوفاة ، وأشد العذاب تطاول الأعمار في ظل الإقتار ، وأنا القائل :

١٠٦

ولي همّة أدنى منازلها السّها ،

ونفس تعالت بالمكارم والنّهى

وقد كنت ذا آل بمرو سريّة

فبلّغت الأيّام بي بيعة الرّها

ولو كنت معروفا بها لم أقم بها ،

ولكنّني أصبحت ذا غربة بها

ومن عادة الأيّام إبعاد مصطفى ،

وتفريق مجموع وتبغيض مشتهى

قال : فاستحسنت النظم والنثر وحفظتهما ، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

فلو ما كنت أروع أبطحيّا ،

أبيّ الضّيم مطّرح الدّناء

لودّعت الجزيرة قبل يوم

ينسّي القوم أطهار النّساء

فذلك أم مقامك وسط قيس

ويغلب بينها سفك الدّماء

وقد ملأت كنانة وسط مصر

إلى عليا تهامة فالرّهاء

وقد نسب ابن مقبل إليها الخمر فقال :

سقتني بصهباء درياقة

متى ما تليّن عظامي تلن

رهاويّة مترع دنّها

ترجّع من عود وعس مرنّ

رُهاطٌ : بضم أوّله ، وآخره طاء مهملة : موضع على ثلاث ليال من مكّة ، وقال قوم : وادي رهاط في بلاد هذيل ، وقال عرّام فيما يطيف بشمنصير : وهو جبل قرية يقال لها رهاط بقرب مكّة على طريق المدينة ، وهي بواد يقال له غران ، وبقرب وادي رهاط الحديبية ، وهي قرية ليست كبيرة ، وهذه المواضع لبني سعد وبني مسروح ، وهم الذين نشأ فيهم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ينسب إليها سهيل بن عمرو الرّهاطي ، سمع عائشة ، رضي الله عنها ، روى حديثه أبو عاصم عن يزيد بن عمرو التّيمي ، وقال ابن الكلبي : اتخذت هذيل سواعا ربّا برهاط من أرض ينبع ، وينبع عرض من أعراض المدينة.

الرُّهافَةُ : بضم أوّله ، وبعد الألف فاء ، على فعالة : موضع.

رُهاوَةُ : بضم أوّله ، وبعد الألف واو : موضع جاء في الأخبار.

رَهْبَا : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وبعد الهاء باء موحدة : خبراء في الصمّان في ديار بني تميم ، قال بعضهم :

على جمد رهبا أو شخوص خيام

الجمد : شبيه بالجبل الصغير ، ورهبا قالوا في قول العجّاج :

تعطيه رهباها إذا ترهّبا

قال : رهباها الذي ترهبه مثل هالك وهلكى ، ويقال : رهباك خير من رغباك أي فرقه خير من حبّه وأحرى أن يعطيك عليه ، ويقال : فعلت ذلك من رهباك ورهباك ، بالفتح والضم ، هذا بالقصر ، والرهباء ، ممدود ، اسم من الرهب ، تقول : الرّهباء من الله والرّغباء إليه ، وقال جرير :

ألا حيّ رهبا ثمّ حيّ المطاليا ،

فقد كان مأنوسا فأصبح خاليا

فلا عهد إلّا أن تذكّر أو ترى

ثماما حوالي منصب الخيم باليا

١٠٧

إلى الله أشكو أن بالغور حاجة ،

وأخرى إذا أبصرت نجدا بدا ليا

إذا ما أراد الحيّ أن يتزيّلوا ،

وحنّت جمال الحيّ حنّت جماليا

ألا أيّها الوادي الذي ضمّ سيله

إلينا هوى ظمياء حييت واديا

نظرت برهبا والظّعائن باللّوى ،

فطارت برهبا ، شعبة من فؤاديا

رَهْجَانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، واد يصبّ في نعمان فيه عسل كثير.

رَهْطٌ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره طاء مهملة ، ورهط الرجل : قومه وقبيلته ، والرهط : ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة ، قال الله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) ، وليس لهم واحد من لفظهم ، والجمع أرهط وأرهاط وأراهط ، والرّهط : جلد يشقّق سيورا ، كانوا في الجاهلية يطوفون عراة وكانت النساء يشددن ذلك في أوساطهن : وهو موضع في شعر هذيل ، قال أبو قلابة الهذلي :

يا دار أعرفها ، وحشا منازلها

بين القوائم ، من رهط فألبان

رُهْنَانُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وتكرير النون ، ويجوز أن يكون تثنية رهن جمع رهن كما يقال إبلان وخيلان ثمّ خفف وأعرب بعد طول الاستعمال : وهو موضع.

رُهْنَةُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه : قرية من قرى كرمان ، ينسب إليها محمد بن بحر يكنّى أبا الحسن الرّهني أحد الأدباء العلماء ، قرأ على ابن كيسان كتاب سيبويه وروى كثيرا من حديث الشيعة وله في مقالاتهم تصانيف.

رُهُوطٌ : جمع رهط ، وقد تقدم : وهو اسم موضع.

رَهْوَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، والرّهو الكركيّ ، ويقال : طير من طيور الماء يشبه الكركي ، والرهو مشي في سكون ، وقوله تعالى : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) ، أي ساكنا ، وقيل يبسا ، وقيل مفلوقا ، ورهوة واحدة ما ذكرناه ، وقال أبو عبيد : الرهوة الارتفاع والانحدار ، قال أبو العبّاس النّميري :

دلّيت رجليّ في رهوة

فهذا انحدار ، وقال عمرو بن كلثوم :

نصبنا مثل رهوة ذات حدّ

محافظة ، وكنّا السّابقينا

فهذا ارتفاع ، وقال أبو عبيد : الرهوة الجوبة تكون في محلّة القوم يسيل إليها ماء المطر ، وقال أبو معبد : الرّهوة ما اطمأنّ وارتفع ما حوله ، قال : والرهوة شبه تلّ يكون في متون الأرض على رؤوس الجبال ومساقط الطيور الصقور والعقبان : وهو طريق بالطائف ، وقيل : هو جبل في شعر خفاف بن ندبة ، وقيل : عقبة في مكان معروف ، وقال أبو ذؤيب :

فإن تمس في قبر برهوة ثاويا ،

أنيسك أصداء القبور تصيح

ولا لك جيران ولا لك ناصر ،

ولا لطف يبكي عليك نصيح

وقال الأصمعي : رهوة في أرض بني جشم ونصر ابني معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ، والرهوة : صحراء قرب خلاط ، قال أحمد بن يحيى بن جابر : كان مالك بن عبد الله الخثعمي ويقال له الصوائف الفلسطيني غزا بلاد الروم

١٠٨

سنة ١٤٦ في أيّام المنصور فغنم غنائم كثيرة ثمّ قفل ، فلمّا كان من درب الحدث على خمسة عشر ميلا بموضع يقال له الرهوة فأقام ثلاثا فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسمّيت رهوة مالك به.

رَهْوَى : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، مقصور ، في كتاب العين : المرأة الرّهو والرّهوى لغتان المرأة الواسعة : وهو اسم موضع.

الرُّهَيْمَةُ : بلفظ التصغير ، ويجوز أن يكون تصغير رهمة ، وهي المطرة الضعيفة الدائمة ، والرّهام من الطير كلّ شيء لا يصطاد : وهو ضيعة قرب الكوفة ، قال السكوني : هي عين بعد خفيّة إذا أردت الشام من الكوفة ، بينها وبين خفيّة ثلاثة أميال ، وبعدها القطيّفة مغربا ، وذكرها المتنبي فقال :

فيا لك ليلا على أعكش ،

أحمّ البلاد خفيّ الصّوى

وردن الرّهيمة في جوزه ،

وباقيه أكثر ممّا مضى

فزعم قوم أن المتنبي أخطأ في قوله جوزه ثمّ قوله وباقيه أكثر ممّا مضى لأن الجوز وسط الشيء ، ولتصحيحه تأويل وهو أن يكون أعكش اسم صحراء والرهيمة عين في وسطه فتكون الهاء في جوزه راجعة إلى أعكش فيصحّ المعنى ، والله أعلم بالصواب.

باب الراء والياء وما يليهما

رَيّا : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، وأصله من رويت من الماء أروى ريّا وروى ، ويكون الذي في قول جرير حيث قال :

أمّا لقلبك لا يزال موكّلا

بهوى جمانة ، أو بريّا العاقر

قال عمارة بن عقيل : هما موضعان عن يمين خيمة جرير ويسارها ، قال العمراني : هو موضع بالحجر وأخاف أن يكون اشتبه عليه حننت إلى ريّا فظنّه موضعا.

رِيَاحٌ : بكسر أوّله ، والتخفيف ، محلّة بني رياح : منسوبة إلى القبيلة ، وهم رياح بني يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ ، وهي بالبصرة ، وقد نسب إليها قوم من الرّواة.

الرِّياحِيّةُ : كأنّها منسوبة إلى رياح جمع ريح أو إلى بني رياح : وهي ناحية بواسط.

رياض الروضة : موضع بأرض مهرة من أقصى اليمن ، له ذكر في الردّة.

رياض القَطا : موضع وهو جمع روضة ، قال الشاعر :

فما روضة من رياض القطا

ألثّ بها عارض ممطر

ولعلّه ليس يعلم أن القطا يكون في الرياض والرياض : علم لأرض باليمن بين مهرة وحضرموت كانت بها وقعة للبيد بن زياد البياضي بردّة كندة أيّام أبي بكر الصدّيق ، رضي الله عنه.

رِيَاعٌ : بكسر أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره عين مهملة وأصله من الرّيع ، بالكسر ، وهو المرتفع من الأرض ، وقال عمارة : هو الجبل الواحد ريعة والجمع رياع ، ومنه قوله تعالى : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) ، وقال ابن دريد : رياع اسم موضع.

الرِّئالُ : بكسر أوّله ، وهمز ثانيه ، وآخره لام ، وهو جمع رأل ، وهو ولد النعام ، ذات الرئال : روضة.

رِئامٌ : بكسر أوّله ، كأنّه جمع رأم ، يقال : أرأمت الناقة عطفت على الرأم وهو ولدها أو البو الذي ترأمه

١٠٩

أي تحبّه وتعطف عليه : وهو موضع ينسج فيه الوشي ، وقال ابن إسحاق : رئام بيت كان باليمن قبل الإسلام يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون منه إذ كانوا على شركهم ، قال السهيلي : وهو فعال من رأمت الأنثى ولدها ترأمه رئمانا ورئاما ، فهو مصدر ، إذا عطفت عليه ورحمته ، فاشتقوا لهذا البيت اسما لموضع الرحمة الذي كانوا يلتمسونه في عبادته ، وكان تبّع تبان لما قدم المدينة صحبه حبران من اليهود وهما اللّذان هوّداه وردّا النار التي كانت تخرج من أرض باليمن في قصة فيها طول ، فقال الحبران لتبّع : إنّما يكلمهم من هذا الصنم شيطان يفتنهم فخلّ بيننا وبينه ، قال : فشأنكما ، فدخلا إليه فاستخرجا منه فيما زعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه ثمّ هدما ذلك البيت ، فبقاياه إلى اليوم ، كما ذكر ابن إسحاق عمّن أخبره ، بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه ، وفي رواية يونس عن ابن إسحاق : أن رئاما كان فيه شيطان وكانوا يملؤون له حياضا من دماء القربان فيخرج فيصيب منها ويكلّمهم ، وكانوا يعبدونه ، فلمّا جاء الحبران مع تبّع نشرا التوراة عنده وجعلا يقرآنها فطار ذلك الشيطان حتى وقع في البحر ، وقيل : رئام مدينة الأود ، قال الأفوه الأودي :

إنّا بنو أود الذي بلوائه

منعت رئام وقد غزاها الأجدع

قال ابن الكلبي : ولم أسمع في رئام وحده شعرا وقد سمعت في البقية ، ولم تحفظ العرب من أشعارها إلّا ما كان قبل الإسلام.

رَيَانُ : بفتح أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره نون : قرية بنسإ ، وقد قيل بالتشديد ، وأذكره بعد هذا.

رَيّانُ : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، وآخره نون ، والرّيّان ضد العطشان : وهو جبل في ديار طيّء لا يزال يسيل منه الماء ، وهو في مواضع كثيرة ، منها : الرّيّان قرية من قرى نسا بلدة بخراسان قرب سرخس ، ولا يعرفها أهلها إلّا بالتخفيف إلّا أن أبا بكر بن ثابت نصّ على التشديد وربّما قالوا الرّذاني ، وقد ذكر في موضعه. والرّيّان أيضا : اسم أطم من آطام المدينة ، قال بعضهم :

لعلّ ضرارا أن يعيش يباره

وتسمع بالرّيّان تبنى مشاربه

والرّيّان أيضا : واد في ضريّة من أرض كلاب أعلاه لبني الضباب وأسفله لبني جعفر ، وقال أبو زياد : الريان واد يقسم حمى ضرية من قبل مهبّ الجنوب ثمّ يذهب نحو مهبّ الشمال ، وأنشد لبعض الرّجّاز :

خليّة أبوابها كالطّيقان

أحمى بها الملك جنوب الرّيّان

فكبشات فجنوب إنسان

وقالت امرأة من العرب :

ألا قاتل الله اللّوى من محلّة ،

وقاتل دنيانا بها كيف ولّت

غنينا زمانا بالحمى ثمّ أصبحت

بزلق الحمى من أهله قد تخلّت

ألا ما لعين لا ترى قلل الحمى

ولا جبل الرّيّان إلّا استهلّت؟

وريّان : اسم جبل في بلاد بني عامر ، وإيّاه عنى لبيد بقوله :

فمدافع الرّيّان عرّي رسمها

خلقا كما ضمن الوحيّ سلامها

وعلى سبعة أميال من حاذة صخرة عظيمة يقال لها صخرة ريّان. والريّان : جبل في طريق البصرة

١١٠

إلى مكّة. والريّان أيضا : جبل أسود عظيم في بلاد طيّء إذا أوقدت النار عليه أبصرت من مسيرة ثلاثة أيّام ، وقيل : هو أطول جبال أجإ ، قال جرير إمّا فيه أو في غيره :

يا حبّذا جبل الرّيان من جبل ،

وحبّذا ساكن الرّيان من كانا

وحبّذا نفحات من يمانية

تأتيك من قبل الرّيان أحيانا

والرّيان أيضا : موضع على ميلين من معدن بني سليم كان الرشيد ينزله إذا حجّ ، به قصور ، وقال الشريف الرضي في بعض هذه المواضع :

أيا جبل الرّيّان إن تعر منهم

فإنّي سأكسوك الدّموع الجواريا

ويا قرب ما أنكرتم العهد بيننا ،

نسيتم وما استودعتم السرّ ناسيا

فيا ليتني لم أعل نشزا إليكم

حراما ولم أهبط من الأرض واديا

والرّيّان أيضا : محلّة مشهورة ببغداد كبيرة عامرة إلى الآن بالجانب الشرقي بين باب الأزج وباب الحلبة والمأمونية ، ينسب إليها أبو المعالي هبة الله بن الحسين ابن الحسن بن أبي الأسود المعروف بابن البلّ ، حدث عن القاضي أبي بكر الأنصاري قاضي المارستان ، وعبد الله بن معالي بن أحمد الرّيّاني ، سمع شهدة وأبا الفتح بن المنّي وغيرهما ، سمع منه ابن نقطة.

والرّيّان : قرية بمرّ الظهران من نواحي مكّة.

الريب : ناحية باليمامة فيها قرى ومزارع لبني قشير.

رَيْث : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره ثاء مثلثة ، وهو خلاف العجلة : موضع في ديار طيّء حيث يلتقي طيّء وأسد. والريث أيضا : جبل لبني قشير على سمت حائل والمرّوت بين مرأة والفلج إذا خرجت من مرأة معترضا في ديار بني كعب ، وبالرّيث منبر ، عن نصر.

رِيحاء : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وحاء مهملة ، وألف ممدودة ، أظنه مرتجلا من الريح أو من الروح : وهي مدينة قرب بيت المقدس من أعمال الأردن بالغور ، بينها وبين بيت المقدس خمسة فراسخ ، ويقال لها أريحا أيضا ، وهي ذات نخل وموز وسكّر كثير ، وله فضل على سائر سكّر الغور ، وهي مدينة الجبارين ، وقد ذكرت في أريحا. وأمّا ريحاء ، بغير ألف : فهي بليدة من نواحي حلب أنزه بلاد الله وأطيبها ، ذات بساتين وأشجار وأنهار ، وليس في نواحي حلب أنزه منها ، وهي في طرف جبل لبنان ، وربّما فرق بين الموضعين بالألف التي في أوّل الأولى.

رَيْحَانُ : بلفظ الريحان الذي يشمّ ، سوق الريحان : في مواضع كثيرة ، وريحان : من مخاليف اليمن.

رِيخُ : موضع بخراسان ، ينسب إليها الكافي وأخوه عمر ابنا علي الريخيّان ، وكان الكافي وزيرا بنيسابور لعلاء الدين محمد بن تكش ، قتله التتر في شهر صفر سنة ٦١٨.

رِيخَشْن : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وخاء معجمة مفتوحة ، وشين معجمة ساكنة ، ونون : من قرى سمرقند ، عن السمعاني.

رَيْدَانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، ودال مهملة ، وآخره نون : حصن باليمن في مخلاف يحصب ، يزعم أهل اليمن أنّه لم يبن قطّ مثله ، وفيه قال امرؤ القيس :

تمكّن قائما وبنى طمرّا

على ريدان أعيط لا ينال

وقال الأصمعي : الرّيدانة الريح الليّنة ، وقال نصر :

١١١

ريدان قصر عظيم بظفار بلد باليمن يجري مجرى غمدان وأشكاله. وريدان أيضا : أطم بالمدينة لآل حارثة بن سهل من الأوس.

رَيْدَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، ودال مهملة ، يقال : ريح ريدة لينة الهبوب ، وأنشد :

إذا ريدة من حيث ما نفحت له

أتاه بريّاها خليل يواصله

وهي مدينة باليمن على مسيرة يوم من صنعاء ذات عيون وكروم ، قال طرفة :

لهند بحرّان الشّريف طلول ،

تلوح وأدنى عهدهنّ محيل

وبالسّفح آيات كأنّ رسومها

يمان وشته ريدة وسحول

أراد وشته أهل ريدة وأهل سحول ، فحذف المضاف ، وقال أبو طالب بن عبد المطلب يرثي أبا أميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم :

ألا إنّ خير النّاس حيّا وميّتا

بوادي أشيّ غيّبته المقابر

ترى داره لا يبرح الدّهر وسطها

مكلّلة أدم سمان وباقر

فيصبح آل الله بيضا كأنّما

كستهم حبورا ريدة ومعافر

وقال الهمذاني : ثمّ بعد صنعاء من قرى همدان في نجد بلد ريدة ، وبها البئر المعطلة والقصر المشيد وهو تلفم ، وقال وهو يذكر مدن حضرموت :

وريدة العباد وريدة الحرمية.

رِيذَمون : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وميم مضمومة ، وآخره نون : موضع ، قصعة رذوم إذا امتلأت دسما ، وقد رذم يرذم إذا سال.

رَيْسُوتُ : قال ابن الحائك : وفي منتصف الساحل ما بين عمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنيانا على جبل والبحر محيط بها إلّا من جانب واحد ، فمن أراد عمان فطريقه عليها ، فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد جاز الطريق ولم يلو عليها ، وبين الطريق التي يفرق إليها وبين الطريق المسلوك إلى ظفار نحو ميل ، وبها سكن من الأزد.

رَيْسونُ : آخره نون : قرية بالأردنّ كانت ملكا لمحمد بن مروان فولّاه أخوه هشام مصر فاشترط محمد على أخيه أنّه متى ما كرهها عاد إلى مكانه ، فلمّا ولي شهرين جاءه ما كره فترك مصر وقدم إلى ريسون ضيعته وكتب إلى أخيه : ابعث إلى عملك واليا ، فكتب إليه أخوه هشام :

أتترك لي مصرا لريسون حسرة؟

ستعلم يوما أيّ بيعيك أربح

فقال محمد : إنني لا أشك أنّ أربح البيعين ما صنعت.

رَيْشَانُ : حصن باليمن من ناحية أبين ، وفي كتاب ابن الحائك : ملحان بن عوف بن عدل بن مالك بن سدد بن حمير وإليه ينسب جبل ملحان المطلّ على تهامة والهجم ، واسم الجبل ريشان.

رِيشَهْر : قال حمزة : هو مختصر من ريو أردشير : وهي ناحية من كورة أرّجان كان ينزلها في الفرس كشته دفتران ، وهم كتّاب كتابة الجستق ، وهي الكتابة التي كان يكتب بها كتب الطب والنجوم والفلسفة ، وليس بها اليوم أحد يكتب بالفارسيّة ولا بالعربية ، وكان سهرك مرزبان فارس وواليها أعظم ما كان من قدوم العرب إلى أرض فارس ،

١١٢

وذلك أن عثمان بن أبي العاصي الثقفي والي البحرين وجّه أخاه الحكم في البحر حتى فتح توّج وأقام بها ونكأ فيما يليها ، فأعظم سهرك ذلك واشتدّ عليه وبلغته نكايتهم وبأسهم وظهورهم على كلّ من لقوه من عدوّهم فجمع جمعا عظيما وسار بنفسه حتى أتى ريشهر من أرض سابور وهي بقرب من توّج ، فخرج إليه الحكم وعلى مقدّمته سوّار بن همّام العبدي فاقتتلوا قتالا شديدا ، وكان هناك واد قد وكل به سهرك رجلا من ثقاته وجماعة وأمره أن لا يجتازه هارب من أصحابه إلّا قتله ، فأقبل رجل من شجعان الأساورة مولّيا من المعركة فأراد الرجل الموكل بالموضع قتله فقال له : لا تقتلني فإنّنا إنّما نقاتل قوما منصورين وإن الله معهم ، ووضع حجرا فرماه ففلقه ، ثمّ قال : أترى هذا السهم الذي فلق الحجر؟ والله ما كان ليخدش بعضهم لو رمي به! قال : لا بدّ من قتلك ، فبينما هو كذلك إذ أتاه الخبر بقتل سهرك ، وكان الذي قتله سوّار بن همّام العبدي ، حمل عليه فطعنه فأذراه عن فرسه فقتله ، وحمل ابن سهرك على سوّار فقتله ، وهزّم الله المشركين وفتحت ريشهر عنوة ، وكان يومها في صعوبته وعظيم النعمة على المسلمين فيه كيوم القادسية ، وتوجّه بالفتح إلى عمر عمرو بن الأهتم التميمي فأشار يقول :

جئت الإمام بإسراع لأخبره

بالحقّ عن خبر العبديّ سوّار

أخبار أروع ميمون نقيبته ،

مستعمل في سبيل الله مغوار

ثمّ ضعفت فارس بعد قتل سهرك حتى تيسّر فتحها ، كما نذكره في موضعه.

رَيْعَانُ : ظ ريعان الشباب والمطر وكلّ شيء أوّله : موضع في شعر هذيل ، قال ربيعة الكودن من شعراء هذيل :

وفي كلّ ممسى طيف شمّاء طارقي ،

وإن شحطتنا دارها ، فمؤرّقي

نظرت ، وأصحابي بريعان موهنا ،

تلألؤ برق في سنا متألّق

وقال كثيّر عزّة :

أمن آل سلمى دمنة بالذّنائب

إلى الميث من ريعان ذات المطارب؟

الرَيْغَذْمُون : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وغين معجمة مفتوحة ، وذال معجمة ساكنة ، وآخره نون : قرية بينها وبين بخارى أربعة فراسخ من أعمالها.

رِيغ : ويقال ريغة : إقليم بقرب من قلعة بني حمّاد بالمغرب ، وقلعة بني حمّاد هي أشير ، وقال المهلّبي : بين ريغة وأشير ثمانية فراسخ ، قال أبو طاهر بن سكينة : سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن يوسف الزناتي الضرير بالثغر يقول : حضرت هارون بن النضر الريغي بالريغ في قراءة كتاب البخاري والموطّإ وغيرهما عليه وكان يتكلّم على معاني الحديث وهو أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب ورأيته يقرأ كتاب التلقين لعبد الوهّاب البغدادي في مذهب مالك من حفظه كما يقرأ الإنسان فاتحة الكتاب ويحضر عنده دوين مائة طالب لقراءة المدوّنة وغيرها من كتب المذهب عليه ، وقال في موضع آخر : بالمغرب زابان الأكبر ، ووصفه كما نصفه في موضعه ، والأصغر يقال له ريغ ، وهي كلمة بربرية معناها السبخة ، فمن يكون منها يقال له الريغي.

ريكنج : من قرى مرو ، وهي التي بعدها.

١١٣

رِيكَنز : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الكاف ، ونون ساكنة بعدها زاي : من قرى مرو يقال لها ريكنج عبدان.

رَيْمَانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : مخلاف باليمن وقيل قصر ، قال الأعشى :

يا من يرى ريمان أم

سى خاويا خربا كعابه

أمسى الثّعالب أهله

بعد الذين هم مآبه

من سوقة حكم ومن

ملك يعدّ له ثوابه

بكرت عليه الفرس بع

د الحبش حتى هدّ بابه

وتراه مهدوم الأعا

لي وهو مسحول ترابه

ولقد أراه بغبطة

في العيش مخضرّا جنابه

فخوى وما من ذي شبا

ب دائم أبدا شبابه

وقال ابن مقبل :

لم تسر ليلى ولم تطرق لحاجتها

من أهل ريمان إلّا حاجة فينا

من سرو حمير أبوال البغال به

أنّى تسدّيت وهنا ذلك البينا

وقرية بالبحرين لعبد القيس ، وهو فعلان من الريم ، وهو القبر والفضل والدّرجة والظّراب ، وهو الجبال الصغار ، قال الراعي :

وصهباء من حانوت ريمان قد غدا

عليّ ولم ينظر بها الشرق ضابح

وقال الأزدي بن المعلّى : ريمان أرض بين بحران والفلج ، فبحران لبني الحارث بن كعب والفلج يسكنه قوم من جعدة وقشير.

رُئم : بضم أوّله ، وهمزة مكسورة ، بوزن دئل ، والنحويّون يقولون : لم يجيء على فعل اسم غير دئل ، وهذا إن صحّ فهو آخر مستدرك عليهم ، ويجوز أن يكون أصله فعل ممّا لم يسمّ فاعله من رئمت الناقة ولدها إذا حنّت عليه وأحبّته ، سمّي به وهو فعل ثمّ أعرب بعد التسمية لكثرة الاستعمال : وهو موضع جاء في شعرهم.

رِئمٌ : بكسر أوّله ، وهمز ثانيه وسكونه ، واحد الآرام ، وقيل بالياء غير مهموزة ، وهي الظباء الخالصة البياض : وهو واد لمزينة قرب المدينة يصبّ فيه ورقان ، له ذكر في المغازي وفي أشعارهم ، قال كثيّر :

عرفت الدّار قد أقوت برئم

إلى لأي فمدفع ذي يدوم

وقيل : بطن ريم على ثلاثين ميلا من المدينة ، وفي رواية كيسان : على أربعة برد من المدينة ، وهو عن مالك بن أنس ، وفي مصنف عبد الرزّاق : ثلاثة برد ، وقال حسان :

لسنا برئم ولا حمت ولا صورى ،

لكن بمرج من الجولان مغروس

يغدى علينا براووق ومسمعة

ان الحجاز رضيع الجوع والبوس

رِيمَةُ : بكسر أوّله ، بوزن ديمة : واد لبني شيبة قرب المدينة بأعلاه نخل لهم ، قال كثير :

اربع فحيّ معالم الأطلال

بالجزع من حرض فهنّ بوال

١١٤

فشراج ريمة قد تقادم عهدها

بالسّفح بين أثيّل فبعال

وريمة أيضا : ناحية باليمن ، ينسب إليها محمد بن عيسى الريمي الشاعر ، ومن شعره :

لبس البهاء بسعيك الإسلام ،

وتجمّلت بفعالك الأيّام

فتّ الملوك فضائلا وفواضلا

وعزائما عزّت فليس ترام

خطبوا العلاء وقد بذلت صداقها

فنكاحها ، إلّا عليك ، حرام

رَيمَةُ : بفتح الراء ، ريمة الأشابط : مخلاف باليمن كبير. وريمة أيضا : من حصون صنعاء لبني زبيد غير الأوّل.

رِيوْدَد : بكسر أوّله ، والتقاء الساكنين في الياء والواو ، ودال مكررة : قرية بينها وبين سمرقند فرسخ ، عن تاج الإسلام.

رِيوْدَى : بالتقاء الساكنين في الياء والواو أيضا ، وكسر الأول أيضا : من قرى بخارى ، ينسب إليها أبو سعيد بشر بن إلياس الريودي ، يروي عن حاتم ابن شبيب الأزدي والطبيب بن مقاتل وغيرهما.

رِيْوَذ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، وذال معجمة : من قرى بيهق من نواحي نيسابور ، ينسب إليها أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير الشعراني الريوذي ، سمع إسماعيل بن أبي أويس وأبا توبة الربيع بن نافع ويحيى بن معين وإسحاق بن محمد الفروي وعيسى بن مينا وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، روى عنه محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو العبّاس السّرّاج وغيرهما ، تفرّد برواية كتب كثيرة ، ومات سنة ٢٨٢ في محرّمها ، قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم : فضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن هارون بن زيد بن كيسان بن باذان ، وهو ملك اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ومحمد الشعراني النيسابوري ، وكان يرسل شعره ، وهو من قرى بيهق ، وكان أديبا فقيها عابدا كثير الرحلة في طلب الحديث فهما عارفا بالرجال ، سمع بالشام والعراق والحجاز وما بين ذلك وخراسان ، وكان يقول : ما بقي في الدنيا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث ، وقال أحمد ابن عليّ بن سحنويه : حدثني أبو الحسين محمد بن زياد القناني سئل عنه فرماه بالكذب ، وقال مسعود بن عليّ السجزي : سألت الحاكم أبا عبد الله عن الفضل الشعراني فقال : ثقة مأمون لم يطعن في حديثه بحجة.

رِيْوَرْثُون : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح ثالثه ، وسكون الراء ، وثاء مثلثة ، وآخره نون : من قرى بخارى ، والله أعلم.

رِيْوَقان : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، وقاف ، وآخره نون : من قرى مرو.

رِيوَنْج : ويقال راونج : من قرى نيسابور.

رِيْوَنْد : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الواو ، والنون ساكنة ، وآخره دال مهملة : كورة من نواحي نيسابور ، وهي أحد أرباعها ، ينسب إليها أبو سعيد سهيل بن أحمد بن سهل الريوندي النيسابوري ، سمع أبا محمد جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ وأبا جعفر الطبري وغيرهما ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ ، مات سنة ٣٥٠ ، أحدثها ريوندويه بن فرّخزاد من آل ساسان ، تشتمل على مائتين واثنتين وثلاثين قرية ، هكذا قال أبو الحسن البيهقي ، وقال السمعاني : ريوند أحد رباع نيسابور ، وهي قرى

١١٥

كثيرة ، قيل : هي أكثر من خمسمائة قرية ، أوّلها من الجامع القديم إلى أحمدآباذ ، وهو أوّل حدود بيهق ، وهو على قدر ثلاثمائة وعشرين فرسخا ، وعرضه من حدود طوس إلى حدود بشت ، بالشين المعجمة ، وهي خمسة عشر فرسخا.

رِيْو : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره واو : محلّة ببخارى ، ينسب إليها الريويّ.

رَيُو : بفتح أوّله ، وضم ثانيه ، وواو ساكنة : مدينة للروم مقابل جزيرة صقلية من ناحية الشرق على برّ قسطنطينية.

رَيّةُ : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، ينسب إليها ريّيّ ، قال أبو عبيد : الراوية هو البعير الذي يستقى عليه الماء ، والرجل المستقي أيضا راوية ، ويقال : رويت على أهلي أروي ريّة : كورة واسعة بالأندلس متصلة بالجزيرة الخضراء وهي قبلي قرطبة ، وهي كثيرة الخيرات ، ولها مدن وحصون ورستاق واسع ذكر متفرّقا ، ولها من الأقاليم نحو من الثلاثين كورة ، يسمي أهل المغرب الناحية إقليما ، وفيها حمّة ، يعني عينا تخرج حارّة ، وهي أشرف حمّات الأندلس لأن فيها ماء حارّا وباردا ، والنسبة إليها ريّيّ ، منها إسحاق بن سلمة بن وليد بن زيد بن أسد بن مهلهل بن ثعلبة بن مودوعة بن قطيعة القيني من أهل ريّة يكنى أبا عبد الحميد ، سمع وهب بن مسرّة الحجازي وغير واحد ، وكان حافظا لأخبار أهل الأندلس معتنيا بها ، وجمع كتابا في أخبار أهل الأندلس أمره بجمعه المستنصر وقد كتب عنه ، ولم يكن من طبقة أهل الحديث.

الرَّيّ : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الراوية أروي ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء ، قال أبو منصور : أنشدني أعرابي وهو يعاكمني :

ريّا تميميّا على المزايد

وحكى الجوهري : رويت من الماء ، بالكسر ، أروى ريّا وريّا وروى مثل رضى : وهي مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات ، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا ، قال بطليموس في كتاب الملحمة : مدينة الريّ طولها خمس وثمانون درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة ، وارتفاعها سبع وسبعون تحت ثماني عشرة درجة من السرطان خارجة من الإقليم الرابع داخلة في الإقليم الخامس ، يقابلها مثلها من الجدي في قسمة النسر الطائر ولها شركة في الشعرى والغميصاء رأس الغول من قسمة سعد بلع ، ووجدت في بعض تواريخ الفرس أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ثمّ ألقته فوقع في بحر جرجان ، فلمّا قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل ، فلمّا وصل إلى موضع الريّ قال الناس : بريّ آمد كيخسرو ، واسم العجلة بالفارسيّة ريّ ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسميت الريّ بذلك ، قال العمراني : الرّي بلد بناه فيروز ابن يزدجرد وسمّاه رام فيروز ، ثمّ ذكر الرّي المشهورة بعدها وجعلهما بلدتين ، ولا أعرف الأخرى ، فأمّا الرّي المشهورة فإنّي رأيتها ، وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمق المحكم الملمع بالزرقة

١١٦

مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض ، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء ، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها ، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة ٦١٧ وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها ، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال : أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه ، كان أهل المدينة ثلاث طوائف : شافعية وهم الأقل ، وحنفية وهم الأكثر ، وشيعة وهم السواد الأعظم ، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد ، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف ، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم ، وكان أهل الرستاق ، وهم حنفية ، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم ، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية ، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه ، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك ، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولو لا ذلك لما بقي فيها أحد ، وقال الشاعر يهجو أهلها :

الرّيّ دار فارغه

لها ظلال سابغة

على تيوس ما لهم

في المكرمات بازغه

لا ينفق الشّعر بها

ولو أتاها النّابغه

وقال إسماعيل الشاشي يذمّ أهل الرّيّ :

تنكّب حدّة الأحد

ولا تركن إلى أحد

فما بالرّيّ من أحد

يؤهل لاسم الأحد

وقد حكى الاصطخري أنّها كانت أكبر من أصبهان لأنّه قال : وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من أصبهان ، ثمّ قال : والرّيّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها وإن كانت نيسابور أكبر عوصة منها ، وأمّا اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر ، وهي مدينة مقدارها فرسخ ونصف في مثله ، والغالب على بنائها الخشب والطين ، قال : وللرّيّ قرى كبار كلّ واحدة أكبر من مدينة ، وعدّد منها قوهذ والسّدّ ومرجبى وغير ذلك من القرى التي بلغني أنها تخرج من أهلها ما يزيد على عشرة آلاف رجل ، قال : ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسن وبشاويه ودنباوند ، وقال ابن الكلبي : سميت الريّ بريّ رجل من بني شيلان ابن أصبهان بن فلوج ، قال : وكان في المدينة بستان فخرجت بنت ريّ يوما إليه فإذا هي بدرّاجة تأكل تينا ، فقالت : بور انجير يعني أن الدّرّاجة تأكل تينا ، فاسم المدينة في القديم بورانجير ويغيره أهل الرّيّ فيقولون بهورند ، وقال لوط بن يحيى : كتب عمر بن الخطّاب ، رضي الله عنه ، إلى عمار بن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح

١١٧

نهاوند يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائي إلى الرّيّ ودستبى في ثمانية آلاف ، ففعل وسار عروة لذلك فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الرّيّ وقاتلوه فأظهره الله عليهم فقتلهم واستباحهم ، وذلك في سنة ٢٠ وقيل في سنة ١٩ ، وقال أبو نجيد وكان مع المسلمين في هذه الوقائع :

دعانا إلى جرجان والرّيّ دونها

سواد فأرضت من بها من عشائر

رضينا بريف الرّيّ والرّيّ بلدة

لها زينة في عيشها المتواتر

لها نشز في كلّ آخر ليلة

تذكّر أعراس الملوك الأكابر

قال جعفر بن محمد الرازي : لما قدم المهديّ الرّيّ في خلافة المنصور بنى مدينة الرّيّ التي بها الناس اليوم وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا ، وجرى ذلك على يد عمار بن أبي الخصيب ، وكتب اسمه على حائطها ، وتمّ عملها سنة ١٥٨ ، وجعل لها فصيلا يطيف به فارقين آجر ، والفارقين : الخندق ، وسمّاها المحمديّة ، فأهل الرّيّ يدعون المدينة الداخلة المدينة ويسمون الفصيل المدينة الخارجة والحصن المعروف بالزينبدى في داخل المدينة المعروفة بالمحمدية ، وقد كان المهدي أمر بمرمّته ونزله أيّام مقامه

بالرّيّ ، وهو مطلّ على المسجد الجامع ودار الإمارة ، ويقال : الذي تولّى مرمّته وإصلاحه ميسرة التغلبي أحد وجوه قواد المهدي ، ثمّ جعل بعد ذلك سجنا ثمّ خرب فعمره رافع بن هرثمة في سنة ٢٧٨ ثمّ خرّبه أهل الرّيّ بعد خروج رافع عنها ، قال : وكانت الرّيّ تدعى في الجاهليّة أزارى فيقال إنّه خسف بها ، وهي على اثني عشر فرسخا من موضع الرّيّ اليوم على طريق الخوار بين المحمدية وهاشمية الرّيّ ، وفيها أبنية قائمة تدل على أنّها كانت مدينة عظيمة ، وهناك أيضا خراب في رستاق من رساتيق الرّيّ يقال له البهزان ، بينه وبين الرّيّ ستة فراسخ يقال إن الرّيّ كانت هناك ، والناس يمضون إلى هناك فيجدون قطع الذهب وربّما وجدوا لؤلؤا وفصوص ياقوت وغير ذلك من هذا النوع ، وبالرّيّ قلعة الفرّخان ، تذكر في موضعها ، ولم تزل قطيعة الرّيّ اثني عشر ألف ألف درهم حتى اجتاز بها المأمون عند منصرفه من خراسان يريد مدينة السلام فلقيه أهلها وشكوا إليه أمرهم وغلظ قطيعتهم فأسقط عنهم منها ألفي ألف درهم وأسجل بذلك لأهلها ، وحكى ابن الفقيه عن بعض العلماء قال : في التوراة مكتوب الرّيّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الخلق ، وقال الأصمعي : الرّيّ عروس الدنيا وإليه متجر الناس ، وهو أحد بلدان الأرض ، وكان عبيد الله ابن زياد قد جعل لعمر بن سعد بن أبي وقاص ولاية الرّيّ إن خرج على الجيش الذي توجّه لقتال الحسين ابن عليّ ، رضي الله عنه ، فأقبل يميل بين الخروج وولاية الرّيّ والقعود ، وقال :

أأترك ملك الرّيّ والرّيّ رغبة ،

أم ارجع مذموما بقتل حسين

وفي قتله النار التي ليس دونها

حجاب وملك الرّيّ قرّة عين

فغلبه حبّ الدنيا والرياسة حتى خرج فكان من قتل الحسين ، رضي الله عنه ، ما كان.

وروي عن جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، أنّه قال : الرّيّ وقزوين وساوة ملعونات مشؤومات ، وقال إسحاق بن سليمان : ما رأيت بلدا أرفع للخسيس من الرّيّ ،

١١٨

وفي أخبارهم : الريّ ملعونة وتربتها تربة ملعونة ديلمية وهي على بحر عجاج تأبى أن تقبل الحق ، والرّيّ سبعة عشر رستاقا منها دنباوند وويمة وشلمبة ، حدث أبو عبد الله بن خالويه عن نفطويه قال : قال رجل من بني ضبّة وقال المدائني : فرض لأعرابي من جديلة فضرب عليه البعث إلى الري وكانوا في حرب وحصار ، فلمّا طال المقام واشتدّ الحصار قال الأعرابي : ما كان أغناني عن هذا! وأنشأ يقول :

لعمري لجوّ من جواء سويقة

أسافله ميث وأعلاه أجرع

به العفر والظّلمان والعين ترتعي

وأمّ رئال والظّليم الهجنّع

وأسفع ذو رمحين يضحي كأنّه

إذا ما علا نشزا ، حصان مبرقع

أحبّ إلينا أن نجاور أهلنا

ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع

من الجوسق الملعون بالرّيّ كلّما

رأيت به داعي المنيّة يلمع

يقولون : صبرا واحتسب! قلت : طالما

صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع

فليت عطائي كان قسّم بينهم

وظلّت بي الوجناء بالدّوّ تضبع

كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها

يدا سابح في غمرة يتبوّع

أأجعل نفسي وزن علج كأنّما

يموت به كلب إذا مات أجمع؟

والجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفرّخان ، وحدث أبو المحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال : كانت لي وفادة على عبد الله بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الريّ ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبد الله بن طاهر ورشانا في بعض الأغصان يصيح ، فأنشد عبد الله بن طاهر متمثلا بقول أبي كبير الهذلي :

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ،

وغصنك ميّاد ، ففيم تنوح؟

أفق لا تنح من غير شيء ، فإنّني

بكيت زمانا والفؤاد صحيح

ولوعا فشطّت غربة دار زينب ،

فها أنا أبكي والفؤاد جريح

ثمّ قال : يا عوف أجز هذا ، فقلت في الحال :

أفي كلّ عام غربة ونزوح؟

أما للنّوى من ونية فنريح؟

لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ،

فهل أرينّ البين وهو طليح؟

وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة ،

فنحت وذو الشجو القديم ينوح

على أنّها ناحت ولم تذر دمعة ،

ونحت وأسراب الدّموع سفوح

وناحت وفرخاها بحيث تراهما ،

ومن دون أفراخي مهامه فيح

عسى جود عبد الله أن يعكس النوى

فتضحي عصا الأسفار وهي طريح

فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه ،

وعدم الغنى بالمقترين نزوح

فأخرج رأسه من العمارية وقال : يا سائق ألق زمام البعير ، فألقاه فوقف ووقف الخارج ثمّ دعا بصاحب

١١٩

بيت ماله فقال : كم يضمّ ملكنا في هذا الوقت؟

فقال : ستين ألف دينار ، فقال : ادفعها إلى عوف ، ثمّ قال : يا عوف لقد ألقيت عصا تطوافك فارجع من حيث جئت ، قال : فأقبل خاصة عبد الله عليه يلومونه ويقولون أتجيز أيّها الأمير شاعرا في مثل هذا الموضع المنقطع بستين ألف دينار ولم تملك سواها! قال : إليكم عني فإنّي قد استحييت من الكرم أن يسير بي جملي وعوف يقول : عسى جود عبد الله ، وفي ملكي شيء لا ينفرد به ، ورجع عوف إلى وطنه فسئل عن حاله فقال : رجعت من عند عبد الله بالغنى والراحة من النوى ، وقال معن بن زائدة الشيباني :

تمطّى بنيسابور ليلي وربّما

يرى بجنوب الرّيّ وهو قصير

ليالي إذ كلّ الأحبّة حاضر ،

وما كحضور من تحب سرور

فأصبحت أمّا من أحبّ فنازح

وأمّا الألى أقليهم فحضور

أراعي نجوم اللّيل حتى كأنّني

بأيدي عداة سائرين أسير

لعلّ الذي لا يجمع الشمل غيره

يدير رحى جمع الهوى فتدور

فتسكن أشجان ونلقى أحبّة ،

ويورق غصن للشّباب نضير

ومن أعيان من ينسب إليها أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم صاحب الكتب المصنفة ، مات بالرّيّ بعد منصرفه من بغداد في سنة ٣١١ ، عن ابن شيراز ، ومحمد بن عمر بن هشام أبو بكر الرازي الحافظ المعروف بالقماطري ، سمع وروى وجمع ، قال أبو بكر الإسماعيلي : حدّثني أبو بكر محمد بن عمير الرازي الحافظ الصدوق بجرجان ، وربّما قال الثقة المأمون ، سكن مرو ومات بها في سنة نيف وتسعين ومائتين ، وعبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي أحد الحفّاظ ، صنف الجرح والتعديل فأكثر فائدته ، رحل في طلب العلم والحديث فسمع بالعراق ومصر ودمشق ، فسمع من يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة وأبيه أبي حاتم وأبي زرعة الرازي وعبد الله وصالح ابني أحمد بن حنبل وخلق سواهم ، وروى عنه جماعة أخرى كثيرة ، وعن أبي عبد الله الحاكم قال : سمعت أبا أحمد محمد بن محمد ابن أحمد بن إسحاق الحاكم الحافظ يقول : كنت بالرّيّ فرأيتهم يوما يقرءون على محمد بن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل ، فلمّا فرغوا قلت لابن عبدويه الورّاق : ما هذه الضحكة؟ أراكم تقرءون كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري عن شيخكم على هذا الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم! فقال : يا أبا محمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا هذا علم حسن لا يستغنى عنه ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا ، فأقعدا أبا محمد عبد الرحمن الرازي حتى سألهما عن رجل معه رجل وزادا فيه ونقصا منه ، ونسبه عبد الرحمن الرازي ، وقال أحمد بن يعقوب الرازي : سمعت عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي يقول : كنت مع أبي في الشام في الرحلة فدخلنا مدينة فرأيت رجلا واقفا على الطريق يلعب بحيّة ويقول : من يهب لي درهما حتى أبلع هذه الحيّة؟ فالتفت إليّ أبي وقال : يا بني احفظ دراهمك فمن أجلها تبلع الحيّات! وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الرحمن بن أحمد الحافظ القزويني : أخذ عبد الرحمن بن أبي حاتم علم أبيه وعلم أبي زرعة وصنّف

١٢٠