معجم البلدان - ج ٣

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٣

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

قال الفرّاء في قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ، قالوا : هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا ، وقيل : الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها ، وقيل : إنّه اسم الجبل الذي فيه الكهف ، وروى عكرمة عن ابن عبّاس ، رضي الله عنه ، أنّه قال : ما أدري ما الرقيم أكتاب أم بنيان ، وروى غيره عن ابن عبّاس : أصحاب الرقيم سبعة ، وأسماؤهم : يمليخا ، مكسملينا ، مشلينا ، مرطونس ، دبريوس ، سرابيون ، افستطيوس ، واسم كلبهم قطمير ، واسم ملكهم دقيانوس ، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرّسّ ، واسم الكهف الرقيم ، وكان فوقهم القبطيّ دون الكرديّ ، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم ، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقية ، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما ، وكان الواثق قد وجّه محمد بن موسى المنجّم إلى بلاد الرّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم ، قال : فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقلّ من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدّة أبيات ، منها : بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيّان ، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتّشهم ويزعم أنّه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه ، يريد التمويه ليدوم كسبه ، فقلت : دعني أنظر إليهم وأنت بريء ، فصعدت بمشقّة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد ، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر والمرّ والكافور ليحفظها ، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم ، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه ، ثمّ أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه ، فلمّا أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوّعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنّه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم ، فقلنا له : إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك ، فتركناه وانصرفنا ، قال غيرهم : إن بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنّه الكهف والرقيم قرب عمّان ، وذكروا أن عمّان هي مدينة دقيانوس ، وقيل : هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين ، قيل : هي مدينة دقيانوس ، وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم ، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها ، وقيل : إن طليطلة هي مدينة دقيانوس ، وذكر عليّ ابن يحيى أنّه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع ، قال : فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال ، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء ، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه ، وروي عن عبادة بن الصامت قال : بعثني أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب ، قال : فسرت حتى دخلت بلد الروم فلمّا دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل

٦١

إن فيه أصحاب الكهف والرقيم ، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل ، فقلنا لهم : إنّا نريد أن ننظر إليهم ، فقالوا : أعطونا شيئا ، فوهبنا لهم دينارا ، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم ، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلّا أنّها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة ، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة ، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله ، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبّان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين ، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنّه في ذلك اليوم ضرب ، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنّهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أيّاما من غير أن يمسّهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلّم أظافيرهم ونقصّ شواربهم ثمّ نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها ، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان ، فذكروا أنّهم يجدون في كتبهم أنّهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح ، عليه السلام ، بأربعمائة سنة وأنّهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنّهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا ، قال عبد الله الفقير إليه : هذا ما نقلته من كتب الثقات ، والله أعلم بصحته.

الرُّقِيُّ : بلفظ الرقيّ بمعنى الصعود : موضع في شعر ليلى :

فآنست خيلا بالرّقيّ مغيرة

وقال ابن مقبل :

حتى إذا هبطت مدافع راكس

ولها بصحراء الرّقيّ توالي

باب الراء والكاف وما يليهما

الرِّكاء : بوزن جمع الركوة ، وهو سقاء الماء : موضع ، عن ابن دريد ، وابن فارس يفتح الراء ، وأنشد :

إذا بالرّكاء مجالس فسّح

وقيل : هو واد في ديار بني العجلان ، وقال ثعلب : الركا ، مقصور ، في قول الراعي :

وشاقتك بالخبتين دار تنكّرت

معارفها إلّا الرّسوم البلاقعا

تلوح كوشم في يدي حارثية

بنجران أدمت للنّسور الأشاجعا

بميثاء سالت من عسيب فخالطت

ببطن الركاء برقة وأجارعا (١)

قال : هو واد أكثر ابن مقبل من ذكره ، ومن قوله :

أأنت محيّي الرّبع أم أنت سائله

بحيث أفاضت في الركاء مسايله؟

سلا القلب عن أهل الركاء فإنّه

على ما سلا خلّانه وحلائله

__________________

(١) لا يمكن قصر الركاء ، كما يقول المؤلف ، لئلا يختل الوزن.

٦٢

وبدّل حالا بعد حال وعيشة

بعيشتنا ضيق الركاء فعاقله

ألا ربّ عيش صالح قد شهدته

بضيق الركاء إذ به من نواصله

إذ الدّهر محمود السجيّات تجتنى

ثمار الهوى منه ويؤمن غائلة

رَكّاء : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، والمد : موضع آخر ، قال زهير :

جنبي عماية فالرّكاء فالعمقا

وأصلحه من الرّكّ وهو المكان المضعوف الذي لم يمطر ، ومطر ركّ أي قليل ، عن ابن شميل.

الرِّكابِيّةُ : كأنّه منسوب إلى الركاب ، وهي الإبل خاصة : وهو موضع منه إلى المدينة عشرة أيّام ، وقد ذهب بعضهم إلى أن الزيت الركابيّ منسوب إلى هذا الموضع ، وأراه وهما لأن تلك النواحي قليلة الزيت إنّما يجلب إليها من الشام على الركاب فهو منسوب إلى الركاب ، هكذا قال الأزهري إنّه منسوب إلى الركاب.

رَكاحُ : بالفتح ، وآخره حاء مهملة ، في شعر لبيد بن ربيعة حيث قال :

وأسرع فيها قبل ذلك حقبة

ركاح فجنيا نقدة فالمغاسل

رُكانَةُ : مدينة لطيفة من عمل بلنسية بالأندلس ، قال ابن سقاء : أنشدني أبو محمد عبد الله بن محمد بن معدان الرّكاني اليحصبي وهو من أهل الأدب وله به عناية وكتب غير مقطّعات من شعر وحجّ مرّات هو وأخوه عليّ الركاني ، لقيه السلفي أيضا.

الرَّكايَا : جمع ركيّة : موضع بعينه بنجد وبه مياه لبني نصر بن معاوية ، وقيل : الركايا جمع ركية مياه لبني دهمان ، وقال ابن جنّي : لام الركية واو ، وهي فعيلة في معنى مفعولة ، قيل : ركوت الحوض أي أصلحته ، قال :

قد ركّت المركوّ حتى ابلندكا

الرَّكْبُ : من مخاليف اليمن.

رَكَبَان : بالتحريك : قرب وادي القرى.

رُكْبة : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وباء موحدة ، بلفظ الركبة التي في الرجل من البعير وغيره ، وقال ابن بكير : هي بين مكّة والطائف ، وقال القعنبي : هو واد من أودية الطائف ، وقيل : من أرض بني عامر بين مكّة والعراق ، وقيل : ركبة جبل بالحجاز ، وقال الزمخشري : هي مفازة على يومين من مكّة يسكنها اليوم عدوان ، وعن الأصمعي أن ركبة بنجد ، وهي مياه لبني نصر بن معاوية ، قال الأصمعي : ولبني عوف بن نصر بنجد بركبة الركايا يقول لهم : بركبة هذه المياه ، يعني الركايا أي لهم مياه يقال لها الركايا ، وهي بينهم وبين بطون نصر كلّها ، وهي عوف وهمدان والمدركاء بركبة لهم جميعا ، قال الواقدي : هو إذا رحت من غمرة تريد ذات عرق ، وقال الحفصي : ركبة بناحية السّيّ ، ويقال : إن ركبة أرفع الأراضي كلّها ، ويقال : إن التي قال ابن نوح : سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ، يعني ركبة ، في كتاب فضائل مكّة لأبي سعيد المفضل بن محمد بن تميم الجندي الهمداني بإسناد له أن عمر بن الخطّاب قال : لأن أخطئ سبعين خطيئة بركبة أحبّ إليّ من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكّة.

ركضة : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وضاد معجمة ، وهي ركضة جبرائيل : من أسماء زمزم ، والركض : الدفعة بالرجل على الفرس والأرض وغير ذلك.

٦٣

رَكَكٌ : بفتح أوّله وثانيه ، وتكرير الكاف ، وهو فك ركّ ، والرك المطر الضعيف : وهي محلة من محالّ سلمى أحد جبلي طيّء ، قال الأصمعي : قلت لأعرابي أين ركك؟ قال : لا أعرفه ولكن ههنا ماء يقال له ركّ ، فاحتاج ففكّ تضعيفه زهير :

ردّ القيان جمال الحيّ فاحتملوا

إلى الظّهيرة أمر بينهم لبك

يغشى الحداة بهم وعث الكثيب كما

يغشي السفائن موج اللجّة العرك

ثمّ استمرّوا وقالوا إنّ موعدكم

ماء بشرقيّ سلمى فيد أو ركك

وقد جاء في شعر عبيد كذلك فقال :

تغيرت الدّيار بذي الدّفين

فأودية اللّوى فرمال لين

تبيّن صاحبي أترى حمولا

يشبّه سيرها عوم السّفين

جعلن الفلج من ركك شمالا

ونكّبن الطويّ عن اليمين

رَكٌّ : هو الذي قبله فكّ تضعيفه فأظهر وقال ركك ، وقد ذكرته قبل هذا.

ركلة : من عمل سرقسطة بالأندلس ، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن دريّ التّجيبي الركلي أبو محمد ، روى عن أبي الوليد الباجي وأبي مروان بن حيان وأبي زيد عبد الرحمن بن سهل بن محمد وغيرهم ، وكان من أهل الأدب قديم الطلب ، مات سنة ٥١٣.

الركنُ اليمانيّ : من أركان الكعبة ، إنّما ذكر فيما ذكره ابن قتيبة أن رجلا من اليمن يقال له أبيّ بن سالم بناه ، وأنشد لبعض أهل اليمن :

لنا الركن من بيت الحرام وراثة

بقية ما أبقى أبيّ بن سالم

رُكُنٌ : بضمتين : موضع باليمامة في شعر زهير ، وقد يسكّن ثانيه ، قال زهير :

كم للمنازل من عام ومن زمن

لآل أسماء بالقفّين فالرّكن

رَكُوبَةُ : بفتح أوّله ، وبعد الواو باء موحدة ، والرّكوب والرّكوبة : ما يركب ، يقال : ما له ركوبة ولا حمولة : وهي ثنية بين مكّة والمدينة عند العرج صعبة سلكها النبيّ ، صلى الله عليه وسلّم ، عند مهاجرته إلى المدينة قرب جبل ورقان وقدس الأبيض وكان معه ، صلّى الله عليه وسلّم ، ذو البجادين فحدا به وجعل يقول :

تعرّضي مدارجا وسومي

تعرّض الجوزاء للنجوم

هذا أبو القاسم فاستقيمي

وقال بشر بن أبي خازم :

سبته ولم تخش الذي فعلت به

منعّمة من نشء أسلم معصر

هي الهمّ لو أن النّوى أصقبت بها ،

ولكنّ كرّا في ركوبة أعسر

قالوا في تفسيره : ركوبة ثنية شاقة شديدة المرتقى ، وقال الأصمعي : ركوبة عقبة يضرب بها المثل فيقال : طلب هذه المرأة كالكرّ في ركوبة ، والكر : الرجوع كما يكرّ الشيء عن الشيء ، وقال الأصمعي في موضع آخر : ركوبة عقبة عند العرج سلكها رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، وكان دليله إليها عبد الله ذو البجادين ، فيقول : هذه المرأة مثلها لمن أرادها مثل ركوبة فمن يستطيع أن يعود إلى

٦٤

ركوبة ، وأبو عمرو لا يعرف ركوبة ، والله أعلم.

رُكَيْحٌ : تصغير ركح : وهو ركن من الجبل ، وركح كلّ شيء : جانبه ، وهو اسم موضع في شعر كثير :

من الروضتين فجنبي ركيح

كلفظ المضلّة حليا مباثا

رَكِيّةُ لُقْمانَ : هو لقمان بن عاد : وهي ركية بثاج قريب من البحرين بين البحرين واليمامة كانت لبني قيس بن ثعلبة ولعنزة فغلبت عليها بنو سعد ، وهي مطوية بحجارة الحجر أكبر من ذراعين ، قال الفرزدق من أبيات :

ولو لا الحياء زدت رأسك هزمة

إذا سبرت ظلّت جوانبها تغلي

بعيدة أطراف الصّدوع كأنّها

ركية لقمان الشّبيهة بالدّحل

باب الراء والميم وما يليهما

رَمَا : موضع في أرض بني عامر ، عن نصر ، قال ابن مقبل :

أحقّا أتاني أن عوف بن عامر

ببين رما يهدي إليّ القوافيا؟

البين : قطعة من الأرض قدر مد البصر.

رِماح : ذات الرماح : موضع قريب من تبالة ، وقارة الرماح في خبر ، وذات الرماح : إبل لبعض الأحياء سميت بذلك لعزها ، عن نصر.

الرُّمَاحَةُ : ماءة في الرمل لقريط عند أجإ ، عن نصر.

رُمَاخ : بضم أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره خاء معجمة ، والرّمخ ، بكسر أوّله وفتح ثانيه : من أسماء الشجر المجتمع ، من كتاب العين ، وقال ابن الأعرابي : الشاة الرمخاء الكلفة بأكل الرمخ ، وهو الخلال بلغة طيء : وهو موضع بالدهناء ، وقال العمراني : يقال بالحاء المهملة ، وقد جاء به ذو الرمة بالمهملة فقال :

وفي الأظعان مثل مها رماح

عليه الشمس فادّرع الظّلالا

وأنشد على الخاء :

وقد باتت عليه مها رماخ

حواسر ما تنام ولا تنيم

قلت أنا : إن صحّ رماخ ، بالخاء ، بالدهناء ، فرماح ، بالحاء ، في موضع آخر ، وذلك لأن الدهناء كلّها رمال ، وقد جاء في شعر أعرابية أن الرماح حرّتان والحرار لا تكون في الرمال ، قالت :

خليليّ إن حانت بمورة ميتتي ،

وأزمعتما أن تحفرا لي بها قبرا

ألا فاقريا مني السّلام على فتى

وحرّة ليلى لا قليلا ولا نزرا

سلام الذي قد ظنّ أن ليس رائيا

رماحا ولا من حرّتيه ذرى خضرا

وقال كثير :

كأنّ القيان الغرّ وسط بيوتهم

نعاج بجوّ من رماح خلالها

لهم أنديات بالعشيّ وبالضّحى ،

بهاليل يرجو الرّاغبون نوالها

قال ابن حبيب في تفسير رماخ : بنجد ، قال ابن السكيت : رماخ نقا بالدهناء ، ويقال : نقا آخر برمل الوركة ، وهي عن يسار أضاخ من شرقيها ، والصحيح أن رماح ، بالحاء ، اسم موضع لا شك فيه لقول جرير حيث قال :

٦٥

أتصحو أم فؤادك غير صاح ،

عشيّة همّ صحبك بالرّواح؟

تقول العاذلات علاك شيب ،

أهذا الشيب يمنعني مراحي؟

يكلّفني فؤادي من هواه

ظعائن يجتزعن على رماح

ظعائن لم يدنّ مع النّصارى ،

ولا يدرين ما سمك القراح

رَمَادانُ : تثنية رماد ثمّ عرب : جفر في الطريق لبني المرقع من بني عبد الله بن غطفان عند القصيم ، قال جرير :

أخو اللّؤم ما دام الغضا حول عجلز ،

وما دام يسقى في رمادان أحقف

وفي رواية ثعلب : رمادان ، بالضم ، في قول الراعي :

فحلّت نبيّا أو رمادان دونها

رعان وقيعان من البيد سملق

الرَّمادَةُ : اشتقاقه معروف ، وهي في عدة مواضع ، منها : رمادة اليمن ، ينسب إليها أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي صاحب عبد الرزاق وأبا داود الطيالسي ، روى عنه عبد الله البغوي وابن صاعد ، رحل إلى الشام والعراق والحجاز ، وكان ثقة ، توفي سنة ٢٦٥ عن ٨٣ سنة. ورمادة فلسطين : وهي رمادة الرملة ، ينسب إليها عبد الله بن رماحس القيسي الرمادي ، روى عن أبي عمرو زياد بن طارق روى عنه أبو القاسم الطبراني. ورمادة المغرب ، ينسب إليها أبو عمرو يوسف بن هارون الكندي الرمادي الشاعر القرطبي ، والرّمادة : بلدة لطيفة بين برقة والإسكندرية قريبة من البحر لها سور ومسجد جامع وبساتين فيها أنواع الثمار ، وهي قريبة من برقة. والرمادة أيضا : بلدة من وراء القريتين على طريق البصرة وهو نصف الطريق من البصرة إلى مكّة.

والرّمادة أيضا : محلّة كبيرة كالمدينة في ظاهر مدينة حلب متصلة بالمدينة لها أسواق ووال برأسه. والرّمادة أيضا : محلّة أو قرية من نواحي نيسابور. والرّمادة أيضا : قرية من قرى بلخ معروفة. والرّمادة أيضا : موضع في شق بني تميم ولعلّها في طريق البصرة ، وقال الحفصي : الرمادة وقرماء من قرى امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم باليمامة ذات نخيل. ورمادة أبيط : سبخة بحذاء القصيبة بينها وبين الجنوب تفضي إليها أودية الرغام ويؤخذ منها الملح ، قال ذو الرّمّة :

أصيداء هل قيظ الرّمادة راجع

لياليه أو أيّامهنّ الصّوالح؟

رُمَاعٌ : بضم أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره عين مهملة ، وهو من اليرمع ، وهو الحصى البيض التي تلألأ في الشمس ، الواحدة رمعة ، قال : والرماع بلفظ هذا وجع يعترض في ظهر الساقي حتى يمنعه من السقي : وهو موضع ، عن ابن دريد.

رُمّاغُ : بضم أوّله ، وتشديد ثانيه ، وآخره غين معجمة ، وهو في اللغة مرتجل لهذا الموضع ، عن ابن دريد.

رُمّانُ : بلفظ الرمّان الفاكهة التي تؤكل ، وسيبويه يحكم في رمّان بزيادة النون حملا على الأكثر وهو الزيادة ، وقياسه أنه من رممت الشيء إذا جمعت أجزاءه ، ويقول : كلّ ما كان على حرفين ثانيهما مضاعف وبعده ألف ونون فهما زائدتان ، قصر الرمان : بنواحي واسط القصب التي بكسكر وهو واسط العراق ، ينسب إليه أبو هاشم يحيى بن دينار الرماني يعد في التابعين ، رأى أنس بن مالك وسمع جماعة من التابعين ، كذا قاله أسلم بن سهل بحشل الواسطي في تاريخ

٦٦

واسط ، وهو أعرف بأهل بلده ، وقد نسب إليه الأمير ابن ماكولا وتبعه أبو سعد السمعاني أبا الحسن علي بن عيسى الرمّاني النحوي.

الرّمّانتان : بضم أوّله ، وتشديد ثانيه ، في قول عرقل ابن الحطيم العكلي :

لعمرك للرّمان إلى بثاء

فحزم الأشيمين إلى صباح (١)

قال السكّري : هذه المواضع دون هجر في بلاد سعد وكانت قبل لعبد القيس ، وتمامها :

وأودية بها سلم وسدر ،

وحمض هيكل هدب النواحي

أسافلهنّ ترفض في سهوب ،

وأعلاهنّ في لجف وراح

نحلّ بها وننزل حيث شئنا

بما بين الطّريق إلى رماح

أحبّ إليّ من آطام جو

ومن أطوابها ذات المناحي

ورمان أيضا في بعض الروايات : موضع يعرف برمانتين ، وهما هضبتان في بلاد بني عبس ، قال :

على الدار بالرمانتين تعوّج

كذا قال العمراني.

رَمّان : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، وهو فعلان من رممت الشيء أرمّه وأرمّه رمّا ومرمّة إذا أصلحته : وهو جبل في بلاد طيّء في غربيّ سلمى أحد جبلي طيّء ، وإليه انتهى فلّ أهل الردّة يوم بزاخة فقصدهم خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، فرجعوا إلى الإسلام ، وهو جبل في رمل ، وهو مأسدة ، قال الأسدي :

وما كلّ ما في النفس للناس مظهر ،

ولا كلّ ما لا نستطيع نذود

فكيف طلابي ودّ من لو سألته

قذى العين لم يطلب وذاك زهيد

ومن لو رأى نفسي تسيل لقال لي :

أراك صحيحا والفؤاد جليد

فيا أيّها الرّيم المحلّى لبانه

بكرمين كرمي فضّة وفريد

أجدّي لا أمشي برمّان خاليا

وغضور إلّا قيل أين تريد

وقال طفيل الغنوي :

وكان هريم من سنان خليفة

وحصن ، ومن أسماء لما تغيّبوا

ومن قيس الثاوي برمّان بيته ،

ويوم حقيل فاد آخر معجب

قيس الثاوي هو قيس بن جندع وهي أمّه ، وهو قيس ابن يربوع بن طريف بن خرشبة بن عبيد بن سعد بن كعب بن حلّان بن غنم بن غني ، وقال الكلبي : هو قيس الندامى بن عبد الله بن عميلة بن طريف بن خرشبة ، وكان فارسا جيّدا قاد ورأس فكان قدم على بعض الملوك فقال الملك : لأضعن تاجي على رأس أكرم العرب ، فوضعه على رأس قيس وأعطاه ما شاء ثمّ خلّى سبيله فلقيته طيّء برمان راجعا إلى أهله فقتلوه ثمّ عرفوه بعد وذكروا أيادي كانت له عندهم فندموا ودفنوه برمّان وبنوا عليه بيتا ، قال أبو صخر الهذلي في بعض الروايات :

ألا أيّها الرّكب المخبّون هل لكم

بساكن أجراع الحمى بعدنا خبر؟

__________________

(١) الرّمان مخفف في هذا البيت لا مشدّد

٦٧

فقالوا : طوينا ذاك ليلا وإن يكن

به بعض من تهوى فما شعر السّفر

خليليّ هل يستخبر الرّمث والغضا

وطلح الكدى من بطن رمّان والسّدر

الرِّمْثُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره ثاء مثلثة : مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض ، واسم واد لبني أسد ، قال دريد بن الصّمّة :

ولو لا جنون اللّيل أدرك ركضنا

بذي الرّمث والأرطى عياض بن ناشب

وقال لبيد :

بذي شطب أحداجها قد تحمّلوا ،

وحثّ الحداة النّاعجات الذّواملا

بذي الرّمث والطّرفاء لمّا تحمّلوا

أصيلا وعالين الحمول الحوافلا

رِمْثَةُ : ماء ونخل لبني ربيعة ، عن الحفصي ، باليمامة.

رَمْجَارُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وجيم ، وآخره راء : محلّة من نواحي نيسابور ، ينسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح القاري الرّمجاري ، ذكره أبو سعد في التحبير وروى عنه ، ومات بنيسابور في رمضان سنة ٥٣١.

رُمْحٌ : بلفظ الرمح الذي يطعن به ، ذات رمح : قرية بالشام ، وذات رمح : أبرق أبيض في ديار بني كلاب لبني عمرو بن ربيعة ، وعنده البتيلة ماء لهم ، ودارة رمح منسوبة إليه ، قال ذلك نصر ، وقال ناهض بن ثومة وثنّاه على عادتهم في مثل ذلك :

فما العهد من أسماء إلّا محلّة ،

كما خطّ في ظهر الأديم الرّواقش

برمحين أو بالمنحنى دبّ فوقها

سفا الريح أو جذع من السيل خادش

الرَّمْدُ : رمال بإقبال الشّيحة ، وهي رملة بين ذات العشر وبين الينسوعة.

الرَّمَصُ : بفتح أوّله وثانيه ، وصاد مهملة ، وهو وسخ يجتمع في الموق : وهو موضع ، عن ابن دريد.

رَمْطَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وطاء مهملة : اسم أعجمي لقلعة حصينة بجزيرة صقلية بينهما ثمانية أيّام ، هي بعيدة من البحر فوق جبل وفيها آثار الماء ، كان فتحها الحسن في سنة ٣٥٤ وسكنها المسلمون وأقام محاصرا لها واحدا وعشرين شهرا.

رِمَعٌ : بكسر أوّله ، وفتح ثانيه ، وعين مهملة ، مرتجل : موضع باليمن ، وقيل : هو جبل باليمن ، وقال نصر : رمع قرية أبي موسى ببلاد الأشعريّين من اليمن قرب غسّان وزبيد ، وقال ابن الدّمينة : يتلو وادي زبيد رمع ، وهو واد حارّ ضيّق ، أوّله من أشراف جمران وغربي ذي خشران إلى وادي الشّجنة ويهريق فيه من يمينه جنوب ألهان وأنس ومن شماليّه شماليّ بلد جمع وسرية حتى يرد سحنان فسلك بين جبلين العركة وجبلان ريمة فظهر فذوال فسقى مزارعها إلى البحر ، وفي أسفل رمع موضع الماء الذي كان يسمّى غسّان ، قال أبو دهبل الجمحي يمدح الأزرق ابن عبد الله المخزومي وقد عزل عن اليمن :

ما ذا رزئنا ، غداة الخلّ من رمع

عند التفرّق ، من خيم ومن كرم

ظلّ لنا واقفا يعطي فأكثر ما

قلنا وقال لنا في بعده نعم (١)

__________________

(١) في هذا البيت إقواء.

٦٨

ثمّ انتحى غير مذموم وأعيننا

لمّا تولّى ، بدمع واكف سجم

رَمَكانُ : بفتح أوّله وثانيه ، وآخره نون ، يقال : رمك بالمكان يرمك رموكا أقام به ، وأرمكته أنا : وهو موضع ، عن ابن دريد.

الرَّمْلُ : قال العمراني : الرمل موضع بعينه في شعر زهير. ورمل مسهّل : موضع في قول طفيل الغنوي :

تضلّ المداري في ضفائرها العلى

إذا أرسلت أو هكذا غير مرسل

كأنّ الرّعاث والسّلوس تصلصلت

على خششاوي جابة القرن معزل

أملّت شهور الصّيف بين إقامة

دلولا لها الوادي ورمل مسهّل

الرَّمْلَةُ : واحدة الرّمل : مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الآن ، وكانت رباطا للمسلمين ، وهي في الإقليم الثالث ، طولها خمس وخمسون درجة وثلثان ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلثان ، وقال المهلبي : الرملة من الإقليم الرابع ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم. والرملة : محلة خربت نحو شاطئ دجلة مقابل الكرخ ببغداد. والرملة أيضا : قرية لبني عامر من بني عبد القيس بالبحرين. والرملة : محلة بسرخس ، ينسب إليها جماعة ، منهم : أبو القاسم صاعد بن عمر الرملي شيخ عالم ، سمع السيد أبا المعالي محمد بن زيد الحسيني والسيد أبا القاسم علي ابن موسى الموسوي وغيرهما ، ذكره أبو سعد في مشيخته قال : توفي في حدود سنة ٥٧٠. ورملة بني وبر : في أرض نجد ، ينسب إلى وبر بن الأضبط بن كلاب ، فأما رملة فلسطين فبينها وبين البيت المقدس ثمانية عشر يوما ، وهي كورة من فلسطين ، وكانت دار ملك داود وسليمان ورحبعم بن سليمان ، ولما ولي الوليد بن عبد الملك وولّى أخاه سليمان جند فلسطين نزل لدّ ثمّ نزل الرملة ومصّرها ، وكان أوّل ما بنى فيها قصره ودارا تعرف بدار الصباغين واختط المسجد وبناه ، وذكر البشاري أن السبب في عمارته لها أنّه كان له كاتب يقال له ابن بطريق سأل أهل لدّ جارا كان للكنيسة أن يعطوه إيّاه ويبني فيه منزلا له فأبوا عليه ، فقال : والله لأخربنها ، يعني الكنيسة ، ثمّ قال لسليمان : إن أمير المؤمنين ، يعني عبد الملك ، بنى في مسجد بيت المقدس على هذه الصخرة قبّة فعرف له ذلك وإن الوليد بنى مسجد دمشق فعرف له ذلك فلو بنيت مسجدا ومدينة ونقلت الناس إلى المدينة ، فبنى مدينة الرملة ومسجدها فكان ذلك سبب خراب لدّ ، فلمّا مات الوليد واستخلف سليمان بن عبد الملك وكان موضعها رملة ، فسليمان اختطها وصار موضع بلد الرملة بعد الصباغين آبارا عذبة ولم تكن الرملة قبل سليمان بن عبد الملك ، أذن للناس أن يبنوا فبنوا مدينة الرملة واحتفر لهم القناة التي تدعى بردة واحتفر أيضا آبارا عذبة وصارت بعد ذلك لورثة صالح بن علي لأنّها قبضت مع أموال بني أميّة ، وكان بنو أمية ينفقون على آبار الرملة وقناتها ، فلمّا استخلف بنو العبّاس أنفقوا عليها أيضا ، وكان الأمر في تلك النفقة يخرج في كلّ سنة من خليفة بعد خليفة ، فلمّا استخلف المعتصم أسجل بذلك سجلا فانقطع الاستئمار وصارت النفقة يحتسب بها للعمّال ، وشربهم من الآبار الملحة ، والمترفون لهم بها صهاريج مقفلة ، وكانت أكثر البلاد صهاريج مع كثرة الفواكه وصحة الهواء ، واستنقذها صلاح الدين يوسف بن أيّوب في سنة ٥٨٣ من الأفرنج وخرّبها خوفا من استيلاء الأفرنج عليها مرّة أخرى

٦٩

في سنة ٥٨٧ ، وبقيت على ذلك الخراب إلى الآن ، وكان أبو الحسن علي بن محمد التهامي الشاعر أقام بها وصار خطيبها وتزوّج بها وولد له ولد فمات بها فقال يرثيه :

أبا الفضل طال اللّيل أم خانني صبري

فخيّل لي أن الكواكب لا تسري؟

أرى الرملة البيضاء بعدك أظلمت

فدهري ليل ليس يفضي إلى فجر

وما ذاك إلّا أن فيه وديعة

أبى ربّها أن تستردّ إلى الحشر

بنفسي هلال كنت أرجو تمامه ،

فعاجله المقدار في غرّة الشّهر

وهي قصيدة ذكرتها في كتابي في أخبار الشعراء مع أختها :

حكم المنيّة في البريّة جاري

وقد سكن الرملة جماعة من العلماء والأئمة فنسبوا إليها ، منهم : أبو خالد يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني ، روى عن اللّيث ابن سعد والمفضّل بن فضالة ، وروى عنه أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وأبو زرعة الرازي ، ومات سنة ٢٣٢ ، وموسى بن سهل بن قادم أبو عمران الرملي أخو علي بن سهل ، سمع يسرة بن صفوان وأبا الجماهر وآدم بن أبي إياس وجماعة غيرهم من هذه الطبقة ، روى عنه أبو داود في سننه وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم ، مات بالرملة سنة ٢٦٢ في جمادى الأولى ، وعبد الله بن محمد بن نصر بن طويط ، ويقال طويث ، أبو الفضل البزّاز الرملي الحافظ ، سمع بدمشق هشام بن عمار ودحيما وهشام بن خالد ابن أحمد بن ذكوان ووارث بن الفضل العسقلاني ونوح بن حبيب القومسي وغيرهم ، روى عنه أبو أحمد بن عدي وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو عمرو فضالة وأبو بكر عبد الله بن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي وسليمان بن أحمد الطبراني وغيرهم ، وهذه الرملة أراد كثيّر بقوله :

حموا منزل الأملاك من مرج راهط

ورملة لدّ أن تباح سهولها

لأن لدّ مدينة كانت قبل الرملة خربت بعمارتها.

رِمَمُ : بكسر أوّله ، وفتح ثانيه ، جمع رمّة ، وهي العظام البالية ، والرمّ واحدته رمّة والجمع رمم : ما في البرّ من النبات وغيره ، ومن هذا مأخوذ اسم هذا الوادي ، وقرأته في شعر مضرّس رمم بفتح أوّله ، قال مضرّس بن ربعي :

ولم أنس من ريّا غداة تعرّضت

لنا دون أبواب الطّراف من الأدم

تعرّض حوراء المدامع ترتعي

تلاعا وغلّانا سوائل من رمم

عشيّة تبليغ المودّة بيننا

بأعيننا من غير عيّ ولا بكم

رُمٌّ : بضم أوّله ، قال ابن السّكّيت في قوله : ما له ثمّ ولا رمّ ، الثمّ : قماش البيت ، والرّم : مرمّة البيت ، قال أبو عبيدة : رمّ ، بضم الراء ، بئر بمكة من حفائر مرّة بن كعب ثمّ من حفائر كلاب من مرّة حفر رمّ والحفر ، وهما بئران بظاهر مكّة ومنهما كانوا يشربون قبل أن يهبطوا إلى البطحاء ثمّ سموا برمّ وبالحفر بعد ذلك غيرهما حين احتفروا

٧٠

بالبطحاء ، وهي عند دار خديجة زوجة النبي ، صلّى الله عليه وسلّم.

رِمٌّ :بكسر أوّله ، وتشديد ثانيه ، وهو ما في البرّ من النبات وغيره ، والرّمّ أيضا : بناء بالحجاز في شعر هذيل ، قال حذيفة بن أنس الهذلي :

ونحن جزرنا نوفلا فكأنّما

جزرنا حمارا يأكل القرف أصحرا

جزرنا حمارا يأكل القرف صادرا ،

تروّح عن رمّ وأشبع غضورا

الغضور : شجر.

رَمٌّ : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، وجمعه رموم ، وتفسير الرّموم محالّ الأكراد ومنازلهم بلغة فارس : وهي مواضع بفارس ، منها : رمّ الحسن بن جيلويه يسمّى رمّ البازنجان ، وهو من شيراز على أربعة عشر فرسخا. ورمّ أردام بن جوانابه : من شيراز على ستة وعشرين فرسخا. ورمّ القاسم بن شهريار ويسمى الكوريان : من شيراز على خمسين فرسخا. ورمّ الحسن بن صالح ويسمّى رمّ السوران : من شيراز على سبعة فراسخ ، قال ذلك ابن الفقيه ، ولعلّ هذه الإضافة قد زالت بزوال من أضيف إليه ، وقال البشاري : بفارس رمّ الأكراد ولها رستاق ونهر وهي وسط الجبال ذات بساتين ونخيل وفواكه وخيرات ، قال : ورمّ أحمد بن صالح ويسمّى الزّيزان ، وقال الإصطخري : رموم فارس خمسة ، ولكلّ واحد منها مدن وقرى مجتمعة قد تضمّن خراج كلّ ناحية رئيس من الأكراد وألزموا إقامة رجال لبذرقة القوافل وحفظ الطريق ولنوائب السلطان إذا عرضت ، وهي كالممالك : الأوّل رمّ جيلويه يعرف برمّ الزنيجان اسم قبيلة من الأكراد فإن مكانه في الناحية التي تلي أصبهان وهي تأخذ طرفا من كورة إصطخر وطرفا من كورة أرّجان فحدّ ينتهي إلى البيضاء وحدّ ينتهي إلى حدود أصبهان وحدّ ينتهي إلى حدود خوزستان وحدّ ينتهي إلى ناحية سابور ، وكلّ ما وقع في هذه من المدن والقرى فمن هذا الرمّ ويتاخمهم في عمل أصبهان ، الثاني رمّ شهريار وهو رمّ البازنجان وهو رمّ جيل من الأكراد وهم من البازنجان رهط شهريار وليس من البازنجان هؤلاء أحد في عمل فارس إلّا أن لهم بها ضياعا وقرى كثيرة ، الثالث رمّ الزيزان للحسن بن صالح وهو في كورة سابور فحدّ منه ينتهي إلى أردشير خرّه وتليه حدود تطيف بها كورة سابور ، وكلّ ما كان من المدن والقرى في أضعافها فهي منها ، الرابع رمّ الريحان لأحمد بن الليث وهي في كورة أردشير خرّه فحدّ منه يلي البحر ويحيط بثلاثة حدوده الأخر كورة أردشير خرّه ، وما وقع في أضعافه من المدن والقرى فهي منه ، الخامس رمّ الكاريان فحدّ منه ينتهي إلى سيف بني الصفار وحدّ منه ينتهي إلى رمّ الريحان وحدّ يتصل بحدود كرمان ومنه إلى أردشير خرّه وهي كلّها في أردشير خرّه.

الرُّمّةُ : بضم أوّله ، وتشديد ثانيه وقد يخفّف ، ولفظ الأصمعي في كتابه : ما ارتفع من بطن الرمّة ، يخفف ويثقّل هذا لفظه ، فهو نجد ، والرمة : فضاء ، وقد ذكرنا أن الرمة ما بقي من الحبل بعد تقطّعه ، وجمعه رمم ، ومنه سمّي ذو الرمّة لأنّه قال في أرجوزة له :

أشعث مضروب القفا موتود

فيه بقايا رمّة التقليد

يعني ما بقي في رأس الوتد من رمّة الطّنب المعقود

٧١

فيه ، ومن هذا يقال : أعطيته الشيء برمّته أي بجماعته ، وأصله الحبل يقلّد به البعير ، يعني أعطاه البعير بحبله ، وأما الرّمة ، بالتخفيف ، فذكره أبو منصور في باب ورم وخفّفه ولم يذكر التشديد وقال : بطن الرّمّة واد معروف بعالية نجد ، وقال أبو عبيد السكوني : في بطن الرمّة منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة بها

يجتمع أهل الكوفة والبصرة ومنه إلى العسيلة ، وقال غيره : أصل الرمة واد يصب من الدهناء ، وقد ذكر في الدهناء ، وقال ابن دريد : الرّمة قاع عظيم بنجد تنصبّ فيه أودية ، ويقال بالتخفيف ، وقال العاصمي : سمعت أبا المكارم الأعرابي وابن الأعرابي يقولان الرمة طويلة عريضة تكون مسيرة يوم تنزل أعاليها بنو كلاب ثمّ تنحدر فتنزل عبس وغيرهم من غطفان ثم تنحدر فتنزل بنو أسد ، وفي كتاب نصر : الرمة ، بتخفيف الميم ، واد يمرّ بين أبانين يجيء من المغرب ، أكبر واد بنجد يجيء من الغور والحجاز أعلاه لأهل المدينة وبني سليم ووسطه لبني كلاب وغطفان وأسفله لبني أسد وعبس ثمّ ينقطع في رمل العيون ولا يكثر سيله حتى يمدّه الجريب واد لكلاب ، وقال الأصمعي : الرّمّة واد يمرّ بين أبانين يستقبل المطلع ويجيء من المغرب وهو أكبر واد بعمله. والرمة ، يخفف ويثقل : فضاء تدفع فيه أودية كثيرة وهي أوّل حدود نجد ، وأنشد :

لم أر ليلة كليل مسلمه

أنّى اهتديت والفجاج مظلمة

لراكبين نازلين بالرّمه

فهذا شاهد على التخفيف وهو أشيع وأكثر ، قال الأصمعي : بطن الرمة واد عظيم يدفع عن يمين فلجة والدّثينة حتى يمرّ بين أبانين الأبيض والأسود وبينهما نحو ثلاثة أيّام ، قال : ووادي الرمة يقطع بين عدنة والشربّة فإذا جزعت الرمة مشرقا أخذت في الشربّة وإذا جزعت الرمة في الشمال أخذت في عدنة ، وبين الرمة والجريب واد يصبّ في الرمة ، والذي قرأته في كتاب الأصمعي في جزيرة العرب رواية ابن دريد عن عبد الرحمن بن عمة وقد ذكر نجدا فقال : وما ارتفع من بطن الرمة ، يخفف ويثقل هذا لفظه ، فهو نجد ، قال : والرمة فضاء تدفع فيه أودية كثيرة ، وتقول العرب على لسان الرمّة :

كلّ بنيّ فإنّه يحسيني

إلّا الجريب فإنه يرويني

وبين أسفل الرمة وأعلاها سبع ليال من الحرة حرّة فدك إلى القصيم وحرّة النار ، قال : والرمة تجيء من الغور والحجاز ، فأعلى الرمة لأهل المدينة وبني سليم ووسطها لبني كلاب وغطفان وأسفلها لبني أسد وعبس ثمّ ينقطع في الرمل رمل العيون ، وما بين الرمة والجريب يقال له الشربّة كما يذكره ، وقال أبو مهدي الأعرابي : تقول العرب قالت الرّمة حيث كانت تتكلّم :

كلّ بنيّ يسقين

حسيّة فيهنين

غير الجريب يروين

قال : وذاك أن الرمة لا يكثر ماؤها وسيلها حتى يمدّها الجريب ، وقالت امرأة كانت تنسج :

لشقّتي أعظم من بطن الرّمه

لا تستطيع مثلها بنت أمه

إلّا كعاب طفلة مقوّمه

رِمِّيّا : بكسر أوّله وثانيه وتشديد ميمه ويائه المعجمة باثنتين من تحت : موضع.

٧٢

رَمْيَانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، قال العمراني : موضع ، فيه نظر ، عن ابن دريد.

رميتان : ماء ونخل باليمامة لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الشاعر.

الرُّمَيْشَةُ : ماء لبني سيار بن عمرو بن جابر من بني مازن بن فزارة ، قال النابغة :

وعلى الرّميثة من سكين حاضر ،

وعلى الدّثينة من بني سيار

رُمَيْصٌ : بالصاد المهملة ، وضم أوّله ، وفتح ثانيه ، كأنّه تصغير رمص ، وهو قذى العين : اسم بلد.

رُمَيْلَةُ : تصغير رملة ، قال السّكوني : هو منزل في طريق البصرة إلى مكّة بعد ضريّة نحو مكّة ومنها إلى الأبرقين. والرّميلة أيضا : قرية بالبحرين لبني محارب بن عمرو بن وديعة العبقسيين ، قال السمعاني : الرميلة من قرى بيت المقدس ، وقد نسب إليها أبو القاسم مكّيّ بن عبد السلام المقدسي الرميلي ، رحل إلى الشام والعراق والبصرة وأكثر السماع من الشيوخ ، سمع ببغداد من أصحاب المخلص وعيسى الوزير ورجع إلى بيت المقدس فأقام إلى أن مضى شهيدا على يد الأفرنج ، خذلهم الله تعالى ، يوم دخولهم بيت المقدس سنة ٤٩٢.

رُمَيٌّ : كأنّه تصغير الرّمي ، ياؤه مشددة ، وأوّله مضموم ، وثانيه مفتوح : موضع.

باب الراء والنون وما يليهما

رُنَانُ : بضم أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره أيضا نون : قرية من قرى أصبهان ، ينسب إليها أبو نصر إسماعيل ابن محمد بن أحمد بن أبي الحسن الرناني الصوفي الأصبهاني ، سافر وسمع الحديث ، وسمع بأصبهان أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفرساني وغيره ، توفي سنة ٥٣١ ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن هالة الرناني ، كان مقرئا فاضلا ، قرأ القرآن على أبي عليّ الحدّاد وأبي العزّ الواسطي وختم عليه خلق كثير ، سمع الحديث الكثير من الحافظ إسماعيل بن محمد ابن الفضل وغانم بن أبي نصر البرجي وغيرهما ، وتوفي عائدا من مكّة بالحلة المزيدية سنة ٥٣٥ ، وأحمد بن محمد بن أحمد الرناني استجازه السمعاني.

رَنْبُويَه : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ باء موحدة ، وبعد الواو ياء مثناة من تحت مفتوحة : وهي قرية قرب الري ، بها مات عليّ بن حمزة الكسائي النحوي ومحمد بن حسن الشيباني صاحب أبي حنيفة فدفنا بها ، وكانا خرجا صحبة الرشيد فقال : اليوم دفنت الفقه والنحو برنبويه ، وقيل : إن الكسائي دفن بسكة حنظلة بالري في سنة ١٨٢ ، وقيل : سنة ١٨٩ ، عن محمد بن الجهم السمري عن الفرّاء.

رَنْدٌ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه : اسم نبت طيب الريح ، وذو رند : موضع بين فلجة والزّجيج على جادّة حاجّ البصرة ، عن نصر.

رَنْدَوَرْد : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الدال المهملة ، وفتح الواو ، وسكون الراء : موضع قرب بغداد ، وقد روي بالزاي وهو الصحيح ، وقد رواه العمراني بالراء ، قال : ويروى بالزاي.

رُنْدَةُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه : معقل حصين بالأندلس من أعمال تاكرنّا ، وهي مدينة قديمة على نهر جار وبها زرع واسع وضرع سابغ ، قال السلفي : أبو الحسن سقي بن خلف بن سليمان الأسدي الرّندي كان يتردّد إليّ بعد رجوعه من الحجاز سنة ٥٣٠ ، وقال : إن رندة حصن بين إشبيلية ومالقة

٧٣

وكان ظاهر الخير سمع بالأندلس ورجع إلى بلده ، وأبو عليّ عمر بن محمد الرندي الأديب ، حدث عن محمد بن إبراهيم الفخّاري وأبي زيد السّهيلي ، وكان شيخا فاضلا من أهل مالقة.

الرَّنْقَاء : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ قاف ، وألف ممدودة ، وهو تأنيث الرّنق ، وهو الكدر : وهو موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة ، وقيل : الرّنقاء قاع لا ينبت شيئا بين دار خزاعة ودار سليم ، وقال السكري في فسر قول القتّال :

عفت أجلى من أهلها فقليبها

إلى الدّوم ، فالرّنقاء قفرا كثيبها

الرنقاء : ماء لبني تيم الأدرم بن غالب بن فهر بن مالك من قريش ، وهذه الأبيات بعد البيت المذكور :

وقد ينتحيني الخيل يوما فأنتحي

كواعب أترابا مراضا قلوبها

بهنّ من الدّاء الذي أنا عارف ،

ولا يعرف الأدواء إلّا طبيبها

سمعت وأصحابي بذي النخل نازلا

وقد يشعف النفس الشعاع حبيبها

دعاء بذي البردين من أمر طارق

فيا عمرو! هل تدنو لنا فنجيبها؟

وقال الأصمعي : في جبال مكّة جبل رنقاء هو المتصل بجبل نبهان إلى حائط عوف.

رَنُومٌ : بفتح أوّله ، وهو فعول من الرّنم ، وهو الصّوت ، وقد رنم ، بالكسر ، وقد ترنم إذا رجّع الصوت : موضع.

رَنّةُ : قال العمراني : هو أعظم بلد بالأندلس ، وأظنّه غلطا إنّما هو ريّة.

رَنْيَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت خفيفة ، يقال : رنا إليه يرنو رنوّا إذا أدام النظر ، يقال : ظلّ رانيا وأرناه غيره ، فيجوز أن يكون رنية من ران كأنّه مرّة واحدة : وهي قرية من حدّ تبالة ، عن أبي الأشعث الكندي ، يسكنها بنو عقيل ، وهي قرب بيشة وتثليث وببمبم وعقيق تمرة ، وكلّها لبني عقيل ، ومياهها بثور ، والبثور : الأحساء تجري تحت الحصى على مقدار ذراعين وذراع وربّما أثارته الدوابّ بحوافرها.

باب الراء والواو وما يليهما

الرَّواءُ :بفتح الراء ، والمدّ ، يقال : ماء رواء أي عذب ، قال الزّفيان :

يا إبلي ما ذامه قناتيه

ماء رويّ ونصيّ حوليه

وإذا كسرت رواء قصرته وكتبته بالياء فقلت ماء روى ، والرّواء : من أسماء بئر زمزم ، روي عن عبد المطلب : أرى في المنام أن احفر الرواء على رغم الأعداء.

روابي بني تميم : من نواحي الرّقّة ، عن نصر.

الرَّوَاحُ : بفتح أوّله ، وآخره حاء ، وهو نقيض الغدوّ : اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل ، وقد يكون مصدر راح يروح رواحا ، وهو نقيض قولك غدا يغدو غدوّا : وهو اسم موضع بعينه.

الرَّواطي : بفتح أوّله ، مرتجل : اسم مواضع.

رُؤَافٌ : اسم ضفيرة ، وهو شيء كالمسنّاة على شفير الوادي أعني الضفيرة ، وأما رؤاف فيجوز أن يكون من راف البدويّ إذا سكن الريف ، قال ابن مقبل :

٧٤

فلبّده مرّ القطار ورخّه

نعاج رؤاف قبل أن يتشدّدا

وبرد ورؤاف : جبلان مستديران في مفازة بين تيماء وجفر عنزة ، قال قيس بن الخطيم :

ألفيتهم يوم الهياج كأنّهم

أسد بيشة أو بغاب رؤاف

رُؤامٌ : بضم أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وهو من أبنية الأدواء كسعال وهيام وهزال ، قال عبيد بن الأبرص :

حلّت كبيشة بطن ذات رؤام

وعفت منازلها بجوّ برام

بادت معالمها وغيّر رسمها

هوج الرّياح وحقبة الأيّام

وقال الراعي :

فكتلة فرؤام من مساكنها ،

فمنتهى السّيل من بنيان فالحبل

رُوَاوَةُ : بضم أوّله ، وتكرير الواو ، بوزن زرارة : موضع في جبال مزينة ، قال ابن السكيت : رواوة والمنتضى وذو السلائل أودية بين الفرع والمدينة ، قال كثيّر :

وغيّر آيات ببرق رواوة

تنائي اللّيالي والمدى المتطاول

ظللت بها تغضي على حدّ عبرة ،

كأنّك من تجريبك الدّهر جاهل

وقال ابن هرمة :

حيّ الدّيار بمنشد فالمنتضى ،

فالهضب هضب رواوتين إلى لأى

ثنّاه لإقامة الوزن ، وهم يفعلون ذلك كثيرا جدّا

رُؤْبٌ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره باء موحدة : موضع بقرب سمنجان من نواحي بلخ ، ينسب إليه إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله الرؤبي ، روى عنه وكيع وعباس بن بكار.

رُوبَا : قرية من قرى دجيل بغداد ، ينسب إليها أبو حامد طيب بن إسماعيل بن عليّ بن خليفة بن حبيب ابن طيب بن محمد بن إبراهيم الروبائي الحربي ، حدث عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المارستان وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف النجّار ، توفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٦٠٠ ، ومولده سنة ٥٢٤ ، وكان سماعه صحيحا ، وأبو عبد الله محمد بن عمر بن خليفة العطار الحربي الروبائي ، سمع من أبي المظفّر هبة الله بن أحمد الشبلي وأبي عليّ أحمد بن محمد الرحبي وعبد الأوّل وعبد الرحمن ابن زيد الورّاق وأجاز له محمد بن ناصر الحافظ ، قال ابن نقطة : ذكر لي أن أصله من واسط قرية بدجيل ، ثمّ قال بعد سنين : إنّه من روبا ، وهي من قرى دجيل ، والله أعلم.

رُوبانْجاه : بضم أوّله ، وبعد الواو باء موحدة ، وبعد الألف نون ثمّ جيم : قرية من بلخ ، ينسب إليها روبانجاهي وروبانشاهي وروبنشاهي ، كلّه واحد ، عن السمعاني.

رُوبَنْج : بضم أوّله ، وبعد الواو الساكنة باء موحدة ثمّ نون ، وآخره جيم : موضع بفارس.

رُوتَنْك : بلدة من نواحي مكران ، والله أعلم.

رَوْثانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وثاء مثلثة ، وآخره نون : موضع جاء في الشعر ، قيل أراد به الرّوثة المذكورة بعد.

رَوْثَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وثاء مثلثة : اسم بلد في ديار بني أسد له ذكر في أشعارهم ، والرّوث

٧٥

من الدوابّ معروف ، والرّوثة : أرنبة الأنف أيضا أي طرفه.

الرُّوجُ : بالضم ، والجيم : كورة من كور حلب المشهورة في غربيها بينها وبين المعرّة ، ولها ذكر في الأخبار.

الرَّوْحاء : الرّوح والراحة من الاستراحة ، ويوم روح أي طيب ، وأظنه قيل للبقعة روحاء أي طيبة ذات راحة ، وقدر روحاء : في صدرها انبساط ، وقصعة روحاء : قريبة القعر ، ويعضد ما قلناه ما ذكره ابن الكلبي قال : لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة نزل بالرّوحاء فأقام بها وأراح فسماها الروحاء ، وسئل كثير لم سميت الروحاء روحاء فقال : لانفتاحها ورواحها : وهي من عمل الفرع على نحو من أربعين يوما ، وفي كتاب مسلم بن الحجاج : على ستة وثلاثين يوما ، وفي كتاب ابن أبي شيبة : على ثلاثين يوما ، وقالت أعرابية من شعر قد ذكر في الدّهناء :

وإن حال عرض الرمل والبعد دونهم

فقد يطلب الإنسان ما ليس رائيا

يرى الله أن القلب أضحى ضميره

لما قابل الرّوحاء والعرج قاليا

والنسبة إليها روحاوي ، وقال بعض الأعراب قيل هو ابن الرّضيّة :

أفي كلّ يوم أنت رام بلادها

بعينين إنساناهما غرفان

إذا اغرورقت عيناي قال صحابتي

لقد أولعت عيناك بالهملان

ألا فاحملاني ، بارك الله فيكما ،

إلى حاضر الروحاء ثمّ ذراني

والرّوحاء : قرية من قرى بغداد على نهر عيسى قرب السّنديّة ، والله أعلم.

رَوْحَا : قرية من قرى الرحبة لا يقول أهلها إلّا مقصورا ، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن محمد بن سلامة الروحاني المقري الرحبي ، كان موصوفا بجودة القراءة والمعرفة بوجوهها ، وصحب الصوفية ورحل في طلب الحديث ثمّ استوطن مصر إلى أن مات بها ، ولم يزل يسمع إلى أن مات ، ذكره السلفي في معجم السفر وأثنى عليه كثيرا.

الرَّوْحَانُ : وإليه تضاف برقة وقد ذكرت ، وهو بفتح أوّله ، وبعد الواو حاء مهملة ، قال السكري : الروحان أقصى بلاد بني سعد ، وقال الحفصي : الروحان أرض وواد باليمامة في شرح قول جرير :

ترمي بأعينها نجدا وقد قطعت

بين السّلوطح والرّوحان صوّانا

يا حبّذا جبل الريان من جبل ،

وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا!

رُوحِين : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وكسر الحاء المهملة ، وياء مثناة من تحت ، وآخره نون : قرية من جبل لبنان قريبة من حلب وفي لحف الجبل مشهد مليح يزار ، يقال إن فيه قسّ بن ساعدة الإيادي ، وهو مشهد مقصود للزيارة وينذرون له نذورا وعليه وقف ، وقيل في روحين قبر شمعون الصفا وليس بثبت ، فإن قبر شمعون اتفقوا على أنّه في رومية الكبرى في كنيستها العظمى في تابوت من فضة معلق بسلاسل في سقف الهيكل ، قال البحتري :

قل للأرند إذا أتى روحين لا

تقر السّلام على أبي ملبوس

٧٦

دار بها جهل السّماح فأنكر ال

معروف بين شمامس وقسوس

آذانهم وقر عن الدّاعي إلى ال

هيجاء مصغية إلى النّاقوس

رَوْحَةُ : من قرى القيروان ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أبي السرور الروحي ، سمع أبا الربيع الأندلسي وابن أبي داود المصري وآخرين ، وكان من أهل الفقه والفرائض والقراءات ، وكان مولد أبيه في روحة وهو من الإسكندرية ، قاله السلفي.

رُوذَانُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وآخره نون : بليدة قريبة من أبرقويه بأرض فارس ، قال ابن البناء : روذان كانت من نواحي كرمان وكان لها ثلاث مدن : أناس وأذكان وأبان ، فأمّا أناس فقد بقيت على رأس الحد ومدينتها الكرّان ليعتدل حدود الإقليمين وتستوي التّخوم ، وقد اعتدل هذا الإقليم وتربّع بهذه الناحية من هذا الجانب وبأصبهان من الجانب الآخر وبقيت أكثر كور إصطخر بينها ، وعلى قصبة الرّوذان حصن منيع بثمانية أبواب وبها جامع لطيف ، وهي معدن القصّارين والحاكة ، وحولها بساتين حسنة ومقابر عامرة ، وهناك عين يستشفى بها ، وهي خفيفة الأهل ، والرمال محيطة بها ، وطول هذه الناحية نحو ستين فرسخا ، قاله الإصطخري ، وأمّا روذان فإنّها بليدة قريبة في الشبه من أبرقويه إلّا أن لها مياها وثمارا كثيرة تفضل عن أهلها فتحمل إلى النواحي. وروذان أيضا : قرية من قرى خوارزم ، عن العمراني. وروذان أيضا :

بلد قرب بست.

رُوذَبار : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وباء موحدة ، وآخره راء مهملة ، وهو في عدة مواضع ، وكأن معناه بالفارسية موضع النهر ، قال أبو موسى الحافظ الأصبهاني : هي ناحية من طسوج أصبهان ، وهي تشتمل على قرى كثيرة فيها جماعة كثيرة من أهل العلم ، قال : وروذبار قرية من قرى بغداد ، ينسب إليها أحمد بن عطاء الروذباري ابن أخت أبي عليّ الروذباري ، قال : قال الباطرقاني في طبقات الصوفية عقيب ذكره : وروذبار قرية من قرى بغداد ، ولعلّه أخذه عن أبي العبّاس النّسوي فإنّه قاله أيضا ، وقال السمعاني : الروذبار لفظة لمواضع عند الأنهار الكبيرة في بلاد متفرقة ، منها : موضع على باب الطابران بطوس يقال له الروذبار ، ينسب إليه أبو عليّ الحسين بن محمد بن نجيب بن عليّ الروذباري ، سمع منه الحاكم أبو بكر البيهقي ، ومات سنة ٤٠٣ ، وأبو عليّ محمد بن أحمد بن القاسم الروذباري الصوفي ، سكن مصر وله تصانيف حسن في التصوّف وكان من أولاد الرؤساء والوزراء صحب الجنيد وكان فقيها محدثا نحويّا وله شعر حسن رقيق ، مات سنة ٣٢٣ ، وقد نسبه السمعاني إلى روذبار طوس وأبو موسى إلى روذبار قريبة من بغداد ، والأوّل أصحّ لأن الخطيب قال هو بغداديّ ، وقال الباطرقاني وأبو العباس النسوي : روذبار ببلخ وبنواحي مرو الشاهجان روذبار ، وهي دواليب بين بركدز وجيرانج ، وبالشاش أيضا قرية يقال لها روذبار من وراء نهر جيحون ، وقال أبو سعد الآبي في تاريخه : روذبار قصبة بلاد الديلم. وروذبار : محلة بهمذان ، خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم والحديث منهم : عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبدوس أبو الفتح الهمذاني الروذباري ، روى عن أبيه وعمّ أبيه أبي الحسين عليّ بن عبد الله وعن خلق

٧٧

سواهما من أهل همذان والغرباء يطول تعدادهم ، ذكره شيرويه بن شهردار وقال : سمعت منه عامة ما مرّ له ، وكان صدوقا ذا منزلة وحشمة ، وصمّ في آخر عمره وعمي ، ومات في سنة ٤٩٠ ، ومولده في سنة ٣٩٥ ، ودفن في خانجاه بروذبار.

رُوذ دشْت : ويقال رويدشت ويقال رودشت : كلّه لقرية من قرى أصبهان.

رُوذرَاور : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وراء ، وبعد الواو المفتوحة راء أخرى : كورة قرب نهاوند من أعمال الجبال ، وهي مسيرة ثلاثة فراسخ فيها ثلاث وتسعون قرية متصلة بجنان ملتفة وأنهار مطّردة منبتها الزعفران ، وفي أشجارها جميع أنواع الفواكه ، والمنبر من نواحي روذراور بموضع يقال له الكرج كرج روذراور ، وهي مدينة صغيرة بناؤها من طين حصينة ، لها مروج وثمار وزروع ، ويرتفع بها من الزعفران شيء كثير يجهز إلى البلاد ، وبينها وبين همذان سبعة فراسخ ، وبينها وبين نهاوند سبعة فراسخ ، وينسب إليها أحمد بن عليّ بن أحمد بن محمد بن الفرج الروذراوري أبو بكر ، انتقل إلى همذان فأقام بها ، روى عن أبيه عليّ بن أحمد وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وخلق كثير يطول تعدادهم ، روى عنه أبو بكر الشيرازي الحافظ وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري وكثير سواهما ، وكان أوحد زمانه ثقة صدوقا مفتي همذان ، وله معرفة بعلوم الحديث وله مصنفات في علومه ، وقال شيرويه : رأيت له كتاب السنن ومعجم الصحابة وما رأيت شيئا أحسن منهما ، ولد سنة ٣٠٨ ، ومات يوم الاثنين السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة ٣٩٨ ، ودفن في مقابر نشيط ، وقبره يزار.

رُودِس : قال القاضي عياض : هو بضم أوّله ، ضبطناه عن الصدفي والأسدي وغيرهما إلّا الخشني والتميمي فإنّه عندهما بفتح الراء ولم يختلفوا في الدال أنّها مكسورة ، وقيدناه عن بعضهم في غير الصحيحين بفتح الدال ، وكلّهم قالوا بسين مهملة إلّا الصدفي عن العذري فإنّه قال بشين معجمة ، وقيدناه في كتاب أبي داود من طريق الرملي بذال معجمة ، قال : وهي جزيرة ببلاد الروم ، وفي الحديث : غزا معاوية قبرس ورودس ، وهي في الإقليم الرابع ، وطولها من جهة المغرب خمسون درجة ، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف. ورودس : جزيرة مقابل الإسكندرية على ليلة منها في البحر ، وهي أوّل بلاد أفرنجة ، قال المسعودي : وهذه الجزيرة في وقتنا هذا ، وهو سنة ٣٣٢ ، دار صناعة الروم وبها تبنى المراكب البحرية ، وفيها خلق من الروم ، ومراكبهم تقارب بلاد الإسكندرية وغيرها من بلاد مصر فتغير وتسبي وتأخذ.

رُوذفَغْكَد : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وفتح الفاء ، والغين الساكنة معجمة ، وكاف مفتوحة ، وآخره دال : قرية من قرى سمرقند.

رُوذَك : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة مفتوحة ، وآخره كاف : من قرى سمرقند.

رُوذه : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وذال معجمة ، وآخره هاء : محلة بالريّ. وروذه أيضا : قرية بالرّي ، قالوا : وبروذه مات عمرو بن معدي كرب منصرفا عن الريّ ، فدل على أن روذه ليست محلّة إنّما هي قرية من قراها ، قالوا : ودفن في موضع يقال له كرمانشاه ، وكذا قال أبو عبيدة :

روذه من قرى الري ، وقالت امرأة عمرو :

٧٨

لقد غادر الركبان حين تحمّلوا

بروذة شخصا لا ضعيفا ولا غمرا

والمتواتر عن العلماء أنّه مات في الطريق ودفن بروذه على قارعة الطريق ، وقد نسب إلى هذه القرية الحارث ابن مسلم الروذي الرازي ، روى عنه الحسين بن علي ابن مرداس الخرّاز ، قال أبو سعد : روذه محلّة بالريّ ، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن المظفر بن إبراهيم الرازي الروذي ، روى عن أبي سهل موسى ابن نصر الرازي ، روى عنه أبو بكر المقري.

الرورُ : براءين مهملتين : ناحية من نواحي الأهواز أو قربها. والرور أيضا : ناحية بالسند تقرب من الملتان في الكبر وعليها سوران ، وهي على شاطئ نهر مهران على البحر ، وهي من حدود المنصورة والديبل ، وهي متجر وفرضة بهذه البلاد ، وزروعهم مباخس وليس لهم كثير شجر ولا نخل ، وهو بلد قشف وإنّما يقيمون به للتجارة ، وبينه وبين الملتان أربع مراحل ، بالقرب منه بلد يقال له بغرور ، ذكر في فتوح السند.

رُوستُقْبَاذ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة ساكنة التقى فيها ساكنان ، ولا يكون ذلك في كلام العرب ، وتاء مثناة من فوق مضمومة ، وقاف ساكنة ، وباء موحدة ، وآخره ذال معجمة : وهو طسّوج من طساسيج الكوفة في الجانب الشرقي من كورة استان شاذقباذ ، وكانت عنده وقعة للحجاج ، وهو بين بغداد والأهواز ، والحجاج نزله لما ولي العراق ليقرب من المهلب ويقصده بالرجال في قتال الخوارج ، فقال يوما وهو هناك : ألا وإن الملحد ابن الزبير قد زادكم في عطائكم مائة مائة ، ألا وإني لا أمضيها ، فقال له عبد الله بن الجارود العبدي : ليست بزيادة ابن الزبير إنّما هي زيادة عبد الملك أمير المؤمنين أمضاها منذ قتل مصعبا وإلى الآن ، فأعجب قوله المصريين فخرجوا معه على الحجاج وواقعوا فجاء عبد الله بن الجارود سهم فقتله واستقام أمر الحجاج في قصة فيها طول.

رُوس : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وسين مهملة ، ويقال لهم رسّ ، بغير واو ، أمّة من الأمم بلادهم متاخمة للصقالبة والترك ولهم لغة برأسها ودين وشريعة لا يشاركهم فيها أحد ، قال المقدسي : هم في جزيرة وبئة يحيط بها بحيرة وهي حصن لهم ممّن أرادهم ، وجملتهم على التقدير مائة ألف إنسان ، وليس لهم زرع ولا ضرع ، والصقالبة يغيرون عليهم ويأخذون أموالهم ، وإذا ولد لأحدهم مولود ألقى إليه سيفا وقال له : ليس لك إلّا ما تكسبه بسيفك ، وإذا حكم ملكهم بين خصمين بشيء ولم يرضيا به قال لهما : تحاكما بسيفيكما ، فأيّ السيفين كان أحدّ كانت الغلبة له ، وهم الذين استولوا على برذعة سنة فانتهكوها حتى ردّها الله منهم وأبادهم ، وقرأت في رسالة أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر إلى ملك الصقالبة حكى فيها ما عاينه منذ انفصل عن بغداد إلى أن عاد إليها فحكيت ما ذكره على وجهه استعجابا به ، قال : ورأيت الروسيّة وقد وافوا بتجاراتهم فنزلوا على نهر إتل فلم أر أتمّ أبدانا منهم كأنّهم النخل شقر حمر لا يلبسون القراطق ولا الخفاتين ولكن يلبس الرجل منهم كساء يشتمل به على أحد شقّيه ويخرج إحدى يديه منه ، ومع كلّ واحد منهم سيف وسكّين وفأس لا تفارقه ، وسيوفهم صفائح مشطبة أفرنجية ، ومن حدّ ظفر الواحد منهم إلى عنقه محضر شجر وصور وغير ذلك ، وكلّ امرأة

٧٩

منهم على ثديها حقة مشدودة إمّا من حديد وإمّا من نحاس وإمّا من فضة وإمّا من ذهب على قدر مال زوجها ومقداره ، في كل حقة حلقة فيها سكين مشدودة على الثدي أيضا ، وفي أعناقهنّ أطواق ذهب وفضة لأنّ الرجل إذا ملك عشرة آلاف درهم صاغ لامرأته طوقا وإن ملك عشرين ألفا صاغ لها طوقين وكلّما زاد عشرة آلاف درهم يزيد لها طوقا آخر ، فربّما كان في عنق الواحدة منهن أطواق كثيرة ، وأجلّ الحلي عندهم الخرز الأخضر من الخزف الذي يكون على السفن يبالغون فيه ويشترون الخرزة منه بدرهم وينظمونه عقدا لنسائهم ، وهم أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا يغتسلون من جنابة كأنّهم الحمير الضالة ، يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بإتل ، وهو نهر كبير ، ويبنون على شاطئه بيوتا كبارا من الخشب ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون والأقل والأكثر ، ولكلّ واحد منهم سرير يجلس عليه ومعه جواريه الرّوقة للتجار ، فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه ، وربّما اجتمعت الجماعة منهم على هذه الحالة بعضهم بحذاء بعض ، وربّما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يقضي أربه ، ولا بدّ لهم في كلّ يوم بالغداة أن تأتي الجارية ومعها قصعة كبيرة فيها ماء فتقدمها إلى مولاها فيغسل فيها وجهه ويديه وشعر رأسه ، فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة ثمّ يمتخط ويبصق فيها ولا يدع شيئا من القذر إلّا فعله في ذلك الماء فإذا فرغ ممّا يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي يليه فيفعل مثل ما فعل صاحبه ، ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت ، وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها ، وساعة موافاة سفنهم إلى هذا المرسى يخرج كل واحد منهم ومعه خبز ولحم ولبن وبصل ونبيذ حتى يوافي خشبة طويلة منصوبة لها وجه يشبه وجه الإنسان وحولها صور صغار وخلف تلك الصور خشب طوال قد نصبت في الأرض فيوافي إلى الصورة الكبيرة ويسجد لها ثمّ يقول : يا ربّ قد جئت من بعد ومعي من الجواري كذا وكذا رأسا ومن السمور كذا وكذا جلدا ، حتى يذكر جميع ما قدم معه من تجارته ثمّ يقول : وقد جئتك بهذه الهدية ، ثمّ يترك ما معه بين يدي الخشبة ويقول : أريد أن ترزقني تاجرا معه دنانير ودراهم فيشتري مني كلّ ما أريد ولا يخالفني في جميع ما أقول ، ثمّ ينصرف ، فإن تعسر عليه بيعه وطالت أيّامه عاد بهدية أخرى ثانية وثالثة ، فإن تعذّر عليه ما يريد حمل إلى صورة من تلك الصور الصغار هدية وسألها الشفاعة وقال : هؤلاء نساء ربنا وبناته ، ولا يزال إلى صورة صورة يسألها ويستشفع بها ويتضرّع بين يديها فربّما تسهّل له البيع فباع فيقول : قد قضى ربي حاجتي وأحتاج أن أكافئه ، فيعمد إلى عدّة من البقر والغنم على ذلك ويقتلها ويتصدّق ببعض اللحم ويحمل الباقي فيطرحه بين يدي تلك الخشبة الكبيرة والصغار التي حولها ويعلق رؤوس البقر والغنم على ذلك الخشب المنصوب في الأرض ، فإذا كان اللّيل وافت الكلاب فأكلت ذلك فيقول الذي فعله : قد رضي عني ربي وأكل هديتي ، وإذا مرض منهم الواحد ضربوا له خيمة ناحية عنهم وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئا من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلّمونه بل لا يتعاهدونه في كل أيّامه لا سيما إن كان ضعيفا أو كان مملوكا ، فإن برأ وقام رجع إليهم وإن مات أحرقوه وإن كان مملوكا تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح

٨٠