معجم البلدان - ج ٣

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٣

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

والعتر : نبت على ست ورقات أي ستّ شعب لا يزيد ولا ينقص.

بما قد أراهم بين مرّ وساية

بكل مسيل منهم أنس غبر

غبر : جمع غبير ، وكان مثقلا فخفّف ، يقال : حيّ غبير أي كثير.

باب السين والباء وما يليهما

سَبَأ : بفتح أوّله وثانيه ، وهمز آخره وقصره : أرض باليمن مدينتها مأرب ، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيّام ، فمن لم يصرف فلأنّه اسم مدينة ، ومن صرفه فلأنّه اسم البلد فيكون مذكّرا سمّى به مذكرا ، وسميت هذه الأرض بهذا الاسم لأنّها كانت منازل ولد سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ومن قحطان إلى نوح اختلاف نذكره في كتاب النسب من جمعنا ، إن شاء الله تعالى ، وكان اسم سبإ عامرا ، وإنّما سمّي سبأ لأنّه أوّل من سبى السّبي ، وكان يقال له من حسنه عب الشمس ، مثل عبّ الشمس ، بالتشديد ، قاله ابن الكلبي ، وقال أبو عمرو بن العلاء : عبّ شمس أصله حبّ شمس ، وهو ضوؤها ، والعين مبدلة من الحاء ، كما قالوا في عب قرّ وهو البرد ، وقال ابن الأعرابي : هو عبء شمس ، بالهمز ، والعبء : العدل ، أي هو عدلها ونظيرها ، وعلى قول ابن الكلبي فلا أدري لم همز بعد لأنّه من سبى يسبي سبيا ، والظاهر أنّ أصله من سبأت الخمر أسبؤها سباء إذا اشتريتها ، ويقال : سبأته النار سباء إذا أحرقته ، وسمّي السفر البعيد سبأة لأن الشمس تحرق فاعله ، وكأن هذا الموضع سمّي سبأ لحرارته ، وأكثر القراء على صرفه وأبو عمرو بن العلاء لم يصرفه ، والعرب تقول : تفرّقوا كأيدي سبا وأيادي سبا ، نصبا على الحال ، ولما كان سيل العرم ، كما نذكره ، إن شاء الله تعالى ، في مأرب ، تفرّق أهل هذه الأرض في البلاد وسار كلّ طائفة منهم إلى جهة فضربت العرب بهم المثل فقيل : ذهب القوم أيدي سبا وأيادي سبا أي متفرّقين ، شبّهوا بأهل سبا لما مزّقهم الله تعالى كلّ ممزّق فأخذت كلّ طائفة منهم طريقا ، واليد : الطريق ، يقال : أخذ القوم يد بحر ، فقيل للقوم إذا ذهبوا في طرق متفرّقة ذهبوا أيدي سبا أي فرّقتهم طرقهم التي سلكوها كما تفرّق أهل سبا في جهات متفرّقة ، والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأنّه كثر في كلامهم فاستثقلوا ضغطة الهمز وإن كان سبأ في الأصل مهموزا ، ويقال : سبأ رجل ولد عشرة بنين فسمّيت القرية باسم أبيهم ، والله أعلم ، وإلى ههنا قول أبي منصور ، وطول سبا أربع وستون درجة ، وعرضها سبع عشرة درجة ، وهي في الإقليم الأوّل. وسبا صهيب : موضع آخر في اليمن وفيه موضع يقال له أبو كندلة.

سبّا : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، والقصر ، والأولى أن يكتب بالياء لأن كلّ ما كان على أربعة أحرف لا يجوز أن يكتب إلّا بالياء ، وذلك أنّ الثلاثيّ من ذوات الواو إذا صار فيه حرف زائد حتى يصير إلى أربعة أحرف عاد إلى الياء ، تقول : غزا يغزو ، فإذا قلت أغزيت رجع إلى الياء كما ترى ، ولكنا كتبناه بالألف على اللفظ للترتيب ويجوز أن يكون أصله من سبى يسبي وشدّد للكثرة ، فيكون منقولا عن الفعل الماضي ، ويجوز أن يكون فعلى من السبّ والألف للتأنيث كلغوى ورضوى : وهي ماء لبني سليم ، وقال القتّال الكلابي :

وأدم كثيران الصريم تكلّفت

لظبية حتى زرننا وهي طلّح

١٨١

سقى الله حيّا من فزارة دارهم

بسبّى كراما حوث أمسوا وأصبحوا

ورواه أبو عبيد بسبّى ، بكسر السين ، وحوث : لغة في حيث ، وقال نصر : سبّى ماء في أرض فزارة ، وفي شعر مروان بن مالك بن مروان المغنّي الطائي ما يدلّ على أن سبّى جبل ، قال :

كلا ثعلبينا طامع بغنيمة ،

وقد قدّر الرّحمن ما هو قادر

بجمع تظلّ الأكم ساجدة له ،

وأعلام سبّى والهضاب النّوادر

سِبَابٌ : بكسر أوّله ، وتكرير الباء ، وهو من السبّ ساببته سبابا : موضع بمكّة ، ذكره كثير بن كثير السهمي فقال :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو

سى إلى النّخل من صفيّ السّباب

وقال الزبير : يريد بيت أبي موسى الأشعري ، وصفيّ السباب : ماء بين دار سعيد الحرشي التي تناوح بيوت القاسم بن عبد الواحد التي في أصلها المسجد الذي صلّي عنده على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور وكان به عدة نخل وحائط لمعاوية فذهب ويعرف بحائط خرمان.

سَبَاحُ : بفتح أوّله ، وآخره حاء مهملة : وهي علم لأرض ملساء عند معدن بني سليم.

سِبَارَى : بكسر أوّله ، وبعد الألف راء : قرية من قرى بخارى يقال لها سبيرى أيضا ، وقد ذكرت في موضعها ، وينسب بهذه النسبة الإمام أبو محمد عبد الملك بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن محمد بن فضالة السباري البخاري ، روى عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن كامل غنجار ، روى عنه أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الزّرنجري وغيره.

سَبَا صُهَيْب : بلد مشهور بناحية اليمن وفيه حصن حصين.

السِّبَاعُ : جمع سبع ، ذات السّباع : موضع ، ووادي السباع إذا رحلت من بركة أم جعفر في طريق مكّة جئت إليه ، بينه وبين الزبيدية ثلاثة أميال ، كان فيه بركة وحصن وبئران رشاؤهما نيف وأربعون قامة وماؤهما عذب.

سَبَاقٌ : بفتح أوّله ، وتخفيف ثانيه ، وآخره قاف : واد بالدهناء ، وروي بكسر السين ، قال جرير :

ألم تر عوفا لا تزال كلابه

تجرّ بأكماع السباقين ألحما؟

جرى على عادة الشعراء أن يسموا الموضع بالجمع والتثنية ليصححوا البيت ، وقد روي أن السباقين وأديان بالدهناء.

سِبَالٌ : بكسر أوله ، وآخره لام ، بلفظ السبال الذي هو الشارب : وهو موضع يقال له سبال أثال بين البصرة والمدينة ، قال طهمان :

وبات بحوضى والسّبال كأنّما

ينشّر ريط بينهنّ صفيق

وروى أبو عبيدة : بالشّبال ، قال : وهو اسم موضع.

سَبْتُ : بلفظ السّبت من أيّام الأسبوع ، كفر سبت : موضع بين طبرية والرملة عند عقبة طبرية.

سَبْتَةُ : بلفظ الفعلة الواحدة من الإسبات ، أعني التزام اليهود بفريضة السبت المشهور ، بفتح أوّله ، وضبطه الحازمي بكسر أوّله : وهي بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر ، وهي على برّ البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذي هو أقرب ما بين البرّ والجزيرة ، وهي مدينة حصينة تشبه المهدية التي بإفريقية على ما قيل لأنّها

١٨٢

ضاربة في البحر داخلة كدخول كفّ على زند ، وهي ذات أخياف وخمس ثنايا مستقبلة الشمال وبحر الزقاق ، ومن جنوبيها بحر ينعطف إليها من بحر الزقاق ، وبينها وبين فاس عشرة أيّام ، وقد نسب إليها جماعة من أعيان أهل العلم ، منهم : ابن مرانة السبتي ، كان من أعلم الناس بالحساب والفرائض والهندسة والفقه وله تلامذة وتآليف ، ومن تلامذته ابن العربي الفرضي الحاسب ، يقولون إنّه من أهل بلده ، وكان المعتمد بن عباد يقول :

اشتهيت أن يكون عندي من أهل سبتة ثلاثة نفر : ابن غازي الخطيب وابن عطاء الكاتب وابن مرانة الفرضي.

سَبَجُ : بفتح أوّله وثانيه ، وآخره جيم ، وهو خرز أسود يعمل من الزجاج غاية في السواد : وهو خيال من أخيلة الحمى جبل فارد ضخم أسود في ديار بني عبس.

السَّبَخَةُ : بالتحريك ، واحدة السباخ ، الأرض الملحة النازّة : موضع بالبصرة ، ينسب إليه أبو يعقوب فرقد بن يعقوب السبخي من زهّاد البصرة ، صحب أبا الحسن البصري وسمع نفرا من التابعين ، وأصله من أرمينية وانتقل إلى البصرة فكان يأوي إلى السبخة ، ومات قبل سنة ١٣١ ، وأمّا أبو عبد الله محمد وأبو حفص عمر ابنا أبي بكر بن عثمان السبخي الصابونيان البخاريان فإنّهما نسبا إلى الدباغ بالسبخ ، ذكرهما أبو سعد في شيوخه وحكى ذلك. والسّبخة : من قرى البحرين.

سَبَدُ : بالتحريك : جبل أو واد بالحجاز في ظنّ نصر.

سُبَدُ : آخره دال مهملة ، بوزن زفر وصرد ، والسّبد : طائر ليّن الريش إذا قطر من الماء قطرتان على ظهره سال ، وجمعه سبدان ، وقال ابن الأعرابي : السبد مثل العقاب ، وعن الأصمعي : السبد الخطّاف إذا أصابه الماء جرى عنه سريعا ، قال :

أكلّ يوم عرشها مقيلي

حتى ترى المئزر ذا الفضول

مثل جناح السّبد الغسيل

وهو موضع ، قال ابن مناذر :

فبأوطاس فمرّ فإلى

بطن نعمان فأكناف سبد

وهذه كلّها قرب مكّة.

سُبذانُ : قال حمزة بن الحسن : وعلى أربعة فراسخ من البصرة مدينة الأبلّة على عبر دجلة العوراء ، وكان سكانها قوما من الفرس يعملون في البحر فلمّا قرب منهم العرب نقلوا ما خفّ من متاعهم مع عيالاتهم على أربعمائة سفينة وأطلقوها فلمّا بلغت خور مدينة سبذان مالت بهم الريح عن البحر إلى نحو الخور فنزلوا سبذان وبنوا فيها بيوت النيران ، وأعقابهم بها بعد ، قلت : ولا أدري أين موضع سبذان هذه ، وأنا أبحث عن هذه ، إن شاء الله تعالى.

سَبَذْيُون : بفتح أوّله وثانيه ثم ذال معجمة ساكنة وياء مثناة من تحت مضمومة ، وآخره نون ، ويقال سبذمون ، بالميم : قرية على نصف فرسخ من بخارى ، نسب إليها بعض الرّواة.

سُبْرانُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ راء ، وآخره نون : صقع عجميّ من نواحي الباميان بين بست وكابل ، وبتلك الجبال عيون ماء لا تقبل النجاسات إذا ألقي فيها شيء منها ماج وغلى نحو جهة الملقي ، فإن أدركه أحاط به حتى يغرقه ، عن نصر.

١٨٣

سَبْرَتُ : كذا وجدته مضبوطا بخط من يرجع إليه في الصحة في عدة مواضع من كتاب ابن عبد الحكم ، ذكر ابن عبد الحكم في كتابه أن أطرابلس اسم للكورة ومدينتها نبارة ، وسبرت : السوق القديم ، وإنّما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة ٣١ للهجرة.

سِبْرَاةُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه : ماء لتيم الرباب في رأسها ركيّة عادية يقال لها سبير.

سَبِّرُ : بالفتح ، وتشديد الباء وكسرها : كثيب بين بدر والمدينة ، هناك قسم رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، غنائم بدر ، عن نصر.

سُبُرْنَى : بضم أوّله وثانيه ، وسكون الراء ثمّ نون ، وآخره ألف مقصورة : بليدة بنواحي خوارزم وهي آخر حدودها من ناحية شهرستان ، رأيتها عامرة في سنة ٦١٧.

سَبْرَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، بلفظ المرّة الواحدة من سبرت الجرح إذا قسته لتعرف غوره : وهو اسم مدينة بإفريقية فتحها عمرو بن العاص بن أطرابلس في سنة ٢٣ وطرقها على غفلة وقد سرّحوا سرحهم فلم ينج منهم أحد ، قلت : وأنا أخاف أن يكون هذا غلطا من الناقل وإنّما هي سبرت التي تقدّم ذكرها أنها كانت سوق أطرابلس ، والله أعلم ، وسياق حديث الفتوح يدلّ على أنّهما واحد إلّا أنّه كذا ضبطها أوّلا مثل ما تقدّم في الموضعين ثمّ مثل ما ههنا ، وكانت النسخة معتبرة جدّا وأنا أسوق الحديث ، قال : إن عمرو بن العاص نزل على أطرابلس شهرا فحاصرها فلم يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج في سبعة نفر فرأى فرجة بين المدينة والبحر فدخل بها هو وأصحابه حتى أتوا ناحية الكنيسة فكبّروا فلم يبق للروم مفزع إلّا سفنهم ، وسمع عمرو وأصحابه التكبير في جوف المدينة فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم فلم يفلت الروم إلّا بما خفّ لهم في مراكبهم وغنم عمرو ما كان في المدينة ، وكان من بسبرة متحصنين ، فلمّا بلغهم محاصرة عمرو أطرابلس ، واسمها نبارة وسبرة السوق القديم وإنّما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة ٣١ ، وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا ، فلمّا ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس جرّد خيلا كثيفة من ليلته وأمرهم بسرعة السير ، فصبحت خيله مدينة سبرة وكانوا قد غفلوا وفتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم ، فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى عمرو على ما فيها ، هكذا هذا الخبر وما أظنهما إلّا واحدا.

سبرينة : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، ثمّ راء مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ، ونون : مدينة بمصر ، ويقال سبريمنة ، عن العمراني.

سَبَسْطِيَةُ : بفتح أوّله وثانيه ، وسكون السين الثانية ، وطاء مكسورة ، وياء مثناة من تحت مخفّفة ، قال أحمد بن الطيّب السرخسي في رسالة وصف فيها رحلة مسير المعتضد لقتال خمارويه وعوده قال : سبسطية مدينة قرب سميساط محسوبة من أعمالها على أعلى الفرات ذات سور ، قلت : المشهور أن سبسطية بلدة من نواحي فلسطين بينها وبين البيت المقدس يومان ، وبها قبر زكرياء ويحيى بن زكرياء ، عليهما السلام ، وجماعة من الأنبياء والصدّيقين ، وهي من أعمال نابلس.

سَبْسِيرُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وسين أخرى.

ما أراه إلّا علما مرتجلا ، يوم سبسير ذي طريف

١٨٤

من أيّام العرب.

سَبُعانُ : بفتح أوّله ، وضم ثانيه ، وآخره نون ، منقول من تثنية السّبع ، قال أبو منصور : هو موضع معروف في ديار قيس ، قال نصر : السّبعان جبل قبل فلج ، وقيل : واد شماليّ سلم عنده جبل يقال له العبد أسود ليست له أركان ، ولا يعرف في كلامهم اسم على فعلان غيره ، قال ابن مقبل ، وقيل ابن أحمر :

ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان

أملّ عليها بالبلى الملوان

ألا يا ديار الحيّ لا هجر بيننا

ولكنّ روعات من الحدثان

نهار وليل دائم ملواهما

على كلّ حال النّاس مختلفان

`وقال رجل من بني عقيل جاهليّ :

ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان

خلت حجج بعدي لهنّ ثمان

فلم يبق منها غير نؤي مهدّم

وغير أثاف كالكميّ دفان

وآثار هاب أورق اللّون سافرت

به الرّيح والأمطار كلّ مكان

قفار مروراة تجاوبها القطا

ويضحي بها الجأبان يفترقان

يثيران من نسج الغبار عليهما

قميصين أسمالا ويرتديان

زعموا أن أوّل من جعل الغبار ثوبا هذا الشاعر ثمّ تبعته الخنساء فقالت :

جارى أباه ، فأقبلا وهما

يتعاوران ملاءة الفخر

فأخذه عدي بن الرقاع فقال :

يتعاوران من الغبار ملاءة

بيضاء محكمة هما نسجاها

السَّبْعُ : بلفظ العدد المؤنث ، قال ابن الأعرابي : هو الموضع الذي يكون فيه المحشر يوم القيامة ، وهو في برّيّة من أرض فلسطين بالشام ، ومنه الحديث : أن ذئبا اختطف شاة من غنم فانتزعها الراعي منه ، فقال الذئب : من لها يوم السبع؟ وقد روي في تأويل هذا الحديث غير هذا ليس ذا موضعه. والسّبع : قرية بين الرقّة ورأس عين على الخابور. والسبع : ناحية في فلسطين بين بيت المقدس والكرك فيه سبع آبار سمي الموضع بذلك وكان ملكا لعمرو بن العاص أقام به لما اعتزل الناس ، وأكثر الناس يروي هذا بفتح الباء ، قال أبو عمرو : أتت سليمان بن عبد الملك الخلافة وهو بالسّبع ، هكذا ضبطه بفتح الباء ، وقد روي أن عبد الله بن عمرو بن العاص مات بالسبع من هذه الأرض ، وقيل : مات بمكة ، وكانت وفاته سنة ٧٣.

سَبْعِين : بلفظ العدد : قرية بباب حلب كانت إقطاعا للمتنبي من سيف الدولة ، وإيّاها عنى بقوله :

أسير إلى إقطاعه في ثيابه

على طرفه من داره بحسامه

السَّبُعِيّةُ : ماء لبني نمير.

سُبْكٌ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره كاف علم مرتجل لاسم موضع.

سُبُلّاتُ : بضمّتين ، وتشديد اللام : جبل في جبال أجإ ومواسل أيضا ، عن نصر.

١٨٥

سَبَلانُ : بفتح أوّله وثانيه ، وآخره نون : جبل عظيم مشرف على مدينة أردبيل من أرض أذربيجان ، وفي هذا الجبل عدّة قرى ومشاهد كثيرة للصالحين ، والثلج في رأسه صيفا وشتاء ، وهم يعتقدون أنّه من معالم الصالحين والأماكن المباركة المزارة.

سَبْلَلُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره لام : موضع في شعر هذيل في قول صخر الغيّ يرثي ابنه تليدا :

وما إن صوت نائحة بليل

بسبلل لا تنام مع الهجود

تجهنا غاديين وسايلتني

بواحدة وأسأل عن تليد

سَبَلُ : بفتح أوّله وثانيه ، وآخره لام ، قال ابن الأعرابي : السّبل أطراف السّنبل : وهو موضع في بلاد الرباب قرب اليمامة.

سُبُلَّةُ : بضم أوّله وثانيه ، وتشديد اللام المفتوحة ، قال أبو عبيدة : يقال للرجل إذا ضلّ وأخطأ في مسألة سلكت لغانين سبلّة ، وسبلّة زعموا :

موضع من جبال طيّء لا يسلك ولا يهتدى فيه.

سَبَنْج : من قرى أرغيان ، قال أبو حاتم : حدثني محمد بن المسيب بن إسحاق بأرغيان بقرية سبنج ، وفي نسخة أخرى سنج.

سَبَنُ : بفتح أوّله وثانيه ، وآخره نون ، قال الحازمي : موضع ينسب إليه السّبنيّة ضرب من الثياب يتخذ من الثياب الكتان أغلظ ما يكون ، وقال ابن الأعرابي : الأسبان المقانع الرقاق ، ويعرف بهذه النسبة أحمد بن إسماعيل السّبني ، يروي عن زيد ابن الحباب وعبد الرزاق بن همّام ، روى عنه عبد الله بن إسحاق المديني وغيره.

سَبُوحَةُ : بفتح أوّله ، وضم ثانيه وتخفيفه ثمّ واو ساكنة ، وحاء مهملة ، والسّبح : الفراغ ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) ، وفرس سبوح : الذي يمد يديه في الجري ، وسبوحة إن أريد بهائه التأنيث فهو شاذّ لأن فعولا يشترك فيه المذكّر والمؤنّث فهو إذا علم مرتجل ، وسبوحة : من أسماء مكّة. وسبوحة أيضا : اسم واد يصبّ من نخلة اليمانية على بستان ابن عامر ، قال ابن أحمر :

قالت له يوما ببطن سبوحة ،

في موكب زجل الهواجر مبرد

سَبُورَقانُ : بعد الواو راء ثمّ قاف ، وآخره نون : موضع.

سَبُوكُ : آخره كاف : موضع بفارس.

سُبُو : بضم أوّله وثانيه : نهر بالمغرب قرب طنجة من أرض البربر.

سَبَهُ : نهر.

سَبِيبَةُ : بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت ساكنة ثمّ باء موحدة ، والسبيب شعر الناصية : وهو موضع في قول ذي الرمّة :

نظرت بجرعاء السّبيبة نظرة

ضحى وسواد العين في الماء غامس

وسبيبة : ناحية من أعمال إفريقية ثمّ من أعمال القيروان ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن إبراهيم السبيبي الخطيب بالمهدية ، قاله السلفي وقال إنّه سمع على المنبر وهو يخطب ويقول في أثناء خطبته يذكر النصارى : جعلوا المسيح ابنا لله وجعلوا الله له أبا ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبا.

١٨٦

سُبِيذغُك : بضم أوّله ، وكسر ثانيه ثمّ ياء ، وذال معجمة ، وغين معجمة ، وآخره كاف : من قرى بخارى.

سُبَيْرُ : تصغير السبر وهو الاختبار : بئر عاديّة لتيم الرباب.

سَبِيرَى : بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ثمّ ياء ثمّ راء ، وألف مقصورة ، ويقال سبارى : قرية من نواحي بخارى ، ينتسب إليها أبو حفص عمر بن حفص بن عمر بن عثمان السبيري البخاري ، روى عن علي بن حجر وطبقته ، روى عنه محمد بن صابر ، ومات غرّة صفر سنة ٢٩٤.

سُبَيْطِلَةُ : بضم أوّله ، وفتح ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وطاء مكسورة ، ولام : مدينة من مدن إفريقية وهي كما يزعمون مدينة جرجير الملك الرومي ، وبينها وبين القيروان سبعون ميلا.

السَّبيعُ : محلّة السبيع ، بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ثمّ ياء ، وآخره عين مهملة ، والسبيع أيضا : السّبيع ، وهو جزء من سبعة أجزاء : وهي المحلة التي كان يسكنها الحجاج بن يوسف ، وهي مسماة بقبيلة السبيع رهط أبي إسحاق السبيعي ، وهو السبيع بن السّبع ابن صعب بن معاوية بن كبير بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان (واسم همدان أوسلة) بن مالك بن زيد بن أوسلة بن زيد بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان ، وقد نسب إلى هذه المحلة جماعة من أهل العلم.

سُبَيْعٌ : تصغير سبع : موضع ، وقال نصر : واد بنجد في قول عدي بن الرقاع العاملي.

كأنّها وهي تحت الرحل لاهية ،

إذا المطيّ على أنقابه ذملا

جونيّة من قطا الصّوّان مسكنها

جفاجف تنبت القعفاء والنّقلا

باضت بحزم سبيع أو بمرفضه

ذي الشّيح حيث تلاقى التلع فانسحلا

سبيع : موضع ، ومرفضه : حيث انقطع الوادي ، وإيّاها فيما أحسب عنى الراعي بقوله :

كأنّي بصحراء السّبيعين لم أكن

بأمثال هند قبل هند مفجّعا

السُّبَيْلَةُ : تصغير السّبلة ، وهو مقدّم اللحية : موضع في أرض بني تميم لبني حمّان منهم ، قال الراعي :

قبح الإله ، ولا أقبّح غيرهم ،

أهل السّبيلة من بني حمّانا

متوسدون على الحياض لحاهم

يرمون عن فضلائها فضلانا

سَبْيَةُ : بوزن ظبية ، كأنّها واحدة السبي : قرية بالرملة من أرض فلسطين ، وقال الحازمي : سبية ، بكسر أوّله ، من قرى الرملة ، ينسب إليها أبو طالب السّبييّ الرملي ، روى عن أحمد بن عبد العزيز الواسطي نسخة عن أبي القاسم بن غصن ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الحسين المصري السبيي ، حدث بالإجازة عن أبي الفتح محمد بن عبد الله بن الحسن بن طلحة المعروف بابن النخاس ، حدثنا عنه بمصر غير واحد ، قاله ابن عبد الغني ، والله أعلم.

سَبِيّةُ : بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ، وياء آخر الحروف مشددة : رملة بالدهناء ، عن الأزهري ، وقال نصر : سبيّة روضة في ديار بني تميم بنجد.

باب السين والتاء وما يليهما

السِّتَارُ : بكسر أوّله ، وآخره راء ، قال أبو منصور : السّترة ما استترت به من شيء كائنا ما كان ، وهو

١٨٧

أيضا الستار ، قال أبو زياد الكلابي : ومن الجبال ستر ، واحدها الستار : وهي جبال مستطيلة طولا في الأرض ولم تطل في السماء وهي مطرحة في البلاد ، والمطرحة أنّك ترى الواحد منها ليس فيه واد ولا مسيل ، ولست ترى أحدا يقطعها ويعلوها ، وقال نصر : الستار ثنايا وأنشاز فوق أنصاب الحرم بمكّة لأنّها سترة بين الحلّ والحرم. والستار : جبل بأجإ. والستار : ناحية بالبحرين ذات قرى تزيد على مائة لبني امرئ القيس بن زيد مناة وأفناء سعد بن زيد مناة منها ثأج. والستار : جبل بالعالية في ديار بني سليم حذاء صفينة. والستار : جبل أحمر فيه ثنايا تسلك. والستار : خيال من أخيلة حمى ضرية بينه وبين إمّرة خمسة أميال. والستاران في ديار بني ربيعة : واديان يقال لهما السّودة يقال لأحدهما الستار الأغبر وللآخر الستار الجابريّ وفيهما عيون فوّارة تسقي نخيلا كثيرة زينة منها عين حنيذ وعين فرياض وعين حلوة وعين ثرمداء ، وهي من الأحساء على ثلاثة أميال ، قال الشاعر :

على قطن ، بالشّيم ، أيمن صوبه

وأيسره عند الستار فيذبل

قال أبو أحمد : يوم الستار يوم بين بكر بن وائل وبني تميم قتل فيه قتادة بن سلمة الحنفي فارس بكر ابن وائل قتله قيس بن عاصم التميمي ، وفي ذلك يقول شاعرهم :

قتلنا قتادة يوم السّتار ،

وزيدا أسرنا لدى معنق

وقال السكري في قول جرير :

إن كان طبّكم الدّلال فإنّه

حسن دلالك ، يا أميم ، جميل

أمّا الفؤاد فليس ينسى حبّكم

ما دام يهتف في الأراك هديل

أيقيم أهلك بالسّتار وأصعدت

بين الوريعة والمقاد حمول؟

الستار : بالحمى ، والوريعة : حزم لبني جرير بن دارم ، والمقاد : رعن بين بني فقيم وسعد بن زيد مناة. والستار أيضا : ثنايا فوق أنصاب الحرم ، سميت بذلك لأنّها سترة بين الحلّ والحرم ، وقال الشاعر :

وجدت بني الجعراء قوما أذلّة ،

ومن لا يهنهم يمس وغدا مهضّما

وأحمق من راعي ثمانين يرتعي

بجنب الستار بقل روض موسّما

والستار : أجبل سود بين الضيقة والحوراء ، بينها وبين ينبع ثلاثة أيّام ، وفي كتاب الأصمعي : الستار جبال صغار سود منقادة لبني أبي بكر بن كلاب.

السِّتَارَةُ : مثل الذي قبله وزيادة هاء ، معناه معلوم : قرية تطيف بذرة في غربيها تتصل بجبلة وواديهما يقال له لحف.

سُتِيفَغْنه : بضم أوّله ، وكسر ثانيه ، وياء آخر الحروف ساكنة ، وفاء مفتوحة ، وغين ساكنة ، ونون : من قرى بخارى.

سُتِيكَن : بضم أوّله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناة من تحت ، وكاف ، ونون أيضا : من قرى بخارى ، قد نسب إليها بعض الرواة.

سِتّينُ : بلفظ الستين من العدد ، حصن ابن ستين : من فتوح مسلمة بن عبد الملك بن مروان مقابل ملطية.

١٨٨

باب السين والجيم وما يليهما

سَجَا : مقصور ، سجا الليل إذا أظلم وسكن ، وسجا البحر إذا ركد ، فيكون منقولا عن الفعل الماضي على هذا : وهو اسم بئر ، ويروى بالشين ، وقيل : هو ماء لبني الأضبط ، وقيل : لبني قوالة بعيدة القعر عذبة الماء ، وقيل : ماء بنجد لبني كلاب ، وقال أبو زياد : من مياه بني وبر بن الأضبط بن كلاب سجا ، وفي كتاب الأصمعي : من مياه قوالة سجا ، والثّعل وسجا لبني الأضبط إلّا أنّها مرتفعة في ديار بني أبي بكر ولم تزل في يد بني الأضبط وهي جاهلية ، وقال العامري : سجا ماء لبني الأضبط بن كلاب ، وهي في شعب جبل عال له سعر وهي في فلاة مدعى ماءة لبني جعفر وهي في فلاة المحدثة ، وقال مرّة : سنجا ماءة لنا وهي جرور بعيدة القعر ، وأنشد :

ساقي سجا يميد ميد المحمور

المحمور : الذي قد أصابه الحمر ، وهو داء يصيب الخيل من أكل الشعير.

ليس عليها عاجز بمذعور

ولا حق حديدة بمذكور

ويقال : هذا الرجز لرجل ولم يعرفه العامري ، وهو الذي يقول :

لا سلّم الله على خرقا سجا ،

من ينج من خرقا سجا فقد نجا

أنكد لا ينبت إلّا العرفجا ،

لم تترك الرمضاء مني والوجا

والنزع من أبعد قعر من سجا

إلّا عروقا وعروقا خرّجا

يعني أنّها بارزة لا لحم عليها ، وقال غيلان بن الربيع اللّص :

إلى الله أشكو محبسي في مخيّس

وقرب سجا يا رب حين أقيل

وإنّي ، إذا ما اللّيل أرخى ستوره

بمنعرج الخلّ الخفيّ ، دليل

سِجَارُ : بكسر أوّله ، وآخره راء : وهي قرية من قرى النور على عشرين فرسخا من بخارى يقال لها ججار أيضا ، ينسب إليها أبو شعيب صالح بن محمد السجاري ، رحل إلى خراسان والعراق والشام ومصر ، سمع عبد العزيز بن علي أبا القاسم المصري وغيره ، روى عنه أبو القاسم ميمون بن علي الميموني ، ومات سنة ٤٠٤ ، وكان زاهدا صالحا.

سِجَاسُ : بكسر أوّله ويفتح ، وآخره سين أخرى مهملة : بلد بين همذان وأبهر ، قال عبد الله بن خليفة :

كأنّي لم أركب جوادا لغارة ،

ولم أترك القرن الكميّ مقطّرا

ولم أعترض بالسيف خيلا مغيرة

إذا النّكس مشّى القهقرى ثم جرجرا

ولم أستحثّ الركب في إثر عصبة

ميمّمة عليا سجاس وأبهرا

ينسب إليها أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله ابن سعيد السجاسي الأديب ، كتب عنه السلفي بسجاس أناشيد وفرائد أدبية ورواها عنه وذكر أن سجاس من مدن أذربيجان ، والمعروف ما صدّر منه.

سَجْرٌ : بالسكون : موضع بالحجاز.

سِجْزُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره زاي : اسم لسجستان البلد المعروف في أطراف خراسان ، والنسبة إليها سجزيّ ، وقد نسب إليها خلق كثير من الأئمة والرواة والأدباء ، وأكثر أهل سجستان

١٨٩

ينسبون هكذا ، منهم : الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي ، رحل إلى الشام والعراق وخراسان وأدرك الأئمة أبا بكر بن خزيمة وتلك الطبقة ، ومات بفرغانة سنة ٣٧٣ وهو على مظالمها ، وقد ولي القضاء بعدّة نواح ، وكان أديبا نحويّا.

سِجِسْتَانُ : بكسر أوّله وثانيه ، وسين أخرى مهملة ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون : وهي ناحية كبيرة وولاية واسعة ، ذهب بعضهم إلى أن سجستان اسم للناحية وأن اسم مدينتها زرنج ، وبينها وبين هراة عشرة أيّام ثمانون فرسخا ، وهي جنوبي هراة ، وأرضها كلّها رملة سبخة ، والرياح فيها لا تسكن أبدا ولا تزال شديدة تدير رحيّهم ، وطحنهم كلّه على تلك الرحى. وطول سجستان أربع وستون درجة وربع ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وسدس ، وهي من الإقليم الثالث. وقال حمزة في اشتقاقها واشتقاق أصبهان : إن أسباه وسك اسم للجند وللكلب مشترك وكل واحد منهما اسم للشيئين فسميت أصبهان والأصل أسباهان وسجستان والأصل سكان وسكستان لأنّهما كانتا بلدتي الجند ، وقد ذكرت في أصبهان بأبسط من هذا ، قال الإصطخري : أرض سجستان سبخة ورمال حارة ، بها نخيل ، ولا يقع بها الثلج ، وهي أرض سهلة لا يرى فيها جبل ، وأقرب جبال منها من ناحية فره ، وتشتد رياحهم وتدوم على أنّهم قد نصبوا عليها أرحية تدور بها وتنقل رمالهم من مكان إلى مكان ولو لا أنّهم يحتالون فيها لطمست على المدن والقرى ، وبلغني أنّهم إذا أحبوا نقل الرمل من مكان إلى مكان من غير أن يقع على الأرض التي إلى جانب الرمل جمعوا حول الرمل مثل الحائط من حطب وشوك وغيرهما بقدر ما يعلو على ذلك الرمل وفتحوا إلى أسفله بابا فتدخله الريح فتطير الرمال إلى أعلاه مثل الزّوبعة فيقع على مدّ البصر حيث لا يضرّهم ، وكانت مدينة سجستان قبل زرنج يقال لها رام شهرستان ، وقد ذكرت في موضعها ، وبسجستان نخل كثير وتمر ، وفي رجالهم عظم خلق وجلادة ويمشون في أسواقهم وبأيديهم سيوف مشهورة ، ويعتمّون بثلاث عمائم وأربع كلّ واحدة لون ما بين أحمر وأصفر وأخضر وأبيض وغير ذلك من الألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان كل واحدة منها ، وأكثر ما تكون هذه العمائم إبريسم طولها ثلاثة أذرع أو أربعة وتشبه الميانبندات ، وهم فرس وليس بينهم من المذاهب غير الحنفية من الفقهاء إلّا قليل نادر ، ولا تخرج لهم امرأة من منزل أبدا وإن أرادت زيارة أهلها فبالليل ، وبسجستان كثير من الخوارج يظهرون مذهبهم ولا يتحاشون منه ويفتخرون به عند المعاملة ، حدثني رجل من التجار قال : تقدمت إلى رجل من سجستان لأشتري منه حاجة فماكسته فقال : يا أخي أنا من الخوارج لا تجد عندي إلّا الحق ولست ممن يبخسك حقك ، وإن كنت لا تفهم حقيقة ما أقول فسل عنه ، فمضيت وسألت عنه متعجبا ، وهم يتزيون بغير زيّ الجمهور فهم معروفون مشهورون ، وبها بليدة يقال لها كركويه كلّهم خوارج ، وفيهم الصوم والصلاة والعبادة الزائدة ، ولهم فقهاء وعلماء على حدة ، قال محمد بن بحر الرّهني : سجستان إحدى بلدان المشرق ولم تزل لقاحا على الضيم ممتنعة من الهضم منفردة بمحاسن متوحدة بمآثر لم تعرف لغيرها من البلدان ، ما في الدنيا سوقة أصح منهم معاملة ولا أقل منهم مخاتلة ، ومن شأن سوقة البلدان أنّهم إذا باعهم أو اشترى منهم العبد أو الأجير أو الصبي كان أحبّ إليهم من

١٩٠

أن يشتري منهم الصاحب المحتاط والبالغ العارف ، وهم بخلاف هذه الصفة ، ثمّ مسارعتهم إلى إغاثة الملهوف ومداركة الضعيف ، ثمّ أمرهم بالمعروف ولو كان فيه جدع الأنف ، منها جرير بن عبد الله صاحب أبي عبد الله جعفر بن محمد الباقر ، رضي الله عنه ، ومنها خليدة السجستاني صاحب تاريخ آل محمد ، قال الرهني : وأجلّ من هذا كلّه أنّه لعن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبرها إلّا مرّة ، وامتنعوا على بني أميّة حتى زادوا في عهدهم أن لا يلعن على منبرهم أحد ولا يصطادوا في بلدهم قنفذا ولا سلحفاة ، وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة؟ وبين سجستان وكرمان مائة وثلاثون فرسخا ، ولها من المدن زالق وكركويه وهيسوم وزرنج وبست ، وبها أثر مربط فرس رستم الشديد ونهرها المعروف بالهندمند ، يقول أهل سجستان : إنّه ينصب إليه مياه ألف نهر فلا تظهر فيه زيادة وينشقّ منه ألف نهر فلا يرى فيه نقصان ، وفي شرط أهل سجستان على المسلمين لما فتحوها أن لا يقتل في بلدهم قنفذ ولا يصطاد لأنّهم كثير والأفاعي والقنافذ تأكل الأفاعي ، فما من بيت إلّا وفيه قنفذ ، قال ابن الفقيه : ومن مدنها الرّخّج وبلاد الداور ، وهي مملكة رستم الشديد ، ملّكه إيّاها كيقاوس ، وبينها وبين بست خمسة أيّام ، وقال ابن الفقيه : بسجستان نخل كثير حول المدينة في رساتيقها وليس في جبالها منه شيء لأجل الثلج وليس بمدينة زرنج وهي قصبة سجستان لوقوع الثلج بها ، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات :

نضّر الله أعظما دفنوها

بسجستان طلحة الطلحات

كان لا يحرم الخليل ولا يع

تلّ بالنّجل طيّب العذرات

وقال بعضهم يذمّ سجستان :

يا سجستان قد بلوناك دهرا

في حراميك من كلا طرفيك

أنت لو لا الأمير فيك لقلنا :

لعن الله من يصير إليك!

وقال آخر :

يا سجستان لا سقتك السحاب ،

وعلاك الخراب ثمّ اليباب

أنت في القرّ غصّة واكتئاب ،

أنت في الصيف حيّة وذباب

وبلاء موكّل ورياح

ورمال كأنّهنّ سقاب

صاغك الله للأنام عذابا ،

وقضى أن يكون فيك عذاب

وقال القاضي أبو علي المسبحي :

حلولي سجستان إحدى النّوب ،

وكوني بها من عجيب العجب

وما بسجستان من طائل

سوى حسن مسجدها والرّطب

وذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال : سمعت محمد بن أبي نصر قل هو الله أحد ، خوان (١) ، يقول أبو داود السجستاني الإمام : هو من قرية بالبصرة يقال لها سجستان وليس من سجستان خراسان ، وكذلك ذكر لي بعض الهرويين في سنة نيف وثلاثين وأربعمائة

__________________

(١) قوله : قل هو الله أحد خوان ، هو لقب محمد بن أبي نصر ، ومعناه قارئ هذه السورة.

١٩١

قال : سمعت محمد بن يوسف يقول أبو حاتم السجستاني من كورة بالبصرة يقال لها سجستانة وليس من سجستان خراسان. وذكر ابن أبي نصر المذكور أنّه تتبع البصريين فلم يعرفوا بالبصرة قرية يقال لها سجستان غير أن بعضهم قال : إن بقرب الأهواز قرية تسمّى بشيء من نحو ما ذكره ، ودرس من كتابي هذا لا أعرف له حقيقة لأنّه ورد أن ابن أبي داود كان بنيسابور في المكتب مع ولد إسحاق بن راهويه وأنّه أوّل ما كتب كتب عند محمد بن أسلم الطوسي وله دون عشر سنين ، ولم يذكر أحد من الحفاظ أنّه من غير سجستان المعروف ، وينسب إليها السجزي ، منهم : أبو أحمد خلف بن أحمد بن خلف ابن الليث بن فرقد السجزي ، كان ملكا بسجستان وكان من أهل العلم والفضل والسياسة والملك وسمع الحديث بخراسان والعراق ، روى عن أبي عبد الله محمد بن علي الماليسي وأبي بكر الشافعي ، سمع منه الحاكم أبو عبد الله وغيره ، توفي في بلاد الهند محبوسا ، وسلب ملكه في سنة ٣٩٩ في رجب ، ومولده في نصف محرم سنة ٣٢٦ ، ودعلج بن علي السجزي ، ومنها إمام أهل الحديث عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود أصله من سجستان ، كتب من تاريخ الخطيب هو وأبوه وزاد ابن عساكر في تاريخه بإسناد إلى أبي عليّ الحسن بن بندار الزنجاني الشيخ الصالح قال : كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من رواية الحديث لهم تعفّفا وتنزها ونفيا للمظنة عن نفسه ، وكان أبو داود يحضر مجلسه ويسمع منه ، وكان له ابن أمرد يحب أن يسمع حديثه وعرف عادته في الامتناع عليه من الرواية فاحتال أبو داود بأن شد على ذقن ابنه قطعة من الشعر ليتوهم أنّه ملتح ثمّ أحضره المجلس وأسمعه جزءا ، فأخبر الشيخ بذلك فقال لأبي داود : أمثلي يعمل معه هذا؟ فقال له : أيّها الشيخ لا تنكر عليّ ما فعلته واجمع أمردي هذا مع شيوخ الفقهاء والرواة فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه حينئذ من السماع عليك ، قال : فاجتمع طائفة من الشيوخ فتعرض لهم هذا الأمرد مطارحا وغلب الجميع بفهمه ولم يرو له الشيخ مع ذلك من حديثه شيئا وحصل له ذلك الجزء الأوّل وكان ليس إلّا أمرد يفتخر بروايته الجزء الأوّل.

سَجْكانُ : قلعة حصينة بقومس.

سِجِلْماسَةُ : بكسر أوّله وثانيه ، وسكون اللام ، وبعد الألف سين مهملة : مدينة في جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان ، بينها وبين فاس عشرة أيّام تلقاء الجنوب ، وهي في منقطع جبل درن ، وهي في وسط رمال كرمال زرود ويتصل بها من شماليها جدد من الأرض ، يمر بها نهر كبير يخاض قد غرسوا عليه بساتين ونخيلا مدّ البصر ، وعلى أربعة فراسخ منها رستاق يقال له تيومتين على نهرها الجاري فيه من الأعناب الشديدة الحلاوة ما لا يحد وفيه ستة عشر صنفا من التمر ما بين عجوة ودقل ، وأكثر أقوات أهل سجلماسة من التمر وغلتهم قليلة ، ولنسائهم يد صناع في غزل الصوف ، فهن يعملن منه كلّ حسن عجيب بديع من الأزر تفوق القصب الذي بمصر يبلغ ثمن الإزار خمسة وثلاثين دينارا وأكثر كأرفع ما يكون من القصب الذي بمصر ، ويعملون منه غفارات يبلغ ثمنها مثل ذلك ويصبغونها بأنواع الأصباغ ، وبين سجلماسة ودرعة أربعة أيام ، وأهل هذه المدينة من أغنى الناس وأكثرهم مالا لأنّها على طريق من يريد غانة التي هي معدن الذهب ، ولأهلها جرأة على دخولها.

١٩٢

سَجْلَةُ : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، والسجل : الدّلو إذا كان فيها ماء قلّ أو كثر ، ولا يقال لها وهي فارغة سجل ، وأسجلت الحوض إذا ملأته : وهي بئر حفرها هاشم بن عبد مناف فوهبها أسد بن هاشم لعدي بن نوفل ولم يكن لأسد بن هاشم عقب ، وقالت خالدة بنت هاشم :

نحن وهبنا لعديّ سجله

تروي الحجيج زغلة فزغله

وقيل : حفرها قصيّ.

سِجِلّينُ : بكسر أوّله وثانيه ، وتشديد لامه المكسورة وبعدها ياء مثناة من تحت ، وآخره نون : قرية من قرى عسقلان من أعمال فلسطين ، كذا ذكره السمعاني بالجيم وتشديد اللام ، وهو خطأ إنما هو بالحاء المهملة واللام الخفيفة ، إنّما ذكر ليجتنب ، وينسب إليها عبد الجبار بن أبي عاصم الخثعمي السجليني ، حدث عن محمد بن أبي السري العسقلاني ومؤمل بن إهاب ، روى عنه أبو سعيد بن يونس وأبو القاسم الطبراني.

سِجْنُ ابن سِباع : قال أحمد بن جابر : حدثني العباس ابن هشام الكلبي قال : كتب بعض الكنديّين إلى أبي يسأله عن سجن ابن سباع بالمدينة إلى من نسب ، فكتب : فأمّا سجن ابن سباع فإنّه كان دارا لعبد الله بن سباع بن عبد العزّى بن نضلة بن عمرو بن غبشان الخزاعي ، وكان سباع يكنى أبا نيار ، وكانت أمّه قابلة بمكّة ، فبارزه حمزة بن عبد المطلب يوم أحد فقال له : هلمّ إليّ يا ابن مقطعة البظور ، فقتله حمزة وأكبّ عليه ليأخذ درعه فزرقه وحشيّ فقتله ، وأمّ طريح بن إسماعيل الثقفي الشاعر بنت عبد الله بن سباع هذا ، والله أعلم.

سِجْنُ يوسُف الصِّدّيق ، عليه السلام : هو ببوصير من أرض مصر وأعمال الجيزة في أوّل الصعيد من ناحية مصر ، قال القاضي القضاعي : أجمع أهل المعرفة من أهل مصر على صحة هذا المكان ، وفيه أثر نبيّين : أحدهما يوسف ، عليه السلام ، سجن به المدّة التي ذكر أنّها سبع سنين وكان الوحي ينزل عليه فيه ، وسطح السجن معروف بإجابة الدعاء وأهل تلك النواحي يعرفونه ويقصدونه بالزيارة ، والنبيّ الآخر : موسى ، عليه السلام ، وقد بني على أثره مسجد هناك يعرف بمسجد موسى ، عليه السلام.

سِجْوانُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون ، والعامة يقولون سيوان : بليدة نزهة ، بينها وبين تبريز نحو الفرسخ ، والله أعلم.

سَجْسيجان : ماء لبني عمرو بن كلاب بدماخ ، عن أبي زياد.

سِجِّينُ : بكسر أوّله وثانيه ، يقال : ضرب سجّين أي شديد ، وقيل : دائم ، قال ابن مقبل :

ورجلة يضربون الهام عن عرض

ضربا تواصت به الأبطال سجّينا

وسجّين : موضع فيه كتاب الفجّار ودواوينهم ، قال أبو عبيد : هو فعّيل من السجن كالفسّيق من الفسق ، وقال الأزهري : السجّين السّلتين من النخل بلغة أهل البحرين. وسجّين : من قرى مصر ، والله أعلم بالصواب.

باب السين والحاء وما يليهما

سُحَامٌ : بضم أوّله ، والسّحام سواد كسواد الغراب الأسحم : وهو واد بفلج ، قال امرؤ القيس :

لمن الدّيار غشيتها بسحام

فعمايتين فهضب ذي إقدام

١٩٣

وبلاد بني سحام : باليمن من ناحية ذمار.

سُحَامَةُ : ماءة لبني كليب باليمامة ، وقال أبو زياد : ومن مياه عمرو بن كلاب سحامة رمح التي يقول فيها عامر بن الكاهن بن عوف بن الصّموت بن عبد الله ابن كلاب :

ومن يرنا يوم السّحامة فوقنا

عجاجة أذواد لهنّ حوائر

إذا خرجت من محضر سدّ فرجها

خفاف منيفات وجذع بهازر

دعوا الحرب لا تشجوا بها آل حنتر

شجا الحلق ، إن الحرب فيها تهابر

ولا توعدونا بالغوار ، فإنّنا

بنو عمّنا فيها حماة مغاور

على كلّ جرداء السّراة كأنّها

عقاب ، إذا ما حثّها الحرب ، كاسر

محالفة للهضب صقعاء لفّها

بطخفة يوم ذو أهاضيب ماطر

سَحْبَانُ : كلفظ اسم الرجل البليغ : ماء ، قال الشاعر :

لو لا بنيّ ما حفرت سحبان ،

ولا أخذت أجرة من إنسان

سَحْبَلٌ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، ثمّ باء موحدة مفتوحة ، والسّحبل : العريض البطن ، ويقال : وعاء سحبل واسع : وهو موضع في ديار بني الحارث بن كعب ، كان جعفر بن علبة الحارثي يزور نساء بني عقيل فنذر به القوم فقبضوه وكشفوا دبر قميصه وربطوه إلى خيمة وجعلوا يضربونه بالسياط ويقبلون ويدبرون به على النساء اللواتي قد كان يتحدّث إليهنّ حتى فضحوه وهو يستعفيهم ويقول : يا قوم القتل خير ممّا تصنعون! فلما بلغوا منه مرادهم أطلقوه فمضت أيّام وأخذ جعفر أربعة رجال من قومه ورصد العقيليّين حتى ظفر برجل ممّن كان يصنع به ذلك فقبضوا عليه وفعلوا به شرّا ممّا فعل بجعفر ثمّ أطلقوه ، فرجع إلى الحيّ فأنذرهم فتبعهم سبعة عشر فارسا من بني عقيل حتى لحقوا بهم بواد يقال له سحبل فقاتلهم جعفر ، فيقال إنّه قتّل فيهم حتى لم يبق من العقيليّين إلّا ثلاثة نفر وعمد إلى القتلى فشدّهم على الجمال وأنفذهم مع الثلاثة إلى قومهم ، فمضى العقيليون إلى والي مكّة إبراهيم بن هشام المخزومي ، وقيل : السري بن عبد الله الهاشمي ، فطلب جعفرا ومن كان معه يومئذ حتى ظفر بهم وحبسهم ، فذلك قول جعفر بن علبة في محبسه :

ألا لا أبالي بعد يوم بسحبل

إذا لم أعذّب أن يجيء حماميا

تركت بأعلى سحبل ومضيقه

مراق دم لا يبرح الدّهر ثاويا

شفيت به غيظي وحزت مواطني ،

وكان سناء آخر الدّهر باقيا

فدى لبني عمّي أجابوا لدعوتي

شفوا من بني القرعاء عمّي وخاليا

كأنّ بني القرعاء يوم لقيتهم

فراخ القطا لاقين صقرا يمانيا

أقول وقد أجلت من القوم عركة :

ليبك العقيليين من كان باكيا

فإن بقرني سحبل لإمارة

ونضح دماء منهم ومحابيا

ولم أر لي من حاجة غير أنّني

وددت معاذا كان فيمن أتانيا

شفيت غليلي من حشينة بعد ما

كسوت الهذيل المشرفيّ اليمانيا

١٩٤

أحقّا عباد الله أن لست ناظرا

صحاري نجد والرّياح الذّواريا

ولا زائرا شمّ العرانين تنتمي

إلى عامر يحللن رملا معاليا

إذا ما أتيت الحارثيات فانعني

لهنّ وخبّرهنّ أن لا تلاقيا

وقوّد قلوصي بينهنّ فإنّها

ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا

أوصّيكم إن متّ يوما بعارم

ليغني غنائي أو يكون مكانيا

عارم : ابنه ، وبه كان يكنّى ، ثمّ أخرج جعفر ابن علبة ليقتل فانقطع شسع نعله فوقف فأصلحه ، فقال له رجل : أما يشغلك ما أنت فيه؟ فقال : أشدّ قبال نعلي أن يراني عدوّي للحوادث مستكينا وقام أبوه إلى كل ناقة وشاة له فنحر أولادها وألقاها بين يديها وقال : ابكين معي على جعفر ، فجعلت النوق ترغو والشاء تثغو والنساء يصحن ويبكين وأبوه يبكي معهن فما روي أن يوما كان أفظع ولا أقطع من يومئذ.

سَحْطَةُ : حصن في جبال صنعاء كان بيد عبد الله بن حمزة الزيدي الخارجي.

سِحْلِينُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وقد رواه السمعاني بالجيم وتشديد اللام ، وقد ذكر آنفا : وهي من قرى عسقلان.

سَحْنَةُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ نون ، بلفظ السحنة التي هي لون البشرة ونعمتها ، قال الحازمي : موضع بين بغداد وهمذان ، وقال نصر : سحنة بلد بالقرب من همذان ، قال ابن الكلبي : كانت عجلة وسحنة امرأتين بنتي عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة ابن الحارث بن مالك بن سعود بن عمم بن نمارة ، وأظنها أنا قرب الأنبار لأن ابن الكلبي قال : وأهل الأنبار يقولون سيحنة ، قال : وكانتا تشربان اللبن بها.

سُحُولُ : بضم أوّله ، وآخره لام ، قال الليث : السّحيل ، والجمع السّحل ، ثوب لا يبرم غزله أي لا يفتل طاقين ، يقال : سحلوه أي لم يفتلوا سداه ، وسحول : قبيلة من اليمن ، وهو السحول بن سوادة ابن عمرو بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبإ : قرية من قرى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السحولية ، قال طرفة بن العبد :

وبالسّفح آيات كأنّ رسومها

يمان وشته ريدة وسحول

ريدة وسحول : قريتان ، أراد وشته أهل ريدة وسحول فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.

سَحِيل : بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت ، وهو الغزل الذي لم يبرم ، قال زهير :

على كل حال من سحيل ومبرم

وهي أرض بين الكوفة والشام وكان النعمان بن المنذر يحمي بها العشب لنجائبه.

السَّحِيلَةُ : مثل الذي قبله ، وزيادة هاء في آخره : اسم قلعة حصينة في قبلي بيت المقدس وهي من عمله.

سُحَيْمٌ : موضع في بلاد هذيل ، قال مرّة بن عبد الله اللحياني :

تركنا بالمراح وذي سحيم

أبا حيّان في نفر منافي

١٩٥

ينسب إلى بني سحيمة من حنيفة.

السُّحَيْمِيّةُ : بلفظ النسبة إلى سحيم تصغير أسحم تصغير الترخيم ، وهو الأسود : قرية في طريق اليمامة من النباج ثمّ القرية قرية بني سدوس ثمّ السحيمية أيضا ، قال نصر : هي من نواحي اليمامة ، والله أعلم بالصواب.

باب السين والخاء وما يليهما

سَخا : مقصور ، بلفظ السخاء ، بقلة من بقول الربيع على ساقها كهيئة سنبلة فيها حبّات كحبّ الينبوت ولبّ حبّها دواء للجرح ، الواحدة سخاة ، وقال الأصمعي : السخاوية الأرض اللينة التربة مع بعد ، وسخا : كورة بمصر وقصبتها سخا بأسفل مصر ، وهي الآن قصبة كورة الغربية ودار الوالي بها ، ذكر أن في جامع سخا حجرا أسود عليه طلسم يعلم إذا أخرج الحجر من الجامع دخلت إليه العصافير فإذا أعيد إلى الجامع خرجت منه كما ذكر ، وسخا من فتوح خارجة بن حذافة بولاية عمرو بن العاص حين فتح مصر أيّام عمر ، رضي الله عنه ، ينسب إليها أبو أحمد زياد بن المعلّى السخاوي ، ذكره ابن يونس وقال : مات سنة ٢٥٥ ، وبدمشق رجل من أهل القرآن والأدب وله فيهما تصانيف اسمه علي بن محمد السخاوي ، حيّ في أيّامنا ، وهو أديب فاضل ديّن يرحل إليه للقراءة عليه.

سَخَاخُ : بفتح أوّله ، وخاء مكرّرة : موضع بالشاش ممّا وراء النهر.

سِخَالُ : بكسر أوّله ، بلفظ جمع السّخل من الشاة : موضع باليمامة ، عن الحازمي ، قال :

حلّ أهلي بطن الغميس فبادو

لي وحلّت علويّة بالسّخال

وقال ابن مقبل :

حيّ دار الحيّ لا دار بها

بسخال فأثال فحرم

سِخَامُ : يروى بكسر أوّله وفتحه : وهو موضع ذكره امرؤ القيس :

لمن الديار عرفتها بسخام

فعمايتين فهضب ذي إقدام

سَخْبَرٌ : بالفتح ثمّ السكون ، وفتح الباء الموحدة : موضع أظنّه قرب نجران ، قال شبيب بن البرصاء :

إذا احتلّت الرّنقاء هند مقيمة

وقد حان مني من دمشق خروج

وبدّلت أرض الشّيح منها وبدّلت

تلاع المطالي سخبر ووشيج

فلا وصل إلّا أن تقرّب بيننا

قلائص يجذبن المثاني عوج

السُّخُفُ : بالتحريك ، وآخره فاء ، وهو رقّة العيش ، والسخف ضعف العقل : وهو اسم موضع.

سُخْنَةُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ نون ، بلفظ تأنيث السّخن وهو الحارّ : بلدة في بريّة الشام بين تدمر وعرض وأرك يسكنها قوم من العرب ، وعلى التحديد بين أرك وعرض.

السَّخَّةُ : ماءة في رمال عبد الله بن كلاب.

السُّخَيْبِرَةُ : بالتصغير : ماء جامع ضخم لبني الأضبط ابن كلاب.

باب السين والدال وما يليهما

سِدادُ أبي جِرَابٍ : قال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكّة : هو في أسفل من عقبة منى دون القبور على يمين الذاهب إلى منى ، منسوب إلى أبي

١٩٦

جراب عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أميّة الأصغر عمله في ولاية إبراهيم بن هشام على مكّة والمدينة بغير إذنه فكتب إبراهيم إلى عامله أن يقف أبا جراب حتى يدفن بئره عند السّدّ ، ففعل ذلك فاستعان أبو جراب بأهل مكّة فغوّروا تلك البئر ودفنوا ذلك السّدّ.

السُّدُّ : بضم أوّله ، وهو الجبل الحاجز بين الشيئين ، والسّددة : أرض أودية فيها حجارة أو صخور يبقى الماء فيها زمانا ، الواحد سدّ ، بالضم ، قال الحازمي : السّدّ ماء سماء في حزم بني عوال : جبل لغطفان يقال له السّدّ ، وقال عرّام : السّدّ ماء سماء جبل شوران مطلّ عليه أمر رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، بسدّه ، ومن السّدّ قناة إلى قباء ، قال الإصطخري : وبالرّيّ قرية تعرف بالسّدّ منها على فرسخين يقال إن مفاتيح بساتينها المعروفة اثنا عشر ألف مفتاح ، وكان يذبح بهذه القرية كلّ يوم مائة وعشرون شاة واثنتا عشرة بقرة وثور. والسّدّ : حصن باليمن من أعمال عبد عليّ بن عوّاض.

سَدَدُ : موضع في شعر البحتري :

أهل فرغانة قد غنّوا به

وقرى السّوس وألطا وسدد

سُدّ يأجُوجَ ومأجوجَ : قيل : إن يأجوج ومأجوج ابنا يافث بن نوح ، عليه السلام ، وهما قبيلتان من خلق جاءت القراءة فيهما بهمز وبغير همز ، وهما اسمان أعجميان ، واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أجّت النار ومن الماء الأجاج وهو الشديد الملوحة المحرق من ملوحته ، ويكون التقدير يفعول ومفعول ، ويجوز أن يكون يأجوج فاعولا وكذلك مأجوج ، قال : هذا لو كان الاسمان عربيّين لكان هذا اشتقاقهما ، فأمّا الأعجمية فلا تشتقّ من العربيّة ، وروي عن الشعبي أنّه قال : سار ذو القرنين إلى ناحية يأجوج ومأجوج فنظر إلى أمّة صهب الشعور زرق العيون فاجتمع إليه منهم خلق كثير وقالوا له : أيها الملك المظفّر إنّ خلف هذا الجبل أمما لا يحصيهم إلّا الله وقد أخربوا علينا بلادنا يأكلون ثمارنا وزروعنا ، قال : وما صفتهم؟ قالوا : قصار صلع عراض الوجوه ، قال : وكم صنفا هم؟ قالوا : هم أمم كثيرة لا يحصيهم إلّا الله تعالى ، قال : وما أساميهم؟

قالوا : أما من قرب منهم فهم ستّ قبائل : يأجوج ، ومأجوج ، وتاويل ، وتاريس ، ومنسك ، وكمارى ، وكلّ قبيلة منهم مثل جميع أهل الأرض ، وأما من كان منّا بعيدا فإنّا لا نعرف قبائلهم وليس لهم إلينا طريق ، فهل نجعل لك خرجا على أن تسدّ عليهم وتكفينا أمرهم؟ قال : فما طعامهم؟ قالوا : يقذف البحر إليهم في كلّ سنة سمكتين يكون بين رأس كلّ سمكة وذنبها مسيرة عشرة أيّام أو أكثر ، قال : ما مكّنني فيه ربي خير فأعينوني بقوّة تبذلون لي من الأموال في سدّه ما يمكن كلّ واحد منكم ، ففعلوا ، ثمّ أمر بالحديد فأذيب وضرب منه لبنا عظاما وأذاب النحاس ثمّ جعل منه ملاطا لذلك اللبن وبنى به الفجّ وسوّاه مع قلّتي الجبل فصار شبيها بالمصمت ، وفي بعض الأخبار قال : السّدّ طريقة حمراء وطريقة سوداء من حديد ونحاس ، ويأجوج ومأجوج اثنتان وعشرون قبيلة ، منهم الترك قبيلة واحدة كانت خارج السدّ لما ردمه ذو القرنين فسلموا أن يكونوا خلفه ، وسار ذو القرنين حتى توسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد ، ذكرهم وأنثاهم ، يبلغ طول الواحد منهم مثل نصف طول الرجل المربوع ، لهم مخاليب في مواضع الأظفار ولهم أضراس وأنياب كأضراس السّباع

١٩٧

وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل ، وعليهم من الشعر ما يواري أجسادهم ، ولكل واحد أذنان عظيمتان إحداهما على ظاهرها وبر كثير وباطنها أجرد والأخرى باطنها وبر كثير وظاهرها أجرد يلتحف إحداهما ويفترش الأخرى ، وليس منهم ذكر ولا أنثى إلّا ويعرف أجله والوقت الذي يموت فيه ، وذلك أنّه لا يموت حتى يلد ألف ولد ، وهم يرزقون التنّين في أيّام الربيع ويستمطرونه إذا أبطأ عنهم كما نستمطر المطر إذا انقطع فيقذفون في كلّ عام بواحد فيأكلونه عامهم كلّه إلى مثله من قابل فيكفيهم على كثرتهم ، وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلاب ويتسافدون حيث ما التقوا تسافد البهائم ، وفي رواية أن ذا القرنين إنما عمل السدّ بعد رجوعه عنهم فانصرف إلى ما بين الصّدفين فقاس ما بينهما وهو منقطع أرض الترك ممّا يلي الشمس فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فحفر له أساسا بلغ به الماء وجعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس المذاب يصبّ عليه ، فصار عرقا من جبل تحت الأرض ثمّ علّاه وشرّفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنّه برد محبّر من صفرة النحاس وسواد الحديد ، فلمّا أحكمه انصرف راجعا ، وأمّا ذكر التنّين فرأينا منه بنواحي حلب ما ذكرته في ترجمة كلز وجعلته حجّة على ما أورده ههنا من خبره وشجّعني على كتابته ، فإن الإنسان شديد التكذيب بخبر ما لم ير مثله ، روي عن شدّاد بن أفلح المقري أنّه قال : عدت عمر البكاليّ فذكرنا لون التنّين فقال عمر البكاليّ : أتدرون كيف يكون التنّين؟ قلنا : لا ، قال : يكون في البرّ حيّة متمرّدة فتأكل حيّات البرّ فلا تزال تأكلها وتأكل غيرها من الهوامّ وهي تعظم وتكبر ثمّ يزيد أمرها فتأكل جميع ما تراه من الحيوان فإذا عظم أمرها ضجّت دوابّ البر منها فيرسل الله تعالى إليها ملكا فيحتملها حتى يلقيها في البحر فتفعل بدوابّ البحر مثل فعلها بدوابّ البرّ فتعظم ويزداد جسمها فتضجّ دوابّ البحر منها أيضا فيبعث الله إليها ملكا حتى يخرج رأسها من البحر فيتدلّى إليها سحاب فيحتملها فيلقيها إلى يأجوج ومأجوج ، وحدّث المعلّى بن هلال الكوفي قال : كنت بالمصيصة فسمعتهم يتحدثون أن البحر ربّما مكث أيّاما وليالي تصطفق أمواجه ويسمع لها دويّ شديد فيقولون ما هذا إلّا بشيء آذى دوابّ البحر فهي تضجّ إلى الله تعالى ، قال : فتقبل سحابة حتى تغيب في البحر ثمّ تقبل أخرى حتى تعدّ سبع سحابات ثمّ ترتفع جميعا في السماء وقد حملن شيئا يرون أنّه التنّين حتى يغيب عنّا ونحن ننظر إليه يضطرب فيها فربّما وقع في البحر فتعود السحابة إلى البحر بالرعد الشديد الهائل والبرق العظيم حتى تغوص في البحر وتستخرجه ثانية فتحمله ، فربما اجتاز وهو في السحاب وذنبه خارج عنها بالشجر العادي والبناء الشامخ فيضربه بذنبه فيهدم البناء من أصله ويقلع الشجر بعروقه ، ولقد احتمله السحاب من بحر أنطاكية فضرب بذنبه بضعة عشر برجا من أبراج سورها فرمى بها ، ويقال : إن السحاب الموكّل به يختطفه حيثما رآه كما يختطف حجر المغناطيس الحديد ، فهو لا يطلع رأسه من الماء خوفا من السحاب ولا يخرج إلّا في الفرط إذا صحت الدنيا ، وذكر بقراط الحكيم اليوناني في كتاب الثراء أنّه كان في بعض السواحل فبلغه أن هناك قرى كثيرة قد فشا فيها الموت فقصدها ليعرف السبب في ذلك فلمّا فحص عن الأمر إذا هو بتنّين قد احتمله السحاب من البحر فوقع على نحو عشرين فرسخا من هذه القرى فنتن

١٩٨

ففشا الموت فيها من نتنه فعمد ذلك الفيلسوف فجبا من أهل تلك القرى مالا عظيما واشترى به ملحا ثمّ أمر أهل تلك القرى أن يحملوه ويلقوه عليه ففعلوا ذلك حتى بطلت رائحته وكفّ الموتان عنهم ، وروي عن بعضهم أنّه قصد موضعا سقط فيه فوجد طوله نحو الفرسخين وعرضه فرسخ ولونه مثل لون النمر مفلّس كفلوس السمك وله جناحان عظيمان كهيئة أجنحة السمك ورأسه مثل التلّ العظيم شبه رأس الإنسان وله أذنان مفرطتا الطول وعينان مدوّرتان كبيرتان جدّا ويتشعّب من عنقه ستّة أعناق طول كل عنق منها عشرون ذراعا في كل عنق رأس كرأس الحيّة ، قلت : هذه صفة فاسدة لأنه قال أوّلا رأس كرأس الإنسان ثمّ قال ستة رؤوس كرءوس الحية ، وقد نقلته كما وجدته ولكن تركه أولى ، ومن مشهور الأخبار حديث سلّام الترجمان قال : إن الواثق بالله رأى في المنام أن السدّ الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوح ، فأرعبه هذا المنام فأحضرني وأمرني بقصده والنظر إليه والرجوع إليه بالخبر ، فضمّ إليّ خمسين رجلا ووصلني بخمسة آلاف دينار وأعطاني ديني عشرة آلاف درهم ومائتي بغل تحمل الزاد والماء ، قال : فخرجنا من سرّ من رأى بكتاب منه إلى إسحاق ابن إسماعيل صاحب أرمينية وهو بتفليس يؤمر فيه بإنفاذنا وقضاء حوائجنا ومكاتبة الملوك الذين في طريقنا بتيسيرنا ، فلمّا وصلنا إليه قضى حوائجنا وكتب إلى صاحب السرير وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللّان وكتب ملك اللّان إلى فيلانشاه وكتب لنا فيلانشاه إلى ملك الخزر فوجه ملك الخزر معنا خمسة من الأدلّاء فسرنا ستّة وعشرين يوما فوصلنا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة وكنّا قد حملنا معنا خلّا لنشمّه من رائحتها بإشارة الأدلّاء ، فسرنا في تلك الأرض عشرة أيّام ثمّ صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما فسألنا الأدلّاء عن سبب خراب تلك المدن فقالوا : خرّبها يأجوج ومأجوج ، ثمّ صرنا إلى حصن بالقرب من الجبل الذي السّدّ في شعب منه فجزنا بشيء يسير إلى حصون أخر فيها قوم يتكلمون بالعربيّة والفارسيّة وهم مسلمون يقرءون القرآن ولهم مساجد وكتاتيب ، فسألونا من أين أقبلتم وأين تريدون ، فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين ، فأقبلوا يتعجبون من قولنا ويقولون : أمير المؤمنين! فنقول : نعم ، فقالوا : أهو شيخ أم شاب؟ قلنا : شابّ ، قالوا : وأين يكون؟ قلنا : بالعراق في مدينة يقال لها سرّ من رأى ، قالوا : ما سمعنا بهذا قط ، ثمّ ساروا معنا إلى جبل أملس ليس عليه من النبات شيء وإذا هو مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا ، وإذا عضادتان مبنيتان ممّا يلي الجبل من جنبي الوادي عرض كلّ عضادة خمسة وعشرون ذراعا الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب ، وكلّه مبني بلبن حديد مغيّب في نحاس في سمك خمسين ذراعا ، وإذا دروند حديد طرفاه في العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا قد ركّب على العضادتين على كلّ واحد مقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع ، وفوق الدروند بناء بذلك اللبن الحديد والنحاس إلى رأس الجبل ، وارتفاعه مدّ البصر ، وفوق ذلك شرف حديد في طرف كلّ شرفة قرنان ينثني كلّ واحد إلى صاحبه ، وإذا باب حديد بمصراعين مغلقين عرض كل مصراع ستون ذراعا في ارتفاع سبعين ذراعا في ثخن خمسة أذرع وقائمتاها في دوّارة على قدر الدروند ، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع ، وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا وفوق القفل نحو خمسة أذرع

١٩٩

غلق طوله أكثر من طول القفل ، وعلى الغلق مفتاح معلق طوله سبعة أذرع له أربع عشرة دندانكة أكبر من دستج الهاون معلّق في سلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة أربعة أشبار والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق ، وارتفاع عتبة الباب عشرة أذرع في بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع ، وهذا الذرع كلّه بذراع السواد ، ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس مع كلّ فارس مرزبة حديد فيجيئون إلى الباب ويضرب كل واحد منهم القفل والباب ضربات كثيرة ليسمع من وراء الباب ذلك فيعلموا أن هناك حفظة ويعلم هؤلاء أن أولئك لم يحدثوا في الباب حدثا ، وإذا ضربوا الباب وضعوا آذانهم فيسمعون من وراء الباب دويّا عظيما ، وبالقرب من السدّ حصن كبير يكون فرسخا في مثله يقال إنّه يأوي إليه الصّنّاع ، ومع الباب حصنان يكون كلّ واحد منهما مائتي ذراع في مثلها ، وعلى بابي هذين الحصنين شجر كبير لا يدرى ما هو ، وبين الحصنين عين عذبة ، وفي أحدهما آلة البناء التي بني بها السدّ من القدور الحديد والمغارف وهناك بقيّة من اللبن الحديد قد التصق بعضه ببعض من الصدإ ، واللبنة ذراع ونصف في سمك شبر ، وسألنا من هناك هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج فذكروا أنّهم رأوا منهم مرّة عددا فوق الشرف فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبنا فكان مقدار الواحد منهم في رأي العين شبرا ونصفا ، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدلّاء نحو خراسان فسرنا حتى خرجنا خلف سمرقند بسبعة فراسخ ، قال : وكان بين خروجنا من سرّ من رأى إلى رجوعنا إليها ثمانية عشر شهرا ، قد كتبت من خبر السدّ ما وجدته في الكتب ولست أقطع بصحة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه ، والله أعلم بصحته ، وعلى كلّ حال فليس في صحة أمر السد ريب وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز.

السِّدْرَتَان : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، تثنية السدرة ، وهي شجرة النبق : وهو موضع ، قال البعيث :

لمن طلل بالسدرتين كأنّه

كتاب زبور وحيه وسلاسله

أي مسطوره ، والله أعلم.

سَدْرٌ : ذو سدر : موضع بعينه ، قال أبو ذؤيب :

صوّح ، من أمّ عمرو ، بطن مرّ فأك

ناف الرّجيع فذو سدر فأملاح

سُدُّ قَنَاة : بضم أوّله ، وبعد الدال المشدّدة قاف بعدها نون ، كلمة مركبة من السدّ والقناة : وهو واد ينصبّ في الشعيبة.

سَدُومُ : فعول من السّدم ، وهو الندم مع غمّ ، قال أبو منصور : مدينة من مدائن قوم لوط كان قاضيها يقال له سدوم ، وقال أبو حاتم في كتاب المزال والمفسد : إنّما هو سذوم ، بالذال المعجمة ، قال : والدال خطأ ، قال الأزهري : وهو الصحيح وهو أعجميّ ، وقال الشاعر :

كذلك قوم لوط حين أضحوا

كعصف في سدومهم رميم

وهذا يدلّ على أنّه اسم البلد لا اسم القاضي ، إلّا أن قاضيها يضرب به المثل فيقال : أجور من قاضي سدوم.

وذكر الميداني في كتاب الأمثال أن سدوم هي سرمين بلدة من أعمال حلب معروفة عامرة عندهم ، وكان من جوره أنّه حكم على أنّه إذا ارتكبوا الفاحشة من أحد أخذ منه أربعة دراهم ، وقد ذكر أميّة بن

٢٠٠