معجم البلدان - ج ٣

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي

معجم البلدان - ج ٣

المؤلف:

شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

والزهدمان زهدم وكردم رجلان : وهو اسم أبرق ، قال :

أشاقتك آيات بأخوار زهدم

والخور : المنخفض من الأرض بين نشزين ، والخور : الرحبة.

الزَّهراء : ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الأبيض المشرق ، والمؤنثة زهراء ، والأزهر : النّير ، ومنه سمي القمر الأزهر ، والزهراء : مدينة صغيرة قرب قرطبة بالأندلس اختطّها عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي ، وهو يومئذ سلطان تلك البلاد في سنة ٣٢٥ ، وعملها متنزها له وأنفق في عمارتها من الأموال ما تجاوز فيه عن حدّ الإسراف ، وجلب إليها الرخام من أقطار البلاد وأهدى إليه ملوك بلاده من آلاتها ما لا يقدر قدره ، وكان الناصر هذا قد قسّم جباية بلاده أثلاثا : ثلث لجنده ، وثلث لبيت ماله ، وثلث لنفقة الزهراء وعمارتها ، وذكر بعضهم أن مبلغ النفقة عليها من الدراهم القاسمية ، منسوبة إلى عامل دار ضربها وكانت فضة خالصة بالكيل القرطبي ، ثمانون مديا وستة أقفزة وزائد أكيال ، ووزن المدي ثمانية قناطير ، والقنطار مائة رطل وثمانية وعشرون رطلا ، والرطل اثنتا عشرة أوقية ، والستة أقفزة نصف مدي ، ومسافة ما بين الزهراء وقرطبة ستة أميال وخمسة أسداس ميل ، وقد أكثر أهل قرطبة في وصفها وعظم النفقة عليها وقول الشعراء فيها وصنفوا في ذلك تصانيف ، وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر الزهراء ويتشوقها :

ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح

تقضّت مبانيها مدامعه سفحا

مقاصر ملك أشرقت جنباتها

فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا

يمثل قرطيها لي الوهم جهرة

فقبّتها فالكوكب الرّحب فالسطحا

محلّ ارتياح يذكر الخلد طيبه

إذا عزّ أن يصدى الفتى فيه أو يضحى

تعوّضت من شدو القيان خلالها

صدى فلوات قد أطار الكرى صبحا

أجل إنّ ليلي فوق شاطئ نيطة

لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا

وقال أيضا :

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا ،

والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا

وللنسيم اعتلال في أصائله ،

كأنّما رقّ لي فاعتلّ إشفاقا

والروض عن مائه الفضّيّ مبتسم ،

كما حللت عن اللّبّات أطواقا

يوم كأيّام لذّات لنا انصرمت ،

بتنا لها حين نام الدّهر سرّاقا

والزهراء أيضا : موضع آخر في قول مصعب بن الطفيل القشيري :

نظرت بزهراء المغابر نظرة

ليرفع أجبالا بأكمة آلها

فلمّا رأى أن لا التفات وراءه

بزهراء خلّى عبرة العين جالها

الزَّهَرِيّ : منسوب إلى الزهراء مدينة السلطان بقرطبة من بلاد المغرب ، إليها ينسب أبو علي الحسين بن محمد ابن أحمد الغساني الزهري ثمّ الجياني الحافظ نزيل قرطبة ، سمع أبا عمر بن عبد القاسم وأبا الوليد

١٦١

الباجي وأبا عبد الله بن عتّاب وغيرهم ، سمع منه جماعة من أهل المغرب ، كان إمام أهل الأندلس في علم الحديث وأضبطهم لكتاب وأتقنهم لرواية وأوسعهم سماعا مع الحظ الوافر من الأدب وحفظ الرجال ، وإليه كانت الرحلة ، ثقة الثقات ، سمع منه الناس من أهل الأندلس والمغرب ممّن لا يعدّون كثرة ، وكان مولده سنة ٤٢٧ ، وابتدأ بطلب الحديث سنة ٤٤٤ ، وتوفي لعشر خلون من شعبان سنة ٤٩٨.

زُهْلولُ : بضم أوّله ، وسكون ثانيه ، ولامين ، وهو الأملس ، وفرس زهلول : أملس الظهر ، وزهلول : اسم جبل أسود للضباب به معدن يقال له معدن الشجرتين ، وماؤه البردان ماء ملح ، كثير النخل ، عن نصر.

زَهمانُ : يروى بالضم والفتح ، فعلان من الزهمة ، وهي الريح المنتنة والزهومة من اللحم : وهو اسم موضع ، قال عدي بن الرقاع العاملي :

توهم إبلاد المنازل عن حقب ،

فراجع شوقا ثمّت ارتد في نصب

بزهمان لو كانت تكلّم أخبرت

بما لقيت بعد الأنيس من العجب

زَهْو : موضع في ديار بني عقيل كانت فيه وقعة بينهم ، قال الشّنان بن مالك من بني معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة :

ولو شهدتني أمّ سلم وقومها

بعبلاء زهو في ضحى ومقيل

رأتني على ما بي لها من كرامة ،

وسالف دهر قد مضى ووسيل

أذلّ قيادا قومها وأذيقهم

مناكب ضوجان لهن صليل

الزُّهَيرِيّة : بلفظ التصغير : وهو ربض ببغداد يقال له ربض زهير بن المسيب في شارع باب الكوفة من بغداد قرب سويقة عبد الواحد بن إبراهيم. والزّهيرية أيضا : ببغداد قطيعة زهير بن محمد الأبيوردي إلى جانب القطيعة المعروفة بأبي النجم ممّا يلي باب التبن مع حد سور بغداد قديما إلى باب قطربّل ، وكان عندها باب يعرف بالباب الصغير ، وزهير هذا رجل من الأزد من عرب خراسان من أهل أبيورد ، وهذا كلّه الآن خراب لا يعرفه أحد.

زِهْيَوْط : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وياء مثناة من تحت مفتوحة ، وواو ساكنة ، وآخرها طاء مهملة ، قال الأزهري : اسم موضع لم يستعمل من وجوه تقلباته غير هذا اللفظ ، والله أعلم.

باب الزاي والياء وما يليهما

زِيادانُ : ناحية ونحر بالبصرة منسوبة إلى زياد مولى بني الهجيم جد يونس بن عمران بن جميع بن بشار ابن زياد وجد عيسى بن عمر النحوي وحاجب بن عمر لأمّهما.

زِيادَباذُ : وهو باذ مضاف إلى زياد اسم رجل على عادة الفرس في إضافة القرى إلى ذلك ، معناها عمارة زياد ، قال السمعاني : أظنها من قرى فارس بنواحي شيراز.

الزِّيادِيّةُ : محلّة بمدينة القيروان من أرض إفريقية سكنها محمد بن خالد الأندلسي ثمّ الإلبيري أحد رواة الحديث وبنى بها مسجدا يعرف به.

الزِّيبُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره باء موحدة : قرية كبيرة على ساحل بحر الشام قرب عكّا ، وقال أبو سعد : الزّيب ، بفتح الزاي ، قرية كبيرة على ساحل بحر الروم عند عكا المعروف بشارستان عكا ، قلت

١٦٢

هذا الموضع معروف وهو بالفتح لا غير ، ينسب إليها القاضي أبو علي الحسن بن الهيثم بن علي التميمي الزيبي ، سمع الحسن بن الفرج الغزي بغزة ، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي.

زَيتانُ : بلفظ تثنية الزيت الدهن المعروف : بلدة بين ساحل بحر فارس وأرّجان.

الزَّيْتُ : بلفظ الزيت الدهن المعروف ، أحجار الزّيت : بالمدينة موضع كان فيه أحجار علا عليها الطريق فاندفنت ، وله ذكر في الحديث. وقصر الزيت : بالبصرة صقع قريب من كلّائها ، وجبل الزيت في شعر الفضل بن عبّاس اللهبي :

فوارع من جبال الزّيت مدّت

بسافتها وأحمأت الجبابا

جمع جبّ.

الزَّيتونُ : بلفظ الزيتون المذكور في القرآن مع التين : ذكر بعض المفسرين أنّه جبل بالشام وأنّه لم يرد الزيتون المأكول. والزيتون أيضا : قرية على غربي النيل بالصعيد وإلى جانبها قرية يقال لها الميمون.

الزَّيتونةُ : موضع كان ينزله هشام بن عبد الملك في بادية الشام فلمّا عمّر الرصافة انتقل إليها فكانت منزله إلى أن مات. وعين الزيتونة : بإفريقية على مرحلة من سفاقس ، وفيها يقول الأعقب في الملاحم :

عند حلول الجيش بالزيتونه

ثمّ تكون الوقعة الملعونه

زَيْدانُ : بلفظ تثنية زيد اسم رجل ، قال نصر : صقع واسع من أعمال الأهواز يتصل بنهر موسى ابن محمد الهاشمي ، وقال العمراني : زيدان اسم قصر ، وقال السمعاني أبو سعد : زيدان موضع بالكوفة.

زَيْداوَن : مثل الذي قبله إلّا أن بين الألف والنون واوا مفتوحة : قرية من قرى السوس من نواحي الأهواز في ظن أبي سعد السمعاني.

زَيدٌ : بلفظ اسم العلم ، وهو مصدر زاد يزيد زيدا ، قال شاعر :

وأنتم معشر زيد على مائة

اسم موضع قرب مرج خساف الذي قرب بالس من أرض الشام ، وقال نصر : موضع من مرج خساف الذي بالجزيرة وهو إلى جنب الحسا الذي كانت عنده الوقعة.

الزَّيدِيّةُ : بلفظ النسبة إلى زيد اسم رجل : قرية من سواد بغداد من أعمال بادوريا ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن يحيى بن محمد الشّوكي الزيدي ، سمع محمد ابن إسماعيل الورّاق وأبا حفص بن شاهين وغيرهما.

والزيدية : من مياه بني نمير في واد يقال له الحذيم.

الزَّيدِي : قرية باليمامة فيها نخل وروض.

زِيرَباذ : بكسر الزاي ، وسكون الياء ، وفتح الراء ، والباء موحدة ، وآخره ذال معجمة ، جزيرة زيرباذ : من نواحي فارس ، قال ابن سيران في تاريخه : في سنة ٣٠٩ توفي عبد الله بن عمارة صاحب جزيرة زيرباذ وقد ملكها خمسا وعشرين سنة وملكها بعده أخوه جعفر بن حمزة ستة أشهر وقتله غلمانه وملكها بعده بطّال بن عبد الله بن عمارة.

زِيرَكَجُّ : بالكسر ، وكجّ بالجيم المشدّدة ، قال أبو موسى : قرية بخوزستان ، وأظن أبا مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي البصري إليها ينسب.

الزِّيزيان : بكسر أوّله ، وبعد الزاي ياء أخرى ، وآخره نون : موضع بفارس.

زَيزاء : من قرى البلقاء كبيرة يطؤها الحاج ويقام بها لهم سوق وفيها بركة عظيمة ، وأصله في اللغة المكان

١٦٣

المرتفع ، ولذلك قال ذو الرمّة :

تحدّر عن زيزائه القفّ وارتقى

على الرّمل وانقادت إليه الموارد

وقال مليح :

تذكّرت ليلى يوم أصبحت قافلا

بزيزاء ، والذكرى تشوق وتشغف

غداة تردّ الدّمع عين مريضة

بليلى وتارات تفيض وتذرف

ومن دون ذكراها التي خطرت لنا

بشرقيّ نعمان الشّرى والمعرّف

وأعليت من طود الحجاز نجوده

إلى الغور ما اجتاز الفقير ولفلف

زَيَغْدُوانُ : بفتح أوّله وثانيه ، وغين معجمة ساكنة ، ودال مهملة مضمومة ، وبعد الألف نون ، ويقال بباء موحدة بعد أوّله : اسم موضع ، عن العمراني.

زِيقُ : بلفظ زيق القميص ، وهو تعريب جيك : محلة بنيسابور ، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن أبي علي الزيقي ، سمع أحمد بن حفص ومحمد بن يزيد ، حدث عنه أبو محمد الشيباني وذكر أنّه توفي سنة ٣١٧.

زَيْكُونُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وآخره نون : من قرى نسف ، ونسف هي نخشب قرب سمرقند ، والله أعلم بالصواب.

زَيْلَعُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح اللام ، وآخره عين مهملة : هم جيل من السودان في طرف أرض الحبشة ، وهم مسلمون وأرضهم تعرف بالزيلع ، وقال ابن الحائك : ومن جزائر اليمن جزيرة زيلع فيها سوق يجلب إليه المعزى من بلاد الحبشة فتشتري جلودها ويرمى بأكثر مسائحها في البحر. وزيلع ، بالعين المهملة : قرية على ساحل البحر من ناحية الحبش ، حدثني الشيخ وليد البصري وكان ممّن جال في البلدان أن البربر طائفة من السودان بين بلاد الزنج وبلاد الحبش ، قال : ولهم سنّة عجيبة مع كونهم إلى الإبطاء منسوبين وفي أهله معدودين ، وهم طوائف يسكنون البرية في بيوت يصنعونها من حشيش ، قال : فإذا أحبّ أحدهم امرأة وأراد التزوّج بها ولم يكن كفؤا لها عمد إلى بقرة من بقر أبي تلك المرأة ولا تكون البقرة إلّا حبلى فيقطع من ذنبها شيئا من الشعر ويطلقها في السّرح ثم يهرب في طلب من يقطع ذكره من الناس ، فإذا رجع الراعي وأخبر والد الجارية أو من يكون وليّا لها من أهلها فيخرجون في طلبه فإن ظفروا به قتلوه وكفوا أمره ، وإن لم يظفروا به مضى على وجهه يلتمس من يقطع ذكره ويجيئهم به ، فإن ولدت البقرة ولم يجيء بالذكر بطل أمره ولا يرجع أبدا إلى قومه بل يمضي هاجّا حيث لا يعرفون له خبرا ، فإنّه إن رجع إليهم قتلوه ، وإن قطع ذكر رجل وجاءهم به تملّك تلك الجارية ولا يسعهم أبدا أن يمنعوه ولو كانت من كانت ، قال : وأكثر من ترى من هذه البلاد من الطائفة المعروفة بالزيلع السودان ، إنّما هم من الذين التمسوا قطع الذكر فأعجزهم فإذا حصلوا في بلاد المغرب التمسوا القرآن والزهد كما تراهم ، قال : وزيلع قرية على ساحل البحر من ناحية الحبش فيها طوائف منهم ومن غيرهم ، قال : وأكثر معيشة البربر من الصيد ، وعندهم نوع من الخشب يطبخونه ويستخرجون منه ماء ثمّ يعقدونه حتى يبقى كأنّه الزّفت ، فإذا أكل الرجل منه لا يضره ، فإن جرح موضعا بمقدار غرز الإبرة وترك فيه أهلك صاحبه ، وذلك أن الدم يهرب من ذلك السم حتى يصل إلى القلب ويجتمع فيه فيفجره ، فإذا أراد أحدهم اختباره جرح برأس الإبرة ساقه فإذا سال منه الدم قرّب

١٦٤

ذلك السمّ منه فإنّه يعود طالبا لموضعه ، فإن لم يبادره بقطعه من أوّله وإلّا قتله ، وهو من العجائب ، وهم يجعلون منه قليلا في رأس السهم ويتوارون في بعض الأشجار فإذا مرّت بهم سباع الوحوش كالفيل والكركدن والزراف والنمر يرشقونه بذلك السهم ، فإذا خالط دمه مات لوقته فيأخذون من الفيل أنيابه ومن الكركدن قرونه ومن الزراف والنمر جلده ، والله أعلم.

زيلوش : من قرى الرملة بفلسطين ، ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن نعمة بن الحسين بن السري الكناني الزيلوشي ، روى عن محمد بن عبد الله بن الحسن البصري ، روى عنه السلفي ، وفي تاريخ دمشق : إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو إسحاق القيسي المعلم الفقيه ، أصله من زيلوش قرية من قرى الرملة ، كان جنديّا ثمّ ترك ذلك وتعلّم القرآن والفقه ، وسمع الحديث من أبي المعالي وأبي طاهر الحنّائي وأبي محمد بن الأكفاني والفقيهين أبي الحسن علي بن المسلم ونصر الله بن محمد وعبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل وغيرهم من مشايخنا ، وقرأ القرآن على ابن الوحشي ، سمع من المسلم المقري وحدث ببعض مسموعاته ، وكان ثقة مستورا ، توفي في الحادي عشر من رجب سنة ٥٥٣ بدمشق.

زَيْمُرَانُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وضم ميمه ، وراء مهملة ، وآخره نون ، يجوز أن يكون فيعلان من الزّمرة وهي الجماعة من الناس ، أو من الزّمر وهو القليل الشعر والقليل المروءة ، أو من الزّمار ، بالكسر ، وهو صوت النعام : وهو موضع.

زَيْمَرُ : بفتح أوّله ، وسكون ثانيه ، وفتح الميم ، وراء ، واشتقاقه كالذي قبله : وهو موضع في جبال طيّء ، يذكر مع بلطة ويضاف إليها ، قال امرؤ القيس :

وكنت إذا ما خفت يوما ظلامة

فإن لها شعبا ببلطة زيمرا

الزَّيْمَةُ : قرية بوادي نخلة من أرض مكّة ، فيها يقول محمد بن إبراهيم بن قربة شاعر عصري :

مرتعي من بلاد نخلة في الصّي

ف بأكناف سولة والزّيمه

زِئْنَةُ : بكسر أوّله ، وهمز ثانيه ، وقد لا يهمز ، واشتقاقه من الزينة معروف ، فأمّا من همزه فلا أعرفه ، إلّا أن يقال : كلب زئنيّ وهو القصير ، والظاهر أنّه غير مهموز ، قال الأصمعي : قال لي بعض بني عقيل جميع خفاجة يجتمعون ببيشة وزينة ، وهما واديان ، أما بيشة فتصبّ من اليمن ، وأمّا زينة فتصب من السراة سراة تهامة ، وقال ابن الفقيه : طوله عشرون يوما في نجد وأعلاه في السراة ويسمّى عقيق تمرة ، وقيل : الذي فيه عقيق تمرة هو زبية ، بتقديم الباء الموحدة ، والله أعلم بالصواب.

١٦٥

س

باب السين والألف وما يليهما

سَاباطُ كِسْرَى : بالمدائن موضع معروف ، وبالعجمية بلاس أباذ ، وبلاس : اسم رجل ، وقد ذكر في الباء ، وقال أبو المنذر : إنّما سمّي ساباط الذي بالمدائن بساباط بن باطا كان ينزله فسمّي به ، وهو أخو النخيرجان بن باطا الذي لقي العرب في جمع من أهل المدائن. والساباط عند العرب : سقيفة بين دارين من تحتها طريق نافذ ، والجمع سوابيط وساباطات ، وقيل فيه : أفرغ من حجّام ساباط ، عن الأصمعي ، وكان فيه حجام يحجم الناس بنسيئة فإن لم يجئه أحد حجم أمّه حتى قتلها ، فضربه العرب مثلا ، وإيّاه أراد الأعشى بقوله يذكر النعمان بن المنذر وكان أبرويز الملك قد حبسه بساباط ثمّ ألقاه تحت أرجل الفيلة :

ولا الملك النّعمان يوم لقيته

بإمّته يعطي القطوط ويأفق

وتجبى إليه السّيلحون ، ودونها

صريفون في أنهارها ، والخورنق

ويقسم أمر النّاس أمرا وليلة

وهم ساكتون ، والمنيّة تنطق

ويأمر لليحموم كلّ عشيّة

بقتّ وتعليق فقد كاد يسنق

يعالى عليه الجلّ كلّ عشيّة ،

ويرفع نقلا بالضحى ويعرّق

فذاك ، وما أنجى من الموت ربّه

بساباط ، حتى مات وهو محرزق

وقال عبيد الله بن الحرّ :

دعاني بشر دعوة فأجبته

بساباط ، إذ سيقت إليه حتوف

فلم أخلف الظّنّ الذي كان يرتجي ،

وبعض أخلّاء الرّجال خلوف

فإن تك خيلي يوم ساباط أحجمت

وأفزعها من ذي العدوّ زحوف

فما جبنت خيلي ، ولكن بدت لها

ألوف أتت من بعدهنّ ألوف

وقال أبو سعد : وساباط بليدة معروفة بما وراء النهر

١٦٦

قرب أشروسنة على عشرة فراسخ من خجند وعلى عشرين فرسخا من سمرقند ، ينسب إليها طائفة من أهل العلم والرواية ، منهم : أبو الحسن بكر بن أحمد الفقيه الساباطي الأشروسني ، حدث عن الفتح بن عبيد السمرقندي ، وروى عنه أبو ذرّ عثمان بن محمد بن مخلّد التيمي البغدادي ، وقال أبو سعد : ظني أن منها أبا العباس أحمد بن عبد الله بن المفضل الحميري الساباطي ، حدث عن علي بن عاصم ويزيد بن هارون وغيرهما.

سابُرَآباذ : كأنّه مخفّف من سابور مضاف إلى أباذ على عادتهم : بلد.

سابَرُّوج : بعد الألف باء موحدة ثمّ راء مشددة مضمومة ثمّ واو ساكنة ، وآخره جيم : موضع بنواحي بغداد.

سَابُس : بضم الباء الموحدة بعد الألف ، نهر سابس : قرية مشهورة قرب واسط على طريق القاصد لبغداد منها على الجانب الغربي.

سابور خُواسْت : سابور : اسم ملك من ملوك الأكاسرة ، ثمّ خاء معجمة ، وواو خفيفة ، وبعد الألف سين مهملة ، وتاء مثناة من فوق : وهي بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان ، وكان السبب في تسميتها بذلك أن سابور بن أردشير لما تخلّى عن مملكته وغاب عن أهل دولته لحكم المنجمين بقطع يكون عليه ، كما نذكره ، إن شاء الله تعالى ، في منارة الحوافر ، خرج أصحابه يطلبونه فلمّا انتهوا إلى نيسابور قالوا : نيست سابور ، أي ليس سابور ، فسميت نيسابور ، ثمّ وقعوا إلى سابور خواست فسئلوا هنالك ما تصنعون فقالوا : سابور خواست ، أي نطلب سابور ، فسمي الموضع بذلك ، ثمّ وقعوا إلى جنديسابور فوجدوه هنالك فقالوا : وندي سابور ، أي وجد سابور ، ثمّ عرّبت فقيل جنديسابور ، كذا قيل ، وسابور خواست بينها وبين نهاوند اثنان وعشرون فرسخا لأن من نهاوند إلى الأشتر عشرة فراسخ ومن الأشتر إلى سابور خواست اثنا عشر فرسخا ومن سابور خواست إلى اللور ثلاثون فرسخا لا قرية فيها ولا مدينة ، واللور بين سابور خواست وخوزستان ، وقال علي بن محمد بن خلف أبو سعد يمدح فخر الدولة أبا غالب خلف الوزير :

هو سيف دولتك الذي أغنيته

بطويل باعك عن وسيع خطاه

فغدا بطول يديك لو كلّفته

شقّ السّحاب ببرقه لغزاه

وإذا هتفت به لرأس متوّج

بالرّوم من سابور خواست أتاه

سابورُ : بلفظ اسم سابور أحد الأكاسرة ، وأصله شاه بور أي ملك بور ، وبور : الابن بلسان الفرس ، قاله الأزهري ، وقال الأعشى :

وساق له شاه بور الجنو

د عامين يضرب فيه القدم

ومن سابور إلى شيراز خمسة وعشرون فرسخا ، وسابور في الإقليم الثالث ، وطولها ثمان وسبعون درجة وربع ، وعرضها إحدى وثلاثون درجة : كورة مشهورة بأرض فارس ومدينتها النّوبندجان في قول ابن الفقيه ، وقال البشّاري : مدينتها شهرستان ، وقال الإصطخري : مدينتها سابور ، وبهذه الكورة مدن أكبر منها مثل النوبندجان وكازرون ، ولكن هذه كورة تنسب إلى سابور الملك لأنّه هو الذي بنى مدينة سابور ، وهي في السعة نحو إصطخر إلّا

١٦٧

أنّها أعمر وأجمع للبناء وأيسر أهلا ، وبناؤها بالطين والحجارة والجصّ ، ومن مدن هذه الكورة : كازرون وجره ودشت بارين وخمايجان السفلى والعليا وكندران والنوبندجان وتوّز ورموم الأكراد وجنبذ وخشت وغير ذلك ، وبسابور الأدهان الكثيرة ، ومن دخلها لم يزل يشم روائح طيبة حتى يخرج منها ، وذلك لكثرة رياحينها وأنوارها وبساتينها ، وقال البشاري : سابور كورة نزهة قد اجتمع في بساتينها النخل والزيتون والأترج والخرّوب والجوز واللوز والتين والعنب والسدر وقصب السكر والبنفسج والياسمين ، أنهارها جارية وثمارها دانية والقرى متصلة تمشي أياما تحت ظل الأشجار مثل صغد سمرقند ، وعلى كلّ فرسخ بقّال وخبّاز ، وهي قريبة من الجبال ، وقال العمراني : سابور نهر ، وأنشد :

أبيت بجسر سابور مقيما

يؤرّقني أنينك يا معين

وقد نسبوا إلى سابور فارس جماعة من العلماء ، منهم : محمد بن عبد الواحد بن محمد بن الحسن بن حمدان الفقيه أبو عبد الله السابوري ، حدث بشيراز عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الملك ، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي وغيره ، وكان للمهلّب وقائع بسابور مع قطريّ ابن الفجاءة والخوارج طويلة ذكرها الشعراء ، قال كعب الأشقري :

تساقوا بكأس الموت يوما وليلة

بسابور حتى كادت الشمس تطلع

بمعترك رضراضه من رحالهم ،

وعفر يرى فيه القنا المتجزّع

وسابور أيضا : موضع بالبحرين فتح على يد العلاء بن الحضرمي في أيّام أبي بكر ، رضي الله عنه ، عنوة في سنة ١٢ ، وقال البلاذري : فتح في أيّام عمر ، رضي الله عنه.

السّابوريّةُ : مثل الذي قبله وزيادة النسبة إلى مؤنث : قرية على الفرات مقابل بالس.

سائِبَةُ : من نواحي اليمن من مخلاف سنحان.

ساتِيدَما : بعد الألف تاء مثناة من فوق مكسورة ، وياء مثناة من تحت ، ودال مهملة مفتوحة ثمّ ميم ، وألف مقصورة ، أصله مهمل في الاستعمال في كلام العرب ، فإمّا أن يكون مرتجلا عربيّا لأنّهم قد أكثروا من ذكره في شعرهم وإمّا أن يكون عجميّا ، قال العمراني : هو جبل بالهند لا يعدم ثلجه أبدا ، وأنشد :

وأبرد من ثلج ساتيدما ما ،

وأكثر ماء من العكرش

وقال غيره : سمّي بذلك لأنّه ليس من يوم إلّا ويسفك فيه دم ، كأنّه اسمان جعلا اسما واحدا ساتي دما ، وساتي وسادي بمعنى ، وهو سدّى الثوب ، فكأنّ الدماء تسدّى فيه كما يسدّى الثوب ، وقد مدّه البحتري فقال :

ولما استقلّت في جلولا ديارهم

فلا الظهر من ساتيدماء ولا اللحف

وأنشد سيبويه لعمرو بن قمئة :

قد سألتني بنت عمرو عن ال

أرض التي تنكر أعلامها

لما رأت ساتيدما استعبرت ،

لله درّ اليوم من لامها!

تذكّرت أرضا بها أهلها ،

أخوالها فيها وأعمامها

١٦٨

وقال أبو النّدى : سبب بكائها أنّها لما فارقت بلاد قومها ووقعت إلى بلاد الروم ندمت على ذلك ، وإنّما أراد عمرو بن قمئة بهذه الأبيات نفسه لا بنته فكنّى عن نفسه بها ، وساتيدما : جبل بين ميّافارقين وسعرت ، وكان عمرو بن قمئة قال هذا لما خرج مع امرئ القيس إلى ملك الروم ، وقال الأعشى :

وهرقلا يوم ذي ساتيدما

من بني برجان ذي الباس رجح

وقد حذف يزيد بن مفرغ ميمه فقال :

فدير سوى فساتيدا فبصري

قلت : وهذا يدلّ على أن هذا الجبل ليس بالهند وأن العمراني وهم ، وقد ذكر غيره أن ساتيدما هو الجبل المحيط بالأرض ، منه جبل بارما وهو الجبل المعروف بجبل حمرين وما يتصل به قرب الموصل والجزيرة وتلك النواحي ، وهو أقرب إلى الصحة ، والله أعلم ، وقال أبو بكر الصولي في شرح قول أبي نواس :

ويوم ساتيدما ضربنا بني ال

أصفر والموت في كتائبها

قال : ساتيدما نهر بقرب أرزن وكان كسرى أبرويز وجّه إياس بن قبيصة الطائي لقتال الروم بساتيدما فهزمهم فافتخر بذلك ، وهذا هو الصحيح ، وذكره في بلاد الهند خطأ فاحش ، وقد ذكر الكسروي فيما أوردناه في خبر دجلة عن المرزباني عنه فذكر نهرا بين آمد وميّافارقين ثمّ قال : ينصبّ إليه وادي ساتيدما وهو خارج من درب الكلاب بعد أن ينصبّ إلى وادي ساتيدما وادي الزّور الآخذ من الكلك ، وهو موضع ابن بقراط البطريق من ظاهر أرمينية ، قال : وينصب أيضا من وادي ساتيدما نهر ميّافارقين ، وهذا كلّه مخرجه من بلاد الروم ، فأين هو والهند؟ يا لله للعجب! وقول عمرو بن قمئة : لما رأت ساتيدما ، يدل على ذلك لأنّه قاله في طريقه إلى ملك الروم حيث سار مع امرئ القيس ، وقال أبو عبيدة : ساتيدما جبل يذكر أهل العلم أنّه دون الجبال من بحر الروم إلى بحر الهند.

ساجِرٌ : بعد الألف جيم مكسورة ثمّ راء مهملة ، قال الليث : الساجر السيل الذي يملأ كلّ شيء ، وقال غيره : يقال وردنا ماء ساجرا إذا ملأه السيل ، قال الشمّاخ :

وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر

ببطن المراض كلّ حسي وساجر

وهو ماء باليمامة بوادي السرّ ، وقيل : ماء في بلاد بني ضبّة وعكل وهما جيران ، قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير :

فإنّي لعكل ضامن غير مخفر

ولا مكذب أن يقرعوا سنّ نادم

وأن لا يحلوا السّرّ ما دام منهم

شريد ولا الخثماء ذات المخارم

ولا ساجرا أو يطرحوا القوس والعصا

لأعدلهم أو يوطؤوا بالمناسم

وقال سلمة بن الخرشب :

وأمسوا حلالا ما يفرّق بينهم

على كلّ ماء بين فيد وساجر

وقال السّمهريّ اللّصّ :

تمنّت سليمى أن أقيم بأرضها ،

وإنّي وسلمى ويبها ما تمنّت

ألا ليت شعري هل أزورنّ ساجرا

وقد رويت ماء الغوادي وعلّت؟

١٦٩

الساجور : بعد الألف جيم ، وآخره راء ، بلفظ ساجور الكلب ، وهي خشبة تجعل في عنقه يقاد بها : وهو اسم نهر بمنبج ، قال البحتري يذكره :

ما رأينا الحسين ألغى صوابا

مذ شركت الحسين في التّدبير

بك أعطيت من مبرّ اشتياقي

بردى زلفة على السّاجور

ساجُوم : فاعول من سجم الدمع إذا هطل : اسم موضع ، قال نصر : ساجوم ، بالميم ، واد.

ساجُو : بنقص الميم عن الذي قبله : موضع ، عن العمراني ، والله أعلم.

الساجُ : بالجيم ، بلفظ الخشب المعروف بالساج : مدينة بين كابول وغزنين مشهورة هناك.

الساحلُ : بعد الألف حاء مهملة ، وآخره لام ، بلفظ ساحل البحر وهو شاطئه : موضع من أرض العرب بعينه ، قال ابن مقبل :

لمن الدّيار عرفتها بالسّاحل

وكأنّها ألواح جفن ماثل؟

قال الأزدي : هو موضع بعينه ولم يرد به ساحل البحر.

سَاحُوقُ : بعد الألف حاء مهملة ، وآخره قاف ، فاعول من السحق ، قال بعضهم :

هرقن بساحوق جفانا كثيرة

موضع. ويوم ساحوق : من أيّام العرب.

السّادَةُ : محرثة باليمامة ، عن ابن أبي حفصة.

سَارَكُونُ : بعد الألف راء مهملة ، وكاف ، وآخره نون : قرية من قرى بخارى ، ينسب إليها أبو بكر محمد بن إسحاق بن حاتم الساركوني ، يروي عن أبي بكر محمد بن أحمد بن حبيب ، روى عنه أبو عبد الله بن مالك الخنامتي.

سَارَوَانُ : بعد الألف راء ثمّ واو ، وآخره نون : موضع.

سَارُوقُ : بعد الألف راء ، وآخره قاف ، فاعول من السرقة : موضع بأرض الروم ، الساروق تعريب سارو ، وهو من أسماء مدينة همذان ، قالوا : أوّل من بناها جم بن نوجهان وسمّاها سارو فعرّبوها وقالوا ساروق ، وفي أخبار الفرس بكلامهم : سارو جم كرد دارا كمر بست بهمن إسفنديار بسر آورد ، أي الساروق بناها جم وشدّ منطقتها دارا أي عمل عليها سورا واستتمّه وأحسنه بهمن بن إسفنديار.

سارونِيّةُ : بعد الألف راء ثمّ واو ثمّ نون مكسورة ، وياء مثناة من تحت : عقبة قرب طبرية يصعد منها إلى الطور.

سارِيَةُ : بعد الألف راء ثمّ ياء مثناة من تحت مفتوحة ، بلفظ السارية ، وهي الأسطوانة ، والسارية أيضا : السحابة التي تأتي ليلا ، وأصله من سرى يسري سرى ومسرى إذا سار ليلا : وهي مدينة بطبرستان ، وهي في الإقليم الرابع ، طولها سبع وسبعون درجة وخمسون دقيقة ، وعرضها ثمان وثلاثون درجة ، قال البلاذري : كور طبرستان ثماني كور ، سارية وبها منزل العامل في أيّام الطاهرية ، وكان العامل قبل ذلك في آمل ، وجعلها أيضا الحسن بن زيد ومحمد بن زيد العلويّان دار مقامهما ، وبين سارية والبحر ثلاثة فراسخ ، وبين سارية وآمل ثمانية عشر فرسخا ، والنسبة إليها ساريّ ، وطبرستان هي مازندران ، قال محمد بن طاهر المقدسي : ينسب إلى سارية من طبرستان سرويّ ، منهم : أبو الحسين

١٧٠

محمد بن صالح بن عبد الله السروي الطبري ، روى عنه محمد بن بشار بندار وزياد بن أيّوب ومحمد بن المثنّى وأبو كريب وخلق كثير يعسر تعدادهم ، روى عنه أبو القاسم عليّ بن الحسن بن الربيع القرشي وأبو الحسين بن حازم الصّرّام وعبد الله بن محمد الخواري ، قال شيرويه : قال أبو جعفر الحافظ انكشف أمره بالرّيّ عند ابن أبي حاتم ولما قدم الرّيّ ذكّرته ابن أبي حاتم ثمّ ظهر من أمره ما ظهر فأخرج من الريّ وساءت حاله ، وروى حديث لا نكاح إلّا بوليّ حديث عائشة من طريق عروة ، فأنكرت عليه وقصدته وقلت له : تخرج أصلك ، فلم يكن له أصل وكان مخلّطا ، وسار إلى الأهواز فانكشف أمره بها أيضا ، وقال عبد الرحمن الأنماطي : سألت جعفر بن محمد الكرابيسي عن محمد بن صالح فقال : ما سمعت أحدا يقول فيه شيئا.

سَارِي : مخفّف الياء ، هي سارية المذكورة قبل ، وقال العمراني : الساري موضع ، قال الشماخ :

حنّت إلى سكّة الساري تجاوبها

حمامة من حمام ذات أطواق

والسكة : الطريقة الواضحة.

سَازَةُ : بالزاي : قرية باليمن من نواحي بني زبيد.

سَاسَانُ : بلفظ جدّ ملوك الأكاسرة الساسانية : محلة بمرو خارجة عنها من درب الفيروزية ، عن أبي سعد ، وينسب إليها بعض الرواة.

سَاسَكُونُ : من قرى حماة ، ينسب إليها المهذّب حسن الساسكوني ، شاعر شابّ عصري ، أنشدني له بعض أصحابنا أبياتا في الجبّول كتبت فيه.

سَاسَنْجِرْد : بعد الألف سين أخرى مفتوحة ثمّ نون ساكنة ، وجيم مكسورة ثمّ راء ودال مهملتان : قرية على أربعة فراسخ من مرو على طريق الرمل ، وقد نسب إليها بعض الرواة.

سَاسِي : بعد الألف سين أخرى ، بلفظ النسبة إلا أن ياءه خفيفة : قرية تحت واسط الحجاج ، ينسب إليها أبو المعالي بن أبي الرضا بن بدر الساسي ، سمع أبا الفتح محمد بن أحمد بن بختيار المانداي الواسطي.

السّاعد : من أرض اليمن لحكم بن سعد العشيرة : وهي قرية.

سَاعِدَةُ : وهو في الأصل من أسماء الأسد علم له ، ذو ساعدة : في جبال أبلى ، وقد ذكرت.

سَاعِيرُ : في التوراة اسم لجبال فلسطين ، نذكره في فاران ، وهو من حدود الروم وهو قرية من الناصرة بين طبرية وعكّا ، وذكره في التوراة : جاء من سينا ، يريد مناجاته لموسى على طور سينا ، وأشرق من ساعير : إشارة إلى ظهور عيسى بن مريم ، عليه السلام ، من الناصرة ، واستعلن من جبال فاران : وهي جبال الحجاز ، يريد النبي ، عليه الصلاة والسلام ، وهذا في الجزء العاشر في السفر الخامس من التوراة ، والله أعلم.

ساغَرْجُ : بعد الألف غين معجمة مفتوحة ، وراء ساكنة ، وجيم ، وقد يقال بالصاد : من قرى الصغد على خمسة فراسخ من سمرقند من نواحي إشتيخن ، قد نسب إليها بعض الرّواة.

سَافَرْدز : بعد الألف فاء ثمّ راء ساكنة ثمّ دال مهملة مكسورة ، وآخره زاي : قرية على جيحون قريبة من آمل الماء على طريق خوارزم ، نسب إليها بعض الرواة.

السّافِرِيّةُ : قرية إلى جانب الرملة توفي بها هانئ بن كلثوم بن عبد الله بن شريك بن ضمضم الكندي ،

١٧١

ويقال الكناني ، الفلسطيني في ولاية عمر بن عبد العزيز ، وروى عن عمر بن سلا وعبد الله بن عمر ومعاوية بن أبي سفيان.

سَاقٌ : بلفظ ساق الرجل : هضبة واحدة شامخة في السماء لبني وهب ، ذكرها زهير في شعره ، وقال السّكوني : ساق ماء لبني عجل بين طريق البصرة والكوفة إلى مكّة. وذات الساق : موضع آخر ، وساق الفريد في قول الحطيئة :

نظرت إلى فوت ضحيّ وعبرتي

لها من وكيف الرأس شنّ وواشل

إلى العير تحدى بين قوّ وضارج

كما زال في الصّبح الإشاء الحوامل

فأتبعتهم عينيّ حتى تفرّقت

مع اللّيل عن ساق الفريد الجمائل

وساق الجواء : موضع آخر ، والجواء : الواسع من الأودية ، وساق الفرو أيضا : جبل في أرض بني أسد كأنّه قرن ظبي ، ويقال له ساق الفروين ، وأنشد الحفصي :

أقفر من خولة ساق فروين

فالحضر فالركن من أبانين

السَّاقَةُ : حصن باليمن من حصون أبين.

سَاقِطَةُ : بعد الألف قاف مكسورة ثمّ طاء مهملة ، بلفظ واحدة الساقط ضدّ المرتفع : موضع يقال له ساقطة النعل.

سَاقِيَةُ سُلَيمانَ : قرية مشهورة من نواحي واسط ، منها القاضي علي بن رجاء بن زهير بن عليّ أبو الحسن ابن أبي الفضل ، أقام ببغداد مدّة يتفقّه في مذهب الشافعي ، رضي الله عنه ، ورحل إلى الرّحبة وواصل ابن المتقّنة وسمع ببغداد أبا الفضل بن ناصر وغيره ورجع إلى ناحيته فولّي القضاء بها ، وكان أبوه قاضيا بها ، وولي قضاء آمل أيضا ، ومات بواسط منحدرا من بغداد سنة ٥٩٤ ، ومولده في سنة ٥٢٩.

سَاكَبْدِياز : بعد الألف كاف مفتوحة ثمّ باء موحدة ساكنة ، ودال مهملة مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت ، وآخره زاي : من قرى نسف ، نسب إليها بعض الرّواة.

سَالِحِين : والعامة تقول صالحين ، وكلاهما خطأ وإنما هو السّيلحين : قرية ببغداد نذكرها في بابها ، إن شاء الله تعالى ، وقد نسب إليها على هذا اللفظ أبو زكرياء يحيى بن إسحاق السالحيني البجلي ، روى عن الليث بن سعد ، روى عنه أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، وأهل العراق ، توفي سنة ٢٢٠.

سَالِمُ : مدينة بالأندلس تتصل بأعمال باروشة ، وكانت من أعظم المدن وأشرفها وأكثرها شجرا وماء ، وكان طارق لما افتتح الأندلس ألفاها خرابا فعمّرت في الإسلام ، وهي الآن بيد الأفرنج.

سالُوسُ : ذكرت في الشين ، وههنا أولى منها : وهي في الإقليم الرابع ، طولها خمس وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.

سامَانُ : آخره نون ، قال الحازمي : سامان من محال أصبهان ، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن عليّ الساماني الصّحّاف ، حدث عن أبي الشيخ الحافظ وغيره ، نسبه سليمان بن إبراهيم ، وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد البنّاء البشّاري : سامان قرية بنواحي سمرقند ، إليها ينسب ملوك بني سامان بما وراء النهر ويزعمون أنهم من ولد بهرام جور ويؤيد هذا أنهم يقولون سامان خداه بن جبا بن طمغاث بن نوشرد بن بهرام

١٧٢

جور ، واختلفوا في ضبطه ولفظ جبا على عدة أقوال ، فالسمعاني ضبطه جبا ، بضم أوّله والباء الموحدة ، وضبطه المستغفري بالفتح وقال : يروى بالتاء ويروى بالحاء ويروى بالخاء ، كذا قالوا ، وقال الفرغاني في تاريخه : حدثني أبو العباس محمد بن الحسن بن العباس البخاري أن أصلهم من سامان ، وهي قرية من قرى بلخ من البهارمة ، ويمكن الجمع بين القولين لأن سامان خداه معناه المالك سامان لأن خداه بالفارسية الملك فيكون أرادوا ذلك ثمّ غلب عليهم هذا الاسم ، وذلك كقولهم شاه أرمن لملك الأرمن ، وخوارزم شاه لصاحب خوارزم ، ويقولون لرؤساء القرى ده خدا لأن ده اسم القرية وخدا مالك كأنّه قال مالك القرية أو ربّ القرية.

سامُ : من قرى دمشق بالغوطة ، قال الحافظ أبو القاسم : عثمان بن محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان كان يسكن قرية سام من إقليم خولان من قرى دمشق ، وكانت لجدّه معاوية ، وله ذكر.

سامُ بَني سِنَانٍ : مضاف إلى بني سنان قبيلة لعلّها من البربر : وهي قلعة بالمغرب في جبال صنهاجة القبيلة وراء جبل درن ، ويروى بتشديد الميم.

سامَرّاء : لغة في سرّ من رأى : مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت ، وفيها لغات : سامرّاء ، ممدود ، وسامرّا ، مقصور ، وسرّ من رأ ، مهموز الآخر ، وسرّ من را ، مقصور الآخر ، أمّا سامرّاء فشاهده قول البحتري :

وأرى المطايا لا قصور بها

عن ليل سامرّاء تذرعه

وسرّ من را مقصور غير مهموز في قول الحسين بن الضحاك :

سرّ من را أسرّ من بغداد ،

فاله عن بعض ذكرها المعتاد

وسرّ من راء ممدود الآخر في قول البحتري :

لأرحلنّ وآمالي مطرّحة

بسرّمن رأى مستبطي لها القدر

وسامرّا ، مقصور ، وسرّ من رأى وساء من رأى ، عن الجوهري ، وسرّاء ، وكتب المنتصر إلى المتوكل وهو بالشام :

إلى الله أشكو عبرة تتحيّر ،

ولو قد حدا الحادي لظلّت تحدّر

فيا حسرتا إن كنت في سرّ من رأى

مقيما وبالشام الخليفة جعفر!

وقال أبو سعد : سامرّاء بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها سرّ من رأى فخففها الناس وقالوا سامرّاء ، وهي في الإقليم الرابع ، طولها تسع وستون درجة وثلثا درجة ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس ، تعديل نهارها أربع عشرة ساعة ، غاية ارتفاع الشمس بها تسع وسبعون درجة وثلث ، ظل الظهر درجتان وربع ، ظل العصر أربع عشرة درجة ، بين الطولين ثلاثون درجة ، سمت القبلة إحدى عشرة درجة وثلث ، وعن الموصلي ثلاث وثمانون درجة ، وعرضها مائة وسبع عشرة درجة وثلث وعشر ، وبها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخرج منه ، وقد ينسبون إليها بالسّرّ مرّي ، وقيل : إنّها مدينة بنيت لسام فنسبت إليه بالفارسية سام راه ، وقيل : بل هو موضع عليه الخراج ، قالوا بالفارسية : ساء مرّة أي هو موضع الحساب ، وقال حمزة : كانت سامراء مدينة عتيقة من مدن الفرس تحمل إليها الإتاوة التي

١٧٣

كانت موظفة لملك الفرس على ملك الروم ، ودليل ذلك قائم في اسم المدينة لأن سا اسم الإتاوة ، ومرّة اسم العدد ، والمعنى أنّه مكان قبض عدد جزية الروم ، وقال الشعبي : وكان سام بن نوح له جمال ورواء ومنظر ، وكان يصيف بالقرية التي ابتناها نوح ، عليه السلام ، عند خروجه من السفينة ببازبدى وسماها ثمانين ، ويشتو بأرض جوخى ، وكان ممرّه من أرض جوخى إلى بازبدى على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي ، ويسمّى ذلك المكان الآن سام راه يعني طريق سام ، وقال إبراهيم الجنيدي : سمعتهم يقولون إن سامراء بناها سام بن نوح ، عليه السلام ، ودعا أن لا يصيب أهلها سوء ، فأراد السفاح أن يبنيها فبنى مدينة الأنبار بحذائها ، وأراد المنصور بعد ما أسس بغداد بناءها ، وسمع في الرواية ببركة هذه المدينة فابتدأ بالبناء في البردان ثمّ بدا له وبنى بغداد وأراد الرشيد أيضا بناءها فبنى بحذائها قصرا وهو بإزاء أثر عظيم قديم كان للأكاسرة ثمّ بناها المعتصم ونزلها في سنة ٢٢١ ، وذكر محمد بن أحمد البشّاري نكتة حسنة فيها قال : لما عمرت سامرّاء وكملت واتسق خيرها واحتفلت سميت سرور من رأى ، ثمّ اختصرت فقيل سرّ من رأى ، فلمّا خربت وتشوّهت خلقتها واستوحشت سميت ساء من رأى ، ثمّ اختصرت فقيل سامراء ، وكان الرشيد حفر نهرا عندها سمّاه القاطول وأتى الجند وبنى عنده قصرا ثمّ بنى المعتصم أيضا هناك قصرا ووهبه لمولاه أشناس ، فلمّا ضاقت بغداد عن عساكره وأراد استحداث مدينة كان هذا الموضع على خاطره فجاءه وبنى عنده سرّ من رأى ، وقد حكي في سبب استحداثه سرّ من رأى أنّه قال ابن عبدوس : في سنة ٢١٩ أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشتري بها بناحية سرّ من رأى موضعا يبني فيه مدينة وقال له : إني أتخوّف أن يصيّح هؤلاء الحربية صيحة فيقتلوا غلماني فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر حتى آتي عليهم ، فقال له أبو الوزير : آخذ خمسة آلاف دينار وإن احتجت إلى زيادة استزدت ، قال : فأخذت خمسة آلاف دينار وقصدت الموضع فابتعت ديرا كان في الموضع من النصارى بخمسة آلاف درهم وابتعت بستانا كان في جانبه بخمسة آلاف درهم ثمّ أحكمت الأمر فيما احتجت إلى ابتياعه بشيء يسير فانحدرت فأتيته بالصكاك ، فخرج إلى الموضع في آخر سنة ٢٢٠ ونزل القاطول في المضارب ثمّ جعل يتقدّم قليلا قليلا وينتقل من موضع إلى موضع حتى نزل الموضع وبدأ بالبناء فيه سنة ٢٢١ ، وكان لما ضاقت بغداد عن عسكره وكان إذا ركب يموت جماعة من الصبيان والعميان والضعفاء لازدحام الخيل وضغطها ، فاجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا : إمّا أن تخرج من بغداد فإن الناس قد تأذوا بعسكرك أو نحاربك ، فقال : كيف تحاربونني؟ قالوا : نحاربك بسهام السحر ، قال : وما سهام السحر؟ قالوا : ندعو عليك ، فقال المعتصم : لا طاقة لي بذلك ، وخرج من بغداد ونزل سامراء وسكنها وكان الخلفاء يسكنونها بعده إلى أن خربت إلّا يسيرا منها ، هذا كلّه قول السمعاني ولفظه ، وقال أهل السير : إن جيوش المعتصم كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الأتراك سبعين ألفا فمدوا أيديهم إلى حرم الناس وسعوا فيها بالفساد ، فاجتمع العامة ووقفوا للمعتصم وقالوا : يا أمير المؤمنين ما شيء أحبّ إلينا من مجاورتك لأنّك الإمام والحامي للدين وقد أفرط علينا أمر غلمانك وعمّنا أذاهم فإمّا منعتهم عنّا أو نقلتهم

١٧٤

عنّا ، فقال : أمّا نقلهم فلا يكون إلّا بنقلي ولكني أفتقدهم وأنهاهم وأزيل ما شكوتم منه ، فنظروا وإذا الأمر قد زاد وعظم وخاف منهم الفتنة ووقوع الحرب وعاودوه بالشكوى وقالوا : إن قدرت على نصفتنا وإلّا فتحوّل عنّا وإلّا حاربناك بالدعاء وندعو عليك في الأسحار ، فقال : هذه جيوش لا قدرة لي بها ، نعم أتحوّل وكرامة ، وساق من فوره حتى نزل سامرّاء وبنى بها دارا وأمر عسكره بمثل ذلك ، فعمّر الناس حول قصره حتى صارت أعظم بلاد الله ، وبنى بها مسجدا جامعا في طرف الأسواق ، وأنزل أشناس بمن ضم إليه من القوّاد كرخ سامرّاء ، وهو كرخ فيروز ، وأنزل بعضهم في الدور المعروفة بدور العرباني ، فتوفي بسامرّاء في سنة ٢٢٧ ، وأقام ابنه الواثق بسامرّاء حتى مات بها ثمّ ولي المتوكل فأقام بالهاروني وبنى به أبنية كثيرة وأقطع الناس في ظهر سرّ من رأى في الحيّز الذي كان احتجره المعتصم ، واتسع الناس بذلك ، وبنى مسجدا جامعا فأعظم النفقة عليه وأمر برفع منارة لتعلو أصوات المؤذنين فيها وحتى ينظر إليها من فراسخ فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأوّل ، واشتقّ من دجلة قناتين شتويّة وصيفيّة تدخلان الجامع وتتخلّلان شوارع سامرّاء ، واشتقّ نهرا آخر وقدره للدخول إلى الحيّز فمات قبل أن يتمّم ، وحاول المنتصر تتميمه فلقصر أيامه لم يتمم ثمّ اختلف الأمر بعده فبطل ، وكان المتوكل أنفق عليه سبعمائة ألف دينار ، ولم يبن أحد من الخلفاء بسرّمن رأى من الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل ، فمن ذلك : القصر المعروف بالعروس أنفق عليه ثلاثين ألف ألف درهم ، والقصر المختار خمسة آلاف ألف درهم ، والوحيد ألفي ألف درهم ، والجعفري المحدث عشرة آلاف ألف درهم ، والغريب عشرة آلاف ألف درهم ، والشيدان عشرة آلاف ألف درهم ، والبرج عشرة آلاف ألف درهم ، والصبح خمسة آلاف ألف درهم ، والمليح خمسة آلاف ألف درهم ، وقصر بستان الايتاخيّة عشرة آلاف ألف درهم ، والتلّ علوه وسفله خمسة آلاف ألف درهم ، والجوسق في ميدان الصخر خمسمائة ألف درهم ، والمسجد الجامع خمسة عشر ألف ألف درهم ، وبركوان للمعتز عشرين ألف ألف درهم ، والقلائد خمسين ألف دينار ، وجعل فيها أبنية بمائة ألف دينار ، والغرد في دجلة ألف ألف درهم ، والقصر بالمتوكلية وهو الذي يقال له الماحوزة خمسين ألف ألف درهم ، والبهو خمسة وعشرين ألف ألف درهم ، واللؤلؤة خمسة آلاف ألف درهم ، فذلك الجميع مائتا ألف ألف وأربعة وتسعون ألف ألف درهم ، وكان المعتصم والواثق والمتوكل إذا بنى أحدهم قصرا أو غيره أمر الشعراء أن يعملوا فيه شعرا ، فمن ذلك قول عليّ بن الجهم في الجعفري الذي للمتوكل :

وما زلت أسمع أنّ الملو

ك تبني على قدر أقدارها

وأعلم أنّ عقول الرّجا

ل يقضى عليها بآثارها

فلمّا رأينا بناء الإما

م رأينا الخلافة في دارها

بدائع لم ترها فارس

ولا الرّوم في طول أعمارها

وللرّوم ما شيّد الأوّلون

وللفرس آثار أحرارها

وكنّا نحسّ لها نخوة

فطامنت نخوة جبّارها

١٧٥

وأنشأت تحتجّ للمسلمين

على ملحديها وكفّارها

صحون تسافر فيها العيون

إذا ما تجلّت لأبصارها

وقبّة ملك كأنّ النجوم

تضيء إليها بأسرارها

نظمن الفسافس نظم الحليّ

لعون النّساء وأبكارها

لو انّ سليمان أدّت له

شياطينه بعض أخبارها

لأيقن أنّ بني هاشم

يقدّمها فضل أخطارها

وقال الحسين بن الضحاك :

سرّ من را أسرّ من بغداد ،

فاله عن بعض ذكرها المعتاد

حبّذا مسرح لها ليس يخلو

أبدا من طريدة وطراد

ورياض كأنّما نشر الزّه

ر عليها محبّر الأبراد

واذكر المشرف المطلّ من ال

تلّ على الصّادرين والورّاد

وإذا روّح الرّعاء فلا تن

س رواعي فراقد الأولاد

وله فيها ويفضلها على بغداد :

على سرّ من را والمصيف تحيّة

مجلّلة من مغرم بهواهما

ألا هل لمشتاق ببغداد رجعة

تقرّب من ظلّيهما وذراهما؟

محلّان لقّى الله خير عباده

عزيمة رشد فيهما فاصطفاهما

وقولا لبغداد إذا ما تنسمت

على أهل بغداد جعلت فداهما

أفي بعض يوم شفّ عينيّ بالقذى

حرورك حتى رابني ناظراهما؟

ولم تزل كل يوم سر من رأى في صلاح وزيادة وعمارة منذ أيّام المعتصم والواثق إلى آخر أيّام المنتصر ابن المتوكل ، فلمّا ولي المستعين وقويت شوكة الأتراك واستبدوا بالملك والتولية والعزل وانفسدت دولة بني العبّاس لم تزل سر من رأى في تناقص للاختلاف الواقع في الدولة بسبب العصبية التي كانت بين أمراء الأتراك إلى أن كان آخر من انتقل إلى بغداد من الخلفاء وأقام بها وترك سر من رأى بالكلية المعتضد بالله أمير المؤمنين كما ذكرناه في التاج وخربت حتى لم يبق منها إلا موضع المشهد الذي تزعم الشيعة ان به سرداب القائم المهدي ومحلّة أخرى بعيدة منها يقال لها كرخ سامراء وسائر ذلك خراب يباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكا منها ، فسبحان من لا يزول ولا يحول ، وذكر الحسن بن أحمد المهلبي في كتابه المسمّى بالعزيزي قال : وأنا اجتزت بسر من رأى منذ صلاة الصبح في شارع واحد مادّ عليه من جانبيه دور كأن اليد رفعت عنها للوقت لم تعدم إلّا الأبواب والسقوف ، فأمّا حيطانها فكالجدد ، فما زلنا نسير إلى بعد الظهر حتى انتهينا إلى العمارة منها ، وهي مقدار قرية يسيرة في وسطها ، ثمّ سرنا من الغد على مثل تلك الحال فما خرجنا من آثار البناء إلى نحو الظهر ، ولا شك أن طول البناء كان أكثر من ثمانية فراسخ ،

١٧٦

وكان ابن المعتز مجتازا بسامرّاء متأسفا عليها وله فيها كلام منثور ومنظوم في وصفها ، ولما استدبر أمرها جعلت تنقض وتحمل أنقاضها إلى بغداد ويعمّر بها ، فقال ابن المعتز :

قد أقفرت سرّ من را ،

وما لشيء دوام

فالنّقض يحمل منها

كأنّها آجام

ماتت كما مات فيل

تسلّ منه العظام

وحدثني بعض الأصدقاء قال اجتزت بسامرّاء أو قال أخبرني من اجتاز بسامرّاء : فرأيت على وجه حائط من حيطانها الخراب مكتوبا :

حكم الضّيوف بهذا الرّبع أنفذ من

حكم الخلائف آبائي على الأمم

فكلّ ما فيه مبذول لطارقه ،

ولا ذمام به إلّا على الحرم

وأظنّ هذا المعنى سبق إليه هذا الكاتب فإذا هو مأخوذ من قول أرطاة بن سهية المري حيث قال :

وإنّي لقوّام لدى الضيف موهنا

إذا أغدف الستر البخيل المواكل

دعا فأجابته كلاب كثيرة

على ثقة مني بأنّي فاعل

وما دون ضيفي من تلاد تحوزه

لي النّفس إلّا أن تصان الحلائل

وكتب عبد الله بن المعتز إلى صديق له يمدح سرّ من رأى ويصف خرابها ويذم بغداد وأهلها ويفضل سامراء : كتبت إليك من بلدة قد أنهض الدهر سكانها ، وأقعد جدرانها ، فشاهد اليأس فيها ينطق ، وحبل الرجاء فيها يقصر ، فكأن عمرانها يطوى ، وكأنّ خرابها ينشر ، وقد وكّلت إلى الهجر نواحيها ، واستحثّ باقيها إلى فانيها ، وقد تمزقت بأهلها الديار ، فما يجب فيها حقّ جوار ، فالظاعن منها ممحوّ الأثر ، والمقيم بها على طرف سفر ، نهاره إرجاف ، وسروره أحلام ، ليس له زاد فيرحل ولا مرعى فيرتع ، فحالها تصف للعيون الشكوى ، وتشير إلى ذمّ الدنيا ، بعد ما كانت بالمرأى القريب جنة الأرض وقرار الملك ، تفيض بالجنود أقطارها عليهم أردية السيوف وغلائل الحديد ، كأنّ رماحهم قرون الوعول ، ودروعهم زبد السيول ، على خيل تأكل الأرض بحوافرها وتمدّ بالنقع حوافرها ، قد نشرت في وجوهها غررا كأنّها صحائف البرق وأمسكها تحجيل كأسورة اللّجين ونوّطت عذرا كالشّنوف في جيش يتلقّف الأعداء أوائله ولم ينهض أواخره ، وقد صبّ عليه وقار الصبر ، وهبّت له روائح النصر ، يصرفه ملك يملأ العين جمالا ، والقلوب جلالا ، لا تخلف مخيلته ، ولا تنقض مريرته ، ولا يخطئ بسهم الرأي غرض الصواب ، ولا يقطع بمطايا اللهو سفر الشباب ، قابضا بيد السياسة على أقطار ملك لا ينتشر حبله ، ولا تتشظّى عصاه ، ولا تطفى جمرته ، في سن شباب لم يجن مأثما ، وشيب لم يراهق هرما ، قد فرش مهاد عدله ، وخفض جناح رحمته ، راجما بالعواقب الظنون ، لا يطيش عن قلب فاضل الحزم بعد العزم ، ساعيا على الحقّ يعمل به عارفا بالله يقصد إليه ، مقرّا للحلم ويبذله ، قادرا على العقاب ويعدل فيه ، إذ الناس في دهر غافل قد اطمأنّت بهم سيرة لينة الحواشي خشنة المرام تطير بها أجنحة السرور ، ويهب فيها نسيم الحبور ، فالأطراف على مسرة ، والنظر إلى مبرّة ، قبل أن تخب مطايا الغير ، وتسفر

١٧٧

وجوه الحذر ، وما زال الدهر مليئا بالنوائب ، طارقا بالعجائب ، يؤمّن يومه ، ويغدر غدره ، على أنّها وإن جفيت معشوقة السكنى ، وحبيبة المثوى ، كوكبها يقظان ، وجوها عريان ، وحصاها جوهر ، ونسيمها معطّر ، وترابها مسك أذفر ، ويومها غداة ، وليلها سحر ، وطعامها هنيء ، وشرابها مريء ، وتاجرها مالك ، وفقيرها فاتك ، لا كبغدادكم الوسخة السماء ، والومدة الهواء ، جوها نار ، وأرضها خبار ، وماؤها حميم ، وترابها سرجين ، وحيطانها نزوز ، وتشرينها تموز ، فكم في شمسها من محترق وفي ظلّها من عرق ، ضيقة الديار ، قاسية الجوار ، ساطعة الدخان ، قليلة الضيفان ، أهلها ذئاب ، وكلامهم سباب ، وسائلهم محروم ، ومالهم مكتوم ، لا يجوز إنفاقه ، ولا يحل خناقه ، حشوشهم مسائل ، وطرقهم مزابل ، وحيطانهم أخصاص ، وبيوتهم أقفاص ، ولكل مكروه أجل ، وللبقاع دول ، والدهر يسير بالمقيم ، ويمزج البؤس بالنعيم ، وبعد اللجاجة انتهاء والهم إلى فرجة ، ولكل سابلة قرار ، وبالله أستعين وهو محمود على كل حال.

غدت سر من را في العفاء فيا لها

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

وأصبح أهلوها شبيها بحالها

لما نسجتهم من جنوب وشمأل

إذا ما امرؤ منهم شكا سوء حاله

يقولون لا تهلك أسى وتجمّل

وبسامراء قبر الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر وابنه الحسن بن علي العسكريّين ، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية ، وبها من قبور الخلفاء قبر الواثق وقبر المتوكل وابنه المنتصر وأخيه المعتز والمهتدي والمعتمد بن المتوكل.

السّامِرَةُ : يجوز أن يكون جمع قوم سمرة الذين يسمرون بالليل للحديث : وهي قرية بين مكّة والمدينة.

سَامَةُ : السام : عروق الذهب ، والواحدة سامة ، وبه سمّي سامة بن لؤي ، وبنو سامة : محلّة بالبصرة سميت بالقبيلة ، وهم سامة بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة من قريش ، ينسب إلى المحلة بعض الرواة. وسامة العليا وسامة السفلى : من قرى ذمار باليمن ، وقال العمراني : سامة موضع.

سامٌ : وقد ذكر معناه ، قال العمراني : جبل.

سامِينُ : من قرى همذان ، قال شيرويه : حسن بن إبراهيم بن الحسن الضرير أبو علي الخطيب بسامين ، روى عن جعفر الأبهري وابن عبدان وابن عيسى ، وكان صدوقا شيخا ، سمعت منه.

سانْجَن : بعد الألف الساكنة نون ساكنة أيضا ، وجيم مفتوحة ، وآخره نون : من قرى نسف ، قد نسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن معقل بن الحجّاج ابن خداش بن خديج السانجني النسفي الإمام المشهور ، رحل في طلب العلم إلى الحجاز والعراق والشام ومصر ، وروى عن قتيبة بن سعيد وأبي موسى الزمن وهشام بن عمّار وغيرهم ، روى عنه ابنه سعيد وجماعة كثيرة ، مات سنة ٢٩٥ عن خمس وثمانين سنة.

سَانْقانُ : بعد الألف نون ساكنة أيضا ثم قاف ، وآخره نون : من قرى مرو على خمسة فراسخ منها ، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم ذكرهم السمعاني في النسب.

سانْوَاجِرْد : بعد الألف نون ساكنة ، وبعد الواو ألف ثم جيم مكسورة وراء ودال مهملة : هذا اسم

١٧٨

لعدة قرى بمرو وسرخس ، وقد نسب إليها بعض أهل العلم.

السّانَةُ : حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد باليمن.

سَانُ : بعد الألف نون : من قرى بلخ ، ينسب إليها سانجيّ ، يقال لها سان وجهاريك ، وينسب إليها الفقيه أبو زكرياء حسن السانجي من أصحاب أبي معاذ ، روى عن عبد الله بن وهب المصري وغيره.

سَانِيزُ : قرية من قرى جبل شهريار بأرض الديلم ، ينسب إليها أبو نصر السانيزي ، وكان من أتباع شروين بن رستم بن قارن ملك الديلم ثم عظم شأنه وكثر أعوانه حتى غلب على الجبلين جبل الديلم وجبل الجيل وطبرستان بأسرها وقومس وما صاقبها ، وعزم نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد الساماني على قصد الري فجعل طريقه على جبل شهريار طمعا أن يستخلصه لشروين ويعيد الوارث فحصره أبو نصر هذا في موضع يقال له هزار كري أربعة أشهر لم يقدر على أن يجوز ولا على أن يتأخر عنه حتى بذل له ثلاثين ألف دينار حتى أفرج عنه الطريق.

سَاوَكَانُ : بعد الألف واو مفتوحة ، وكاف ، وآخره نون : بليدة من نواحي خوارزم بين هزار اسب وخشميثن فيها سوق كبير وجامع حسن ومنارة ، رأيتها في سنة ٦١٧ عامرة آهلة.

سَاوَهْ : بعد الألف واو مفتوحة بعدها هاء ساكنة : مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط ، بينها وبين كل واحد من همذان والري ثلاثون فرسخا ، وبقربها مدينة يقال لها آوه ، فساوه سنّيّة شافعية ، وآوه أهلها شيعة إمامية ، وبينهما نحو فرسخين ، ولا يزال يقع بينهما عصبية ، وما زالتا معمورتين إلى سنة ٦١٧ فجاءها التتر الكفار الترك فخبّرت أنهم خربوها وقتلوا كل من فيها ولم يتركوا أحدا البتة ، وكان بها دار كتب لم يكن في الدنيا أعظم منها بلغني أنهم أحرقوها ، وأمّا طول ساوه فسبع وسبعون درجة ونصف وثلث وعرضها خمس وثلاثون درجة ، وفي حديث سطيح في أعلام النبوة : وخمدت نار فارس وغارت بحيرة ساوه وفاض وادي سماوة فليست الشام لسطيح شاما ، في كلام طويل ، وقد ذكرها أبو عبد الله محمد بن خليفة السّنبسي شاعر سيف الدولة بن مزيد فقال :

ألا يا حمام الدّوح دوح نجارة ،

أفق عن أذى النّجوى فقد هجت لي ذكرا

علام يندّيك الحنين ولم تضع

فراخا ولم تفقد ، على بعد ، وكرا

ودوحك ميّال الفروع كأنّما

يقلّ على أعواده خيما خضرا

ولم تدر ما أعلام مرو وساوة ،

ولم تمس في جيحون تلتمس العبرا

والنسبة إلى ساوه ساويّ وساوجيّ ، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم ، منهم : أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل بن يوسف الساوي ، رحل وسمع بدمشق وغيرها ، سكن مرو وسمع أبا علي الحظائري وإسماعيل بن محمد أبا علي الصفار وأبا جعفر محمد بن عمرو بن البحتري وأبا عمرو الزاهد وأبا العباس المحبوبي الرّزّاز وخيثمة بن سليمان ، سمع منه الحاكم أبو عبد الله ، ومات سنة ٣٤٦ ، وأبو طاهر عبد الرحمن ابن أحمد بن علك الساوي أحد الأئمة الشافعية ، صحب أبا محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي وأخذ عنه علم الحديث وسمع جماعة طاهرة وافرة ببغداد وروى عنه أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل

١٧٩

الحافظ وأبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد الأسفراييني ، وتوفي ببغداد سنة ٤٨٤ أو ٤٨٥ ، وعبد الله بن محمد بن عبد الجليل القاضي ، وكان أبوه وجدّه من الأعلام.

سَاوِينُ : بعد الألف واو مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت ، وآخره نون : موضع في قول تميم بن مقبل الشاعر :

أمست بأذرع أكباد فحمّ لها

ركب بلينة أو ركب بساوينا

سَاو : قرية صغيرة من نواحي البهنسا من الصعيد الأدنى.

السّاهِرَةُ : موضع في البيت المقدّس ، وقال ابن عباس : الساهرة أرض القيامة أرض بيضاء لم يسفك فيها دم ، عن البشّاري.

سَاهِمٌ : بعد الألف هاء مكسورة وميم ، من قولهم : وجه ساهم أي ضامر متغيّر ، قال سبيع بن الخطيم :

أرباب نخلة والقريظ وساهم

أنّى كذلك آلف مألوف

في أبيات ذكرت في القريظ ، والله أعلم.

سَاهُوقُ : بعد الألف هاء ثمّ واو ، وآخره قاف : موضع.

السّائِبَةُ : من قرى اليمامة.

سائرٌ : من نواحي المدينة ، قال ابن هرمة :

عفا سائر منها فهضب كتانة ،

فدار بأعلى عاقل أو محسّر

ومنها بشرقيّ المذاهب دمنة

معطّلة آياتها لم تغيّر

سَايَةُ : بعد الألف ياء مثناة من تحت مفتوحة ، وهاء : اسم واد من حدود الحجاز ، وهو يجري في الشذوذ مجرى آية وغاية وطاية ، وذلك أن قياس أمثاله أن تنقلب لامه همزة لكنهم تجنّبوا ذلك لأنّهم لو همزوها لكان يجتمع على الحرف اعتلال العين واللام وذلك إجحاف وإن كان قد جاء فيما لا يعدّ نحو ماء وشاء ، وقيل : ساية واد يطلع إليه من الشراة ، وهو واد بين حاميتين ، وهما حرّتان سوداوان ، بها قرى كثيرة مسمّاة وطرق من نواح كثيرة ، وفي أعلاها قرية يقال لها الفارع ، ووالي ساية من قبل صاحب المدينة ، وفيها نخيل ومزارع وموز ورمّان وعنب ، وأصلها لولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفيها من أفناء الناس وتجّار من كلّ بلد ، كذا قاله عرّام فيما رواه عنه أبو الأشعث ، ولا أدري أهي اليوم على ذلك أم تغيرت ، وقال ابن جنّي في كتاب هذيل : لقد قرأته بخطّه شمنصير جبل بساية ، وساية واد عظيم به أكثر من سبعين عينا ، وهو وادي أمج ، وقال مالك بن خالد الخناعي الهذلي :

بودّك أصحابي فلا تزدهيهم

بساية إذ دمّت علينا الحلائب

وقال المعطّل الهذلي :

ألا أصبحت ظمياء قد نزحت بها

نوى خيتعور طرحها وشتاتها

وقالت : تعلّم أنّ ما بين ساية

وبين دفاق روحة وغداتها

وقال أبو عمرو الخناعي :

أسائل عنهم كلّما جاء راكب

مقيما بأملاح إذا ربط اليعر

وما كنت أخشى أن أعيش خلافهم

بستّة أبيات كما نبت العتر

١٨٠