الفصل الثاني (١)
فى ذكر ما قاله القدماء فى النفس وجوهرها ونقضه
فنقول : قد اختلف الأوائل فى ذلك لأنهم اختلفوا فى المسالك (٢) إليه ، فمنهم من سلك إلى علم النفس من جهة الحركة ، ومنهم من سلك إليه من جهة الإدراك ، ومنهم من جمع بين (٣) المسلكين ، ومنهم من سلك طريق الحياة غير مفصلة.
فمن سلك منهم جهة الحركة ، فقد كان تخيل عنده أن التحريك لا يصدر إلا عن متحرك ، وأن المحرك الأول يكون لا محالة متحركا بذاته ، وكانت النفس محركة (٤) أولية ، إليها يتراقى التحريك من الأعضاء والعضل (٥) والأعصاب ، فجعل النفس متحركة لذاتها ، وجعلها لذلك جوهرا غير مائت ، معتقدا أن ما يتحرك لذاته لا يجوز أن يموت. قال : ولذلك ما كانت الأجسام السماوية ليست تفسد والسبب فيه دوام حركتها.
فمنهم (٦) من منع أن تكون النفس جسما فجعلها جوهرا غير جسم متحركا لذاته. ومنهم من جعلها (٧) جسما وطلب الجسم المتحرك بذاته ، فمنهم من جعلها ما كان من الأجرام التي لا تتجزأ كريا ليسهل دوام حركته ، وزعم أن الحيوان يستنشق ذلك بالتنفس ، (٨) وأن التنفس (٩) غذاء للنفس ، وأن النفس (١٠) تستبقى النفس بإدخال بدل ما يخرج من ذلك الجنس من الهباء التي هى الأجرام التي لا تتجزأ التي هى المبادي
__________________
(١) الفصل الثاني : فصل ٢ ف.
(٢) المسالك : المسلك ف.
(٣) بين : ساقطة من ف.
(٤) محركة : متحركة م
(٥) والعضل : بالعضل د.
(٦) فمنهم : ومنهم د ، ك ، م.
(٧) جعلها : جعله د ؛ جعل م.
(٨) بالتنفس : بالنفس ك
(٩) التنفس : النفس ك ، م
(١٠) النفس (الثانية) : ساقطة من م.