أول فليس إذن المفهوم من الحياة والنفس واحدا إذا عنينا بالحياة ما يفهمه (١) الجمهور وإن عنينا بالحياة أن تكون لفظة مرادفة للنفس فى الدلالة على الكمال الأول لم نناقش ، وتكون الحياة اسما لما كنا وراء إثباته من هذا الكمال الأول.
فقد عرفنا الآن معنى الاسم الذي يقع على الشىء الذي سمى نفسا بإضافة له. فبالحرى أن نشتغل بإدراك ماهية هذا الشىء الذي صار بالاعتبار المقول نفسا. ويجب أن نشير فى هذا الموضع إلى إثبات وجود النفس التي لنا إثباتا على سبيل التنبيه والتذكير إشارة شديدة الموقع عند من له قوة على ملاحظة الحق نفسه من غير احتياج إلى تثقيفه وقرع عصاه وصرفه عن المغلطات.
فنقول : يجب أن يتوهم الواحد منا كأنه خلق دفعة وخلق كاملا ، لكنه حجب بصره عن مشاهدة الخارجات ، وخلق يهوى فى هواء أو خلاء هويا لا يصدمه فيه قوام الهواء صدما (٢) ما يحوج إلى أن يحس ، وفرّق (٣) بين أعضائه فلم تتلاق ولم تتماس ، ثم يتأمل أنه هل يثبت وجود ذاته ولا يشك (٤) فى إثباته لذاته موجودا ولا يثبت مع ذلك طرفا من أعضائه ولا باطنا من أحشائه ولا قلبا ولا دماغا ولا شيئا من الأشياء من خارج ، بل كان يثبت ذاته ولا يثبت لها طولا ولا عرضا ولا عمقا ، ولو أنه أمكنه فى تلك الحالة أن يتخيل يدا أو عضوا آخر لم يتخيله جزءا من ذاته ولا شرطا فى ذاته ، (٥) وأنت تعلم أن المثبت غير الذي لم يثبت والمقرّ (٦) به غير الذي لم يقرّبه ، فإذن للذات (٧) التي أثبت وجودها خاصية (٨) على أنها هو بعينه غير جسمه (٩) وأعضائه التي لم تثبت ، فإذن المثبت (١٠) له سبيل إلى أن (١١) يتنبه (١٢) على وجود النفس شيئا غير الجسم بل غير جسم ، (١٣) وأنه عارف به مستشعر له ، وإن (١٤) كان ذاهلا عنه يحتاج إلى (١٥) أن يقرع عصاه.
__________________
(١) ما يفهمه : ما يفهم ك.
(٢) صد ما : صدم ما د ، ف ، م
(٣) وفرق : وفرقت م.
(٤) ولا يشك : فلا يشك ف.
(٥) ولا شرطا فى ذاته : ساقطة من م.
(٦) والمقر به : والمقربة ف
(٧) للذات : الذات ف
(٨) خاصية : + له ف ؛ + لها م.
(٩) جسمه : جسمية م
(١٠) المثبت : المتنبه ف ، م
(١١) أن : ساقطة من م
(١٢) يتنبه : يثبته ك ؛ تنبه م.
(١٣) بل غير جسم : ساقطة من م
(١٤) وأنه : فإنه م.
(١٥) إلى : ساقطة من ف.