الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٥٢
لأبي عبد الله عليهالسلام : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) قال : نحن الذين نعلم ، وعدونا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا أولوا الألباب.
٢٧ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدسسره باسناده إلى أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام : اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب ، اما لخير فان الله يثيبه بعمله في دنياه ، إلى قوله : وقد قال الله تعالى : (يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) فمن أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة.
٢٨ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي ـ عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
٢٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل ابن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه ، فيقال لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقال لهم : على ما صبرتم؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله ، فيقول الله عزوجل : صدقوا أدخلوهم الجنة ، وهو قول الله عزوجل : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
٣٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ) يقول : غبنوا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة الا ذلك هو الخسران المبين.
٣١ ـ في مجمع البيان : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال : أنتم هم ، ومن أطاع جبارا فقد عبده.
٣٢ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن
حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليهالسلام (١) حديث طويل يقول فيه عليهالسلام بعد ان ذكر فضل الامام والمعترفين به : ثم نسبهم فقال : «الذين آمنوا» يعنى بالإمام (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعنى (الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان ، والعبادة طاعة الناس لهم ، ثم قال : (أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) ثم جزاهم فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمد صلىاللهعليهوآله الصادقين على الحوض.
٣٣ ـ بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : يا هشام ان الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ).
٣٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي ـ بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله جل ثناؤه : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) قال : هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه.
٣٥ ـ احمد بن مهران رحمهالله عن عبد العظيم الحسنى عن على بن أسباط عن على بن عقبة عن الحكم بن أعين عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) إلى آخر الآية قال : هم المسلمون لال محمدصلىاللهعليهوآله الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه ، جاؤا به كما سمعوه.
٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ) إلى قوله الميعاد
فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سئل على عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآله عن تفسير هذه الآية بما ذا
__________________
(١) وفي نسخة «عن أبى جعفر عليهالسلام».
بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال : يا على تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد ، سقوفها الذهب ، محبوكة (١) بالفضة ، لكل غرفة منها الف باب من ذهب ، على كل باب منها ملك موكل به وفيها فرش مرفوعة ، بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة ، حشوها المسك والعنبر والكافور ، وذلك قول الله : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) فاذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة ، والبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوما في الإكليل تحت التاج ، والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة ، منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر ، وذلك قوله : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) فاذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا ، فاذا استقرت بولي الله منازله في الجنة استاذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه ، فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه (٢) : مكانك فان ولى الله قد اتكى على أريكته وزوجته الحوراء العيناء قد ذهبت اليه فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله ، قال : فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفاؤها وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد قد صبغن بمسك وعنبر ، وعلى رأسها تاج الكرامة ، وفي رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ ، شراكهما ياقوت أحمر ، فاذا دنت من ولى الله وهم يقوم إليها شوقا تقول : يا ولى الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب ، ولا تقم انا لك وأنت لي فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله ، قال : فينظر إلى عنقها فاذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر ، وسطها لوح مكتوب : أنت يا ولى الله حبيبي وانا الحوراء حبيبتك ، إليك تتأهب نفسي وإلى تتأهب نفسك ، ثم يبعث الله الف ملك يهنونه بالجنة ، ويزوجونه الحوراء قال : فينتهون إلى أول باب من جنانه ، فيقولون للملك الموكل بأبواب الجنان : استأذن لنا على ولى الله فان الله بعثنا مهنين له ، فيقول الملك : حتى أقول للحاجب فيعلم مكانكم ، قال : فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه
__________________
(١) حبكه : شدة وأحكمه.
(٢) وصفاء جمع الوصيفة : الجارية.
وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهى إلى أول باب ، فيقول للحاجب : ان على باب العرصة الف ملك أرسلهم رب العالمين جاؤا يهنون ولى الله وقد سألوا ان يستأذن لهم فيقول الحاجب : انه ليعظم على ان استأذن لأحد على ولى الله وهو مع زوجته ، قال : وبين الحاجب وبين ولى الله جنتان ، فيدخل الحاجب على القيم فيقول له : ان على باب العرصة الف ملك أرسلهم رب العالمين يهنون ولى الله فأعلموه مكانهم قال : فيعلمونه الخدام مكانهم ، قال : فيؤذن لهم فيدخلون على ولى الله وهو في الغرفة ولها الف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به ، فاذا اذن للملائكة بالدخول على ولى الله فتح كل ملك بابه الذي وكل به ، فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغونه رسالة الجبار ، وذلك قول الله : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) يعنى من أبواب الغرفة (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) وذلك قوله : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) يعنى بذلك ولى الله وما هم فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم وان الملائكة من رسل الجبار ليستأذنون عليهم فلا يدخلون عليه الا بإذن فذلك الملك العظيم.
وفي روضة الكافي مثله سندا ومتنا الا ان في الروضة بعد قوله : «ولا تمله» فاذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها إلخ.
٣٧ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي سلام العبدي قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقلت له : ما تقول في رجل يؤخر العصر متعمدا؟ قال : يأتى يوم القيامة موترا اهله وماله قال : قلت : جعلت فداك وان كان من أهل الجنة؟ قال : وان كان من أهل الجنة قال : قلت : وما منزله في الجنة؟ قال : موترا اهله وما له يتضيف أهلها ليس له فيها منزل.
٣٨ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : قال ان رسول الله قال الموتر اهله وما له من ضيع صلوة العصر ، قلت : وما الموتور اهله وماله؟ قال : لا يكون له أهل ولا مال في الجنة.
٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) قال : نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
٤٠ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمهالله وروى ان النبي صلىاللهعليهوآله قرأ : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) فقال : ان النور إذا وقع في القلب انفسخ له وانشرح ، قالوا : يا رسول الله فهل لذلك علامة يعرف بها؟ قال : التجافي عن دار الغرور ، والانابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
٤١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال الصادق عليهالسلام : والقسوة والرقة من القلب وهو قوله : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
في مجمع البيان : (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الآية.
٤٢ ـ روى عن العباس بن عبد المطلب ان النبي صلىاللهعليهوآله قال : إذا قشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه (١) كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها.
٤٣ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) قال : اما الذي فيه شركاء متشاكسون فلان الذي (٢) يجمع المتفرقون ولايته ، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ، ويبرأ بعضهم من بعض ، فاما رجل سلم لرجل ، فانه الاول حقا وشيعته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٤٤ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهمالسلام انه قال : الأواني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم انا السلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله يقول الله عزوجل : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٤٥ ـ في مجمع البيان وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن على عليهالسلام انه قال : انا ذلك الرجل السلم لرسول الله صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) تحات الورق عن الشجر : تناثر.
(٢) كذا في النسخ لكن في المصدر «فلان الاول يجمع المتفرقون ... اه».
٤٦ ـ وروى العياشي باسناده عن أبي خالد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : الرجل المسلم للرجل حقا على وشيعته.
٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقال على بن إبراهيم رحمهالله : في قوله عزوجل : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ) فانه مثل ضربه الله عزوجل لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وشركاؤه الذين ظلموه وغصبوا حقه وقوله تعالى : «متشاكسون» اى متباغضون وقوله عزوجل : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، سلم لرسول اللهصلىاللهعليهوآله ثم عزى نبيه صلىاللهعليهوآله فقال جل ذكره : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ومن غصبه حقه.
٤٨ ـ في عيون الاخبار في باب [آخر في] ما جاء عن الرضا عليهالسلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لما نزلت هذه الآية (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) قلت : يا رب أتموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ).
٤٩ ـ وفي باب ما جاء عن الرضا عليهالسلام من اخبار هذه المجموعة وباسناده عن على بن أبي طالب عليهالسلام : لو راى العبد اجله وسرعته اليه لا بغض الأمل وترك طلب الدنيا.
٥٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد ومن كذب على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآله فادعى ما لم يكن له ، فقال جل ذكره : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) يعنى بما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآله من الحق ، وولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام فقال : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) يعنى أمير المؤمنين عليهالسلام (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١).
٥١ ـ في مجمع البيان : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) قيل : (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) محمد صلىاللهعليهوآله وصدق به على بن أبي طالب عليهالسلام ، وهو المروي عن أئمة الهدى من آل محمد عليهمالسلام.
__________________
(١) «في كتاب الرجعة لبعض المعاصرين حديث طويل عن أمير المؤمنين عليهالسلام والذي عنده علم الكتاب ولذي جاء بالصدق وصدق به انا والناس كلهم كافرون غيره وغيره منه رحمهالله».
٥٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) يعنى يقولون لك : يا محمد اعفنا من على ، ويخوفونك انهم يلحقون بالكفار.
قال عز من قائل : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ).
٥٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن إسماعيل السراج عن ابن مسكان عن ثابت بن سعيد قال : قال أبو عبد اللهعليهالسلام : يا ثابت ما لكم وللناس؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم فو الله لو ان أهل السماوات والأرضين اجتمعوا على ان يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على ان يهدوه ، ولو ان أهل السماوات وأهل الأرضين اجتمعوا على ان يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا ان يضلوه ، كفوا عن الناس ولا يقول أحد : عمى وأخي وابن عمى وجاري ، فان الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا الا عرفه ، ولا منكرا الا أنكره ، ثم يقذف في قلبه كلمة يجمع بها امره.
٥٤ ـ في إرشاد المفيد رحمهالله لما عرض على عبيد الله بن زياد لعنه الله على بن الحسينعليهماالسلام قال له : من أنت؟ فقال : انا على بن الحسين ، فقال : أليس قد قتل الله على بن الحسين؟ فقال له على عليهالسلام : قد كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس ، فقال ابن زياد لعنه الله : بل الله قتله ، فقال على بن الحسين عليهماالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) فغضب ابن زياد لعنه الله.
٥٥ ـ في تهذيب الأحكام احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يواقع اهله أينام على ذلك؟ قال : ان الله يتوفى الأنفس في منامها ، ولا يدرى ما يطرقه من البلية ، إذا فرغ فليغتسل.
٥٦ ـ في مجمع البيان روى العياشي بالإسناد عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ثابت عن أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما من أحد ينام الا عرجت نفسه إلى السماء ، وبقيت روحه في بدنه ، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس ، فان اذن الله
في قبض الأرواح أجابت الروح النفس ، وان اذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح ، وهو قوله سبحانه : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) الآية فمهما رأت في ملكوت السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ولا تأويل له.
٥٧ ـ في أصول الكافي حديث طويل عن أبي عبد الله عليهالسلام يقول فيه عليهالسلام : لا والله ما مات أبو الدوانيق الا ان يكون مات موت النوم ، يقول ذلك مخاطبا لمن أخبره انه مات.
٥٨ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا اوى أحدكم إلى فراشه فليقل : اللهم انى احتبست نفسي عندك فاحتبسها في محل رضوانك ومغفرتك ، فان رددتها إلى بدني فارددها مؤمنة عارفة بحق أوليائك حتى تتوفاها على ذلك.
٥٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه رفعه قال : تقول إذا أردت النوم : اللهم ان أمسكت بنفسي فارحمها وان أرسلتها فاحفظها.
٦٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي ـ جعفر عليهالسلام قال إذا قمت بالليل من منامك فقل : الحمد لله الذي رد على روحي لأحمده واعبده.
٦١ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عن أبي جعفر عليهماالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : والله ما من عبد من شيعتنا ينام الا اصعد الله روحه إلى السماء ، فيبارك عليها وان كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز من رحمته ، وفي رياض جنته ، وفي ظل عرشه ، وان كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٦٢ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليهالسلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : لا ينام المسلم وهو جنب ، لا ينام الا على طهور فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد ، فان روح المؤمن ترفع إلى الله تعالى فيقبلها ويبارك عليها ،
فان كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته ، وان لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردونها في جسده.
٦٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله إذا اوى أحدكم إلى فراشه فليمسحه بطرف إزاره فانه لا يدرى ما يحدث عليه ، ثم ليقل : اللهم انى أمسكت نفسي في منامي فاغفر لها ، وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
٦٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى داود بن القاسم الجعفري عن محمد بن على الثاني عليهالسلام قال : اقبل أمير المؤمنين عليهالسلام ذات يوم ومعه الحسن بن على وسلمان الفارسي وأمير المؤمنين عليهالسلام متك على يد سلمان رحمهالله ، فدخل المسجد الحرام فجلس ، إذ اقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليهالسلام فجلس ثم قال : يا أمير المؤمنين أسئلك عن ثلاث مسائل ان أخبرتني بهن علمت ان القوم ركبوا من أمرك ما اقضى عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وان تكن الاخرى علمت انك وهم شرع سواء ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : سلني عما بدا لك ، قال : أخبرني عن الرجل إذا نام اين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الولد كيف يشبه الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليهالسلام إلى أبي محمد الحسن بن على عليهماالسلام ، فقال : يا با محمد أجبه فقال : اما ما سألت عنه عن امر الإنسان إذا نام اين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فان اذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح ، وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها ، وان لم يأذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح ، وجذبت الريح الروح ، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٦٥ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن على عليهالسلام يقول فيه وقد سئله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) وقوله
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقوله : (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمر كيف يشاء ، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته ممن يشاء من خلقه ، ويوكل رسله من يشاء من خاصته ممن يشاء من خلقه ، يدبر الأمر كيف يشاء ، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم ان يفسره لكل الناس ، لان فيهم القوى والضعيف ، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله الا ان يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه ، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي المميت ، وانه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم.
٦٦ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال : حدثني أبو الخطاب في أحسن ما يكون حالا قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) قال : إذا ذكر الله وحده بطاعة من امر الله بطاعته من آل محمد (اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ، وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ) لم يأمر الله بطاعتهم (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ).
٦٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال : ان حديثكم هذا لتشمئز منه القلوب قلوب الرجال فمن أقر به فزيدوه ، ومن أنكره فذروه (١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٦٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله عزوجل : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) فانها نزلت في فلان وفلان وفلان.
٦٩ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده إلى محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام قال لا يعذر أحد يوم القيامة بان يقول يا رب لم اعلم ان ولد فاطمة الولاة وفي ولد فاطمة
__________________
(١) وفي نسخة «فردوه».
انزل الله هذه الآية خاصة : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١).
٧٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قال لأبي بصير : يا با محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) والله ما أراد بهذا غيركم ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٧١ ـ في نهج البلاغة عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار.
٧٢ ـ وفيه أيضا : الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، الحديث.
٧٣ ـ في مجمع البيان وعن أمير المؤمنين عليهالسلام انه قال : ما في القرآن آية أوسع من : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) الآية وقيل : ان هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة حين أراد ان يسلم وخاف ان لا يقبل توبته ، فلما نزلت الآية أسلم ، فقيل : يا رسول الله هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال صلىاللهعليهوآله : بل للمسلمين عامة.
٧٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن الهيثم بن واقد الجزري قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ان الله عزوجل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه ، فأوحى اليه ان قل لقومك ان رحمتي سبقت غضبى فلا تقنطوا من رحمتي ، فانه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٧٥ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن حماد عن بعض أصحابه رفعه قال: صعد أمير المؤمنين عليهالسلام بالكوفة المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : ايها الناس ان الذنوب ثلاثة ، ثم أمسك فقال له حبة العرني : يا أمير المؤمنين قلت : الذنوب ثلاثة
__________________
(١) «في تفسير على بن إبراهيم هو الولاة على الناس كافة وفي شيعة ولد فاطمة صلوات الله عليها انزل الله عزوجل هذه الاية إلخ. (منه ره)
ثم أمسكت؟ فقال : ما ذكرتها الا وانا أريد ان أفسرها ، ولكن عرض لي بهر (١) حال بيني وبين الكلام ، نعم الذنوب ثلاثة : فذنب مغفور ، وذنب غير مغفور ، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه ، قال : يا أمير المؤمنين فبينها لنا ، قال : نعم اما الذنوب المغفورة فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا ، فالله احكم وأكرم من ان يعاقب عبده مرتين ، واما الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض ، ان الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه (٢) اقسم قسما على نفسه فقال : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ولو مسحة بكف ولو نطحة ما بين القرناء إلى الجماء (٣) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد على أحد مظلمة ، ثم يبعثهم للحساب واما الذنب الثالث فذنب ستره الله على خلقه ورزقه التوبة منه ، فأصبح خائفا من ذنبه ، راجيا لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة ونخاف عليه العذاب.
٧٦ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : ان المؤمن ليهول عليه في نومه فيغفر له ذنوبه ، وانه ليمتهن (٤) في بدنه فيغفر له ذنوبه.
٧٧ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده إلى الحسين عليهالسلام قال : قيل لأمير المؤمنينعليهالسلام : صف لنا الموت ، فقال : على الخبير سقطتم ، هو أحد أمور ثلاثة يرد عليها ، اما بشارة بنعيم أبدا ، واما بشارة بعذاب أبدا ، واما تخويف وتهويل وامر مبهم لا يدرى من اى الفريقين هو؟ فأما ولينا المتبع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد ، واما عدونا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد ، واما المبهم امره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن
__________________
(١) البهر ـ بضم الباء ـ : تتابع النفس وانقطاعه من الإعياء ، وما يعترى الإنسان عند السعي الشديد والعدو من التهيج وتتابع النفس.
(٢) لعله كناية عن ظهور احكامه وثوابه وعقابه وحسابه.
(٣) نطحه : اصابه بقرنه. والجماء : الشاة التي لا قرن لها.
(٤) مهنه ـ كمنعه ـ : خدمه وضربه. وامتهنه : استعمله للمهنة. والمهين : الفقير الضعيف.
المسرف على نفسه ، لا يدرى ما يؤول اليه حاله ، يأتيه الخبر مبهما محزنا ، ثم لمن يسويه الله عزوجل بأعدائنا لكن يخرجه الله عزوجل من النار بشفاعتنا ، فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلموا ولا تستصغروا عقوبة الله عزوجل فان المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا الا بعد عذاب ثلاثمأة الف سنة.
٧٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن عباد بن زياد قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم ، وما يقبل الله الا منكم ، ولا يغفر الذنوب الا لكم.
٧٩ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمهالله نقلا عن تفسير الكلبي بعث وحشي وجماعة إلى النبي صلىاللهعليهوآله انه ما يمنعنا من دينك الا اننا سمعناك تقرء في كتابك ان من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزني يلق أثاما ويخلد في العذاب ونحن قد فعلنا هذا كله ، فبعث إليهم بقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) فقالوا : نخاف ان لا نعمل صالحا ، فبعث إليهم : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فقالوا : نخاف ان لا ندخل في المشية ، فبعث إليهم : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) فجاؤا وأسلموا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله لوحشى قاتل حمزة رضوان الله عليه: غيب وجهك عنى ، فانى لا أستطيع النظر إليك ، قال : فلحق بالشام فمات في الخمر (١) هكذا ذكر الكلبي.
٨٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم باسناده إلى أبي عبد الله عن أبيه عليهماالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ حاكيا عن الله جل جلاله ـ : يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء إلى قوله : وبسوء ظنك قنطت من رحمتي.
__________________
(١) قال الحموي : خمر (بفتح الخاء وتشديد الميم وفتحها) : شعب من اعراض المدينة «انتهى» وقال ابن حجر في الاصابة انه مات بحمص ولعله الصحيح. وفي بعض النسخ «فمات في الخبر» ـ وهو بفتح الخاء وتسكين الباء كما قاله ياقوت : موضع في طريق الحاج على ستة أميال من مسجد سعد بن أبى وقاص فيها بركة للخلفاء وعلى كل حال تخلو النسخ من التصحيف والظاهر ما ذكره في الاصابة.
٨١ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليهالسلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه نحن الخزان لدين الله ، ونحن مصابيح العلم ، إذا مضى منا علم بدا علم ، لا يضل من تبعنا ولا يهتدى من أنكرنا ، ولا ينجو من أعان علينا عدونا ولا يعان من أسلمنا ، فلا تتخلفوا عنا لطمع دنيا وحطام زايل عنكم ، وتزولون عنه ، فان من آثر الدنيا على الآخرة واختارها علينا عظمت حسرته غدا ، وذلك قول الله تعالى : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).
٨٢ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : انا الهادي وانا المهدي ، وانا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل ، وانا ملجأ كل ضعيف ، ومأمن كل خائف ، وانا قائد المؤمنين إلى الجنة ، وانا حبل الله المتين ، وانا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى ، وانا عين الله ولسانه الصادق ويده ، وانا جنب الله الذي يقول : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) وانا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة ، وانا باب حطته (١) من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه ، لأني وصى نبيه في أرضه ، وحجته على خلقه ، لا ينكر هذا الا راد على الله ورسوله.
٨٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة وباسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي جعفرعليهالسلام قال : سمعته يقول : نحن جنب الله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٨٤ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن احمد بن أبي نصر عن حسان الجمال قال : حدثني هاشم بن أبي عمار الخيبى قال : سمعت أمير ـ المؤمنينعليهالسلام يقول : انا عين الله ، وانا يد الله ، وانا جنب الله ، وانا باب الله.
٨٥ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع
__________________
(١) تفسير لقوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) في صورة البقرة الاية ٥٨ وقد مر الحديث وغيره مما ورد في تفسير الاية في المجلد الاول صفحة ٦٩ ـ ٧٠.
عن عمه حمزة بن بزيع عن على بن سويد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام في قول الله عزوجل : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) قال : جنب الله أمير المؤمنينعليهالسلام ، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى ان ينتهى الأمر إلى آخرهم.
٨٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال الصادق عليهالسلام : نحن جنب الله.
٨٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمهالله عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل وفيه وقد زاد جل ذكره في البيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه عليهمالسلام : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) تعريفا للخليفة قربهم ، الا ترى انك تقول فلان إلى جنب فلان إذا أردت ان تصف قربه منه انما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وأنبيائه وحججه في أرضه ، لعلمه ما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه منه ، وتلبيسهم ذلك على الامة ليعينوا على باطلهم. فأثبت فيه الرموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه.
٨٨ ـ في مجمع البيان وروى العياشي بالإسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام انه قال : نحن جنب الله.
٨٩ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو ذر في خبر عن النبي صلىاللهعليهوآله يا أبا ذر يؤتى بجاحد على يوم القيامة أعمى ابكم يتكبكب (١) في ظلمات يوم القيامة ينادى يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وفي عنقه طوق من النار.
٩٠ ـ الصادق والباقر والسجاد عليهمالسلام في هذه الآية قال : جنب الله على وهو حجة الله على الخلق يوم القيامة.
٩١ ـ الرضا عليهالسلام (فِي جَنْبِ اللهِ) قال : في ولاية على.
٩٢ ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : انا صراط الله انا جنب الله.
٩٣ ـ العياشي باسناده إلى أبي الجارود عن الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (ما فَرَّطْتُ
__________________
(١) تكبكب في ثيابه : تزمل.
فِي جَنْبِ اللهِ) قال : نحن جنب الله.
٩٤ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن محمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن يزيد الصائغ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : يا يزيد ان أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه ، وهو قول الله عزوجل : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ).
٩٥ ـ في بصائر الدرجات احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن القاسم ابن يزيد عن مالك الجهني قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : انا شجرة من جنب الله ، فمن وصلنا وصله الله ، قال : ثم تلا هذه الآية : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).
٩٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) الآية فرد الله عزوجل عليهم فقال : (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها) يعنى بالآيات الائمة صلوات الله عليهم (وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) يعنى بالله وقوله عزوجل (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)
فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي المغرا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من ادعى انه امام وليس بإمام ، قلت : وان كان علويا فاطميا؟ قال : وان كان علويا فاطميا.
٩٧ ـ قوله عزوجل : أليس (فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) قال : فانه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ان في جهنم لواد للمتكبرين يقال له سقر ، شكى إلى الله عزوجل شدة حره وسأله ان يتنفس فاذن له ، فتنفس فأحرق جهنم.
٩٨ ـ في كتاب اعتقادات الامامية للصدوق رحمهالله وسئل الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) قال : من زعم انه امام وليس بإمام ، قيل : وان كان علويا فاطميا؟ قال : وان كان علويا فاطميا.
٩٩ ـ في كتاب ثواب الأعمال أبي رحمهالله قال : حدثني سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن معاوية بن وهب عن أبي سلام عن سورة بن كليب عن
أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت قول الله عزوجل : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) قال : من زعم انه امام وليس بإمام ، قلت : وان كان علويا فاطميا قال : وان كان علويا فاطميا.
١٠٠ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليهالسلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهمالسلام باسناده إلى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام ، فقال له المأمون : يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله إلى ان قال : فأخبرنى عن قول الله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) قال الرضا عليهالسلام : هذا مما نزل بإياك اعنى واسمعي يا جاره (١) خاطب الله تعالى بذلك نبيه صلىاللهعليهوآله وأراد به أمته ، وكذلك قوله عزوجل : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقوله تعالى (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) قال : صدقت يا بن رسول الله.
١٠١ ـ وفيه أيضا في باب ما جاء عن الرضا عليهالسلام من اخبار هذه المجموعة وباسناده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ان الله تعالى يحاسب كل خلق الا من أشرك بالله ، فانه لا يحاسب ويؤمر به إلى النار.
١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب صحيح الدارقطني ان رسول الله صلىاللهعليهوآله امر بقطع لص فقال اللص : يا رسول الله قدمته في الإسلام وتأمره بالقطع؟ فقال : لو كانت ابنتي فاطمة ، فسمعت فاطمة فحزنت ، فنزل جبرئيل بقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) فحزن رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزل : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فتعجب النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك ، فنزل جبرئيل وقال : كانت فاطمة حزنت من قولك ، فهذه الآيات لموافقتها لترضى.
١٠٣ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحكم بن بهلول عن رجل عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ
__________________
(١) هذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام وبريد به شيئا غيره وقيل ان أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري في قصة ذكره الميداني في مجمع الأمثال ج ١ صفحة ٥٠ فراجع ان شئت.
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) يعنى ان أشركت في الولاية غيره بل الله فاعبدو كن من الشاكرين يعنى بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين ان عضدتك بأخيك وابن عمك.
١٠٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم خاطب الله عزوجل نبيه فقال : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) فهذه مخاطبة للنبي صلىاللهعليهوآله والمعنى لامته ، وهو ما قال الصادق صلوات الله عليه : ان الله عزوجل بعث نبيه بإياك اعنى واسمعي يا جاره ، والدليل على ذلك قوله عزوجل : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وقد علم الله ان نبيه صلىاللهعليهوآله يعبده ويشكره ، ولكن استعبد نبيه بالدعاء اليه تأديبا لامته.
١٠٥ ـ حدثنا جعفر بن احمد عن عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله لنبيه : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) قال : تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية على صلوات الله عليه من بعدك (لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقال على بن إبراهيم في قوله عزوجل : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) قال : نزلت في الخوارج.
١٠٦ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليهالسلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : من خاف منكم الغرق فليقرأ (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) بسم الله الملك القوى (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
١٠٧ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعلى بن أبي طالب عليهالسلام وفيها يقول عليهالسلام الذي لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته ذي الأقطار والنواحي المختلفة في طبقاته ، وكان عزوجل الموجود بنفسه لا بأداته (١) انتفي ان يكون قدروه حق قدره ، فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد ، وارتفاعا عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)
__________________
(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «لا عباداته» مكان «لا بأداته».
ـ والسموات (مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فما دلك القرآن عليه من صفته فاتبعه لتوصل بينك وبين معرفته وائتم به واستضئ بنور هدايته ، فانها نعمة وحكمة أوتيتها ، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما دلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى اثره ، فكل علمه إلى الله عزوجل فان ذلك منتهى حق الله عليك.
١٠٨ ـ حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني رضى الله عنه قال : حدثنا على بن محمد المعروف بعلان الكليني رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال : سألت أبا الحسن على بن محمد العسكري عليهالسلام عن قول الله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فقال ذلك تعيير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه ، الا ترى انه قال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ومعناه إذ قالوا [ان (الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) كما قال عزوجل : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) لو (قالُوا]) (١) (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) ثم نزه عزوجل نفسه عن القبضة واليمين فقال : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢).
__________________
(١) ما بين العلامتين انما هو في نسخة البحار فقط دون المصدر وساير ما عندي من نسخ الكتاب.
(٢) وقال الطبرسي (ره) في مجمع البيان اى يطويها بقدرته كما يطوى أحد منا الشيء المقدور له طيه بيمينه وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك كما قال : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) اى ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال وساير الجسد. انتهى» وقال الرضى (ره) في تلخيص البيان وهاتان استعارتان ومعنى «قبضته» هاهنا اى ملك خالص قد ارتفعت عنه أيدي المالكين من بريته والمتصرفين فيه من خليقته ومعنى قوله (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) اى مجموعات في ملكه ومضمونات بقدرته واليمين هاهنا بمعنى الملك يقول القائل : هذا ملك يميني وليس يريد اليمين التي هي الجارحة وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين فيجوز على هذا التأويل ان يكون معنى قوله (مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) اى يجمع أقطارها ويطوى انتشارها بقوته كما قال سبحانه (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ).
قال المجلسي (ره) بعد نقل الحديث ما لفظه : هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون ،
١١٠ ـ حدثنا احمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضى الله عنه قال : حدثنا احمد ابن يحيى بن زكريا القطان قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدثنا تميم ابن بهلول عن أبيه عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فقال : يعنى ملكه ، لا يملكها معه أحد ، والقبض من الله تعالى في موضع آخر المنع والبسط منه الإعطاء والتوسع ، كما قال عزوجل : «والله يقبض ويبسط واليه ترجعون» يعنى يعطى ويوسع ويمنع ويضيق ، والقبض منه عزوجل في وجه آخر الأخذ ، والأخذ في وجه القبول منه ، كما قال : «يأخذ الصدقات» اى يقبلها من أهلها ويثيب عليها ، قلت : فقوله عزوجل : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)؟ قال : اليمين اليد واليد القدرة والقوة يقول عزوجل : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) اى بقدرته وقوته (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
١١١ ـ وباسناده إلى الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول ان الله عزوجل لا يوصف.
١١٢ ـ قال : وقال زرارة : قال أبو جعفر عليهالسلام : ان الله لا يوصف ، وكيف يوصف وقد قال في كتابه : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) فلا يوصف بقدر الا كان أعظم من ذلك.
١١٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليهالسلام انه قال : والذي بعث محمدا صلىاللهعليهوآله بالحق ، وأكرم أهل بيته ما من شيء يطلبونه من حرز من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبه أو ضالة أو آبق الا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق والغرق فقال : اقرء هذه الآيات (اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) إلى قوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فمن
__________________
قوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) متصل بقوله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) فيكون على تأويله عليهالسلام القول مقدرا اى ما عظموا الله حق تعظيمه وقد قالوا : ان الأرض جميعا.