وقال ابن بشكوال : إن ابن عبد البرّ روى عنه حديثا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكره أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة وقال : روي عنه حديث واحد ، وأرجو أن يكون صحيحا ، وذكره ابن قانع في معجم الصحابة له ، وذكره البخاري في تاريخه الكبير إذ قال : أبو المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد حدّث بإفريقية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «من قال رضيت بالله ربّا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمّد صلى الله عليه وسلم نبيّا ، فأنا الزعيم (١) لآخذنّ بيده فأدخله الجنّة» كذا ذكره البخاري بالكنية ، وهذا الحديث هو الذي رووه عنه لا يعرف له غيره ، وذكره أبو جعفر أحمد بن رشد في كتاب «مسند الصحابة» له ، فقال : المنيذر اليماني إمّا من مذحج أو غيرها ، وذكر الحديث سواء ، وقد أشرنا فيما سبق إلى المنيذر هذا.
٢ ـ ومن التابعين الداخلين الأندلس أميرها موسى بن نصير ، وقد سبق من الكلام عليه ما فيه كفاية.
٣ ـ ومن التابعين الداخلين الأندلس حنش الصنعاني.
وفي كتاب ابن بشكوال قال ابن وضاح : حنش لقب له ، واسمه حسين بن عبد الله ، وكنيته أبو علي ، ويقال : أبو رشدين ، قال ابن بشكوال : وهو من صنعاء الشام. وذكره أبو سعيد بن يونس في تاريخ أهل مصر وإفريقية والأندلس ، فقال : إنه كان مع علي بن أبي طالب ، رضي الله تعالى عنه ، وغزا المغرب مع رفيقه رويفع بن ثابت ، وغزا الأندلس مع موسى بن نصير ، وكان فيمن ثار مع ابن الزبير على عبد الملك بن مروان ، فأتى به عبد الملك في وثاق فعفا عنه ، وكان أوّل من ولي عشور إفريقية في الإسلام ، وتوفي بإفريقية سنة مائة.
وذكر ابن يونس عن حنش أنه كان إذا فرغ من عشائه وحوائجه وأراد الصلاة من الليل أوقد المصباح ، وقرّب المصحف وإناء فيه ماء ، فإذا وجد النّعاس استنشق الماء ، وإذا تعايا في آية نظر في المصحف (٢) ، وإذا جاء سائل يستطعم لم يزل يصيح بأهله «أطعموا السائل» حتى يطعم.
قال ابن حبيب : دخل الأندلس من التابعين حنش بن عبد الله الصنعاني ، وهو الذي أشرف على قرطبة من الفجّ (٣) المسمّى بفج المائدة ، وأذّن ، وذلك في غير وقت الأذان ، فقال
__________________
(١) الزعيم : الكفيل.
(٢) تعايا : تعايا بالأمر : لم يضبطه ، ولم يحكمه. وتعايا عليه الأمر : أعجزه.
(٣) الفج : الطريق الواسع الواضح بين جبلين جمعه : فجاج.