قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٣ ]

135/410
*

مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ، وتوفي في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة بلورقة ، قصد ميورقة يتولى قضاءها فصدّ عن دخولها وصرف منها إلى لورقة اعتداء عليه ، رحمه الله تعالى! انتهى.

وقال الفتح في حقه ما نصه : فتى العمر كله العلاء ، حديث السن قديم السناء ، لبس الجلالة بردا ضافيا ، وورد ماء الأصالة صافيا ، وأوضح للفضل رسما عافيا ، وثنى في ذهنه للأغراض فننا قصدا ، وجعل فهمه شهابا رصدا ، سما إلى رتب الكهول صغيرا ، وسنّ كتيبة ذهنه على العلوم مغيرا ، فسباها معنى وفصلا ، وحواها فرعا وأصلا ، وله أدب يسيل رضراضا (١) ، ويستحيل ألفاظا مبتدعة وأغراضا.

وقال أيضا فيه : نبعة دوح العلاء ، ومحرز ملابس الثناء ، فذّ الجلالة ، وواحد العصر والأصالة ، وقار كما رسا الهضب ، وأدب كما اطّرد السّلسل العذب ، وشيم تتضاءل لها قطع الرياض ، وتبادر الظن به إلى شريف الأغراض ، سابق الأمجاد فاستولى على الأمد بعباه (٢) ، ولم ينض ثوب شبابه (٣) ، أدمن التعب في السؤدد جاهدا ، فتى تناول الكواكب قاعدا ، وما اتكل على أوائله ، ولا سكن إلى راحات بكره وأصائله ، أثره في كل معرفة علم في رأسه نار ، وطوالعه في آفاقها صبح أو منار ، وقد أثبتّ من نظمه المستبدع ما ينفح عبيرا ، ويتضح منيرا ، فمن ذلك قوله من قصيدة : [بحر البسيط]

وليلة جبت فيها الجزع مرتديا

بالسيف أسحب أذيالا من الظلم

والنجم حيران في بحر الدجى غرق

والبرق في طيلسان الليل كالعلم

كأنما الليل زنجيّ بكاهله

جرح فيثعب أحيانا له بدم (٤)

انتهى المقصود منه.

وهو ـ أعني أبا بكر ـ أحد مشايخ عياض ، حسبما ألمعت به في «أزهار الرياض».

٢١٢ ـ ومنهم شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ بن أحمد بن محمد ، الإمام ، الحافظ ، الزاهد ، بقية السلف ، اللّخمي ، الإشبيليّ ، الشافعي (٥) ، أسره الإفرنج

__________________

(١) الرضراض : في الأصل الحصا الدقيق في مجاري الماء ، وهنا الصافي الرائق.

(٢) في ب : «بعبابه».

(٣) نضا الثوب : خلعه.

(٤) يثعب : يجري ويسيل الدم.

(٥) انظر ترجمته في شذرات الذهب ج ٥ ص ٤٤٣. وقد توفي سنة ٦٩٩ ه‍.