قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

تحمیل

علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع

39/399
*

بلاغة (١) المتكلم

هي ملكة يقتدر بها على التصرف في فنون الكلام وأغراضه المختلفة ، ببديع القول وساحر البيان ، ليبلغ من المخاطب غاية ما يريد ، ويقع لديه الكلام موقع الماء من ذي الغلة الصادي ، وتلك الملكة لا يصل اليها إلا من أحاط بأساليب العرب خبرا ، وعرف سنن تخاطبهم في منافراتهم ومفاخراتهم ومديحهم وهجوهم واعتذارهم وشكرهم ، ليلبس لكل حال لبوسها ، ويراعي الخصائص والمقتضيات التي تناسبها.

انظر الى النبي عليه‌السلام تجده راعى حال من يخاطبه ، فكتب الى أهل فارس بما يسهل ترجمته ، فقال : «من محمد رسول الله الى كسرى أبرويز عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، فأدعوك بداعية الإسلام فإني أنا رسول الله الى الخلق كافة ، لينذر من كان حيا ويحق للقول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإثم المجوس عليك».

وكتب بضدها الى وائل بن حجر الحضرمي وقومه ففخم لهم اللفظ لما عرف من فضل قوتهم على فهمه ، وعادتهم سماع مثله فقال : «من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، على النيعة الشاة ، والتيمة لصاحبها ، وفي السيوب الخمس ، لا خلاط ولا وراط ، لا شناق ولا شغار ، ومن أجبى فقد أربى ، وكل مسكر حرام» (٢).

__________________

(١) قال صاحب الصناعتين : وصف المتكلم بالبلاغة من قبل التوسع ، والمجاز ، وحقيقته بليغ الكلام كما تقول رجل محكم وتعني إحكام أفعاله كما قال تعالى : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) فوصف الحكمة بالبلاغة ولم يصف بها الحكيم.

(٢) الأقيال واحدة قيل بفتح القاف وهو الملك ، والعباهلة الذين أقروا على ملكهم ، والنيعة الأربعون من الغنم ، والنيمة الزائدة على الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى ، والسيوب المغادن ، ولا خلاط أي لا يخلط رجل إبله بابل غيره أو بقره ليمنع الصدقة ، والوراط الخديعة والغش ، والشباق ما بين الفريضتين حتى تنم ، والشغار أن يزوج كل واحد صاحبه امرأة على أن يزوجه أخرى بلا مهر ، والاجباء بيع الزرع قبل أن يعدو صلاحه.