دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: ٣٠٧

لكن قد أخرجه فلان وفلان .. من الأئمّة الكبار .. من أهل السنّة ..

وله أسانيد كثيرة ، رجالها ثقات ، بتوثيق من فلان وفلان ... من علماء الجرح والتعديل ، من أهل السنّة (١) ..

فجعلوا يتشبّثون ـ في ردّ هذا الحديث الصحيح سندا ، والصريح في أفضلية عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ باحتمالات باردة ، وبتعلّلات سخيفة ..

لعلّ الدعاء كان لكراهة الأكل وحده!

ولعلّ عليّا كان الأحبّ إلى الله والرسول في الأكل فقط!

ولعلّ المراد من

قوله : « اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق ... »

هو : اللهمّ ائتني بمن هو من أحبّ الخلق ..!

وهكذا ...

وأخيرا :

لعلّ أبا بكر وعمر لم يكونا حاضرين حينذاك في المدينة المنوّرة!!

موقف الشيعة من هجوم الخصوم :

وكتب الشيعة الإمامية الاثني عشرية في أصول الدين ، وفي الإمامة منها بالخصوص ، يمكن تقسيمها إلى قسمين :

__________________

(١) انظر مثلا : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢١ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٠٧ ح ٨٣٩٨ ، مسند أبي يعلى ٧ / ١٠٥ ح ١٢٩٧ ، المعجم الكبير ١ / ٢٥٣ ح ٧٣٠ ، المعجم الأوسط ٦ / ٤١٨ ح ٦٥٦١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٢ ح ١٣٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٦.

٤١

الأوّل : ما ألّفه علماء هذه الطائفة لبيان أدلّتها على ما ذهبت إليه في أصول الدين وفي خصوص الإمامة ، وهي كتب ألّفوها لبيان عقائد الشيعة ، مع الإشارة إلى أدلّتها ، وفيها جاءت العقائد الشيعية مع المقارنة أحيانا بغيرها من عقائد الفرق ؛ ومن هذا القسم:

أوائل المقالات : للشيخ المفيد البغدادي.

والذخيرة في علم الكلام : للسيّد المرتضى الموسوي البغدادي.

والاقتصاد الهادي إلى الرشاد : للشيخ أبي جعفر الطوسي.

وتجريد الاعتقاد : للشيخ نصير الدين الطوسي.

وكتب العلّامة الحلّي ، ككتاب « نهج الحقّ وكشف الصدق » الذي سنتكلّم عليه بالتفصيل.

الثاني : ما ألّفه العلماء في « ردّ » أو « نقض » ما كتبه الخصوم ضدّ المذهب الإمامي.

والظاهر أنّ كتبهم من هذا القسم أكثر عددا منها من القسم الأوّل ، وذلك لأنّ خصومهم قد دأبوا منذ عهد بعيد على الهجوم عليهم بالسبّ والشتم ، وعلى المكابرة وإنكار الحقائق ...

فمن السهل أن يقول القائل منهم في حديث : « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك » (١) : « كذب

__________________

(١) انظر مثلا : المعارف ـ لابن قتيبة ـ : ١٤٦ ضمن ترجمة أبي ذرّ الغفاري ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٣ / ٤٥ ح ٢٦٣٦ ـ ٢٦٣٨ ، المعجم الأوسط ٦ / ١٤٧ ح ٥٨٧٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٣ ح ٤٧٢٠ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٧٨ ح ٦١٨٣ عن أحمد بن حنبل ، الصواعق المحرقة : ٢٣٤ عن مسلم.

٤٢

موضوع »! (١) ..

أو أنّ الحديث : « خلقت أنا وعليّ من نور واحد » (٢) : « موضوع بإجماع أهل السنّة » (٣) ..

أو أنّ الحديث : « اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك ... » (٤) : « لم يروه أحد من أصحاب الصحاح ، ولا صحّحه أئمّة الحديث » (٥).

وكذا من السهل أن يقول القائل منهم مثلا في حديث الغدير (٦) : « لم يقل أحد من أئمّة العربية بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) » (٧) ..

وفي حديث الثقلين : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٨) : أنّه قال :

__________________

(١) قال الذهبي بترجمة مفضّل بن صالح من ميزان الاعتدال ٦ / ٤٩٩ رقم ٨٧٣٤ : « حديث سفينة نوح أنكر وأنكر »!

(٢) انظر : فضائل الصحابة ـ لابن حنبل ـ ٢ / ٨٢٣ ح ١١٣٠ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٥ ح ١٦٩ و ١٧٠ ، فردوس الأخبار ٢ / ١٧٨ ح ٤٨٨٤ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٦٧.

(٣) انظر : التحفة الاثنا عشرية : ٢١٥ ـ ٢١٦.

(٤) مرّ تخريجه في صفحة ٤١ ه‍ ـ ٤.

(٥) انظر : منهاج السنّة ٧ / ٣٧١.

(٦) راجع تخريجه في صفحة ٣٨ ه‍ ـ ٢.

(٧) انظر : ه‍ ـ ٣ صفحة ٣٩.

(٨) انظر مثلا : سنن الترمذي ٥ / ٦٢١ ـ ٦٢٢ ح ٣٧٨٦ و ٣٧٨٨ ، مسند أحمد ٣ / ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ ، سنن الدارمي ٢ / ٢٩٢ ح ٣٣١١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١١٨ ح ٤٥٧٦ و ٤٥٧٧ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٣.

٤٣

« ... كتاب الله وسنّتي » (١) ..

وفي حديث سدّ الأبواب : « أمرت بسدّ الأبواب إلّا باب عليّ » (٢) : « إنّ هذه الفضيلة كانت لأبي بكر فقلبته الرافضة إلى عليّ »! (٣) ..

وفي حديث المنزلة : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى » (٤) : « إنّه لا يدلّ على عموم المنزلة » (٥) ...

إنّ كلّ واحد من هذه الأقاويل سطر واحد أو سطران ، لكن الجواب عنه يستدعي الكثير من البحث ، وربّما يشكّل كتابا برأسه ، كما هو واضح.

فمن هنا نرى كثرة كتب الردّ والنقض في مؤلفات الإمامية ، فهم ـ في الأغلب ـ في مقام الدفاع عن مباني المذهب ، وأسس الدين ، وربّما لا نجد كتابا لأحدهم وضعه للهجوم على الخصوم.

__________________

(١) الموطّأ : ٧٨٥ ح ٣ ، سنن الدارقطني ٤ / ١٣٦ ح ٤٥٥٩.

(٢) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٩ ح ٣٧٣٢ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١١٣ ح ٨٤٠٩ وص ١١٨ ح ٨٤٢٣ و ٨٤٢٥ ، مسند أحمد ١ / ١٧٥ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٦١ ح ٧٠٣ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٤٦ ح ٢٠٣١ وج ١٢ / ٧٨ ح ١٢٥٩٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ وص ١٤٤ ذ ح ٤٦٥٢.

(٣) انظر : الموضوعات ـ لابن الجوزي ـ ١ / ٣٦٦ ، تذكرة الموضوعات ـ للفتني ـ : ٩٥.

(٤) انظر مثلا : صحيح البخاري ٥ / ٨٩ ح ٢٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٩ ح ٣٧٣١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ح ١١٥ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٤ ح ٨١٣٨ ـ ٨١٤٣ ، مسند أحمد ١ / ١٧٠ و ١٧٧ ، مسند البزّار ٣ / ٢٧٨ ح ١٠٦٨.

(٥) انظر مؤدّاه في الإرشاد ـ للجويني ـ : ٣٥٥.

٤٤

* فلقد ألّف الجاحظ ـ المتوفّى سنة ٢٥٥ ـ كتاب العثمانية للهجوم على الشيعة ، وقد شحنه بالكذب وإنكار الضروريات وجحد البديهيات ، وحتّى شجاعة أمير المؤمنين ـ عليه الصلاة والسلام ـ حاول إنكارها (١) ـ كما قال المسعودي ـ : « طلبا لإماتة الحقّ ومضادّة لأهله ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون » (٢).

لكنّه عاد فنقض ما كتبه ، فكان أوّل من ردّ على العثمانية (٣).

ثمّ ردّ عليها جماعة من الإمامية وغيرهم بردود اشتهرت ب‍ « نقض العثمانية » ، منهم : أبو جعفر الإسكافي المعتزلي ـ المتوفّى سنة ٢٤٠ ـ ، والمسعودي صاحب مروج الذهب ـ المتوفّي سنة ٣٤٦ ـ ، والسيّد جمال الدين ابن طاووس الحلّي ـ المتوفّى سنة ٦٧٣ ـ في بناء المقالة الفاطمية ، وهو مطبوع.

* وألّف القاضي عبد الجبّار بن أحمد المعتزلي ـ المتوفّى سنة ٤١٥ ـ كتاب المغني ، وتعرّض فيه لعقائد الإمامية بالردّ والنقد ، وخصوصا في باب الإمامة ، إذ كان ـ كما جاء في خطبة كتاب الشافي ـ « قد بلغ النهاية في جمع الشبه ، وأورد قوي ما اعتمده شيوخه ، مع زيادات يسيرة سبق إليها ، وتهذيب مواضع تفرّد بها » (٤).

فكتب السيّد المرتضى ـ المتوفّى سنة ٤٣٦ ـ في الردّ عليه كتاب الشافي في الإمامة ، ثمّ لخّصه تلميذه الشيخ أبو جعفر الطوسي ـ المتوفّى

__________________

(١) راجع : العثمانية : ٤٥ ـ ٥٠.

(٢) مروج الذهب ٣ / ٢٣٧.

(٣) الفهرست ـ للنديم ـ : ٢٩٤.

(٤) الشافي في الإمامة ١ / ٣٣.

٤٥

سنة ٤٦٠ ـ واشتهر كتابه ب‍ : تلخيص الشافي.

* ثمّ كتب شهاب الدين الشافعي الحنفي الرازي ـ من بني مشّاط ـ كتابا سمّاه بعض فضائح الروافض ، هاجم فيه الشيعة وتحامل عليهم.

فردّ عليه معاصره الشيخ نصير الدين عبد الجليل بن أبي الحسين القزويني (١) بكتاب بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ، وهو مطبوع.

* ثمّ ظهر أحمد بن عبد الحليم الحرّاني ، ابن تيميّة ، فألّف كتاب منهاج السنّة ، زعم أنّه ردّ على كتاب منهاج الكرامة للعلّامة الحلّي ، لكنّه ـ من أوّله إلى آخره ـ مجموعة سباب وافتراءات وما هو ـ في مجمله ـ إلّا بغض لأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين عليهم الصلاة والسلام.

فكتب بعض معاصريه ردّا عليه ، هو كتاب الإنصاف والانتصاف لأهل الحقّ من أهل الإسراف ، تمّ تأليفه سنة ٧٥٧.

وكتب في الردّ عليه أيضا : السيّد مهدي القزويني ـ المتوفّى سنة ١٣٤٨ ـ كتاب منهاج الشريعة.

ولهذا العبد العاجز ـ صاحب المقدّمة ـ كتاب دراسات في منهاج السنّة ، وهو كتاب جليل مطبوع منتشر في البلاد.

كما جاء الردّ على منهاج السنّة في شرح منهاج الكرامة لهذا العبد ، والجزء الأوّل منه مطبوع الآن.

* وألّف يوسف الأعور الواسطي الشافعي كتاب الرسالة المعارضة في الردّ على الرافضة.

__________________

(١) كان حيّا سنة ٥٥٦ ؛ انظر : معجم المؤلّفين ٢ / ٤٩ رقم ٦٥٥٨.

٤٦

فردّ عليه : الشيخ عزّ الدين الحسن بن شمس الدين المهلّبي الحلّي ، في سنة ٨٤٠ بكتاب الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية ، قال : « التزمت فيه على أن لا استدلّ من المنقول عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا بما ثبت من طريق الخصم ، ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه » (١).

كما ردّ عليه أيضا : الشيخ نجم الدين خضر بن محمّد الحبلرودي الرازي بكتاب التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور ، وذلك في سنة ٨٣٩ في مدينة الحلّة بالعراق.

* وألّف ابن حجر الهيتمي المكّي ـ المتوفّى سنة ٩٧٤ ـ كتاب الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة ، قال في خطبته : « فإنّي سئلت قديما في تأليف كتاب يبيّن حقّية خلافة الصدّيق وإمارة ابن الخطّاب ، فأجبت إلى ذلك مسارعة في خدمة هذا الجناب ، فجاء بحمد الله أنموذجا لطيفا ، ومنهاجا شريفا ، ومسلكا منيفا.

ثمّ سئلت في إقرائه في رمضان سنة ٩٥٠ بالمسجد الحرام ، لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكّة المشرّفة أشرف بلاد الإسلام ، فأجبت إلى ذلك ، رجاء لهداية بعض من زلّ به قدمه عن أوضح المسالك ... » (٢).

فردّ عليه القاضي نور الله التستري ـ الشهيد في الديار الهندية سنة ١٠١٩ ـ بكتاب الصوارم المهرقة في الردّ على الصواعق المحرقة ، وقد طبع

__________________

(١) انظر : الذريعة ٢ / ٤١٩ رقم ١٦٥٧.

(٢) الصواعق المحرقة : ٩.

٤٧

غير مرّة.

* وكتب من يدعى محمّد نصر الله الكابلي ـ وهو نكرة لم يعرف ، ولعلّه اسم مستعار ـ كتاب الصواقع الموبقة.

* ثمّ جاء المولوي عبد العزيز الدهلوي ـ المتوفّى سنة ١٢٣٩ ـ فأخذ مطالبه وانتحلها في كتابه تحفه اثنا عشريه بالفارسية .. وهو كتاب في التهجّم على الشيعة الاثني عشرية ، في الأصول والفقهيات وغير ذلك ...

* ثمّ إنّ النعمان الآلوسي البغدادي نشره بالعربية ملخّصا باسم مختصر التحفة الاثنا عشرية ، فزاد عليه في الهوامش بعض أتباع بني أميّة وأعداء الدين الحنيف ما سوّلت له نفسه الخبيثة من الأكاذيب والأراجيف ، وطبعته الأيدي الأثيمة من أذناب الكفر العالمي مرّات عديدة.

فكتبت على التحفة الردود الكثيرة من قبل كبار علماء الشيعة في البلاد الهندية ، في الأبواب المختلفة ، وفنّدوا مزاعمه ، وكشفوا أباطيله ، وزيّفوا تمويهاته ، جملة وتفصيلا ، وقد تناول السيّد مير حامد حسين النيسابوري اللكهنوي ـ المتوفّى سنة ١٣٠٦ ـ باب الإمامة منه بالردّ والنقد ، في كتابه العظيم عبقات الأنوار في إثبات إمامة الأئمّة الأطهار.

كما كتبت على مختصر التحفة ردود أخرى كذلك.

ومن شاء التفصيل عنه وعن سائر الردود على كتاب التحفة فليرجع إلى كتابنا دراسات في كتاب العبقات (١).

__________________

(١) طبع مستقلّا وفي مقدّمة الجزء الأوّل من « نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ».

٤٨

وهكذا ، توالت كتب التهجّم على الشيعة حتّى زماننا هذا ، بل كثرت فيه وتضاعفت ، وما زالوا يكرّرون الشتائم والأكاذيب والتهم والأباطيل ، التي تفوّه بها السابقون منهم ، وردّ عليها الردّ الجميل من علماء الإمامية.

وما زال علماء الطائفة في موقف الدفاع عن المذهب وصدّ الهجمات الواردة من مختلف البلاد.

* * *

٤٩

نهج الحقّ وكشف الصدق

للعلّامة الحلّي

وكتاب نهج الحقّ وكشف الصدق أحد كتب العلّامة الحلّي رحمه‌الله في الأصولين والفقه ، مع المقارنة بآراء المخالفين في مسائل العلوم الثلاثة ، وهو من خيرة الكتب المقارنة بين المذاهب الإسلامية.

قال رحمه‌الله في المقدّمة : « وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم ب‍ نهج الحقّ وكشف الصدق طالبين فيه الاختصار وترك الإكثار ، بل اقتصرنا فيه على مسائل ظاهرة معدودة ، ومطالب واضحة محدودة ، وأوضحت فيه لطائفة المقلّدين من طوائف المخالفين إنكار رؤسائهم ومقلّديهم القضايا البديهية ، والمكابرة في المشاهدات الحسّيّة ، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية ، وارتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل ورويّة ، لعلمي بأنّ المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلّده تبرّأ منه وحاد عنه ، وعرف أنّه ارتكب الخطأ والزلل ، وخالف الحقّ في القول والعمل.

فإن اعتمدوا الإنصاف ، وتركوا المعاندة والخلاف ، وراجعوا أذهانهم الصحيحة ، وما تقتضيه جودة القريحة ، ورفضوا تقليد الآباء ، والاعتماد على أقوال الرؤساء ، الّذين طلبوا اللذّة العاجلة ، وأهملوا أهوال الآجلة ، حازوا القسط والدنوّ من الإخلاص ، وحصلوا النصيب الأسنى من النجاة والخلاص ، وإن أبوا إلّا استمرارا على التقليد ، فالويل لهم من نار الوعيد ،

٥٠

وصدق عليهم قوله تعالى : ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ ) (١).

وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسبة لله ورجاء لثوابه ، وطلبا للخلاص من أليم عقابه ، بكتمان الحقّ وترك إرشاد الخلق ... » (٢).

وكانت عناوين مسائل هذا الكتاب :

١ ـ في الإدراك.

٢ ـ في النظر.

٣ ـ في صفاته تعالى.

٤ ـ في النبوّة.

٥ ـ في الإمامة.

٦ ـ في المعاد.

٧ ـ في أصول الفقه.

٨ ـ في ما يتعلّق بالفقه.

وفي كلّ فرع من فروع هذه المسائل يقول : « قالت الإمامية » و « قالت الأشاعرة » و « قالت المعتزلة » ، معتمدا في الاحتجاج وكذا في نقل آراء الآخرين على أشهر كتب القوم وأتقنها ، أمثال :

الصحاح الستّة ..

والجمع بين الصحيحين ..

ومسند أحمد بن حنبل ..

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٦٦.

(٢) نهج الحقّ وكشف الصدق : ٣٧.

٥١

والأمّ ، للشافعي ..

وسنن البيهقي ..

ومصابيح السنّة ، للبغوي ..

والمغازي ، للواقدي ...

وتاريخ الطبري ..

وأنساب الأشراف ، للبلاذري ..

والاستيعاب ، لابن عبد البرّ ..

وإحياء علوم الدين ، للغزّالي ..

والمغني ، للقاضي عبد الجبّار ..

والكشّاف ، للزمخشري ..

والتفسير الكبير ، للرازي ..

وهو في أغلب الموارد ـ حين يذكر القولين أو الأقوال ـ يخاطب الناظر فيها وأبناء المذاهب الأخرى ، بكلمات الوعظ والنصيحة ، كقوله في موضع :

« فلينظر العاقل في المقالتين ، ويلمح المذهبين ، وينصف في الترجيح ، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح ، ويترك تقليد الآباء والمشايخ الآخذين بالأهواء ، وغرّتهم الحياة الدنيا ، بل ينصح نفسه ولا يعوّل على غيره ، ولا يقبل عذره غدا في القيامة : إنّي قلّدت شيخي الفلاني ، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة ، فإنّه لا ينفعه ذلك يوم القيامة ، يوم يتبرّأ المتّبعون من أتباعهم ويفرّون من أشياعهم ، وقد نصّ الله تعالى على ذلك في كتابه العزيز.

ولكن أين الآذان السامعة ، والقلوب الواعية؟! وهل يشكّ العاقل في

٥٢

الصحيح من المقالتين؟! وأنّ مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل ، وأنّها أشبه بالدين؟! ... » (١).

وكقوله في موضع آخر :

« فليعرض العاقل المنصف من نفسه هذه القضية على عقله ، ويتّبع ما يقوده عقله إليه ، ويرفض تقليد من يخطئ في ذلك ، ويعتقد ضدّ الصواب ، فإنّه لا يقبل منه غدا يوم الحساب ، وليحذر من إدخال نفسه في زمرة الّذين قال الله تعالى عنهم : ( وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ ) (٢) » (٣).

فهذا هو أسلوب العلّامة رحمه‌الله في كتابه.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ وكشف الصدق : ٧٩.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ٤٧.

(٣) نهج الحقّ وكشف الصدق : ١٠٣.

٥٣

إبطال نهج الباطل

وإهمال كشف العاطل (١)

لابن روزبهان

وقد كتب الفضل بن روزبهان ، في نقض كتاب نهج الحقّ وكشف الصدق كتابا أسماه ب‍ إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل افتتحه بسبّ الإماميّة عامّة والعلّامة الحلّي خاصّة! فإنّه قال بعد أن أثنى على صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما نصّه :

« ثمّ وثب فرقة بعد القرون المتطاولة والدول المتداولة ، يلعنونهم ويشتمونهم ، ولكلّ قبيح ينسبونهم ، فويل لهذه الفئة الباغية التي يسخطون العصبة الرضية ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، شاهت الوجوه ، ونالت كلّ مكروه.

ثمّ إنّ زماننا قد أبدى من الغرائب ، ما لو رآه محتلم في رؤياه لطار من وكر الجفن نومه ، ولو شاهده يقظان في يومه لاعتكر من ظلام الهموم يومه » (٢).

__________________

(١) هذا الكتاب غير مطبوع في ما نعلم ، إلّا أنّ متنه الكامل موجود في كتاب « دلائل الصدق لنهج الحقّ » ، وفي « إحقاق الحقّ ».

(٢) دلائل الصدق ١ / ١٣٨.

٥٤

دراسات في مسائل الإمامة

من كتاب ابن روزبهان

أقول :

كانت تلك عبارات ابن روزبهان في بداية كتابه ، وقد رأيت من الضروري أن أقرأ كتابه من أوّله إلى آخره ، لأتعرّف على عقائد هذا الرجل ونفسيّته ، ولأجل المقارنة بينه وبين العلّامة الحلّي وكتابه ، بل حتّى أعطي لكلّ منصف نموذجا من كتب الفريقين ، ليقرأه ويقف على أسلوبه ، ثمّ يختار ما شاء منهما كما يحكم عقله ودينه ، فإلى القارئ الكريم هذه الفصول في أساليب ابن روزبهان في كتابه ، بذكر موارد من كلّ أسلوب :

أوّلا ـ السبّ والشتم :

وسوّد الفضل صفحات كتابه بسبّ وشتم العلّامة والشيعة عامّة ، بما لا يسمع عادة إلّا من الجهلة الأرذال والسوقة الأنذال ، ومن الواضح أنّ مثل هذه الأشياء تدلّ ـ مضافا إلى دلالتها على عدم الورع والتقوى ، وعلى سوء الأدب والأخلاق ـ على بطلان عقيدة الشخص وعجزه عن الدفاع عنها.

ونحن نورد بعض ما تفوّه به هذا الرجل :

« ثمّ ما ذكر ... من المبالغات والتقعقعات الشنيعة ، والكلمات الهائلة المرعدة المبرقة ، التي يميل بها خواطر القلندرية والعوامّ إلى مذهبه الباطل ،

٥٥

ورأيه الكاسد الفاسد » (١).

« هذا غاية الجهل والتعصّب ، وهو رجل يريد ترويج طامّاته ليعتقده القلندرية والأوباش ورعاع الحلّة من الرفضة والمبتدعة » (٢).

« هذا الرجل الطامّاتي الذي يصنّف الكتاب ويردّ على أهل الحقّ ، ويبالغ في إنكار العلماء والأولياء ، طلبا لرضا السلطان محمّد خدا بنده ، ليعطيه إدرارا ويفيض عليه مدرارا » (٣).

« هذا غاية التعصّب والخروج عن قواعد الإسلام ، نعوذ بالله من عقائده الفاسدة الكاسدة » (٤).

« هذا غاية الجهل والعناد والخروج عن قاعدة البحث ، بحيث لو نسب هذا الكلام إلى العوامّ استنكفوا منه » (٥).

« والطامّات والخرافات التي يريد أن يميل بها خواطر السفهة إلى مذهبه غير ملتفت إليها » (٦).

« إنّ الرجل كودن طامّاتي متعصّب ، فتعصّب لنفسه لا لله ورسوله ، والعجب أنّه كان لا يأمل أن العقلاء ربّما ينظرون في هذا الكتاب فيفتضح عندهم! ما أجهله من رجل متعصّب! نعوذ بالله من شرّ الشيطان وشركه » (٧).

__________________

(١) دلائل الصدق ١ / ١٧١.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٢١٨.

(٣) دلائل الصدق ١ / ٢٤٦.

(٤) دلائل الصدق ١ / ٢٤٧.

(٥) دلائل الصدق ١ / ٢٧٦.

(٦) دلائل الصدق ١ / ٣٠٨.

(٧) دلائل الصدق ١ / ٣١٧.

٥٦

« وهذه الطامّات المميلة لقلوب العوامّ لا تنفع ذلك الرجل ، وكلّ ما بثّه من الطامّات افتراء » (١).

« ولا عجب من هذه الشيعة ، فإنّ الكذب والافتراء طبيعتهم وبه خلقت غريزتهم » (٢).

« يذكرون الأشياء عن الأئمّة ، ويمزجون كلّ ما ينقلون عنهم بألف كذبة كالكهنة السامعة لأخبار الغيب » (٣).

« ما ذكره من الطامّات والتنفير فهو الجري على عادته في المزخرفات والترّهات » (٤).

« هذا الرجل أصمّ أطروش لا يسمع نداء المنادي ، وصوّر لنفسه مذهبا وافترى أنّه مذهب الأشاعرة ويورد عليه الاعتراضات ... والعجب أنّه لا يخاف أن يلقى الله بهذه العقيدة الباطلة التي هو إثبات الشركاء لله تعالى في الخلق مثل المجوس ، وذلك المذهب أردا من مذهب المجوس بوجه ؛ لأنّ المجوس لا يثبتون إلّا شريكا واحدا يسمّونه : أهرمن ، وهؤلاء يثبتون شركاء لا تحصر ولا تحصى ، إنّهم إذا قيل لهم : لا إله إلّا الله يستكبرون » (٥).

« مع ذلك ، افترى على الصادق ـ عليه‌السلام ـ كذبا في حقّهم » (٦).

« فعلم أنّ هذا الرجل مفتر كودن كذاب ، مثل كوادن حلّة وبغداد ،

__________________

(١) دلائل الصدق ١ / ٣٣١.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٣٣٤.

(٣) دلائل الصدق ١ / ٣٤٩.

(٤) دلائل الصدق ١ / ٣٨١.

(٥) دلائل الصدق ١ / ٣٨٣.

(٦) دلائل الصدق ١ / ٤٠٠.

٥٧

لا أفلح من رجل سوء » (١).

« والعجب أنّ هؤلاء لا يفرّقون بين هذين المعنيين ، ثمّ من العجب كلّ العجب أنّهم لا يرجعون إلى أنفسهم ولا يتأمّلون ... فإذا بلغ أمر الخلق إلى الفعل رقدوا كالحمار في الوحل ونسبوا إلى أنفسهم الأفعال ، وفيه خطر الشرك » (٢).

« وهذا يدلّ على غاية حمق الرجل وحيلته وتعصّبه وعدم فهمه ، أما كان يستحي من ناظر في كتابه؟! » (٣).

« نعم ، ربّما فهم ذلك الأعرابي الجافي ، الحلّي الوطن ، ذلك المعنى من كلام الله تعالى » (٤).

« ورأينا المعتزلة ومن تابعهم من الشيعة كاليهود ، يخفون مذهبهم ويسمّونه التقيّة ، ويهربون من كل شاهق إلى شاهق ، ولو نسب إليهم أنّهم معتزليّون أو شيعة يستنكفون عن هذه النسبة » (٥).

« وكأنّ هذا الرجل لم يمارس قطّ شيئا من المعقولات ، والحقّ أنّه ليس أهلا لأنّ يباحث ، لدناءة رتبته في العلم ، ولكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت ... وكلّ هذه الاستدلالات خرافات وهذيانات لا يتفوّه بها إلّا أمثاله في العلم والمعرفة » (٦).

« لكنّ المعتزلة ومن تابعهم يناسب حالهم ما قال الله تعالى : ( وَإِذا

__________________

(١) دلائل الصدق ١ / ٤٠١.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٤٥٤.

(٣) دلائل الصدق ١ / ٤٥٦.

(٤) دلائل الصدق ١ / ٤٦٢.

(٥) دلائل الصدق ١ / ٤٧٦.

(٦) دلائل الصدق ١ / ٤٨٤.

٥٨

ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (١) » (٢).

« انظروا معاشر المسلمين إلى هذا السارق الحلّي الذي اعتاد سرقة الحطب من شاطئ الفرات ، حسب أنّ هذا الكلام حطب يسرق؟! كيف أتى بالدليل وجعله اعتراضا؟! والحمد لله الّذي فضحه في آخر الزمان وأظهر جهله وتعصّبه على أهل الإيمان » (٣).

« ومثله مع المعتزلة في لحس فضلاتهم كمثل الزبّال يمرّ على نجاسة رجل أكل بالليل بعض الأطعمة الرقيقة كماء الحمّص ، فجرى في الطريق ، فجاء الزبّال وأخذ من نجاسته وجعل يلحسه ويتلذّذ به.

فهذا ابن المطهّر النجس كالزّبال يمرّ على فضلات المعتزلة ويأخذ منها الاعتراضات ، ويكفّر بها سادات العلماء ، ينسبهم إلى أقبح أنواع الكفر ، يحسب أنّه يحسن صنعا ، نعوذ بالله من الضلال ، والله الهادي » (٤).

« فانظر إلى هذا الحلّي الجاهل ، كيف افترى في معنى الكسب وخلط المذاهب والأقوال ، كالحمار الراتع في جنّة عالية قطوفها دانية ، والله تعالى يجازيه » (٥).

« العجب من هذا الرجل ، أنّه يفتري الكذب ثمّ يعترض عليه ، فكأنّه لم يتّفق له مطالعة كتاب في الكلام على مذهب الأشاعرة ، وسمع عقائدهم من مشايخه من الشيعة وتقرّر بينهم أنّ هذه عقائد الأشاعرة ، ثمّ لم يستح

__________________

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٤٥.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٥٠٨.

(٣) دلائل الصدق ١ / ٥١٩.

(٤) دلائل الصدق ١ / ٥٣٣.

(٥) دلائل الصدق ١ / ٥٣٧.

٥٩

من الله تعالى ومن الناظر في كتابه ، وأتى بهذه الترّهات والمزخرفات » (١).

« هذا الرجل السوء الفحّاش ، وكأنّه حسب أنّ الأنبياء أمثاله من رعاع الحلّة الّذين يفسدون على شاطئ الفرات بكلّ ما ذكره ، نعوذ بالله من التعصّب فإنّه أورده النار » (٢).

« فهذا كذب أظهر وأبين من كذب مسيلمة الكذّاب » (٣).

« فكيف هذا الرجل الجاهل بالحديث والأخبار ، بل بكلّ شيء ، حتّى أنّي ندمت من معارضة كتابه وخرافاته بالجواب ، لسقوطه عن مرتبة المعارضة ، لانحطاط درجته في سائر العلوم ، معقولها ومنقولها ، أصولها وفروعها ، لكن ابتليت بهذا مرّة فصبرت » (٤).

« والعجب من هذا الرجل أنّه يبالغ في احتراز الأنبياء عن الكذب وينسب الكذب الصراح إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نعوذ بالله من هذا » (٥).

« هذا الرجل لا يعرف ما يقول ، وهو كالناقة العشواء يرتعي كلّ حشيش » (٦).

« أيّها الجاهل العامّي ، الضالّ العاصي ، الشيعة ينسبون أنفسهم إلى الأئمّة الاثني عشر ، أترى أئمّة أهل السنّة والجماعة يقدحون في أهل بيت النبوّة والولاية؟! أتراهم يا أعمى القلب أنّهم يفترون مثلك ومثل أضرابك على الأئمّة ، ويفترون المطاعن والمثالب ممّا لم يصحّ به خبر ، بل ظاهر

__________________

(١) دلائل الصدق ١ / ٥٧٧.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٦٩٥.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ٣٢٢.

(٤) دلائل الصدق ٢ / ٣٥٠.

(٥) دلائل الصدق ٢ / ٤٤٧.

(٦) دلائل الصدق ٢ / ٥٢٦.

٦٠