دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: ٣٠٧

١٣ ـ نهج الحقّ وكشف الصدق.

١٤ ـ نهج المسترشدين في أصول الدين.

١٥ ـ الباب الحادي عشر ، في أصول الدين.

والخمسة الأخيرة كلّها للشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ، المتوفّى سنة ٧٢٦ ، وله كتب أخرى في أصول الدين غير ما ذكر.

من كتب أهل السنّة في أصول الدين :

ومن أشهر كتب أهل السنّة في أصول الدين :

١ ـ تمهيد الأوائل : للباقلّاني.

٢ ـ الأربعين في أصول الدين : للفخر الرازي.

٣ ـ العقائد : للنسفي.

٤ ـ شرح العقائد النسفية : للتفتازاني.

٥ ـ المواقف في علم الكلام : للإيجي.

٦ ـ شرح المواقف : للشريف الجرجاني.

٧ ـ شرح المقاصد : للتفتازاني.

٨ ـ الإبانة عن أصول الديانة : للأشعري.

٩ ـ بحر الكلام : للنسفي.

١٠ ـ الصحائف : للسمرقندي.

١١ ـ طوالع الأنوار : للبيضاوي.

٢١

١٢ ـ زبدة الكلام : لصفي الدين الهندي الأرموي.

١٣ ـ أبكار الأفكار : للآمدي.

١٤ ـ مشارق النور : لعبد القادر البغدادي.

١٥ ـ شرح التجريد : للعلاء القوشجي.

موضوعات كتب أصول الدين :

وموضوعات كتب أصول الدين في الأصل هي : إثبات الصانع وصفاته ، ومسائل العدل ، ثمّ النبوّة والإمامة ، والمعاد.

إلّا أنّ مناهج المتكلّمين في كتبهم في أصول الدين مختلفة ، ولكنّ المتعارف بينهم إيراد مسائل من باب المقدّمة ، تتعلّق بالمعلوم ، فيقسّمونه إلى الموجود والمعدوم ، ثمّ يقسّمون الموجود إلى الممكن والواجب ، والممكن ينقسم إلى الجوهر والعرض ، ثمّ يذكرون ما للجوهر والعرض من الأحكام أو الأقسام.

ثمّ يشرعون في إثبات واجب الوجود .. ثمّ يبحثون عن صفاته تعالى ، من القدرة ، والعلم ، والحياة ، والإرادة ، والإدراك ، والتكلّم ... وعمّا يستحيل عليه من الصفات ، كالمماثلة لغيره ، والتركّب ، والتحيّز ، وقيام الحوادث به ، واستحالة رؤية غيره له سبحانه ...

ثمّ يدخلون في مسائل العدل ، ويتعرّضون هنا لمسألة الحسن والقبح العقليّين ، وللجبر والاختيار ...

ثمّ يأتي دور مباحث النبوّة ، وصفات النبيّ ، من العصمة ونحوها ، ويبحثون في الإمامة بعد النبوّة ، فتطرح هنا جميع المسائل الخلافية في

٢٢

الإمامة والإمام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ثمّ يبحثون عن المعاد ، في مسائل كثيرة ...

هل علم الكلام من أسباب هزائمنا؟

وإذا عرفنا موقع علم الكلام في الإسلام ، ومدى تأثيره في حفظ الدين والشريعة المقدّسة ، فسوف يكون من المقطوع به ضرورة تعلّم هذا العلم وتطويره ونشره ، فكيف يصحّ القول حينئذ بأنّ علم الكلام من أسباب هزائم المسلمين أمام أعداء الإسلام؟!

فإنّه طالما بنيت الأصول الاعتقادية على الحقّ ، وأسّست على الكتاب والسنّة الصحيحة والعقل السليم ، ثمّ قصد بالبحث عنها الوصول إلى الحقيقة والواقع في كلّ مسألة خلافية ، مع التزام الباحث ـ لا سيّما في مرحلة إقامة الحجّة على الغير ـ بالعدل والإنصاف والأخلاق الكريمة والقواعد المقرّرة للمناقشة والمناظرة ، هذه الأمور التي أشار إليها القرآن بقوله : ( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، كان علم الكلام من خير أسباب صمودنا وثباتنا أمام الأعداء ، ووحدتنا فيما بيننا.

أمّا إذا كان الغرض من علم الكلام والاستفادة منه هو التغلّب على الخصم ـ ولو بالسبّ والشتم ـ فلا شكّ أنّ هذا الأسلوب فاشل ، وأنّه سيؤدّي إلى تمزّق المسلمين وتفرّق صفوفهم ، وإلى الهزيمة أمام الأعداء.

فالقول بأنّه « لقد فشل أسلوب علم الكلام حتّى الآن » وأنّه « أحد أسباب هزائمنا » (١) على إطلاقه ليس بصحيح.

__________________

(١) مجلّة الغدير ، العددان ٨ ـ ٩ ، الصفحة ٩٠.

٢٣

وفي الجملة ، فإنّ علم الكلام من العلوم الإسلامية الأساسية ، ولم يكن العلم في يوم من الأيّام من أسباب ضعف المسلمين وهزيمتهم ، بل كان ـ متى ما استخدم على حقيقته واتّبعت أساليبه الصحيحة ـ من أسباب وحدة المسلمين ورصّ صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم.

إنّا لا ننكر أنّ بعض المتكلّمين اتّخذوا علم الكلام وسيلة لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلّا أنّ هذا لا يختصّ بعلم الكلام ، فقد اتّخذ غيره من العلوم الإسلامية وسيلة للأهداف والأغراض المخالفة للحقّ والدين ، وهذا لا يسوّغ اتّهام « العلم » ، بل على الناس أن يفرّقوا بين المتكلّمين ، فيعرفوا المحقّ منهم فيتّبعوه ويعرفوا المغرض فيحذروه.

وإنّنا لنعتقد أنّ طرح المسائل الخلافية بين العلماء ، ثمّ عرضها على الكتاب والسنّة والعقل السليم والمنطق الصحيح المقبول لدى العقلاء ، وتحكيم الأدلّة المتينة والحجج المعتبرة ، هو من خير الطرق لتحقيق الوحدة بين المسلمين ...

وهذا هو الغرض الذي لأجله أسّس علم الكلام ، فهذا العلم في الحقيقة يدعو إلى الوحدة والوئام ، ويحذّر من التفرّق والخصام ، فهو لا يتنافى مع وحدة المسلمين وحسب ، بل من أسبابها ووسائلها إن استخدم على الطريقة الصحيحة وابتغي به الحقّ والصواب ، وبالله التوفيق.

أثر علم الكلام في التشيّع :

وكما ذكرنا .. فإنّه إذا كان الاستدلال منطقيا والبحث سليما ، وكانت

٢٤

الأدلّة مستندة إلى ما لا محيص عن قبوله والتسليم به ، فلا شكّ في تأثيره في القلوب الطالبة للحقّ ، والمحبّة للخير والفلاح .. وهذا هو السرّ في الأمر بالجدل بالتي هي أحسن ..

وقد كان الجدل بالتي هي أحسن من أولى الطرق والأساليب التي سلكها الأنبياء والأوصياء وسائر المصلحون في هداية البشرية إلى الصراط المستقيم.

وبالفعل .. فقد كان لعلم الكلام والجدل الصحيح ، المستند إلى الكتاب والسنّة والعقل والحجج المعتبرة المقبولة ، الأثر البالغ في تقدّم مذهب الإمامية وتشيّع الأمم ..

فهناك المئات من الناس في مختلف البلدان تشيّعوا ببركة كتاب المراجعات لآية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين قدس‌سره.

وتلك قصّة العلّامة الحلّي وتشيّع أمّة بكاملها على أثر مناظرة واحدة قام بها مع كبار علماء عصره من أهل السنّة في البلاد الإيرانية.

وتشيّع بلاد جبل عامل كان على يد أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه ، كما يحدّثنا كبار علماء المنطقة (١).

فظهر ـ بهذا المختصر ـ ما في قول القائل ، وهو يتهجّم على علم الكلام : « لم يتشيّع سنّي إلّا على مستوى الأفراد والقناعات » (٢).

من المسائل الخلافية في علم الكلام :

ولعلّ من أهمّ ما وقع فيه الخلاف بين الشيعة الاثني عشرية وبين

__________________

(١) أمل الآمل في علماء جبل عامل ١ / ١٣ ، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ٣٥١.

(٢) مجلّة الغدير ، العددان ٨ ـ ٩ ، الصفحة ٩٠.

٢٥

غيرهم هي المسائل التالية :

١ ـ في صفات الباري ، وأنّها هل هي عين الذات أو زائدة عليها ؛ فقال الإمامية بأنّ صفاته تعالى عين ذاته وليست زائدة عليها.

٢ ـ في التجسيم ، وهذا ما نفاه الإمامية وعدّوا القول به كفرا ، لكنّ بعض الفرق يقولون بأنّ لله يدا ورجلا ، وأنّه يصعد وينزل ... تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

٣ ـ في القرآن ، فقالت الإمامية بحدوثه وقال الآخرون بقدمه ، وللمسألة قضايا وحوادث مذكورة في السير والتواريخ.

٤ ـ في أفعال العباد ، فقال قوم بالجبر وقال آخرون بالتفويض ، وذهبت الإمامية إلى أنّه لا جبر ولا تفويض ، بل أمر بين الأمرين.

٥ ـ في مسائل العدل ، فقالت الإمامية بأنّ الله لا يفعل القبيح ، وأنّه يريد الطاعات ويكره المعاصي ، وأنّه يفعل لغرض وحكمة ، وأنّه يمتنع عليه التكليف بما لا يطاق ... إلى غير ذلك.

٦ ـ في الإمامة والخلافة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالإمامية يقولون بأنّ الخليفة بعده هو عليّ بن أبي طالب بنصّ من الله ورسوله ، وقال أهل السنّة بأنّه أبو بكر بن أبي قحافة بانتخاب من الناس.

الإمامة :

وكانت الإمامة من بين المباحث في أصول الدين والمسائل الخلافية منها ، أشدّها حسّاسية وأهمّية ، بل هي المسألة المتقدّمة على غيرها بالزمان والمرتبة ، ولذا قالوا :

٢٦

« أعظم خلاف بين الأمّة خلاف الإمامة ، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كلّ زمان » (١).

وجوب الإمامة :

والمسلمون لم يختلفوا في أصل « الإمامة » بل اتّفقوا على وجوبها ، وهذا ما نصّ عليه كبار العلماء من الشيعة والسنّة.

قال ابن حزم : « اتّفق جميع أهل السنّة وجميع المرجئة وجميع المعتزلة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة ، وأنّ الأمّة فرض واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ...

والقرآن والسنّة قد وردا بإيجاب الإمام ... » (٢).

أمّا الإمامية الاثنا عشرية فكان اهتمامهم بأمر الإمامة من جهة أنّها عندهم من صلب أصول الدين كما سيأتي ،

وقد ورد في الروايات عن أئمّتهم عليهم‌السلام في الإمامة :

« إنّ الإمامة أسّ الإسلام النامي ، وفرعه السامي ..

إنّ الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين » (٣).

ومن كلماتهم عليهم‌السلام في الإمام :

__________________

(١) الملل والنحل ١ / ١٣.

(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣ / ٣.

(٣) الكافي ١ / ٢٢٤ ، إكمال الدين وإتمام النعمة : ٦٧٧ ، معاني الأخبار : ٩٧.

٢٧

« بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد ، وتوفير الفيء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف » (١).

وقال العلّامة الحلّي في مقدّمة كتابه منهاج الكرامة في معرفة الإمامة : « أمّا بعد ، فهذه رسالة شريفة ، ومقالة لطيفة ، اشتملت على أهمّ المطالب في أحكام الدين ، وأشرف مسائل المسلمين ، وهي مسألة الإمامة ، التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة ، وهي أحد أركان الإيمان المستحقّ بسببه الخلود في الجنان ، والتخلّص من غضب الرحمن » (٢).

تعريف الإمامة :

وممّا يشير إلى أهمّية الإمامة وعظمتها عند المسلمين ما جاء في كتبهم في تعريفها ، المتّفق عليه بينهم :

قال القاضي الإيجي : « قال قوم : الإمامة رئاسة عامّة في أمور الدين والدنيا ..

ونقض بالنبوّة ..

والأولى أن يقال : هي خلافة الرسول في إقامة الدين ، بحيث يجب اتّباعه على كافّة الأمّة » (٣).

وقال التفتازاني : « الإمامة رئاسة عامّة في أمر الدين والدنيا خلافة عن النبيّ ... » (٤).

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٢٤ ، إكمال الدين وإتمام النعمة : ٦٧٧ ، معاني الأخبار : ٩٧.

(٢) انظر : شرح منهاج الكرامة : ١ / ١٥.

(٣) المواقف في علم الكلام : ٣٩٥.

(٤) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٢.

٢٨

وقال العلّامة الحلّي بتعريف الإمامة : « الإمامة رئاسة عامّة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

فقال الفاضل المقداد السيوري (٢) بشرحه :

« الإمامة رئاسة عامّة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني.

فالرئاسة جنس قريب ، والجنس البعيد هو النسبة ، وكونها عامّة فصل يفصلها عن ولاية القضاة والنوّاب. و ( في أمور الدين والدنيا ) بيان لمتعلّقها ، فإنّها كما تكون في الدين فكذا في الدنيا.

وكونها لشخص إنساني ، فيه إشارة إلى أمرين :

أحدهما : إنّ مستحقّها يكون شخصا معيّنا معهودا من الله تعالى ورسوله ، لا أيّ شخص اتّفق.

وثانيهما : إنّه لا يجوز أن يكون مستحقّها أكثر من واحد في عصر واحد.

__________________

(١) الباب الحادي عشر : ٨٢.

(٢) هو : شرف الدين أبو عبد الله مقداد بن عبد الله بن محمّد بن الحسين بن محمّد السيوري الحلّي الأسدي ، كان عالما فاضلا متكلّما محقّقا مدقّقا ، من تلامذة الشهيد الأوّل الشيخ محمّد بن مكّي العاملي ، له تصانيف ، منها : شرح نهج المسترشدين في أصول الدين ، كنز العرفان في فقه القرآن ، شرح مبادئ الأصول ، تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة ، النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر.

توفّي بالنجف الأشرف في ٢٦ جمادى الآخرة سنة ٨٢٦.

انظر : أمل الآمل ٢ / ٣٢٥ رقم ١٠٠٢ ، طبقات أعلام الشيعة / القرنين التاسع والعاشر ٤ / ١٣٨ ، الذريعة ٢٤ / ١٨ رقم ٩٤ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٩٠٦ رقم ١٧٢٠٠ ، الأعلام ٧ / ٢٨٢.

٢٩

وزاد بعض الفضلاء في التعريف : بحقّ الأصالة ، وقال في تعريفها :

الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني بحقّ الأصالة.

واحترز بهذا عن نائب يفوّض إليه الإمام عموم الولاية ، فإنّ رئاسته عامّة لكن ليست بالأصالة.

والحقّ : إنّ ذلك يخرج بقيد العموم ، فإنّ النائب المذكور لا رئاسة له على إمامه ، فلا تكون رئاسته عامّة.

ومع ذلك كلّه ، فالتعريف ينطبق على النبوّة. فحينئذ زاد فيه : بحقّ النيابة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بواسطة بشر » (١).

هذا ، وقد أورد الفيّاض اللاهيجي في شرح التجريد كلا تعريفي الإيجي والتفتازاني ، وارتضاهما (٢) ممّا يدلّ على أنّ المقصد واحد وإن اختلفت الألفاظ وتنوّعت التعاريف.

وهذا هو المهمّ في المقام ، فإنّ علماء الفريقين متّفقون على تعريف الإمامة بما ذكر.

الإمامة من أصول الدين :

ومن هذا التعريف ـ المتّفق عليه بين الشيعة والسنّة ـ يتبيّن أنّ الإمامة من أصول الدين وليست من الفروع ، لأنّها نيابة عن النبيّ ، فهي من شؤون النبوّة ومتعلّقاتها.

مضافا إلى أحاديث اتّفقوا عليها ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر : ٤٤.

(٢) شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام.

٣٠

« من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » وقد روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة ، لكن لا بدّ وأن يكون المراد منها معنى واحدا وهو ما دلّ عليه اللفظ المذكور.

وهو بهذا اللفظ في عدّة من الكتب كشرح المقاصد (١) ..

وفي مسند أحمد وغيره بلفظ : « من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية » (٢) ..

وبلفظ : « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » كما في بعض الكتب (٣) ..

وله ألفاظ أخرى (٤).

__________________

(١) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٩ ، شرح العقائد النسفية : ٢٣٢.

(٢) مسند أحمد ٤ / ٩٦.

وانظر : صحيح مسلم ٦ / ٢٢ ، مسند الطيالسي : ٢٥٩ ح ١٩١٣ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ / ٣٨٨ ح ٩١٠ ، مسند الشاميّين ٢ / ٤٣٧ ح ١٦٥٤ ، حلية الأولياء ـ لأبي نعيم ـ ٣ / ٢٢٤ وقال : « هذا حديث صحيح ثابت ، أخرجه مسلم بن الحجّاج في صحيحه عن عمرو بن علي ، عن ابن مهدي ، عن هشام بن سعد ، عن زيد » وهو ما مرّ تخريجه آنفا ، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ ٧ / ٣٨٤ ح ٢٣١١٤ و ٢٣١١٦ ، كنز العمّال ١ / ١٠٣ ح ٤٦٤ وج ٦ / ٦٥ ح ١٤٨٦٣.

(٣) السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٦.

وانظر : صحيح مسلم ٦ / ٢٢ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ / ٣٣٤ ح ٧٦٩ ، إتحاف السادة المتّقين ٦ / ١٢٢.

(٤) انظر : السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٤٨٩ ح ١٠٥٧ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٣٦ ح ٧٣٧٥ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٠ / ٢٨٩ ح ١٠٦٨٧ ، المعجم الأوسط ١ / ١٢٧ ح ٢٢٧ وج ٦ / ١٢٨ ح ٥٨٢٠ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ٢٤٢ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ٤٩ ح ٤٥٥٤ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ ٧ / ٣٨٤ ح ٢٣١١٣ ، كنز العمّال ١ / ١٠٣ ح ٤٦٣.

٣١

فإنّ هذا الحديث دليل صريح على وجوب معرفة الإمام ، والاعتقاد بولايته الإلهيّة ، ووجوب طاعته والانقياد له ، وإنّ الجاهل به أو الجاحد له يموت على الكفر ، كما هو حكم من كان كذلك بالنسبة إلى نبوّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وبما ذكرناه غنى وكفاية عن غيره من الأدلّة.

ومن هنا ، فقد حكي عن بعض الأشاعرة ، كالقاضي البيضاوي ، موافقة الإمامية في أنّ الإمامة أصل من أصول الدين (١) ، وعن بعضهم ، كالتفتازاني ، أنّها بعلم الفروع أليق (٢) ، والمشهور بينهم كونها من المسائل الفرعيّة.

على من يجب نصب الإمام؟

وكأنّ الوجه في قول المشهور منهم بكون الإمامة من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين : أنّ نصب الإمام واجب على الأمّة لا على الله .. قال السعد التفتازاني :

« نصب الإمام واجب على الخلق سمعا عندنا وعند عامة المعتزلة ، وعقلا عند بعضهم ، وعلى الله عند الشيعة ... لنا وجوه ... الأوّل ـ وهو العمدة ـ : إجماع الصحابة ، حتّى جعلوا ذلك أهمّ الواجبات ، واشتغلوا به عن دفن الرسول ... » (٣).

__________________

(١) منهاج الوصول في معرفة علم الأصول ـ المطبوع مع الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج ـ : ١٦٧.

(٢) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٢.

(٣) شرح المقاصد ٥ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

٣٢

إنّهم قالوا بوجوب نصب الإمام ...

ثمّ قالوا بأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات بلا وصية! وأنكروا أن يكون هناك نصّ أو تعيين من الله ورسوله بالإمامة لأحد من بعده ..

فكان وجوب نصبه من وظائف المكلّفين (١) ..

والدليل العمدة على ذلك : إجماع الصحابة ، حتّى جعلوا ذلك أهمّ الواجبات واشتغلوا به عن دفن الرسول ...

واذا كان هذا هو العمدة في الأدلّة ، فالأمر سهل .. ففي هذا الدليل نظر من وجوه (٢) ، أحدها : عدم تحقّق هذا الإجماع!

نعم ، ترك أبو بكر وعمر ومن تابعهما جنازة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأرض ، وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع جمع من الأنصار للنظر في أمر الخلافة .. ثمّ أقبلوا على بني هاشم ومن بقي معهم حول الجنازة ، يطالبونهم البيعة لأبي بكر!

فالّذين « جعلوا ذلك أهمّ الواجبات » .. « حتّى قدّموه على دفن النبيّ » هم طائفة من الصحابة ، وليس كلّهم.

هذا بناء على أن يكون اجتماع الأنصار في السقيفة للنظر في أمر

__________________

(١) راجع : تثبيت الإمامة ـ لأبي نعيم ـ : ٧٠ ـ ٧٣ ح ٢٧ ـ ٣٠ ، غياث الأمم ـ للجويني ـ : ٥٥ ـ ٦٥ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٢) منها : إنّه إذا كان نصب الإمام بعد النبيّ من أهمّ الواجبات ، حتّى إنّ القوم تركوا جنازته على الأرض ـ مع ما فيه من الوهن للإسلام والنبيّ ـ وراحوا يعيّنون الخليفة له والإمام بعده ، فلماذا ترك النبيّ نفسه « أهمّ الواجبات » هذا ، وترك الدين والمسلمين عرضة للأهواء كما يزعمون؟!

٣٣

الخلافة.

أمّا بناء على ما قيل من أنّهم اجتمعوا هناك للنظر في شؤونهم الخاصّة بهم ، وللاتّفاق على رأي واحد في التعامل مع المهاجرين .. ونحو ذلك .. فالأمر أوضح ..

وتقول الشيعة :

١ ـ أمر الإمامة بيد الله سبحانه.

٢ ـ ويجب عليه نصب الإمام.

٣ ـ وإنّه قد فعل (١).

أمّا أنّ أمرها بيده ، فيدلّ عليه الكتاب والسنّة ، ومن ألطف ما وجدته من السنّة في هذا الباب ، ما رواه أرباب السير :

« وذكر ابن إسحاق : أنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم عرض نفسه على كندة وكلب ، أي إلى بطن منهم يقال لهم : بنو عبد الله ، فقال لهم : إنّ الله قد أحسن اسم أبيكم ، أي : عبد الله ، أي : فقد قال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أحبّ الأسماء إلى الله عزّ وجلّ عبد الله وعبد الرحمن. ثمّ عرض عليهم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.

وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة ، أي فقال له رجل منهم :

أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثمّ أظفرك الله على من خالفك ،

__________________

(١) انظر : الإفصاح في إمامة امير المؤمنين عليه‌السلام : ٢٧ ـ ٢٩ ، المقنع في الإمامة : ٤٧ ـ ٥٤ ، الألفين : ٣١ ـ ٣٤.

٣٤

أيكون لنا الأمر من بعدك؟

فقال له : الأمر إلى الله يضعه حيث شاء.

فقال له : أ نقاتل العرب دونك ـ وفي رواية : أنهدف نحورنا للعرب دونك ، أي : نجعل نحورنا هدفا لنبلهم ـ فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك. وأبوا عليه » (١).

فإنّ هذا الخبر جدير بالملاحظة الدقيقة ..

لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ حين عرض نفسه على تلك القبيلة ودعاهم إلى التوحيد ـ في أصعب الظروف وأشقّها ، إنّه كان يطلب من القوم ـ حسب هذه الأخبار ـ أن يؤمنوا به ويحموه من كيد المشركين وأذاهم .. « فيردّون عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبح الردّ ، يقولون له : أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتّبعوك ».

إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعنيه حتّى الرجل الواحد يؤمن به ويتّبعه ويمنعه من أن يلحقه الأذى من قريش وغيرها.

ومع كلّ هذا ، فلمّا طلبت منه تلك القبيلة أن يعدهم برئاسة إن أظفره الله على من خالفه! أجاب بكلّ صراحة وبلا أيّ تردّد : « الأمر إلى الله يضعه حيث شاء » أي : ليس أمر خلافته من بعده بيده ، كما لم يكن أمر نبوّته بيده ..

إنّ هذا الخبر لمن أقوى الأدلّة السمعية على إنّ نصب الإمام بيد الله سبحانه وتعالى ، وليس الأمر بيد الرسول فضلا عن أن يترك إلى الناس!!

__________________

(١) السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٢ / ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٥٤.

٣٥

وأمّا وجوب النصب على الله ، فلوجوه ، منها : وجوب اللطف عليه.

وأمّا أنّه قد نصب الإمام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيدلّ عليه الآيات الكثيرة من القرآن الكريم ، والأحاديث القطعية عن النبيّ العظيم ، وهذا هو موضوع كتب الإمامة التي ألّفها علماء الإمامية.

من هو الإمام بعد النبيّ؟!

تقول الشيعة : إنّ الله سبحانه ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عيّنا عليّا ونصباه خليفة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ويقول أهل السنّة : بأنّ الخليفة بعد النبي هو أبو بكر ، باختيار من الناس.

وقد تمّ استدلال الشيعة الإمامية على إمامة عليّ بعد رسول الله في ثلاثة فصول :

١ ـ الأدلّة على إمامته من الكتاب والسنّة.

٢ ـ الدليل على إمامته من العقل ، وهو يتشكّل من قياس صغراه من الحديث والسيرة والتاريخ : إنّ عليّا كان أفضل الخلق بعد النبيّ ؛ وكبراه من العقل : إنّ تقدّم المفضول على الفاضل قبيح.

٣ ـ الموانع من إمامة أبي بكر وصاحبيه ، وذلك بالنظر إلى : تعريف الإمامة ، والغرض منها ، والشروط المعتبرة في الإمام ...

ولقد أقامت الإمامية الحجج المعتبرة في هذه الفصول الثلاثة « بالتي هي أحسن ».

٣٦

إلتزام الإمامية بالجدل بالتي هي أحسن :

ومن ذلك احتجاجهم على القائلين بإمامة أبي بكر بما يصدّقونه ويعتقدون به من الأدلّة والحجج ، واستنادهم إلى كتب القوم وأقوال علمائهم كما هي القاعدة الأصلية في المناظرة ..

ففي الاستدلال بحديث غدير خمّ على إمامة عليّ عليه‌السلام ..

يقول الشيعي :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا : بلى.

قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ... ».

فإذا قال بعض أهل السنّة : هذا كذب (١) ، لم يقله رسول الله!

قال الشيعي : أخرجه فلان وفلان ... من أعلام أهل السنّة (٢).

__________________

(١) كابن تيميّة في منهاج السنّة ٧ / ٣١٣ ـ ٣١٤.

(٢) انظر مثلا : سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ح ١١٦ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩١ ح ٣٧١٣ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٠٧ ح ٨٣٩٧ ، مسند أحمد ١ / ٨٤ ومواضع عديدة أخرى ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٤ ح ٢ ومواضع عديدة أخرى ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ١ / ٣٧٥ رقم ١١٩١ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٩٠ ـ ٥٩٣ ح ١٣٥٤ ـ ١٣٧٦ بطرق عديدة ، زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل : ٤١٣ ـ ٤١٩ ح ١٩٧ ـ ٢٠١ ، الذرّية الطاهرة : ١٦٨ ح ٢٢٨ ، مسند البزّار ٢ / ١٣٣ ح ٤٩٢ ومواضع عديدة أخرى ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٢٨ ح ٥٦٧ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٢ ح ٦٨٩٢ ، المعجم الكبير ٣ / ١٨٠ ح ٣٠٥٢ ومواضع عديدة أخرى ، المعجم الأوسط ٢ / ١٠ ح ١١١٥ ومواضع عديدة أخرى.

٣٧

وإذا قال الخصم : وأين كان عليّ في ذلك اليوم؟! كان باليمن ... (١).

اضطرّ الشيعي لأن يقول : روى قدومه من اليمن : فلان وفلان ... من أهل السنّة (٢).

فإن عاد فقال : صدر الحديث : « ألست أولى ... » لا أصل له (٣).

قال الشيعي : رواية فلان وفلان ... من أهل السنّة ... (٤).

فإن أنكر مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » (٥).

أخرج له الشيعي قائمة بأسماء كبار اللغويّين من أهل السنّة القائلين بمجيء « المولى » بمعنى « الأولى » (٦).

ويستدلّ الشيعي بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) كالإيجي في المواقف : ٤٠٥.

(٢) انظر ذلك في : صحيح مسلم ٤ / ٤٠ ، سنن أبي داود ٢ / ١٩١ ح ١٩٠٥ ، سنن النسائي ٥ / ١٤٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٠٢٤ ح ٣٠٧٤ ، مسند أحمد ٣ / ٣٢٠ ، سنن الدارمي ٢ / ٣٤ ح ١٨٥١.

(٣) كالتفتازاني في شرح المقاصد ٥ / ٢٧٤.

(٤) انظر صدر الحديث في : سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ح ١١٦ ، مسند أحمد ١ / ١١٨ ومواضع أخرى ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٣ ح ٥٥ وموضع آخر ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٩١ ح ١٣٦١ وموضع آخر ، مسند البزّار ٢ / ١٣٣ ح ٤٩٢ وموضع آخر ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٢٩ ح ٥٦٧ ، ومواضع عديدة من معاجم الطبراني الثلاثة.

(٥) كالباقلّاني في تمهيد الأوائل : ٤٥١ ، والآمدي في غاية المرام في علم الكلام :

٣٧٨ ، والدهلوي في التحفة الاثنا عشرية : ٢٠٨.

(٦) هو المحكيّ عن الكلبي والزجّاج والفرّاء وأبي عبيدة كما في تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٢٨ ، وانظر كذلك : صحيح البخاري ٦ / ٢٥٩ ، تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس : ٥٧٧.

٣٨

« أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ».

ويعترض بعض أهل السنّة بأنّه كذب على رسول الله (١).

فيجيب الشيعي : أخرجه فلان وفلان ... (٢) وصحّحه فلان وفلان ... (٣) من أهل السنّة.

فيرجع الخصم ليقول : فأبو بكر و ... أبواب كذلك! (٤).

__________________

(١) كابن الجوزي في الموضوعات ١ / ٣٥٤ ، وابن تيميّة في الفتاوى الكبرى ٣ / ٢٧.

(٢) أخرجه يحيى بن معين في معرفة الرجال ١ / ٧٩ رقم ٢٣١ وج ٢ / ٢٤٢ رقم ٨٣١ و ٨٣٢ ، وأحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ٢ / ٧٨٩ ح ١٠٨١ بلفظ : « أنا دار الحكمة وعليّ بابها » ، والترمذي في السنن ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٣ كما في الفضائل ، والطبراني في المعجم الكبير ١١ / ٥٥ ح ١١٠٦١ ، الحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ح ٤٦٣٧ ـ ٤٦٣٩ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٦٤ ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب ٣ / ١١٠٢ ، والخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ٣٤٨ وج ٧ / ١٧٣ وج ١١ / ٤٨ ـ ٤٩ ، وابن المغازلي في مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام : ١١٥ ـ ١٢٠ ح ١٢٠ ـ ١٢٩ ، والديلمي في فردوس الأخبار ١ / ٤٢ ح ١٠٩ ، والبغوي في مصابيح السنّة ٤ / ١٧٤ ح ٤٧٧٢ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٧٨ ـ ٣٨٢.

(٣) وقد صحّحه على سبيل المثال : يحيى بن معين كما في كنز العمّال ١٣ / ١٤٨ ح ٣٦٤٦٤ ، وابن جرير الطبري في « تهذيب الآثار » كما في فتح الملك العلي : ٣٣ ، والحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي كما تقدّم في الهامش السابق ، والحافظ أبو محمّد الحسن بن أحمد السمرقندي في « بحر الأسانيد في صحاح المسانيد » كما في فتح الملك العلي : ٥ ، والسيوطي في « جمع الجوامع » كما في فتح الملك العلي : ٣٣ ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال ١٣ / ١٤٩ ، وأحمد بن محمّد بن الصدّيق الغماري في « فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي ».

(٤) مؤدّى ذلك في حديث « أصحابي كالنجوم ... » ورواية الديلمي في فردوس الأخبار ١ / ٤٢ ح ١٠٨ : « أنا مدينة العلم ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها ، وعثمان سقفها ... ».

٣٩

لكنّ الشيعي يثبت له ـ وعلى ضوء كتب أهل السنّة ـ جهل أبي بكر وصاحبيه بأبسط المسائل الدينية ، حتّى عرّفهم بها المغيرة بن شعبة وأمثاله من جهلة الصحابة! (١).

فيلتجئ بعضهم إلى أن يقول : ليس « عليّ » في الحديث علما ، بل هو وصف للباب ، أي : مرتفع! (٢).

فاستهجن منه ذلك غير واحد من علماء طائفته وسخر منه آخرون (٣) ..

ويستدلّ الشيعة

بالحديث في قصّة الطير :

فقد أتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطير ليأكله ، فقال :

« اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطير ».

فجاء عليّ فأكل معه.

فاضطرب كلام أعلام الخصوم في مقام الجواب عن هذا الاستدلال :

فزعم أحدهم بأنّ هذا كذب موضوع! (٤).

__________________

(١) كمسألة الكلالة ، والأبّ ، والتيمّم ، والمواريث ، ومهور النساء ؛ وللتفصيل راجع الأجزاء ٦ ـ ٨ من موسوعة « الغدير » للعلّامة الأميني قدس‌سره.

(٢) ذهبت الخوارج ومن قال بقولهم إلى هذا المقال ؛ انظر : زين الفتى في شرح سورة هل أتى ١ / ١٦٣ ح ٦٢.

(٣) كابن حجر المكّي في المنح المكّية ـ شرح القصيدة الهمزية ، والمناوي في فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٣ / ٦٠ ح ٢٧٠٤ ، وغيرهما.

(٤) منهاج السنّة ٧ / ٣٧١.

٤٠