دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - المقدمة

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: ٣٠٧

بيّن ... » (١).

فهنا يطعن في الطبري صاحب التاريخ وفي كتابه ، ويسقطه عن الاعتبار.

لكنّه في بعض الموارد الأخرى يعتمد عليه ويحتجّ بروايته ..

فمثلا : عند ما يريد الدفاع عن عمر في قضيّة تعطيله حدّ المغيرة بن شعبة في الزنا ، يقول بعد نقل الخبر : « هذا رواية الثقات ، ذكره الطبري في تاريخه بهذه الصورة » (٢) (٣).

ومثلا : عند ما يريد الدفاع عن عثمان في تعطيله حدّ عبيد الله بن عمر في قتل الهرمزان ، يأتي بخبر فيقول :

« هذا ما كان من أمر الهرمزان على ما ذكره أرباب صحاح التواريخ ، ونقله الطبري وغيره (٤) » (٥).

فاعتماده على الطبري بعد كلامه المذكور في جرحه تناقض.

بل نقل في مورد آخر عنه وعن ابن الجوزي مع النصّ على كونهما « من أرباب صحّة الخبر »! وهذا لفظه :

« خروج أبي ذرّ ـ على ما ذكره أرباب الصحاح ، وذكره الطبري (٦) وابن الجوزي من أرباب صحّة الخبر ـ أنّه ذهب إلى الشام ، وكان مذهب أبي ذرّ

__________________

(١) دلائل الصدق ٣ / ٧٩.

(٢) ولا يخفى أنّ الخبر الذي أورده غير موجود في تاريخ الطبري ، وإنّما ذكرت القصّة باختلاف ؛ راجع : تاريخ الطبري ٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٤.

(٣) دلائل الصدق ٣ / ١٤٩.

(٤) ولا يخفى أنّ الخبر الذي أورده غير موجود في تاريخ الطبري.

(٥) دلائل الصدق ٣ / ٣١٠.

(٦) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٦١٥.

١٢١

أنّ قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) (١) محكم غير منسوخ ، وكنز الذهب والفضّة حرام وإن أخرجوا زكاته ، ومذهب عامة الصحابة والعلماء أنّها منسوخة بالزكاة ... » (٢).

* ومن تناقضاته : إنّه عدّ عمر بن عبد العزيز في الخلفاء الراشدين ، في معنى حديث الأئمّة بعدي اثنا عشر ... (٣).

وهو مع ذلك ذكر نزول الآية ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٤) في أولاد مروان .. وهذا كلامه في الدفاع عن معاوية ، حين قال العلّامة : « إنّه نزل في حقّه وحقّ أنسابه ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) » (٥) قال :

« هذه الآية اختلف في شأن نزولها ، قال بعضهم : نزلت في رؤيا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وأنّه رأى في الرؤيا أولاد مروان ينزون على منبره ؛ ولم يذكر أحد من علماء السنّة أنّه نزل في معاوية (٦) » (٧).

* ومن تناقضاته : إنّه منع من لعن معاوية وذكر مساوئه ، وقال بأنّ ذكر مطاعنه محض الغيبة الضارّة وقد قال رسول الله : لا تذكروا موتاكم إلّا بالخير. وهو يقرّ بصحّة حديث « ويح عمّار تقتله الفئة الباغية » ويعترف

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٣٤.

(٢) دلائل الصدق ٣ / ٢٩٨.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ٤٨٦.

(٤) سورة الإسراء ١٧ : ٦٠.

(٥) نهج الحقّ : ٣١٢ ، وانظر : دلائل الصدق ٣ / ٣٩٠.

(٦) وهذا منه مغالطة ، فالعلّامة لم يذكر نزولها في معاوية خصوصا ، بل مراده أنّها نزلت في بني أميّة ، ومعاوية منهم.

(٧) دلائل الصدق ٣ / ٣٩٠.

١٢٢

بأنّ أصحاب معاوية قتلوا عمّارا ، وهم الفئة الباغية (١).

* ومن تناقضاته قوله : « مذهب عامّة العلماء أنّه يجب تعظيم الصحابة كلّهم والكفّ عن القدح فيهم ، لأنّ الله تعالى عظّمهم وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه » (٢) ثمّ قوله عن سورة الجمعة : « فأنزل الله الآية في شأن من يذهب ويترك رسول الله قائما ، وفي كلّ طائفة يكون عوامّ وخواصّ ، ولا يبعد هذا عن الإنسان » (٣).

أقول :

فهل يرى وجوب تعظيم هؤلاء أيضا؟!

تاسعا ـ الخروج عن البحث ، والإباء عن الإقرار بالحقّ :

وهذا أيضا ممّا يلوح للناظر في كتابه بكثرة :

* فمثلا : قال العلّامة طاب ثراه : « الرابع عشر ـ من مسند أحمد بن حنبل ، وفي الصحاح الستّة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عدّة طرق : إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ، لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ ... » (٤).

فانظر إلى كلام الفضل في جوابه : « اتّصال النبيّ بعليّ في النسب ، وأخوّة الإسلام ، والنصرة والمؤازرة ، غير خفيّ على أحد ، ولا دلالة على

__________________

(١) دلائل الصدق ٣ / ٣٥٣.

(٢) دلائل الصدق ٣ / ٣٩٨.

(٣) دلائل الصدق ٣ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤.

(٤) نهج الحقّ : ٢١٨ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٤٢٠.

١٢٣

النصّ بخلافته ، لأنّ مثل هذا الكلام قال رسول الله لغير عليّ ، كما ذكر أنّه قال : الأشعريّون إذا قحطوا أرملوا ، أنا منهم وهم منّي ؛ ولا شكّ أنّ الأشعريّين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء ، فلا يكون هذا نصّا » (١).

أقول :

وهكذا عارض الفضل حديث الصحاح الستّة وغيرها بحديث رووه في الأشعريّين ..

ألا يعلم الفضل عدم ورود جملة « وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي » في حقّ أحد غير عليّ عليه‌السلام؟!

ألا يعلم عدم ورود جملة « لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ » في حقّ أحد سواه؟!

هذا ، وقد جاءت جملة : « إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ » متعقّبة بهاتين الجملتين ، لتدلّ على معنى غير المعنى المراد منها في حديث الاشعريّين إن صحّ ...

وكلّ هذه الأمور يعلمها الفضل ، لكنّه يخرج عن البحث فرارا من الإقرار بالحقّ!

* وكذلك تجده يأبى الإقرار بالحقّ في مسألة أشجعية الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فالعلّامة رحمه‌الله يقول : « أجمع الناس كافّة على إنّ عليّا عليه‌السلام كان أشجع الناس بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... » (٢).

وهل في هذا كلام لأحد حتّى لا يعترف الفضل بالأشجعية ، بل

__________________

(١) دلائل الصدق ٢ / ٤٢٠.

(٢) نهج الحقّ : ٢٤٤ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٥٣٥.

١٢٤

يقول : « شجاعة أمير المؤمنين أمر لا ينكره إلّا من أنكر وجود الرمح السماك في السماء ... » (١).

* وكذلك في آية التطهير وحديث الكساء ، فالعلّامة رحمه‌الله ينقل عن مسند أحمد والجمع بين الصحاح الستّة عن أمّ سلمة ... ثمّ يقول : « وقد روي نحو هذا المعنى من صحيح أبي داود وموطّأ مالك وصحيح مسلم في عدّة مواضع وعدّة طرق » (٢).

فإن كان العلّامة كاذبا ـ والعياذ بالله ـ فليردّ عليه الفضل بعدم وجود الحديث في الصحاح ، وإن كان صادقا في النقل فليعترف بالحقّ .. لكنّه يقول :

« إنّ الأمّة اختلفت فيها أنّها في من نزلت ، وظاهر القرآن يدلّ على إنّها نزلت في أزواج النبيّ ؛ وإن صدق في النقل عن الصحاح فكانت نازلة في آل العبا ، وهي من فضائلهم ، ولا تدلّ على النصّ بالإمامة » (٣).

فلماذا هذا العناد؟!

عاشرا ـ إنكار فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام :

وهو بالإضافة إلى مناقشته في دلالات أحاديث مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقد أنكر جملة من الأحاديث والقضايا الواضحة الدلالة على أفضليّته عليه‌السلام ، ومنها ما هو من خصائصه التي لا يشاركه فيها أحد أصلا!

__________________

(١) دلائل الصدق ٢ / ٥٣٥.

(٢) نهج الحقّ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٤٨٠.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ٤٨٠.

١٢٥

* فقد أنكر ولادة الإمام عليه‌السلام في الكعبة المعظّمة ، وهذه عبارته :

« المشهور بين الشيعة أنّ أمير المؤمنين ولد في الكعبة ، ولم يصحّحه علماء التواريخ ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيها غيره » (١).

أقول :

ليس هذا مشهورا بين الشيعة فحسب ، بل هو مشهور عند الآخرين كذلك ، بل الخبر به متواتر عندهم وكذا عند غيرهم كما نصّ عليه الحاكم النيسابوري (٢).

* وأنكر أن تكون الراية يوم حنين بيد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وادّعى كونها بيد أبي بكر!

قال العلّامة قدس‌سره : « وفي غزاة حنين حين استظهر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكثرة ، فخرج بعشرة آلاف من المسلمين ، فعانهم أبو بكر وقال : لن نغلب اليوم من قلّة ؛ فانهزموا بأجمعهم ... » (٣).

فأجاب الفضل بقوله : « وأمّا ما ذكر من أمر حنين وأنّ أبا بكر عانهم ، فهذا من أكاذيبه ، وكيف يعين أبو بكر أصحاب رسول الله ، وكان هو ذلك اليوم شيخ المهاجرين وصاحب رايتهم ... » (٤).

__________________

(١) دلائل الصدق ٢ / ٥٠٧.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٥٠ ذ ح ٦٠٤٤.

(٣) نهج الحقّ : ٢٥١ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٥٤٩.

(٤) دلائل الصدق ٢ / ٥٥١.

١٢٦

أقول :

هنا مطالب :

١ ـ إنّ أبا بكر قد عان المسلمين في ذلك اليوم ، وإنّ ما ذكره العلّامة موجود في غير واحد من التفاسير ، بتفسير قوله تعالى : ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ... ) (١) (٢).

٢ ـ إنّ الراية كانت بيد أبي بكر؟! .. من قال هذا؟!

٣ ـ بل إنّ من خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام كون الراية بيده في جميع الحروب والغزوات ، وهذا ما نصّ عليه غير واحد من أعلام أهل السنّة (٣).

فمن الكاذب إذا؟!

* ومن خصائصه عليه‌السلام أنّه أوّل من أسلم ، وإليك عبارة الفضل في ذلك :

« ما ذكر أنّ عليّا أوّل الناس إسلاما ، فهذا أمر مختلف فيه ، وأكثر العلماء على إنّ أوّل الناس إسلاما هو خديجة ، وقال بعضهم : أبو بكر ، وقال بعضهم : زيد بن حارثة ... » (٤).

* وقال في آية التطهير : « أكثر المفسّرين على إنّ الآية نزلت في شأن الأزواج » (٥).

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٢٥.

(٢) راجع منها مثلا : الكشّاف ٢ / ١٨٢ ، تفسير الرازي ١٦ / ٢٣.

(٣) انظر : الاستيعاب ٣ / ١٠٩٠ رقم ١٨٥٥ ، أسد الغابة ٣ / ٥٩٤ رقم ٣٧٨٣ ، فرائد السمطين ١ / ٣٦٢ ح ٢٨٩.

(٤) دلائل الصدق ٢ / ٥١١.

(٥) دلائل الصدق ٢ / ١٠٣.

١٢٧

أقول :

نصّ عبارة ابن حجر المكّي : « أكثر المفسّرين على إنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين » (١).

* وقال في الآية ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ... ) (٢) :

« اختلف المفسّرون في الآية نزلت في من؟ قال كثير منهم : نزلت في صهيب الرومي ... وأكثر المفسّرين على إنّها نزلت في الزبير بن العوّام ومقداد بن الأسود ...

ولو كان نازلا في شأن أمير المؤمنين عليّ ... ليس هو بنصّ في إمامته » (٣).

أقول :

فكثير من المفسّرين يقولون : « صهيب » ، وأكثر المفسّرين يقولون : « الزبير والمقداد ».

أمّا أمير المؤمنين « لو كان نازلا في شأنه ... » ..

لكنّك تجد القول بنزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليه‌السلام في ذيلها ، لأنّه بات في مكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة الهجرة ، في كثير من التفاسير المشهورة لأهل السنّة ، كتفاسير : الرازي والقرطبي والثعلبي وأبي حيّان

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٢٢٠.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٧.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

١٢٨

الأندلسي والنيسابوري والآلوسي (١) ، بل في شرح النهج عن أبي جعفر الإسكافي : « وقد روى المفسّرون كلّهم أنّ قول الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي ) الآية ، نزلت في عليّ ليلة المبيت على الفراش » (٢).

وتجد الخبر بترجمة الإمام عليه‌السلام ، من تاريخ ابن عساكر وأسد الغابة وتاريخ الخميس ، وغيرها من كتب التواريخ والسير (٣).

وتجده في باب الإيثار من كتاب إحياء علوم الدين للغزّالي ٤ / ٣٧.

وتجد الإيعاز إليه في حديث عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس ، المشتمل على الفضائل العشر ، التي هي خصائص لأمير المؤمنين ، والصحيح سندا بالقطع واليقين ، وهو في مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، والخصائص ـ للنسائي ـ : ٣٤ ح ٢٣ ، والمستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢.

وأخرج الحاكم في المستدرك بسند ـ وافقه عليه الذهبي ـ عن عليّ ابن الحسين عليه‌السلام قال : « إنّ أوّل من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله عليّ بن أبي طالب. وقال عليّ عند مبيته على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ من الطويل ] :

__________________

(١) تفسير الفخر الرازي ٥ / ٢٢٢ ، تفسير القرطبي ٣ / ١٦ ، البحر المحيط ٢ / ١١٨ ، روح المعاني ٢ / ١٤٦ ، وانظر : أسد الغابة ٣ / ٦٠٠ رقم ٣٧٨٣ ، وكفاية الطالب :

٢٣٩ كلاهما نقلا عن الثعلبي.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١.

(٣) تاريخ دمشق ٤٢ / ٦٧ ، أسد الغابة ٣ / ٦٠٠ رقم ٣٧٨٣ ، تاريخ الخميس ١ / ٣٢٥ ، تاريخ الطبري ١ / ٥٦٧ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٧٦ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٣٥٨ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٨ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٩١.

١٢٩

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا

ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر

رسول إله خاف أن يمكروا به

فنجّاه ذو الطول الإله من المكر

وبات رسول الله في الغار آمنا

موقّى وفي حفظ الإله وفي ستر

وبتّ أراعيهم ولم يتهمونني

وقد وطّنت نفسي على القتل والأسر » (١)

* وقال العلّامة في أدلّة إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الآيات الشريفة :

« الثامنة : قوله تعالى : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) (٢) ..

روى الجمهور عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ ، لم يسجد أحدنا لصنم قطّ ، فاتّخذني نبيّا واتّخذ عليّا وصيّا » (٣)

فقال الفضل : « هذه الرواية ليست في كتب أهل السنّة والجماعة ... » (٤).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥ ح ٤٢٦٤.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٢٤.

(٣) نهج الحقّ : ١٧٩ ـ ١٨٠ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ١٣٩.

(٤) دلائل الصدق ٢ / ١٣٩.

١٣٠

أقول :

هذه الرواية رواها الحافظ ابن المغازلي في كتابه مناقب الإمام عليّ ابن أبي طالب بسند له عن ابن مسعود (١).

وقد استدلّ بها العلّامة في كتابه منهاج الكرامة فلم ينكرها ابن تيميّة في ردّه عليه (٢) ، لكنّ الفضل ينكر أصل وجودها في كتبهم ، وكأنّه هنا أشدّ تعصّبا من ابن تيميّة المعروف بالنصب!!

* وقال العلّامة : « العاشرة : قوله تعالى : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٣) ..

نقل الجمهور عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر وعليّ الهادي ، وبك يا عليّ يهتدي المهتدون » (٤)

فقال الفضل : « ليس هذا في تفاسير أهل السنّة ، ولو صحّ دلّ على أنّ عليّا هادي ، وهو مسلّم ؛ وكذا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم هداة ، لقوله : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. ولا دلالة فيه على النصّ » (٥).

أقول :

وفي مثل هذا الموضع يمكن للباحث أن يطّلع على حال الفضل

__________________

(١) مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : ٢٣٩ ح ٣٢٢.

(٢) انظر : منهاج السنّة ٧ / ١٣٢.

(٣) سورة الرعد ١٣ : ٧.

(٤) نهج الحقّ : ١٨٠ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ١٤٥.

(٥) دلائل الصدق ٢ / ١٤٥.

١٣١

عقيدة وعلما وعدالة!!

أمّا أوّلا : فلأنّه أنكر أن يكون تفسير « الهادي » في الآية المباركة في شيء من تفاسير السنّة ، مع إنّ الأقوال بذلك عندهم كثيرة ، والروايات به معتبرة ، فلاحظ :

مسند أحمد ١ / ١٢٦ ، تفسير الطبري ٧ / ٣٤٣ ح ٢٠١٦٠ و ٢٠١٦١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٠ ح ٤٦٤٦ ، المعجم الصغير ١ / ٢٦١ ، مجمع الزوائد ٧ / ٤١ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٣٧٢ رقم ٦٨١٦ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٩ ، الدرّ المنثور ٤ / ٦٠٨ ، وغيرها (١)

ثمّ إنّ من رواته : ابن أبي حاتم ، في تفسيره الخالي عن الموضوعات ، كما ذكر ابن تيميّة (٢) ، وأيضا فإنّ الهيثمي قال : رجال المسند ثقات (٣) ، وكذلك فقد صحّحه الحاكم ، وأخرجه الضياء في المختارة ، وبعض أسانيد ابن عساكر صحيح بلا كلام.

هذا ، وقد رووا هذا الحديث عن جمع من الصحابة ، منهم : عليّ عليه‌السلام ، عبد الله بن العبّاس ، عبد الله بن مسعود ، جابر بن عبد الله ، بريدة ، سعد بن معاذ ، أبو برزة الأسلمي ... وغيرهم.

__________________

(١) انظر مثلا : تفسير الحبري : ٢٨١ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٩٣ ـ ٣٠٣ ح ٣٩٨ ـ ٤١٦ ، فرائد السمطين ١ / ١٤٨ ح ١١١ و ١١٢ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٤٨٣ ، جامع الأحاديث ـ للسيوطي ـ ٣ / ٢٨١ ح ٨٦٤٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٠ ح ٣٣٠١٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.

وراجع ما فصّلناه حول الآية في الجزء الثاني من كتابنا « تشدييد المراجعات وتفنيد المكابرات » ، ص : ١٠٤ ـ ١٨٢.

(٢) منهاج السنّة ٧ / ١٣.

(٣) مجمع الزوائد ٧ / ٤١.

١٣٢

وأمّا ثانيا : فلأنّه ادّعى التساوي في الهداية بين « أمير المؤمنين » عليه الصلاة والسلام وبين سائر « أصحاب رسول الله » صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على الإطلاق ، وهذا ما لا يدّعيه أدنى الناس إنصافا وأقلّهم عقلا.

وأمّا ثالثا : فلأنّه عارض الأحاديث الواردة في تفسير الآية المباركة بحديث « أصحابي كالنجوم » ، وهي معارضة باطلة لا يزعمها إلّا جاهل أو متعصّب ، وذلك لوجهين.

الأوّل : إنّ أحاديث تفسير الآية بأمير المؤمنين عليه‌السلام متّفق عليها بين الطرفين ، معتبرة عند الفريقين ، كثيرة عددا ، وصحيحة سندا ... وحديث « أصحابي كالنجوم » خبر واحد انفرد به أهل السنّة ، ولا يكون حجّة على الإماميّة حتّى لو كان صحيحا سندا عندهم.

والثاني : إنّ حديث « أصحابي كالنجوم » باطل موضوع عند كبار أئمّة القوم ، فهل يجهل الفضل ذلك أو يتجاهل؟!

قال أحمد بن حنبل : حديث غير صحيح (١).

وقال ابن حزم : خبر مكذوب ، موضوع ، باطل ، لم يصحّ قطّ (٢).

وقال أبو حيّان : حديث موضوع ، لا يصحّ بوجه عن رسول الله (٣).

وقال ابن القيّم عن طرق الحديث : لا يثبت شيء منها ... فهذا كلام لا يصحّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

وقال ابن الهمّام : حديث لم يعرف (٥).

__________________

(١) التيسير في شرح التحرير ٣ / ٢٤٣.

(٢) رسائل ابن حزم ٣ / ٩٦ ، وانظر : البحر المحيط ـ لأبي حيّان ـ ٥ / ٥٢٨.

(٣) البحر المحيط ٥ / ٥٢٨.

(٤) إعلام الموقّعين ٢ / ٢٤٢.

(٥) التحرير في أصول الفقه ـ بشرح أمير بادشاه ـ ٣ / ٢٤٣.

١٣٣

وقال الشوكاني : فيه مقال معروف (١).

وأورده الألباني المعاصر في الأحاديث الموضوعة والضعيفة (٢).

* وقال العلّامة : « الثانية عشرة ـ قوله تعالى : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) (٣) .. روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري ، قال : ببغضهم عليّا عليه‌السلام » (٤).

فقال الفضل : « ليس في تفسير أهل السنّة. وإن صحّ دلّ على فضيلته لا نصّ على إمامته » (٥).

أقول :

أليس كتاب الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من تفاسير السنّة ، ومؤلّفة الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي ، صاحب المؤلّفات الكثيرة الشهيرة ، رواه فيه بتفسير الآية عن غير واحد من أئمّة الحديث والتفسير (٦)؟!

فإن كان الفضل جاهلا بهذا فما الذي يحمله على الإنكار إلّا العناد لأهل بيت النبيّ الأطهار؟!

* وقال العلّامة : « روى ابن عبد البرّ وغيره من السنّة في قوله

__________________

(١) إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول : ١٢٧.

(٢) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١ / ٧٨.

(٣) سورة محمّد ٤٧ : ٣٠.

(٤) نهج الحقّ : ١٨١ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ١٥٣.

(٥) دلائل الصدق ٢ / ١٥٤.

(٦) الدرّ المنثور ٧ / ٥٠٤.

١٣٤

تعالى : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) (١) ، قال : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثمّ قال له : سلهم يا محمّد على ماذا بعثتم؟ قالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله ، وعلى الإقرار بنبوّتك ، والولاية لعليّ بن أبي طالب » (٢).

فقال الفضل : « ليس هذا من رواية أهل السنّة ... » (٣).

أقول :

وهذا الإنكار كسابقه .. ومن رواة هذا الخبر من أعلام السنّة :

الحاكم النيسابوري ، في كتاب معرفة علوم الحديث : ٩٦.

أبو إسحاق الثعلبي ، في تفسيره الكبير ، المخطوط.

أبو نعيم الحافظ ، في كتاب ما نزل في عليّ ، كما ذكر غير واحد من الحفّاظ (٤).

الديلمي ، صاحب فردوس الأخبار (٥).

والحافظ ابن حجر في زهرة الفردوس ، كما ذكر ابن عراق (٦).

ورواه الحاكم الحسكاني ، والخطيب الخوارزمي ، وشيخ الإسلام

__________________

(١) سورة الزخرف ٤٣ : ٤٥.

(٢) نهج الحقّ : ١٨٣ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ١٦٧.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ١٦٧.

(٤) انظر : ينابيع المودّة ١ / ٢٤٣ ح ١٩ وج ٢ / ٢٤٦ ح ٦٩٢ ، تنزيه الشريعة المرفوعة ـ لابن عراق ـ ١ / ٣٩٧ ح ١٤٧.

(٥) انظر : ينابيع المودّة ١ / ٢٤٤ ذ ح ١٩.

(٦) تنزيه الشريعة المرفوعة ١ / ٣٩٧ ح ١٤٧.

١٣٥

الحمويني ، والحافظ أبو عبد الله الكنجي ، وغيرهم (١).

رووه عن أمير المؤمنين ، وعن عبد الله بن مسعود ، وابن عبّاس ، وأبي هريرة ... وبعض أسانيدهم صحيح بلا ريب ...

* وقال العلّامة : « الثامنة عشرة ـ سورة ( هَلْ أَتى ) (٢) .. روى الجمهور : إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله ... » (٣).

فقال الفضل : « ذكر بعض المفسّرين في شأن نزول السورة ما ذكره ؛ ولكن أنكر على هذه الرواية كثير من المحدّثين وأهل التفسير ، وتكلّموا في أنّه يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ ، ويجوّع نفسه وأهله حتّى يشرف على الهلاك؟ ... وإن صحّ ، الرواية لا تدلّ على النصّ كما علمته » (٤).

أقول :

الرواة لنزول السورة في أهل البيت عليهم‌السلام من السنّة كثيرون جدّا ، ومنهم :

أبو جعفر الطبري ، وابن عبد ربّه القرطبي ، وأبو القاسم الطبراني ، والحاكم النيسابوري ، وابن مردويه الأصبهاني ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وأبو إسحاق الثعلبي ، والحاكم الحسكاني ، وابن المغازلي الشافعي ، وأبو الحسن

__________________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ١٥٦ ـ ١٥٨ ح ٨٥٥ ـ ٨٥٨ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام : ٣١٢ ح ٣١٢ ، فرائد السمطين ١ / ٨١ ح ٦٢ ، كفاية الطالب : ٧٥ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٤١.

(٢) سورة الإنسان ( الدهر ) ٧٦ : ١.

(٣) نهج الحقّ : ١٨٤ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ١٧٢.

(٤) دلائل الصدق ٢ / ١٧٣.

١٣٦

الواحدي ، وأبو عبد الله الحميدي ، والبغوي ، والزمخشري ، والخوارزمي ، وأبو موسى المديني ، والفخر الرازي ، وابن الأثير ، وأبو عمرو ابن الصلاح ، وابن طلحة الشافعي ، والقاضي البيضاوي ، والمحبّ الطبري ، والنسفي ، والحمويني ، والخازن ، والقاضي الإيجي ، وابن حجر العسقلاني ، والجلال السيوطي ، وأبو السعود العمادي ، والشوكاني ، والآلوسي ... وغيرهم من أئمّة الحديث والتفسير.

رووه عن : أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعن ابن عبّاس ، وزيد بن أرقم ، وسعيد بن جبير ، والأصبغ بن نباتة ، وقنبر ، والحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، وأبي صالح ، وقتادة ، والضحّاك ... وغيرهم من الصحابة وأعلام التابعين ، العلماء في علوم القرآن.

قال القرطبي : « وقال أهل التفسير : نزلت في عليّ وفاطمة ... » (١).

وقال سبط ابن الجوزي : « قال علماء التأويل : فيهم نزل ... » (٢).

وقال الآلوسي : « والخبر مشهور » (٣).

وكان هذا الخبر ممّا احتجّ به المأمون على علماء بغداد في أفضليّة عليّ وأهل البيت عليهم‌السلام ، في خبر طويل رواه ابن عبد ربّه القرطبي الأندلسي (٤) ...

وورد في أشعار السيّد الحميري وغيره في عداد فضائل الإمام عليّ عليه الصلاة والسلام (٥).

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٩ / ٨٥.

(٢) تذكرة خواصّ الأمّة : ٢٨١.

(٣) روح المعاني ٢٩ / ٢٧٠.

(٤) العقد الفريد ٤ / ٧٧.

(٥) انظر : شواهد التنزيل ٢ / ٤١٥ الهامش.

١٣٧

وذكر غير واحد من العلماء : إنّ السؤّال كانوا ملائكة من عند ربّ العالمين ، أراد بذلك اختبار أهل البيت عليهم‌السلام (١).

وإذا كان هذا اختبارا من الله ، وفضيلة من فضائلهم عليهم‌السلام عند قاطبة العلماء ، فأيّ قيمة لقول من يقول بعدم جواز فعلهم؟!

وبه أسانيد معتبرة من طرقهم ...

فقول الفضل : « إن صحّ » ومناقشته في القضيّة ـ نقلا عن كثير من المحدّثين وأهل التفسير كما زعم ـ الظاهرة في تكذيبه للخبر أو تشكيكه ، دليل آخر على جهله أو تعصّبه!

وأمّا المناقشة المذكورة فقد أجاب عنها علماؤنا .. ويكفي في الردّ على الفضل ما قاله الشيخ المظفّر : كيف استشكل من جواز تلك الصدقة وهو قد ذكر في مبحث الحلول أنّ أبا يزيد البسطامي ترك شرب الماء سنة تأديبا لنفسه (٢) ، وعدّه منقبة له (٣)؟!

* وقال العلّامة : « قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٤) ...

روى الجمهور عن ابن عبّاس ، قال : لمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هم أنت يا عليّ وشيعتك ... » (٥).

فقال الفضل : « هذا غير مذكور في التفاسير ، بل الظاهر العموم. وإن

__________________

(١) تفسير النيسابوري ـ هامش تفسير الطبري ـ ٢٩ / ١١٢ ، كفاية الطالب : ٣٤٨ عن الحافظ أبي عمرو ابن الصلاح وشيخ الحرم بشير التبريزي وغيرهما.

(٢) دلائل الصدق ١ / ٢٤٦.

(٣) دلائل الصدق ٢ / ١٧٧.

(٤) سورة البيّنة ٩٨ : ٧.

(٥) نهج الحقّ : ١٨٩ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٢١٠.

١٣٨

سلّم فلا نصّ » (١).

أقول :

أليس الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور من كتب التفاسير؟! رواه فيه عن ابن عديّ عن ابن عبّاس. وعن ابن مردويه عن عليّ عليه‌السلام. وعن ابن عساكر عن جابر بن عبد الله الأنصاري. وعن ابن عديّ وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري (٢).

فهم يروونه عن جماعة من الأصحاب ، بأسانيدهم ، في الكتب قبل زمان الفضل وبعده ... وابن مردويه ـ بالخصوص ـ من أشهر أئمّتهم في التفسير والحديث.

* وقال العلّامة : « الرابعة والثلاثون ـ قوله تعالى : ( وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) .. أجمع المفسّرون وروى الجمهور أنّه عليّ عليه‌السلام » (٤).

فقال الفضل : « اتّفق المفسّرون أنّ المراد من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر ... وإن صحّ نزوله في أمير المؤمنين فلا شكّ أنّه صالح المؤمنين ، ولكن لا يدلّ على النصّ المدّعى » (٥).

أقول :

أخرجه الحافظ السيوطي في الدرّ المنثور عن ابن أبي حاتم عن

__________________

(١) دلائل الصدق ٢ / ٢١٠.

(٢) الدرّ المنثور ٨ / ٥٨٩.

(٣) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

(٤) نهج الحقّ : ١٩١ ـ ١٩٢ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٢٢٧.

(٥) دلائل الصدق ٢ / ٢٢٨.

١٣٩

عليّ عليه‌السلام. وعن ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عبّاس. وعن ابن مردويه عن أسماء بنت عميس (١).

ورواه الثعلبي في التفسير الكبير عن أسماء (٢).

وكذا الحافظ أبو نعيم عنها ، في كتابه في ما نزل في عليّ من القرآن (٣).

ولعلّ العمدة هنا رواية ابن أبي حاتم هذا الخبر في تفسيره ، فقد نصّ ابن تيميّة على إنّ تفسيره خال من الموضوعات كما مرّ بنا سابقا.

هذا ، بالاضافة إلى روايات أصحابنا الإمامية .. فيكون الخبر متّفقا عليه بين الفريقين. فما الحامل للفضل على الإنكار؟!

* وقال العلّامة : « الخامسة والثلاثون ـ قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ... ) (٤) ..

روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري ، أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم دعا الناس إلى عليّ عليه‌السلام في يوم غدير خمّ ... » (٥).

فقال الفضل : « ... الذي ذكره من مفتريات الشيعة ... » (٦).

أقول :

وماذا تقول للفضل إذا علمت أنّ من رواة هذا الحديث ـ نزول الآية

__________________

(١) الدرّ المنثور ٨ / ٢٢٤.

(٢) كما في : مطالب السؤول : ٨١ ، وينابيع المودّة ١ / ٢٧٨ ح ٢.

(٣) انظر : ينابيع المودّة ١ / ٢٧٨ ح ٢.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٣.

(٥) نهج الحقّ : ١٩٢ ، وانظر : دلائل الصدق ٢ / ٢٣١.

(٦) دلائل الصدق ٢ / ٢٣٢.

١٤٠