قال : لو كان بإذنه كان أحبّ إليّ إن استطعتم ، ولكنّ الناس أكثر من ذلك ، فإن خرجتم ففي كثرة وعدّة (١).
فلذلك كلّه يجب طاعة [م ٢٢] الأمير فيما يأمر به وينهى عنه وأن لا ينازع ، قال الله تعالى : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(٢) وقد أمر عمرو بن العاص (٣) جيشه في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يوقدوا نارا في ليلة باردة ، فلمّا قدموا شكوا ذلك ، فقال عمرو : كان في أصحابي قلّة فكرهت أن يراهم [س ٤٥] العدوّ. فأعجب ذلك النبيّصلىاللهعليهوسلم.
وإذا أمرهم الأمير بأمر يخاف فيه الهلكة وأجمعوا على أنه خطأ فلهم أن يسألوه عنه ويناظروه عليه ، فإمّا أن يبين لهم صوابه فيرجعوا إليه أو يبين له الزلل فيرجع هو عنه.
وقد رجع الصحابة إلى أبي بكر الصدّيق (٤) في قتال أهل الردّة
__________________
(١) انظر شرح السير الكبير ١ : ١٧٤ برقم : ١٨٦ إلى ١٩٥.
(٢) سورة الأنفال ٨ : ٤٦ وانظر أحكام الطاعة في شرح السير الكبير ١ : ١٦٥ وما بعدها وفي الأحكام السلطانية : ٤٨.
(٣) عمرو بن العاص ٥٠ ق. ه ـ ٤٣ ه ٥٧٤ ـ ٦٦٤ م : عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي ، أبو عبد الله ، فاتح مصر ، وأحد عظماء العرب ودهاتهم وأولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم ، كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام ، وأسلم في هدنة الحديبية وولاه النبي (صلىاللهعليهوسلم) مرة جيش «ذات السلاسل» وأمدّه بأبي بكر وعمر ، ثم استعمله على عمان ، ثم كان من أمراء الجيوش في الجهاد بالشام في زمن عمر ، وهو الذي افتتح قنسرين وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية وولاه عمر فلسطين ثم مصر فافتتحها وعزله عثمان. ولما كانت الفتنة بين عليّ ومعاوية كان عمرو مع معاوية ، فولاه معاوية على مصر سنة ٣٨ ه وأطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالا طائلة وتوفي بالفسطاط ، الإصابة ٥ : ٢ برقم : ٥١٧٧ والأعلام ٥ : ٧٩.
(٤) أبو بكر ٥١ ق ه ـ ١٣ ه ٥٧٣ ـ ٦٣٤ م : أبو بكر الصديق ، عبد الله بن عثمان (أبي قحافة) بن عامر القرشي ، أول الخلفاء الراشدين وأول من آمن برسول الله (صلىاللهعليهوسلم) من الرجال ـ ـ ولد بمكة ونشأ سيدا من سادات قريش وغنيا وعالما بالأنساب. بويع بالخلافة يوم وفاة النبي (صلىاللهعليهوسلم) سنة ١١ ه فحارب المرتدين وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق ، وتوفي بالمدينة ، عن الأعلام ٤ : ١٠٢.