تهنئة أهل الإسلام بتجديد بيت الله الحرام

المؤلف:

إبراهيم بن محمّد بن عيسى الميموني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٤

قال فذكره قال مسعود : وهو لو صح الوصل فيما بين ربيعة وعبد الله ورواه أبو يزيد خلد بن نزار بن المغيرة الإيلى عنه بإثبات واسطه فقال : عن عياض بن عقبه الفهرى عن عبد الله وهو الصواب إن شاء الله أنبأنا أحمد بن عبد الدايم عن الكرانى أنا محمود أنا ابن ناد شاده أنا الطبرانى ثنا المقدام بن داود ثنا خالد ابن نزارنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبى هلال عن ربيعة بن سيف عن عياض بن عقبة الفهرى عن عبد الله بن عمرو فذكره ورواه أيضا المفافا بن عمران عن هشام ، كذلك أباه ابن سلامة أدما عن فاطمة الأنصارية أن فاطمة العلوية أنبأتهم عن إبراهيم ، السلمى أنا محمد بن إبراهيم أنا أحمد بن على بن المثنى بنا عبد الغفار ، أنا المفافا فذكره وذكر مسعود كلام الترمذى على الحديث ، ثم قال وهو كما قال إلا أن قوله إنما يروى عن أبى عبد الرحمن الحنبلى ، عن عبد الله مما يستدرك عليه لما أوردناه من روايته له عن عياض بن عقبة من غير وجد وكأنه أخذه والله أعلم من ذكر شيخه الإمام أبى عبد الله البخارى له بالرواية عن الحبل معتصرا عليه قاله فى التاريخ ، وذلك لا يفيد ما قال من الحصر ، وعياض بن عقبة ، كناه ابن يونس انا يحيى توفى سنة مائة وهذا الاختلاف كله مع ما فى ربيعة بن سيف من الضعف فإنه وان روى له أبو داود والترمذى والنسائى وقال النسائى لا بأس به وقال الدارقطنى : صالح فقد ضعفه جماعة وعنده مناكير ، ورد عبد الحق لأجله حديث يا فاطمه أبلغت معهم الكدا ، وهو حديث أخبرناه أبو الفضل محمد بن عمر بن أبى بكر بن ظافر البصرى ، أنا يعقوب بن محمد بن الحسن الهنديانى أنا منصور بن أبى الحسن الطبرانا زاهر بن طاهر ، أنا محمد عبد الرحمن الكنجروذى أنا أبو عمرو محمد ابن أحمد بن حمدان ، أنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى عبد الأعلى بن حماد ثنا المفضل بن فضاله حدثنى ربيعة المعافرى عن أبى عبد الرحمن الجند عن عبد الله بن عمرو قال : قرأنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوما فلما فرغ انصرف ووقف وسط الطريق فإذا نحن بامرأة مقبلة لا نظن أنه عرفها فلما دنت إذا هى فاطمة ـ عليهما‌السلام ـ فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا فاطمة ما أخرجك من بيتك قالت : أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت ، فرحمت إليهم بيتهم ، أو عزيتهم لا أحفظ أى ذلك قالت : قال : ربيعة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعلك بلغت معهم

٣٤١

الكدا قالت : معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر ، قال : لو بلغت الكدا ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك». أو أبو أبيك وروى الطحاوى هذا الحديث عن الربيع بن سليمان الجيزى قال ثنا أبو زرعة ثنا حيرة حدثنى ربيعة بن سيف المعاصرى عن أبى عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر نحوه وإنما ذكر الطحاوى هذا لتثبت رواية ربيعة عن أبى عبد الرحمن الخبلى ، وإن كان غير حديث من مات يوم الجمعة ، وذلك لا شك فيه ، وممن ضعف ربيعة النووى فى الكتاب الذى جمعه فى الأحكام قال الحافظ مسعود بن أحمد وقد روى من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو أخبرناه يوسف أنا أبو بكر. وقرأت على عمر أنا عبد الرحمن وأبو نصر وأبو المفضل وغير واحد.

وقرأت على محمد بن ملاعب ، وعلى بن أحمد أن أبا نصر أخبرهم قالوا : إن عبد الأول ، أنا ابن المظفر ، أنا السرخسى ، أنا ابن خزيم ثنا عبد ثنا يزيد بن هارون ، أنا بقية ثنا معاوية بن سعد كذلك الأصل وأنما هو سعيد التجيبى قال : سمعت أبا قبيل المصرى قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقى فتنة القبر» قال مسعود : الحديث إسناده جيد متصل مشهور من رواية بقية ثقة تكثر عن معاوية ابن سعيد كان يكتب فى ديوان الجند بمصر مشهور روى عنه جماعة من التابعين عن أبى قبيل واسمه حى وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة لا يرو بهذا الاسناد إلا من جهة بقيه رواه عنه يزيد بن هارون فى آخرين منهم شريح بن النعمان ثقة احتج به البخارى أخبرناه أبو الفرج ، أنا ابن أبى المجد ، أنا هبة الله أنا أبو على أنا ابن حمدان ثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا شرع هو ابن النعمان فذكره ومنهم حيوة بن شريح واحتج به البخارى أيضا أخبرناه محمد بن إبراهيم أنا أبو القاسم عبد الحميد أنا إسماعيل أنا عمر أبو حفص أنا عمر أبو سهل ثنا عبد الله ابن جعفرنا إسماعيل بن عبد الله ابن مسعودنا حيوة بن شريح نا معاوية بن سعيد التحيبى قال سمعت أنا قبيل فذكره ومنهم إبراهيم بن أبى العباس البغدادى السامرى ثقة أيضا أخبرناه عبد اللطيف أنا صاعد أنا الشيبانى أنا أبو على ، أنا ابن حمدان نا عبد الله حدثنى أبى نا إبراهيم فذكره ومنهم سليمان

٣٤٢

ابن داود الختلى أنبأ به غير واحد عن أبى طاهر أنبأنا أبو صادق أنا ابن الطفال ، أنا ابن بجيرنا محمد بن عبروسى ثنا سليمان ، فذكره من الجزء الثالث عشر من حديث ابن بجير أخبرنا أحمد وعبد الله وعثمان قال : الأولان أنا إسماعيل وقال الآخران عبد الرحمن قالا أنا الرازى أنه سمع من محمد بن الحسين الحر المذكور ، أنا الذهلى قرأت على عبد العزيز عن أم هانى ، أنا فاطمه أنا أبو بكر أنا سليمان ثنا بكر بن سهل ثنا محمد بن أبى السرى ثنا بقية فذكره ومنهم داود بن رشيد احتج به البخارى ومسلم قرأت على عبد اللطيف أخبرك أحمد ، أنا إسماعيل ، أنا أبو منصور أنا أبو طاهر ثنا عبد الله وهو البغوى ثنا داود يعنى ابن الرشيد فذكره ورواه عبد الرزاق عن عبد الملك بن جريح عن رجل عن ابن شهاب عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرسلا بنحوه وأيضا عبد الرزاق عن ابن جريح عن رجل عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنحوه ، وروينا عن الحافظ الدارقطنى عن أبى الأسود عبيد الله بن موسى عن بشرين فأنى عن أبى نعيم عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الدارقطنى : غربت من حديث زيد بن اسلم عن ابن عمر تفرد به أبو نعيم عن خارجة عنه ولم يروه غير بشرين فأنى. انتهى قال مسعود : وقد روى من جهة أنس بن مالك أخبرنا به أبو حامد ، أنا عبد الصمد أنبأنا إسماعيل ، أنا ابن مصرور ، أنا محمد بن أحمدم ، أنا أبو على النيسابورى أنا يوسف ، أنا محمد أنا نصر أنا الحسين عن أبان بن أبى مصرور عياش عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ليس ينجو من ضغطة القبر إلا شهيد أو مصلوب ، أو من مات يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة» لا أعلمه يروى إلا من هذا الوجه وأبان بن أبى عياش أحد المتروكين أخبرنا عثمان بن الحاجب وقرأت على الأنصاريين وغيرهما قالوا : أنا الحسن بن على أنا الحسين أنا على أنا محمد بن محمد أنا السامرى أنا جعفر بن محمد ثنا محمد بن عبيدنا الحسن اللولوى نا أحمد بن صحيح عن حسين بن علوان عن سعد بن طريف عن أبى جعفر محمد على قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أدخله الله عزوجل الجنة البتة» أبو جعفر هو الباقر وسعد بن طريف ضعيف وأخرج له الترمذى وابن علوان أبو على الكوفى هذا ملخص ما ذكره الحافظ مسعود ـ رحمه‌الله ـ ولقد أجاد

٣٤٣

فى جمعه هذه الطرق ، لكن قوله اختلف على هشام محمد رواه. عن ربيعة صحيح ، وليعلم أن الاختلاف عند المحدثين على قسمين أحدهما ما يعتقده المحدث كما هو عند الفقهاء ، وغيرهم والقسم الثانى اختلاف الرواية وهو أن يروى ذلك الحديث عن رواية على وجهين أو أكثر ، قاله ما نحن فيه رواه عبد الرحمن بن مهدى والعقدى وشعيب عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبى هلال عن ربيعة عن عبد الله بن عمرو ورواه خالد بن بزار عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبى هلال عن ربيعة عن واسطة بينه وبين عبد الله بن عمرو فهذه ثلاثة أوجه وتسمى طرقا وتسمى روايات كلها مروية عن هشام بن سعد ولا ينسب إلى عبد الرحمن بن مهدى والعقدى وشعيب منها غير روايتهم عن هشام بن سعد واحده منها ويحتمل أن تكون هى الصحيحة ويحتمل أن يكون الصحيح غيرها وعبد الرحمن إمام فى الحديث عمدة نقاد ونحن لم نعلمه ما عنده من ذلك هل الصحيح عنده ما سمعه من شيخه هشام بن سعد؟ أو ما رواه غير منه؟ فعبارة الشيخ سعد الدين ـ رحمه‌الله ـ لو علم أن عبد الرحمن قائل بترجيح تلك الطريقة التى رواها ولكن لم يرد ذلك وإنما أراد ما قلناه فلذلك نبهنا عليه قوله فقال بن مهدى والعقدى وشعيب بن حرب عبد الله بن عمرو من غير واسطة قد نبهنا على ما فيه قوله وهو ما أوردناه مما يبين أن مراده رحمه‌الله ما ذكرناه من الرواية لا الترجيح فإنه ـ رحمه‌الله ـ كان غلب عليه علم الحديث وأراد الرواية ولا فى ذهنه غير ذلك قوله وكذلك قال يونس بن بكير : عنه عن ربيعة ، ولم يذكر سعيدا ، لم يذكر الحافظ سعد الدين ـ رحمه‌الله ـ سندا لرواية يونس بن بكبير هذه وقوله واراد حكايه قصة قال توفى ابن فلان بن عقبه الطاهر أن فلانا هو عياض فقد جاء مبينا فى كلام الذى بعده فى كلام غيره قوله فسمعت عبد الله بن عمرو وهذا لم أره إلا فى هذا الكلام ، وقد قلت أنه لم يذكره بإسناد فرددنا لو وقفنا على إسناده ، وقد قدمنا عن الطحاوى فى حكاية القصة المذكورة ذكر ابن محزم وقوله فقال له رجل من أهل الصدق : ألا أبشرك بشئ سمعته من عبد الله بن عمرو» وهذا اللفظ يقتضى أن يكون بين ربيعة وعبد الله بن عمرو رجلان أحدهما عبد الرحمن بن محزم

٣٤٤

والآخر مجهول هو المخبر لابن محزم عن عبد الله بن عمرو ، وقوله ورواه خالد ابن بزار هذه الرواية وهى مسندة ، ليس فيها سمعت ، وإنما فيها من طريقة الطبرانى ثنا المقدام بن داود ثنا خالد بن بزار ثنا هشام بن سعد عن سعيد عن ربيعة بن سيف عن عياض عن عبد الله بن عمرو فلم يصرح بالسماع قوله ورواه المعافا بن عمران عن هشام ليس منها تصريح بالسماع أيضا بل فيها ربيعة عن عياض أن ابنا له هلك فقال عبد الله ابن عمرو : وهذا يقتضى أن المحدث لعياض هو عبد الله بن عمرو وعياض بن عقبة ليس له ذكر فى كتب الستة ، وقد تقدم ذكره عن ابن يونس ، وأن وفاته سنة مائة ولا أدرى هل رأى عبد الله بن عمرو أولا ، وأما ربيعة ابن سيف فتوفى فى نحو سنة ست وعشرين ومائة والقصه على الوجه الذى ذكره الحارثى ـ رحمه‌الله ـ يقتضى ظاهرها أن يكون كلاهما حاضرين موت ولد عياض ، وأن يكون عبد الله بن عمرو حاضرا أيضا ، وهذا بعيد. والوجه أنه منقطع فإنه لم يصرح بالسماع ، فلم يثبت لنا لربيعة سماع من عبد الله بن عمرو ، ولا طريق صحيح بسماع ربيعة من غير أبى عبد الرحمن الحبلى فلا مستدرك على الترمذى قوله وقد روى من وجه آخر وذكر سنده إلى عبد بن حميد إلى أبى قبيل عن عبد الله بن عمرو إلى آخره كلام جيد ومعاوية * ابن سعيد ذكره بن حبان فى الثقات فهو إسناد جيد كما قال متصل لا ريبة فيه ـ إن شاء الله ـ إلا أنه حديث لم أجده فى شىء من الكتب الستة ، ومسند عبد بن حميد الذى هو منه من المسانيد المشهورة ، وهو سماعا على زينب المقدسية سماعا ، من ابن الليث بسماعه من أبى الوقت عبد الأول ، بالسند الذى ذكره مسعود الحافظ ، وعبد بن حميد من شيوخ مسلم يزيد بن هرون عظيم وبقية حاله معروف وروى له مسلم ومعاوية بن سعيد قد قلنا : إن ابن حبان وثقه وأبو قبيل عن عبد الله بن عمرو ليس فى شىء من الكتب الستة فلعلهم تركوها لأجل بقية ، وإن كانوا أخرجوا له غيرها وما ذكره الحافظ مسعود بعد ذلك من وسل ابن شهاب ، حديث المطلب بن عبد الله بن حطب وحديث ابن عمر وحديث أنس ومرسل أبى جعفر الباقه كلها يشد بعضها بعضا ، ويقوى الحديث المذكور فيندفع ما قاله الطحاوى من قوله بطل الاحتجاج بهذا الحديث ، ويبين أنه جيد مما ينظر فيه لكن من طريق أبى قبيل

٣٤٥

حى بن هانى وأما من طريق ربيعة فلا ، والمحدث يحكم على الحديث من جهة سنده ، فحكم الترمذى عليه من ذلك الطريق صحيح ، والفقيه يحكم عليه من جهة متنه ، وقد تبين أن متنه جيد ـ إن شاء الله ـ ولا معارضة بينه ، وبين حديث ضغطة القبر لأنه عام ، وهذه الأحاديث خاصة ، فيجمع بينهما ، وتقدم الخاص على العام هذا محتمل ، ولسنا جازمين به فقد روى الطبرانى فى معجمه الكبير قال : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمى ، ثنا عمران بن أبى الرحيل ، ثنا حبيب بن خالد الأسدى عن سليمان الأعمش عن عبد الله بن المغيرة عن أنس قال : «توفيت زينب بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرجنا معه ، فرأينا رسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مهتما شديد الحزن ، فجعلنا لا نكلمه حتى انتهينا إلى المقبرة ، فإذا هو يفرغ من لحده ، فقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقعدنا حوله فحدث نفسه هنيهة ، وجعل ينظر إلى السماء ، ثم فرغ من القبر ، فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلنا له : يا رسول الله رأيناك مهتما حزينا لم نستطع أن نكلمك ، ثم رأيناك سرى عنك ، فلم ذلك قال : كنت أذكر ضيق القبر ، وغمه ، وضعف زينب ، فكان ذلك يشق على ، فدعوت الله عزوجل أن يخفف عنها ففعل ، ولقد ضغطها ضغطة سمعها من بين الخافقين إلا الجن والإنس ، واعلم أن هذا السند لم يصح والسند الذى ذكره الطحاوى إلى عائشة رضى الله عنها لم يصح والصحيح فى أمر الضغطة ما رواه النسائى من حديث أبى عمرو رضى الله عنه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «هذا تحرك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفا من الملائكة ضم ضمة ثم فرج عنه» رواه النسائى بإسناد صحيح ، وليست فيه عموم لكل ميت فلا إشكال فيه ولا تعارض وسعد بن معاذ ـ رضى الله عنه ـ وإن كان عظيما ولكن قد يكون أمرا اقتضى ذلك ، فلا يلزم أن يكون ذلك لكل أحد. وممن صحح إسناد النسائى هذا النووى فى الكتاب الذى جمعه فى الأحكام ، وقد أطلنا فلنرجع إلى ما كن فيه من أمر الرباط ، وفى الترمذى من حديث عثمان ـ رضى الله عنه ـ قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «رباط يوم فى سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه ، من المنازل» قال الترمذى : حديث حسن وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : مر رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشعب فيه عين ماء عذبه فأعجبته فقال لو اعتزلت الناس فأقمت فى هذا الشعب ولن أفعل

٣٤٦

حتى أستأذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «لا تفعل فإن مقام أحدكم فى سبيل الله أفضل من صلاته فى بيته سبعين عاما ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، ويدخلكم الجنة ، اغزوا فى سبيل الله من قاتل فى سبيل الله فواق ناقة ، وجبت له الجنة» رواه الترمذى وقال : حسن والفواق ما بين الحلبتين وعن أبى أمامة : ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أفضل الصدقات ظل فسطاط فى سبيل الله ومبيحة خادم فى سبيل الله». رواه الترمذى وقال حسن صحيح وروى القاضى أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبى عاصم فى كتاب الجهاد من تأليفه من حديث العرباص ابن سارية قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا الرابطة فى سبيل الله أو طروقه محل فى سبيل الله ، فإنه ينمى له عمله ويجرى عليه رزقه إلى يوم الحساب» ومن حديث أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات مرابطا أجرى عليه رزقه من الجنة ، ونماله عمله إلى يوم القيامه ، ووقى فتان القبر» ومن حديث وائلة بن الأسقع قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات مرابطا فى سبيل الله ، أجرى الله له مثل أجر المرابط فى سبيل الله حتى يبعثه الله يوم الحساب» ومن حديث عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «رباط يوم فى سبيل الله» أفضل من ألف يوم فيما سواه من القرب فليرابط أمر كيف شاء ومن حديث أبى أمامه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم «من مات على ذنابى طريف فهو من أهله ومن حديث فضاله بن عبيد عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم» «من مات على مرتبه من هذه المراتب بعثه الله عليها يوم القيامه» وعن سلمان أنه قال : لأفعل بيروت سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : رباط يوم صيام شهر بين ومن مات مرابطا أجير من فتنه القبر وأجرى له صالح عمله إلى يوم القيامة» وعنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر ، وقيامه صائما لا يفطر ، وقائما لا يفترو» عن أنس عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من رابط ليلة على مساجد البحر ، أفضل من عمل رجل فى أهله ألف سنة السنه ثلثمائة وستون يوما اليوم مقدار ألف سنه» وفى بعض طرقه حرس ليله وروى فى ذلك فى فضل الرباط عدة أحاديث أخر عن سلمان وأم الدرداء وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو ابن العاص وعتبة ابن المنذر والأحاديث فى فضل الجهاد كثيرة ، وإنما ذكرنا منها ما يختص بالرباط ولم يستوعبه ، والرباط مراقبة العدو فى الثغور ، والمزاحمة لبلاده قال القنيبى : أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم فى ثغر كل منهما معدا لصاحبه فسمى المقام فى الثغور رباطا فالرباط مصدر رابطت أى لا دنت وقد ورد فى المواظبة على الطهارة

٣٤٧

والصلاة قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فذلكم الرباط» وقيل فى هذا الحديث أنه اسم لما يربط به يعنى أن هذه الخلال يربط صاحبها عن المعاصى ، وتكفه عن المحارم ، والربيط : الزاهد الحكيم الذى ربط نفسه عن الدنيا فصل روى أبو داود فى سننه من حديث أبى سعيد عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه سئل أى المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال : «رجل يجاهد فى سبيل الله بنفسه ، وماله ، ورجل يعبد الله فى شعب من الشعاب قد كفى الناس شره» وظن بعض الناس أن هذا مخالف لتفضيل العلم على الجهاد وقال : وحمل القاضى عياض على أن المراد من التى للتبعيض ، لأن العلماء أكمل منهم ، وإذا حملناه على من جمع بينه ذلك ، والعلم لم يحتج إلى ما قال فقد يكون كل واحد من الرجلين عالما على أنا نفرق بين أكمل إيمانا ، وأفضل فالعالم أفضل ، وقد يكون غيره أكمل إيمانا منه ، وهذا اللفظ الذى ذكرناه عن أبى داود ولفظ الصحيحين من حديث أبى سعيد أرضا مرفوعا مؤمن مجاهد فى سبيل الله بنفسه ، وماله قالوا : ثم من؟ قال : مؤمن فى شعب من الشعاب يتقى الله ، ويرح الناس من شره ولفظ السؤال فى أى الناس أفضل؟ فلا يجىء الجواب الذى قلناه وإن اختار ما دل عليه الحديث وأن هذين أفضل ويكفيهما علما ما هما فيه من ذلك ومن لفظ الصحيحين الذى ذكرناه والترتيب ، يؤخذ أن المرابط أفضل من المجاور ، والكلام فى تفضيل العلم على الجهاد له محل غير هذا وقد قرأت على الحافظ مسعود بن أحمد قال : أنا عبد الهادى سماعا أن أحمد بن عبد الرحمن الحضرمى أنا الرازى بقراءة السلفى عليه وأنا اسمع أنا محمد ابن إسماعيل الكثى أنا أبو محمد البالوى أنا عيسى بن موسى بن عدم ثنا الخراسانى عن سفين الثورى عن عباد بن منصور عن الحسن عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يوزن مداد العلماء ودم الشهداء * فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء» ولا شك أن نفس العلم أفضل من نفس الجهاد ، والجهاد من الأعمال التى تنشأ من العلم والمقصود بالحديث تفضل الأعمال الناشئة عن العلم ، والعمل من جنس الإيمان هو الأمثل وتقرير هذا له محل غير هذا فليشتغل بما نحن بصدده ومن حديث أبى أمامة أن رجلا قال : «يا رسول الله إئذن لى فى السياحة. قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سياحة أمتى الجهاد فى سبيل الله» وهذان الحديثان وإن لم يكونا خاصين بالرباط فيدخل فيهما لأنه نوع من الجهاد

٣٤٨

والاستعداد له ومن الأحاديث فى الجهاد عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو ومات على شعبة من نفاق» أخرجه مسلم وأخبرنا أبو محمد الحق بن عبد الكريم بن عبد السلام المالكى العمادى المشهور بسيط زيادة قرأه عليه وأنا أسمع قال : أخبرنا عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمى يقرأه الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن عليه ، وأنا أسمع أنا أبو طاهر السلفى ، أنا محمد بن عبد العزيز الغسانى ، أنا محمد بن عبد الله بن شنبويه ، أنا أبو بكر أحمد بن موسى ثنا محمد بن عبد الله بن دسته ثنا عبد الواحد بن عتاب ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبى ذر قال : قلت : يا رسول الله أى الأعمال أفضل قال : «جهاد فى سبيل الله ، ثم إيمان لا شك فيه» ولا خلاف أن الجهاد إما فرض عين ، وإما فرض كفاية والرباط نوع منه وهو أيضا منقسم إلى فرض عين وفرض كفايه وقد يمكن أن يكون سنة لا فرض عين ، ولا فرض كفاية فى بعض الأحوال أما المجاورة فليست فرضا أصلا ، ولا شك أن الفرض أفضل مما ليس بفرض فى الغالب ، لما قاله النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الله تعالى «ما تقرب المتقربون إلى بمثل أداء ما افترضته عليهم» وإن كان قد خرج عن هذا مسائل يسيرة كالتصدق على المعسر ، الذى هو أفضل من الإنظار الواجب ، ونحو ذلك وإذا تؤمل لم لم توجد المسائل المذكورة خارجة عن ذلك بل هى راجعة إليه فائدة فى الجهاد مع إعلاء كلمة الله تعالى تنبيه للكفار من يكون منهم غافلا ، ودعوة لهم إلى الحق لتقوم الحجة عليهم فمتى تركه المجاهدون أثموا ، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) وهكذا العلماء لا يكتفى منهم بعلمهم وتصنيفهم وتعليمهم من يشاء لهم بل يجب عليهم أن يبتدءوا بتعليم كل جاهل ، وتنبيه كل غافل ، من كافر حربى وذمى ومسلم عاص وغافل ، وألا يطالبهم يوم القيامة لم لا يبلغوا دعوة الرسل ، ويطالبهم أولئك الناس كلهم وهذه لطيفة ينبغى أن ينتبه لها فالعلماء والمجاهدون خلفاء الرسل فى الدعاء إلى الحق ، وقيام حجة الله على خلقه ، مكلفون بذلك والمجاور ونحوه من المنقطعين للعباده يمدونهم بالدعاء بظهر الغيب.

٣٤٩

فصل

(لما جاءنا هذا السؤال ابتدر ذهبنا إلى أن الرباط ...) لما جاءنا هذا السؤال ابتدر ذهبنا إلى أن الرباط أفضل ثم توقفنا عن الجواب لأمرين : أحداهما : «المعنى فى المجاورة وأهلها ، وذلك أن المجاورة فيها عكوف على العبادة التى خلق الله العباد لها قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالمجاورون فرغوا أنفسهم لذلك وجردوها عما سواه ووجهوا همهم إلى الله تعالى سبحانه ، لا شريك له ، واستعانوا بذلك على صلاح قلوبهم التى إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، واستطراد المعارف الإلهية المتنزلة عليهم من سحائب الرحمة واشتغلوا بما يترتب عليها من الأحوال السيئة وهم فى ذلك بين صلاة وطواف ونظر إلى البيت العتيق ، الذى يتنزل عليه كل يوم مائه وعشرون رحمة ستون منها للمصلين وأربعون للطائفين ، وعشرون للناظرين مع مالهم ، من صيام وأعمال أخر ، ثم هم مع ذلك كله جيران بيت الله تعالى ، فاطنون بحرف وما زال سكان حرم الله مكرمين لأجله ، وانظر الحجر الأسود كيف شرع تقبيله لأنه يمين الله فى الأرض على عادة تقبيل يد الملوك ، وان كان الله سبحانه متنزها عن الجارحة ، فيفهم من جعل الحجر الأسود فى الأرض لذلك ، وهو يمين البيت أن العكوف عند * البيت وحده خدمة لله وعز به وإذا حصل أصل الإسلام ، ولو لم يضيف إليه من الأعمال ، وهذا وحده لا يوجد فى الرباط لأن القائم على الثغور بمجردها لا قربة فيها ، وإنما تزاد وسبله للجهاد ، ومجرد الإقامة بمكة إذا قصد لما ذكرناه من مجاورة بيت الله ، قربة فمن أوى إلى الله ، آواه الله ، وفيه شىء آخر عظيم لا يوجد فى غيره ، وهو التوجه فى الصلاة إلى عين الكعبة ، فيقطع بصوابه ، وصحه صلاته بذلك ، أما غيرها من البلاد فقد اختلف الفقهاء هل الواجب استقبال العين أو الجهة اشتهر البحث ، فى ذلك ، وما فيه من الإشكال على كل من القولين ما عرف فى الفقه واختلفت محارب أكثر البلاد فى ذلك اختلافا كثيرا ، عن الوقوف على الصواب ، فيه إلا فى المواضع التى صلى فيها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنا نقطع بصوابها ولا فيها احتمال تياسر أو تيامن أو جهة أو خطأ فى حساب ، فلو لم يكن فى مكة إلا هذه الفائدة لكفت فتادينا مع من يكون بهذه الصفة أن يفضل عمره عليه ولمحنا أنه بالنسبه إلى غيره

٣٥٠

كالفقير الصابر ، بالنسبة إلى الغنى الشاكر وقد أجرى الله عادته ، وقسم الخير فى عبادة من انقسامهم إلى أرباب القلوب المتجردين لذلك ، وتر لهم فى الغالب هم الذين تظهر عليهم الكرامات وشواهد الولاية فلا بد فى الخلق فى كل عصر منهم فبهم يحصل لنا الخير من الله فهذا أحد الأمرين اللذين أوجبا لنا التوقف عن إخلاق الجواب. الأمر الثانى : لمعنى فى المرابطين ، وهو أن الأحاديث والآثار وما قدمناه من قيام بفرضه واقتضائه رجحانه على المجاورة ، وهو فممن يفعل ذلك محتسبا لله تعالى قاصدا به إعزاز دين الله ، وإعلاءه كلمته ، مجاهدا بنفسه ، وماله ـ إن كان له مال ـ أو بنفسه فقط ـ إن لم يكن له ذلك ـ رزقا من الأموال الحرام والمكوس بل قانعا من الحلال بما تيسر أو بما يفتح الله عليه من فى المسلمين المرصد للمجاهدين ، غير قاصده بل قاصدا إعلاء كلمة الله ، فهذا هو المرابط الذى ينظر بينه وبين المجاور فإن كنت أيها السائل من هذا القبيل ، قلنا لك : أن الرباط أفضل بشرط اخر أيضا وهو أن تجد من نفسك قوه تعينك على ذلك ، فإن من الناس من يكون فيه فضل قوه ، ودفع : عن المسلمين فهو الذى يقصد منه ذلك ، وأما من لا دفع له لضعف بدنه ونحوه ما المجاورة له أفضل ، إن تيسرت وإن كنت أيها السائل ليس من هذا القبيل بل يقصد بهذا السؤال فخر أو رياء ، فإنك تأثم بذلك ويدخلنا معك فى الإثم لإعانتنا لك عليه ، وإن كنت تقصد بهذا مجرد علم لم يحصل بذلك طائل وضيعت علينا الزمان فالعلم إنما ينبغى الاشتغال به للعمل أو لتعليم من يعمل لينتفع به القائل والسامع وغير ذلك لا خير فيه وقد كان من المجاورين بمكة الفضيل بن عياض ولا أطيل عليك بكراماته وكونه بالمحل الأسى من المعارف الإلهية والأحوال السنية ، فكتب إليه عبد الله بن المبارك ، ولا أطيل أيضا بكراماته وكونه بالمحل الأسنى من العلم والزهد والأعمال الصالحه حجا وغزوا ومرابطه وكرما بأحواله كتب إلى الفضل.

من الثغور. يا عابد الحرمين لو أبصرتنا

لعلمت أنك فى العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه

فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله فى باطل

فخيولنا يوم الصبحة تتعب

ربح العبير لكم ونحن عبيرنا

وهج السنابك والغبار الأطيب

٣٥١

ولقد اتانا من مقال نبينا

قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوى وغبار خيل الله فى

أنف أمرئ ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا

ليس الشهيد بميت لا يكذب

فلما قرأ الفضيل كتابه ذرفت عيناه ، ثم قال : صدق أبو عبد الرحمن ونصحنى وهذه الأبيات أنشد فيها ولدى عبد الوهاب من حفظه عن تاريخ ابن عساكر ونقلتها منه ، فإن كنت أيها السائل تتخلق بخصلة واحدة من خصال هذين الرجلين فقد سمعت الجواب وإلا فأسأل ربك من خير ما عنده ، وابك على خطيئتك وادع الله لى ولك ولأمثالنا * من المقصرين واعلم أن جميع ما ذكرناه فى المرابطة يأتى مثله فى المشتغل بالعلم ، والمعلم له إذا لم يتأن له مثلهما بمكة وفيمن هو مشتغل ببر أحد والديه ، أو كليهما ، أو بأمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو مصلحة من مصالح المسلمين ، يعظم وقعها فى الدين لا يتأتى له مثلها بمكة كما شغل أويسنا القرنى بره بأمه عن رؤيته وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم التى لا شىء بعد الإسلام أعظم منها ، أن المقصود بالذات من العبادة وعبادة الله تعالى فالمطلوب من المجاور هو المقصود بذاته واما الجهاد والرباط فمقصود بطريق الوسيلة لأنه يتوصل به إلى عبادة أكثر من الشخص الواحد ، وإعلاء لكمة الله ، وإعزاز دينه ونصرة رسله ، وكم من واحد يهتدى به نحو عباده فى نفسه ، ويتوسل به إلى ما لا يحصى من العبادات ، وكذلك العدل ، ونحوه فلذلك فضل عن المجاور اختلف فيها فكرهها بعض العلماء والذين لم يكرهوها لم يقولوا أنها مطلوبة فلم يجىء عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بها ولا فعل دال عليها ، والعلم كذلك مقصود فى نفسه فيما يتعلق بمعرفة الله تعالى صفاته وأسماؤه ووسيله إلى غيره لما يهتدى به وهو الذى يعتمده المجاهدون والعباد ففضله على الجهاد كفضل الجهاد على العبادة ، وفضلهما على العبادة بالعرض ، لا بالذات ، والمفضل بالذات هو العبادة ، وسرها وتفضيلها للوصول ، بها إلى الله الملك الحق فهو المقصود كله لا إله إلا هو وكل ما سواه عدم ومن وجده وجد كل شىء ومن فاته لم يحصل على شىء ، والتعب فى رضاه راحة وفيما سواه باطل.

٣٥٢

لئن كان هذا الدمع يجرى صبابة

غلى غير ليلى فهو دمع مضيع

ومن هى ليلى فى خلق الله ، فكيف رب العالمين خالق الموجودات أجمعين نسأل الله أن يجمعنا عليه ، ويجذبنا إليه بمنه ، وكرمه بنبيه محمد وهو وسيلتنا إليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا إلى يوم الدين ، ورضى الله عن صحابته أجمعين وعن جميع علماء المسلمين. آمين والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وكان الفراغ من زبرها يوم الأربعاء المبارك حادى عشر ذى الحجة الحرام من شهور سنة تسع وثلاثين وألف ختمت بالخير والشرف على بركاتها العبد الفقير إلى الله تعالى.

منصور بن سليم الدمناوى الأزهرى

٣٥٣

فهرس الكتاب

ـ ترجمة المؤلف...................................................................... ٥

ـ وصف المخطوط................................................................... ٦

ـ تمهيد........................................................................... ١١

ـ المبحث الأول................................................................... ١٦

ـ المبحث الثانى.................................................................... ٢٧

ـ المبحث الثالث فى فضل الحجر الأسود.............................................. ٢٩

ـ ذكر تطييب الكعبة.............................................................. ٩٠

ـ ذكر حلية الكعبة المعظمة ومغاليقها............................................... ١٠٣

ـ ذكر كيفية صلاة الأئمة بهذه المقامات وبيان مواضعها من المسجد الحرام................ ١٥٣

ـ تحقيق أجوبة المبحث الثانى....................................................... ١٦١

ـ التنبيه الثالث.................................................................. ٢٤٢

ـ التنبيه الرابع.................................................................... ٢٤٣

ـ ذكر ما أصاب الحجر الأسود فى فتنة القرمطى...................................... ٣١٢

ـ ذكر شىء من الآيات المتعلقة بالحجر الأسود....................................... ٣١٣

ـ ذكر الملتزم..................................................................... ٣١٤

ـ ذكر زمزم...................................................................... ٣١٥

ـ ذكر فضائل ماء زمزم وخواصه.................................................... ٣٢٨

ـ فصل......................................................................... ٣٥٠

ـ الفهرس....................................................................... ٣٥٤

٣٥٤