شرح الكفراوي على متن الآجرومية بحاشية الحامدي

الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري

شرح الكفراوي على متن الآجرومية بحاشية الحامدي

المؤلف:

الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري


المحقق: عبد الكريم سامي الجندي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-6970-X
الصفحات: ٣١٨

لله مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره. وهذا الوجه يجوز عربية ويتعين قراءة ويجوز في الرحيم النصب والرفع على جر الرحمن ونصبه ورفعه. فهذه ستة أوجه تجوز عربية لا قراءة فالمجرور منهما نعت لله كما تقدم والمنصوب منهما منصوب على التعظيم بفعل محذوف تقديره أقصد أو نحوه وإعرابه أقصد فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والرحمن الرحيم بالنصب منصوبان على التعظيم بذلك الفعل المقدّر وعلامة نصبهما فتحة ظاهرة في آخرهما. والمرفوع منهما خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو الرحمن الرحيم وإعرابه هو ضمير منفصل مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع ، لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب ، والرحمن أو الرحيم خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره فقد علمت أن المنصوب منهما على التعظيم بفعل محذوف وأن المرفوع منهما مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ولا يقال للمنصوب منهما مفعول به تأدبا مع الله عزوجل ويمتنع وجهان آخران وهما جر الرحيم مع نصب الرحمن أو رفعه ولذا قال بعضهم :

أن ينصب الرحمن أو يرتفعا

فالجر في الرحيم قطعا منعا

فجملة ما يتحصل في البسملة تسعة أوجه :

الأول منها : يجوز عربية ويتعين قراءة. والستة بعده تجوز عربية لا قراءة

______________________________________________________

هذا على القول بأنه صفة وأما على القول بأنه علم فهو بدل منه والرحيم نعت له لا للفظ الجلالة. قوله : (وهذا الوجه) أي جرهما معا. قوله : (يجوز عربية) أي يصح تخريجه على قواعدها. قوله : (قراءة) أي من جهتها فلا يجوز غيره عند القراء. قوله :(ستة أوجه) من ضرب اثنين ـ وهما رفع الرحيم ونصبه ـ في ثلاثة ـ وهي جر الرحمن ونصبه ورفعه. قوله : (كما تقدم) أي في قوله : الرحمن صفة لله الخ. قوله : (أو نحوه) كأمدح أو أذكر. قوله : (على التعظيم) أي على أن المقصود إظهار العظمة. قوله : (علمت) أي مما تقدم. قوله : (منهما) أي الرحمن الرحيم. قوله : (تأدبا) مفعول لأجله. قوله : (عز) أي انتفى أن يكون له مثيل. قوله : (وجل) فاعله مستتر أي الله أي عظم وارتفع وتنزه عن كل نقص. قوله : (ولذا) أي ولأجل منع هذين الوجهين. قوله : (بعضهم) هو الأجهوري كما سيأتي له. قوله : (الأول) هو جرهما معا. قوله : (قال الخ) استدلال على أن الأوجه تسعة. قوله : (النور) أي من هو

٤١

والوجهان الآخران ممتنعان عربية وقراءة كما علمت. قال النور الأجهوري :

______________________________________________________

أن ينصب الرحمن أو يرتفعا

فالجر في الرحيم قطعا منعا

وإن يجر فأجز في الثاني

ثلاثة الأوجه خذ بياني

فهذه تضمنت تسع منع

وجهان منها فأدر هذا واستمع

كالنور في النفع. قوله : (الأجهوري) نسبة إلى أجهور ـ بلدة ببحيرى مصر ـ وهو مالكي. قوله : (إن) هي حرف شرط جازم. قوله : (ينصب) مجزوم بأن وعلامة جزمه السكون وحرك بالكسر للتخلص. قوله : (الرحمن) نائب فاعل أي هذا اللفظ. قوله : (أو يرتفعا) أو حرف عطف ويرتفعا معطوف على ينصب مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا في محل جزم. قوله : (فالجر) الفاء واقعة في جواب إن والجر مبتدأ. قوله : (في الرحيم) متعلق بمنعا. قوله : (قطعا) صفة لمحذوف أي منعا قطعا أي مقطوعا ومجزوما به أي لم يخالف فيه أحد وكلامه هذا خلاف الصواب والصواب أن يبدل قطعا بوجها لأن الاتباع بعد القطع فيه خلاف فقيل بالمنع وقيل بالجواز ولو قيل بالجواز عند استغناء المنعوت عن جميع النعوت والمنع عند الافتقار إلى البعض دون البعض لكان مذهبا كما في الأشموني إلا أن يجاب بأن المراد بالقطع اتفاق طائفة مخصوصة وإنما منع الجر لأن التابع أشد ارتباطا بالمتبوع فلا يؤخر عن المقطوع ولأن في الاتباع بعد القطع رجوعا إلى الشيء بعد الانصراف عنه لا لاعتراض الجملة بين الصفة والموصوف لوقوعه في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٧٦) [الواقعة : ٧٦]. قوله : (منعا) فعل ماض والألف للإطلاق ، أي مد الصوت ، ونائب الفاعل مستتر يعود على الجر والجملة خبر المبتدأ ، والمبتدأ وخبره في محل جزم جواب الشرط. قوله : (يجر) مجزوم بأن فعل الشرط وعلامة جزمه سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الإدغام. قوله : (فأجز) الفاء واقعة في جواب إن ، وأجز فعل أمر والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة في محل جزم جواب الشرط. قوله : (في الثاني) متعلق بأجز. قوله : (ثلاثة) مفعول أجز ، وقوله : الأوجه مضاف إليه. قوله : (خذ) فعل أمر وفاعله مستتر. قوله : (بياني) مفعول مضاف لياء المتكلم ، أي خذ ما بينته لك من الأوجه. قوله : (فهذه) الفاء للفصيحة ، أي إذا أردت بيان ما أفادته الجمل المذكورة من الأوجه الجائزة ، والممتنعة فأقول لك هذه الخ واسم الإشارة راجع للجمل المذكورة في البيتين قبل وهو مبتدأ خبره الجملة بعده. قوله : (تضمنت الخ) أي أفهمت تسعا ، لأن الأول

٤٢

والاسم معناه لغة ما يدل على مسمى واصطلاحا كلمة دلت على معنى في نفسها ولم تقترن بزمان ، والله اسم للذات الواجب الوجود والمستحق لجميع المحامد. والرحمن معناه : المنعم بجلائل النعم ، والرحيم معناه : المنعم بدقائقها.

(الكلام) : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (هو) :

______________________________________________________

تضمن ستة أوجه : من ضرب اثنين ـ وهما نصب الرحمن ورفعه ـ في ثلاثة ـ وهي رفع الرحيم ونصبه وجره ـ لأن المعنى أن ينصب الرحمن أو يرتفع ففي الرحيم ثلاثة أوجه : الجر وهو ممنوع والرفع والنصب وهما جائزان والثاني ثلاثة أوجه وهي ظاهرة. قوله : (وجهان) نائب فاعل منع وهو مرفوع بالألف لأنه مثنى. قوله : (منها) متعلق بمنع. قوله : (فادر) الفاء للعطف أو للفصيحة ، أي إذا ثبت أنها تضمنت تسعا فادر ، أي اعلم. قوله : (هذا) أي ما ذكرته لك. قوله : (واستمع) أي أصغ بأذنك له والمراد اقبله ولا تطرحه وهذا وما قبله تكملة للبيت. قوله : (ما دل) أي مفرد دل. قوله : (واصطلاحا) هو لغة مطلق الاتفاق واصطلاحا اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص. قوله : (كلمة) جنس يشمل المعرف وغيره من الفعل والحرف والمراد بها ما هو أعم من المنطوق به حقيقة أو حكما ؛ فدخل الضمير في نحو قام. قوله : (في نفسها) أي بالفعل أو بالقوة ، فدخلت أسماء الإشارة ونحوها ، لأنها في قوة الدال على معنى في نفسه لأن الأصل في الأسماء دلالتها على معنى في نفسها وخرج الحرف. قوله : (ولم تقترن بزمان) أي وضعا خرج به الفعل ودخل نحو اسم الفاعل. قوله : (اسم) أي علم فليس المراد به ما قابل الفعل والحرف. قوله : (الواجب الوجود) أي الذي لا يقبل الانتفاء أزلا وأبدا. قوله : (لجميع المحامد) من إضافة المؤكد ـ بالكسر ـ للمؤكد ـ بالفتح ـ والمحامد : جمع محمدة بمعنى الثناء. قوله : (بجلائل النعم) من إضافة الصفة للموصوف ، أي : بالنعم الجليلة ، أي العظيمة كالوجود والسمع والبصر. قوله : (بدقائقها) أي الحقير من النعم كحدة السمع والبصر وزيادة الإيمان. قوله : (الكلام) ـ بفتح الكاف ـ وأما بكسرها فهو جمع كلم بمعنى الجرح وأما بالضم فهو الأرض الصعبة وأل يحتمل أن تكون للعهد ، أي الكلام المعهود عند النحاة وأن تكون للحقيقة والماهية أي حقيقة الكلام وماهيته وعبر به لأن التفاهم يقع به وإنما لم يبوب له لأنه مع أقسامه من المقدمات بخلاف الإعراب وما

٤٣

ضمير فصل على الأصح لا محل له من الإعراب. (اللّفظ) : خبر المبتدأ مرفوعا بالمبتدأ وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (المركّب) : نعت للفظ ونعت المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (المفيد) : نعت المركب ونعت المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (بالوضع) : الباء حرف جر ، والوضع : مجرور بالباء وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره. والجار والمجرور متعلق بالمفيد ، يعني أن تعريف الكلام عند النحويين هو اللفظ المركب إلى آخره ومعنى

______________________________________________________

بعده. قوله : (ضمير فصل الخ) هو حينئذ وتسميته ضميرا مجازا نظرا للصورة وقيل هو اسم وسمي به لأنه يفصل بين الخبر والتابع ، أي يميز بينهما إذ لو قيل الكلام اللفظ لتوهم أن اللفظ تابع لأخبر واعلم أنه يشترط فيما قبله أن يكون مبتدأ ولو في الأصل ، نحو : «كان زيد هو القائم» وأن يكون معرفة كما في هذا المثال وأجاز بعضهم كونه نكرة ، نحو : «كان رجل هو القائم» ويشترط فيما بعده كونه خبر المبتدأ ولو في الأصل وكونه معرفة وكالمعرفة في أنه لا يقبل أل نحو : «تجدوه عند الله هو خيرا» ويشترط فيه نفسه أن يكون بصيغة المرفوع ، فيمتنع «زيد إياه الفاضل» وأن يطابق ما قبله فلا يجوز «كنت هو الفاضل» انظر المغني. قوله : (على الأصح) مقابلة أنه مبتدأ أو تأكيدا على القول الضعيف من جواز تأكيد الظاهر بالمضمر وإنما كان كونه فصلا أصح لإفادته تقوية النسبة. قوله : (لا محل له من الإعراب) أي باتفاق على القول بحرفيته وأما على القول باسميته فقيل لا محل له كأسماء الأفعال وقيل : له محل بحسب ما قبله وقيل : بحسب ما بعده ففي نحو : «زيد هو القائم» محله رفع باتفاقهما وفي نحو : «كان زيد هو القائم» محله رفع على أولهما ونصب على ثانيهما ، وفي نحو : «إن زيدا هو القائم» بالعكس فتأمل. قوله : (اللفظ) هو مصدر أريد به المفعول أي الملفوظ به كالخلق بمعنى المخلوق ا ه أشموني. قوله : (المركب) معناه لغة ما تركب من الكلام أو غيره : كوضع شيء على شيء وهو وما بعده قيود لا من باب تعدد الخبر لأنه يلزم أن الكلام في الاصطلاح يوجد بوجود واحد منها واللازم باطل. قوله : (المفيد) في إسناد الإفادة للفظ تجوز أي ما ترتبت عليه فائدة وهي لغة ما استفيد من علم أو مال وعرفا المصلحة المرتبة على الفعل ا ه قليوبي. قوله : (متعلق بالمفيد) لأنه اسم فاعل. قوله : (النحويين) جمع نحوي نسبة للنحو ويطلق لغة على معان منها : القصد والجهة والمثل والمقدار والبعض. وأما في الاصطلاح فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء وحكمه

٤٤

اللفظ لغة الطرح والرمي يقال : لفظت كذا بمعنى رميته واصطلاحا : الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية كزيد فإنه صوت اشتمل على الزاي والياء والدال فخرج باللفظ الإشارة والكتابة والعقد والنصب ونحوها فلا تسمى كلاما

______________________________________________________

الوجوب الكفائي على غير العرب وواضعه أبو الأسود الدؤلي بأمر الإمام علي رضي‌الله‌عنه واستمداده من الكتاب والسنة وكلام العرب واسمه علم النحو ونسبته لبقية العلوم أنه من العلوم الأدبية وموضوعه الكلمات العربية وثمرته صون اللسان عن الخطأ في الكلام والاستعانة به على فهم كلام الله وغيره ومسائله قضاياه كقولهم : الفاعل مرفوع وفضله فوقانه على غيره من العلوم من حيث إنه يعرف به صحة كلام الله مثلا وقد بسطنا الكلام في كتابنا الكوكب المنير فانظره. قوله : (كذا) كناية عن اسم الملفوظ والمطروح يقال : لفظت الرحى الدقيق أي طرحته ورمته إلى جوانبها. قوله : (واصطلاحا) أي ومعناه في الاصطلاح. قوله : (الصوت) هو لغة ما يسمع سواء اشتمل على بعض الحروف أم لا وعرفه أهل السنة بأنه عرض يحدث بمحض خلق الله تعالى. قوله : (المشتمل) اسم فاعل اشتمل أي احتوى. قوله : (الحروف) جمع حرف وهو الصوت المعتمد على مخرج من المخارج كالحلق واللسان والحرف صوت خاص واشتمال مطلق الصوت عليه من اشتمال العام على الخاص فلا يلزم عليه اشتمال الشيء على نفسه فلا يعترض بنحو واو العطف مما هو على حرف واحد فإنه صوت وكيف يشتمل على بعض الحروف ، وذلك البعض هو نفس ذلك الحرف فيتحد المشتمل والمشتمل عليه؟! والشيء لا يشتمل على نفسه وإنما اقتصر على الحروف ولم يقل «والحركات» لأن الحركات لا تنفك عنها فهي ألفاظ وسيبويه يسميها حروفا صغيرة. فالضمة واو صغيرة والفتحة ألف صغيرة والكسرة ياء صغيرة وعلى هذا فلا اقتصار والمراد المشتمل على ذلك حقيقة كزيد أو تقديرا كالضمير المستتر ا ه. قوله : (الهجائية) نسبة إلى الهجاء وهو تقطيع الكلمة لبيان الحروف التي تركبت منها بذكر أسماء تلك الحروف وخرج بهذا حروف المعاني : كمن وإلى. قوله : (الإشارة) هي الإفهام باليد ونحوها كالعين والحاجب. قوله : (والكتابة) هي الإفهام بالنقوش. قوله : (والعقد) جمع عقدة وهي الإفهام بعقد الأصابع لأعداد مخصوصة. قوله : (والنصب) جمع نصبة وهي العلامة المنصوبة لفهم معناها : كجعل المحراب دليلا على القبلة والأحجار في الأرض دليلا على حدود المزارع ونحو ذلك. قوله : (ونحوها) بالرفع عطف على الإشارة كالمعنى القائم بالنفس وما يفهم

٤٥

عند النحاة وإن كانت تسمى كلاما لغة والمركب ما تركب من كلمتين فأكثر كقام زيد وعبد الله وخرج بالمركب المفرد كزيد فلا يقال له أيضا كلام عند النحاة والمفيد ما أفاد فائدة تامة يحسن السكوت من المتكلم عليها كقام زيد وزيد قائم ، فإن كلّا منهما أفاد فائدة تامة بحسن سكوت المتكلم عليها وهي الإخبار بقيام زيد وخرج بالمفيد غيره كعبد الله وحيوان ناطق ، وإن قام زيد لأنها لا تفيد وقوله بالوضع أي العربي وهو جعل اللفظ دليلا على المعنى كزيد فإنه لفظ عربي جعلته العرب دالّا على معنى وهو ذات وضع عليها لفظ زيد وخرج بالوضع العربي كلام العجم كالترك والبربر فلا يقال له كلام عند النحاة.

مثال ما اجتمع فيه القيود المذكورة : قام زيد وزيد قائم وإعراب الأول : قام :

______________________________________________________

من حال الشيء. قوله : (كقام زيد وعبد الله) مثال للمركب من أكثر. قوله : (يحسن السكوت الخ) أي يعد سكوته عليها حسنا. قوله : (عليها) أي على الكلام المفيد لها ففيه حذف. قوله : (كقام الخ) مثل بمثالين : الأول للجملة الفعلية والثاني للاسمية إشارة إلى أنه لا فرق بينهما في ذلك. قوله : (كعبد الله) مثال للتركيب الإضافي وهو كل كلمتين نزلت ثانيتهما منزلة التنوين مما قبله بجامع أنها ملازمة لحالة واحدة والإعراب على ما قبلها ا ه قليوبي. قوله : (وحيوان ناطق) مثال للتركيب التوصيفي وهو ما كانت الكلمة الثانية فيه قيدا للأولى وأدخلت الكاف المزجي. قوله : (وإن قام زيد) هذا ونحوه يسمى جملة ولا يسمى كلاما لأنه لا بد فيه من الإفادة بخلافها فيجتمعان في نحو : «قام زيد» وتنفرد الجملة في نحو : «إن قام زيد» فبينهما العموم والخصوص المطلق ؛ ثم إن نحو : «إن قام زيد» يفيد فائدة ناقصة ـ وهي أن قيام زيد يحصل بعده أمر ـ ولا تتم الفائدة إلا بتعيين ذلك الأمر بذكر الجواب. قوله : (أي العربي) أي المنسوب للعرب والمراد به الوضع النوعي وهو الوضع للأمر الكلي كأن يضع الواضع كل فعل مع فاعله للدلالة على ثبوت الفعل لمن صدر منه أو قام به لا الشخصي وهو الوضع لأمر خاص كوضع «زيد» للدلالة على ذات مخصوصة. قوله : (وهو) أي الوضع لا بقيد كونه عربيا. إذ ما ذكره شامل لغيره فالضمير راجع للموصوف بدون صفته فافهم. قوله : (جعل اللفظ الخ) هذا معناه عرفا ويطلق لغة على الولادة والإسقاط تقول : وضعت الدين عن زيد أي أسقطته. ومعنى «جعل اللفظ الخ» تعيينه للدلالة على المعنى. قوله : (القيود) أي الأربعة وهي اللفظ والتركيب

٤٦

فعل ماض مبني على الفتح. زيد : فاعل وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره وإعراب الثاني زيد مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره وقائم : خبره فقام زيد وزيد قائم كل منهما كلام عند النحاة فإنه لفظ ، أي : صوت مشتمل على بعض الحروف الهجائية مركب لتركبه من كلمتين ، الأولى : قام أو زيد ، والثانية : زيد أو قائم مفيد لأنه أفاد فائدة يحسن سكوت المتكلم عليها وهي الإخبار بقيام زيد موضوع ، لأنه لفظ عربي دالا على المعنى فخرج بقولنا عند النحويين الكلام عند اللغويين فهو عندهم كل قول مفرد كزيد أو مركب كقام زيد أو ما حصل به الإفهام من إشارة وكتابة وعقد ونصب ونحوها وخرج الكلام عند الفقهاء ، فهو عندهم ما أبطل الصلاة من حرف مفهم ك (ف) و (ع) أو حرفين وإن لم يفهما كمن وعن. وخرج الكلام عند المتكلمين ، أعني علماء التوحيد فهو عندهم عبارة عن المعنى القائم بذات الله تعالى الخالي عن الحرف والصوت.

______________________________________________________

والإفادة والوضع العربي. قوله : (اللغويين) جمع لغوي نسبة للغة وتقدم معناها. قوله : (فهو) أي الكلام. قوله : (عندهم) أي اللغويين. قوله : (أم مركب) ـ بالجر ـ عطف على مفرد. قوله : (أو ما) أي شيء. قوله : (من إشارة الخ) بيان لما. قوله : (ونحوها) ـ بالجر ـ عطف على إشارة. قوله : (ما أبطل) أي كل لفظ أبطل وأفسد. قوله : (من حرف الخ) بيان لما. قوله : (مفهم) أي دال على معنى وهو بكسر الهاء. قوله : (كق) من الوقاية ـ بكسر الواو ـ ويقال : وقاه الله السوء وقاية أي حفظه وهو فعل أمر مبني على حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت وأصله «أوقي» كأرمي فحذفت الياء لأن الأمر يبنى على حذف حرف العلة وحذفت الواو حملا لحذفها هنا على حذفها في المضارع وحذفت في المضارع لوقوعها ساكنة بين عدوتيها : الفتحة والكسرة فصار «واق» حذفت همزة الوصل استغناء عنها ، فصار «ق». قوله : «وع» من الوعي بمعنى الحفظ يقال : وعيت الحديث وعيا ، أي حفظته وتدبرته ، وإعرابه وأصله كق. قوله : (وإن لم يفهما) أي وإن لم يتم فهم معناهما. قوله : (المتكلمين) لأنهم يعبرون بقولهم الكلام على كذا. قوله : (علماء) مفعول أعني. قوله : (عبارة) أي يعبر به. قوله : (عن المعنى الخ) يعني أن لفظ كلام عند المتكلمين إذا أطلق ينصرف إلى الصفة القديمة المنزهة عن الحروف والأصوات القائمة بذاته تعالى أما المعنى القائم بأنفسنا الحادث فلا يسمى كلام باصطلاحهم بل هو اصطلاح لغوي وإن استدلوا به على ما هو اصطلاحهم من قياس

٤٧

وأقسامه ثلاثة : اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ،

(وأقسامه) : الواو : للاستئناف ، وأقسام : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره ، وأقسام مضاف والهاء مضاف إليه مبنى على الضم في محل جر ، فإنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب. (ثلاثة) : خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (اسم) : بدل من ثلاثة بدل بعض من كل أو بدل مفصل من مجمل وبدل المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. فإن قيل : إذا كان بدل بعض من كل فلا بدّ من اشتماله على ضمير يعود على المبدل منه. فالجواب : أن محمل ذلك إذا لم تستوف الأجزاء فإن استوفيت كما هنا فلا يحتاج إليه أو أن الضمير مقدر تقديره اسم منها. (وفعل) : الواو : حرف عطف ، فعل : معطوف على اسم والمعطوف على المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (وحرف) : الواو : حرف عطف ، حرف : معطوف على اسم والمعطوف على المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. (جاء لمعنى) : جاء : فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على الحرف ، لمعنى : اللام حرف جر ومعنى مجرور باللام

______________________________________________________

الغائب على الشاهد. قوله : (الخالي الخ) وإنما كان كلامه خاليا عما ذكر لأنه قديم والحروف والأصوات كل منها حادث فلا يتصف بهما الكلام القديم. قوله : (وأقسامه الخ) من تقسيم الكل إلى أجزائه لعدم صحة الأخبار بالمقسم عن كل قسم فلا يقال الاسم مثلا كلام لأن الكلام شرطه التركيب والاسم شرطه الإفراد وإن أرجع الضمير للفظ وأريد منه الكلمة وقطع النظر عن الأوصاف كان من تقسيم الكلي إلى جزئياته لصحة الإخبار بالمقسم من كل قسم نحو الاسم كله. قوله : (للاستئناف) أي البياني لأنه واقع في جواب سؤال مقدر كأن قائلا قال له : «ما أجزاء الكلام التي يتركب منها؟» فقال : وأقسامه الخ. قوله : (إذا كان) أي لفظ اسم. قوله : (فلا بد) الفاء واقعة في جواب إذا ولا نافية للجنس تعمل عمل إن وبد ـ بمعنى غنى ـ اسمها مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف تقديره «حاصل» مثلا. قوله : (ذلك) أي الاشتمال على الضمير. قوله : (لم تستوف الأجزاء) أي لم تذكر بتمامها أي وهنا قد ذكرت بتمامها فلا احتياج إليه. قوله : (جاء) أي وضع فهو من باب وصف الشيء بوصف واضعه لأن المجيء لا يتصف به الحرف بل واضعه والجملة صفة لحرف.

٤٨

وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر إذ أصل معنى معني تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فالتقى ساكنان الألف والتنوين فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، يعني : أن أقسام الكلام ، أي أجزاءه التي يتركب منها بمعنى أنه لا يخرج عنها ثلاثة :

الأول منها : الاسم وبدأ به لشرفه على الفعل والحرف ومعناه لغة : ما دلّ على مسمى واصطلاحا كلمة دلت على معنى في نفسها ولم تقترن بزمان نحو : زيد قائم فإن كلّا من زيد وقائم كلمة دلت على معنى في نفسها ، فزيد دلت على ذات مسمى به وقائم دل على ذات موصوفة بحدث يسمى قياما ، وكل منهما لم يقترن بزمان الفعل فإنه كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بزمان.

والاسم : ثلاثة أقسام : مظهر كزيد ومضمر كهو ومبهم كهذا. والثاني : الفعل

______________________________________________________

قوله : (على الألف المحذوفة) أي لأن المحذوف لعلة كالثابت. قوله : (لالتقاء) أي لدفع التقاء. قوله : (إذ أصل الخ) علة لقوله المحذوفة لالتقاء الساكنين. قوله : (معنى) أي هذا اللفظ. قوله : (معنى) ـ بفتح النون وكسر الياء منونة ـ لأنها مجرورة باللام وترفع بقطع النظر عن الجار لكن لا داعي إليه. قوله : (فالتقى ساكنان الخ) أي فصار معنان. قوله : (فحذفت الألف) إن قلت : لم لم يحذف التنوين؟ قلت : لأنها حرف علة وهو حرف صحيح. قوله : (أي أجزاءه الخ) اعلم أن الأقسام معناها الحقيقي الجزئيات. واستعملها المصنف في الأجزاء مجازا فشبه الأجزاء بالأقسام واستعار المشبه به استعارة تصريحية والجامع الاندراج. فإن الأجزاء مندرجة تحت كلها والأقسام مندرجة تحت مقسمها. والفرق بين الجزئي والجزء أن جزء الشيء بعضه وأما الجزئي فهو ما يصح إطلاق المقسم عليه. قوله : (لشرفه) لأنه دال على ذات بخلاف الفعل وأيضا يقوم به كلام تام. قوله : (في نفسها) يعني أن المعنى يفهم منها من غير احتياج إلى ضميمة. قوله : (واقترنت بزمان) أي وضعا فدخل ما انسلخ عن الزمان عرضا : كعيسى وليس. وأما نحو : «خلق الله الزمان وأراد الله في الأزل كذا» مما لا يتصور معه زمان فيكفي فيه توهم العقل للزمان. كما ذكره بعضهم. قوله : (مظهر) ما دل بظاهره على المعنى. قوله : (ومضمر) ما دل على مسماه بقرينة تكلم أو خطاب أو تقدم مرجع. وهو مأخوذ من الضمور وهو الهزال لأن الضمير حروفه قليلة غالبا عن الاسم. قوله : (ومبهم) من أبهم الباب إذا أغلقه. وهو في الاصطلاح ما كان كناية عن غيره وصلح لأن يستعمل في الجنس بتمامه فإن قلت هذا

٤٩

ومعناه لغة : الحدث ، واصطلاحا : كلمة دلّت على معنى في نفسها واقترنت بزمان فإن دلّ على حدث وقع وانقطع فهو الماضي نحو : ضرب. وإن دلّ على حدث في زمن يقبل الحال والاستقبال فهو المضارع نحو : يضرب. وإن دلّ على حدث يقبل الاستقبال فهو الأمر نحو : اضرب فقد علمت أن الفعل ثلاثة أقسام أيضا.

والثالث : الحرف ومعناه لغة الطرف بفتح الراء واصطلاحا كلمة دلت على معنى في غيرها ك (لم) من قولك : لم يضرب فإن لم معناها النفي ولم يظهر إلا في الفعل بعدها وهو أيضا ثلاثة أقسام : حرف مشترك بين الأسماء والأفعال نحو : هل تقول هل قام زيد وإعرابه : هل : حرف استفهام وقام : فعل ماض وزيد : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. وقائم : خبره. ف (هل) في المثال الأول داخلة على الفعل وهو قام. وفي الثاني : داخلة على الاسم وهو زيد وحرف مختص بالأسماء نحو الباء في قولك : مررت بزيد وإعرابه : مر : فعل ماض والتاء : فاعل مبني على الضم في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب بزيد : الباء حرف جر وزيد مجرور بالباء وعلامة جرّه كسرة ظاهرة في آخره وحرف مختص بالأفعال ، نحو : لم من قولك : لم يضرب زيد. وإعرابه : لم : حرف نفي وجزم

______________________________________________________

من المظهر فلم جعل قسما برأسه؟ قلت : لاحتياجه في دلالته إلى ضميمة. قوله : (كهذا) أي فإنه يشار به إلى كل مفرد مذكر. وأدخلت الكاف بقية أسماء الإشارة ومثلها في الإبهام الأسماء الموصولة كالذي والتي. وقد حصروا المبهم فيهما. قوله : (والثاني) أي من الأقسام الثلاثة. قوله : (ومعناه) أي ما يقصد منه. قوله : (لغة) أي في اللغة. قوله : (الحدث) أي نفس الحدث الذي يحدثه ويوجده الفاعل من قيام أو قعود أو نحوهما. قوله : (حدث) أي شيء وجد بعد أن لم يكن. قوله : (أيضا) مصدر آض ـ بالمد ـ إذا رجع أي ونرجع لذكر الثلاثة رجوعا ولا يقع إلا مع شيئين متجانسين فلا يقال : «جاء زيد وذهب عمرو أيضا». قوله : (الطرف) كطرف الجبل. قوله : (في غيرها) يعني أن المعنى لا يفهم منها ولا يتم إلا بسبب ذكر غيرها فافهم. قوله : (مشترك) أي فلا يعمل. قوله : (مختص بالأسماء) وهذا إما أن يعمل العمل الخاص بها. وهو الجر : كالباء في مثاله وإما أن لا يعمله كأن وأخواتها. قوله : (مختص بالأفعال) وهذا إما عامل فيها : كلم ، وإما غير عامل : كقد والسين. قوله : (حرف نفي) من إضافة الدال للمدلول. قوله : (وجزم) لأنه يجزم المضارع. قوله :

٥٠

وقلب. ويضرب : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون ، وزيد : فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.

ولما كان الاسم والفعل لا يخلوان عن المعنى والحرف قد يكون له معنى وقد لا يكون قيد الحرف بقوله : جاء لمعنى يعني أن الحرف لا يكون له دخل في تركيب الكلام إلا إذا كان له معنى ك (هل) ولم فإن هل معناها الاستفهام ولم : معناها النفي فإن لم يكن له معنى لا يدخل في تركيب الكلام كزاي زيد ويائه وداله لأنها لا معنى لها مثال تركيب الكلام من الثلاثة : لم يضرب زيد. وإعرابه : لم : حرف نفي وجزم وقلب. ويضرب : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون وزيد فاعل وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. وليس المراد أنه يشترط تركيب الكلام من الثلاثة فقد يكون مركبا من اسمين فقط ، كزيد قائم. وإعرابه : زيد : مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. وقائم : خبره وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره ومن فعل واسم ، نحو : قام زيد. وإعرابه : قام : فعل ماض. وزيد : فاعل وهو مرفوع بل المراد أنه لا يخرج عن الثلاثة بل يكون دائرا بينها.

فالاسم يعرف بالخفض ، والتّنوين ، ودخول الألف واللّام ،

(فالاسم) : الفاء : فاء الفصيحة وضابطها أن تقع في جواب شرط مقدر فكأنه

______________________________________________________

(وقلب) لأنه يقلب ويرجع معناه إلى الماضي. قوله : (ولما) وجودية وجوابها قوله : «قيد الخ» وهذا جواب عن سؤال والد عن المتن ، تقديره : لم قيد المصنف الحرف بما ذكر ولم يقيد الاسم والفعل؟ قوله : (كزاي زيد الخ) أي كمسميات ما ذكر وهي : «ز» و «ي» و «د». قوله : (لا معنى لها) أي سواء كانت أجزاء كلمة أم لا ، وأما أسماء مسميات الحروف فهي أسماء لمعان : فزاي مثلا اسم لقولك : «ز» والدليل على أنها أسماء قبولها لعلامات الأسماء نحو : «كتبت زايا» فتأمل. قوله : (الثلاثة) أي الاسم والفعل والحرف. قوله : (وعلامة جزمه السكون) لأنه صحيح الآخر. قوله : (كزيد قائم) إن قلت في «قائم» ضمير فالمثال مركب من ثلاثة أسماء قلت : المراد بقوله من اسمين أي ملفوظا بهما فافهم. قوله : (بل الخ) إضراب عن قوله وليس المراد الخ وهو انتقالي. قوله : (فالاسم الخ) أي بعض من أفراده إذ من الأسماء ما لا يقبل العلامات : كنزال ، ودراك ، أو المراد الاسم الخالص من معنى الفعل. قوله : (فاء الفصيحة) ـ

٥١

قال هنا : إذا أردت أن تعرف ما يتميز به كل من الاسم والفعل والحرف. فالاسم إلى آخره والاسم مبتدأ مرفوع بالابتداء. وقوله : (يعرف) : فعل مضارع مبني للمجهول وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على الاسم والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ وقوله : (بالخفض) : الباء : حرف جر. والخفض : مجرور بالباء وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره والجار والمجرور متعلق بيعرف وأل في الاسم للعهد الذكري كما في قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى

______________________________________________________

بالصاد المهملة ـ من إضافة الموصوف إلى الصفة ففصيحة فعيلة بمعنى فاعلة أي مفصحة ومبينة ودالة على شرط مقدر أو بالضاد المعجمة ، لأنها فضحت وأظهرت ما كان مخفيا في الكلام. قوله : (وضابطها) أي الشيء الذي يضبطها ويحصرها ويميزها عن غيرها. قوله : (في جواب شرط الخ) وقيل : هي ما أفصحت عن مقدر أعم من أن يكون شرطا أو غيره نحو : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) [البقرة : ٦٠] ، أي فضرب فانفجرت. قوله : (فكأنه) أي المصنف والكائنية مأخوذة من فاء الفصيحة. قوله : (إذا) هو الشرط المقدر فإن قلت الذي يحذف من فعله من أدوات الشرط إن قلت في كلام الرضى ما يؤخذ منه صلاحية تقدير إذا وعليه يتخرج كلام الشارح وغيره. قوله : (أن تعرف) ما دخلت عليه أن في تأويل مصدر مفعول أردت. قوله : (يعرف) أي يعلمه ويميزه النحوي وهذا من المعرفة بالعلامة وأما معرفته بالحد فقد ذكرها الشارح سابقا وكذا يقال في الفعل والحرف. قوله : (مبني) مصوغ. قوله : (للمجهول) أي للإسناد للفاعل الغير مذكور وإن كان معلوما وأسند إليه لأنه فعله ويسند للمفعول النائب أيضا لوقوعه عليه. قوله : (الخفض) أي بالحركة التي يحدثها عامل الخفض وهذه عبارة الكوفيين والعبارة البصرية «الجر» كما سيأتي في الشرح. قوله : (الذكرى) لتقدم مصحوبها ذكرا في قوله : (اسم) والقاعدة أن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى وبذلك ظهرت حكمة تجريد الثلاثة من (أل) في قوله : (اسم الخ) وتحليتها بها في قوله : (فالاسم الخ). قوله : (كما) أي : كأل. قوله : (في قوله) أي الكائنة في قوله ، قوله : (تعالى) أي : ارتفع ارتفاعا معنويا أي : تنزه عن كل نقص وفاعله يعود على الله. قوله : (أرسلنا) فعل وفاعل. قوله : (فرعون) مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف والمانع من الصرف العلمية والعجمة. قوله : (رسولا) مفعول أرسلنا. قوله : (فعصى) الفاء للعطف عصى : فعل ماض مبني على

٥٢

فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (١٦) [المزّمّل : ١٥ ـ ١٦] ، أي : الاسم المتقدم في التقسيم يعرف أي يتميز من الفعل والحرف بالخفض في آخره والخفض معناه : لغة ضد الرفع وهو التسفل واصطلاحا : تغيير مخصوص علامته الكسرة وما ناب عنها ولا فرق في عامل الخفض بين أن يكون حرفا ، نحو : مررت بزيد. وإعرابه : مررت : فعل وفاعل بزيد : الباء : حرف جر وزيد مجرور بالباء وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره ولا بين أن يكون اسما ، نحو : مررت بغلام زيد. فزيد : مجرور بالمضاف وهو غلام وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره ولا ثالث لهما على الصحيح.

وأما القول بالجر بالإضافة في غلام زيد والجر بالتبعية ، نحو : مررت بزيد العاقل فهو ضعيف ، لأن الصحيح أن زيدا في قولك : مررت بغلام زيد مجرور بالمضاف الذي هو غلام كما تقدم والعاقل في المثل المذكور نعت لزيد فهو مجرور بالحرف الذي جر به زيد وهو الباء وكذلك الجر بالتوهم والجر بالمجاورة ضعيف أيضا. فالأول : نحو : ليس زيد قائما ولا قاعد يجر قاعد عطفا على قائما

______________________________________________________

فتح مقدر على الألف منع من ظهوره التعذر. قوله : (فرعون) فاعل. قوله : (الرسول) مفعول عصى وهو محل الشاهد من الآية فأل فيه للعهد الذكري أي الرسول المذكور في قوله : (رسولا) لا غيره وهو سيدنا موسى. قوله : (أي الاسم الخ) مرتبط بقوله وأل في الاسم الخ. قوله : (وما ناب عنها) كالياء في حال جاز الجمع أو المثنى والفتحة في الاسم الذي لا ينصرف. قوله : (بغلام زيد) أي عبده ومملوكه ويطلق أيضا على من فطم إلى سبع سنين كما قاله بعض أهل اللغة. قوله : (فزيد مجرور) الفاء للفصيحة وزيد يقرأ بالجر على الحكاية ، وهو مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حركة الحكاية ومجرور خبره. قوله : (بالإضافة) في لغة الإسناد واصطلاحا نسبة تقييدية بين اسمين تقتضي انجرار ثانيهما أبدا. قوله : (كما تقدم) أي في قوله : فزيد مجرور بالمضاف. قوله : (وكذلك) أي ومثل ذلك المتقدم من الجر بالإضافة والتبعية في الضعف. قوله : (ضعيف أيضا) الأولى حذفه لأنه معلوم من التشبيه. قوله : (فالأول) هو الجر بالتوهم. قوله : (ليس الخ) ليس فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر وزيد اسمها مرفوع بضمة ظاهرة وقائما خبرها منصوب بفتحة ظاهرة ولا قاعد الواو حرف عطف ولا نافية وقاعد معطوف على قائما والمعطوف على

٥٣

الواقع خبرا لليس يتوهم دخول الباء عليه لأنها تزاد بعد خبر ليس كثيرا. والثاني : نحو : هذا جحر ضب خرب لمجاورته لضب المجرور قبله وهو نعت لجحر المرفوع قبله وإعرابه : ها : حرف تنبيه ، وذا : اسم إشارة مبتدأ مبني على السكون في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر في إعراب. وجحر : خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ وجحر مضاف وضب مضاف إليه وهو مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره. وخرب : بالجر نعت لحجر ونعت المرفوع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المجاورة فزيد في مررت بغلام زيد اسم لوجود الخفض في آخره وهو كسرة الدال.

وقوله : (والتّنوين) : الواو : حرف عطف التنوين معطوف على الخفض والمعطوف على المجرور مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره ، يعني : أن الاسم كما يتميز بالخفض يتميز بالتنوين أيضا. ومعناه لغة : التصويت يقال : نون الطائر إذا صوت ، واصطلاحا : نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظا وتفارقه خطا ووقفا فخرج بقوله : ساكنة النون المتحركة كنون رعشن للمرتعش وضيفن للطفيلي

______________________________________________________

المنصوب منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة التي أتى بها لأجل توهم الباء في المعطوف عليه وهو «قائما». قوله : (لأنها) أي الباء. قوله : (بعد) صوابه أول لأن الباء تزاد في أوله نحو : أليس الله بعزيز أليس الله بكاف عبده. قوله : (والثاني) هو الجر بسبب المجاورة. قوله :(ضب) هو حيوان معلوم. قوله : (نعت لجحر) لأنه هو الذي يوصف بكونه خربا. قوله : (هو) أي الخفض. قوله : (والتنوين) إنما لم يرسم له بدل لأن الكتابة مبنية على الوقف. قوله : (بالتنوين) أي بقوله. قوله : (يقال) أي قولا موافقا للغة من موافقة الجزء للكل. قوله : (إذا) شرطية تضمينا جوابها مأخوذ مما قبلها أي إذا صوت يقال الخ. قوله : (نون) أي زائدة على أصل حروف الكلمة. قوله : (ساكنة) أي حقيقة كزيد أو حكما ، كيد فإن أصلها يدي فحذفت الياء اعتباطا وأجرى الإعراب على الدال. قوله : (وتفارقه) أي في جميع الأحوال المرسوم حالة النصب بدلها لا نفسها ومعنى تفارقه تزول عنه وقوله : «خطا» في اللغة ما يخط بالإصبع ونحوها وما يرسم بالقلم. واصطلاحا تصوير اللفظ بحروف هجائية. قوله : (كنون رعشن) أي النون الأولى منه لأنها آخرة لا الثانية لأنها تنوين وهو أصل زائد على أصل حروف الكلمة. قوله :

٥٤

الذي يتبع الضيف فإن نونهما متحركة. وخرج بقوله : تلحق الآخر ما تلحق الأول نحو : انكسر وما تلحق الوسط نحو : منكسر. وخرج بقوله : لفظا لا خطا نون التوكيد الخفيفة نحو : لنسفعن وليكونن والتنوين على أربعة أقسام :

______________________________________________________

(للمرتعش) أي يقال للشخص الذي حصل له ارتعاش وانتقاض في يده. قوله : (للطفيلي) نسبة لطفيل : رجل كان يتبع الأعراس ، فنسب كل من اتصف بوصفه إليه. قوله : (تلحق الآخر) المناسب تلحق آخر الاسم. قوله : (انكسر) الهمزة أتى بها للتوصل للنطق بالساكن والمناسب انكسار. قوله : (بقوله) أي صاحب التعريف الاصطلاحي. قوله : (لفظا لا خطّا) لما قال وتفارقه الخ. قوله : (نون التوكيد) أي على مذهب البصريين من كتابتها نونا ، أما على مذهب الكوفيين ـ من رسمها ألفا ـ فيزاد في التعريف (لغير توكيد) ويكون قيد المفارقة خطّا مخرجا للتنوين الغالي ـ أي الزائد على الوزن ـ فهو من الغلو بمعنى الزيادة نحو :

وقاتم الأعماق خاوي المخترقن

ولتنوين الترنم ـ أي التغني ـ نحو :

أقلي اللوم عاذل والعتابن

وأما التنوين الغالي اللاحق للفعل ، نحو :

ويعدو على المرء ما يأتمرون

وللحرف ، نحو :

قالت بنات العم يا سلمى وإنن

فخارج بهذا وبقوله آخر الاسم أيضا ، كما تخرج به نون التوكيد مثله الترنم اللاحق للفعل نحو :

قولي إن أصبت لقد أصابن

وللحرف نحو :

لما تزل برحالنا وكأن قدن

قوله : (لنسفعن) اللام للقسم ونسفعن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة وفاعله مستتر وجوبا تقديره نحن والسفع : القبض على الشيء وجذبه بشدة ، وقوله : وليكونن عطف على نسفعن ويحتمل النقصان وحذف الاسم والخبر للعلم بتقديرهما ، ولعدم الحاجة لهما أي ليكونن ، من قولك : وليكونن عمرو قائما مثلا ويحتمل التمام وحذف الفاعل لما ذكر فإن النون في هذين لحقت في الخط

٥٥

تنوين التمكين وهو اللاحق للأسماء المعربة ما نون منها كان متمكنا في الاسمية أمكن من غيره ، نحو : زيد ورجل في جاء زيد ورجل فزيد ورجل اسمان لوجود التنوين فيهما وما لم ينون كان متمكنا غير أمكن ، نحو : أحمد وإبراهيم.

القسم الثاني : تنوين المقابلة وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم ، نحو : جاءت مسلمات فإنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم ، نحو : جاء مسلمون وإعرابه : جاء : فعل ماض والتاء : علامة التأنيث ومسلمات فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره. وإعراب : جاء مسلمون. جاء : فعل ماض ومسلمون فاعل مرفوع بالواو نيابة عن الضمة والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

القسم الثالث : تنوين العوض وهو اللاحق لإذ من حينئذ ويومئذ فإنه عوض عن جملة. قال تعالى : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) (٨٤) [الواقعة : ٨٤] والأصل : وأنتم إذ بلغت الروح الحلقوم تنظرون. فحذفت جملة بلغت الروح الحلقوم وأتى بتنوين إذ

______________________________________________________

مع اللفظ. قوله : (تنوين التمكين) من إضافة الدال للمدلول ، أي التنوين الدال على تمكن الواضع الاسم في باب الاسمية. قوله : (للأسماء المعربة) أي ما عدا جمع المؤنث السالم كما سيأتي. قوله : (أمكن من غيره) أي لأنه لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل حتى يمنع من الصرف ، وأمكن : اسم تفضيل من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن لا من تمكن خلافا لأبي حيان ومن وافقه ، لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ ا ه تصريح. قوله : (نحو زيد ورجل) مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون في معرفة أو نكرة. قوله : (تنوين المقابلة) من إضافة المسبب إلى السبب. قوله : (فإنه) أي التنوين. قوله : (في مقابلة النون الخ) أي لأن الألف والتاء في جمع المؤنث السالم علامة الجمع كالواو في جمع المذكر السالم ولو يوجد في الأول ما يقابل النون القائمة مقام التنوين في المفرد من حيث كونها علامة على تمام الاسم في الثاني فزيد التنوين لذلك إذ لو لم يزد التنوين للزم الفرع زيادة على الأصل الذي هو جمع المؤنث السالم لإعرابه بالحركات. قوله : (تنوين العوض) الإضافة بيانية لأن بين المضافين عموما وجهيا لاجتماعها في جوار مثلا لأن فيه العوضية والتنوين وانفراد التنوين في التنكير والتمكين وانفراد العوض في الحرف الذي هو عوض عن حرف آخر كعدة فحذفت فاء الكلمة ـ أعني الواو ـ وعوض عنها هاء التأنيث. قوله : (بلغت) أي وقت النزع. قوله : (الحلقوم) هو مجرى الطعام كما

٥٦

عوضا عنها فصار حينئذ تنظرون وإعرابه : وأنتم الواو : واو الحال أن ضمير منفصل مبتدأ مبني على السكون في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب التاء حرف خطاب لا محل لها من الإعراب والميم علامة الجمع وحين ظرف زمان منصوب على الظرفية وحين مضاف وإذ مضاف إليه مجرور بكسرة ظاهرة في آخره. وتنظرون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وجملة تنظرون من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.

القسم الرابع : تنوين التنكير وهو اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها ما نون منها كان نكرة ، نحو : جاء سيبويه بالتنوين وإعرابه : جاء : فعل ماض. وسيبويه : فاعل مبني على الكسر في محل رفع وهو حينئذ نكرة صادقة على أي سيبويه كان وما لم ينون كان معرفة كسيبويه بترك التنوين ، نحو : جاء سيبويه بغير تنوين وإعرابه تقدم وهو حينئذ معرفة ، لأنه لا يراد به إلا سيبويه المشهور بهذا العلم فزيد ومسلمات وإذ من حينئذ وسيبويه أسماء لوجود التنوين في آخرها وما

______________________________________________________

في الجلالين. قوله : (وحين مضاف الخ) من إضافة الأعم للأخص لأن إذ مقيدة بما تضاف إليه والمراد من الحين مطلق الوقت. قوله : (مجرورة بكسرة الخ) هذا على زعم الأخفش قال الأشموني ورد بملازمتها للبناء لشبهها بالحرف في الوضع وفي الافتقار دائما إلى جملة ا ه. والإعراب على هذا حين مضاف وإذ مضاف إليه مبني على سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بالكسر العارض للتخلص من التقاء الساكنين لأن إذ ساكنة حال وجود الجملة فإذا حذفت وأتي بالتنوين بدلها ـ وهو ساكن ـ التقى ساكنان. قوله : (تنوين التنكير) من إضافة الدال للمدلول لأنه يدل على أن ما لحقه غير معين. قوله : (مبني) لأنه متضمن معنى الحرف ـ وهو الواو ـ ولأنه مركب من سبب وهو التفاح وويه وهو الرائحة كذا قيل وفيه نظر. وقال بعضهم : لأن ويه اسم صوت وهو مبني لأنه أشبه الحرف في عدم التأثر بالعوامل فبنى سيبويه تغليبا لجانب الصوت لأنه الآخر وهو على التقديم والتأخير أي رائحة التفاح. وقوله على الكسر لأنه الأصل عند التخلص من الالتقاء. قوله : (نكرة) أي لم يقصد منه ذات معينة. قوله : (حينئذ) أي حين إذ لم ينون. قوله : (لأنه لا يراد به إلا سيبويه المشهور بهذا العلم) أي علم النحو وسيبويه لقبه للطافته واسمه عمرو مات بشيراز سنة ثمانية ومائة وعمره اثنان وثلاثون سنة. قوله : (فزيد) أي في القسم الأول. قوله :

٥٧

عدا هذه الأقسام الأربعة من أقسام التنوين لا دخل له في علامات الاسم.

(ودخول) : الواو : حرف عطف. دخول : معطوف على الخفض والمعطوف على المجرور مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره ودخول مضاف. و (الألف) : مضاف إليه وهو مجرور وعلامة جره كسرة في آخره. (واللّام) : الواو حرف عطف اللام : معطوف على الألف والمعطوف على المجرور مجرور ولو عبر بأل بدل الألف واللام لكان أولى لأن القاعدة أن الكلمة إن كان وضعها على حرف واحد كالباء يعبر عنها باسمها فيقال : الباء وإن كان وضعها على كلمتين فيعبر عنها بلفظها كأل وهل وبل وقد فلا يقال في أل الألف واللام كما لا يقال في هل وبل ونحوهما الهاء واللام يعني أن الاسم يتميز أيضا بدخول أل عليه ، نحو : الرجل من قولك : جاء الرجل وإعرابه : جاء : فعل ماض. والرجل : فاعل ومثل أل بدلها في لغة حمير وهو أم نحو : أم

______________________________________________________

(ومسلمات) أي في القسم الثاني. قوله : (وإذ الخ) أي في القسم الثالث. قوله : (وسيبويه) أي في القسم الرابع. قوله : (أسماء) خبر. قوله : (فزيد الخ) أي فهذه الألفاظ أسماء. قوله : (في آخرها) أي عقبه أو معه. قوله : (وما عدا هذه الخ) كتنوين الضرورة وهو اللاحق لما لا ينصرف كقوله :

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

وللمنادى المضموم نحو :

سلام الله يا مطر عليها

والحكاية مثل أن تسمي رجلا بعاقلة لبيبة فإنك تحكي اللفظ المسمى به والشذوذ ولا يكون إلا في الأسماء المبنية نحو : هؤلاء قومك وفي كلامه نظر فإن تنوين الضرورة والحكاية والشذوذ له دخل. فلعل مراده لا دخل له في علامات الاسم أي المشهورة الكثيرة الوقوع. قوله : (لا دخل الخ) خبر لا محذوف أي حاصل مثلا. قوله : (ودخول الخ) أي فيما يقبل ذلك فخرجت الأعلام وأسماء الإشارة والضمائر. قوله : (لكان أولى) يمكن أنه عبر بذلك مراعاة للأقرب للمبتدىء أو للقول بأن حرف التعريف هو اللام فقط والهمزة للنطق باللام فافهم. قوله : (بدخول أل) سواء كانت معرفة كأن في الرجل في مثاله أو زائدة كالحارث وطبت النفس كما في الأشموني. قوله : (فعل ماض) أي مبني على الفتح لخفته لا محل له من الإعراب. فإن قلت : لم

٥٨

رجل ، ومنه حديث : ليس من امبر امصيام في امسفر فالرجل اسم لدخول أل عليه وامبر وامصيام وامسفر أسماء لدخول بدل أل وهو أم عليها.

وحروف الخفض وهي : من وإلى وعن وعلى وفي وربّ والباء والكاف واللّام ،

(وحروف) : الواو : حرف عطف ، حروف : معطوف على الخفض والمعطوف على المجرور مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره وحروف مضاف و (الخفض) : مضاف إليه وهو مجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره. يعني : أن الاسم يتميز أيضا بدخول حروف الخفض عليه ، نحو : بزيد فزيد اسم لدخول حرف الخفض عليه وهو الباء والخفض عبارة الكوفيين والجر عبارة البصريين.

ثم ذكر المصنف جملة من حروف الخفض لهذه المناسبة وكان حقها أن تذكر في مخفوضات الأسماء فقال : (وهي) : الواو للاستئناف ، هي : ضمير منفصل على الفتح في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب. (من) : وما عطف عليها

______________________________________________________

بني؟ قلت : بناؤه أصلي وما جاء على الأصل لا يسأل عنه. فإن قلت : لم كان آخره حركة؟ قلت : للتخلص من التقاء الساكنين. قوله : (بدلها) خبر مثل. قوله : (ومنه) أي من نحو أم رجل حديث الخ وهو حديث صحيح وروي بأل أيضا وهو محمول على صوم النفل فلا يخالف قوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] لأنه في الفرض قاله السيوطي : قوله : (ليس من أمبر الخ) ليس : فعل ماض ناقص ، ومن أمبر : متعلق بمحذوف خبر ليس وأمصيام اسمها وفي أمسفر متعلق بمحذوف صفة لأمصيام أي ليس من البر والطاعة الصيام في السفر. قوله : (وحروف الخفض) عطف بالواو لأن الجميع في مرتبة واحدة والإضافة من إضافة السبب للمسبب. قوله : (ثم الخ) عطف على متوهم أي قال : وحروف الخفض ثم ذكر الخ. قوله : (لهذه المناسبة) أي كون الاسم يعرف بحروف الخفض. قوله : (حقها) أي الحروف. قوله : (أن تذكر) ما دخلت عليه أن في تأويل مصدر خبر كان. قوله : (مخفوضات الأسماء) أي آخر الكتاب. قوله : (وهو الخ) جملة اسمية لا صغرى ولا كبرى ولا محل لها لأنها استئنافية. قوله : (للاستئناف) أي البياني فكأن قائلا قال له وما حروف الخفض؟ فقال : وهي من الخ. قوله : (وما عطف الخ) دفع به ما يقال : إن المبتدأ

٥٩

خبر المبتدأ مبني على السكون في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب. (وإلى) : الواو حرف عطف ، إلى : معطوف على من مبني على السكون في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب و «من» من معانيها الابتداء فلذا أبدأ بها وإلى من معانيها الانتهاء وهو مقابل للابتداء فلذا ذكرها عقبها. مثالهما : سرت من البصرة إلى الكوفة وإعرابه : سرت : فعل وفاعل. من البصرة : جار ومجرور متعلق بسرت. إلى الكوفة : جار ومجرور أيضا متعلق بسرت فالبصرة والكوفة اسمان لدخول من على الأول وإلى على الثاني. (وعن) الواو : حرف عطف ، عن : معطوف على من مبني على السكون في محل رفع لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب وعن من معانيها المجاوزة ، نحو : رميت عن القوس. وإعرابه : رميت. فعل وفاعل. عن القوس : جار ومجرور متعلق برميت. فالقوس : اسم لدخول عن عليه. (وعلى) : الواو حرف عطف على معطوف على من مبني على السكون في

______________________________________________________

مصدوقه جمع والخبر مفرد ولا بد من التطابق. قوله : (خبر المبتدأ) إذ المقصود منها اللفظ. قوله : (من معانيها الخ) اعلم أن المعاني التي سيذكرها الشارح لهذه الحروف هي ما اشتهرت وإلا فلها معان أخر كما أشار بذلك بقوله من معانيها الخ فإن من للتبعيض وسأذكر بعضا منها آخر الكتاب. قوله : (الابتداء) أي أن مجرورها مبتدأ لمتعلقها. قوله : (مثالهما) أي المثال الجامع لمن الابتدائية وإلى الانتهائية. قوله : (سرت الخ) أي ابتداء سيري من كذا وانتهاؤه إلى كذا وما ذكر مثال للابتداء والانتهاء في الأمكنة ومثالهما في الأزمنة «سافرت من يوم الخميس إلى يوم الاثنين». قوله : (البصرة) مثلث الباء والفتح أفصح اسم بلدة كالكوفة. قوله : (فعل) أي ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره السكون العارض لدفع توالي الخ إذ أصله سير تحركت الياء وانفتح ما قبلها ألفا فصار سار. قوله : (لدخول من الخ).

(فائدة) : ألغز بعضهم في «من» حيث نصب ما بعدها وقال : من زيدا وجوابه أن من فعل أمر بمعنى كذب والفاعل مستتر وزيدا مفعول وفي «إلى» كذلك فقال إلى زيدا وجوابه أن إلى فعل أمر للاثنين من وأن إذا لجأ بوزن وعد. قوله : (المجاوزة) خصّ هذا المعنى لشهرته كما سبق ومعناها لغة البعد واصطلاحا بعد شيء عن المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر الفعل الذي قبلها. قوله : (رميت عن القوس) أي باعدت السهم عن القوس بسبب الرمي والقوس : آلة معلومة يرمى بها مأخوذ من الانقواس وهو

٦٠