موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٥

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٥

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٨

وزيادة الفضل والانتقاد الحسن ، ومناسبة ايراد كل شيء منها في موضعه مع اللطافة وقوة المذاكرة وحسن المنادمة وحفظ اللغة الفارسية والتركية واتقانهما كل الاتقان ومعرفة الاشعار الحسنة منهما وأخبار الفرس. خرج من بغداد وهو متقن لهذه اللغات الثلاث ...» اه.

ولا أدل على مقدرته العلمية من كتابه خزانة الأدب وشواهد شرح الشافية للاستر ابادي ، وشرح (بانت سعاد) و(شرح شاهدية) وتصحيح كتاب الاهرام المسمى ب (المقصد المرام) فقد انقذه من التلف.

ورأيت بخطه كتاب مغني اللبيب ومعه رسائل أخرى منها رسالة في التغليب وغيره. مخطوطتها في خزانة الآثار القديمة ببغداد.

سافر إلى دمشق بعد فتح بغداد وأقام فيها سنة ثم رحل إلى مصر فوردها عام ١٠٥٠ ه‍ وهناك ظهرت مواهبه ، وزاد اتقانه ، ونال الشهرة الذائعة في عودته إلى الشام ، وذهابه إلى بلاد الروم ، ثم رجوعه إلى مصر وهكذا حتى توفي بمصر سنة ١٠٩٣ ه‍ وكانت ولادته ببغداد سنة ١٠٣٠ ه‍.

كان زينة هذا العصر ، ودرة تاج العلم في بغداد. وأمثاله فيها كثيرون إلا أن الشهرة لا تكون إلا نصيب البعض. اشتهر غيره مثل مدلج المفتي ببغداد.

وترجمته حافلة بالمطالب العلمية الغزيرة ، فصلنا القول فيه في التاريخ الأدبي. وكان مثال الجد والنشاط ، والمثابرة ...

كانت بغداد بسبب الغوائل ضيقة على أمثاله ممن يريد التزود من الثقافة والظهور أو الانقطاع إلى العلم فرأى الضرورة ملحة لهجرته وترك وطنه ... ولم يكن القطر بعد ذهابه مستريحا بل انتابته الحوادث من كل صوب ... ذلك ما دعا أن يعيش خارجه إلى أن وافاه أجله.

١٤١

حوادث سنة ١٠٩٤ ه‍ ـ ١٦٨٢ م

جامع السراي :

جدد الوزير عمارة هذا الجامع وأحكم بناءه. أرخ ذلك (يحيى دده) شيخ المولوية فكان سنة ١٠٩٤ ه‍. مر ذكره باسم الجامع السليماني. وتغلب عليه (جامع السراي) ، وجامع (جديد حسن باشا) (١).

والي البصرة :

في هذه الأيام عهد إلى الوزير عبد الرحمن باشا المعروف بعبدي باشا بمنصب البصرة ، مر ببغداد ثم وافى واليها السابق حسين باشا السلحدار فذهب إلى بلاد الروم ...

كان هذا الوزير في البلاط. اجتاز مراتب عديدة فحصل على رتبة الوزارة في صفر سنة ١٠٨٠ ه‍ ومنح منصب توقيعي ثم إنه في المحرم سنة ١٠٨٩ ه‍ ولي القائم مقامية في السدة الملكية. وفي شهر رمضان سنة ١٠٩٣ ه‍ عيّن واليا إلى البصرة وفي سنة ١٠٩٨ ه‍ عزل عنها ...

ومن طبعه الشعر ، فائض المعرفة ، وكان مجلسه غاصا بالعلماء والفضلاء والشعراء والظرفاء ولهؤلاء جميعا منزلة معتبرة لديه ، وكلامه طيب لطيف ، طاهر القول ، وله رغبة خاصة بالشعراء ، وبأصحاب العرفان ، وله ذهن وقّاد ، وشعر رقيق (٢) ...

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٤.

(٢) تذكرة سالم ص ٤٦٩.

١٤٢

حوادث سنة ١٠٩٥ ه‍ ـ ١٦٨٤ م

تبدلات في الإدارة :

١ ـ ايالة الموصل كانت للامير دلي محمد باشا فعزل (١). وولي الموصل علي باشا الشهير بقدوم صاحب الايوان بالموصل وتوفي في البر عند الشيخ محمد الغزلاني (٢).

٢ ـ وجهت ايالة شهر زور إلى حسين بك عمر زاده. وكانت هذه التبدلات في غرة المحرم (٣).

عزل الوزير :

في غرة شوال عزل الوالي. دعي بما لديه من جيش الحرس بعدته الكاملة ... وكانت ابتدأت ايالته في غرة جمادى الاولى سنة ١٠٩٢ ه‍.

حكومة الوزير عمر باشا الثانية :

عهد إليه بولاية بغداد للمرة الثانية فوردها في غرة شوال بسط فيها بساط الأمن وصان أهليها. وفي أيامه لم يحدث ما يكدر الخواطر من فتن. وفي تاريخ السلحدار نعته ب (أوكوز عمر باشا) (٤).

حوادث سنة ١٠٩٧ ه‍ ـ ١٦٨٥ م

تبدلات ادارية :

١ ـ ولي ايالة شهرزور حسين باشا ابن القاضي. عزل من ولاية قسطموني.

__________________

(١) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ١٢٥.

(٢) عمدة البيان.

(٣) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ١٢٥.

(٤) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ٢٦٧ وأوكوز بمعنى (الثور) ، واللفظة تركية.

١٤٣

٢ ـ ولي الموصل عرب علي باشا. وكانت هذه التبدلات في ١٧ جمادى الأولى (١). واعتقد أنه المذكور في السنة السابقة وهو (ربيعي).

حوادث سنة ١٠٩٨ ه‍ ـ ١٦٨٦ م

ولاية البصرة :

عهد في هذه السنة بولاية البصرة إلى حسين باشا الكمركچي فنصب خيامه في بغداد لبضعة أيام ثم توجه نحو منصبه. ثم ورد والي البصرة السابق الوزير عبد الرحمن باشا (عبدي باشا) صاحب السيف والقلم وضرب خيامه في جانب الكرخ ، فاستولى الرعب على الأهلين في البصرة من واليهم الجديد لما سمعوه عنه من أنه صعب المراس ، لا يقبل معذرة فأصابهم الخوف منه. ولكن هذا الوالي لم يبق إلا قليلا فوافاه الأجل. أما والي البصرة السابق فإنه قضى أيام حكومته بما يستدعي راحة الأهلين كما أنه أمن العدل ... وكان في حد ذاته عالما ، فاضلا ، ضليعا في الشريعة الغراء فهو كامل من كل وجه ، وفي هذه المرة عاد الوزير المشار إليه إلى البصرة ثانية بناء على التماس من أهل البصرة وبغداد من السلطان وباستشفاع وزير بغداد عمر باشا فعهد إليه بمنصب البصرة سنة ١٠٩٨ ه‍ (٢). ثم عزل عن هذا المنصب في المحرم من سنة ١١٠٠ ه‍. فحصل ولايات أخرى وتوفي في شهر رجب سنة ١١٠٣ ه‍ وهو في محافظة سافر (٣) ... ونعته في تاريخ السلحدار (بالشاعر) وأنه وجه إليه منصب البصرة سنة ١٠٩٩ ه‍.

__________________

(١) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) في تذكرة سالم سنة ١٠٩٩ ه‍ وهذه طبعت في مطبعة اقدام باستنبول ، وكان مؤلفها قاضي العسكر.

(٣) كلشن خلفا ص ١٠٥ ـ ٢ وتذكرة سالم.

١٤٤

جامع الوزير :

في هذا التاريخ عمّر (أحمد آغا الكتخدا) أي (الكهية) الجانب الغربي من جامع حسن باشا الچلبي لخلوه من البناء. بنى قبّة عالية ، ووسع في الجامع. وهذا هو (جامع الوزير) (١).

عزل الوزير :

ابتدأ حكمه في غرة شوال سنة ١٠٩٥ ه‍ وامتد إلى ٣ ذي القعدة سنة ١٠٩٨ ه‍ فعزل.

الوزير أحمد باشا البوشناق :

هذا الوزير يعرف بأحمد باشا الكتخدا. كان كتخدا قرا محمد باشا فلازمه الوصف. وعرف في بغداد ب (أحمد باشا البوشناق) نال الوزارة سنة ١٠٩٥ ه‍ وبعد أن تقلب في مناصب عديدة صار واليا في حلب في المحرم سنة ١٠٩٧ ه‍. وعهد إليه منصب بغداد في ٨ ذي القعدة سنة ١٠٩٨ ه‍. وهذا سعى جهده في ضبط الإدارة خارجا وداخلا بصورة لا تقبل القياس مع من تقدمه. فكانت له السلطة على الرعايا وعلى الجيوش بترهيب أو ترغيب فانقاد له الكل. وسعى سعيا بليغا في تدقيق الحسابات والدفاتر ...

كان لا يؤخر المؤاخذة ، ولا يتهاون في الإدارة بل يعجل في العقاب أو العتاب فكان الموظفون في شغل منه. لم يروا راحة في زمنه إلا أنهم كانوا في استقامة حذرا من بطشه فلازموا الحق والاتقان في أعمالهم. يتوقون من التساهل فكان للاهتمام بشؤونهم وتفحص أمورهم غاية حميدة سواء في كليات الأمور أو في جزئياتها (٢) ...

__________________

(١) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٤ ، وكلشن خلفا ص ١٠٥ ـ ٢ والمعاهد الخيرية وفيها سعة وبسط.

(٢) كلشن خلفا ص ١٠٥ ـ ٢.

١٤٥

حوادث سنة ١٠٩٩ ه‍ ـ ١٦٨٧ م

ولاية الموصل :

في هذه السنة عهد بولاية الموصل إلى الوزير أحمد باشا السهرابي (١).

حراسة القطر :

كان الوزير مشغولا في حراسة الثغور وقام بتعمير أبراج بغداد وتوابيها. وبتجديد برج الچاوش فأتمه في هذه السنة ثم إنه أقام برج الصابوني. فكان أثره خالدا وقويا.

جامع احمد باشا البوشناق :

بناه سنة ١٠٩٩ ه‍ ، وخصص في وقفه للمدرس عشر أقچات يوميا. وجاء في وقفية الغرابي أن من شهوده طه الواعظ في جامع أحمد باشا البوشناق. ثم توقف التدريس من هذا الجامع لقلة وارده. ثم أعيد إليه في سنة ١٣٢٧ ه‍. وجرت تحولات وتعميرات على هذا الجامع أوضحنا عنها في كتاب (المعاهد الخيرية). ولعل هذا الجامع قد خرب ، فتغلب عليه اسم المحلة (محلة حمام المالح) فصار يقال له (جامع حمام المالح).

جامع محمد الفضل :

ومن مآثره الخيرية تعمير جامع محمد الفضل بجوار مرقده ، ورتب له قواما وخداما. والأستاذ المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي عدّه من الجوامع القديمة كما أن صاحب گلشن خلفا لم يتعرض له (٢).

__________________

(١) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ٣٥٠.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٢.

١٤٦

عزل الوزير :

وبينا هو مهتم في تعمير الابراج والتوابي في بغداد إذ ورد خبر عزله. فكان ابتداء حكمه في ٣ ذي القعدة سنة ١٠٩٨ ه‍ وانفصاله في ١٤ ذي القعدة سنة ١٠٩٩ ه‍. ثم صار مفتش الاناضول. وتوفي في رجب سنة ١١٠٢ ه‍ (١).

الوزير عمر باشا :

هذه المرة الثالثة من ولايته ببغداد.

حوادث سنة ١١٠٠ ه‍ ـ ١٦٨٨ م

خان بني سعد :

وفي أيامه كان الطريق بين بغداد وقرية بهرز صحراء واسعة. فبنى خانا محكما ، قويا فأتمه وأنقذ الناس من قطاع الطرق. أتمه في هذه السنة وهذا الخان هو المسمى (بخان بني سعد) في منتصف الطريق. وكان يسمى طريق بعقوبة القديم بطريق بهرز ويمر من الباب الوسطاني ... والعوام يقولون (خان النص). وخان بني سعد وهو اليوم مركز ناحية بهذا الاسم من (قضاء الخالص). ولا يزال الخان قائما (٢).

جامع الشيخ معروف :

كان كتخدا الوزير (أحمد آغا) رأى أن جدران جامع الشيخ معروف الكرخي متداعية بسبب مرور الأيام عليها. وأن مصلاه يضيق بالناس نظرا لصغره فأقامه من جديد ووسّعه فكان عمله هذا مبرورا.

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١٠٦ ـ ١ وسجل عثماني ج ١ ص ٢٢٦.

(٢) كلشن خلفا ص ١٠٦ ـ ٢.

١٤٧

ومما يؤثر عن هذا الكتخدا أنه لم يكتب له تاريخا جديدا في عمارته. وإنما أبقى التاريخ الأول لغرض أن لا ينسى العمل الصالح والذكر الجميل لمن سلف. وهذه مأثرة أخرى فلم يكن غرضه الفخر والمباهاة (١).

قتلة محمود الغرابي :

قال الغرابي في تاريخه :

«في هذه السنة شغب الجند المعروفون بالينگچرية في بغداد فقتلوا أخي وشقيقي الفاضل محمودا الناصح بجامع الإمام الأعظم أبي حنيفة يوم الثلاثاء ١٣ صفر. وذلك بإغراء بعض أكابرهم فعاجل الله اولئك الخبثاء فأتى حكم من الدولة العلية فقتل منهم ثلاثة والله ينتقم من الجميع ...» اه.

وجاء في گلشن خلفا أنه في هذه الأيام قلّت الأمطار ونضب ماء دجلة والفرات مما دعا الناس أن يتخوفوا من الغلاء بالرغم من أن الأطعمة متوفرة. وفي ١٣ صفر حدث القيل والقال فاتخذ أرباب الزيغ ذلك وسيلة إلى الشغب بتحريض الجهال. اتهموا (محمودا آل غراب) بالاحتكار ، وكان من العلماء فقتل مظلوما بأيدي العوام. وهذه الفتنة زاد لهيبها وتطاير شررها وقد مضت نحو عشرة أشهر ولم تنطفىء فكانت خاتمتها أن قتل ثلاثة من رجال الچورباچية صلبا. ثم ماتت الاضطرابات وبطلت الاراجيف (٢).

آل الغرابي :

ذكرتهم في كتاب المعاهد الخيرية عند الكلام على (مدرسة آل الغرابي).

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١٠٦ ـ ٢ والمعاهد الخيرية.

(٢) كلشن خلفا ص ١٠٦ ـ ٢.

١٤٨

سفير ايران لتأكيد الصلح :

وفي أواخر السنة ورد من ايران سفير مرّ ببغداد ذاهبا إلى استنبول لتأكيد قواعد الصلح بين الدولتين بمناسبة جلوس السلطان سليمان.

ولاية البصرة :

ولي الوزير حسين باشا الدفتري. وفي ابتداء هذه السنة مرّ ببغداد وذهب إلى البصرة. وأما الوزير السابق عبد الرحمن باشا (عبدي باشا) فإنه جاء إلى بغداد في أواسط هذه السنة. ضرب خيامه في الجانب الغربي منها. وحينئذ وافاه الادباء وكان له في الغزل قصيدة غراء. وممن بارى هذه القصيدة مرتضى آل نظمي كان نظمها باللغة التركية. احتفل به وبقي في بغداد شهرا واحدا ثم ذهب إلى بلاد الروم. توفي في شهر رجب من سنة ١١٠٣ ه‍ في ساقز.

الوزير في بغداد :

وفي ذي القعدة ورد الفرمان بإقرار الوالي عمر باشا في وزارته وأودعت إليه إدارة الحدود والثغور فكرّم أرباب المناصب بخلع فاخرة ... وكثيرا ما يجري ذلك في المناصب الكبيرة أيام التبدل في السلطنة.

الغلاء في الموصل :

كان بدأ سنة ١٠٩٩ ه‍ ، واشتد في هذه السنة. ويعرف بالغلاء الكبير (١).

__________________

(١) عمدة البيان.

١٤٩

مرتضى آل نظمي ـ كلشن خلفا :

وفي أواخر هذه السنة ذهب إلى الحج من طريق العراق وكان ختم كتابه (كلشن خلفا) فكان خير تحفة قدمها للعراق. ثم زاد في وقائعه بعد عودته. تداولته الأيدي قبل أن يضاف إليه شيء وقد رأيت نسخة مخطوطة منه في (فينة) في المكتبة الأهلية كتبت سنة ١١١٦ ه‍ وفيها اضافات ... ونسخه المخطوطة في بغداد قليلة تكاد تكون مفقودة بل المطبوع منه عزيز جدا. ذكر في تذكرة سالم أنه وقف عند هذه السنة. عندي نسخة قديمة كاملة وكذا عند الأستاذ يعقوب سركيس ، وفي استنبول نسخ عديدة مخطوطة منه.

حوادث سنة ١١٠١ ه‍ ـ ١٦٨٩ م

الوزير حسن باشا :

هذا الوزير بدأ حكمه ببغداد في ٢٥ ربيع الأول. ورد متسلّمه ومضت عليه أربعة أشهر ثم وافى. وهو كاسمه حسن موصوف بالحلم وصاحب قلم سيال. وفي أيام شبابه عاش بالبلاط ثم حصل على منصب المحاسبة في الحرمين الشريفين ، وبعدها صار كتخدا الحرم السلطاني. ثم ولي مصر القاهرة. وتقلد مناصب ، ولما ولي الصدارة مصطفى باشا الكوبريلي أنعم عليه السلطان بمنصب بغداد ومن حين وروده أبدى الرأفة بالأهلين وأزال بعض المظالم في الضرائب ...

قحط وطاعون :

في هذه السنة والتي قبلها حدث قحط في بغداد. استولى الجوع على الأهلين من كرد وعرب وأمضّ بأنحاء الموصل وديار الكرد فنزح الكثيرون إلى بغداد وصاروا يلحّون في طلب الأكل ، وإن اغنياء بغداد لم يقصروا في اطعام الطعام وإعالة الفقراء وإيواء من بقي بلا مأوى ولا مأكل ...

١٥٠

ومن جراء هذا القحط ونزوح الناس استولت الأمراض وبدأ الطاعون. ويسمى ب (أبي طبر) صار يفتك فتكا ذريعا فعادت بغداد مأتما. وفي خلال ثلاثة أشهر أو أربعة دمّر المرض أكثر من مائة ألف نسمة جاء الوزير في أواخر هذه المصائب ...

وفي غرة شوال زال هذا البلاء وظهرت بشائر الصحة ...

وجاء في تاريخ الغرابي :

«قل الغيث وغارت الشطوط وغلت الاسعار. وازداد الغلاء في بغداد ، ودام إلى شهر رمضان ، ووقع أيضا طاعون تفتتت منه الأكباد ، ومات به خلق كثير وأول ما ظهر في مندلي (بندنيج) (١) ، ثم أتى إلى بغداد في جمادى الآخرة ، وكثر في شعبان وانقطع في شوال.» اه.

الحج :

في هذه السنة سار الحاج من بغداد وأميرهم حسين آغا بن عبدال رئيس العرفاء ببغداد. فلما وصلوا إلى تنومة أول قرية من قرى نجد للذاهب من البصرة نهبهم الأعراب. وأخذوا منهم أموالا كثيرة ، ثم قفل أكثرهم راجعين وبعضهم ذهب إلى البصرة. وشرذمة سارت إلى المدينة.

زلزال :

اهتزت الأرض في هذه السنة ببغداد هزة خفيفة وقت الفجر.

__________________

(١) تسمى اليوم مندلي ومندلجين محرفا عن بندنيجين معرب بندنيك أي الربط الحسن كناية عن الحد الذي حدّ بين الروم والعجم. قال ذلك السيد عيسى صفاء الدين البندنيجي في رسالته على الأجوبة اللاهورية. وهذا غير صحيح فقد عرفت قبل ظهور دولتي العجم والروم كانت من أيام العباسيين والمغول. وهي اليوم قضاء من أقضية لواء ديالى. وذكرت في غاية المرام في محاسن بغداد مدينة السلام أنها مدينة معمورة في جهة النهروان من ناحية الجبل من أعمال بغداد.

١٥١

الشيخ إبراهيم الكوراني :

توفي في هذه السنة الشيخ إبراهيم الكردي الگوراني في المدينة. أصله من الكرد. وبأرضهم نشأ وحصل على العلوم العقلية والأدبية. ثم قدم بغداد ، ودرس بها سنة أو سنتين ثم سافر إلى الشام ومنها إلى مصر ، فالمدينة المنورة فأقام بها مكبا على الاشتغال بالفقه والحديث والتصوف واشتهرت فضيلته ، فقصده الناس من الآفاق ... ومن مؤلفاته قصد السبيل في توحيد الحق الوكيل في العقائد (١) ...

آل بابان وتغلبهم :

ثار في هذه الأيام مير سليمان ومير حسن من أمراء لواء (ببه) من الأكراد. اكتسحوا قلعة (شهرزور) وتجاوزوا على الرعايا. أظهروا تغلبهم ، فاشتعلت نيران الحرب بينهم وبين متصرف ايالة كركوك دلاور باشا واشتد النزاع فأدى الخصام إلى قتل الباشا في المعركة.

حوادث سنة ١١٠٢ ه‍ ـ ١٦٩٠ م

بقية حوادث بابان :

وصل في أواخر السنة الماضية الخبر إلى الوزير بما وقع في بابان وقتل متصرف كركوك فعيّن لها متسلما في أوائل هذه السنة وأنذر مير سليمان بكتاب محتو على أنواع الترغيب والترهيب. وكان كتب بقلم صاحب گلشن خلفا. أوضحت ذلك في كتاب (شهرزور ـ السليمانية).

منصب كركوك ـ بابان :

عهد بمنصب كركوك إلى حسين باشا. وهذا أمدّته الدولة بمقدار

__________________

(١) تاريخ الغرابي ص ٢٠٤ ـ ١. ذكرته في كتاب (العقيدة الإسلامية في العراق).

١٥٢

من جيوش بغداد والجزيرة والعمادية لحرب هذا الثائر والانتقام منه صدر الفرمان بالقضاء عليه. ولكن بقي متصرف كركوك في الحدود شهرين يتجول فلم يتمكن من الوقيعة به. وإنما رجع بأخذ تقدمة زهيدة ... بل عاد والعجز باد عليه (١) ...

الطاعون :

وفي أواسط هذه السنة عاد الطاعون مرة أخرى وظهر ببغداد فجاس خلال الديار داخلا وخارجا ، وفتك فتكا ذريعا ، فكان أشدّ ، وضائعاته أكبر ، فشغلت كل نفس بشأنها ولم يعد يعرف أحد آخر فبلغت الوفيات نحو ألف نسمة يوميا وربما تجاوزت ذلك ، وهذا المرض أنسى ما قبله ، فتجول في الانحاء ثلاثة أشهر حتى وافى النصف من شعبان سنة ١١٠٢ ه‍ فخفّت وطأته وزال خطره وبسبب ذلك اضطربت الأحوال وتولد نقص في النفوس في القرى والقصبات. وإن أعراب البادية اغتنموا الفرصة فمدّوا أيديهم إلى أموال الناس وأغاروا من كل صوب فلم يسمعوا نصحا ولم يصغوا لقول. فقارعهم الحكام بما استطاعوا (٢).

وفي تاريخ الغرابي أنه استمر إلى هذه السنة ، وكان من وفياته أحمد بن عبد الله الغرابي صاحب التاريخ المسمى ب (عيون أخبار الأعيان في من مضى من سالف العصر والازمان). توفي في ١ شعبان سنة ١١٠٢ ه‍ وبوفاته زال الطاعون. وتعرض لذكره صاحب (روضات الجنات) أيضا (٣).

الغرابي وتاريخه :

الغرابي هو أحمد بن عبد الله المعروف ب (غراب) ، ومرّ ذكر أخيه

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ١.

(٢) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ١.

(٣) روضات الجنات ص ٢٥.

١٥٣

محمود الغرابي العالم الأديب. ورد ذكر هذه الأسرة في أوليا چلبي وفي الروض النضر وفي مؤلفات عديدة. ومن رجالها حسين الغرابي صاحب المدرسة المعروفة ب (مدرسة الغرابي) ، و(تكية عرب) في محلة باب الشيخ ، ولا تزال بقايا أسرتهم موجودة. ترجمه صاحب (عثمانلي مؤلفلري).

وتاريخ الغرابي من أجل ما رجعنا إليه ، تعرض لوقائعنا التاريخية إلى آخر أيامه. وحوادثه تتناول العراق وغيره. وما يتعلق بالعراق منها قليل إلّا أن فائدته كبيرة جدا لا سيما ما يتعلق بعصره. فإذا كان گلشن خلفا عظيم الأثر في الوقائع فهذا لا يقل عنه وأحيانا يزيد عليه. وإن صاحب گلشن خلفا من المطلعين على الحوادث الرسمية. وفي هذه نرى الغرابي يصرح بما لم يستطع أن يصرح به صاحب گلشن خلفا. أوسعت البحث فيه في كتابي (التعريف بالمؤرخين). عندي نسخة خطية منه وأخرى مصورة.

ولمؤلفه (زبدة آثار المواهب والأنوار في التفسير) باللغة التركية. ونسخه موجودة إلا أنها قليلة. منه نسخة في نور عثمانية. ألفه سنة ١٠٩٦ ه‍. وطبع سنة ١٢٩٤ ه‍. عندي مجلد واحد منه. وفي مخطوطات الموصل ورد ذكره. والمؤلف من ذرية الشيخ علي الهيتي المتوفى سنة ٥٦٣ ه‍.

وكان المؤلف قبل وفاته أوصى فتح الله بن عبد القادر لقمان بإخراج تاريخه إلى البياض لينتفع به الناس. وكان فراغه من كتابته في ١٩ شوال سنة ١١٠٤ ه‍.

الطاعون في البصرة ـ حوادثها :

سرى الطاعون إلى أنحاء البصرة فأنهك قواها ودمرها فوصلت إلى حالة لا تستطيع بها نقل أمواتها بل كان يوارى من يموت في محله.

١٥٤

أورث أضرارا زاد بها على ما أصاب بغداد.

ذلك ما دعا أن يقع اختلاف بين والي البصرة وهو الوزير أحمد باشا آل عثمان باشا والأهلين على (الرسومات الشرعية) و(الضرائب العرفية) بحيث أدى إلى وقوع القتال.

اتفق عشائر الجزائر مع أمراء المنتفق فخرجوا عن الطاعة وهاجموا والي البصرة جاؤوه بجيش يتراوح بين الألفين والثلاثة آلاف فارس وراجل فوصلوا إلى (الدير) فلما سمع بذلك سارع لصد غائلتهم دون رويّة لمجرد شجاعته وتهوره. قام بأمل تشتيت شملهم ونصحه بعض أهل الرأي أن يتخذ تدبيرا ناجعا لإسكان الفتنة والاضطراب فلم يلتفت وإنما استقبل اولئك بخمسمائة من المشاة والخيالة مع من كان معه من أتباع. حاربهم فحمي الوطيس بين الفريقين ففرّ منه أكثر أصحابه ولم يبق معه سوى مائة جندي فهاجم بهؤلاء حتى هلك معهم (١). ومن ثم حاول كتخداه حسن آغا أن يتولى منصبه باتفاق أهل الرأي ممن كان هناك فلم يفلح. وإنما تقدم العربان نحوهم فتمكنوا من الاستيلاء على البصرة. وكان شيخ المنتفق (مانع) قائد الجموع ، وصل إليها وتغلب ولكن أرباب الحل والعقد من أهل البصرة اتفقوا على ابعاده منها ، واختاروا (حسنا الجمّال) من أعيان الولاية وكان مشتهرا في تلك الاطراف فاستدعوه وولوه أمورهم ليقوم بعبء المستلمية (٢)

أحوال بغداد ـ عزل الوزير :

اضطربت أحوال العراق وساءت. تسلط العربان على أكثر انحائه مما نقص الرسوم الاميرية والاعشار وكان الوزير رؤوفا بالناس ، حسن

__________________

(١) تاريخ راشد ج ٢ ص ١٨١.

(٢) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ٢.

١٥٥

المعاملة فتساهل. طلب أن يعفى من الحكم فعزل في ١٧ ذي الحجة سنة ١١٠٢ ه‍ وكان ابتدأ حكمه في ٢٥ ربيع الأول سنة ١١٠١ ه‍ (١).

حوادث سنة ١١٠٣ ه‍ ١٦٩١ م

الوزير أحمد باشا البازركان

هذا الوزير ورد متسلمه بغداد في ١٧ ذي الحجة سنة ١١٠٢ ه‍ ثم وافى في أوائل سنة ١١٠٣ ه‍. وهذا الوزير أرسل كتخداه بجم غفير إلى مانع شيخ المنتفق فعاد بمغلوبية فاحشة كما أن الوزير قضى أيامه في بغداد بأمراض مزمنة فتوفي في ٢ شوال ودفن في مقبرة الأعظمية (٢).

وزارة أحمد باشا الكتخدا :

كان الوالي السابق حسن باشا قد سجن ببغداد بناء على الفرمان الوارد من أجل بقايا الميري عليه. وكانت أعماله معتدلة جدا فكان الأهلون راضين عنه. ولذا اجتمع العلماء وأهل الحل والعقد كافة فأخرجوه من القلعة وقدموه لمنصب الحكومة وعرضوا الأمر إلى الدولة فصدر الفرمان بالعفو عنه وعهد بالوزارة إلى أحمد باشا كتخدا عمر باشا الوزير السابق.

وجاء في تاريخ راشد ما يوضح أكثر. قال : بعد قتلة أحمد باشا آل عثمان باشا والي البصرة عهد إلى حسن باشا إلا أنه لم يؤد ما ترتب بذمته من مبالغ الدولة. وبناء على حادث البصرة عهد إليه بمنصب بغداد ، واختير سلفه (صالت أحمد باشا) والي بغداد إلى البصرة (٣).

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ٢.

(٢) كلشن خلفا ص ١١٥ ـ ١.

(٣) تاريخ راشد ج ٢ ص ١٨١.

١٥٦

وفي هذا موافقة لما اختاره الأهلون ، ولكن الدولة مضت على خلافه كما ذكر صاحب كلشن خلفا. وفي هذه الواقعة وغيرها من الوقائع المحلية ما يصحح مدونات المؤرخين الرسميين ، يدل على ذلك ما أبداه (راشد) في حوادث هذه السنة ما يوافق المدون في گلشن خلفا. وزاد أن أحمد باشا الكتخدا كان يقال له أحمد آغا محصل حلب ، ثم منح الوزارة ببغداد ، وسبق للبغداديين أن عرفوه (١).

وفي ٢٤ ذي الحجة ورد متسلّمه ثم جاء عقب ذلك فشرع في الإدارة (٢).

قتل والي البصرة :

إن السلطان أمر بقتل حسين باشا والي البصرة سابقا لما ترتب بذمته من أموال الدولة ، وكان يماطل في الأداء ويبدي اعتذارا. وفي سنة ١٠٩٩ ه‍ نال ولاية البصرة ووزارتها وحبس في (المابين) قبل قتله (٣).

وفيات

البرزنجي :

في غرة المحرم سنة ١١٠٣ ه‍ توفي السيد محمد بن عبد الرسول البرزنجي. ولد بشهرزور ليلة الجمعة ١٢ ربيع الأول سنة ١٠٤٠ ه‍ ثم ورد بغداد وأخذ عن الشيخ مدلج. ومن مؤلفاته نوافض الروافض مختصر النواقض. وعلى النواقض ردود مطبوعة وغير مطبوعة. وفي كلها ما يعين

__________________

(١) تاريخ راشد ج ٢ ص ١٩١.

(٢) كلشن خلفا ص ١١٥ ـ ١.

(٣) تاريخ راشد ج ٢ ص ١٧٤.

١٥٧

المشادة السياسية بين ايران والعراق (١).

حوادث سنة ١١٠٤ ه‍ ١٦٩٢ م

حوادث البصرة :

بعد قتل والي البصرة أحمد باشا عهد بالولاية إلى كتخداه حسن آغا ومنح طوغين (٢) إلا أن مانعا شيخ المنتفق حاربه كثيرا ثم عهد إلى الوزير خليل باشا أخي أحمد باشا البازركان بإيالة البصرة فسمع مانع بذلك فتأهب للطوارىء ، وللاستيلاء على المدينة وتسليمها إلى الوزير الجديد جعل والي بغداد أحمد باشا قائدا وأن يكون في صحبته ولاة كركوك والموصل ومقدار من جيش ديار بكر فوصلوا ، قابلهم الشيخ مانع في جزائر البصرة فدامت المعركة بضعة أيام ، وبالنتيجة في سلخ شهر رمضان انهزم الباشا وانكسر جيشه ، وحينئذ انتهب العربان ما معهم من معدات حتى النقود وصارت سفن الكثير من التجار غنائم. فهلك قسم من العسكر والقسم الآخر فرّ إلى البصرة وبعضهم ورد بغداد مجروحا مسلوبا. وبهذه الحالة عاد خليل باشا إلى بغداد ولم ينل مأربا.

وهذه الواقعة عرضت بتفاصيلها إلى الدولة فوجهت لائمتها على الولاة وإن تعدياتهم اضطرت الشيخ مانعا أن يقوم في وجه الحكومة فارتكب ما ارتكب. وبهذه الملاحظة أرسلت إليه السلطة كتابا استمالته به ، وأضيف إلى تيماره مقدار قليل جبرا لخاطره. وحينئذ أمر خليل باشا أن يذهب إلى البصرة ففعل (٣) ...

__________________

(١) سلك الدرر ج ٤ ص ٦٥.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ج ٤.

(٣) كلشن خلفا ص ١١٥ ـ ١ و٢.

١٥٨

حوادث سنة ١١٠٥ ه‍ ـ ١٦٩٣ م

وفاة الوزير :

وفي ٥ جمادى الأولى توفي الوزير فدفن في مقبرة الإمام الأعظم. هذا وبناء على رأي أهل الحل والعقد نصب كتخداه قائممقاما. وافقت الحكومة على ذلك فتشوش النظام أكثر واضطربت الحالة فأودعت جلائل الأعمال إلى صغار الموظفين (١) ...

وفي تاريخ السلحدار إن الوزير السابق من أهل اخسخة ، وهذا هو (دال أحمد آغا) كتخدا عمر باشا والي بغداد ، كانت الدولة ابان جلوس السلطان سليمان أرسلت بكتاب إلى شاه العجم بيد عثمان آغا أمين العرفاء تنبىء فيه بجلوس السلطان ، ولما ورد بغداد توفي فأخبر الوالي عمر باشا دولته فأمرت بلزوم إرسال الكتاب مع من يختاره فأرسل (دال أحمد آغا) كتخداه رسولا. ولما سلم الكتاب أكرمه الشاه إكراما عظيما وحينئذ قدم كتاب تهنئة إلى السلطان مع هدايا وافرة نفيسة وأعاد الرسول مع سفيره كلب علي خان. وفي الطريق سمعوا بأن السلطان توفي ، فمضوا من طريق روان إلى اسكدار. ولما وصل إلى استنبول أجريت له الضيافة كما أن دال أحمد آغا أنعم عليه برئاسة الحجاب.

وهذا هو الذي ولي بغداد ، وهو كتخدا عمر باشا (٢).

والي بغداد :

وجهت وزارة بغداد إلى أحمد باشا ، في ٣ شوال. ورد متسلمه. ثم جاء هو فبدأ بأعماله. وفي تاريخ السلحدار وجهت ولاية بغداد إلى علي باشا وزير زادة.

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١١٥ ـ ٢.

(٢) تاريخ السلحدار ج ٢ ص ٦٢٠ و٦٢٢ و٧٣٨.

١٥٩

وفي هذا ما يخالف گلشن خلفا. وصاحبه كاتب الديوان وهو أعرف بما وقع.

طغيان دجلة :

في أيامه طغى ماء دجلة وأحاطت المياه ببغداد. فظهرت له خدمات مشكورة في تخريج المياه وسدّ مداخلها ...

اضطرابات :

في هذه الأيام ذهب أمير جيشه لمحاربة العربان فعاد منهزما وانتزعت منه مقاطعات العرجة ، والسماوة ، وبني مالك ، والرماحية ، والجوازر ولم يبق منها ما هو تحت سلطة الحكومة. فلم يعد يرسل إليها ضباط فصارت سلطة الولاة محدودة جدا ... وأن بني عمير قد عصى رئيسهم عباس فأغار على الصليند والسيب وقدس والمحاويل فعاثوا في تلك الانحاء وانتهبوا أهلها (١) ...

حوادث سنة ١١٠٦ ه‍ ١٦٩٤ م

حالة العراق :

لا سلطة للدولة إلا على بغداد. تركوا الأطراف فلم يحركوا ساكنا ، ولهذا لم يقع ما يستحق الذكر.

تاريخ السلحدار :

في هذه السنة انتهت حوادث تاريخ السلحدار. وهو من التواريخ المهمة في توضيح وقائع العصر لا سيما العراق. ويزيد في غالب الأحيان على تاريخ راشد إلا أن الاثنين لا يفيدان الفائدة المطلوبة من كل وجه ولا يؤديان الغرض التاريخي متصلا بالوقائع المتسلسلة وغالب

__________________

(١) كلشن خلفا ص ١١٥ ـ ٢ وقدس مقاطعة في انحاء المحاويل.

١٦٠