مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي

مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

المؤلف:

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧

أصحاب أوفياء

المنهج السابع عشر

أحبيب أنت الى الحسين حبيبُ

ان لم ينط نسب فأنت نسيبُ

يا مرحباً يابن اللمظاهر بالولا

لو كان ينهض بالولا الترحيبُ

شأن يشق على الضراح مرامه

بعد وقبرك والضريح قريبُ

قد اخلصت طرفى علاك نجيبة

من قومها واب اعز نجيبُ

بابي المفدى نفسه عن رغبة

لم يرعها الترهيب والترغيبُ

ما زاغ قلبا من صفوف امية

يوم استطارت للرجال قلوب

يا حاملا ذاك اللواء مرفرفا

كيف النوى ذاك اللوا المضروب

لله من علم هوى وبكفه

علم الحسين الخافق المنصوب

«لسان الحال»

الكون اظلم ابعج الخيل واغبر

او شع ابلمهة الانصار وازهر

احتوفٍ هايجة او ما تعرف الذل

اشلون الي ابعرينه او هاج مشبل

تلوى دون عزهالوية الصل

ابزاغوره او نفج علموت الاحمر

١٠١

كل لماع مدرع يشع للناس

وجهه والدرع والسيف والطاس

متبسم امشرعب ناشر الراس

كفو بالموت دون احسين مستر

اشچم حران من رمحه ايتطاير

تقول الموت منسيفه ايتگاطر

ما والله گرب او تجاسر

عكوبسها او ضل بالكون يذكر

في كتاب ابصار العين حبيب بن مظهّر كمحمد كان صحابيا رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل الكوفة وصحب عليا عليه‌السلام في حروبه كلها وكان من خاصته وحملة علومه ولما ورد مسلم بن عقيل الى الكوفة ونزل دار المختار واخذت الشيعة تختلف اليه جغل حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للحسين عليه‌السلام في الكوفة حتى اذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وخذل اهلها عن مسلم عليه‌السلام وفرّ انصاره حبسهما واخفاهما عن عشائرهما. فلما ورد الحسين عليه‌السلام كربلا خرج حبيب ومسلم اليه مختفين يسيران الليل يكمنان النهار حتى وصلا اليه. وروى في كيفية لحوق حبيب بالحسين ان حبيبا كان ذات يوم واقفا في سوق الكوفة عند عطار يشتري صبغا لكريمنه فمر عليه مسلم بن عوسجة فالتفت اليه حبيب وقال : يا أخي يا مسلم اني ارى اهل الكوفة يجمعون الخيل والأسلحة فبكى مسلم وقال : يا أخي ان أهل الكوفة صمموا على قتال ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٠٢

فبكى حبيب ورمى الصبغ من يده وقال : والله لاتصبغ هذه الاَّ من دم منحري دون الحسين عليه‌السلام ، فبينما الحسين عليه‌السلام يسير من مكة الى الكوفة كتب كتابا الى حبيب نسخته هذه من الحسين بن علي بن أبي طالب الة الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر ، أما بعد يا حبيب فانت تعلم قربتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانت اعرف بنا من غيركوانت ذو شيمة وغيره فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة ، ثم ارسله الى حبيب وكان حبيب جالسا مع زوجته وبين ايديهما طعام يأكلان اذ غصت زوجته في الطعام فقالت : الله أكبر يا حبيب الساعة يرد علينا كتاب كريم من رجل كريم فبينما هم في الكلام واذا بطارق يطرق الباب فخرج اليه حبيب وقال من الطارق ، قال : انا رسول الحسين عليه‌السلام اليك فقال حبيب : الله أكبر صدقت الحرّة بما قالت ، ثم ناوله الكتاب ففضه وقرأه فسألته زوجته عن الخبر فاخبرها فبكت وقالت بالله عليك يا حبيب لاتقصر عن نصرة ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الرجل : حتى اقتل بين يديه وتصبغ شيبتي من دم نحري وكان حبيب يريد ان يكتم امره عن عشيرته وبني عمه لئلا يعلم به احد خوفا من ابن زياد ، فبينما حبيب ينظر في اموره وحوائجه

١٠٣

واللحوق بالحسين عليه‌السلام اذ اقبل اليه بنو عمه وقالوا : يا حبيب بلغنا انك تريد ان تخرج لنصرة الحسين عليه‌السلام ونحن لانخليك ما لنا والدخول بين السلاطين فاخفى حبيب ذلك وانكر عليهم فرجعوا عنه وسمعت زوجته فقالت : يا حبيب كانك كاره للخروج لنصرة الحسين عليه‌السلام فاراد ان يختبر حالها فقال : نعم فبكت وقالت : يا حبيب انسيت كلام جده في حقه واخيه الحسن حيث يقول ولداي هذان سيدا شباب اهل الجنة وهما امامان قاما او قعدا وهذا رسوله وكتابه اتى اليك ويسغيث بك وانت لم تجبه ، فقال حبيب : اخاف على اطفالي من اليتم واخشى ان ترملي بعدي ، فقالت : ولنا التأسي بالهاشميّات والبنيات والأيتام من آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والله تعالى كفيلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فلما عرف خبيب منها حقيقة الأمر دعا لها وجزاها خيرا واخبرها بما هو في نفسه وانه عازم على المسير والرواح ، فقالت : لي اليك حاجة ، فقال : وما هي ، قالت : بالله عليك يا حبيب اذا قدمت على الحسين عليه‌السلام قبّل يديه ورجليه نيابة عني واقرأه عني السلام ، فقال : حبا وكرامة ثم أقبل حبيب على جواده وشدّه شدّاً وثيقا وقال لعبده خذ فرسي وامضي ولا يعلم بك احد وانتظرني في المكان الفلاني فاخذه

١٠٤

العبد ومضى به وبقي ينتظر قدوم سيده. ثم إن حبيب ودّع زوجته وأولاده وخرج مختفيا كأنه ماضي الى ضيعة له خوفا من اهل الكوفة فاستبطأه الغلام واقبل على الفرس وكان قدامه علف يأكل منه فجعل الغلام يخاطبه ويقول له : يا جواد ان لم يأت صاحبك لاعلون ظهرك وامضي بك الى نصرة الحسين عليه‌السلام. فلما سمع الجواد خطاب الغلام له جعل يبكي ودموعه تجري على خديّه وامتنع عن الأكل فبينما هو كذلك فاذا بحبيب قد اقبل فسمع خطاب الغلام فصفق باحدى يديه على الأخرى وقال : بابي انت وأمي يابن رسول الله العبيد يتمنون نصرتك فكيف بالأحرار ، ثم قال لعبده : يا غلام انت حر لوجه الله فبكى الغلام وقال : سيدي والله لا تركتك حتى امضي معك وانصر الحسين عليه‌السلام بن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وأقتل بين يديه فجزاه خيرا فسار وكان الحسين عليه‌السلام قد نزل في طريقه بأرض وقد عقد أثنى عشر راية وقد قسم راياته بين اصحابه وبقيت راية واحدة فقال له بعض اصحابه : مُنَّ عليَّ بحملها ، فقال عليه‌السلام : ياتي اليها صاحبها ، وقالوا له : يابن رسول الله دعنا نرتحل من هذه الأرض فقال لهم : صبرا حتى يأتي الينا من يحمل هذه الراية الأخرى فبينما الحسين عليه‌السلام واصحابه في الكلام واذا هم بغبرة

١٠٥

ثائرة ، فالتفت الامام الحسين عليه‌السلام وقال لهم : انصاحب هذه الراية اقبل فلما صار حبيب قريبا من الامام عليه‌السلام المظلوم ترجل عن جواده وجعل يقبل الأرض بين يديه وهو يبكي فسلم على الامام واصحابه فردوا عليه‌السلام فسمعت زينب بنت أمير المؤمنين عليهما‌السلام ، فقالت : من هذا الرجل الذي قد أقبل فقيل لها : حبيب بن مظاهر فقالت اقرؤه عني السلام ، فلمّا بلغوه سلامها لطم حبيب على وجهه وحثى التراب على رأسه وقال : من انا ومن أكون حتى تسلم عليَّ بنت أمير المؤمنين فاستأذن من الحسين عليه‌السلام ان يسلم عليها فاذن له فابلغ السلام وكأنَّ بها تناديه : يا حبيب انظر حسينا وحيدا فريدا ولسان حالها :

يحبيب شوف القوم لعلام انشروها

او بالخيل هالأرض الوسيعه ضيّقوها

ضاقت اراضي كربلا من كثر الجناد

لمها علينا ايزيد والفاجر ابن ازياد

شنهو البصر يحبيب لامن صار الطراد

والخيل للميدان هالقوم اطلقوها

واحنا يعمي ارجال تنصرنا قليله

اوبن سعد ضيق كربلا ابجنده او خيله

اوزينب عزيزه او خايفه ترجع ذليله

او يا حال الگشر الينذبح بالطف اخوها

هلت دمعها او جذبت الونه ابتنجيب

واتقول هالله هالله ابهلغريب

لمن سمع منها حچيها الضيغم حبيب

ذب العمامه واحلف ابجدها وابوها

بالروح يفدي احسين خيچ والنشامه

يفدي الوديعه الحايره او يفدي اليتامه

١٠٦

او يفدي العليل الي امسجا في خيامه

او يفدي حريم آل هاشم حجبوها

ايگلها يزينب بالبچا لا ترفعي الصوت

عندچ ليوث بالحريبه تشرب الموت

الاهل والأموال عافوها والبيوت

وارواحهم من دون الحسين ارخصوها

امية قبحتي غدا يوم حشرك

غدرت بأل المصطفى لا ابا لك

أأحبابنا صرعى على الترب ويلك

الى الله اشكو لا الى الناس اشتكي

على الأرض ابقى والاخلأِ تذهب

لما رأى السبط اصحاب الوفى قتلوا

نادى ابا الفضل اين الفارس البطل

واين من دوني الأرواح قد بذلوا

بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

وخلّفوا في سويد القلب نيرانا

١٠٧

أصحاب أوفياء

المنهج الثامن عشر

أرجفت بعده العوالم طراً

حين وافى باب الحسين صعيدا

هدّم الدين زعزع المجد حزناً

رزؤه للعليا فت فنودا

حدّب الظهر أوجع القلب وجدا

أورث الجفن حين حل سهودا

هد ركن الحسين والله لما

قد غدا رأسه يؤم يزيدا

ويلهم حرمة الحسين استباحوا

واحلوا من العهود الاكيدا

معشر في فعالهم قوم لوط

معشر في فعالهم قوم لوط

لست انسى ركائب السبط تسري

بغبر يرتجوب بيداً فبيدا

لم تزل تقطع الفيافي حتى

باب كوفان قد رأته سديدا

دونها فالجموع تترى فأمت

كربلا تنقد الصلاد نقودا

لم نجد ملجأ لها ونواء

لا وعين الحسين الا حديدا

ذهبت لاترى الفيافي الا

مرهفات مصقولة وجنودا

ولواء يرف اثر لواء

وعقيدا بالجيش يقفو عقيدا

١٠٨

بأبي سائرا يجوب الفيافي

في رجال اعزة وعميدا

عشقوا دونه الصفاح فجادوا

بنفوس عزت فيا لك جودا

وقفوا موقفا به الموت يسعى

بنفوس تُفجَّر الجلمودا

اتناول حبيب العلم من چف الشفيه

او هزه ابيمنه او گال ما هاب المنيه

عايف حياتي والطون لجلك يصنديد

تشهد صناديد الحرب عندي الحرب عيد

موت ابمعزة او لا نعيش ابطاعة ايزيد

يابن الرسول اوطاعتك فرض عليه

والله يابن بنت النبي لوقطعوني

بالسيف والخطى او بالنار احرگوني

اوذروا اعظامي بالهاء او تالي انشروني

سبعين مرة هالفعل يجري عليه

والله يبوا السجاد ما فارگ جمالك

روحي او مالي والأهل كله فدالك

كل شيعتك تفنى ولا تهتك عيالك

والتفت لصحابه او عبراته جريه

گلهم يفرسان الحرب كلكم تسمعون

باچر ابهل العرصه يثور الحرب والكون

او ليكون سادتكم بني هاشم يحملون

الا عقب ما ننفني كلنه سويه

گله البطل عباس ما ترضه شيمنه

المطلوب اخونه او هالحرم كلهم حرمنه

وان كان ثار الحرب يتقدم علمنه

منشور بيدي واخوتي تمشي ابفيه

في البحار لما وصل حبيب الى الحسين عليه‌السلام ورأى قلة انصاره وكثرة محاربيه قال للحسين عليه‌السلام : أنَّ ههنا حياً من بني اسد بالقرب منّا فلو اذنت لي لسرت اليهم ودعوتهم الى نصرتك لعل الله

١٠٩

أن يهديهم ويدفع بهم عنك فاذن له الحسين عليه‌السلام فخرج حبيب اليهم في جوف الليل مستنكرا حتى اتى اليهم فعرفوه انه من بني اسد فقالوا : ما حاجتك ، فقال : اني قد اتيتكم بخير ما اتى به وافد الى قومه اتيتكم ادعوكم الى نصرة ابن بنت نبيّكم فانه في عصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من الف رجل لن يخذلوه ولن يسلموه ابدا وهذا عمر بن سعد لعنه الله قد احاط به وقد اطافت به اعدائه ليقتلوه فاتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله فيه فوالله لئن نصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والآخرة وانتم قومي وعشيرتي وقد اتيتكم بهذه النصيحة فاطيعوني اليوم في نصرته فاني اقسم بالله لا يقتل احد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صابرا محتسبا الا كان رفيقا لمحمد في عليين. فوثب اليه رجل من بني اسد وقال : شكر الله سعيد يا ابا القاسم فوالله لجئتنا بمكرمة يستثائر بها المرء الاحب فالاحب انا اول من يجيب هذه الدعوة ، ثم تبادر رجال الحي حتى التئم منهم تسعون رجلا فاقبلوا يريدون الحسين عليه‌السلام. وخرج رجل من الحي حتى صار الى عمر بن سعد فأخبر بالحال فدعى عمر رجلا من اصحابه يقال له الأزرق فضم ّ اليه اربعمائة فارس ووجه نحو حي بني اسد فبينما اولئك القوم قد اقبلوا يريدون عسكر

١١٠

الحسين عليه‌السلام في جوف الليل اذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات وبينهم وبين عسكر الحسين عليه‌السلام اليسير فتناوش القوم بعضهم بعضا واقتتلوا قتالا شديدا وصاح حبيب بن مظاهر بالأزرق ويلك ما لك وحالنا انصرف عنا ودعنا يشقى بنا غيرك فأبى الأزرق ان يرجع وعلمت بنو اسد انه لاطاقة لهم بالقوم فانهزموا راجعين الى حيّهم. ثم انهم اورتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد ان يبينهم ورجع حبيب بن مظاهر الى الحسين عليه‌السلام فخبّره بذلك ، فقال عليه‌السلام : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ورجعت خيل بن سعد حتى نزلوا على شاطئ الفرات فحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء واضّر العطش بالحسين عليه‌السلام واصحابه وكان حبيب صاحب لواء الحسين عليه‌السلام ومن خواص اصحابه ولايفارقه في كربلا ليلا ولا نهارا وهو القائل : ابا عبد الله نفسي ان قبلتها مني سعدت وان رددتها عليّ شقيت فما زال مسرورا بخدمة الحسين عليه‌السلام حتى دنا رحيله وحان اجله فجعل يحشم اصحابه بالنزول لأولئك الظلمة فما زال بهم حتى همز جواده في غياهب القوم وهو يحمل لواء الحسين عليه‌السلام متأبطا حرمة فاديا بنفسه مع من كان معه فصار يصرخ

١١١

في القوم كأنه الرعد القاصف فارتجّت أرض كربلا لحملته واظلمت الدنيا على اعدائه من سطوته فهم بين صريع وجديل حتى رجع الى الحسين عليه‌السلام. فاقبل ابو تمامة للحسين عليه‌السلام قائلا إنّا مقتولون لا محالة فصل بنا هذه الصلاة فاني اظنها هي آخر صلاة نصليها ، فقال له عليه‌السلام : أَذِّن ، فأَذَّن فاقبل الحسين عليه‌السلام على القوم قائلا يا عمر بن سعد اما تكف الحرب حتى نصلي فلم يجيبه اللعين فتكلم الحصين بن نمير قائلا صليا حسين فان صلاتك لا تقبل ، فقال له حبيب : او تقبل صلاتك يابن اليهودية ، فغضب الحصين لعنه الله منه فبرز اليه قائلا :

دونك ضرب السيف

ياحبيب وافاك ليث بطل نجيب

في كفه مهنّد قضيب

كأنه من لمعه حليب

فلمّا سمع حبيب كلام اللعين ودّع الحسين عليه‌السلام وقال : اني احبّ ان اتم صلاتي في الجنّة فبرز اليه كأنه القلة العظيمة لايرهب شيء من أمره ونادى دونك ايها اللعين ضرب السيف وطعن الرمح :

انا حبيب وابي مظهر

فارس هيجاء وحرب تسعرر

وفي يميني صارم مذكر

وانتم ذو عدد واكثر

١١٢

ونحن منكم في الحورب اصبر

ايضا وفي كل الأمر ابصر

الى آخر كلامه فحمل عليه وضايقه وضربه على أم رأسه وقطع خيشوم جواده وهمّ بأخذ رأسه فحمل عليه اصحابه واستنقذوه فما زال حبيب في جولة مع القوم وهو يهتف باصحابه حتى اجتمعوا عليه من كل جانب فوقع على الأرض صريعا فأتاه الحسين عليه‌السلام قائلا رحمك الله يا حبيب جعل ينظر اليه والى تلك الفتية وهو يهتف وينادي :

بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

وخلفوني بأرض الطف حيرانى

«لسان الحال»

ارتجت اراضي كربلا من سطعت انصار

وغابت شمسها يوم غاروا يطلبوا الثار

حورب حبيب او ظل ينخا انصار الحسين

حاموا على شمس الهداية يا سلاطين

صارت هلاهل بالخيم عند الخواتين

وطلعت اتنادي الله الله اليوم ينصار

حاموا على عترة نبيكم ياهل الجود

لحد عمامي الخيل ليكم غارت اردود

ذبوا العمايم وانخوا اهل الكرم والزود

او بالخيل غاروا والعجاج ابكربلا ثار

١١٣

هووا ما بين من گطعوا وريده

وقع راسه او بين الطارت ايده

اوبين امشبح ابرميه شديده

او بين الصار للنشاب مكور

ركب غوجه او تعنّه احسين ليها

لگاها بس جثث ومسلبيها

صب الدمع وتلهف عليها

او گال احتسب عند الله واصبر

بوذيه

انصار احسين من الخيم هاجو

وهل كوفان منهم خوف هاجو

احسين انتشع ها سدّر وهاج

او غدت عنده العمايم نعثريّه

شهاده احسين لانصاره شهدها

عداها الموت دوني اولا شهدها

لا چن باوع الگوته شهدها

هدها افراگهم بالغاضريه

١١٤

قمر بني هاشم

المنهج التاسع عشر

نزلوا بحومة كربلا فتطلّبت

منهم عوائدها النسور الحوّمُ

وتباشر الوحش المثار امامهم

إن سوف يكثر شربه والمطعمُ

طمعت اميّة حين قلّ عديدهم

لِطَليقهم في الفتح أن يستسلموا

ورجوا مذلتهم فقلن رماحهم

من دون ذلك ان تنال الأنجم

حتى اذا اشتبك النزال وصرحت

صيد الرجال بما تكن ّ وتكتمُ

وقع العذاب على جيوش امية

من باسل هو في الوقائع معلمُ

ما راعهم الا تقحّم ضيغم

غير ان يعجم لفظه ويدمدمُ

عبست وجوه القوم خوف الموت

والعباس فيهم ضاحك يتبسمُ

قلب اليمين على الشامل وغاص في

الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم

وثنى ابو الفضل الفوارس نكصا

فرأوا اشد ثباتهم ان يهزموا

ما كرّ ذو بأس له متقدما

الا وفرّ ورأسه المتقدم

صبغ الخيول برمحه حتى غدا

سيّان اشقر لونها والأدهمُ

١١٥

ما شد غضبانا على ملمومة

الا وحلّ بها البلاء المبرمُ

شجاعته بلسان الحال :

جت زينب لبو فاضل تگله اهنايراعي الزود

هذي الخيل والفرسانوصلتنه اوجزت لحدود

جت زينب لبوفاضلاومعصب راسها بيدها

اتگله الخيلوالفرسان وصلتنه اوجزت حدها

دگوم الها يميمرها اوعن خدّ الخدر ردها

تدهينه دواهي الجيش ونته سالم او موجود

لمَّن سمع نخواها تچنه او گالها هونچ

ردي الخيمتچ ردياشمالچ ينخطف لونچ

لو تنطبق انس او جان وشحدهم يگربونچ

اوانه اللي تعرفيني ابيوم الگنطره مشهود

گالت له كفو او نعمين منك يابو لمّروه

الخّوه انريدها منك هذي ياعة الخوّه

اشنوّه نغل بن سفيان تدري بيّه واشنوّه

نوه ايريد چتل احسين حتى يبلغ المقصود

اتمطه بالرچاب او گال يا زينب تشجعيني

وانه امدمر الفرسان بو فاضل تعرفيني

١١٦

شنهي الزلمشنهي الخيلشنهياصفوف تدنيني

شنهي ميت الفخيال وآنه بالحرب معهود

گالت له يبو فاضل تدري ابذمتك جينه

انه او جملة النسوان وم چلثوم وسكينه

وحنه ابشاربك لتگول ما عندك خبر بينه

خوفي من بعد ساعه تصير اخيا منا فرهود

خويه انه ابشاربگ لتگول مدري

يعباس يا صيوان فخري

يحرزي او للعازات ذخري

اخلافك دگلي چيف بصري

او لو گام حادي الظعن يسري

انه اتمرمرت وانهتك ستري

لاتعتذر وتگول مدري

ولد العبّاس ابن أمير المؤمنين عليه‌السلام سنة ستة وعشرين من الهجرة وعاش مع ابيه أمير المؤمنين اربع عشرة سنة وحضر بعض الحروب فلم يأذن له ابوه في النزال وكان عمره يوم كربلا اربعة وثلاثين سنة ويكنى ابا الفضل ويلقب بالسقاء وقمر بني هاشم ومعه بكربلا ثلاثة اخوه لأمه وابيه. وكانت له يوم كربلاء مقامات مشهودة ومواقف عظيمة وكانت له صفات عالية وأفعال جليلة امتاز بها دون غيره. منها : انه كان صاحب لواء الحسين عليه‌السلام ، واللواء هو : العلم الأكبر ولا يحمله الا الشجاع الشريف في العسكر ومنها :

١١٧

انه كان شجاعا فارسا وسيما جميلا جسيما يركب الفرس المطهم ورجلاه يخطان في الأرض. ومنها : انه لما جمع الحسين عليه‌السلام أهل بيته وأصحابه ليلة العاشر من المحرم وخطبهم فقال في خطبته : اما بعد فاني لا أعلم اصحابا اوفى ولا خيرا من أصحابي ولا أهل بيت ابر ولا أوصل من أهل بيتي وهذا الليل قد عشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل واحد بيدرجل من اهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فانعم لا يريدون غيري ، قام اليه العباس (عليؤه السلام) فقال : ولِمَ نفعل ذلك لنبقى بعدك لا ارانا الله ذلك ابدا ، ثم تكلم أهل بيته واصحابه بمثل هذا ونحوه. ومنها : انه لما اخذ عبد الله بن حزام بن خال العباس امانا من ابن زياد للعباس وأخوته من امه قالوا : لاحاجة لنا في الأمان ، امان الله خير من امان ابن سمية. ومنها : انه لما نادى شمر بن ذي الجوشن اين بنو اختنا اين العباس واخوته فلم يجبه احد ، فقال لهم الحسين عليه‌السلام : اجيبوه وان كان فاسقا فانه بعض اخوالكم ، قال له العباس : ما تريد ، فقال : انتم يا بني اختنا آمنون ، فقال له العباس : لعنك الله ولعن امانك اتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له وتكلم اخوته بنحو كلامه ، ثم رجعوا ، ولسان الحال :

اجاه الشمر فات اشلون فوته

وگف دون الخيم واعلن ابصوته

١١٨

نده وين ابن اختنه اووين اخوته

ابو فاضل او عنده اخوه امن الأشبال

صاح الشمر مضمونه السياسه

وهم احظور عند راعي الرياسه

التوه اورد لولح العباس راسه

حيه امن الحسين خاف ابهاي ينگال

گال احسين هذا اندعه ابخوله

يا عباس من واجب وصلوله

ركب مثل اللوه المنشور طوله

المجدم البيه الفتح ينشال

وصل ليه او يگله گول شتريد

عدو الله او عدونه البايع ايزيد

يگله ابراي اجيتك جيّد ايفيد

المثل مضروب مثل الوالد الخال

اجيت اباري گلي جيتك بيش

علينه انته الأمير او قايد الجيش

على حفظ الحيات اوبرغد العيش

او هذا الموت غنّه ابگرب الاجال

رجف عباس والسيف ابيمينه

اوعرج الهاشمي لاح ابجبينه

يگله الموت تدري الموت وينه

الموت ابسيفي البارج الآجال

انه الموت خواض المنايه

احزام احسين والشايل الرايه

الثايه هاي واليوصل الثايه

اهي بحمايتي واليصل رجال

أما زينب لما رجع العباس استقبلته قائلة :

يعبّاس ريّض لي اعلى هونك

اشعدهم عداكم يحاچونك

او بأمرت الجيش ايواعدونك

اخاف امن اخيك يفردونك

وهو اعضيدك او قرت اعيونك

الجواب :

١١٩

يگلها يزينب چي تظنين

اروحن وخلي اعضيدي الحسين

عيناچ لو تنجلب صوبين

لردها ابشمالي دون اليمين

ومنها : انه لما اشتد العطش بالحسين عليه‌السلام وأصحابه أمر اخاه العباس فسار في عشرين رجلا يحملون القرب وثلاثين فارسا فجاؤا ليلا حتى دنوا من الماء وامامهم نافع بن هلاهل الجملي يحمل اللواء ، فقال عمر بن الحجاج : من الرجل ، قال نافع ، قال : ما جاء بك ، قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئا ، قال : لا والله لا اشرب منه قطرة والحسين عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل لسقي هؤلاء إنما وُضعنا في هذا المكان لنمنعهم الماء ، فقال نافع لرجاله : املؤا قربكم فملؤها وثار اليهم عمرو بن الحجاج واصحابه فحمل عليهم العباس ونافع بن هلال فكشفوهم واقبلوا بالماء ثم عاد عمرو بن الحجاج واصحابه وارادوا ان يقطعوا عليهم الطريق فقاتلهم العباس واصحابه حتى ردوّهم وجاءوا بالماء الى الحسين عليه‌السلام وهم الذينجاؤوا من الكوفة ومعهم فرس نافع بن هلال فشدواعلى الناس بأسيافهم ، فلما وغلوا فيها عطف عليهم الناس واقتطعوهم عن اصحابهم فندب الحسين عليه‌السلام لهم اخاه العباس فحمل على القوم وحده فضرب فيهم بسيفه

١٢٠