مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي

مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

المؤلف:

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧

ورقاء من وراء نخلة وعاونه حكيم ابن الطفيل فضربه على يمينه فقطعها فأخذ السيف بشماله وحمل القربة على كتفه الأيسر وهو يرتجز ويقول :

والله ان قطعتموا يميني

اني احامي ابدا عن ديني

وعن امام صادق اليقيني

نجل النبي الطاهر الأمين

فقالتل حتى ضعف فكمن له الحكيم بن الطفيل الطائي او نوفل الأرزق فضربه بالسيف على شماله فقطع يده من الزند فحمل القربة بأسنانه وهو يقول :

يانفس لاتخشي من الكفار

وابشري برحمة الجبار

مع النبي السيد المختار

قد قطعوا ببغيهم يسار

فاصلهم يارب حر النار

وجائه سهم واصاب القربة واريق مائها ثم جائه سهم فاصاب صدره فانقلب عن فرسه ، وفي خبر فضربه ملعون بعمود من الحديد ففلق هامته ولما وقع عن فرسه صاح الى أخيه الحسين عليه‌السلام ادركني يا اخي فانقض عليه ابو عبد الله كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين مشكوك العين بسهم مثخنا بالجراحة فوقف عليه منحنيا وجلي عند رأسه يبكي ونادى : الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي ، ولسان الحال :

١٤١

يخويه العلم گلي وين اوديه

ينرو العين دربي بيش اجديه

حنا فوگه او شمه او شبچ ايديه

او صاح احسين اخوي الله واكبر

يخويه انكسر ظهري اولا أگدر اگوم

صرت مركز يخويه الكل الهموم

يخويه استوحدوني عگبك الگوم

اولا واحد عليه بعد ينغر

وتركه الحسين عليه‌السلام في مكانه لسر هناك ظهر بعد حين وهو دفنه منحازا عن بقية شهداء الطف ليكون له مشهد خاص تقصده الزوار لانه باب الحوائج وتلك اشائت المولى لتظهر له الكرامات الباهرة وتعرف الأمة مكانته السامية عند الله تعالى فتتبرك بمشهده الشريف وتجعله الواسطة بينها وبين الله تعالى في استجابة دعواتها وظهور الكرامات من تلك البقعة الطاهرة غنية عن البيان. ورجع الحسين روحي فداه الى المخيم منكسرا حزينا باكيا يكفكف دموعه بكمه.

«لسان الحال»

گام احسين يبچي للصواوين

ينشف دمعته عن النساوين

خاف لنهن يفگدن على احسين

او يگلن له عليمن هل الدمع خر

اويلي تلگته تبچي اسكينه

تگله عمي العباس وينه

شرب ماي او نسانا ما نسينه

العطش واگلوبنا تلهب من الحر

خرت دمعة احسين وتنحب

اوگاللها او نار الگلب تلهب

ابشاطي العلگمي عم امترب

گضى فرت اتصيح الله واكبر

١٤٢

«نعي»

يا عباس عني رحت لاوين

اوتدري امن الهواشم ما بگه امعين

يخويه امودع الله تظل بالبر

نهض محني الظهر للخيم سدر

يبوي وحدك وچا عمي وينه

يبويه اشعوگه او مارد علينه

واعدنا يجيب الماي لينه

او على وعده نسچت اطفال الحسين

بچه اونادى يبويه راح عمچ

يبويه الشينغع عتابچ او ونچ

بعد عمچ يبويه موش عمچ

گضه امطبر يسكنه لا تعتبين

صفكت بيدها او صرخت اسكينه

الخلف بالله يزينب يا حزينه

يعمه راح عمي او گطع بينه

صرخت زينب او صاحت وگع وين

طلعت زينب ابصرخات سكنه

تشوف احسين محني الظهر منه

صاحت راح عباس المچنه

ظل احسين لا ناصر ولا امعين

يگلها يزينب راح عباس

او راح الضيغم اتللبي يرفع الراس

اشلون امشي ابيسر وترك ورايه

چفيلي او ما شفت عزمه ورايه

هم ياتي وكت صارم ورايه

ترفرف بيد ابو فاضل عليه

الدهر مايوم فرحني ولي سار

او علي لملم محاشيه ولي سار

وگف عباس لا يمنه ولا إِسار

يصيح آه اعلى سكنه مو لديه

يحادي الكربله سانف مناخاي

نادي بيها ابو فاضل مناخاي

الناس ابذره من اخوتها مناخاي

اچفوفه والعلم گطعن سويه

١٤٣

أنت العلامة من أخي

المنهج الثاني والعشرون

غداة اتى ارض العراق بفتية

مصابيح أنوار اذ الليل فاحمُ

هم الاسد لكن السيوف مخالب

هم الشهب لكن للكماة رواجمُ

بهم بهم ذلك الغطريف والسيد الذي

نمته الى سبط النبي الفواطمُ

هو ابن الزكي المجتبى القاسم الذي

لهام الاعادي بالمهند قاسمُ

فوالله لا انساه في حملاته

كمثل علي والصفوف تزاحمُ

يلاقي السيوف البارقات بطلعة

كبدر الدياجي ابرزته الغمآئمُ

ترى رمحه يحكي اعتدال قوامه

وصارمه يحكيه في الجفن صارمُ

بوجنته ماء الشبيبة مائج

به جلّنار الخد طاف وعائمُ

لهفي لذلك الغصن بعد اخضراره

ذوى يابسا ناحت عليه الحمائمُ

ولهفي لذلك الخد اشرق قانيا

ببحر نجيع موجه متلاطمُ

ولست بناس سبط طه مذ انحنى

عليه وعيناه دموعا سواجمُ

اتى فيه فسطاط النساء وصدره

على صدره فاستقبلته الكرائم

١٤٤

«لسان الحال»

الكدر من كربله يكفيك اسمها

اهي گبل البشر صادر علمها

عرس جاسم اشلون الصار بيها

اطيور البين تتخافت عليها

عرس والناعيه تنعه ابنعيها

اخوها او هاي ابنها چتيل يمها

تزف من عادة العريس شبان

او زفت حاسم العريس نسوان

احضرن جاسم او عرسه ابفرد صيوان

ابساعه الغيرت رسمه او رسمها

جابن حنته او ما خضبنه

او طير البين للعريس غنه

تهلهل صوت ثاني او صوت لنه

يا جاسم ما تنحر زلمها

هذا اشلون عرس اشلون زفه

بعد اشلون وين اخضاب چفه

آخر كربله ما بيچ عفّه

هله اشبلوتچ والله اشعظمها

العرس من عادته سبعه امن الايام

التزف شبان مثله ورا او جدام

بس جسام وحده عرس جسام

عرسه اصياح والنوحه ابخيمها

جاسم من حده اولن جيت امه

بديها غرفته اوليها تظمّه

عمامك يبني ابشده مهمه

الخيل الخيل كفها او كف حزمها

يا جسام يبني انچاني امّك

يواحد خليني اودعك ورد اشمّك

عمك ذاك عمك ذاك عمك

حياتك دون عمك حل عدمها

تنخه او گال لا ترضين يمّي

لاما سال بالميدان دمي

شلي او شلي ابحياتي عگب عمي

انه مقدر على الذلة او هظمها

١٤٥

على جاسم بنات احسين دارن

عند اموادعه ابياحال صارن

سكنه ادموعها ويلي ايتجارن

تگول اشمولنه بعده ايشيلهما

اجه يتمايل العريس مناك

يعمي ايصيح كل احنه فداياك

اشلون ابن اهدعش فوگ العطش ذاك

اللاّمه ايشيلها او شايل علمها

شال العلم واللامه او ثكلها

شاب امدلل او يبهض ثكلها

زينب عمته طاير عگلها

اعلى اخوها وبن اخوها اشكثر همها

نعي الوالده

يبني العتب وياك شيفيد

يا نور عيني افراگك ابعيد

يا مهجتي يالفرد ووحيد

يبني امن ابنها الوالده اتريد

مروفعه لمن تسكن التلحيد

جسمي نحيل او شوفي ازهيد

هذا البهضني او جرح المچيد

تجي دفعة الشبان بالعيد

امك يجاسم تگدر اتهيد

لجيم النوح على العريس ونصاب

عزه او مأتم او دمعي سال وانصاب

لكد ويلي على العدوان وانصاب

ابراسه او طاح على الغبره الشفيه

يوم الطف سهم ماضي تحنه

او على جمر الغضه ضلعي تحنه

اون علمُن دمه راسه تحنه

او صار املبسه اسهام المنيه

١٤٦

ذكر جمع من اهل المقاتل هذه القصة في حق القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام بهذه الكيفيّة قال : لمّا آلَ أمر الحسين عليه‌السلام الى القتال بكربلا وقتل جميع اصحابه ووقعت النوبة على أولاد أخيه جاء القاسم بن الحسن وقال : يا عم الاجازة لأمضي الى هؤلاء الكفرة ، فقال له الحسين عليه‌السلام : يابن الأخ انت من اخي علامة واريد ان تبقى لي لأتسلى بك ولم يعطه الاجازة للبراز فجلس مهموما مغموما باكي العين حزين القلب ، وأجاز الحسين عليه‌السلام اخوته للبراغز ولم يجزه فجلس القاسم متألما ووضع رأسه على رجليه وذكر ان اباه قد ربط له عوذة في كتفه الأيمن وقال له : اذا اصابك الم وهم فعليك بحل العوذة وقرائتها وفهم معناها واعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها ، فقال القاسم لنفسه مضى سنون عليّ ولم يصبني من مثل هذا الألم ، فحل العوذة وفضها ونظر الى كتابتها واذا فيها : يا ولدي قاسم اوصيك انك اذا رأيت عمك الحسين عليه‌السلام في كربلا وقد احاطت به الأعداء فلا تترك البراز عاوده ليأذن لك في البراز لتحظى في السعادة الأبدية. فقام القاسم من ساعته وأتى الحسين عليه‌السلام وعرض ما كتب الحسن عليه‌السلام على عمه الحسين عليه‌السلام ، فلما قرأ الحسين عليه‌السلام العوذة بكى بكاء شديدا

١٤٧

ونادى بالويل والثبور وتنفس الصعداء وقال : يابن الأخ هذه الوصية لك من أبيك وعندي وصية اخرى منه لك ولابد من انفاذها فمسك الحسين عليه‌السلام على يد القاسم وادخله الخيمة وطلب عونا وعباسا وقال لامّ القاسم : اوليس للقاسم ثياب جدد ، قالت : لا فقال لأخته زينب أتيني بالصندوق فأتته به ووضع بين يديه ففتحه وأخرج منه قباء الحسن عليه‌السلام والبسه القاسم ولفّ على رأسه عمامة الحسنومسك بيد ابنته التي كانت مسماة للقاسم فعقد له عليها وافراد له خيمة واخذ بيد البنت ووضعها بيد القاسم وخرج عنهما فعاد القاسم ينظر الى ابنة عمه ويبكي.

«لسان الحال»

زفوا العريس يا خوانه

ونصبوله حوفته ابصيوانه

گوموا زفوا بن الحسن يعمامه

او جردوها البيضكم جدامه

مابگت غير الحرم ويتامه

بالاحزان اگلوبها مليانه

گوموا الزفة الجاسم يا شباب

ييزيكم هالنوم كله اعلى التراب

احسين هالفصّل على طوله الثياب

للعرس لاچن ابوضع اچفافه

گوموا الزفته او حنوا چفوفه

يعمامه وانصبوا له الحوفه

هذه سيره او بالعرب معروفه

الولد تتكور ابعرسه اخوانه

گموا زفوا ابن الحسن لا ينهضم

بالعرس گلبه عگب كسر اليتم

١٤٨

هم جرت عريس ما اتزفه الزلم

بس يزفنه حرم ولهانه

گوم يا عباس زف ابن الحسن

يا عجب تغمض اعيونك عالوسن

حاشه اگول اگلوبكم لنهن جسم

اوصاغها من رحمته سبحانه

گوم يالاكبر يشبه المصطفى

طال نومك على الرمضا ماكفه

گفت الجاسم رضيت ابهل صفه

ماگلت بيه تشمّت عدوانه

نعي

يبني امهنه ابطيب نومك

عريان وامسلبه اهدومك

حر الشمس غيّر ارسومك

لون تنشره ابروحي السومك

وين الذي ياخذ اعلومك

لبوك الحسن واهلك او گومك

اويلاه يالغسلك ادمومك

اويلاه يبني يوم يومك

١٤٩

أنت العلامة من أخي

المنهج الثالث والعشرون

يا دوحة المجد من فهر ومن مضر

قجف ماء الصبا منغصنك النضر

يا نجمة الحي من عمرو العلى وحمى

زمار سؤددها في البدء والحضر

يا درة غادرت اصدافها فعلت

حتى غلت ثمنا عن ساير الدرر

قد غال خسف الردى بدر الهدى فهوى

فيا نجوم السما من بعده انتشري

القد يشبه مهما ماس صعدته

والخد يحكي بروق الصارم الذكر

حلو الشبيبة يالهفي عليه ذوى

من بعد ايناعه بالعز والظفر

تحكي خلائقه زهر الربيع كما

في رقة الطبع يحكي نسمة السحر

استصغرت سنّه الاعداء حين دعا

الى البراز فلاقت اعظم الخطر

كأن صاعقة حلّت بها فأتت

على الكتائب لم تبقى ولم تذر

السمر قد صفقت والبيض قد رقصت

بالبيض والخيل غنته عن الوتر

خضابه الدم والنبل النثار وقد

زفته اعدائه بالبيض والسمر

النجم فوق السما ليست بذي صفر

وان رأته عيون الناس في صدر

مهذب الخلق والأخلاق ان تره

كانه ملك في صورة البشر

ما اخضر عارضه ما دب شاربه

لكن جرى القدر الجاري على القدر

١٥٠

لسان الحال :

آيبني شگول اعليك آيبني

دولبني زماني بيك دولبني

دولبني زماني بيك يا سلوه

اشلون انساك وانسه ايامنه الحلوه

اشهل بلوه المثلها ما جرت بلوه

آيبني العنه الموزمه اتذبني

تذب البيك تسعه امن الشهر شالت

ونالت من ثجيل الحمل ما نالت

امك جابتك يمدلل او حالت

او يوم البيه صرت يا شبل شيبني

شيّبني اصيارك والهدم حيلي

شيّبني اصيارك والهدم حيلي

منك حرمت امك ليش يا ويلي

منك حرمت امك ليش يا ويلي

اطلبك سهر ليلي والمنازع ذاك

اطلبك بللبن من درتي الغذاك

نسيت ارباك يا جاسم نسيت ارباك

يمدلل سگمني ارباك واتعبني

اتعبني او سكمني اوغير اللوني

على صدري ربيت ومر على امتني

حسبت احساب واحسابي طلع دوني

على راسي ابيوت امشيده تبني

تبني البيت لامك والجعيده امك

تصابحني او تجيب الواجب ابصمك

ريت الگبر ضمني گبل ما ضمك

الموت الموت يبني اوياك يرغبني

يرغبني الكبر سني او شوفي ازهيد

حيلي راح مني والجريب ابعيد

يبني من تجي الشبان يوم العيد

صار النوح يوم العيد يطربني

نسيت امك يجاسم من بعد عدها

عين الله على العريس واحدها

تريد اتناشدك دگعد او ناشدها

تگلك باليسر منهو اليرچبني

١٥١

يبني الفاجدات اكثرهن امخلفات

ما تدري تموت ام الولد لو مات

يبني ارباي وينه او سهر ليلي الفات

يبني ليش ما تگعد تحاسبني

لسان الحال حال الوالده :

انا الوالده ونته ظناها

والوالده تطلب رباها

ليش انگطع منك رجاها

يبني انطفه عيني ضواها

يومك يالوحيد عماها

وضلوعي القصر حناها

مهي خيمتك عمك بناها

وايضاً :

شلفا يده وياك يبني

انا الوالده هيّن تذبني

مهو ارباك يمدلل اتعبني

ردتك عليه البيت تبني

سل اوسگم يومك انشبني

ذكر بعض المؤرخين ان من أولاد الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم‌السلام في كربلا مع عمهم الحسين عليه‌السلام سبعة وقتل منهم خمسةت ونجا منهم اثنان وهما عمر بن الحسن كان مع الأسراء والحسن المثنى يوم الطف له من العمر اثنان وعشرون سنة وقاتل في نصرة عمه الحسين عليه‌السلام وقتل سبعة عشر رجلا كما في بعض المقاتل واصابه ثثمانية عشر جراجة فوگع جريحا وبه رمق من الحياة. فلما قتل الحسين عليه‌السلام وأسر الباقون من اهله جاء اسماء ابن خارجه فانتزعه من بين الأسرى وقال : لا يوصل الى ابن خولة ابدا فقال عمر بن سعد : دعوه لأبي حسان

١٥٢

ابن اخته فجاء به الى الكوفة وهو جريح فداواه عنده ثمانية اشهر او سنة على ما رواه بن قتيبة ورجع الى المدينة.

وكان عمر بن الحسن مع الأسراء في الشام فقال له يزيد لعنه الله : اتصارع ابني هذا يعني خالدا ، فقال له : ما فيَّ قوة على الصراع ولكن اعطني سكينا واعطه سكينا فاما ام يقتلني فالحق بجدي رسول الله وأبي علي بن ابي طالب واما ان اقتله فالحقه بجده ابي سفيان وابيه معاويةفتأمل يزيد وقال : شنشنة اعرفها من اخزم هل تلد الحية الا حية. وممن قتل منهم القاسم ابن الحسن عليه‌السلام ، روى انه لما رأى الحسين عليه‌السلام ان القاسم يريد البراز قال له : يا ولدي اتمشي برجلك الى الموت ، قال : وكيف لا يا عم وانت بين الأعداء بقيت وحيدا فريدا لم تجد محاميا ولا صديقا روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء. ثم ان الحسين عليه‌السلام شقّ ازياق القاسم وقطع عمامته نصفين ثم ادلاها على وجهه كأنه اراد ان يصون القاسم من اصابة عيون الأعداء مع صيانته عن حرارة الشمس ثم البسه ثيابه بصورة الكفن وشد سيفه بوسط القاسم واركبه على فرسه وارسله الى المعركة ، ثم ان القاسم تقدم الى عمر بن سعد وقال : يا عمر اما تخاف الله اما تراقب الله يا اعمى القلب اما ترعى رسول الله ، فقال عمر بن سعد لعنه الله : اما كفاكم التبختر والتجبر اما تطيعون يزيد

١٥٣

فقال القاسم : لا جزاك الله خيرا تدَّعي الاسلام وآل رسول الله عطاشى ظماء قد اسودت الدنيا بأعينهم فوقف هنيئهة فما رأى احدا يقدم اليه فرجع الى الخيمة فسمع صوت ابنة عمه تبكي فقال لها : ها انا جئتك فنهضت قائمة على قدميها وقالت : مرحبا بالعزيز الحمد لله الذي اراني وجهك قبل الموت فنزل القاسم الى الخيمة وقال : يا بنت العم مالي اصطبار ان اجلس والكفار يطلبون المبارزة فودعها وخرج وركب جواده وحماه في حومة الميدان ثم طلب المبارزة فجاء اليه رجل يعد بألف فارس فقتله القاسم وكان له اربعة اولاد مقتولين على يدي القاسم فضرب القاسم فرسه بسوط وعاد يقتل الفرسان الى ان ضعفت قوته فهم بالرجوع الى الخيمة واذا بالأزرق الشامي قد قطع عليه الطريق وعارضه فضربه القاسم على أم رأسه فقتله وسار القاسم الى الحسين وقال : يا عماه العطش العطش ادركني بشربة من الماء فصبره الحسين عليه‌السلام واعطاه خاتمه وقال حطّه في فمك ومصّه ، قال القاسم : فلما وضعته في فمي كأنه عين ماء فأرتويت وانقلب الى الميدان ثم جعل همّته على حامل اللواء واراد قتله فاحاطوا به بالنبل وكان غلاما صغيرا لم يبلغ الحلم وهو يرتجز ويقول :

ان تنكروني فانا ابن الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

١٥٤

هذا حسينٌ كالأسير المرتهن

بين أناس لا سقوا صوب المزن

وكان وجهه كفلقة قمر فقاتل قتالا شديدا حتى قتل على صغر سنه خمسة وثلاثين رجلا وقال ابو مخنف حتى قتل سبعين فارسا وهو يقول :

اني انا القاسم من نسل علي

نحن وبيت الله اولى بالنبي

قال حميد بن مسلم : كنت في عسكر ابن سعد فكنت انظر الى هذا الغلام عليه ازار وقميص ونعلان قد انقطع شسع احدهما ما انسى انه كان اليسرى ، فقال الأزدي : لاشدن عليه فقلت سبحان الله وما تريد بذلك والله لو ضربني ما بسطت اليه يدي يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احاطوا به ، قال : والله لأفعلنّ ، فما ولى حتى ضرب القاسم بالسيف على رأسه وخر صريعا ينادي يا عماه ادركني ، قيل : فجاء الحسين اليه كالصقر المنقض فتخلل الصفوف فقتل قاتله وجلس عند القاسم وهو يفحص برجليه الأرض فقال الحسين عليه‌السلام : يعز والله على همك ان تدعوه فلا يجيبك او يجيبك فلا يعينك فلا يغني عنك بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدك وابوك هذا يوم والله كثر واتره وقل ناصره ثم احتمله على صدره ورجلاه يخطان في الأرض فجاء به حتى القاه بين القتلى. لسان الحال :

على ابن الحسن ياگلبي تفطر

خر او صاح يا عمي المشكر

١٥٥

بس ما سمع حسه شرعبت بيه

چتل چتال جسام او سدر ليه

لگاه ايعالج او يفحص ابرجليه

يلوج ابروحه او دمه ايفور

بچا او ناده يا جاسم اشبيدي

يريت السيف گبلك حز وريدي

هان الكم تخلوني وحيدي

على اخيمي يعمي الخيل تفتر

يعمي اشگالت من الطبر روحك

يجاسم ما تراويني اجروحك

لو ابگى يعمي چنت انوحك

ابگلبب مثل الفضا وابدمع محمر

حط احسين صدره ابصدر جاسم

شبگ فوگه او شاله يم الخايم

صدره ابصدر عمه او خط بالجدام

بالتربان واحسين ايتعثر

جابه او مدده مابين اخوته

بچا عدهم يويلي وهم موته

بس ما سمعت النسوان صوته

اجت زينب تصيح الله واكبر

بوذية

ضلع احسين على جسام محنه

يعمي ابموتتك زادت محنه

شاله احسين وبدمه محنه

آه اشلون حال امه الزچيه

ردتك ما ردت دنيا ولامال

اتحضرني لو وگع حملي ولامال

يجاسم خابت انظوني ولآمال

عند الضيج يبني اگطعت بيّه

أم الولد

علامت اوليدي امحنه ليدين

اومطعون بفاده طعنتين

او سالت ادموعه على الخدين

او بعده شباب او ما تهنه

١٥٦

أنت العلامة من أخي

المنهج الرابع والعشرون

إن يبكِة عمّه حزناً لمصرعهِ

فما بكى قمر إلا على قمرِ

يا ساعد الله قلب السبط ينظره

فرداً ولم يبلغ العشرين في العمرِ

لابن الزكي الا يا مقلتي انفجري

من الدموع دما يا مهجتي انفطري

قد كنت احذر انّي لا اراك على

وجه الصعيد ولكن جائني حذري

ما كنت آمل في الرمضاء ابصرهُ

ياليت فارقني من قبل ذا بصرِ

ما كنت آمل ان ابقى وانت على

حرّ الصعيد ضجيع الصخر والحجرِ

مرمّلاً مذ رأته رملة صرخت

يا مهجتي وسروري يا ضيا بصري

خلّفت والدة ولهى محيّرةً

مدهوشة ليس من حام ومنتصري

بُني تقضى على شاطي الفرات ظماً

والماء اشربه صفواً بلا كدرِ

بني في لوعة خلّفت والدة

ترعى نجوم الدجى في الليل بالسهرِ

وددتُ قبل تمام الحمل اسقطه

او أنني لم اجد حملاً مدى العمرِ

حملته تسعة حتى سهرت به

طول الليالي فلم اربح سوى الضررِ

١٥٧

لسان حال الوالده :

رمله الوالدها شبگت اعليه

تشجعه او تهلهل له او تنخيه

للعمر دون احسين تفديه

يگلها او دمع العين يجريه

الماي عگبي من تشربيه

اذكري افادي العطش ماذيه

والعرس لابد من تحضريه

تذكرين عرسي او زفتي بيه

اوشباب الذي عينچ تصد ليه

والده اشبابي دذكريه

آيبني ابشبابه ما تهنه

عرّيس وابدمّه امحنّه

او للبيض فوگه غدت حنّه

واملبّسه نشاب ايتثنّه

الوالده :

مدري اهلهلك يجسّام

ابعرسك البيه الفرح ما دام

مدري ادگ والطم على الهام

اشوفك اموزّع بيض وسهام

اوحِيّد وعدلك شهر ويّام

واليوم عندي اسنين واعوام

مدري صدگ لو طيف واحلام

اوليدي على امنصّة رمل نام

تزفه العده چاوين الاعمام

اشموعه مواضي او نبل وسهام

واعمامته طبره على الهام

يا حسين دِحضر عرس جسّام

ذكر بعض ارباب المقاتل ان الحسين عليه‌السلام لما حمل القاسم بن الحسن عليه‌السلام والقاه بين القتلى من أهل بيته قال عليه‌السلام : اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم احدا ولا تغفر لهم ابدا

١٥٨

صبراً يا بني عمومتي صبرا يا أهل بيتي لارأيتم هوانا بعد هذا اليوم ابدا. وقال بعضهم بعد مقتل القاسم انشأ الحسين عليه‌السلام يقول :

غريبون عن اوطانهم وديارهم

تنوح عليهم في البراري وحوشها

وكيف لا تبكي العيون لمعشرٍ

سيوف الأعادي في البراري تنوشها

بدور توارى نورها فتغيّرت

محاسنها ترب الفلاة نعوشها

وفي الأسرار قال في القاسم هو غصن من اغصان شجرة النبوة وثمرة من ثمرات الإمامة والخلافة وان فتيان بني هاشم قد ارتضعوا من ثدي الفتّوة ولبان الشجاعة واغمة بني عبد المطلب كبرورا في ظل النباهة والشهامة ولله درّ من قال شعراً :

وضجيع طفلهم وان ثوى

منهم فتى فمع المهند يقبر

فأنهم يرجون لقيا ربّهم

بالبيض تشفع عنده وتكفر

وقال أخر :

فوليدهم في المهد يألف سيفه

فكأنه والسيف قد ولدا معاً

وقال بعضهم :

كأن الحرب ربتهم صغاراً

وهم شكروا مساعيها كباراً

وفي نفس المهموم ان السيد المرتضى علم الهدى زار القاسم بهده الكلمات : السلام على القاسم بن الحسن بن علي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يابن حبيب الله السلام عليك يابن ريحانة رسول الله

١٥٩

السلام عليك من حبيب لم يقض من الدنيا وطرا ولم يشفِ من اعداء الله صدرا حتى عاجله الأجل وفاته الأمل فهنيئا لك يا حبيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما اسعد جدّك وافخر مجدك واحسن منقلبك. وفي الناسخ : لمّا جاء به الى الخيمة ووضعه مع القتلى من أهل بيته قال الحسين عليه‌السلام اللهم انك تعلم انهم دعونا لينصرونا فخذلونا واعانوا علينا اعدائنا ، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم احدا ولا تغفر لهم ابدا ، اللهم ان كنت حبست عنّا النصر في دار الدنيا فاجعل ذلك ذخراً لنا في الآخرة وانتقم لنا من القوم الظالمين. وقال بعضهم شعراً :

تلك الوجوه المشرقات كأنها

الأقمار تسبحُ في غدير دماءِ

الى أن قال :

خضبوا وما شابوا وكان خضابهم بدم من الأوداج لا النّاءِ وكأن هذا الشاعر اقتبس هذا المعنى من لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام حيث قال يوم صفّين : الا وأن خضاب الرجال الدماء وخضاب النساء الحنّاء ، يقول الكواز الأمر كما ذكرت يا أمير المؤمنين وكما وصفت يهنيك حال اولادك يوم الطف حيث خضِّبوا من دماء نحورهم وكراده القاسم بن الحسن وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم وله من العمر ثلاثة عشر سنة ولهذا أثّر قتله في عمّه أثراً عظيماً

١٦٠