مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي

مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

المؤلف:

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧

عافت اخوتها واهلها امچتله

او على الوطيّه امجدّله

معذور يلنايم بالطفوف

مگطوع راسك والچفوف

دگعد من منامك او شوف

تراني امسلبه والگلب ملهوف

او دمعي على الوجنات مذروف

ولد الحسين عليه‌السلام عام الخندق السنة الرابعة من الهجرة يوم الخميس او الثلاثاء لثلاث او الخمس من شعبان وولد لستة اشهر ولم يولد لستة ويعيش الآهو ويحيى بن زكريا وقيل عيسى بن مريم. ولمّا حملت فاطمة بالحسين عليه‌السلام قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله تعالى قد وهب لك غلاما اسمه الحسين تقتله امتي قالت : لا حاجة لي فيه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الله تعالى وعدني فيه عدة ، قالت : ومما وعدك ، قال : وعدني ان يججعل الإمامة من بعده في ولده فقالت : رضيت ، وحملت به كرهاً. وظهرت منه ايام حمله كرامات منها : انه ظهر نور الحسين عليه‌السلام على خد فاطمة وجبينها بحيث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل عليها فرأى ذلك ، فقال : يا فاطمة اني ارى فيمقدم وجهك ضوءاً ونورا وستلدين حجّة لهذا الخلق ، قالت فاطمة عليه‌السلام : لما حملت بابني كنت لا احتاج في الليلة الظلماء الى المصباح وليس هذا بعجيب في اولياء الله تعالى.

٢١

فلما وقعت فاطمة في طلقها اوحى الله تعالى الى لعيا وهي حوراء من الجنّه واهل الجنان اذا ارادوا ان ينظروا الى شيء حسن نظروا الى لعياولها سبعون الف وصيفة وسبعون الف قصرا ، فاوحى الله اليها ان اهبطي الى دار الدنيا الى بنت حبيبي محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهبطت لعيا على فاطمة وقالت لها : مرحبا بك يا بنت محمّد كيف انت ، قالت : لها بخير.

ثم ان فاطمة عليه‌السلام ولدت الحسين عليه‌السلام في وقت الفجر فقبلته لعيا وقطعت سرّته ونشّفته بمنديل من الجنة وقبّلت بين عينيه وتفلت في فيه وقالت له : بارك الله فيك من مولود وبارك في والديك وهنّت الملائكة جبرائيل وهنا جيرائيل محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعة ايام بلياليها ، فلمّا كان اليوم السابع قال جبرائيل : يا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آتينا بابنك هذا حتى نراه فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على فاطمة فاخذ الحسين عليه‌السلام وهو ملفوف بقطعة صوف فاتى به الى جبرائيل فحله وقبله بين عينيه وتفل في فيه وقال : بارك الله فيك من مولود وبارك الله في والديك يا صريع كربلا ونظر الى الحسين عليها‌السلام وبكى وبكى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبكت الملائكة وقال له جبرائيل : اقرأ فاطمة ابنتك السلام وقل لها تسميه الحسين ، فقد سماه الله جل اسمه. وانّما سمّي الحسين عليه‌السلام لأنه لم يكن احسن منه وجها في زمانه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يا جبرائيل تهنئني وتبكي قال :

٢٢

نعم يا محمّد ، آجرك فيمولودك هذا فانّه يقتل ، فقال : يا حبيبي جبرائيل ومن يقتله ، قال : شرار من امّتك يرجون شفاعتك لا انالهم الله ذلك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خابت امّة قتلت ابن بنت نبيها ، قال جبرائيل : خابت من رحمة الله تعالى ، ثم خاضت في عذاب الله. ودخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين فقد على فاطمة واقرأها من الله السلام وقال لها : بنيّ سماه الله الحسين ، فقالت : من مولاي السلام واليه يعود السلام والسلام على جبرائيل وهنأها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى فقالت : يا ابتاه تهنئني وتبكي ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم يا بنيّة آجرك الله في مولودك هذا فانّه يقتل فشهقت شهقة واخذت في البكاء وقالت : يا ابتاه من يقتل ولدي وقرّة عيني ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شرار من امتي يرجون شفاعتي لا انالهم الله ذلك ، يا ابتاه اقرأ جبرائيل عنّي السلام وقل له في اي موضعيقتل ، قال : في موضع يقال له كربلا فاذا نادى الحسين عليه‌السلام لم يجيبه احد منهم فعلى القاعد من نصرته لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، الا انه لن يقتل حتى يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ثم سمّاهم باسمائهم الى آخرهم وهو الذي يخرج في آخر الزمان مع عيسى بن مريم عليه‌السلام فهؤلاء مصابيح الرحمن وعروة الإسلام محبهم يدخل الجنة ومبغضهم يدخل النار. قال : وعرج جبرائيل وعرجت الملائكة وعرجت لعيا فلقيهم الملك صلصائيل في السماء

٢٣

الرابعة وله سبعون الف جناح قد نشر من المشرق الى المغرب وهو شاخص نحو العرش لانه ذكر في نفسه فقال ترى الله يعلم ما في قرار هذا البحر وما يسير في ظلمة الليل وضوء النهار فعلم الله تعالى ما في نفسه فاوحى اليه ان اقم مكانك لا تركع ولا تسجد عقوبة لك لما فكرت. فقال صلصائيل : يا حبيبي جبرائيل اقامت القيامة على اهل الأرض ، قال لا ولكن هبطنا الى الارض فهنينا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بولده الحسين عليه‌السلام قال : حبيبي جبرائيل فاهبط الى الأرذض فقل له يا محمّد اشفع الى ربّك في الرضا عنّي فانك صاحب الشفاعة ، قال : فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعا بالحسين عليه‌السلام فرفعه بكلتا يديه الى السماء وقال : اللهم بحق مولودي هذا عليك الا رضيت على الملك فاذا النداء من قبل العرش يا محمّد قد فعلت وقدرك كبير عظيم.

قال ابن عباس والذي بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق نبيا ان صلصائيل يفتخر على الملائكة انه عتيق الحسين عليه‌السلام وكذلك دردائيل وكذلك فطرس وكذلك لعيا تفتخر وتقول : انا قابلة الزهراء عليه‌السلام في ولادة الحسين عليه‌السلام ، وسنان بن انس افتخر ايضا في مجلس عبيد الله بن زياد وقال : انا قتلت الحسين عليه‌السلام وانشأ قائلا :

املأ ركابي فضّة أو ذهبا

اني قتلت السيد المحجّبا

قتلت خير الناس امّا وأبا

٢٤

فأجابه اللعين بن زياد وقال : ويلك اذا كنت تعلم انه خير الناس امّا وابا كيف تقتله ، فطرده عبيد الله وحرمه من عطاء الدنيا ونعيم الآخرة وفاز بالجحيم.

وزينب عليه‌السلام

تمنيت ابوي اليوم يدري

وايشوف دم احسين يجري

او حادي ظعنه گام يسري

او بالسوط بويه انفصم ظهري

لاتعتذر وتگول مدري

دنهض يكشّاف الكروب

يابو الحسن باداحي البوب

يسر القضا يا محنة ايوب

يمن دوم بالشدّات مندوب

ترى ابنك ابحدّ السيف مضروب

اوشيبه ابدمّ النحر مخضوب

او راسه براس الرمح منصوب

او سجّداكم بالقيد مسحوب

او نسوانكم بين الشعوب

سبايه او منها القلب مرعوب

جيف الحراير والركوب

دنهض اورد العتب والنوب

يبويه اشعوگك عنّي ولاجيت

الدنيا بعينها بانت ولاجيت

يبويه انهضمت اعيالك ولاجيت

ابين القوم تتلاعه سبيّه

اجيت الكربلا زينب وانابوچ

نخيتي اخوتج ما نهضوا وانابوچ

لتخافين انا ذخرج وانا بوچ

اجيت امن الغري للغاضريّة

٢٥

مؤامرة أمويّة

المنهج الخامس

صاحت بذودي بغداد فآنسني

تقلبي في ظهور الخيل والعير

وكلما هجهجت بي عن مباركها

عارضتها بجنان غير مذعور

اطغى على قاطنيها غير مكترث

وافعل الفعل فيها غير مأمور

خطب يهدّدني بالبعد عن وطني

وما خلقت لغير السرج والكور

عجلان البس وجهي كل داجية

والبر عريان من ظبي ويعفور

وربَّ قائلة والهم يتحفني

بناظر من نطاف الدمع ممطور

خفض عليك فللأحزان آونة

وما المقيم على حزن بمعذور

فقلت هيهات فات السمع لائمة

لا يفهم الحزن الاّيوم عاشور

يوم حدا الظعن فيه بابن فاطمة

سنان مطرد الكعبين مطرور

وخرّ للموت لاكفّ تقلّبه

الا بوطئ من الجرد المحاضير

ظمآن سلى نجيع الطعن غلته

عن بارد من عبابا الماء مقرور

كأن بيض المواضي وهي تنهيه

نار تحكم في جسم من النور

لله ملقى على الرمضاء غصّ به

فم الردى بين اقدام وتشمير

٢٦

تضوء عليه الربى ظلاًّ وتستره

عن النواظر اذيال الألعاصير

تهابه الوحش ان تدنو لمصرعه

وقد أقام ثلاثا غير مقبور

لسان الحال :

يوم تنوه احسين يظعن

عن حرم جده والوطن

امر على احيود الزمل جن

او على الباب كلهن نوخن

او عليهن محاملهن انشدن

سجف المحامل ما يتثمن

يريده الخواته من يگصدن

من شاف كل البل توطّن

اعيونه لعد عباس صدّن

گله خواتك خل يطلعن

وابرفجه خليهن يركبن

طلعن ورا العباس يمشن

ركبن وهو بيده الرسن

الباجي الحريم احسين عيّن

اولاده واولاد الحسن

من طلعن ابيا حال طلعن

ابعز او جلاله او گدر شافن

او من ردن ابيا حال ردّن

ذليلات مسبيّات يبجن

يتامه او ارامل للوطن

هذي اتصيح عمّه وين عمّي

او ذيچ اتگول فارگني ابن امي

لما هلك معاوية في النصف من رجب سنة الستين من الهجرة كتب يزيد الى الوليد بن عتبة بن ابي سفيان وكان واليا على المدينة من قبل أبيه معاويه ان يأخذ الحسين عليه‌السلام بالبيعة له ولا يرخص له في

٢٧

التأخّر عن ذلك وقيل : انه كتب أن ابى الحسين عليه‌السلام فاضرب عنقه وابعث اليّ برأسه. فاحضر الوليد مروان بن الحكم واستشاره في أمر الحسين عليه‌السلام فقال : انّه لا يقبل ولو كنت مكانك فاضرب عنقه ، فقال الوليد : ليتني لم اك شيئا مذكورا. فانفذ الوليدالى الحسين عليه‌السلام في الليل فاستدعاه فعرف الحسين عليه‌السلام الذي اراد فدعا جماعة من مواليد وامرهم بحمل السلاح فقال لهم ان الوليد قد استدعاني في هذا الوقت ولست آمن من ان يكلفني فيه امرا لا اجيبه اليه وهو غير مأمون علي فكونوا معي فاذا دخلت فاجلسوا على الباب فان سمعتوا صوتي قد علا فادخلوا على لتمنعوه مني. فصار الحسين عليه‌السلام الى الوليد فوجد عنده مروان فنعى اليه الوليد معاوية فاسترجع الحسين عليه‌السلام ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما امر فيه من اخذ البيعة منه فقال له الحسين عليه‌السلام اني لا اراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتى ابايعه جهرا فتعرف ذلك الناس ، فقال الوليد : انصرف على اسم الله تعالى حتى تأتينا مع جماعة الناس ، فقال له مروان : والله فارقك الحسين عليه‌السلام الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها ابدا حتى تكثر القتلى بينكم احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع او تضرب عنقه

٢٨

فوثب عند ذلك الحسين عليه‌السلام فقال : يابن الزرقاء انت تقتلني ام هو ، كذب والله اثمت. ثم اقبل الحسين عليه‌السلام على الوليد وقال : ايها الأمير أنت تعلم بانا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق والفجور وان مثلي لا يبايع مثله لكن نصبح وتصبحون منهاج البكاء في فجائع كربلاء وننظر وتنظورن اينا احق بالخلافة والبيعة. وقيل : قام مروان وجرد سيفه وقال للوليد مر سيّافك ان يضرب عنقه قبل ان يخرج من الدار ودمه في عنقي وارتفعت الصيحة فهجم تسعة عشر رجلا من اهل بيته يقدمهم ابو فاضل قد انتضو خناجرهم فاخرجوا الحسين عليه‌السلام قهرا معهم بيّض الله وجوههم ولكن اين هم يوم العاشر.

فما خرج الحسين عليه‌السلام قال مروان للوليد : عصيتني فوالله لا يمكنك على مثلها قال الوليد : «ويح غيرك» يامروان اخترت لي مافيه هلاك ديني اقتل حسينا ان قال لا ابايع والله لا اظن امرا يحاسب بدم الحسين عليه‌السلام الاّ خفيف الميزان يوم القيامة ولا ينظر الله اليه ولا يزكيه وله عذاب اليم.

وفي هذه اليلة زار الحسين عليه‌السلام قبر جده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسطع له نور من القبر فقال : السلام عليك يارسول الله ، انا الحسين بن فاطمة

٢٩

فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خلفتني في امتك فاشهد عليهم يانبي الله انهم خذلوني ولم يحفظوني وهذه شكوى اليك حتى القاك ولم يزل راكعا ساجدا حتى الصباح. وعند الصباح اتى مروان ابا عبد الله فعرفه النصيحة التي يدخرها لأمثاله وهي البيعة ليزيد فان فيها خير الدنيا والآخرة فاسترجع الحسين وقال : الخلافة محرمة على آل ابي سفيان وطال الحديث بينهما حتى انصرف مروان مغضبا. وفي الليلة الثانية جاء الى قبر جده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلى ركعات ثم قال : اللهم ان هذا قبر نبيك محمد وانا ابن بنت نبيك وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، اللهم انب احب المعروف وانكر المنكر وانا أسألك ياذا الجلال بحق القبر ومن فيه ألا اخترت لي ماهو لك رضى ولرسولك رضى وبكى ، ولما كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فغفا فرأى رسول الله في كتيبة من الملائكةعن يمينه وشماله وبين يديه ، فضم الحسين الى صدره وقبل بين عينيه وقال : حبيبي يا حسين كأني اراك عن قريب مرملا بدمائك مذبوحا بأرض كربلا بين عصابة من امتي وانت مع ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تروى وهم بعد ذلك يرجون شفاعتي لا انالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، حبيبي يا حسين ان اباك

٣٠

وامك واخاك قدموا علي وهم مشتاقون اليك ، فبكى الحسين عليه‌السلام وسأل جده ان يأخذه معه ويدخله في قبره.

لسان الحال :

من ضاگت اعلى احسين الوطان

واتكاثرت كتب اهل كوفان

الجده اعتنه يشچيله الحزان

زاره وغفه والگلب لهفان

اجاه النده يبني يعطشان

اسرع لهل كوفان هل الآن

واخذ الحرم واعتني الميدان

او تنذبح يبني بين عدوان

ظامي الچبد والگلب ولهان

او تبقى ثلاثا على التربان

او تلعب عليك الخيل ميدان

ابهذاك الوكت عنه الصبر ياجد

اوشاف امخيّمه بالنار ياجدان

گال انچان دينك يتم ياجد

ابچتلي يا سيوف اتعاي ليه

على احسين العهد ماخوذ والصك

بان ايضوگ طعم السيف والصك

شمالك يا سهم ما خنت وصاك

ذبح نحره وتثنّه اعلى الوطيّه

انكتب باللوح چتل احسين وانجز

ابهدر دمه العد اوفاه وانجز

هرش قلبه التوه من العطش وانجز

ثلث تيام مرمي اعلى الوطيّه

٣١

الموكب الحسيني

المنهج السادس

رحلوا وما رحلوا وهيل ودالي

الاّبحسن تصبّري وفؤادي

ساروا ولكن خلفوني بعدهم

حزنا اصوب الدمع صوب عهادي

وسرت بقلب المستهام ركابهم

تعلوا به جبلا وتهبط وادي

وخلت منازلهم فها هي بعدهم

قفرى وما فيها سوى الاوتادي

تأوي الوحوش بها فسرب رائح

بفناء ساحتها وسرب غادي

ولقد وقفت بها وقوف مؤله

وبمهجتي للوجد قدح زنادي

ابكي بها طورا لفرط صبابة

واصيح فيها تارة وأنادي

يا دار اين مضى ذووك امالهم

بعد الترحل عنك يوم معادي

يا دار قد ذكرتني بعراصك

القفر عراص بني النبي الهادي

لما سرى عنها بن بنت محمد

بالأهل والأصحاب والأولأدي

قد كاتبوه بنو الشقا اقدم

فل يس سواك نعرف من امام هادي

لكنه مذ جائهم غدروا به

واستقبلوه في ضبا وصعادي

٣٢

تبا لهم من أمة لم يحفظوا

عهد النبي بآله الأمجادي

قد شتتواهم بين مقهور ومأ

سور ومنور بسيف عنادي

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

كم دعت زينب والدمع يهمل

هذي الطفوف ومنها في الحشى شعل

من ناشد لياحباب بها نزلوا

بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

وخلفوا في سويد القلب نيرانا

هم الأمان لدهر راعه فزع

والواصلون اذا ما اهله قطعوا

هل لي برجعتهم لما مضوا طمع

نذر علي لئن عادوا وان رجعوا

لأزرعن طريق الطف ريحانا

طلعنه ابشملنه من المدينه

والناس چانو حاسدينه

او للغاضريه من لفينه

والكاتبتني اغدرت بينه

كتلو ولينه وانسبينه

خرج الحسين عليه‌السلام لليلتين بقيتا من رجب سنة الستين هجرية وكان يوم خروج الحسين عليه‌السلام من المدينة أعظم يوم على الهاشمييين والهاشميات لأنه كان سلوة لهم عن جده وعن ابيه وأخيه فاقبلن الهاشميات ونساء بني عبد الممطلب الى دار الحسين عليه‌السلام لوداعه والتزود منه ووداع عيالاته واطفاله فجعلن يبكين ويندبن ، فمشى

٣٣

فيهن الحسين وقال : أنشدكن الله ان لا تبدين هذا الأمر لأنه معصية لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلن يا ابا عبد الله فعلا من نستبقي النياحة والبكاء وهذا اليوم عندنا كيوم مات فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن.

قال الراوي وجائت ام سلمة وقالت له : يا بني لاتحزن بخروجك الى العراق فاني سمعت جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يقتل ولدي الحسين عليه‌السلام في العراق بارض يقال لها كربلا ، فقال لها : يا أماه والله اني اعلم ذلك واني لمقتول لا محالة وليس لي من هذا بد واني والله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه واعرف من يقتلني واعرف البقعة التي ادفن فيها واعرف من يقتل من اهل بيتي وقرابتي وشيعتي وان اردت يا اماه ان اريك حفرتي ومضجعي. قال : ثم اشار بيده الشريفة الى جهة كربلا ، قيل : فقال عليه‌السلام بسم الله الرحمن الرحيم فانخفضت الأرض باذن الله تعالى حتى اراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره فعند ذلك بكت ام سلمه وسلمت امرها الى اللهتعالى : فقال لها الحسين عليه‌السلام يا اماه قد شاء الله ان يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا ، فقالت ام سلمه : يا ابا عبد الله عندي تربة دفعها الي جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قارورة ، فقال : والله اني مقتول كذلك وان لم اخرج الى العراق يقتلونني. ثم انه اخذ تربة في قارورة واعطاها اياها وقال لها : اجعليها مع قارورة جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فان فاضت دماً عبيطاً فاعلمى اني قد قتلت فاخذتها

٣٤

ام سلمه ووضعتها مع قارورة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولما سار الحسين عليه‌السلام الى العراق جعلت ام سلمة في كل يوم تنظر الى القارورتين حتى اذا كان يوم عاشورا اقبلت على عادتها لتنظر القارورتين فنظرت هي واذا بهما دما عبيطا فصاحت : واولداه واحسيناه. لسان الحال :

يبني يراعي الفخر والباس

يبني امصابك شيب الراس

يبني ابحوافر خيل تنداس

يبني او تبقى ابغير حراس

ثم ان نساء بني هاشم اقبلن الى ام هاني عمة الحسين وقلن لها : يا ام هاني انت جالسة والحسين مع عياله عازم على الخروج ، فاقبلت ام هاني فلما رآها الحسين عليه‌السلام قال : اما هذي عمتي ام هاني ، قيل : نعم ، فقال : يا عمه ما الذي جاء بك وانت على هذه الحالة : فقالت : وكيف لا آتي وقد بلغني ان كفيل الأرامل ذاهب عني ، ثم انها انتحبت باكية وتمثلت بابيات ابيها ابي طالب :

وابيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة الأرامل

ثم قالت : وانا ياسيدي متطيرة عليك من هذا المسير لهاتف سمعته البارحة ويقول :

وان قتيل الطف من آل هاشم

اذل رقابا من قريش فذلت

ثم قال يا عمه كل الذي مقدر فهو كائن لا محالة ثم خرجت باكية

٣٥

ولسان الحال :

يحسين يا ماي الحياة

ويا فخر گومي العدل والمات

الف حيف يومك ذاك ما فات

تنچتل ظامي ابنهر الفارت

وعباس ملهوف الگلب مات

گطعوا جفوفه على المسنات

اوبناتك الچانن عزيزات

خذوهن يساره امسلبات

هيهات ليهن تردهيهات

ولما سار الحسين عليه‌السلام حمل جميع اهل بيته الا فاطمة العليله ابقاها عند ام سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : يا ابه اني استوحش بعدهم اتركوا لي منكم سلوة وهو أخي الرضيع ، كأني بالحسين يجيب منتظره حرمله بن كاهل فلما تجهزوا وسارت ركابهم واذا بصوت يشجي الصخر الأصم.

لسان الحال

ولن صوت العليلة ايصيح

يهل الظعن تانوني

يويلي اوياكم اخذوني

عليكم يعمن اعيوني

وحدي لا تخلوني

فرگاكم هدم حيلي

او روحي المرض سلاها

ياوالدي والله هظيمه

انا اصير من بعدك يتيمه

اثاري الأبو يا ناس خيمه

ايفيي على ابناته او حريمه

٣٦

الموكب الحسيني

المنهج السابع

فعسى انال من التراث مواضياً

تسدى عليهنّ الدهور وتلحم

او موتة بين الصفوف احبّها

هي دين معشرى الذين تقدموا

ماخلت انّ الدهر من عاداته

تروي الكلاب به ويظمى الظيغم

ويُقدّم الأمويّ وهو مُؤخّر

ويُؤخّر العلوي وهو مُقدّم

مثل ابن فاطمة يبيت مشردا

ويزيد في لذاته متنعم

ويُضِيقُ الدنيا على بن محمّدٍ

حتى تقاذفه الفضاء الأعظم

خرج الحسين من المدينة خائفا

كخروج موسى خائفا يتكتم

وقد انجلى عن مكّة وهو ابنها

وبه تشرّفت الحطيم وزمزم

لم يدري اين يريح بدن ركابه

فكأنما المأوى عليه محرم

فمشت تؤم به العراق بخائب

مثل النعام به تخب وترسم

متعطفات كالقسى موائلا

واذ ارتمت فكأنما هي اسهم

حفته خير عصابة مضريّة

كالبدر حين تحف فيه الأنجم

٣٧

لسان الحال :

من صبح اعلى السير عازم

لاهل الغدرواهل النمايم

آمر على اشبول الهواشم

تشد المحامل عالنعايم

اوصد العضيده ابگلب هايم

ناداه يا بحر المچارم

خل تطلع اوياك الفواطم

لفه زينب العباس باسم

گاللها گومي الظعن والم

وعالسير اخوي اليوم جازم

نادته او دمع العين ساچم

وياك اگومن وانته غانم

لاچن يخويه ابحالي عالم

ما حمل مذله اولا هضايم

وشوف الگدر بالظعن حايم

ما ندري بالكوفه اشنوالم

لمن سمع جرد الصارم

تخافين گلها وآنه سالم

صاحت يوالي الحرم دايم

طلعت اوياها الكرايم

ركبت او حفتها الضياغم

عون او علي او جعفر او جاسم

وحسينها على الخيل جادم

وخوته اليحلون اللوازم

جدامها امنشره العمايم

او عباس للهودج املازم

خايف تصد لخته الوادم

چوين عنها چان نايم

من صبحت بالطف غنايم

مابين من ضارب او شاتم

آنه امشيت درب المامشيته

او چتّال اخيي رافگيته

من جلت الوالي نخيته

شتم والدي وانكر وصيته

٣٨

وتهيأ الحسين عليه‌السلام للخروجمن المدينة ومضى في جوف الليل الى قبر أمه فودّعها ، قيل : قال السلام عليك يا أماه حسينك جاء لوداعك وهذه آخر زيارة ايّاك ، واذ النداء من القبر ، وعليك السلام يا مظلوم الأمة ويا شهيد الأمة ويا غريب الأمة فاستصبر باكيا حتى لا يطيق الكلام فهي تعلم غربته ولكن ما رأت بعينها حتى كانت ليلة الحادي عشر من المحرم فرأت بعينها انه فيغاية الغربة لأنه مطروح على الرمضاء بلا غسل ولاكفن.

فلما بلغ محمد بن الحنفية خروج الحسين عليه‌السلام اقبل اليه وقال : يا اخي أنت احب الخلق الي واعزهم علي ولست والله ادخر النصيحة لأي الخلق الالك وليس احد احق بها منك لأنك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري كبير بأهل بيتي ومن وجبت طاعته في عنقي لأن الله تعالى قد شرفك علي وجعالك من سادات أهل الجنة. يا أخي تنح ببيعتكعن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك الى الناس ثم ادعهم الى نفسك فان بايعك الناس وبايعولك حمدت الله على ذلك وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا يذهب مودتك ولافضلك اني اخاف عليك ان تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك واخرى عليك ، فيقتتلون

٣٩

فتكون لأول الأسنة غرضا ، فاذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما اضيعها دما واذلها اهلا فقال الحسين عليه‌السلام : فأين اذهب يا اخي ، قال : انزل مكة فان اطمأنت بك الدار بها فذاك وان تكن الأخرى خرجت الى بلاد اليمن فأنهم انصارك وانصار جدك وابيك وانهم أرأف الناس وارقهم قلوبا واوسع الناس بلادا فإن اطمأنت بك الدار بها فذاك والا لحقت بالرمال وشعوب الجبال وخرجت من بلد الى بلد حتى تنظر ما يؤول اليه امرالناس ويحكم الله بيننا وبين القوم الظالمين. فقال الحسين عليه‌السلام : يا أخي لو لم يكن في الدنيا ماجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية فقطع محمّد كلامه وبكى وبكى الحسين معه ساعة ثم قال : يا اخي جزاك الله خيرا فقد نصحت واشرت بالصواب وانا عازم على الخروج الى مكة وقد تهيأت لذلك انا واخوتي وبنو اخي وشيعتي وأمرهم امري ورأيهم بأيي وأما انت يا اخي فلا بأس عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم لا تخفي عني شيئا من أمورهم.

ثم دعى الحسين عليه‌السلام بدوات وبياض وكتب هذه الوصية لأخيه محمد : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما اوصى به الحسين بن علي بن اب أبي طالب الى اخيه محمد المعروف بابن الحنفية ، إن الحسين يشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده

٤٠