مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي

مناهج البكاء فى فجائع كربلاء

المؤلف:

حسين بن الشيخ علي الفرطوسي الحويزي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧

ورسوله ، جاء بالحق من عند الحق ، وإن الجنة والنار حق ، وإن الساعة آتية لاريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور ، واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وشيعة ابي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله اولى بالحق ، ومن رد على هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين. وهذه وصيتي لك يا اخي وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه انيب ، ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ودفعه إلى أخيه محمد. وقيل : لما اراد الحسين عليه‌السلام الشخوص من المدينة اجتمع عنده أولاده وأخوته واخواته وزوجاته وبنات واولاد اخيه ومواليه وجواريه والخدم ذكورا واناثا وهم من حيث المجموع مع الطفل الصغير مئتان واثنان وعشرون وهم الذين خرجوا مع الحسين عليه‌السلام من المدينة الى مكة ومنها الى العراق لما تهيئا للمسير امر باحضار مأتين وخمسين من الخيل وقيل : مأتين وخمسين ناقة سبعون ناقة للخيم واربعون ناقة لحمل القدور والأواني وادوات الأرزاق وثلاثون ناقة لحمل الراوية للماء واثنا عشر ناقة لحمل الدراهم والدنانير والحلي والحلل ، وأمر بخمسين شقة من الهودج على ظهور المطايا للعيال والأطفال والخدم والجواري وباقي النياق

٤١

لحمل الأثقال والأدوات اللازمة في الطريق.

وروي عن عبد الله بن سنان الكوفي عن ابيه عن جده قال : خرجت بكتاب من أهل الكوفة الى الحسين عليه‌السلام وهو في المدينة فأتيته فقرأه وعرف معناه فقال : انظر ثلاثة ايام فبقيت في المدينة في اليوم الثالث صار عزم الحيبن عليه‌السلام التوجه الى العراق ، يقول قلت في نفسي امضي وانظر الى ملك الحجاز وكيف يركب وكيف جلالته وشأنه فأتيت الى باب داره فرأيت الخيل مسرجه والرجال واقفين والحسين جالس على كرسي وينو هاشم حافون به وهو بينهم كانه البدر ليلة تمامه وكماله ، ورأيت نحو من أربعين محملا وقد زينت المحامل بملابس الحرير والديباج ، قال : فعند ذلك أمر الحسين عليه‌السلام بني هاشم بأنيركبو محارمهم على المحامل. فبينما انا انظر واذا بشاب قد خرج من دار الحسين عليه‌السلام وهو طويل القامة وعلى خده علامة ووجه كالقمر الطالع وهو يقول تنحوا يا بني هاشم واذا بامرأتين قد خرجتا من الدار وهما تجران اذيالهما على الأرض حياءً من الناس وقد حفت بهما امائهما فتقدم ذلك الشاب الى محمل من المحامل وجثى على ركبته واخذ بعضديهما واركبهما المحمل ، فسئلت بعض الناس عنهما ، فقيل ، اما احداهما فزينب والأخرى ام كلثوم بنتا أمير المؤمنين ، فقلت : وعن هذا الشاب فقيل لي خو قمر بني هاشم

٤٢

العباس بن علي ، ثم رأيت بنتين صغيرتين كأن الله لم يخلق مثلهما فجعل واحدة مع زينب والأخرى مع ام كلثوم فسئلت عنهما فقيل لي هما سكينة وفاطمة بنتا الحسين عليه‌السلام. ثم خرج غلام ثاني كانه فلقة قمر ومعه امرأة وقد حفت بها امائها فاركبها ذلك الغلام المحمل فسئلت عنها وعن الغلام فقيل لي : اما العلام فهو علي الأكبر بن الحسين عليه‌السلام واما المرأة فهي أمه ليلى. ثم خرج شاب ومعه امرأة وهو يقول تنحو يا بني هاشم هم حرم ابي عبد الله فتنحى بنو هاشم وقد خرجت المرأة من الدار وعليها آثار الملوك وهي تمشي على سكينة ووقار وقد حفت بها النساء فسئلت عنها ، فقيل لي : الشاب زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام والامرأة أمه شاه زنان بنت الملك كسرى زوجة الحسين عليه‌السلام ثم اركبوا بقية الحرم والأطفال فلما تكاملوا واذا الحسين عليه‌السلام ينادي اين اخي كبش كتيبتي اين قمر بني هاشم فأجابه العباس لبيك ياسيدي فقال له الإمام قدم جوادي فأتى العباس بالجواد اليه وقد حفت به بنو هاشم فأخذ العباس بركاب الجواد حتى ركب الإمام ثم ركب بنو هاشم وركب العباس يحمل الراية على رأس الحسين.

٤٣

قال الراوي : فصاح أهل المدينة صيحة واحدة وعلت الأصوات الوداع ، الوداع ، الفراق ، الفراق ، فقال العباس عليه‌السلام : هذا والله الفراق والملتقى يوم القيامة.

لسان الحال :

منتنوة احسين وامر بالرحيل

نوخت بلها ابمحاملها تشيل

ناخت اعلى الباب وانوت للمسير

والمحامل بيهن الواصف يحير

امزينه ابسنسد او ديباج او حرير

ملك والزيه شبه زي الخليل

ملك والزيه المثل بيه انضرب

نجل عبد المطلب سيد العرب

جدموا هودج البرده امن الذهب

ايهبه الواصف بالوصف ماله مثيل

اخذ بزمامه او جدم بيه البطل

عنى اتنحوا على الموقف هضل

نوخ الهودج على الباب اوعگل

خاف زينب تختشي الحره او تخيل

نعي

عباس منته الي حبتني

او بيدك يخويه ركبتني

دگعد يخويه او شوف متني

ترى اسياط زجر ورمتني

بوذيه

الدهر ثدي المصايب مرظعنه

على اچتول الرهاين مر ظعنه

شگول ابحق چفيلي مر ظعنه

اخوي اوياه ظل اعتابه اليه

مصايب عن جميع امصاب چفين

وين الغسل او لحسين چفين

اله چفين للعباس چفين

عسه من دونهن مقطوعه ايديه

٤٤

الموكب الحسيني من حرم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

المنهج الثامن

قد اوهنت جلدي الديار الخاليه

من اهلها ما للديار وماليه

ومعالم اضحت مآتم لاترى

فيها سوى ناعٍ يجاوب ناعيه

ورد الحسين الى العراق وظنّهم

تركوا النفاق اذا العراق كما هيه

ولقد دعوه للعنا فأجابهم

ودعاهم لهدى فردوا داعيه

قست القلوب فلم تمل لهداية

تبا لهاتيك القلوب القاسيه

ما ذاق طعم فراتها حتى قضى

عطشا فغسّل بالدماء القانيه

يا ابن النبي المصطفى ووصيه

واخا الزكي ابن البتول الزاكية

تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ

لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتل منكم كربلا بدم ولا

تبتل مني بالدموع الجاريه

انست رزيتكم رزايانا التي

سلفت وهونت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدةً

وتزول وهي الى القيامة باقيه

لهفي لركب صرعوا في كربلا

كانت بها آجالهم متدانيه

٤٥

تعدو على الأعداء ظامية الحشى

وسيوفهم لدم الأعادي ظاميه

نصروا ابن بنت نبيهم طوبى لهم

نالوا بنصره مراتب ساميه

سار الظعن عن الوطن سار

عن المدينه البيها الأنوار

انسد المحل واظلمت الدار

وعلى الصديج ابحزن واكدار

تمناه العدو يا ذلة الجار

اعتنه اعراكها الخوان غدار

انه خايفه والفكر محتار

اعلى بدر السلف ونجوم الأهار

قالت سكينة عليها‌السلام خرجنا من المدينة وما أهل بيت اشد غمّاً ولا خوفاً من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولما سار الحسين عليه‌السلام من المدينة الى مكة لقيه عبد الله بن مطيع العدوي ، فقال له : جعلت فداك اين تريد ، فقال عليه‌السلام : أما الآن فمكة واما بعد فاستخير الله تعلاى ، قال : خار الله لك وجعلنا فداك فاذا اتيت مكة فاياك ان تقرب الكوفة فأنّها بلدة مشؤمة بها قتل ابوك وخذل اخوك واغتيل بطعنه كادت نفسه فيها تزهق ، سيّدي الزم الحرم ، لاتفارق الحرم فداك عمّي وخالي فوالله لان هلكت لنسترقّن بعدك. ودخل مكة في الثالث من شعبان وهو يقرأ قوله تعالى :

٤٦

«وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَبِيْل». ثم نزل بها واقبل اهلها يختلفون اليه ومن كان بها من المعتمرين واهل الافاق وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندها ويطوف ويأتي الحسن عليه‌السلام : فيمن يأتيه بين كل يومين مرة وهو اثقل خلق الله على بن الزبير لأنه يعلم ان اهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين عليه‌السلام : بها وان الحسين اطوع في الناس من ابن الزبير فلم يكن شيء أحب اليه من شخوص الحسين عليه‌السلام : من مكة. ولذا ان الحسين عليه‌السلام : لما عزم على الخروج من مكة الى العراق فرح ابن الزبير فرحا عظيما وبلغ اهل الكوفة خبر هلاك معاوية وخبر امتناع الحسين عليه‌السلام : من البيعة وخبر بن الزبير وانه وصل الى مكة فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله واثنوا عليه فقال سليمان : ان معاوية قد هلك وان حسيناً قد نقض على القوم ببيعته وخرج الى مكة وانتم شيعته وشيعة ابيه فان كنتم تعلمون انكم ناصروه ومجاهدوا عدوه فاكتبوا اليه وان خفتم الفشل والوهن فلا تغروا الرجل في نفسه ، قالوا لا بل نقاتل عدوه ونقتل انفسنا دونه ، قال فاكتبوا اليه فكتبوا اليه.

بسم الله الرحمن الرحيم ، الى الحسين بن علي عليهما‌السلام من سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر

٤٧

الأسدي وشيعة المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة ، سلام عليك فانا نحمد الله الذي لا اله الآهو ، اما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة وابتزها امرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها ثم قتل خيارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها واغنيائها فبعدا كما بعدت ثمود ، ثم انه ليس علينا امام فأقبل علينا لعل الله ان يجمعنا بك على الحق وان النعمان لا نجتمع معه جمعة ولا جماعة ولو بلغنا منهاج البكاء في فجائع كربلاء قدومك لأخرجناه حتى يلحق بالشام ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثم اخذت تترى عليه الكتب حتى وصل اليه في يوم واحد ستمائة كتاب وقد وصله في نوب متفرقه اثنا عشر الف كتاب ، وآخر كتاب ورد عليه مع هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي ، ففضه واذا فيه : للحسين بن علي عليهما‌السلام من شيعته وشيعة ابيه ، أما بعد فان الناس ينتظرونك لا رأي لهم الى غيرك فالعجل العجل يابن رسول الله فقد اخضر الجنان واينعت الثمار واعشبت الأرض فانما تقدم على جند لك مجندة ، والسلام عليك وعلى ابيك من قبلك ورحمة الله وبركاته.

فقال الحسين عليه‌السلام للرسول : أخبرني من هؤلاء الذين كتبوا لي هذا الكتاب ، قال : يابن رسول الله هم شيعتك ، قال : من هم ، قال : شبث

٤٨

بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن رويم وغيرهم ، وهؤلاء كلهم من أعيان الكوفة وكلهم حضروا من ابن سعد لحرب الحسين في كربلا خصوصا شبث بن ربعي لعنه الله هو الذي اشار على عمر بن سعد وقال : يا أمير مرّ العسكر أن يفترق على الحسين عليه‌السلام اربعة فرق حربا بالسيوف ، طعنا بالرماح ، رميا بالسهام ، رضخا بالحجارة ، ففعلوا ذلك عليهم لعائن الله تعالى.

للغاضريّه من لفينه

اولخيامنه بيه بنينه

لفتنه العده اودارت علينه

والكاتبتنه اغدرت بينه

اوروحي بگت ولها اوحزينه

ناديت يا عزنا او ولينه

يحسين سدّر بالظعينه

شوف الجموع اگبلت لينه

اوما غير چتلك رايدينه

او من تنچتل يا هو ايحمينه

عگبك او عدمن تخلينه

ناداها يختي او جرت عينه

هيهات نسدر للمدينه

لابد يزينب تشوفينه

فوگالوطيه امچتلينه

او تتيسر اعزيزتي اسكينه

بوذية

احسين ابكربلا اخيامه بناها

يسالمها بني اميه بناها

مها ابكل اخوته او گومه بناها

والف نبله ابجسمه او تسع ميّه

٤٩

الموكب الحسيني من حرم الله

المنهج التاسع

لوكان في الرريع المحيل

برء العليل من الغليلِ

ريع الشباب ومنزل الأ

حباب والخل الخليلِ

لعب الشمال به كما

لعبت شمول بالعقولِ

طلل بضيف النازلين

شجاؤه قبل النزولِ

مستأنساً بالوحش بعد

اوانس الحي الحلولِ

مستبدلاً ريما بريم

آخذاً غيلاً بغيلِ

لايقتضي عذراً ولا

يرتاع من عذل العذولِ

ومريعة باللوم تلح وني

وما تدري ذهولي

خلي اميمة عن ملا

مك ما المعزى كالثكولِ

ما الراقد الوسنان

مثل معذب القلب العليلِ

سهران من ألم وهذا

نائم الليل الطويلِ

ذوفي اميمة ما اذوق

وبعده ما شئت قولي

٥٠

اوما علمت الساج دين

غداة جدوا بالرحيلِ

عشقوا العلى فقضّوا بها

والغصن يرمى بالذبولِ

لسان الحال :

طَوّح الحادي والظعن هاج ابحنينه

او زينب تنادي سفرة الگشرة علينه

صاحت ابكافلها شديد العزم والباس

شمّر اردانك ولنشر البيرغ يعبّاس

چني اعاينها مصيبه اتشيب الراس

ما ظنتي ترجع ابد ولتنه المدينه

گلها يزينب هاج حزني لا تحنين

ما دام انه موجود يختي ما تذلين

لو تنجلب شاماتها ويه العراگين

لطحن جماجمهم ونه حامي الظعينه

لا اتهجيني ولا يصير ابگلبچ الخوف

ميروعني طعن الرماح او ضرب السيوف

بس طلبي من الله يسلملي هلچفوف

لحمل على العسكر واذكرهم ببونه

٥١

قالت اعرفك بالحرب ياخزيه وافي

او قطع الزند هذا الذي منه مخافي

اليوم ابمعزّه او بعدكم مدري شوافي

يا هو اليرد الخيل لو هجمت علينه

خويه معذور يلنايم بالطفوف

دگعد من منامك او شوف

منى امسلبه والگلب ملهوف

خويه او دمعي على الوجنات مذروف

ولما اجتمع عند الحسين عليه‌السلام ما ملأ خرجين من كتب أهل الكوفة كتب اليهم الجواب دفعه الى هخاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وفيه.

لقد فهمت ما ذكرتم في كتبكم من المحبة لقدومي عليكم وانا باعث اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي مسلم بن عقيل ليعلم لي كنه امركم ويكتب الي بما تبين له من اجتماعكم فان كان امركم على ما اتتني به كتبكم واخبرتني رسلكم اسرعت القدوم عليكم انشاء الله تعالى.

قال ارباب التاريخ ، ولمّا وصل مسلم الكوفة بعث بكتاب الى الحسين ، من ابن عمّه مسلم بن عقيل من الكوفة مع عابس بن شبيب الشاكري يقول فيه : اما بعد فان الرائد لا يكذب اهله وقد بايعني من اهل الكوفة ثمانية عسر الف فعجل بالقدوم حين يأتيك كتابي فان الناس

٥٢

كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولاهوى والسلام.

ولما أراد الحسين عليه‌السلام الخروج من مكة الى العراق وكان في الثامن من ذي الحجة قام خطيبا في أصحابه فقال : الحمد لله وما شاء الله ولا حول ولا قوة الاّ بالله وصلى على رسوله محمد وآله أجمعين ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما اولهني الاّ اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف وخير لي مصرع انا لاقيه كأني باوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن منّي أكراشاً جوفاً وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بلقلم رضى الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين لن تشذ عن رسول الله لحمته وهي مجموعة له في حضرة القدس تقرّبهم عينه وينجز لهم وعده. ثم قال : ألا ومن كان فينا باذلا مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فاني راحل مصبحا انشاء الله.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : وجاء بن الحنفية الى الحسين عليه‌السلام في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها من مكة ، فقال له : يا أخي ان اهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت ان يكون حالك كحال من مضى فان رأيت ان تقيم في الحرم فانك اعز من في الحرم وامنعه فقال له : يا أخي قد خفت ان يقاتلني يزيد

٥٣

بن معاوية بالحرم فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت. فقال ابن الحنفية : فان خفت ذلك فسر الى اليمن او بعض نواحي البر فانك امنع الناس به ولا يقدر عليك احد فقال عليه‌السلام : انظر فيما قلت. ولما كان السحر ارتحل الحسين عليه‌السلام من مكة فبلغ ذلك محمد بن الحنفية فاتاه واخذ بزمام ناقته التي ركبها وقال له : يا أخي الم تعدني النظر فيما سألتك ، قال : بلى ، قال : اذاً فما حداك على الخروج عاجلا ، فقال له : يا أخي اتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ما فارقتك فقال : يا حسين اخرج فان الله شاء أن يراك قتيلا ، فقال ابن الحنفية : انا لله وانا اليه راجعون أخي اذا ً فما معنى حملك هؤلاء النسوة وانت تخرج على مثل هذه الحالة ، فقال : ان الله شاء ان يراهنّ سبايا على اقتاب المطايا وهنّ ينادين واجداه ، وامحمداه ، وا ابتاه ، واعلياه ، ولسان الحال :

شميكم يهلنا ليش قلت

الكم بالحرم بالدار ظلت

ترى الغاليه رخصت وذلّت

وسار الحسين عليه‌السلام من مكة لايلوي على شيء فلقى في ذات عرق بشر بن غالب الأسدي وارداً من العراق فأخبره بان القلوب معه والسيوف مع بني أمية ، فقال الحسين عليه‌السلام صدق اخو بني اسد ان الله بفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ولمّا بلغ الحسين عليه‌السلام الحاجز نت

٥٤

بطن الرمه كتب جواب كتاب مسلم لأهل الكوفة وبعثه مع قيس بم مسهر الصيداوي وفيه ورد الى كتاب مسلم بن عقيل يخبرني بأجتماعكم على نصرنا والطلب بحقنا فسألت الله ان يحسن لنا الصنيع ويثيبكم على ذلك أعظم الأجر وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة فاذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في امركم فاني قادم في ايامي هذه ولما وصل الى القادسية اخذه الحصين بن نمير التميمي وكان صاحب شرطه بن زياد ولما مثل قيس بين يدي بن زياد خرق كتاب الحسين فقال له : لماذا خرقته ، فقال : لئلا تطلع عليه فأصر عليه ان يخبر بما فيه فأبى قيس ، فقال له : ان لم تخبرني فاصعد المنبر وسبَّ الحسين ةأباه وأخاه والا قطعتك اربا اربا فصعد المنبر حمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وآله واكثر من الترحم على علي والحسن ولعن عبيد الله بن زياد وبني امية ثم قال : ايها الناس انا رسول الحسين عليه‌السلام اليكم وقد خلفته في موضع كذا وكذا فاجيبوه. فأمر ابن زياد ان يرمى من اعلى القصر مكتوفا فتكسرت عظامه فبقي فيه رمق من الحياة فقام عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه فعيب عليه فقال : اردت ان اريحه.

وسار الحسين عليه‌السلام من الحاجز وورد ماء بعض العرب فاستقى

٥٥

منه وسار الى الخزيميّة وبقى فيها يوم وليلة فلما اصبح اقبلت اليه اخته زينب وقالت : اني سمعت هاتفا يقول :

الايا عين فاحتفلي بجهدي

فمن يبكي على الشهداء بعدي

على قومي تسوقهم المنايا

بمقدار الى انجاز وعدي

فقال لها : يا اختاه كل الذي قضى فهو كائن ، ولما نزل زرود نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي وكان غير مشايع ويكره النزول معه لكن الماء جمعهم في المكان وبينا زهير وجماعته على طعام صنع لهم اذ أقبل رسول الحسشين يدعو زهير الى سيده الحسين عليه‌السلام فتوقف زهير عن الإجابة غير ان زوجته دلهم بنت عمرو حثته على المسير اليه وسماع كلامه. ولما رجع من الحسين عليه‌السلام قال قوضوا فسطاطي الى فسطاط الحسين عليه‌السلام وهو مستبشر وقال لزوجته : الحقي باهلك لأني لا أحب ان يصيبك بسببي اًخير هكذا المحبة انظر كيف قادة الرجل الى الجنة ، نعم.

يلتندعي ابگلبك محبه

للحسين واولاده او صحبه

يحگ لك دم دمع عينك تسچبه

او تحرم لذيذ الماي شربه

امصابه نصب عينك اتجربه

او تذكر اصواب الصاب گلبه

سبب صار اله اوللگاع ذبّه

٥٦

اوّل الغدر والخيانة

المنهج العاشر

او بعد ما ابيض القذال وشابا

اصبو لوصل الغيد او اتصابى

هبني صبوت فمن يعيد غوانياً

يحسبن بازي المشيب غرابا

قد كان يهديهنّ ليل شبيبتي

فضللن حين رأين فيه شهابا

والغيد مثل النجم يطلع في الدجى

فاذا تبلّج ضوء صبح غابا

لايبعدنّ وان تغيّر مألف

بالجمع كان يؤلّف الأحبابا

ولقد وقفت فما وقفن مدامعي

في دار زينب بل وقفن ربابا

وذكرت حين رأيتها مهجورة

فيها الغراب يردّد التنعابا

ابيات آل محمّد لمَّا سرى

عنها ابن فاطمة فعدن يبابا

ونحا العراق بفتيةٍ من غالبٍ

كلٌّ تراه المدرك الغلاّبا

صيد اذا شبّ الهياج وشابت

الأرض الدما والطفل رعباً شابا

ياضاعنين بمربع من عزّكم

اين البدور الطالعات بارضكم

٥٧

ردّوا سؤلاً قلت فيه بحبكم

يا نزلين بكربلا هل عندكم

خبر بقتلانا وما اعلامها

لسان الحال :

مشينه ابلمتنه للعراق

او جدّامنا العبّاس دراق

عن الظعن ما غفل اعناق

اوباجي اخوتي اويه الظعن بالراق

او بالغاظريه صار الفراق

لبچي عليه ابدمع دفاق

ظامي او قطرت ماي ماظاق

او عگظعنه للعدى انساق

وسجّادنا من حديد اله اطواق

منفوگ ناقه امحدّد الساق

في البحار روى عبد اللهبن سليمان والمنذر بن المشعل الاسديان قالا : لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة الاّ اللحاق بالحسين عليه‌السلام في الطريق للننظر ما يكون من أمره فأقبلنا ترفل بنا ناقتنا مسرعين حتى لحقناه بزرور ، فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليه‌السلام فوقف كأنه يريده ثم تركه ومضى ومضينا نحوه فقال أحدنا لصاحبه : اذهب بنا الى هذا لنسئله ، فان عنده خبر الكوفة فمضينا حتى انتهينا اليه فقلنا : السلام عليك ، فقال : وعليكم السلام ، قلنا : ممن الرجل ، قال أسدي ، قلنا : ونحن اسديان فمن انت ، قال : انا بكر بن شعبة الأسدي فانتسبنا له ، قلنا له : اخبرنا عن الناس

٥٨

ورائك ، قال : نعم لم اخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وانهما يجرّان من ارجلهما في السوق. فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين عليه‌السلام فسايرناه حتى نزل الثعلبية وفي خبر زباله ممسيا فجئناه حتى نزل فسلمنا عليه فرد علينا السلام ، فقلنا له : يرحمك الله ان عندناخبرا ان شئت حدثناك علانية وان شئت حدثناك سرا فنظر الينا والى اصحابه ثم قال : ما دون هؤلاء سر ، فقللنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلته عشية أمس ، قال : نعم قد اردت مسئلته فقلنا قد والله استبرئنا لك خبره وكفيناك مسئلة وهو امرئ منا ذو رأي وصدق وعقل وإنه حدثنا انه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني ورأهما يجران من ارجلهما في السوق. فقال عليه‌السلام : إنا لله وانا اليه راجعون ، رحمة الله عليهما يردد ذلك مرارا فقلنا له ننشدك الله في نفسك واهل بيتك ألا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف عليك فنظر الى ابني عقيل فقال : ماترون فقد قتل مسلم ، فقالوا : والله ما نرجع حتى نصيب ثارنا او نذوق ما ذاق ، فاقبل علينا الحسين عليه‌السلام وقال : لاخير في العيش بعد هؤلاء فعلمنا انه قد عزم رأيه على المسير فقلنا له خار الله لك. ثم سار عليه‌السلام حتى انتصف له النهار فبينما هو يسير اذ كبر رجل من اصحابه فقال له الحسين عليه‌السلام :

٥٩

الله أكبر لم كبرت ، قال : رايت النخل ، فقال عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشعل : والله ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط ، فقال الحسين عليه‌السلام : فماذا ترون قالو نرى والله هوادي الخيل وأسنة الرماح واذان الخيل ، فقال الحسين عليه‌السلام : وانا والله ارى ذلك ، ثم قال : والله ما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم بوجه واحد فقلنا بلى ذو جسم الى جنبك تميل اليه عن يسارك فان سبقت اليه فهو كما تريد فأخذ اليه ذات اليسار وملنا معه فما كان باسرع من ان طلعت علينا هوادي الخيل واذاهم زهاء الف فارس مع الحر التميمي ، حتى وقف هو مقابل الحسين (عايه السلام) في حرّ الظهيرة والحسين عليه‌السلام وصحبه.

متقلدين اسيافهم ، فقال الحسين عليه‌السلام لفتيانه اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا ففعلوا حتى اترووا عن آخرهم في برّ اقفر وما سقوه ومنعوه ماء الفرات ألالعنة الله عليهم.

وكان لقاء الحرّ للحسين عليه‌السلام عن مرحلتين عن الكوفة اعني خمسة وعشرين فرسخاً فسار الحسين عليه‌السلام والحر يسايره فلمّا حضرت صلاة تلظهر قال الحسين عليه‌السلام للحر : ألنا انت ام علينا ، فقال بل علكم يا ابا عبد الله ، فقال عليه‌السلام : لاحول ولا قوة الا بالله العلي

٦٠