الدّرر الملتقطة في تفسير الآيات القرآنيّة

المؤلف:

محمد إسماعيل الخواجوئي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٧٨

استثني حال الضرورة وغيرها.

١٢ ـ رسالة خمسية.

رسالة استدلالية في احكام الخمس ومصارفه في زمن الغيبة ، وهي في مقدمة واربع فصول وخاتمة.

١٣ ـ رسالة في اقل المدة بين العمرتين.

رسالة استدلالية ذهب المؤلف فيها الى القول بجواز التوالي بين العمرتين ، وناقش الاقوال الأُخر في ذلك.

١٤ ـ رسالة في الرضاع.

رسالة استدلالية في جواز النكاح بين اخوان واخوات المرتضعين ، ورد على رسالة الملا ابو الحسن الفتوني النباطي المتوفى سنة (١١٣٨) هـ ق.

١٥ ـ رسالة في جواز التعويل على اذان الغير في دخول الوقت.

رسالة استدلالية في حكم التعويل على دخول الوقت بأي امارة حصلت ، كأذان المؤذن ، او صيحة الديك ، او وقت ساعة وغيرها ، وذهب الى جواز التعويل على تلك الامارات لو لم يحصل له العلم بدخول الوقت.

١٦ ـ رسالة في حكم الاستيجار للحج من غير بلد الميت.

رسالة استدلالية حول الحديث المروي في التهذيب عن ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ عن رجل اعطى حجة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة ، قال ـ عليه السلام : لا بأس اذا قضى جميع المناسك ، فقد تم حجه.

١٧ ـ رسالة في حكم الاسراج عند الميت ان مات ليلاً.

رسالة استدلالية مختصرة ، ذهب فيها الى عدم استحباب ذلك ، وانه لا دليل عليه.

١٨ ـ رسالة في شرح حديث توضؤوا مما غيرت النار.

١٩ ـ رسالة في حكم الغسل في الارض الباردة ومع الماء الباردة.

٢٠ ـ رسالة في افضلية التسبيح على القراءة في الركعتين الاخيرتين.

٢١

٢١ ـ رسالة في تحقيق وجوب غسل مس الميت.

٢٢ ـ رسالة في حكم شراء ما يعتبر فيه التذكية.

رسالة استدلالية حول شراء الفراء واللحوم والجلود وغيرها مما يعتبر فيها التذكية.

٢٣ ـ رسالة في حكم لبس الحرير للرجال في الصلاة وغيرها.

رسالة استدلالية في جواز لبس الحرير المحض مطلقا للنساء والاطفال والخناثي ، وكراهته للرجال الا في حال الضرورة والحرب ، ويعبر عنها المؤلف في بعض رسائله بالرسالة الحريرية.

٢٤ ـ رسالة في حكم الغسل قبل الاستبراء.

٢٥ ـ الفصول الاربعة في عدم سقوط دعوى المدعي بيمين المنكر.

رسالة استدلالية في عدم سقوط دعوى المدعي لو حلف المنكر على الوجه الشرعي ، خلافا لجماعة من الفقهاء.

٢٦ ـ رسالة في وجوب الزكاة بعد اخراج المؤونة.

رسالة استدلالية في وجوب زكاة الغلات بعد اخراج المؤونة والخراج.

٢٧ ـ رسالة في صلاة الجمعة.

رسالة استدلالية في حرمة صلاة الجمعة وعدم وجوبها عينا في زمن الغيبة ، والرد على رسالة الشهاب الثاقب للمحقق الكاشاني ، مع عناوين قال اقول.

اقول : طبعت هذه الرسائل من رقم ـ ٩ ـ الى هنا في المجموعة الاولى من الرسائل الفقهية.

٢٨ ـ رسالة في شرح حديث ما من احد يدخله عمله الجنة وينجيه من النار.

٢٩ ـ رسالة في شرح حديث لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لقتله.

٣٠ ـ رسالة في شرح حديث اعلمكم بنفسه اعلمكم بربه.

٢٢

٣١ ـ رسالة في شرح حديث لا يموت لمؤمن ثلاثة من الاولاد فتمسه النار الا تحلة القسم.

٣٢ ـ رسالة في شرح حديث انهم يأنسون بكم فاذا غبتم عنهم استوحشوا.

٣٣ ـ رسالة في شرح حديث النظر الى وجه العالم عبادة.

٣٤ ـ رسالة في تفسير آية « فاخلع نعليك انك بالواد المقدس ».

٣٥ ـ رسالة في تعيين ليلة القدر.

رسالة لطيفة في تعيين ليلة القدر مع اختلاف الافق في انحاء العالم شرقها وغربها ، ثم استدل على ان ليلة القدر التي تقدر فيها المقدرات مطابق للافق الذي يعيش فيه الامام ـ عليه السلام.

٣٦ ـ الحاشية على اجوبة المسائل المهنائية.

٣٧ ـ رسالة عدلية.

رسالة مبسوطة في معنى العدالة ، وما تحصل به العدالة ، وما تزول به العدالة ، والمناقشة في اقوال الفقهاء في ذلك ، في ثلاث ابواب ، وكل باب يشتمل على عدة فصول.

٣٨ ـ رسالة في نوم الملائكة.

رسالة لطيفة حول الرواية المروية في الاكمال عن الصادق ـ عليه السلام ـ انه سئل عن الملائكة اينامون؟ فقال : مامن حي الا وهو ينام الحديث.

٣٩ ـ هداية الفؤاد الى نبذ من احوال المعاد.

رسالة مبسوطة استدلالية في المسألة الخلافية بين المتكلمين والحكماء في ان ما سوى الله تعالى هل يفنى على عمومه مجرداته ومادياته حتى لا يبقى منه شيء ولا يدوم منه موجود ام يبقى منه باق ببقاء الله تعالى؟

اختار المؤلف الشق الثاني ، واستدل عليه بالآيات والروايات.

٤٠ ـ رسالة في بيان الشجرة الخبيثة.

٢٣

٤١ ـ رسالة في الجبر والتفويض.

شرح لطيف حول كلام الامام امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في نهج البلاغة « انا لا نملك مع الله شيئا ولا نملك الا ما ملكنا » تكلم في هذا الشرح حول الجبر والاختيار ، والقضاء والقدر ، وما يستفاد من الآيات والروايات وغيرهما.

٤٢ ـ رسالة في شرح حديث من احبنا اهل البيت فليعد للفقر جلبابا او تجفافا.

٤٣ ـ المسائل الخمس.

٤٤ ـ رسالة في تفسير قوله تعالى « وكان عرشه على الماء ».

٤٥ ـ رسالة في ذم سؤال غير الله.

وفيها ذكر مكاشفة وقعت للمؤلف قدس سره.

اقول : وطبعت هذه الرسائل الشريفة من رقم ـ ٢٨ ـ الى هنا في المجموعة الثانية من الرسائل الاعتقادية.

٤٦ ـ رسالة في احكام الطلاق.

رسالة استدلالية في الطلاق الرجعي وحقيقته ، وفيها بيان حقيقة الطلاق المزيل لعلاقة النكاح.

٤٧ ـ رسالة في شرح حديث لسان القاضي بين جمرتين من نار.

٤٨ ـ رسالة في ارث الزوجة.

رسالة استدلالية في بيان كيفية ميراث الزوجة من الزوج في مقدمة واربع فصول وخاتمة.

٤٩ ـ رسالة في الحبوة.

رسالة استدلالية في ست فصول في بيان احكام الحبوة وما يختص من الميراث بالولد الاكبر.

٥٠ ـ رسالة في حرمة تزويج المؤمنة بالمخالف.

٢٤

رسالة استدلالية في جواز التزويج وعدمه في ثلاث عشرة فصلاً.

٥١ ـ رسالة في استحباب كتابة الشهادتين على الكفن.

٥٢ ـ رسالة في حكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها.

٥٣ ـ رسالة في بيان عدد الاكفان.

٥٤ ـ رسالة في جواز التداوي بالخمر عند الضرورة.

رسالة استدلالية الفها للسيد مير محمد طاهر ، في اربع فصول.

٥٥ ـ رسالة في حكم الحدث الاصغر المتخلل في غسل الجنابة.

رسالة استدلالية في ثمان فصول في حكم الحدث الاصغر المتخلل اثناء الغسل ، وانه هل يبطل الغسل ام لا؟

٥٦ ـ المسائل الفقهية المتفرقة.

يبحث عن ثلاثين مسألة فقهية وغيرها ، وفيها مباحث هامة.

٥٧ ـ رسالة في استحباب رفع اليدين حالة الدعاء.

٥٨ ـ رسالة في بيان علامة البلوغ.

٥٩ ـ رسالة في من ادرك الامام في اثناء الصلاة.

٦٠ ـ الرسالة الهلالية.

رسالة إستدلالية مبسوطة في كيفية ثبوت الهلال.

٦١ ـ الرسالة الذهبية.

رسالة استدلالية في جواز لبس الذهب واللباس المذهب والصلاة فيه وعدمه.

٦٢ ـ الفصول الاربعة في من دخل عليه الوقت وهو مسافر فحضر وبالعكس والوقت باق.

٦٣ ـ رسالة في حكم من زنا بامرأة ثم تزوج بابنتها.

رسالة استدلالية في المسألة المذكورة ، رد فيها على المحقق السبزواري قدس سره حيث اجاز ذلك على كراهية.

٢٥

٦٤ ـ رسالة في شرائط المفتي.

مناظرة ومناقشة مع احد اساتذته فيما يشترط في المفتي والافتاء.

٦٥ ـ رسالة في منجزات المريض.

رسالة استدلالية في منجزات المريض اذا كانت تبرعا ومات في ذلك المرض.

أقول : وطبعت هذه الرسائل الشريفة من رقم ـ ٤٦ ـ الى هنا في المجموعة الثانية من الرسائل الفقهية.

٦٦ ـ الاربعون حديثا. تحت الطبع.

٦٧ ـ الدرر الملتقطة في تفسير الآيات القرآنية ، سيأتي الكلام حوله.

٦٨ ـ رسالهء اصول الدين ـ مبسوط.

٦٩ ـ رسالهء اصول الدين ، كليات.

٧٠ ـ رسالهء بيان اجل محتوم وغير محتوم.

٧١ ـ رسالهء تحقيق در حديث سهو النبي ورد صوفيان.

٧٢ ـ رسالهء تحقيق در بارهء كوه قاف.

٧٣ ـ ترجمة المناظرة ، وهي ترجمة مناظرة المأمون مع جمع من العلماء في مسألة الخلافة.

٧٤ ـ رسالهء رضاعيه.

٧٥ ـ رسالهء اخبار واحوال ابو هذيل علاف.

٧٦ ـ رسالهء نوروزيه.

٧٧ ـ اجوبه مسائل ميرزا محمد حفيظ.

٧٨ ـ رسالهء جواب از بعض مسائل ضروريه.

اقول : وهذه الرسائل من رقم ـ ٦٨ ـ الى هنا كلها باللغة الفارسية قد تم استنساخها وتحقيقها ، وسيطبع عن قريب انشاء الله تعالى تحت عنوان مجموعة الرسائل الفارسية.

٢٦

٧٩ ـ الفوائد الرجالية. من اعظم ما الف في هذا الباب ، والتي تقر العين برؤيته.

٨٠ ـ التعليقة على مشرق الشمسين.

٨١ ـ جامع الشتات. كتاب لطيف مشتمل على فوائد متفرقة ، واكثرها شرح للاحاديث المنتخبة في المواضيع المختلفة.

٨٢ ـ التعليقة على مفتاح الفلاح للشيخ البهائي.

٨٣ ـ مفتاح الفلاح ومصباح النجاح في شرح دعاء الصباح.

أقول : هذه الكتب الخمسة الأخيرة قد تم استنساخها وتصحيحها وتحقيقها ، وهي مستعدة للطبع ، وأسأل الله تبارك وتعالى ان يسهل لي طبعها ونشرها.

هذا ما عثرت عليه من آثاره القيمة ، وهناك عدة آثار أُخر للمؤلف قدس سره لم اعثر الى الان عليها. والملتمس من المكاتب العامة والخاصة ان يمنوا علينا بارسال ما عندهم من الكتب والرسائل للمؤلف غير ما عرف وذكر هنا.

ولادته ووفاته

لم اعثر الى الان على تاريخ ولادته ، ولم يتعرض لذلك ارباب المعاجم والتراجم.

وأما وفاته ، فالصحيح انه توفي في حادي عشر من شهر شعبان سنة (١١٧٣) هـ ق.

والذي ظهر لي من عمره الشريف انه قدس سره ناهز حوالي الثمانين سنة ، وذلك انه ادرك الفتنة الهائلة ، وكان ابتداؤها من سنة (١١٣٣) هـ ق ، وانتقل المؤلف عند ذاك الى محلة خواجو مع اهله واولاده ، والف في حين الفتنة عدة كتب ورسائل ، منها كتابه « الاربعون حديثاً » المحتوية على التحقيقات والتدقيقات اللطيفة ، واشار في اخر الكتاب الى بعض الوقائع الحادثة في عصره. وكان يعد مع ذلك من العلماء والفحول ، فمن كان في تلك الرتبة والمرتبة ، فلا

٢٧

اقل من ان يكون عمره الشريف في حوالي الاربعين سنة ، ومن ابتداء الفتنة الى وفاته ايضا اربعون سنة ، فيبلغ المجموع الى حوالي الثمانين سنة ، والله اعلم بحقائق الامور.

ومزاره في اصفهان في المزار المعروف بـ « تخت فولاد » في بقعة لسان الارض المشحونة بالعلماء والصلحاء والاولياء ، وقبره الشريف بين قبر الفاضل الهندي والشيخ العارف على اكبر الاژه اي ، وهو اقرب الى الاخير.

حول الكتاب

هذا الكتاب الذي بين يديك كما يظهر من عنوانه ، تفسير لبعض الآيات الشريفة ، التقطتها حين استنساخي وتحقيقي لاثار المحقق العلامة الخواجوئي قدس سره ، المشار اليها في فصل تآليفه القيمة.

واكثر فوائده التفسيرية مشحونة بالتحقيقات الانيقة والمطالب الجلية ، ربما عز وجودها في غير هذا الكتاب ، وكان هذا هو السبب لجمع فوائده التفسيرية ، ليستفيد منها اهل النظر والتفسير والطالبين لمعارف القرآن الكريم.

وهذه الفوائد التفسيرية نص الفاظ عبارات المؤلف المستخرجة من آثاره الممتعة من دون دخل وتصرف في المنقولة منها.

ثم بعد الاستخراج والالتقاط رتبت الآيات الشريفة حسب ترتيب الكتاب العزيز ، ليسهل للمراجعين الوصول الى الآية الشريفة التي يريدون تفسيرها.

والمؤلف قدس سره ـ كما اشار اليه المحقق القزويني في كتابه في الاطراء عليه ـ كان من المفسرين المضطلعين في تفسير القرآن الكريم ، وله رسائل وكتب في علوم القرآن ومعارفها ، منها : ما هو المطبوع في آثاره ، ومنها : لم يطبع بعد ، كتعليقته على الآيات الاحكامية للمحقق الاردبيلي قدس سره.

وبالختام : في هذا المجال اقدم ثنائي العاطر لنشر دار القرآن ، لاخراج هذا الكتاب بهذه الحلة القشيبة والطباعة الانيقة ، واسأل الله تبارك وتعالى ان

٢٨

يوفقهم ويسددهم لنشر اثار سلفنا الصالح ، والله خير ناصر ومعين.

والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله ، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل ، والسلام على من اتبع الهدى.

السيد مهدي الرجائي

١٠ / ربيع الثاني / ١٤١٢ هـ ق قم المشرفة

ص ب ٧٥٣ ـ ٣٧١٨٥

٢٩
٣٠

الدرر الملتقطة

في تفسير الآيات القرآنية

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد حمد من صيرنا من امة نبيه ، وشيعة عليه ، واحبة ذرية وليه ، الذين جعل مودتهم اجر الرسالة ، ومحبتهم في الثواب بمثابة الشهادة ، صلى الله عليهم وعلى من انتسب بالمودة اليهم.

فهذه فوائد وملتقطات تفسيرية ، التقطها من مجموعة ما وصل الينا من اثار المحقق المدقق العلامة المتتبع الشيخ محمد اسماعيل بن الحسين بن محمد رضا المازندراني الاصفهاني الخواجوئي قدس الله سره.

وترى في هذه الفوائد التفسيرية : مباحث لغوية ، وفقهية ، وكلامية ، وحكمية ، وحديثية ، وتفسير الآيات الاحكامية ، والتعرض لتفسير الآيات الواردة في اهل البيت ـ عليهم السلام. وفيها مناقشة لاراء بعض المفسرين ، كالزمخشري والبيضاوي وغيرهما.

وقبل الخوض في المقصود نقدم خمس فوائد هامة في شأن القرآن الكريم ، وهي كلها للمؤلف قدس سره ، واليك نص عباراته والفاظه الى نهاية الكتاب :

٣١

١ ـ فائدة

[ القرآن افضل من كل شيء دون الله تعالى ]

قد بلغ القرآن في عظم شأنه ورفعة مكانه الى ان ورد انه افضل من كل شيء دون الله.

قال في جامع الاخبار في الفصل التاسع والعشرون في فضيلة القرآن وقراءته ، قال ـ عليه السلام : القرآن افضل من كل شيء دون الله عز وجل ، فمن وقر القرآن فقد وقر الله ، ومن لم يوقر القرآن ، فقد استخف بحرمة الله ، وحرمة الله على القرآن كحرمة الوالد على ولده (١).

اقول : والله يعلم ، لعل المراد بتوقيره اعتقاد انه افضل كل شيء دون الله ، او العمل بما فيه من الاحكام ، والتصديق بحقية ما يشتمل عليه من الاخبار.

او احترامه بترك خلاف الادب بالنسبة اليه ، والى ما يتعلق به من الجلد والغلاف.

او تعظيمه بالقيام له عند حضوره ، وترك القارىء توقير غيره بانحناء وشبهه ، داخلا او خارجا ، ظاهرا او ناظرا.

وأما اذا كان الداخل او الخارج حاملا للقرآن ، فان كان الغرض الاصلي توقيره ، فالظاهر عدم الحرمة.

٢ ـ فائدة

[ تجلى الله لعباده في كلامه ]

قال الصادق ـ عليه السلام : لقد تجلى الله لعباده في كلامه ، ولكن لا يبصرون (٢).

____________

(١) جامع الاخبار : ٤٠.

(٢) بحار الانوار : ٩٢ / ١٠٧.

٣٢

اقول : معناه انه سبحانه لقنهم في كتابه العزيز ادلة وجوده ووحدته وذاته وصفاته ووعدهم واوعدهم ، وبشرهم وانذرهم بما ينبغي ان يبشر وينذر.

وامرهم بالطاعات ، ونهاهم عن السيئات ، ودلهم على الحسنات ، وارشدهم الى طريق النجاة ، وحذرهم عما يؤدي الى الهلكات.

وبالجملة هداهم النجدين ، طريقي الشرور والخيرات ، فكأنه بذلك تجلى لهم في كلامه. ولكنهم لعدم تدبرهم فيه وتفكرهم لا يبصرون ، كما قال « افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها » (١).

يدل على ذلك كلام سيدنا امير المؤمنين سلام الله عليه في بعض خطبه : الحمد لله الذي بعث محمداً بقرآن قد بينه ، واحكمه ، ليعلم العباد ربهم بعد ان جهلوه ، وليقروا به بعد ان جحدوه ، وليثبتوه بعد ان انكروه ، فتجلى سبحانه لهم في كتابه ، من غير ان يكونوا رأوه بما اراهم من قدرته ، وخوفهم من سطوته (٢).

٣ ـ فائدة

[ القرآن ذلول ذو وجوه ]

قال ـ عليه السلام : القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوه على احسن الوجوه (٣).

اقول : في نهاية ابن الاثير : الذلول من الذل بالكسر ضد الصعب (٤).

وفي مجمع البيان في فصل اللغة في كريمة « جعل لكم الارض ذلولاً » (٥) :

____________

(١) محمد : ٢٤.

(٢) نهج البلاغة : ٢٠٤ ط ١٤٧.

(٣) عوالي اللالي : ٤ / ١٠٤ ، برقم : ١٥٣.

(٤) نهاية ابن الاثير : ٢ / ١٦٦.

(٥) الملك : ١٥.

٣٣

الذلول من المراكب ما لا صعوبة فيه (١).

فالظاهر في وجه الشبه ان يقال : كما ان الذلول من المراكب ينقاد لراكبه ويطيعه حيث يشاء ، والى اي وجه يريد انعطافه.

كذلك القرآن لما كان ذا وجوه كثيرة ، كما يشعر به الاتيان بصيغة جمع الكثرة يمكنهم حمله على اي وجه ارادوا واي مذهب شأوا.

ولذلك قال علي ـ عليه السلام ـ في وصيته لعبد الله بن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج : لاتخاصمهم بالقرآن ، فان القرآن حمال ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة ، فانهم لم يجدوا عنها محيصا ، كذا في نهج البلاغة (٢).

ومن هنا ترى الامة بعد نبيهم ـ صلى الله عليه وآله ـ قد كثر اختلافهم في المذاهب والاعتقادات ، وكلهم يحتجوا بآي منه ، وقلت آية لم يذكروا فيها وجوها عديدة ومحامل سنية ، ولم ينقلوا فيها اقوالا ومذاهب ، كما يشهد به تتبع التفاسير والسير ، وخاصة التفسير الكبير (٣) للامام الطبرسي رحمه الله.

لكن الواجب على ما دل عليه ظاهر الخبر ، ويؤيده قوله تعالى « فبشر عبادي الذي يستعمون القول فيتبعون احسنه » (٤) حمله على احسن الوجوه ، وهو ما كان ظاهرا قريبا متبادرا محفوفا بشواهد شرعية ، مقرونا بقواعد عربية ، مطابقا للامر نفسه ، موافقا لميزان العقل وقانونه من غير كلفة وسماجة.

ولذا كان مدار الاستدلال بالآيات والروايات من السلف الى الخلف على

____________

(١) مجمع البيان : ٥ / ٣٢٥.

(٢) نهج البلاغة : ٤٦٥ ، برقم : ٧٧.

(٣) وهو تفسير مجمع البيان ، والتفسير الصغير هو جوامع الجامع له.

(٤) الزمر : ١٨.

٣٤

الظاهر المتبادر ، لا ان يفسره بمجرد رأيه وميله واستحسان عقله من غير دليل ولا شاهد غير معتبر عقلا او نقلا.

كما يوجد في كلام المبتدعين ، فانهم يأولونه على وفق آرائهم ، ليحتجوا به على اغراضهم الفاسدة واديانهم الكاسدة. ولولا ذلك الرأي لم يكن لهم من القرآن ذلك المعنى.

وهذا يكون مع العلم تارة ، كالذي يحتج بآية على تصحيح بدعته ، وهو يعلم انه ليس المراد بها ذلك ، ولكن يلبس به على خصمه ، ومع الجهل اخرى.

ولكن اذا كانت الآية محتملة ، فيميل فهمه الى الوجه الذي يوافق غرضه ، ولولا رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه.

وتارة يكون له غرض صحيح ، فيطلب له دليلا من القرآن ، ويستدل عليه بما يعلم انه غير مراد ، ولكن يقول به لتغرير الناس ودعوتهم على مذهب الباطل ، فينزل القرآن على رأيه ومذهبه على امر يعلم قطعا انه ما اريد به ذلك.

وذلك كما روى الصدوق في معاني الاخبار عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال : من اتبع هواه واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه (١).

فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني ، لانظر مقداره ومحله ، فرأيته قد احدق به خلق كثير من غثاء العامة ، فوقفت منتبذا عنهم ، متغشيا بلثام ، انظر اليه واليهم ، فما زال يراوغهم (٢) حتى خالف طريقهم وفارقهم ولم يقر ، فتفرقت العوام عنه لحوائجهم.

وتبعته اقتفي اثره ، فلم يلبث ان مر بخباز ، فتغفله فأخذ من دكانه رغيفين

____________

(١) في المصدر : وتسفه.

(٢) يراوغهم يخالفهم ، ويميل عن طريقتهم ، راغ الرجل روغا وروغانا مال وحاد عن الشيء « منه ».

٣٥

مسارقة ، فتعجبت منه ، ثم قلت في نفسي : لعله معاملة.

ثم مر بعده بصاحب رمان ، فما زال به حتى تغفله ، فأخذ من عنده رمانتين مسارقة ، فتعجبت منه ، ثم قلت في نفسي : لعله معاملة ، ثم اقول : وما حاجته اذا الى المسارقة.

ثم لم ازل اتبعه حتى مر بمريض ، فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى ، وتبعته حتى استقر في بقعة من الصحراء.

فقلت له : يا عبد الله لقد سمعت بك واحببت لقاءك ، فلقيتك ولكني رأيت منك ما شغل قلبي ، واني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي.

قال : ما هو؟ قلت : رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين ، ثم بصاحب الرمان وسرقت منه رمانيتين.

قال فقال لي : قبل كل شيء حدثني من انت؟ قلت : رجل من ولد آدم ـ عليه السلام ـ من امة محمد ـ صلى الله عليه وآله.

قال : حدثني من انت؟

قلت : رجل من أهل بيت رسولا الله ـ صلى الله عليه وآله.

قال : اين بلدك؟

قلت : المدينة.

قال : لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم.

قلت : بلى.

فقال لي : فما ينفعك شرف اصلك مع جهلك بما شرفت به ، وتركك علم جدك وابيك ، لئلا تنكر ما يجب ان يحمد ويمدح عليه فاعله؟

قلت : وما هو؟

قال : القرآن كتاب الله.

قلت : وما الذي جهلت منه؟

٣٦

قال : قول الله عز وجل « من جاء بالحسنة فله عشر امثالها وما جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها » (١) واني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين ، فهذا اربع سيئات ، فلما تصدقت بكل واحد منهما كان لي بها اربعين حسنة ، فانتقص من اربعين حسنة اربع بأربع سيئات ، بقي لي ست وثلاثون حسنة.

قلت : ثكلتك امك ، انت الجاهل بكتاب الله ، اما سمعت انه عز وجل يقول : « انما يتقبل الله من المتقين » (٢).

انك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين ، ولما سرقت رمانتين كانت ايضا سيئتين ، ولما دفعتهما الى غير صاحبيهما بغير امر صاحبيهما ، كنت انما اضفت اربع سيئات الى اربع سيئات ، ولم تضف اربعين حسنة الى اربع سيئات ، فجعل يلاحظني فانصرفت وتركته.

قال الصادق ـ عليه السلام : بمثل هذا التأويل القبيح المستكره يَضلون ويُضلون.

وهذا نحو تأويل معاوية لما قتل عمار بن ياسر رحمه الله ، فارتعدت فرائص خلق كثير ، وقالوا : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : عمار تقتله الفئة الباغية.

فدخل عمرو على معاوية وقال : يا أمير المؤمنين قد هاج الناس واضطربوا. قال : لماذا؟ قال : قتل عمار. فقال معاوية : قتل عمار فماذا؟ قال : اليس قد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : عمار تقتله الفئة الباغية؟ فقال له معاوية : دحضت في قولك ، انحن قتلناه؟ انما قتله علي بن ابي طالب لما القاه بين رماحنا.

____________

(١) الانعام : ١٦٢.

(٢) المائدة : ٣١.

٣٧

فاتصل ذلك بعلي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ فقال : اذاً رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ هو الذي قتل حمزة لما القاه بين رماح المشركين.

ثم قال الصادق ـ عليه السلام : طوبى للذين هم كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين (١).

وفي هذا الخبر احكام ، اذا تأملها عارف يعرفها.

وفي الخبر الاول دلالة ظاهرة على بطلان قول من لا يجوز تفسير شيء من ظاهر القرآن الا بخبر وسمع « افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها » (٢).

ونحن قد فصلنا القول فيه في تعليقاتنا على الآيات الاحكامية للفاضل المولى احمد الاردبيلي قدس سره ، فمن اراد الاطلاع عليه فليراجع اليه ، والى الله المرجع والمآب ، وهو يهدي من يشاء الى الصراط السوي والطريق الصواب.

٤ ـ فائدة

[ عدم تطرق التحريف الى القرآن ]

عن ابي عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين ، وتحريف الغالين ، وانتحال الجاهلين ، كما ينفي الكير خبث الحديد (٣).

اقول : فيه دلالة على ان الصحابة والصحابيات والتابعين لهم واللاحقين بهم ، وهكذا في كل قرن من القرون ، كانت طائفة منهم عدول بالغون حد التواتر ، ينفون عن القرآن تحريف المحرفين على وجه لا يشوبه شائبة تغيير ولا

____________

(١) معاني الاخبار : ٣٣ ـ ٣٥.

(٢) محمد : ٢٤.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ١ / ١٠ ـ ١١.

٣٨

تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، بوجه من الوجوه ، وبطريق من الطرق ، كما يصرح به التشبيه المذكور.

ويدل عليه ايضا ما في خبر آخر : يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين (١).

وحمل العدول على الائمة ـ عليهم السلام ـ يدفعه « في كل قرن » لانه لا يكون فيه الا واحد منهم ، وهو عدل لا عدول. والدين يشمل القرآن ، بل هو مبنى اصول الديانات وفروعها ، ومنه يستنبط مسموعها ومعقولها.

ويدل عليه ايضا قوله تعالى : انزلت عليك كتاباً لا يغرقه الماء ولا تحرقه النار.

اذ ليس المراد به ظاهره ، فانا نرى عياناً ان القرآن يغرقه الماء وتحرقه النار.

روي عن الصادق ـ عليه السلام ـ انه قال : وقع مصحف في البحر ، فوجدوه وقد ذهب ما فيه ، الا هذه الآية « الا الى الله تصير الامور (٢) » (٣).

بل المراد به ان شياطين الانس والجن اللذين هما كالنار في ازالة احكام الله وآياته ، لا يقدرون على تحريفه حروفا ، وان كانوا يحرفونه حدوداً.

كما دل عليه ما في روضة الكافي في رسالة ابي جعفر ـ عليه السلام ـ الى سعد الخير : وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه وحرفوا حدوده (٤).

او المراد انه كلوء عن التغيير ، محفوظ عن الزوال ، على وجه لو فرض القاؤه على الماء والنار لا يؤثران فيه ، لحفظه تعالى اياه ، كما اخبر عنه بقوله

____________

(١) اصول الكافي : ١ / ٣٢ ح ٢.

(٢) الشورى : ٥٣.

(٣) اصول الكافي : ٢ / ٦٣٢ ح ١٨.

(٤) روضة الكافي : ٨ / ٥٣.

٣٩

تعالى : « نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون » (١). فيكون كناية عن صونه من جميع انحاء شوائب التغيير والزوال.

او انه لما كان محفوظا في الصدور ، يتلوه اكثر الامة ظاهرا ، كما قال الله تعالى : « بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم » (٢) ولذا جاء في صفة هذه الامة : صدورهم اناجيلهم.

بخلاف سائر الكتب السماوية ، فانها ما كانت تقرأ الا من المصاحف ، كما ذكره صاحب الكشاف (٣) ، لا يقدر احد على تحريفه وتغييره ، فكأنه تعالى لما جعله محفوظا في الصدور ، جعله على وجه لا يغرقه الماء ولا تحرقه النار.

وفي نهاية ابن الاثير : فيه انه قال فيما حكى عن ربه : وانزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان ، اراد انه لا يمحى ابدا بل هو محفوظ في صدور الذين اوتوا العلم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكانت الكتب المنزلة لا تجمع حفظا ، وانما يعتمد في حفظها على الصحف ، بخلاف القرآن ، فان حفاظه اضعاف مضاعفة لصحفه. وقوله « تقرؤه نائماً ويقظان » اي : تجمعه في حالة النوم واليقظة. وقيل : اراد تقرؤه في يسر وسهولة (٤) انتهى.

وفي حديث عقبة بن عامر : لو كان القرآن في اهاب ما اكلته النار (٥).

قال ابو عبيد : اراد بالاهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعي القرآن فيكون المعنى من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الاخرة ، فجعل جسم حافظ

____________

(١) الحجر : ٩.

(٢) العنكبوت : ٤٩.

(٣) الكشاف : ٣ / ٢٠٩.

(٤) نهاية ابن الاثير : ٣ / ٣٦٧.

(٥) كنز العمال : ١ / ٥١٧ ، برقم : ٢٣١٢.

٤٠