طلوع سعد السّعود - ج ٢

الآغا بن عودة المزاري

طلوع سعد السّعود - ج ٢

المؤلف:

الآغا بن عودة المزاري


المحقق: الدكتور يحيى بوعزيز
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٤
الجزء ١ الجزء ٢

البناعدية

وأمّا البناعدية فجدّهم يقال له بن عودة بن خدّة ، النافع لهم في الرخاء والشدة ، وهو من ذرية الشيخ الممدود ، وهو من ذرية الشيخ السنوسي الموصوف بالشجاعة والجود ، وأصلهم من أجواد واد الحمام ، من أجواد الحشم بغاية الانتظام ، وكانت لهم الرئاسة على الحشم بالتحقيق ، فتولى الرياسة جدهم الشيخ السنوسي في القول الحقيق ، ثم تولى الرئاسة حفيده الممدود ، فطالت صولته وفاز بالكرم والجود ، وكان جدهم بن عودة بخدة شاوشا على آغة قدور الكبير بن إسماعيل البحثاوي ، فتزوّج آغة ابنته وصيّره خليفة عليه فيما للراوي ، ثم صار خليفة على البحثاوي آغة عثمان بغير انتقاد ، ثم ارتقى آغة المخزن إلى أن مات بواقعة انقاد ، وخلّف ابنه بن عودة وهو خلّف ابنه عبد القادر ولم يعقب / في القول الظاهر ، وهذا وصف شجرتهم ، بحسب شهرتهم :

٣٢١

الدوايدية أو الدواودية

وأمّا الدوايدية فأصلهم من هبرة ، وكان أبوهم بن داوود ابن الحاج المختار بن محمد بن يحيى بن العربي بن تجين بن قدور بن جعفر بن محمد بن أحمد بن الحسين بن مالك بن أحمد بن محمد بن داوود بن هبرة ، وكيلا على آغة عثمان بن إسماعيل البحثاوي بهبرة ، فأنقله (كذا) إلى ملاتة بعرش الدواير ، واستقر به إلى أن مات آغة عثمان وتولى آغة قدور الصغير بن إسماعيل البحثاوي في القول الظاهر ، فصار عنده شاوشا ، ولأموره ذابّا وحائشا ، فلا زال على تلك الحالة إلى أن أرسل جيشه آغة وهذا الشاوش مع الجيش لواقعة الحشم ، في وقت الباي أبي كابوس فمات بوادي الحمّام قتله به الحشم ، وخلّف ولدين ، وهما عبد القادر ، والسيد محمد بغير مين.

فعبد القادر كان سفيرا بين آغة عدة ولد عثمان البحثاوي ، وابن السلطان افرانسا لمّا كان مقيما بالجزائر كما للراوي ، ثم صار آغة بسعيدة وغيرها بالتحقيق ، وله علامة الافتخار الوردية في القول الحقيق ، وكان موصوفا بالرأي والتدبير ، والكياسة الدالة على الغوص للخبير ، ولمّا مات خلّف ابنه بن عبد الله فكان قائدا على أهل الوادي بنواحي تلمسان ، وله علامة الافتخار الفضية بغاية البيان.

والسيد محمد كان أوّلا كاتبا عند آغة السيد الحاج محمد المزاري ، ثم صار كاتبا عند عمّه رايس (كذا) الأغاوات السيد مصطفى بن إسماعيل البحثاوي في القول الحاري ، ثم ارتقى كاتبا بمحكمة الدولة لدى حاكم البير (كذا) بوهران ، ثم صار آغة الدواير بغاية البيان ، وهو موصوف بالمعرفة والتحديس ، حامل للكتاب العزيز بغاية التدريس ، ونال علامة الافتخار / التطويقية والحمالة الكروشية ، من الدولة القولية والتونسية ، وله ولدان أحدهما الحبيب ، كان قايدا على الدواير وله علامة الافتخار المسمة (كذا) بالمداي (١٢) في القول المثيب ، والآخر محمد قد قرأ بالمدرسة الكبرى بافرانسا إلى أن تعلم بها اللغة الفرانسوية قراءة وكتابة وتكلما بها بغاية التعليم ، ومنها خرج للخدمة الخصوصية كبيرا

__________________

(١٢) يقصد : وسام من الكلمة الفرنسية : Me ? daille.

٣٢٢

فحضر لوقائع لطونكة (١٣) والطليان وغيرهما وفاز بالتعليم ، ثم حضر لوقائع عمالة وهران كلها من سنة تسعة وخمسين وثمانمائة وألف ، الموافقة لعام ست وسبعين ومائتين وألف ، إلى عام التاريخ بالبيان ، وصار في الارتقاء إلى أن نال منصب كلونيل (١٤) كبير على الاصبايحية ونال علامة الافتخار التطويقية بغاية البيان ثم سأل التقاعد فأجيب للمراد ، وهو في غاية التوقير المتم للمراد.

وهذه صفة شجرتهم المقررة المحققة المحرّرة :

__________________

(١٣) يقصد : الطونكان ، بالهند الصينية.

(١٤) يقصد : عقيد من الكلمة الفرنسية : Colonel.

٣٢٣

تنبيه وجيه : ومن جملة الدواير مخزن وهران أولاد محمد بالضيف وهما مصطفى والحاج ولم يتوليا الخدمة والرياسة بوهران وإنما تولياها بمستغانيم ، فمصطفى كان قايدا على / الوكلة ثم صار خليفة على حاكم الدايرة بمستغانيم ، ثم صار آغة على فليتة ونال علامة الافتخار الفضية ، وخلّف ابنه عبد القادر ليس من أهل الأفعال المرضية ، والحاج تولى أوّلا خليفة على حاكم دايرة مستغانيم ، ثم صار آغة على عرش مجاهر فنال غاية التغانيم ، ونال علامة الافتخار الفضية ، وصار من جملة أعضاء مجلس وهران الكبير الذي لا يسمّى فيه إلا أهل الأفعال المرضية ، وهذه صفة شجرتهم ، بحسب الظاهر من أهل شهرتهم :

٣٢٤

البرجية

وأمّا البرجية ، فإنهم ليسوا بملتقطين وإنما هم عمومية في القولة المرجية ، ومنهم قايد العرش بالتحقيق ، ويندرج تحت رئاستهم في دولة الأتراك سجرارة وخلافة والحوارث وجلّ صدامة في القول الحقيق ، وكانت الرئاسة مأصّلة (كذا) فيهم في النقايبية والبلاغة ، وأكثرها في النقايبية في الرواية البلاغة.

النقايبية

فأمّا النقايبية فجاء جدهم من خلافة وهم أبناء عم الأمير ، يجتمعون معه في شجرة النسب في أحمد بن عبد القادر الشهير بابن خدة بن أحمد بن محمد بن عبد القوي الثالث بن علي بن أحمد بن عبد القوي الثاني بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشار بن محمد بن مسعود بن طاوس بن يعقوب بن عبد القوي الأول بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله (عنه) وابن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغاية التحرير ، لكون أحمد بن عبد القادر بن خدة المذكور ، خلّف ولدين في المسطور ، وهما عبد القادر ومحمد ، فعبد القادر خلّف ابنه المختار في القول المفرد ، والمختار خلّف عدة أولاد ، منهم محمد خلّف المصطفى وهو خلّف ولدين عليا أبا طالب ومحي الدين وهذا الثاني خلّف عدة أولاد منهم الحاج عبد القادر الأمير بغير انتقاد ، ومحمد خلّف / ابنه الأصفر وهو خلّف ولدين أحدهما بغداد ، وهو جد ستّار والحاج المخفي الذين (كذا) كانت لهما القيادة على الحيطية في دولة الأمير والدولة ، ونالا غاية الاحترام وأدركا معا للصولة ، وكان ستار أيضا خليفة على آغة الشاذلي في وقت الدولة ، وانقطعت ذريتهما بالكلية بغاية الحولة والآخر محمدا أبا نقاب ، ومنه تفرّع النقايبية بغاية انتخاب ، قال وجدهم الأصلي وهو عبد القوي الثالث المعروف بالنصبى ، وهو مدفون بمدشر تفرسيت من بلاد الريف في القول المجتبي ، ولما مات خلف عدة أولاد منهم عيسى ومحمد بغاية المراد ، فانتقلا من المغرب الأقصا (كذا) إلى المغرب الأوسط ونزلا منه في المسطور ، بقبة سيدي أبي زيد بجبل العمور ، إلى أن ماتا ودفنا هناك ، وقبراهما مشهوران للاستبراك.

٣٢٥

فعيسى بن عبد القوي خلّف ابنه المهدي فانتقل لتيارت وسكن بها في القول المفيد ، وكانت له الرئاسة على سائر سويد ، وخلّف ابنه اعمر فحاز رئاسة قومه بعد موت أخيه يوسف الذي اقطعه يغمراسن الزياني البطحاء وسيرات ، واستخلفه في سفره على تلمسان وما والاها من المشرق بالإثبات ، وهو خلّف ابنه عثمان ، وتولى أمر الطاعنين من سويد بعد أبيه في البيان ، وهو خلّف ابنه يحيى وهو خلّف ابنه سعيدا وهو خلّف ابنه المسعود ، ويقال لذريته أولاد المسعود وهم بفم العقبة في الموجود ، وهو الذي فرّ من أبي الحسن المريني لما نزل بتاسالة وعقد للشيخ يعقوب بن وزمار بن عريف دونه على سويد ، فاجتمع ببني عامر بالقفر وجنحوا للزياني وصاروا شيعة له بالتسديد ، وأجلبوا الغارة على وزمار بإغراء ابنه صراشة وهو عبد الرحمان بإجهار ، وكانت بينهم وبينه المعركة الكبيرة التي مات فيها المسعود ، وخلّف عدة أولاد منهم عطية صاحب الكرم والجود ، وهو خلّف ابنه عبد الله وهو خلّف ابنه محمدا وهو خلّف ابنه بن عودة ، صاحب الخصال الكثيرة المحمودة ، وهو خلّف ابنه أحمد بحث ، الذي لا يعد المال في العطاء وإنما فيه يحث ، لقّب بذلك لشدة بحثه على أمر دينه ودنياه ، وبحثه على قاتل أخيه لأمه سعيد بن محرز وهو المهدي بن يعقوب من بني عامر إلى أن ألفاه بهيدور بغمرة كما مرّ الكلام على ذلك في الأمر الظاهر ، فهو جد البحايثية في المشهور ، وهو خلّف ابنه أحمد وهو خلّف ابنه البشير جد البحايثية المذكور.

ومحمد بن عبد القوي خلّف ابنه أحمد وهو خلفه ابنه عبد القادر ، فانتقل لخلافة وسكن بهم وهو في الحال المتظاهر وتزوج منهم بامرأة يقال لها الياقوت ، وخلّف معها ولدا يقال له أحمد وصار في الظهور بغاية النعوت ، وتزوج من أخواله بامرأة يقال لها النفيسة ، وكانت من الصالحات ذات الأحوال النفيسة وخلّف معها ولدين وهما / محمد وعبد القادر ، ولما كبرا انتقلا من خلافة للراشدية في القول الظاهر ، فسكن محمد بجبل المناور ، وسكن بوادي العبد أخوه عبد القادر ، وتزوج كل منهما بمحل سكناه ، وبلغ بذلك مراده وما يتمنّاه ، فخلّف محمد ابنه الأصفر جد النقايبية ، وخلّف عبد القادر ابنه المختار جد المخاترية ، ثم انتقل المختار للمعسكر فشنّعوا عليه ، وانتقل بعدها لكاشرو إلى

٣٢٦

أن قضى الله عليه ، وانتقل الأصفر إلى بلاد أولاد رياح ، وسكن إلى ولد (كذا) له ابنه محمد أبو نقاب جد النقايبية وصار في السرور والافتراح ، وكان الأصفر في غاية الشجاعة والفروسية وحوز الرئاسة ، وكان المختار في غاية التعبّد والمعرفة بالله كثير الكياسة.

قال وكان للأصفر مخالطة ومصاحبة مع أبي بكر الملّي رايس (كذا) سويد ، ثم انتقل لمدينة البرج وسكنها وعلت كلمته في القول السديد ، وسبب تكنية جدهم بأبي نقاب ، أنه كان متطبعا بجعل اللثام وهو النقاب ، فجاء ولي من الراشدية الواصلين يقال له سيدي أبو جناح لسوق البرج لبيع جلبه فنهب له وصار في غير انشراح ، فقيل له إذا أردت أن لا يضع لك شيء من جلبك فعليك بالرجل الجالس في الكدية الواضع النقاب على أنفه فإنه لا يعصى في القول ، وله على أهل البلد من محبتهم إياه شدة الصول ، فقصده وحكى له القضية بالالتزام فأمر فورا برد الجلب أو ثمنه فأخذ الوليّ الثمن من حينه بالتمام ، فدعا له بالخير بأن قال يا أبا نقاب ، جعل الله أنفك في النّقاب ، ورجلك في الرّكاب ، وخضّع لك الرّقاب ، وهوّن عليك الأمور الصّعاب ، إلى يوم البعث للحساب ، فقال له قبلت منك بغير ارتياب ، ثم قال له الوليّ : البرجية بك وبذريتك يعمرون ، وبغيركم يغمرون ، والرئاسة فيكم مؤبّدة ، والتولية باقية مسرمدة ، ما لم تظهر منكم مفسدة ، وتحصل منكم الإهانة للأولياء والأشراف والعلماء بنين وحفدة ، فإن ظهر ذلك منكم فإنه يحل بكم الانتقام ، ويبتليكم الله بدعاء الخاص والعام ، فاقبل وصيتي ، واحفظ دعوتي فإنها بنيّتي ، ومن ذلك الوقت سمّي بأبي نقاب تغليبا للكنية على الاسم ، ويقال لذريته النقايبية لمّا غلبت الكنية على الاسم.

قال ، ثم اصطحب أبو نقاب مع دموش جد العربي أبي معزة السويدي وكان مسكن دموش بوطا (كذا) سوق الحدّ من نواحي البرج الحميدي ، واشتغل هذان الرجلان بالقنص والصيد ، ولا لهما التفات لما بيد عمر ولا زيد ، وكانت لأبي نقاب طيور وسلاق في غاية الجودة والتعليم ، فطلب دموش أبا نقاب بعضها لنيل التعليم ، فشاور والده على ذلك فقال له اعطه ما أحب وسئله (كذا) يطلب من أبيه يعطيك بلاد سيرات الشرقية ، فشاور دموش أباه على طلب أبي نقاب

٣٢٧

فوافقه / على ذلك وأعطاه جهة الحسيان في القولة المروية ، كما أعطاه من خدامه رجلا بأهله يقال له يحيى (كذا) ، لخدمته وذريته يقال له بنوا يحيى ، فانتقل الأصفر لسيرات البرجية ومعه خديمه يحيي (كذا) ثم مات الأصفر وبقي ابناه أبو نقاب جد النقايبية وبغداد جد البغاديد ، فبقي النقايبية بالوطاء وبقي بالجبل البغاديد.

تنبيه : أصل البرجية من مدينة برجة أحد (كذا) مدن الأندلس في صحيح الأقوال ، وجاء أسلافهم منها في وقت السلطان الزياني أبو يحيى يغمراسن بن زيان أول ملوك بني زيان بالاستقلال ، وذلك في القرن السابع من الهجرة النبوية ، الموافق للقرن الثالث عشر من السنين المسيحية ، فسكنوا بمدينة السمّار من نواحي يلّل ثم انتقلوا لمدينة تافسرة من نواحي القلعة ، ثم انتقلوا لمدينة البرج فسكنوها وشيّدوا بها برجا ، فسميت المدينة به خرجا ، وكان الذي أتى من برجة وبنى البرج بقال له عياش ، وأولاده يقال له (كذا) العيايشة و

أولاد عياش ، واستخرج به عينا لشرب المدينة في غاية الحلاوة تسمى بعين عياش ، ويقال لها بالرطانة زنادي ومعناها عذبة الماء المهضمة للمعاش ، ومدينة البرج هي سدس هوّارة كما في الصبّاغ والحاوي ، وأرضها رملة توافق الغراسة لبرودتها فيما للراوي ، ولمّا جاء الأصفر واستقر بها ثم ذهب لسيرات ، ذهب معه بعضهم وبقي البعض بالبرج فيما للروات ، فصار نصفهم بالجبل ونصفهم بالوطاء للآن ، والبرجية مهمى قيل بهم فهم أهل سيرات والحيطية وأولاد رياح والتمازنية وجبوشة وأولاد سيدي أعمر وأولاد سيدي عبد الرحيم وحلوية والكرارمة والكرابشية بغاية البيان ، ونسبهم الآن للبرج لا لبرجة ، ومنهم القاضي بالمغرب بقوت (كذا) الدولة المرينية كثيرة الخرجة ، وهو العلامة أبو القاسم البرجي الذي جاء رسولا من عند المريني لأبي حمّو موسى الأوسط الزياني ، على شان الصلح بين الدولتين فأبّر ووافقه على ذلك السلطان الزياني ، قاله السيد محمد الصغير في كتابه : ظهور سعود الدراري ، في أخبار المرحومين قدور بالمخفي والحاج محمد المزاري. ولمّا مات أبو نقاب خلّف أربعة أولاد وهم دنون والغرمول والمختار والصحراوي بتحقيق المراد.

فدنّون تولّى من (كذا) ذرية مصطفى ولد سعيد ويعرف بولد حمروش في

٣٢٨

القول المفيد ، كبير الشواش عند الأمير ومات بواقعة زبوج مولاي إسماعيل ، وتولى بمنصبه أخوه قدور المعروف بأبي علام إلى أن مات في صحيح الأقاويل ، فتولى بمنصبه أخوه عبد الله إلى انقطاع دولة الأمير ، وتولى ابن أخيهم بن فريحة وهو مصطفى ، القيادة بالدولة بالفوز الكبير.

والغرمول تولى من ذريته محمد القيادة بدولة الأمير ، وتولى بمنصبه ابنه محمد في وقت الدولة بالتحرير ، كما تولى أخوه / مصطفى في محلّه منصبه بالدولة ، وأدرك للتوقير والصولة ، وتولى الحبيب ولد محمد بالغرمول القيادة بالدولة ، وافتخر بها على غيره بغاية الصولة.

والمختار كان قايدا بدولة الأتراك مشهورا بالشجاعة والنجدة ، والرأي السديد المزيل للإدراك ، وتولى بعده ابنه مصطفى القيادة بالدولة المذكورة ، وكان موصوفا بالكمال والكرم والشجاعة والنجدة والرماية والأخلاق الجميلة المشهورة ، ومن ذريته المتوليين الرئاسة ، أهل الكمال والعناية والسياسة ، قدور بالمخفي الشجاع ، الشهم الكبير المطاع ، تولّى أوّلا شاوش بني عرب بدولة الأتراك ، ثم ارتقى قايدا على البرجية بدولة الأمير فأزال للاشتراك ، ثم ارتقى آغة فليتة بوقت الدولة ، ثم آغة البرج ، برعيثة (كذا) الكثيرة وبلغ نهاية الصولة ، ونال علامة الافتخار التطويقية ، واتصف بالبسالة والكرم ودحض مسائل التوبيقية ، وجلس على موائد أعيان الدولة بهذه العدوة والعدوة الأخرى ، وأكل مع سلطان افرانسا على موائده وجلس معه الجلوس الذي نال به كأعيان المخزن المدركين لذلك الفوز والدّخر ، وتولى من بنيه الرئاسة الحاج محمد فكان أوّلا خليفة على أبيه ثم ارتقى قايدا على التمازنية وأولاد رياح ، ونال علامة الافتخار الفضية الدالة على الفوز والأرباح ، وتولى المخفي قيادة الحيطية إلى أن مات ، ونال الاحترام الجزيل فقطع به التبات ، وتولى محمد قيادة الحيطية فاتصف بالعقل إلى أن أحيا (كذا) به ما مات ، فلا زال للرئاسة كاسبا ، ولخيول الحكم راكبا ، ونال علامة الافتخار الفضية ، واتصف بالأحوال المرضية ، وتولى المجاهد الصغير قيادة أولاد عوف إلى أن سلم فيها رائما السلامة من كل خوف ، وكان المجاهد الأوسط صنو (كذا) آغة قدور بالمخفي خليفة على أخيه المذكور ، إلى أن مات ونال للسرور ، وكان آغة قدور له مصاحبة بالغة المودة خالية من المساوي ، مع رفيقه الشجاع

٣٢٩

المدبر آغة الأكبر الحاج محمد المزاري البحثاوي ، ولما مات هذا الشهم في يوم الأربعاء سابع عشرين رجب عام ثلاثة وثلاثمائة وألف ، الموافق لسابع إبريل سنة ست وثمانين وثمانمائة وألف ، بداره بالبرج ، شيّع نعشه خلق كثير ، وحضر لجنازته جمع غفير ، ما بين المسلمين والنصارى واليهود ، والنساء والصبيان والعبيد في المشهور ، فكان الثناء عليه جميلا ، والتفجع عليه جليلا ، وعمره تناهز التسعين سنة بالتحقيق ولمّا بلغ خبر موته الولي (كذا) العام بالجزائر عزّا (كذا) أولاده برسالة جليلة تدل على أنه عند الدولة في سواد العين بالتوفيق ، وأعلن بموته مع ذكر سيرته الجميلة في الورقة الخبرية التي تسمّى بالمبشر ، المستعملة على يد الدولة بالجزائر في صحيح الخبر ، ومن أراد استيفاء سيرته وسيرة رفيقه الحاج محمد المزاري فليطالع كتاب ظهور سعود الدراري في أخبار المرحومين قدور بالمخفي والحاج محمد المزاري ، للفقيه الشريف الأمجد الفاخر ، السيد محمد الصغير بن السيد محمد بن الجيلاني بن مصطفى بن عامر ، وممّن تولّى الرئاسة من ذرية المختار بن أبي نقاب المجاهد الكبير فإنه تولى قيادة البرجية ومن في سلكهم في دولة الأتراك ، وكان موصوفا بغاية الأخلاق المرضية الداعضة لجميع الأحراك ، وتولى بعده بمنصبه ابنه قدور زرواط ، فنال العزّ / والاحترام بدولة الأتراك وبلغ منصّة الامتياط ، فكان موصوفا بالشجاعة والرياسة والبسالة والفطانة والكرم والكياسة ، ثم تولّى ابنه الكعبري الصغير قيادة البرجية بوقت الدولة ، ونال علامة الافتخار الفضية وبلغ لغاية الصولة ، موصوفا بالعطاء والكرم ، والأدب والبسالة والشهم وتولّى بموضعه بعد موته ابنه أحمد قيادة البرجية ، واتّصف بالأحوال المرضية ، ومن أولاده محمد بن الكعبري كان في الاصبايحية وأدرك وظيف ليتنان (كذا) ، ثم سلّم فيه وجلس للأمن والأمان ، وكان محمد الأكحل خليفة على أخيه الكعبري المذكور ، واتصف بالبسالة في سائر الأمور ، ومن أولاد المجاهد الكبير الذين تولّوا الرئاسة ، الكعبري الكبير الذي كان من أهل الشجاعة والسياسة ، فإنه كان قايدا بدولة الأتراك على البرجية ومن في سلكهم ، إلى أن مات بواقعة عين السدرة ، رابع أبناء عمّه منهم مصطفى والد قدور بن المخفي في حال دور فلكهم ، ومن حفدة المختار الذين تولوا قيادة البرجية ، مصطفى ولد أحمد الذي هو قايد الآن بالقولة المرجية.

٣٣٠

والصحراوي كان قايدا بدولة الأتراك ، وأدرك معالي المعاني والرئاسة وأزال للاستدراك ، وكان موصوفا بالرئاسة وغامض الفهوم ، مشهور بالكرم والشجاعة ومجالسا لأهل الأدب والعلوم ، وتولّى من ذريته عدّة ، فبلغ النهاية وأزال كل شدة ، وتولّى منهم محمد بتّيخ ، فكان موصوفا بالمعارف لاكنه (كذا) شديد الإنافة كثير التوبيخ ، وتولّى منهم قدور بالصحراوي المعروف ببالسنينات ، فكان رايسا (كذا) مطاعا بدولة الأتراك شاعرا في الملحون مشهورا بالكرم والأدب وإزالة النائبات ، وتولّى منهم بن عامر قيادة البرجية فكان من أهل الكمال ، والأخلاق الجميلة في الأقوال والأفعال ، وتولّى القيادة منهم بدولة الأتراك والأمير والدولة الأديب الجليل قدور ولد محمد بتيخ فنال كل عز وأدرك كل صولة.

البلاغة أو البلغية

وأمّا البلاغة فنسبة لجدهم سيدي أعمر البلغي الزياني بن الناصر بن سعيد بن محمد بن أحمد بن أعمر البلغي بن جبارة بن أبي حمّو موسى بن يوسف الزياني بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد بن يندوكس بن طاع الله بن علي بن يمل بن يزوجر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فهم من بني زيان ، من الأدارسة في الصحيح وقيل من بني سليمان ، وعلى كل فهم من ذرية عبد الله الكامل ، وإنما الخلاف في كونهم أدارسة أو سليمانيون للتواصل ، والذي تولى الرئاسة منهم في دولة الأتراك محمد حتّور ، كان خليفة على المسارتية واحدا بعد واحد إلى أن قتله عصمان مع جملة المسارتية في القول المشهور ، وتولّى منهم البشير ولد أعمر بن تجلف جد الحاج قدور ولد الحاج سليمان لأمّه قيادة البرجية بدولة الأتراك والأمير ، وتولّى منهم أعمر ولد خليل قيادة البرجية بوقت الدولة إلى أن مات في القول الشهير ، وصار ولده محمد خليفة على المخالفة قياد الحيطية للآن ، وفوّضوا له الأمر في السر وغاية الإعلان.

٣٣١

الزمالة والغرابة

ومنها الزمالة والغرابة : فإنهم فريق صغير ، وهم أخوة لما بينهم من التناصر والقرابة وأمرهم ظاهر شهير.

فأمّا الزمالة فمنهم آغة القسمة وقايد العرش / ورئاستهم منحصرة في ثمانية بغاية القرش ، وهم المخاليف والقدادرة والقرايدية ويقال لهم المعايزية ، والورادردية والمخاترية والونازرة واليساسفة والشوايلية.

المخاليف

فأمّا المخاليف فنسبة لجدهم مخلوف وأصلهم من بني زروال ، وجاء جدهم للمخزن فنال العزّ وغاية الكمال ، وأوّل من تولّى منهم قدور بن مخلوف ، فكانت له رئاسة الزمالة في القول المعروف ، وقتله باي المعسكر بدولة الأتراك ، لمّا أكل الربطة المخزنية وعجز عن الأداء وحلّ في الإدراك ، وتولّى من ذريته الحاج المرسلي بن محي الدين فكان آغة الزمالة ومن في حكمهم بالتعيين ، ونال غاية الاحترام ، واشتهر عند الخاص والعام ، وتولى قيادة العرش بالترك حسن بن فريحة بن محي الدين ، وكان أبوه فريحة خليفة على أخيه الحاج المرسلي ولد محي الدين ، وتولّى منهم قيادة العرش بالأتراك أيضا عدة ولد محي الدين ومات بواقعة ماسرة في المقاتلة بين الباي المقلش ومجاهر في فتنة درقاوة بالتبيين ، فكان من أعيان المخزن قائدا مشهورا ، وفارسا شجاعا مذكورا ، وتولّى منهم قيادة العرش بالأتراك أيضا محمد ولد الحاج عدة بن مخلوف ، فكان في غاية الاحترام والموصوف ، وتولّى منهم قيادة العرش في وقت الترك ، محمد بن عبد الهادي فصار في غاية العز والحرك ، وتولّى منهم بالدولة الحاج الوزاع بن عبد الهادي فكان أوّلا آغة الزمالة ثم صار آغة الحجاحيط ثم آغة سعيدة ، ونال علامة الافتخار الفضية وصارت أحواله سعيدة ، وتولّى منهم بالدولة الحاج الشيخ ، فكان آغة الزمالة ونال علامة الافتخار الفضية وعرف بالفيخ ، وتولّى منهم قيادة العرش بالدولة السيد محمد بالصحراوي ، فكان أوّلا قايد الوكلة ثم صار قايد الزمالة فيما قال الراوي ، وكان منهم المختار ولد الحاج عدة قايد الضياف بتيارت ، ونال

٣٣٢

علامة الافتخار المسمى (كذا) بالمداي في القول الثابت ، وكان منهم أحمد الهلالي ليتنان (كذا) ونال المداي ثم علامة الافتخار الفضية وقضى للفايت.

القدادرة

وأمّا القدادرة فنسبة لجدهم قدور بن علي بن الحبوشي ، فهم أخوة العلايمية في القول المنقوشي ، وذلك أن الحبوشي وأولاده ثلاثة بالتحقيق ، وهم علي جد القدادرة والد قدور وأحمد أبو معزة جد المعايزية وهم القرايدية وأبو علام جد العلايمية في القول الوثيق ، ولا تلتفت لغير هذا التحقيق ، وأوّل من تولّى من القدادرة جدهم علي بن الحبوشي ثم من بعده ابنه قدور فكان آغة الزمالة وقطب رحاهم الذي عليه تدور ، ثم من بعده أولاد الخمسة وهم : الوهراني وعدة ، ومحمد ، وصافة ، وعلي المكنى أبو علام ، إلّا أن الثلاثة لكل منهم تولّى آغة ، وصافة وعليا توليا قيادة العرش بإلزام ، وقد مات محمد مع آغة قدور بن إسماعيل الصغير بالكرايش بواقعة بني مناد في المقاتلة التي بين الباي علي وبني مناد ، وتولّى منهم قيادة العرش قدور بن صافة ومحمد بن علي المعروف بولد خودة فأزالا كل ضيم وسودة ، وذلك بدولة الأتراك ، فنال كل منهما غاية العز والإدراك.

القرادية والمعايزية

وأمّا القرادية (كذا) ويقال لهم المعايزية فتسميتهم بالأوّل نسبة لجدهم أحمد أبي معزة بن الحبوشي والد قرادة / فهم أخوة القدادرة والعلايمية كما مرّ الكلام في القولة الملايمية ، وأول من تولّى منهم بدولة الأتراك آغة أحمد أبو معزة بالتحقيق ، ثم بعده ابنه قرادة في القول الوثيق ، ثم ابنه مصطفى بن قرادة وهؤلاء في دولة الأتراك ثم الحاج مخلوف ولد امعمّر بالدولة وله علامة الافتخار الفضية ذات الأعراك ، وتولّى منهم قيادة الزمالة عدة ولد مخلوف ، وتولّى منهم قيادة بني تيغرين أخوه الحاج محمد بن مخلوف ، وأصل القدادرة والمعايزية من بني مديان ، وسيأتي الكلام عليهم مستوفيا في العلايمية بغاية البيان.

٣٣٣

الوراردية

وأمّا الوراردية فنسبة لجدهم وارد ، وأصلهم بزعمهم من أولاد المسعود في الوارد ، وجاء جدهم موسى بن وارد لبلاد الغرابة لشيء ارتكبه بأولاد المسعود ، فسكن بعرش سيق وبانت شجاعته وعلت كلمته عند الأتراك في القول المعهود ، فتولّى مشيخة العرابة ، فهو أوّل من تولّى منهم الرئاسة بهذا المحل إلى أن قتله أبو علام بالحبوشي جد العلايمية بغير الاستغرابة ، فانتقل ابنه قدور للزمالة وبهم سكن ، وتولّى بدولة الأتراك قيادة وجدة فحل بها واطمأن ، وبنا (كذا) بها قبة بمقام الشيخ عبد القادر الجيلاني تعرف للآن بقبة بن وارد ، لكون وجدة كانت بعمالة الأتراك ، وندرومة بعمالة سلطان المغرب ثم وقعت المبادلة بالمدينتين بين الدولتين لينتظم الأمر في القول الوارد ، وتولّى حفيده قدور الصغير وهو عبد القادر آغة الزمالة فكان موصوفا بالمعرفة والحنانة مؤاخيا لآغة الحاج محمد المزاري البحثاوي في القول الصادر ، وتولّى ابنه الحاج جلول بن والد خليفة على آغة الحاج الشيخ ثم على آغة محمد بن المختار ، ثم تولّى قايدا على الزمالة ثم قايدا على البوازيد في القول المختار ، وتولّى أخوه قدور خليفة على قايد الزمالة ثم صار حارسا للضاحية ، ثم هو الآن خليفة المير (١٥) بتليلات في القولة الجالية.

المخاترية والزوابرية

وأمّا المخاترية ويقال لهم الزوابيرية ، أما تسميتهم بالأول فنسبة لجدهم القريب المختار وأمّا تسميتهم بالثاني فنسبة لجدهم البعيد الزبير ويقال لهم أيضا أولاد يحيى بالزبير في القولة الجارية ، وجاء جدهم من صبيح وسكن عرش الزمالة وبانت شجاعته وعلا أمره وسمعت كلمته في القولة التي بالمزالة ، فتولّى منهم قيادة العرش بدولة الترك يحيي بالزبير ثم ابنه المختار ، وتولّى منهم آغة الزمالة محمد بالمختار ، وكان أوّلا بدولة الترك مكاحليا (١٦) ثم صار خليفة آغة بن

__________________

(١٥) يقصد نائب شيخ البلدية من الكلمة الفرنسية : Le Maire.

(١٦) يقصد : راميا وحاملا للبندقية التي تدعى المكحلة.

٣٣٤

وارد بغاية الاشتهار ، ثم تولّى بالدولة آغة الزمالة ثم انتقل آغة لتيارت ثم صار آغة ببلعباس ثم رجع آغة بعرشه إلى أن مات في القول الثابت ، وأدرك الحرمة بغاية الوجدية ، ونال علامة الافتخار الوردية وتولّى ابنه يحيى قيادة أولاد سيدي دحوّ بالمعسكر بوقت الدولة ، ونال غاية الاحترام والصولة ، وتولّى أخوه بالقاسم بالمختار قياده الزمالة ، إلى أن مات في القولة الزمّالة.

الونازرة

وأمّا الونازرة ، فنسبة لجدهم ونزار وهم يقولون أنّ جدهم جاء من السوس من الساقية الحمرا (كذا) ويؤيده قول ابن خلدون لما ذكر البرابرة ذكر من جملتهم ونزار وذريته فهم على هذا برابرة مخلدون ، والذي في بهجة الناظر لأبي المكارم الشيخ المشرفي أنهم من أولاد عبد الله أحد بطون بني عامر ، وهو الذي عليه المعوّل للوارد والصادر / ونصّه :

ومن جملة جند النصارى الاسبانيين الذين بوهران من الأعراب بطن من أولاد عبد الله بن سقير بن عامر بن إبراهيم بن يعقوب بن معروف بن سعيد بن رباب بن حامد بن حجوش بن حجاز بن عبيد بن حميد بن عامر بن زغبة يقال لهم الونازرة نسبة لجدهم ونزار بن عبد الله بن سقير بن عامر الزغبي وهم فرقة ذات بأس شديد ، وحقد عديد ، فيهم نحو الستة دواوير عظام ، وأصل مسكنهم بوادي سنان بنواحي تموشنت من مزارع أولاد خالفة الخارجين كأولاد الزاير عن سلسلة بني عامر في النسب ، ثم انتقلوا لنواحي تارقة فسكنوا بجبالها مع إخوتهم قيزة العامريين ، ثم انتقلوا مع قيزة وسكنوا بالجبل المطل على وهران قبلتها من نواحي تمزوغة واستقروا بملاتة جبالا ووطا (كذا) ، وتصرّفوا فيها بما شاؤوا وكانوا أهل شجاعة وبسالة. ولمّا جاء الإسبانيون لوهران كانوا من جملة جنودهم المعتمدة عليها منهم العيون والجيوش وغير ذلك ، ثم أن قيزة صاروا عند الاسبانيين لصوصا والونازرة صاروا لهم زمالة أيضا ومن ثمّ أطلق هذا الاسم عليهما دون غيرهما فمهمى قيل باللصوص فهم قيزة العامريون ومهمى قيل بالزمالة فهم الونازرة العبدلاويون ولا يقال لغيرهما من شافع وحميان وأولاد

٣٣٥

عبد الله وأولاد علي وسائر بني عامر وكرشتل لخ (كذا) كلامه ، وأوّل من تولّى منهم الرياسة بدولة الإسبانيين ونزار ، فكان جنرالا كبيرا وعليه المدار ، وهو الذي تنسب له العين بساحل وهران البحري من ناحية المرسى التي يقال لها للآن عين ونزار ، وتولّى منهم بدولة الأتراك عدة ولد أحمد بن ونزار ، فكان أوّلا قايد المكاحلية ثم صار آغة الزمالة بوقت الدولة ، ونال غاية الاحترام والصولة ، وتولّى ابنه المولود بن ونزار بالدولة قيادة الحساسنة بمينة ، فنال المراد وأزال الغبينة ، وابنه ابلوفة هو الآن خليفة المير (كذا) بتمزوغة ، وأدرك الأمور التي أرادها وأذهب الفروغة ، وتولّى منهم العربي ولد أحمد بن ونزار ، آغة بني عامر فنال ما رام واختار ، وتولّى منهم محمد ولد قاسم قيادة المكاحلية بدولة الترك ثم صار بالدولة آغة بفرندة ، وهو أوّل من تولّى من المخزن بها ونال غاية المراد وأذهب كل شدة ، وله علامة الافتخار الفضية وكان من أهل الأحوال المرضية ، وتولّى منهم بالدولة آغة على الزمالة بغفور ، فنال المراد وبلغ لكل سرور ، وله علامة الافتخار الفضية ، وكان في سيرته بالسيرة المرضية ، وتولّى منهم محمد بغفور وهو لينان (كذا) القيادة بأولاد سويد ، ثم قيادة عرشه الزمالة مرتين في القول المفيد ، وله علامة الافتخار الفضية ، وكان من أهل الخصال المرضية ، وتولّى منهم محمد ولد محمد المشورة بمجلس تانسانمت فنال المراد والأمر الثابت ، وتولّى منهم قيادة الزمالة الحاج قدور بالصحراوي المعروف بولد درباك ، وله علامة الافتخار الفضية فهو من أهل الاحتباك.

اليساسفة أو اليوسوفيون

وأمّا اليساسفة فنسبة لجدهم يوسف ، ولم يتول منهم إلّا العربي ابن يوسف ، فكان أولا قايد الزمالة ثم صار آغة سعيدة ونال علامة الافتخار الفضية فيما يوصف.

الشوايلية

وأمّا الشوايلية فنسبة لجدهم أو جدتهم شايلة / وجاء جدهم من الحشم بغريس في القولة الجايلة ، وتولّى منهم قدور بن شايلة قيادة الزمالة بدولة الترك

٣٣٦

ثم تولّى منهم قيادة العرش بدولة الأمير الحاج بن قادة ، ومات بعين الروينة بالجهاد في القولة الوقادة ، وتولّى منهم ابنه إبراهيم بن شايلة ، فكان أولا شاوشا بوقت الدولة عند الجنرال ثم صار قايدا على الزمالة ثم صار آغة بني مطهر في القولة الجايلة ، وتولّى منهم الحاج الحلوي بن قادة قيادة الزمالة ونال مرتبة وقادة ، وتولّى قيادة العرش بوقت الدولة الحاج محمد بن عبد العزيز ، ونال علامة الافتخار الفضية وكان بدولة الترك قايد الظليلة في القول المجيز ، وتولّى ابنه الحبيب خليفة على آغة الزمالة ، ثم صار قايدا على فرقة من الزمالة ، وتولّى قيادة العرش بوقت الدولة الحبيب ولد بلاحة ومحمد بالنجادي ، وابنه سي جلول بغاية البيان ، والحاج محمد بقدور اديابلو (كذا) وابن عمّه الحبيب ولد قدور بالمولود وهو المتولي الآن ، وكان أبوه قدور ملازما لخدمة الجنرال بوقت الدولة ثم ارتقى لتنان (كذا) ثم صار قايد العسس (كذا) إلى أن مات بالتبيان ، وكان الحاج محمد اديابلو أوّلا اصباحي ثم صار شاوشا بالبير ثم ارتقى قايدا على الوكلة ثم قايدا على حميان ، ثم صار قايدا على الزمالة إلى أن سلم في الوظيف وذهب للحج فحج ورجع لأهله في أمن وأمان ، وتولّى قيادة الزمالة بوقت الأمير الموسوم بن مفتاح ، وتولّى من الزمالة القيادة بغير عرشه الكيحل بالشيخ ، وأخوه الحبيب بالشيخ فالأول ببني مريان أهل وزغت والثاني بأهل كرسوط بغاية انشراح.

العبيد الغرابة

وأمّا الغرابة فإنهم عرش ملتقط كالزمالة والدواير ، ويطلق لفظ العبيد على الشراقة والغرابة والزمالة دون الدواير ، وكان الغرابة والشراقة في الأصل دوار واحد فالسماط الغربي يقال له الغرابة والشرقي يقال له الشراقة ، ثم افترق الدوار وصار عرشين فالغربي صار عرش الغرابة والشرقي صار عرش الشراقة ، ورئاسة الغرابة منحصرة في ثمانية وهم الوراردية والعلايمية ، والخدايمية والوناوية والسماملية والمحاصيد والرفافسة والعوايلية.

٣٣٧

الوراردية

فأمّا الوراردية فجدهم موسى بن وارد كانت له الرئاسة على الغرابة ، وتقدم الكلام عليهم مستوفيا في رئاسة الزمالة بغير الاستغرابة.

العلايمية

وأمّا العلايمية فنسبة لجدهم أبي علام بالحبوشي وهو أبو علام ابن سي الجيلاني بن يوسف بالبيان ، وأصلهم من بني امديان الذين بناحية تاقدمت بالتبيان ، وجاء جدهم سي الجيلاني لفليتة وسكن بهم إلى أن مات ، فتزوجت زوجته رحمة برجل من حبوشة يقال له الحبوشي فكفل أولادها الثلاثة وهم أبو علام وهو الصغير وعليّ وأحمد أبو معزة فنسبوا إليه دون أبيهم بالثبات ، وكان من جملة الأعيان ، فدرّب الأولاد وربّاهم أحسن تربية بتربية الأعيان ، ولمّا مات جاءت زوجته رحمة بأولادها الثلاثة إلى سيق فسكنت بدوار موسى بن وارد شيخ القبيل بالتحقيق ، ولمّا ترعرع أبو علام ذهب أخواه عليّ وأحمد أبو معزة للزمالة ، وتريّس (كذا) كل منهما على القبيلة كما مرّ الكلام في ذكر الزمالة ، وبقي أبو علام بالغرابة في غاية الانتظام ، وكان رجلا ضخما خالص البياض طويل القامة غليظ الصوت أعور العين اليمنى شديد الفروسية كثير العطاء سريع الانتقام ، وكان بدوار موسى بن وارد رجل محلّي يقال له غرتيل فتأمل فيه غاية وألفاه لا محالة أنه ستكون منه كاينة الترتيل ، فقال لموسى إنّ هذا الجمل / الأعور الذي تراه في ازدياد الشأن ستظهر منه بعيثة عظيمة لا تطاق ، وستحير في أمرها ويحل بك الانشقاق والفراق ، ثم تولّى أبو علام مكاحليا عند الباي بالمعسكر وبانت شجاعته وظهرت كلمته في فرده وجمعه ، وتمازج مع رؤساء المخزن وهم البشير بن بحث ، آغة المخزن بأجمعه وابنه بن عودة آغة المخزن بعده بأجمعه ، واصطحب أيضا مع رايس (كذا) الزمالة وهو الشيخ قدور بن مخلوف صحبة بالغة ، ثم أن قدور بن مخلوف أكل ربطة العرش ولم يجد سبيلا لدفعها وعجزا كليا فاستغاظ عليه الباي وهمّ بقتله ففرّ فرّة بالغة ، والتجأ بضريح سيدي محمد ابن مخلوف فلم يطق الباي على إخراجه احتراما لضريح الولي المذكور ، وقال من يقتله أو يأتيني به حيا فله عندي ما يريد من سائر الأمور ، وكان قدور في غاية

٣٣٨

الشجاعة والقوّة والرماية فألفى موسى بن وارد السبيل لقتل أبي علام بالحبوشي ليستريح ويخلص من العماية ، فأتى للباي وقال إن لم يأتك بالشيخ قدور أو يقتله أبو علام بالحبوشي فلا طاقة لأحد عليه من غيره ، فأمر باحضاره فجاءه قال له اقتل قدورا أو ايتني به أو اقتله بمحله ونستريح (كذا) من شرّه وخيره ، فقال له على شرط إن قضيت الأمر اقتل موسى بن وارد واملك رزقه ، فقال لك ذلك إن فعلت وقضيت رمقه ، فأخذ أبو علام جيشا واكمنه وأمرهم بالمبادرة له إن اخرجه من الضريح ، فقصده وناداه ، فقال له قدور ابطأت عنّي فدخل عليه بالقبّة ثم أخرجه منها إلى أن أبعده عن الضريح ، فبادر الجيش لأخذه بعد ما قبضه أبو علام ، فركبه (كذا) على بغلة وأتى به للمعسكر فقتله الباي ووفى بالشرط لأبي علام ، بأن صيّره رايسا (كذا) على القبيل وأعطاه رزق موسى وأمره بقتله ، فجاء أبو علام لموسى وقتله بكابوسه واحتوى على جميع رزقه ودخل في حلّه ، ثم قال لغرتيل إنك قلت الجمل الأعور ستظهر منه بعيثة عظيمة لا تطاق ، فقال له غرتيل أوكذبت في قولي فقد ظهر ما قلته والجمل ليس بعيب فعفى عنه وقال أصبت في النطاق ، وبقي في الرئاسة إلى أن مات فدفن بسيدي هلال ، فسمع الباي خليل بموته فبعث لأولاده الخمسة للحضور لديه ليختار منهم من يوليه بموضع أبيهم الصاير لعفو المتعال ، فجاءوه بأجمعهم وأعطى لكل منهم عددا من المال على السوية وأمرهم بالذهاب للقهوة إلى حكومة العشية ، فأعطى أولاده الكبار الأربعة للقهواجي قدرا معينا من تلك الدراهم ، وأعطى ابنه محمد وهو الصغير للقهواجي جميع ما أعطاه الباي من الدراهم ، وقد سأل الباي القهواجي فأخبره بالواقع ولما مثل الأولاد بين يديه قال لهم أيكم الكبير نوليه بموضع أبيه قبل أن يتسع الخرق على الراقع ، فقال له محمد إن أردت كبر السن فهؤلاء الأربعة أكبر مني وأكبرهم قدور ، وإن أردت كبر المعرفة فأنا خديمك الصغير منهم فولاه الباي قايدا في المشهور ، وجعل له خليفة يوسف بن المقداد ، لأنه كان خليفة أبيه وله معرفة بالخدمة وابن خيمة كبيرة وذو خيمة كبيرة بغاية المراد ، فبقي قايدينا وبه فيها الوناونية بالتحقيق ، وتولّى منهم ابنه أبو علام ولد محمد وكلهم / في دولة الأتراك في القول الحقيق ، وكان لأبي علام هذا كلمة مسموعة ، وأمر نافذ ومحبة في القلوب مطبوعة ، وتولّى منهم ابنه الحبيب بوعلام ، فكان أوّلا بدولة الترك

٣٣٩

شاوش بني عرب ثم ارتقى قايدا على العرش وظهر أمره عند الخاص والعام ، ثم تولّى خليفة على آغة المخزن الحاج بالحضري البحثاوي بدولة الأمير ، ثم ارتقى آغة المخزن أيضا بدولة الأمير ، ومات بأرض الحجاز ، وقد نال المرام بالتطنيب والإيجاز ، وتولّى منهم من أولاده الحاج محمد قايدا على العرش بدولة الأمير ، وذهب للحج ولما رجع مات بالجزائر في القول الشهير ، وتولّى منهم من أولاده محمد بوعلام الصغير بوقت الدولة ، فكان أولا خليفة القايد ثم ارتقى قايدا على عرش الغرابة إلى أن مات بالطاعون وقد نال للصولة ، وتولّى منهم من أولاده قدور بوعلام فكان قايدا على الغرابة بوقت الدولة وظهر نفعه للخاص والعام ، وتولّى منهم بدولة الترك سي عابد بن يوسف ، فكان قايدا على الغرابة ونال لكل ما يوصف ، وتولّى منهم الصديق بوعلام ، فكان بدولة الترك شاوش بني عرب مبلغا للمرام ، ثم صار قايد العرش بوقت الدولة ، ثم صار آغة بوقت الدولة ، وكان له ميل كثير للدواير والزمالة ، محبا لأعيانهم محبوبا عندهم في القولة التي للهموم ذات المزالة ، يحكى أن كبير الأغاوات مصطفى بن إسماعيل البحثاوي لمّا أذعن الغرابة للدولة واجتمع المخزن على وتيرة قال بمحضر الناس أيها الدواير والزمالة والغرابة السالمين من المساوي ، إنكم في الأصل خيمة واحدة ثم افترقت لمانع حالك ، ثم اجتمعت كعادتها فالحمد لله على ذلك ، فكونوا إخوانا ، وللحماية أعوانا ، ومن له دين على الآخر فليسامحه فيه أو يخلصه منه في الحياة ، فقال له الصديق يا سيدنا وابن عمّنا لا تقل هذا الكلام فإنه لا مداينة بيننا ، بالإثبات ، وإن كان غرضك ما فات من أمر الحرب فأمور الحرب منعدمة وقت الإذعان ، وإن كان غرضك صداق أختي عائشة التي كانت تحتك زوجة وماتت تحتك فلسنا ممّن يتبع الميراث لا من الرجال ولا من النساء في المستبان ، فقال له مصطفى معاذ الله أن يتصور بقلبي شيء من هاذين الأمرين ، وإنما هو كلام جرى على اللسان من غير مراعة شيء بغير المين ، ولو لا صداقتك (كذا) معنا وقرابتك لنا لم تقل ذلك ، ولا زلنا نراعي لك كلام الخير الذي كنت تقوله لأبناء عمّك حال المحاربة ذات المهالك ، حيث كانوا يقولون فعلنا كذا وكذا وأنت تقول لهم لم يحضروا لكم من نعرفه من الرجال ، ولمّا وقعت واقعة الحمول بتليلات المعروفة بواقعة القرناع وكان الظفر لنا ورجع موتى عرشك بعدد الرمال ،

٣٤٠