طلوع سعد السّعود - ج ٢

الآغا بن عودة المزاري

طلوع سعد السّعود - ج ٢

المؤلف:

الآغا بن عودة المزاري


المحقق: الدكتور يحيى بوعزيز
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٤
الجزء ١ الجزء ٢

ثم خرج الجنرال من وهران ومعه مصطفى بمخزنه يمشي أمامه ، والنصر يلوح وراءه وأمامه ، في الثالث عشر / جانفي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لعشرين ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين وألف ، وقائده بالطريق الحاج محمد زيدون الذي كان قاطعا للطريق بغابة مولاي إسماعيل فيما ينشدون ، وكان جملة الجيش اثنا عشر بطيون (ذا) ، وعشرة اسكدرونات (كذا) فيما يتريون فضلا عن المخزن قاصدا لغريب الغرابة بعريش سيق ، وليس مع المحلة إلا مدفع واحد كبير بالتحقيق ، فمرت بسيدي الشحم (كذا) إلى أن حلت بحسيان أبي فطيس ، وهي في غاية من الأمن والتأنيس ولما وصلت المحلة لأبي فطيس رأت كثرة النيران ، فظنت أن ذلك عسسا (كذا) لاكنها (كذا) لم يشوشها أحد في كل مكان ثم استراحت بقرب الملح من أرض الغرابة ، وهي طامعة في نيل الغنيمة وسرعة الإجابة ، ثم ركبت وسارت. وبعد مرورها بالحيرة زهت وطارت وحين فارقت المحلة ليلا مصطفى بجيشه تحيرت من ذلك ساعة ، إلى أن حصل الاجتماع رجعت طاعة ، فأشرفت على واد واسع الجهات ، وكثير الخصب والنبات ، فافترقت العساكر يمينا وشمالا بالإثبات ، وحام أمامهم قوم الدواير في فضا سيرات وكان الوصول في ثمان ساعات ، وقصدت الصبايحية لعريش سيق ، والعرب مجتمعة بقرب بلاج شلابي من ديور سيق ، فأخذتهم أخذا ذريعا بالتبيين. ورجع القوم والعسكر وغيرهم سالمين غانمين ، وسبت الدوائر في ذلك اليوم ما بين الخيل والأمهار نحو الأربعين ، وكذا السروج والسلاح والأثاث في التعيين ، وبيوت الشعر وثلاثمائة رأس من البقر ، وسبا (كذا) الصبايحية ألف وخمسمائة شات (كذا) من الغنم وستمائة من البقر ، وسبا (كذا) السرسور أربعمائة نصفها من الغنم ونصفها من البقر ، ومات من الدواير فارسين بعد الظفر بهما في المشتهر ، ثم ذهبت المحلة ونزلت بسيدي عبد الرحمان الصماش للراحة وإزالة التعب والانتقاش.

قال وكان خليفة الأمير بالمعسكر وهو الحاج مصطفى بن التهامي نازلا بمحلته ببرج شلابي ، أو ببرج الشيخ بن زيان الزياني بأعلا سيق من غير ترامي ، ولما سمع بالوقائع التي قبل هذه الواقعة خرج من برج شلابي بسيق بجيشه في اليلة (كذا) الثالثة عشر من جانفي المارة من سنة المذكورة بقصد الغزو على

١٨١

المخزن بوهران ، وقد ذهب مع طريق مولاي إسماعيل وتليلات في الرواية المسطورة فأدركه الخبر بطريقه بأن المحلة غزت على الغرابة الذين بسيق وقتلت من وجدته وأخذت الأموال بالتحقيق ، وأنها نازلة بسيدي عبد الرحمان الصماش وحين سمع ذلك غلغل في سيره إلى أن تلاقا (كذا) بها بوطا (كذا) سيرات بالانتغاش ، وقد أمر جيشه بأن تلقى الفرسان العدو في المشتهر ، والعسكر ومن / انخرط فيه من المشاة يكمن بالجبال والغيب (كذا) والأودية التي بقرب سيدي الأخضر ، فحصل بعد الملاقة بين الفريقين ذريع القتال ، واشتد وكثر الضرب والنزال ، وصار الحرب بينهما سجالا ثم صار جيش الخليفة في الاضمحلال ، ومات له فيه في ذلك اليوم ثلاثمائة من العسكر ، وسبا (كذا) المخزن كثيرا فقسم الجنرال أبو هراوة السبي بين المخزن والسبايس والسرسور بالمشتهر. وأثنت الدولة على المخزن كثيرا وكافت (كذا) كثيرا منهم على ذلك اليوم الذي ظهروا فيه على العدو كفاء شهيرا ، ورجعت لوهران مع رزيو في الأمان والأمن ، وبهذه الغزوة على ما قيل انفتح باب عظيم للدولة في الوطن.

قال ولنرجع بالكلام إلى مستغانيم فإنها نزل عليها بجيشه الطيب ابن قرنية آغة القوم الحمر أمتاع الأمير في ذلك التاريخ ، وصار يقتل كل من ألفاه خارجا من المدينة أو داخلا لها إلى أن سالت الناس للصاريخ ولما رأى الكولونيل تمبور (TEMPOUR) الذي بمستغانيم ذلك الفعل خرج له بالجيش الذي عنده ومعه عدد قليل من خيالة المخزن الذين تركهم المزاري لما ذهب لوهران بالجد لا بالهزل ، وحصل بين الفريقين القتال الشديد في الفاروغ ، آل فيه الأمر إلى انهزام العدو وبعد ما قتلوا كثيرا من الشرفة وحشم داروغ ، وأثنى كل من بالمحلة على ذلك القدر القليل الذي كان معهم من المخزن ، فلقد صاروا به في قوة بعد ما وقعوا في الوهن.

ولما ذهب المريشال فالي في تاسع عشرين ديسنبر من سنة أربعين وثمانمائة وألف المتقدمة لافرانسا ، وجاء بمحلة الجنرال بيجو في اثنين وعشرين فبري سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف تحقيقا لا قياسا ، أمر الجنرال لمرسيار بالذهاب لنواحي بني عامر فذهب بجيشه ومخزنه في وسط مارس من السنة المذكورة لبني عامر فمر على السبخة شمالا إلى الواد الحيمر (كذا) ومنه صعد

١٨٢

لتاسالة بالتحقيق إلى أن وصل لمكرة بعد ما مر برجم العساوي وعين الحجر ثم رجع لوهران ، بعد جولته اثنا عشر يوما للتوقية ، وفي أوائل إبريل ذهبت الجيوش من وهران لتأسيس مستغانيم ، فمرت بتليلات وسيق وهبرة وماسرة إلى أن حلت بمستغانيم ، وذهب الجنرال بيجو في ثاني عشر ماي في البحر للجزائر. بقصد المقاتلة وتبليغ الزاد لأهل مليانة والمدية من غير التخاير ، لكون جيوش الأمير قد قتلت كثيرا من جيش الدولة بالغوالي ، فأفنت كثيره من الأسافيل والأعالي ، وفي سادس أو ثامن عشر منه الموافق بحسب الرواية الأولى للثالث والعشرين من ربيع الأول في الوصف ، من عام سبعة وخمسين ومائتين وألف ، خرج الجنرال بمحلته ومعها المخزن أمامها فباتت بالكرمة وفي الغد باتت بتليلات ، وفي الخامس والعشرين من العربي باتت بالسيق وفي السادس والعشرين بهبرة وفي السابع والعشرين منه باتت بيلل بإثبات وخرجت محلة مستغانيم في السابع والعشرين من العربي المذكور ، وبه باتت أيضا بيلل في القول المشهور ، ولما اجتمعت المحلتان وصارتا محلة واحدة مجهودة / رحلت في الثامن والعشرين من ربيع الأول وباتت بسيدي محمد بن عودة وفي التاسع والعشرين منه باتت بعقبة الابغال ، وفي الثلاثين منه نزلت بوادي المناصفة بالاحتفال ، وفي اليوم الأول من ربيع الأول الموافق للرابع والعشرين من ماي باتت بعين الكرمة ويقال له واد العلق وخنوق ، من بلاد فليتة فوقعت به المعركة الكبيرة بين جيش الأمر والمحلة إلى أن انجرح الشجاع قدور بالمخفي من ذراعه الأيمن ولم يبل (كذا) بذلك وهو ملازم للحقوق ، وأسر منهم المخزن سبعة رجال أخوة ، يقال لهم القرايعية بغير فهوة ، وفي اليوم الثاني من ربيع الثاني الموافق للخامس والعشرين من ماي خيمت المحلة بتاقدمت ووقع القتال بينهما وبين الأمير إلى أن قضت المحلة للفايت ثم دخلتها عنوة وخربتها وأضرمتها نارا ، وأزالت رونقها وصيرتها دثارا ، وأفسدت ما بها من معالم السلاح وتركتها خاوية على عروشها تنادي بالفواح وكان القتال بوادي القنجار وألفت المحلة بقوس البرج كلبا وقطا معلقين بالاشتهار ، إشارة من العرب إلى أن دولة الأمير كالكلب مع القط متقابلين للفتنة وتوريث القحط ، ولما حلت المحلة بتاقدمت تبين لها أن أقاليم الجزائر على ثلاثة أنواع ، تل يصلح للفلاحة والغراسة (كذا) بلا نزاع ، ووطاء عالي يليق لتربية

١٨٣

المواشي والحلفا ، وصحرا (كذا) محتوية على قصور لا غير هذا يلفا ، وباتت المحلة بتاقدمت في اليلة (كذا) التي دخلتها ، وجالت فيها لما وصلتها ، وفي اليوم الثالث من ربيع الثاني سنة سبع وخمسين ومائتين وألف ، الموافق للسادس والعشرين من ماي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف ، ارتحلت المحلة من تاقدمت وباتت بمشرع الصفي. وفي الرابع منه باتت بسيدي الجيلالي بن عامر بمينة بغير التخفي. وفي الخامس منه نزلت بفرطاسة ، وفي السادس منه باتت بتغنيف التي بماوسة والعدو تابع لها جواسة. قال بعض من حضر ولما كنا بالتات أطلق الأمير علينا بجيوشه السيوح المعبر عنها بالسواقي ، ظنا منه أنها لنا مهلكة وله في التواقي ، فتلقاه المخزن وقاتله إلى أن هزمه واتبعه منهزما إلى المناور ، فرجع عنه بعد ذلك للمحلة فرسان الدواير ، قال وبتغنفين و (كذا) وماوسة تقاتل المخزن من الحشم إلى أن انهزم الحشم هزيمة شنيعة ، وصال المخزن عليهم صولة عظيمة منيعة. وفي السابع / من ربيع الثاني من عام سبع وخمسين ومائتين وألف ، الموافق لثلاثين ماي سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف وصلت المحلة للمعسكر ، ودخلتها في أول جوان بالنيل والظفر ، فألفتها خاوية على العروش ولم يبق بها إلا من أذعن للدولة ، وأنجا (كذا) نفسه من الفروش فمكثت بها يومين ثم تركت بها حامبة تحت رياسة الكماندار جيري (JERY) وارتحلت لمستغانيم فأخذت طريقا موعرة (كذا) وهي عقبة خدة من بلاد بني شقران ، وذلك في اليوم الثالث من جوان ، الموافق للعاشر من ربيع الثاني ، فوقع القتال الشديد في تلك العقبة الذي يذهب بالعيان ، وكان الأمير خرج للمحلة من ناحية البرج في القول الشهير ، فترادف القتال بين المحلة وجيش الأمير وكانت المحلة قليلة ، لبقاء جلها بالمعسكر حامية جليلة ، فعند ذلك برز الطود العظيم مصطفى بن إسماعيل بجيشه خاصة للعدو ، وقاتله قتلا شديدا آل فيه الأمر إلى انهزام الأمير لناحية المعسكر انهزاما عتيدا ، وقد مات الخلق الكثير من الفريقين ، فمن جملة من مات من المخزن الحاج عبد القادر ، ابن شاعة الزمالي بلا المين ، ولما تزايد العسكر مع المخزن زادوا في قتال العدو إلى أن انفرجت الطريق للمرور ، فانحدرت المحلة مع الطريق والقتال مستمر بين الفريقين إلى العرجة البيضا وشاطىء هبرة ، المسمى الآن بمدينة باريق في المشهور ، وباتت المحلة بباريق

١٨٤

ودخلت لمستغانيم في رابع جوان ، فمكثت بها ثلاثة أيام للراحة وإزالة الهتان.

ثم بعد ما نظمت الدولة جيشا عرمرما خرجت المحلة من مستغانيم في السابع من جوان تلك السنة ، وفي ثقلة عظيمة قاصدة للمعسكر المعنية ، فحلت بها في راحة كاملة ونعمة وافية شاملة وفي نصف جوان الموافق للثاني والعشرين من ربيع الثاني كلاهما من العامين المذكورين خرجت المحلة بالمخزن من المعسكر لوطا غريس فحصدت ما به من فلاحة ودرستها وحملتها حبا وتينا للمعسكر بغير المين فجعلت الحب في البيوت والتبن أندرا ، فكان زادا لها مدة بغير شراء ثم رجعت المحلة لمستغانيم فدخلتها في العشرين جوان الموافق للسابع والعشرين من الربيع الثاني ، وفي ذلك اليوم ذهب الجنرال بيجو للجزائر بالاعتبار فمكث بها أياما ثم بعث إلى الجنرال لمرسيار وأمره / أن يبعث محلة أخرى لتحصين المعسكر ، وكان القبرنور (كذا) في حال رجوعه للمستغانيم من المعسكر أخذ على البرج فوقع فيه بينه وبين العدو قتال عظيم وذلك في العشرين جوان بغير تنظيم ، ثم مر بوادي القلعة فتقبض على عدة أسارى من المسلمين وبات بحاسي الغمري في غاية التسمين. قال ثم إن الجنرال ارتحل بمحلته التي جمعها في المشتهر وذهب بها وتركها بالمعسكر ، وأمر المخزن والعسكر وجميع الجيوش بخدمة جميع الفلاحة الدائرة بالمعسكر في المشهور ، فكان ما جمعه من حب العدو وتبنه زادا كثيرا لجملة عديدة من الشهور ، وكان الكولونيل المقيم بمستغانيم قد بلغه الخبر بأن العدو وصل إلى فم الشلف فخرج بالمحلة القليلة القائمة بمستغانيم المحتوية على اثنا عشر مائة نفر وأربعين فارسا من المخزن بغير خلف ، وكان الأمير نازلا بمحلته في وطامينا ، ويحب الهجوم على محلة المعسكر قولا مبينا ولما بلغه الخبر على تلك المحلة الضعيفة ، التي خرجت من مستغانيم لجبر التليفة هجم عليها ورام أن يمحو لها الأثر ، وكان المصاف بسور كلميت في القول الأشهر ، وطالت المقاتلة بينهما يومين بالشدة والوهن ، وكان الكولونيل تمبور رايس المحلة معتمدا على تلك الأربعين فارسا من المخزن فكان يحرضهم على قتال العدو ونيل المنن ، وظهرت النجابة الكثيرة من الأربعين فارسا في ذلك اليوم ، بحيث قاتلوا قتالا كثيرا قاوموا به العدو تقويما جميلا وأزالوا عن أنفسهم وأبناء جنسهم وتلك المحلة البخس واللوم ، ولما رأى الكولونيل قوة

١٨٥

العدو دخل بجيشه لمستغانيم وأثنا (كذا) على تلك الأربعين فارسا من المخزن بالثناء الكثير وقال لهم لقد حزتم للمغانيم ، وكانت تلك المقاتلة في السابع والثامن من جليت (كذا) بالبيان وكان دخول الجنرال بالمحلة المتقدمة للمعسكر في الرابع والعشرين جوان.

قال ولنرجع بالكلام على الجنرال برقي دلي (٢٢٥) الذي كان يقاتل بالنواحي الشرقية فإنه دخل في الثالث والعشرين من ماي لأبي غار وطازة (٢٢٦) فهدمهما وكانتا معتدا (كذا) للأمير في حدود التل بكل الحيشية ، وهذه طازة قد اختطها الأمير في سنة خمس وخمسين ومائتين وألف ، ولما دخلها أشهد الله على فعله بهذه الأبيات الثلاث وأمر بكتبها (كذا) برخامة وعلقت على برجها بغير خلف :

الله يعلم هذا لم يكن

مني على طول الأمال دليل

كلا وإن منيتي لقريبة

مني وأصبح في التراب ذليل

وقصاى ما أبغي رضاء إلا هنا

وبقا نفعي للخلف بعدي طويل

وكان فتح الدولة لها في التاريخ المذكور ، من عام إحدى وأربعين المسطور قال ولنرجع بالكلام إلى ما كنا بصدده من أمور مستغانيم ، فإن الجنرال بيج بعد دخول المحلة ذهب للجزائر لنيل المغانيم وذهب الأمير بعد معركة كلميت بجيشه لناحية فرطاسة يمينا وجلس ينتظر خروج محلة المعسكر ليهجم عليها ، ويغتنم منها ما أراده إذا وفقه الله وقدره عليها ، وجاء الخبر بأن مجاهر قد راموا للطاعة وتركوا التعب وراموا / الرواج للبضاعة.

وفي ثالث عشر جليت (كذا) سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافقة لعام سبع وخمسين ومائتين وألف ، هجم الخليفة الحاج مصطفى بالتهامي على الحاصدين للحب بسيدي دحوا (كذا) وخرجت له المحلة في نصف النهار وداموا على القتال ، وله لحوا إلى نصف الليل (كذا) وكان الموت من الفريقين كثيرا ، وصار الحرب عتيدا كبيرا ، ثم خرجت المحلة من المعسكر في نصف جليت

__________________

(٢٢٥) يقصد : بورجولي : Bourjoly.

(٢٢٦) يقصد : بوغار قرب المدية.

١٨٦

الموافق للثاني والعشرين من جمادى الأول ، وباتت بتلوانت في سابع عشر جليت الموافق للرابع والعشرين من جمادى الأول ، وبها هجم العدو في نصف الليل (كذا) على المحلة بغتة فتعدد منه ضرب البارود نحو ساعة ونصف ، وباروده مترادف الضرب بغير خلف ، وارتحلت المحلة من الغد ولما وصلت لسيدي المقداد بيلل بدأها جيش الأمير بالقتال ودام بقتاله بما يكون به النكل ، ولم تدخل تلك المحلة لمستغانيم إلا بعد يومين ، فدخلتها وزال ما بها من التعب والبين ، ومكثت بمستغانيم أيضا يومين بالبيان ثم ذهب الجنرال بمحلته ومعه مصطفى بمخزنه لوهران ، فمرت بحسيان الفلالي وهبرة وسيق ومنه دخلت لوهران في الخامس والعشرين جليت بالبيان ، الموافق للثالث من جمادى الثانية بغاية التبيان ، ولما ذهبت المحلة لوهران هجم الأمير على مجاهر الماكثين بشلف التحتاني ومذعنين للدولة أو رائمين الإذعان ، وأنقلهم من محلهم إلى أنزلهم (كذا) باعلا (كذا) مينا من بلاد فليتة ما بين ملعب قربوصة وغليزان ، ولم يدعهم يرجعون لمحلهم حتى أخذ منهم ثلاثمائة فرس بسروجها وبنادقها محمولة في القرابيس ، ولما رجعوا أعلموا بذلك الفرانسيس ، ثم خرج الكولونيل تمبور لمحلة مستغانيم خرجة ليست بالمامنة وهجم على أحمد بن كزداغ كبير أولاد أبي كامل والعمارنة ، فقتل منهم كثيرا وأذعن الباقي ، ونزل أسفل سور مستغانيم للتواقي وبعد مضي أيام للتفاروغ أذعن الشرفة وحشم داروغ ، ولما سمع بهم الأمير وهو بفليتة أتاهم ليردهم فألفى الأمر قد انقضا (كذا) لكون المحلة بشطوط شلف عليهم وقاية فصبر للقضا ، ولما بلغ الخبر للكلونيل تمبور خرج من مستغانيم بمحلته ومخزنه فاقتتلوا معه وكان الظفر للمخزن عليه ، وقتلوا منه كثيرا وفر بما لديه ، ولم ينج الأمير إلا بنفسه ؛ بسبب سبق فرسه وقد كاد أن يقع في الشبكة ويدخل في وسط الشبكة ، فأنقده الإلاه (كذا) الكريم فإنه السميع العليم ، ولما عبر النهر وقف بجانبه وأمعن النظر بعينيه فألفى رعيته مذعنة للدولة وهي متكالبة عليه ، تأسف ولحقته الغبينة ثم صفق بيديه.

١٨٧

تعيين الحاج مصطفى بن عثمان بايا على مستغانم

ولما طار الخبر للجهة الشرقية قدم المريشال من الجزائر لوهران ومنها ومعه الجنرال لمرسيار لمستغانيم بالبيان ، واتفق رأيهم أن سمّوا الحاج مصطفى ولد الباي عصمان حفيد الباي محمد الكبير بايا بمستغانيم والمعسكر وسموا المزاري آغة وذلك في تاسع أوت سنة إحدى وأربعين المارّة بالمشهر ، الموافق للسابع عشر من جمادى الثانية من تلك السنة في المتحرر ، ورجع كل من المريشال والجنرال لمحله ، وبعث / أولاد حمدان وأولاد مالك وأولاد سيدي عبد الله وأولاد أبي كامل إلى أبناء عمهم بالإذعان وليرجع كل إلى محله فأذعن مجاهر بأجمعهم في نصف ستانبر (كذا) الموافق للرابع والعشرين من رجب الفرد من السنتين المذكورتين بما هو متواتر.

ثم قدم الجنرال لموريسيار بمحلته ومعه مصطفى بمخزنة لمستغانيم في المشهور وفي اليوم التاسع عشر من سبتانبر (كذا) سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للثامن والعشرين من رجب سنة سبع وخمسين ومائتين وألف ، قدم لمستغانيم أيضا القبرنور (كذا) واتفق الكل على الخروج لمراقبة العدو والوصول للمعسكر المعمور فانقسموا على محلتين أحدهما تحت رئاسة القبرنور ومعه المزاري والأخرى تحت رئاسة الجنرال أبي هراوة ومعه مصطفى بالقول الجاري.

فمنها محلة القبرنور (كذا) توجهت شرقا فمرت بوطا مينا وشلف وفاتت فوق يلّل فسمعت بالأمير نازلا في فليتة بسيدي طيفور ، فهجمت عليه ليلا بغتة وسبت منه نساء وصبيانا ورجالا أتوا بهم أسارى لمستغانيم في المذكور ، وقد تركت الكولونيل تمبور عسة في معذار. ومنها محلة الجنرال أخذت الزاد الكثير وذهبت به للمعسكر باشتهار ، ولما وصلت بحسيان الغمري سمعت بالأمير في جيش كثير نازلا بالعين الكبيرة من بلاد سجرارة ، يروم مقاتلة تلك المحلة الوارد جهارة. ورأى الجنرال ثقلة المحلة ووعر الطريق المعطشة ذات الشرور ، مكث بمحله وبعث فورا للقبرنور (كذا) ولما بلغه الخبر خرج عزما بمحلته واجتمع بالجنرال في سيدي المقداد بنواحي يلل ووصلوا في سابع اكتبر (كذا) للعين الكبيرة الموافق للسادس عشر من شعبان في الرواية الشهيرة ، وبالغد وهو الثامن

١٨٨

من اكتوبر (كذا) والسابع عشر من شعبان تلاقوا بالأمير بجيشه بقرب البرج وحصلت المعركة الكبيرة ذات البيان ، واختلط الخيالة بالسرسور ، وكثر القتل المعمر للقبور ، ودام بغاية ما يكون إلى أن حمى الوطيس ، وغاب الحاجز والأنيس ، فانجرح من المخزن آغة محمد بالبشير البحثاوي كما انجرح آغة السيد محمد بن داوود بالجرح الذي لا يفتقر فيه لضعفه للتداوي ، وقتل باش آغة (كذا) السيد أحمد ولد قادي رجلا من أعيان خيالة الأمير يقال له ولد شاقر ، الذي ضرب مصطفى بن إسماعيل ولم يصبه في قول شاهر ، وكان في الكرة الأولى هجم مصطفى بمخزنه وصحبته ابن أخيه المزاري بمخزنه على العدو أيضا ، ومعهم محلة الدولة التي كانت في اتباع المخزن فقتلوا كثيرا وانهزم العدو بجيشه وباتت المحلة بماوسة مبيتا مرضا بعد ما اتبعوا العدو إلى وادي أعبادي على ما قال ولد قادي ، وإلى واد العبد على ما قال مرطبلي في قوله الوقادي ، وقبل دخول المحلة للمعسكر بلغ الخبر للجنرال ومعه مصطفى بالبيان ، بأن البوحميدي غزى بغتة على وهران واقتحم الخندق المحيط بدواوير المخزن بناحية رأس العين من وهران وكان ذلك في اليوم الثاني من اكتوبر (كذا) الموافق للحادي عشر من شعبان وأخذ جملة من نساء المخزن والصبيان وأوصلهم إلى العامرية ثم فرقهم على دواويره الذين بتاسلة نازلين. وكانت امرأة من تلك النسوة يقال لها بدرة أبت من الذهاب / معهم وشرعت في شتمهم بغاية المبازلين ، وقالت للخليفة البوحميدي بمحضر جيشه لا تعتقد في زعمك أنك فارس شجاع وإنما أنت سارق ليل ، تأتي للنساء خفية من رجالهم فتأخذهم وتهرب بهم في الليل فالشجاع هو الذي يأتي علانية للأبطال ويكافح الفرسان والرجال وأنت لا طاقة لك على الوقوف أمام مكاحل الدواير والزمالة ، واعلم أنك حيث ما ذهبت يتبعك سيدك مصطفى بن إسماعيل بجيشه المخزن المؤيد بالنصر ويخلف منك الثأر بالقوة في نساء الدواير والزمالة ، فبعث غضبا تلك المرأة لندرومة وحيث أذعنت تلك الجهة وذهب المخزن لندرومة كان أول ما طلب مصطفى منهم ، بأن قال لهم نحبكم تأتوني ببدرة الدارية على بلغة جيدة مكفلة بالكفل المخير عندهم وفي أتباعها جميع كبراء تلك البلاد وإلا فلا ترون إلا ما يفسد للمراد.

قال وبعد ما دفنت المحلة موتاها بمواسة دخلت دخولا معلوما للمعسكر

١٨٩

وذلك في اليوم الثامن عشر من شعبان الموافق للتاسع من اكتوبر (كذا) وقد وقع قبل هذه الواقعة مقاتلة بالمعسكر ، ولما وصلت المحلة الزاد للمعسكر زادت إلى وادي أفكان فحل بها الحرب الكثيرة ثم انقسمت على محلتين بالبيان ، فمنها محلة القبرنور (كذا) ذهبت لناحية الزفيزف بلاد أولاد سليمان فوجدت القطارنية والشرفة فأخذتهم بتشتوين وتعرف الواقعة بالشناقير وانحدرت لناحية وادي الحمام فوصلت بالتحرير لقيطنة سيدي محي الدين في خامس عشرين شعبان الموافق لسادس عشر اكتبر (كذا) فخربتها تخريبا بليغا وأضرمتها نارا وأخذت حبها وذهبت للمعسكر ، ومعها أربعمائة وستون امرأة أسارى ما بين القطارنية والشرفة وغيرهم في المشتهر. ومنها محلة الكولونيل جيري والجنرال لفسور أتت بجميع حب مطمر نخلات وغيره ورجعت للمعسكر في المشهور واجتمعتا معا بالمعسكر في سابع اكتبر (كذا) الموافق لسادس العشرين من شعبان.

ثم صارت المحلتان محلة واحدة وذهبت من المعسكر في تاسع عشر اكتبر الموافق للثامن والعشرين من شعبان لناحية سعيدة التي هي آخر الأمكنة الباقية للأمير بآخر التل ، والمخزن أمامها يلوح نصره ولم ير شيئا من الوابل والطل ، ولما وصلت لسيدي بن مانوا وهو واد الخراريب هجم جيش الأمير على المحلة ليلا وكان القتال الشديد إلى أن وصل جيش العدو ومجامير المكاحل بغير التخاريب ، ومات من المحلة خمسة عشر نفرا وارتحل القبرنور (كذا) بتلك المحلة في الليل (كذا) جهرا ، وكان في الحادي والعشرين اكتوبر من سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لأول رمضان من عام سبع وخمسين ومائتين وألف ، وبعد طلوع الشمس وقبل الوصول لسعيدة بأن للمحلة عجاج الدخان ، وسمعوا بأنها حرقت ولم تصلها المحلة حتى ألفتها خرابا كالدكان ، وقد ضاع للمحلة ما بين سيدي عيسى بن مانوا وسعيدة أناس في تلك الغابة العظيمة العتيدة وصار لها بها ما صار لها بتاقدمت ولما حلت بها هدمت سورها في الحين ، وذلك في الثاني والعشرين من اكتوبر (كذا) الموافق لثاني رمضان بالتبيين.

وفي الغد بعد الظهر أتى الحساسنة / وأمامهم شيخهم الخمسي وأظهروا أنهم في المضادة مع الخليفة الحاج مصطفى بغاية التقسي ، وأنهم للدولة في

١٩٠

غاية الإذعان والمقاتلة للأمير وسائر جيشه بغاية ما كان ، وفي عشية ذلك اليوم تفرقت جواسيس المحلة على اليعقوبية والصحراء شرقا وغربا ، بعدا وقربا ، وفي الغد غزت الحساسنة بالمحلة على واد فوفط بأشد الواد فأخذوا به قافلة حاملة للبأس على الجنس الواحد ، لاكن (كذا) القبرنور (كذا) لم تعجبه تلك الغازية ، وأنها ليست بالكافية وليست الجازية ، فصار يلوح للخمسي وفيه يلوم ، ويقول له فقد أظهرت شطارتك وأنت لا معرفة لك وتضاهي بزعمك من لهم أفلاك في البحر الكبير تعوم وحصل بين أهل الوطن مشاحنة عظيمة ، ومقاولة كبيرة جسيمة وواعدوا الدولة بإتيان الهدايا العظيمة التي لم تكن فيها لغيرهم القيمة وزادت المحلة في سيرها مع وادي فوفط إلى شرقه فنزلت بتخمارت بواد العبد وذلك في اكتبر (كذا) الموافق لرمضان بغير النقد ، وبها هجمت القوم الحمرا من جيش الأمير على المحلة غفلة ، ومنعتها من الحشيش منعة حفلة ، فلقيتهم خيالة الكولونيل يوسف العنابي والسرسور والمخزن وكان القتال شديدا بين الفريقين إلى أن قتلت المحلة بمخزنها من القوم الحمرا ما خلفت به الثأر بغير المين ، وأتت بعدة أسارى مقيدين بالأحبال ، داخلين في الويل والنكال ، ولما سمعت الأعراش بذلك أسرعت للطاعة ، ونيل المراد ورواج البضاعة ، ثم زادت المحلة لوطاء غريس بحيث أخذت ما بين واد تازوطة وكاشرو بالتحقيق.

وذهبت على سيدي علي بن عومر ليلا ، وفي تلك اليلة (كذا) جاء الخبر من عند القبطان فلسن المتريص (كذا) على العسة بأنه ظفر بآغة وهو في أسره في غاية التوثيق ، ودخلت المحلة للمعسكر ، وهي في الحالة الدالة على الفرح للمستبشر ، ثم بعث الكولونيل جيري الذي هو بجيشه عسة في كاشرو بأن الحشم تسلطوا عليه ، وقد قتل منهم ما قدره الله ووفقه إليه ، فخرجت المحلة نحوه وجاست خلال تلك الديار ، ومزارعها وبساتينها ورجعت بعد قضاء الأوطار.

قال ثم رجع الجنرال بيجو ومعه الجنرال لمرسير بمحلته والمخزن معه لناحية مستغانيم ، فأخذوا على واد الحمام طريق وهران بالتغانيم ، ومروا بالفراقة وهبرة فبينما هم بها وإذا بفارس عربي أتى ببطاقة ووضعها بخشاب وذهب خشية النفرة ، ولما وصلت بيد القبرنور ألفاها مبعوثة من عند الأمير لقايد مرسى الجزائر المشهور مضمنها : أيها الفرانسيس أنتم تحبون الخيل الذين لهم (كذا) ذيل

١٩١

قصير ، فنرجوا من رمكاتنا أن تلد لنا مثل ما تحبونه فناتي بها لكم قادة علامة لإذعاننا لكم بقول بصيرة ، ودخلت المحلة لمستغانيم في خامس نوفمبر (كذا) الموافق للسادس عشر من رمضان المعتبر ، ومنها ذهب المخزن بوهران ، فوصلوها في أمن وأمان ، وفي نوفمبر (كذا) أيضا خرج الكلونيل تمبور بمحلته لكلميت فأخذته صدمة عظيمة ، وحلت بمحلته خسارة جسيمة ، ورجع مسرعا لمستغانيم ، سائلا الفوز بنجاته والتغانيم.

وكان الكلونيل الذي بوهران خرج بمحلته مغربا لناحية الواد المالح ولما وصل للبردية / خرج فيه العدو وتكالب عليه ، ولما رأى أنه لا طاقة له على العدو رجع لوهران بما لديه لكون مصطفى بمخزنه مع القبرنور غائبا ، وسيعود لوهران أيبا ، ولما دخل مصطفى لمستغانيم وصلته الرسائل ليرجع لوهران ليزيل ما بها من الكدور ، ويكون في رفقته الجنرال لفسور فذهبا بالعزم الشديد ، والسير الذي ليس عليه في العزم من المزيد ولما حلا بوهران ألفى مصطفى أمامة الجواسيس وهما الحاج الشيخ البوعلاوي ، ووديعه ، وإبراهيم ولد عدة وسي الحبيب بالزواوي ، فأخبروه بأن العدو ومن جملته الدواير المصادقين ، هم بالنزول ما بين حمام أبي حجر وسيدي عبد الله بن أبركان ، ولا علم لهم بالمحلة وهم في أمن من حالة المترافقين ، فخرج لهم الجنرال لفسور بمحلته ومعه مصطفى بمخزنه في رابع عشر نوفمبر (كذا) عام إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لخامس العشرين من رمضان سنة سبع وخمسين ومائتين وألف ، وأخذ بشاطىء البحر إلى أن خرج على سيدي البارودي وراء جبال غمرة ، فنزل بمحلته وزاد في سيره في الليل (كذا) سير شهرة إلى أن خرج في العدو قبل الفجر في الموضع الذي ذكره له الجواسيس ، فأثخن فيهم بغتة وظفر مصطفى بعدة أناس من الدواير فقطع رؤوسهم وتركهم تصيح عليهم النواقيس ، وهم القايد المولود ولد الحساسنة وبخذة ، وابلوفة بالحاج ، وكان يحتال كثيرا على القاضي سي سليمان بالترادي والقايد الشيخ البوعلاوي ومحمد بن خليفة والعيد بالحنصالي الذين أفلتوا له هاربين وخلصوا منه في صفحة المحتاج ، ثم زاد مصطفى بالمحلة وبما بيده من السبي ليلحق المحلة التي نزلت بوادي المزمومة ثم زاد الجنرال لفسور إلى البريج أمام تلمسان المحتمة ورجع على بلاد بني عامر ودخل وهران من غير

١٩٢

ملاقة عدو ولا أري شيئا من القتال ، وذلك في الثالث والعشرين من نوفمبر (كذا) الموافق للرابع من شهر شوال.

ولما ذهب القبرنور (كذا) للجزائر بعث للجنرال لمرسير ليذهب للمعسكر بالمحلة ، فذهب لها في السابع والعشرين من نوفمبر (كذا) الموافق للثامن من شوال بالقولة التي ليست بذات القلة. ومعه قليل من قوم المخزن الذي عليه الاعتماد ، لمكثهم كثيرا بالمعسكر في القول المراد بعضهم من مخزن مستغانيم وبعضهم من مخزن وهران ، تحت رئاسة قدور ولد عدة ومصطفى بالضيف بالبيان وقد اتخذ الجنرال محمد بالحضري وإسماعيل ولد قادي بمنزلة فسيانين (٢٢٧) معه في كل شيء ملازمين ، وأخذ رجلا جاسوسا يقال له جلول الحضري الحشمي كان بأهله في غاية الإهانة ففر لمستغانيم فاتصل بالجنرال فصيره جاسوسا على الوطن الحشمي وكانت له حيلة ومعرفة كبيرة وطول باع ، لا يحاشى أحدا من مطامير الحشم ومحل نزولهم فكان للدولة به غاية الانتفاع ، بحيث اطلعت به الدولة على سائر المطامير فأخذت ما بها من الحبوب واطلعت على الأماكن المخفية التي يكون (كذا) للحشم وغيرهم السكنى وتعد للهروب ، وأتى للدولة بالحمير وأراهم بما فيها من المنافع فكان الاعتماد عليه في الجولان وما يكون من المضار والمنافع ، وفي حال صدود المحلة من مستغانيم للمعسكر لم يكن بها شيء في الطريق إلى أن وصلت للمعسكر فألفتها في غاية ما يكون بها من الراحة الكثيرة والتوفيق وهم / في انتظار الجيش بالاشتياق لشدة ما حصل من ألم الافتراق ، وكان جلول الحضري وعد الجنرال بالاطلاع على مطمر كاشرو والمعروف بالمطمر الأبيض وشاق (كذا) الجنرال لأخذه إلى أن أخذه بالنفل والفرض ، ثم غزت المحلة على (كذا) أولاد سيدي دحّ (كذا) فأخذته أخذة شنيعة ، وصيرتهم صيرورة فضيعة ، وكان ذلك في ثامن من دسانبر سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وألف الموافقة لعام سبعة وخمسين ومائتين وألف ، وسبب هذه الغزوة أن جيش الأمير غزى المعسكر وأخذ لها جميع المواشي ، وأسر لينتال (كذا) مراندول (٢٢٨) وتركه في التلاشي وجاء رجلان من عرش مجاهر ببطاقة

__________________

(٢٢٧) يقصد ضابطين من الكلمة الفرنسية : Deux Officiers.

(٢٢٨) يقصد اعتقل أسيرا برتبة ليوتنان من الكلمة الفرنسية : Lieutenant ، وهو مراندول المذكور.

١٩٣

للجنرال ، وباتا بأولاد سيدي دحّ فأضروا بهما إضرارا مفضيا للنكال ولما أخبرا الجنرال بذلك استغاط مع ما فيه من الغضب على ما حل بجيشه من جيش الأمير ، فغزى أولا سيدي دحّ نكاية لهم بالأمر المدير ، ثم وقع قتال شديد بين الدولة وخيالة الأمير بماوسة ، كان الظهور فيه للدولة وأسرت آغة الخيالة وهو بن عيسى بواقعة مطمر كاشرو وماسة ، كما حصل الظفر بخيالة بن عيسى وأتوا معه أسارا ، وصارت الدولة تروم البراز جهارا ، وبماوسة حصل للدولة خسران كبير ، لشدة المطر المترادف الغزير ، ثم رجعت الدولة للبرج ودخلت محلتها للمعسكر ، بعد القتال الذريع بالبرج في المشتهر ، وكان ذلك في الثامن والعشرين من دسانبر المذكور ، وأتى بالزاد من وهران الجنرال بيد (BEDEAU) للمعسكر ومعه الكولونيل طنبور : وذلك في آخر جانفي من سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف الموافقة لعام ثمانية وخمسين ومائتين وألف ، وأخذ الجنرال جميع الأسارى وذهب لمستغانيم ، فحل به الوحل الذي مات به القبطان مرزور في خضخاض ذميم.

ثم خرجت المحلة من المعسكر وذهبت لجبل نسمطى فألفت به بارودا كثيرا مدفونا به للأمير ، فأخذته بالفرح والسرور الكثير ، وحصلت المخالطة بين الدولة والحساسنة والجعافرة بالإذعان ، حتى أن مرابطهم العربي جاء بأهله بأمر عرشيه للمعسكر وسكن في الأمن والأمان ، وبعد غازية أولاد سيدي دحّ أذعن بنوا شقران ، وسائر الأعراش الحائطة بالمعسكر وصارت في الراحة والأمان ، وعمر سوق المعسكر وغيرها وكثر البيع والشراء بين النصارى والعربان ، واستقام الخطّ الممدود من مستغانيم للمعسكر بغاية ما كان ، وكان الجنرال بيدو : غزى في اليوم الثامن من دسانبر المار الذي وقعت فيه الغازية من المعسكر على أولاد سيدي دحّ ذات الأحوال الشراقة ، غزى غزوة عظيمة على مجاهر والبرجية الذين بسرات وغيرهم والعبيد الشراقة وأذعنوا له بالطاعة إذعانا عظيما ، وتركوا الجنوح للأمير تركا جسيما ، وصارت المراسلة بين هؤلاء والجنرال ليست بمنقطعة ، ولا مبتوتة ولا منصدعة ، وكانت طاعة جل الأعراش في شهر فبري (كذا) سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافقة لعام ثمانية وخمسين ومائتين وألف.

١٩٤

ظهور الشريف محمد بن عبد الله

قال ثم ظهر بعض التشويش والتخليط ، بالنواحي الغربية بغير التعليط ، بسبب ولهاصة وترارة والغسل وبني عامر ، وذلك أنّ مولاي الشيخ بن علي الذي كان آغة وأزاله البوحميدي لمّا / تولى امتلأ غيظا ونوى الفتك به وصار يدبّر الحيلة للتوصل لإزالته من كل غامر وعامر ، فعمد إلى رجل يقال له السيد محمد بن عبد الله من أولاد سيدي الشيخ الزين بالتل كان شيخ طلبة القرآن محبوبا عند الناس متعبدا ناسكا يزور سيدي أبا مدين المغيث في كل جمعة ماشيا إليه بالحفا بمرآت الناس وقال له قم للتولية علينا فأنت المنصور ، وأنّ البوحميدي هو الذليل المحقور ، فخرج بن عبد الله ذات يوم وصار ينادي في وسط الناس كونوا لنا في الإذعان والطاعة ، فإنّ الحكم من البوحميدي وأميره قد زال وأنا إن شاء الله مولى الساعة ، ولمّا سمع البوحميدي ذلك بعث شواشه وأعوانه للتفتيش عليه ، وحين يتصلون به يأتوا به إليه ، ولمّا رأى بن عبد الله ذلك فرّ إلى ترارة وبني ريمان ، ومكث هناك بريهة من الزمان ، فجنّدت عليه الجنود ، وأتته الحشود والوفود ، وزحف له البوحميدي فلم يطق بن عبد الله على مقاومة الشقاق ، ثم أنف بقومه ، فلم يظفر به وحلّ في لومه ، ولما تضايق الأمر على بن عبد الله ولم يقدر على مقاومة كثير الشقاق ، اتفق مع أصحابه الذين نصروه وأشاروا عليه بالوفاق ، أن يتقصد بمصطفى بن إسماعيل والدولة فتصير له الوقاية ويكون من أهل الصولة ، فبعث رسولا من عنده لمصطفى بن إسماعيل بغاية الاشتهار ، ومن ولهاصة يقال له أحمد ولد مروان المكنى بأبي الأنوار ، وكان شجاعا حيولا ذا سياسة ، وتدبير ومعرفة وقنابصة (كذا) ورياسة ، ولما اجتمع بمصطفى سأل منه على لسان بن عبد الله الإعانة والنصرة ، بمخزنه وجيش الدولة على الأمير وخلفائه بغاية الرسوخ ، وقال له في مكتوبه إذا خرجت المحال فاني نجتمع بها في سبعة شيوخ ، فخرج للقائه مصطفى بن إسماعيل بمخزنه ومعه الكولونيل تنبور بمحلّته من وهران في ثالث دسانبر من السنة المذكورة ، الموافق للرابع عشر من شوال من السنة المزبورة ، ومرّ بحمّام أبي حجر ووصل ليلا لمحل الاجتماع ، فبات به وظل به من الغد ولمّا لم يظهر له خبر خشي من الخداع ، لاكنّه (كذا) لم يبرح من مكانه ، ولا خالف الوعد ، بزمانه ، فبينما هو بذلك المكان وإذا ببعض

١٩٥

الجواسيس أتوه من عنده وقالوا له أنه لقادم للقائك بغير التوان ، ولمّا مرّ بمديونة لم يتركوه يأتي بلا ضيافة ، فسمع البوحميدي وهجم عليه وأبطلهم من تلك الضيافة ، وحرق لهم الخيام ، ولمّ يخلص منه بن عبد الله إلا بالفرار لترارة بأشد الزام ، ولمّا سمع مصطفى ذلك انقلب راجعا لوهران ، فتلاقى به فرسان من الأغواط مذعنين له لما سمعوا به في ذلك المكان ، فبعث معهم شرذمة من مخزنه لخيامهم بأغلال من بلاد أولاد الزاير ، لينقلوهم من ذلك المحل وينزلوهم بوسط مخزن الدواير.

ثم بعث بن عبد الله مرّة أخرى للاجتماع ، فخرج له مصطفى كعادته بالمحلّة ومعه الكولونيل المذكور بلا نزاع ، في ثامن عشر دسانبر ، الموافق للتاسع والعشرين من شوال بلا مخابر ، ونزلت المحلّة بسيدي أحمد أبي كراع ، قرب حمام أبي حجر بلا نزاع ، وأذعن له بذلك المحل عدة نجوع ، ففرح بهم وذهبوا في نفوع.

ثم في ثامن العشرين من الشهر المذكور ، الموافق لتاسع ذي القعدة الحرام من الشهور ، / ذهب الكولونيل طنبور : ومعه فسيالات (كذا) ومصطفى بن إسماعيل ، بمخزنه بعد ما تركوا المحلّة بموضعها إلى كدية الدّيس ، لملاقاة بن عبد الله بقرب عين البريج في غاية التحديس ، ولمّا رآهم بن عبد الله ترك قومه في رأس الحمّار ، وأتاهم بصحبته آغته مولاي الشيخ ذو الافتخار ، وقصد مصطفى بمن معه من الدولة ، فترجّل الجميع وجلسوا حذاء دومة للاتفاق على ما يئول (كذا) للصولة ، فأتى الكولونيل وأهدى بن عبد الله هدية جليلة ، وجعله في حماية الدولة قولة جميلة ، وعيّن له خراجا سنويا يأخذه مفضوضا مشاهدة قدره ثمانية عشر ألف فرنك وبما وقع بينهما الاتفاق حصل عليه الافتراق ، فمنها الكولونيل رجع بأمر القبرنور لوهران ، ومنها مصطفى ذهب وفي صحبته بن عبد الله لناحية تلمسان ليعطيه (كذا) المحلّة التي اتفق معه عليها لقتال الأمير وأتباعه حيث كان ، وبقي مولاي الشيخ في محلّته ، متأمّرا عليها ويجول في جولته.

ثم قدم القبرنور من الجزائر ووصل لوهران في العشرين من جانفي سنة

١٩٦

اثنين وأربعين وثمانمائة وألف الموافق لثاني ذي الحجة من عام سبع وخمسين ومائتين وألف ، وخرجت المحلّة التي تحت رئاسته من الجزائر في الرابع والعشرين هذا الشهر من السنة المشهورة ، الموافق للسادس من ذي الحجة المار من السنة المزبورة ووصلت لتلمسان في ثلاثين من الشهر المذكور ، الموافق للثاني عشر من ذي الحجة المزبور.

ثم خرجت إلى أولاد رياح في ثاني فبري (كذا) من تلك السنة ، الموافق للخامس عشر من ذي الحجة من السنة المعنية ، وفي هذه الأيام هجم البوحميدي على بعض خيام الدواير الذين بالخندق ليلا وأخرجهم من الخندق ، وهذه بلية صارت الناس من أجلها في غاية القلق. قال ولنرجع بالكلام إلى الأمير الذي أمر خليفته الحاج مصطفى بمقاتلة النجوع التي بدائرة المعسكر ، وأتى هو لناحية تلمسان لجمع الجيوش في المعتبر ، فإنّه في رابع فبري (كذا) تلاقى بمحلّة القبرنور : فأمر القبرنور مخزنه بقتاله فانتضوا عليه كالصقور ، وأثخنوا فيه بالقتل الكثير وهزموه إلى أن بلغ لأولاد سيدي المجاهد ، وسبوا منه ستا وثلاثين فرسا وأتوا بأسارى كثيرة في المصافد ، وهذه المقاتلة قد انفرد بها المخزن وحده ، فبلغ بها الثناء الجزيل ومجده ، ودخل القبرنور : بكافة محلّته تلمسان ، واستقرّ بها برهة من الزمان.

ثم خرج القبرنور : بمحلّته من تلمسان إلى سبدو الذي هو في حدّ التل من بلاد أولاد ورياش ، لكونه من أوتاد الأمير كسعيدة وتاقدمت بعمالة وهران وطازة (كذا) بعمالة الجزائر بالارتياش ، ولمّا وصله هدمه في تاسع فبري (كذا) على مالسزياري (٢٢٩) (كذا) الموافق للثاني والعشرين في ذي الحجة. وعلى ما لمرطبلي في الرابع والعشرين من الشهر المذكور ، الموافق لثامن محرم فاتح ثمان وخمسين ومائتين وألف في المسطور ، وأذعنت الناس بالجهة الشرقية إذعانا تاما من شلف للمعسكر ، ومنها لرزيو في المعتبر ولم يبق خارج عن الطاعة إلا لغرابة ، قد تحيزوا بأماكن يرون أن لا تكون لهم بها الاسترابة ، ولما رأوا الدولة قد أحاطت بهم من كل جهة ، ولم يجدوا سبيلا للوجيهة / بعثوا للقبرنور :

__________________

(٢٢٩) يقصد رواية استيرازي ، في كتابه عن مخزن وهران المشار إليه سابقا.

١٩٧

بالإذعان ، ومعهم طرف من بني عامر والحشم وأحبّوا أن يكونوا من الدولة في الأمان ، فقبل كلامهم القبرنور : وأذعنوا ، وأزال ما بهم من الخوف وتامّنوا ، حدّثني آغة الغرابة الحاج عدّة ولد الموسوم ، أن الغرابة لما أذعنوا وصاروا من جيش مصطفى بن إسماعيل قال الحمد لله الذي جمع الخيمة التي كانت مفترقة بالرسوم ، حيث الأعراش الأربعة المخزنية صارت في قبضة واحدة وذهب ما بهم من النيّة الحائدة.

ثم بعث القبرنور : للجنرال بيدو : بمستغانيم وأمره بالذهاب لجهة تلمسان ، ليفتش على محلّة الأمير ويقاتلها حيث ما وجدها وفي أي مكان ، فذهب فورا لما أمر به ووصل لتلمسان في رابع عشرين فبري (كذا) من سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف الموافق للتاسع من المحرم الفاتح لسنة ثمان وخمسين ومائتين وألف. ثم خرج على الغسل ووصل لندرومة فأذعنوا له من غير اختلاف ، ثم زاد مصطفى وابن أخيه المزاري بمخزنهما إلى قرية الكاف ، فأمر مصطفى المخزن بالنزول والدخول عليهم في الغيران ، ففعلوا وأخذوهم عن آخرهم أخذة شديدة الأحزان ، ولمّا رأت الدّشور (كذا) التي بحوائط الكاف ذلك النكال ، بادروا للإذعان من غير القتال ، ولما تولى الجنرال داربو فيل :(D\'ARBOUVILLE) على مستغانيم بدلا من الجنرال بيدو الذي ارتقى لتلمسان ، جمع جيشا عرمرما وخرج به لترتيب فليتة بحسب الإمكان ، ثم ذهب لتاقدمت ولما صار بمدغوسة وقع الثلج العظيم ، فذهب لفرندة وبمروره غزى غزوة كبيرة ظفر فيها بالسّبي الجسيم ، فبينما هو كذلك وإذا بالمطر السائل كأفواه القرب تزايد فدخل محلّته للغابة لنيل الأرب ، وفلت من يده كثير السبي والأسارا (كذا) ، ومات الكثير من باقي الأسارا ، ومات له أربعون فرسا ما بين خيل الطبجية ولتران (كذا) والتجأ إلى كهوف افرندة للنجاة ، وقدم في تلك اليلة (كذا) صدامة لمحلّة دوليني وكان ليتنان (كذا) ، لكون تلف بالنهار مع بعض الخيالة ، وأرادوا التغلظ عليه ثم أذعنوا في حالة الجيالة وبقيت تلك المحلّة نصف شهر لا تأكل إلا حبوب المطامير ، ولما انجلا الحال جاءت تلك المحلّة مع طريق أم العساكير (كذا) وكان ذلك في شهر مارس سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافقة لعام ثمان وخمسين ومائتين وألف ، وذهب الحشم لجبل البرج في المشهور ، وذهب الغرابة والقطارنية وأولاد

١٩٨

سليمان لوهران لملاقات القبرنور : ولمّا اجتمعوا به سألوه أن يجعل لهم حدود النجوع ، ولا يدعها مهملة ليلا (كذا) يتولد منها بعض الصدوع.

قال ولنرجع بالكلام على بن عبد الله فإنه لما رأى أنه لا فائدة له في المقاتلة للأمير مع الدولة ، ورام أن يحصل له الثناء والمزية وحده ويفوز بالصولة وكان الأمير أراد أن يرد لنفسه من رعيته كل من أذعن للدولة ، فجمع جيشا لقتال الأمير بالنكاية ، فسمع به الأمير وهجم عليه ليلا وأخذ محلّته ففرّ هاربا لعين الحوت سائلا للوقاية ، ثم قدم عند الجنرال بيدو : فجعل له صلة بغاية الوصف ، إلى أن ذهب للحجاز في سنة ست وأربعين وثمانمائة وألف.

ثم هجم الأمير على من كان بقربه / من أولاد سيدي الخوان وأولاد عومر من الغسل فأخذ أموالهم غنما وغيرها ، ومرّ على حمام بن زمرة وتافنة غانما خيرها ، فسمع به مصطفى بن إسماعيل صباحا فلحقه بمخزنه في ذلك الوقت وفك له الغنيمة ، ولم يخلص منه بالفرار لترارة باكيا نواحا ، وكانت مدة العيبة ثلثي اليوم ، ودخل لتلمسان بتلك الغنيمة والأمير حل في اللوم.

ثم جاء السرسور لوهران لإراحة المخزن في سابع إبريل سنة اثنين وأربعين وثمانمائة وألف ، الموافق لثاني عشر صفر سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف ، وجاء الجنرال داربوفيل : لمستغانيم كما مرّ في البيان ، فبعد أيام خرج على شلف وزاد لدار آغة بن عرّاش بالبيان ، وصحبته المزاري وقدور بالمخفي بمخزنهما جهارا فبمجرد حلوله بها خرّبها وأضرمها نارا ، وبذلك المحل أذعنت العرب من مينا لأولاد خويدم ، وأذعن للجنرال لمرسيار : بعد المحلّة الكبيرة غير ما مرة طرف من فليتة وجميع صدامة والحوارث والحشم والكثير من أهل اليعقوبية بغير عويدم.

ثم أمر القبرنور بانتظام محلّة بمستغانيم في أول يوم من ماي الموافق للسادس عشر من ربيع الأول تكون تحت رئاسته ، ليغزوا (كذا) بها على النواحي الشرقية إلى أن يربصها بسياسته. ولما سمع الجنرال أبو هراوة صمّم على الجولان بتلك المحلّة المنتظمة للقبرنور : وخرج من المعسكر لمستغانيم وجمع الزاد وأمر الأعراش المذعنين بالخروج مع المحلّة فلبّوه لذلك بغاية السرور ،

١٩٩

وذهب للنواحي الغربية بشلف لتدويخ العصات (كذا). وقد خرج الجنرال شانقرني :(CHANGARNIER) بمحلّته من مليانة مغربا لتدويخ البغات ، وغرضه الاجتماع بأبي هراوة بوادي الروينة الذي يحصل به الفرح حين الملاقات (كذا) وتذهب كل الغبينة ، لكون أبي هراوة كان معه قبل هذه الجولة الجيش العظيم ، الذي فيه مصطفى بن إسماعيل وابن أخيه المزاري بمخزنهما وقوم كثيرة من بني مطهر وأولاد بالغ المذعنين سابقا في القول العميم ، وجال بهم تنيرة وضاية بخراج وكرسوط ، والوهابية وأولاد سيدي يحيى وذوي ثابت وبني مريانن إلى أن دخل المعسكر في غاية البسوط ورجع مصطفى بمخزنه لحماية وهران ، وبقي أبو هراوة بالمعسكرة وظنّ شانقرني : أنّ المخزن لا زال معه مجتمعا فأتى ليراه لما يسمع عنه من بسالة الشجعان ، وفي تاسع ماي الموافق للرابع والعشرين من ربيع الأول دخلت المحلّة للمعسكر ، وجلس لمرسيار : بها وللأمر بالمنتظر.

ثم خرجت المحلّة من مستغانيم تحت رئاسة الجنرال برجلي : وفيها ثمانية فواس (كذا) من العرب تحت رئاسة قدور بالمخفي منهم بالمصابيح بن ساحة ، فجالت يمينا وشمالا ورجعت ولم تر جناحه.

ثم خرج القبرنور : في خامس عشر ماي الموافق لثلاثين ربيع الأول بالمحلّة التي كانت في انتظاره مقيمة بسيدي بالعسل ، فجال بها يمينا وشمالا ورجع لمحلّه الأول ، وفي ثامن عشر ماي الموافق لثالث ربيع الثاني ، خرج القبرنور بيج أيضا بمحلّته ومعه من المخزن ألفي / فارس تحت رئاسة الحاج المزاري ومصاحبا له قدور بالمخفي في غاية التبياني ، وذهب لتدويخ بني زروال وغيرهم من الأعراش ، الذين أذعنوا ثم حصل منهم التخالف والتشواش ، فأطاعوه قهرا ، ودخلوا في حكمه قسرا ، وانجرح بالمزاري فرسه بغير قول قال ، وتعرف هذه الواقعة بواقعة سبت بني زروال.

وأخذ المزاري في ذلك اليوم علامة الافتخار ، كما تعرف تلك الواقعة أيضا بغازية الكاف الأصفر في السر والإجهار ، وقد أثخن المخزن في العدو إثخانا عظيما ، ونال من الدولة ثناء جميلا وشكرا جسيما ، ومات من جيش الكولونيل لتورجين في تلك الواقعة خلق كثير ، وفاز بعده بالظفر الكبير ، وتمادا

٢٠٠