تفسير الحبري

أبو عبد الله الكوفي الحسين ابن الحكم بن مسلم الحبري

تفسير الحبري

المؤلف:

أبو عبد الله الكوفي الحسين ابن الحكم بن مسلم الحبري


المحقق: السيد محمد رضا الحسيني
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٩٦

و من مجموع هذه الملاحظات حصل لنا اطمئنان بأنّ «تفسير الحبريّ» هو عبارة عن كتابنا هذا المسمّى «ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام ».

و قد دفعت هذه الملاحظة الى القول بأنّه «يستشعر من مجموع أسانيد الحسكانيّ و نقوله أنّ للحبريّ كتابين، هما «التفسير» و «ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام » و لذا نجد في كتاب «شواهد التنزيل» أحاديث لم تذكر في هذا الكتاب (١) .

أقول : إنّ روايات الحسكانيّ عن الحبريّ كثيرة جدّا و تنقسم الى ما يلي :

١ ــ ما رواه مصرّحا بوجوده في التفسير، و جميع ذلك موجود في كتابنا هذا، عدا الحديث المتقدّم ذكره.

٢ ــ ما رواه عن كتابنا هذا، بطرقه المختلفة و منها طريق المرزبانيّ راوي النسختين المعتمدتين، لكنه لم يذكره و لا في مورد واحد باسم «ما نزل ..».

٣ ــ ما رواه بالرواية المعنعنة من دون ذكر للتفسير ممّا لا وجود له في كتابنا.

و اتّحاد القسم الأوّل و الثاني كاف للاعتقاد بكونهما كتابا واحدا يدعى تارة بالتفسير و أخرى بما نزل ...

و أمّا القسم الثالث ــ و هي روايات قليلة لا تشير الى كونها من التفسير أو ما نزل بالخصوص ــ فيمكن فرضها ساقطة من الكتاب في بعض رواياته، و هو

__________________

(١) السيد أحمد الحسيني في ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام (ص ١٩ و ٢٣).

٨١

ما يحصل كثيرا في مؤلّفات القدماء.

و قد تتبّعنا المصادر المختلفة لجمع كلّ ما ورد عن الحبريّ حول أسباب النزول و أضفناه الى هذا الكتاب بعنوان المستدرك عليه.

فإن كان كتابنا هذا هو «التفسير» ــ كما نعتقد ــ فقد أكملناه بالمستدرك، و إلّا، فقد جمع فيه ما يبرّر تسميته ب «تفسير الحبريّ» لجمعه ما يوجد ــ حسب تتبّعنا ــ من رواياته في موضوع التفسير، و الحمد للّه.

المرزبانيّ و الكتاب :

هو أبو عبيد اللّه، محمّد بن عمران، الكاتب البغداديّ.

قال الخطيب في ترجمته : إنّه من محاسن الدنيا ... حسن الترتيب لما يجمعه، مولده (٢٩٦) و وفاته (٣٨٤) (١) .

و ممّا ذكر له من المؤلّفات كتاب «ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام »، ذكره ابن شهرآشوب في المعالم (٢) و نقل عنه في المناقب (٣) و نقل عنه العلّامة المجلسيّ، و قال السيّد المرعشيّ : نقلنا عن كتاب المرزباني بواسطة كتاب «المناقب» للعلّامة الشيخ محمّد بن عليّ بن حيدر المقري الكاشي (٤) .

و المرزبانيّ هو راوي كتاب الحبريّ هذا الذي نقدّم له، فقد جاء في صدر النسختين المعتمدتين ما نصّه : حدّثنا أبو عبيد اللّه محمّد بن عمران‏

__________________

(١) تاريخ بغداد (ج ٣ ص ١٣٥).

(٢) معالم العلماء ــ طبع النجف ــ (ص ١١٨) و الذريعة (ج ١٩ ص ٢٨).

(٣) مناقب آل أبي طالب (ج ٣ ص ٨٣).

(٤) إحقاق الحقّ (ج ٣ ص ٥٢٩ ــ ٥٣٠).

٨٢

المرزبانيّ، قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عبيد الحافظ، قراءة عليه في باب منزله في قطيعة جعفر، يوم الأحد لليلتين بقيتا من ذي الحجّة سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة (١) .

و هو القائل في بداية جميع أحاديث الكتاب : «حدّثنا» راويا عن عليّ ابن محمّد الحافظ، و هو ابن الكوفيّ الراوي للأحاديث كلّها عن الحسين بن الحكم الحبريّ ــ المؤلف ــ الذي يروي الأحاديث عن مشايخه المتعدّدين.

و من هنا يمكننا أن نعرف المؤلّف، حيث أنّ مؤلّف كتاب ما هو الّذي يروي أحاديثه عن مختلف الرّواة، و لا نجد في المعتاد مؤلّفا يؤلّف كتابا لا يروي فيه إلّا عن شيخ واحد جميع روايات الكتاب، إلّا إذا أراد أن يؤلّف مسندا لذلك الشخص، و في هذه الحالة يقال إنّه «مسند فلان» منسوبا الى المرويّ عنه، لا إلى المؤلّف، فلاحظ.

و على هذا الأساس فالمؤلّف هو الحبريّ الّذي يروي عن المشايخ المختلفين دون المرزبانيّ.

مضافا إلى أنّ مجرد الرواية لو كانت مبرّرا لنسبة الكتاب الى الراوي، لكان الحافظ ابن الكوفيّ أولى بالنسبة، لأنّه أقرب الى الحبريّ.

ثمّ إنّ لروايات الكتاب طرقا أخرى ــ غير طريق المرزبانيّ و الحافظ ابن الكوفيّ، تنتهي إلى الحبريّ، و سيأتي تعدادها، و هذا دليل واضح على ارتباط الكتاب بالحبريّ دون من تأخّر عنه من الرواة.

مع أنّ كاتبي النسختين المعتمدتين، و كذلك الحسكانيّ في ما نقله‏

__________________

(١) لاحظ النماذج (٢) و (٨).

٨٣

بطريق المرزباني من روايات الكتاب، صرّحوا بأنّه «جمع الحبريّ» (١) .

و بالرغم ممّا ذكر فإنّ أخي السيّد محمّد حسين الجلالي ذهب إلى احتمال أن يكون ما نسب الى المرزبانيّ هو عين هذا الكتاب، و أنّ الرجل لم يؤلّف كتابا آخر في الموضوع ذاته، فقال : و ظنّي اتّحاد الكتابين، و أنّ الحبريّ جمعه و المرزبانيّ رواه، و أنّ نسبة تأليف الكتاب الى المرزبانيّ لا وجه لها، لأنّه راوية، كما صرّح به ابن النديم في الفهرست، و قال الحمويّ : أكثر رواياته بالإجازة، لكنّه يقول فيها «أخبرنا».

و أضاف : و لو كان الكتاب له لذكره معاصره ابن النديم في الفهرست في جملة مؤلّفاته، فقد ترجم له ترجمة وافية، و دعا له بالبقاء و العافية.

و احتمال أن يكون كلّ من الحبريّ و المرزبانيّ ألّف مستقلا في الموضوع بعيد، و إن كان لا يخلو من وجه (٢) .

أقول : لقد عرفت تصريح المفهرسين بأنّ للمرزبانيّ تأليفا في الموضوع اسمه «ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام » و لو لا ذلك لكان لهذا الظّنّ مجال، لما ذكره من الوجوه، مع أنّها كلّها مخدوشة :

فكون أكثر رواياته بالإجازة، لا ينفي أن يكون من المؤلّفين لبعض الكتب، إلّا على الرأي القائل بأنّ مشايخ الإجازة هم الّذين لا تأليف لهم، و هو رأي ضعيف فنّدناه في كتابنا «إجازة الحديث».

و إنّما أوردوا ذكر ذلك في ترجمته، لمخالفته للاصطلاح في الأداء عمّا

__________________

(١) لاحظ النماذج رقم (٥) و (٩) و شواهد التنزيل (ج ٢ ص ٣٦٦).

(٢) تفسير الحبريّ الطبعة الأولى، التقديم (ص ٢٥).

٨٤

تحمّله بالإجازة، فاللّازم عليه أن يقول «حدّثنا» لأنّ هذه اللّفظة تؤدّي التّحمّل بالإجازة، لا «أخبرنا» التي هي لفظة الأداء عند التحمّل بالسماع أو القراءة، إلّا إذا قيّدها بقوله «إجازة»، و هذا لا ربط له بكونه مؤلّفا لكتاب أو لا.

و أمّا عدم ذكر ابن النديم، كتاب «ما نزل ...» في مؤلّفات المرزبانيّ فلا دلالة فيه إذ أنّ ابن النديم لم يلتزم في كتابه الإستيعاب لمؤلّفات من يترجمه، أو لعلّ المرزبانيّ ألّف الكتاب بعد تأليف الفهرست للنديم.

مع أنّ تصريح المفهرسين بأنّ له كتابا في الموضوع كاف في الإثبات.

ثمّ أيّ مانع في أن يؤلّف كل من الحبريّ و المرزباني كتابا في الموضوع، مع أنّ المؤلّفات فيه كثيرة، و خاصة في ذلك القرن، كما ذكرنا في قائمة المصادر الخاصّة لأسباب النزول.

و لقد أنصف السيّد الأخ حيث جعل ما ذكر أمرا مظنونا فقط، بينما نرى السيد أحمد الحسيني جزم به فقال بهذا الصدد : و قد رواه المرزبانيّ عن الحافظ، و نعتقد [ ! ] أنّه لوجود هذا السند في صدر النسخ عدّ هذا الكتاب من مؤلّفات المرزبانيّ و لم يكن له كتاب خاص يعالج هذا الموضوع (١) .

و لم يورد ما يؤدّي الى هذا الإعتقاد من قريب أو بعيد.

و من المؤسف أنّ كتاب المرزباني غير موجود في أيدينا لنقارنه بكتاب الحبريّ هذا، لكنّا ــ بحمد اللّه ــ عثرنا على بعض الروايات المنقولة عن كتاب «ما نزل ...» للمرزباني، ممّا لا أثر له بنصّه في كتاب الحبريّ و لا في شي‏ء من رواياته، و هي :

__________________

(١) ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم‌السلام (ص ١٨).

٨٥

١ ــ قال ابن شهرآشوب : الحسكانيّ في شواهد التنزيل (١) ، و المرزبانيّ في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه‌السلام : قال أبو برزة : دعا لنا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالطّهور، و عنده عليّ بن أبي طالب، فأخذ بيد عليّ ــ بعد ما تطهّر ــ فألصقها بصدره، ثمّ قال : «إنّما أنت منذر» ثمّ ردّها إلى صدر عليّ، ثمّ قال : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (٢) ثمّ قال : أنت منار الأنام و راية الهدى، و أمين القرآن، و أشهد على ذلك أنّك كذلك.

أقول : أورده الحسكانيّ في الشواهد برقم (٤١٤) بقوله : حدّثني أبو الحسن الفارسيّ، أبو محمّد بن عبد اللّه بن محمّد الشيبانيّ، أحمد بن عليّ ابن زرين الياشي، عبد اللّه بن الحرث، إبراهيم بن الحكم بن ظهير، قال :

حدّثنى أبي، عن حكيم بن جبير، عن أبي برزة الأسلميّ (٣) و أورد الحديث.

أقول : الحديث يتعلّق بنزول الآية (٧) من سورة الرعد رقم (١٣) و قد ورد في كتاب الحبريّ هذا حديثان فيها برقم (٣٨) عن ابن عباس، و برقم (٣٩) عن أبي برزة، و الراوي عن أبي برزة فيه هو أبو داود، و حديثه مختصر، فلاحظ.

و من هنا ظهر الإختلاف بين ما ورد في كتاب المرزباني مع ما في كتاب الحبريّ.

٢ ــ روى الحبريّ، الحديث (٥٧) في تفسير آية التطهير، بإسناده عن‏

__________________

(١) شواهد التنزيل (ج ١ ص ٣٠١) و انظر تخريج الحديث (٣٩) فيما يلي.

(٢) الآية (٧) من سورة الرعد (١٣).

(٣) كذا الصحيح و طبع في المصدر (أبو فروة السّلمي) و هو غلط، و انظر تخريج الحديث (٣٨) فيما يلي.

٨٦

أبي الحمراء خادم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و روى السيّد المرعشيّ في الإحقاق، نفس الحديث عن المرزبانيّ بسنده الى أبي الحمراء. و بين النقلين اختلاف كبير، ممّا يدلّ بوضوح على تعدّد الكتابين و قال السيّد المرعشيّ ــ بعد إيراد الحديث ــ : و نقلنا من كتاب المرزبانيّ بواسطة كتاب «المناقب» للعلّامة الشيخ محمّد بن عليّ بن حيدر المقري الكاشيّ، و النسخة مخطوطة و هي من نفائس كتب الفضائل (١) .

٣ ــ الحديث (١٩) من كتابنا هذا في نزول الآية (٥٤) من سورة النساء رقم (٤) قوله تعالى : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) إلى آخر الآية، نزلت في رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما أعطاه اللّه من الفضل.

هكذا جاء الحديث في كتابنا، لكن روى ابن شهرآشوب في المناقب عن أبي الفتوح الرازيّ ما ذكره أبو عبد اللّه المرزباني بسنده عن الكلبيّ عن أبي صالح في الآية : نزلت في رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله و في عليّ.

كذا نقله السيّد البحرانيّ في كتبه، كما ذكرناه في تخريج الحديث المذكور.

و من الواضح الإختلاف الشاسع بين متن الحديث و كذا في الكتابين، سنده أ ليس ذلك دليلا على تعدّدهما؟!

و أمّا ما يلاحظ أحيانا من الاتّفاق بين المنقول عن كتاب المرزبانيّ، و بين الموجود في كتاب الحبريّ هذا، فمنشؤه ــ حسب اعتقادي ــ أنّ‏

__________________

(١) إحقاق الحقّ (ج ص ٥٢٩ ــ ٥٣٠).

٨٧

المرزبانيّ و هو راو لكتاب الحبريّ، قد أورد جميع ما في كتاب الحبريّ بسنده في كتابه الّذي ألّفه في الموضوع نفسه، و أضاف عليه ما رواه عن غيره بأسانيد أخرى.

٨٨

٢

موضوع الكتاب

بين التفسير و العقائد :

إنّ هذا الكتاب يتصدّى لأداء مهمّة مزدوجة في مجال المعارف الإسلاميّة :

١ ــ فمن ناحية يعنى بالتفسير، حيث أنّه يبيّن أسباب النزول لآيات قرآنية، و هذا الأسلوب في تفسير القرآن من أقدم المناهج الملتزمة في التفسير، كما أنّ الكتاب يعتبر من أقدم المؤلّفات فيه على هذا المنهج.

٢ ــ و من ناحية أخرى يعنى بالعقائد، حيث جمع فيه الآيات النازلة في حقّ أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام ، المنبئة عن سامي مقامه و جليل منزلته.

و كتابنا هذا من أوائل الكتب المؤلّفة في هذا الموضوع، فهو عريق في القدم من الناحية التراثيّة.

كما أنّ الموضوع له أهميّة بالغة من الناحية العقائديّة و الفكريّة ممّا دعا المؤلّف الى التأليف فيه، شأنه شأن كبار المؤلّفين في عصره.

و أعتقد أنّ المؤلّف قد تنبّه إلى الخطر الناجم من استمرار الصراع بين فرق الأمّة و طوائفها المتشتّتة، فسعى بتأليفه هذا الى تأليف القلوب، فاستغلّ علمه لجعل حدّ لذلك النزاع المستعصي.

٨٩

إنّ اللّجوء الى هذا الشكل من التأليف، يثمر المطلوب، لوجهين :

أولا : لأنّ ربط قضيّة عقائديّة بالقرآن، إنّما يضفي عليها قدسيّة نابعة من قدسيّة القرآن و كرامته، فالاستدلال بالآية القرآنيّة على أمر متنازع فيه يكون حاسما للنزاع و قاطعا للخلاف بالإجماع من كلّ الفرق الإسلاميّة، لإيمانهم بالقرآن و التزامهم بما يدلّ عليه.

و ثانيا : لأنّ إيراد الأحاديث المسندة المتّصلة بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أصحابه الأتقياء الكرام و بطريق كبار علماء الحديث، و الّتي تدلّ على أفضليّة الإمام و تقدّمه، يؤدّي بلا ريب الى الإجماع و اتّفاق الكلمة، و يكون بيانا مشتركا من كلّ الفرق المتنازعة، فكلّهم يعتمد على ذلك كحجّة شرعيّة.

و بذلك يجتمع في هذا الكتاب القرآن و السنّة معا على إثبات إمامة الإمام و تفضيله، و يتحقّق بذلك أيضا هدف المؤلّف من تأليفه و كفى به هدفا ساميا في تلك العصور الحالكة.

و لأجل الوقوف على موضوع الكتاب، و معرفة أهداف المؤلّف في تأليفه، لا بدّ لنا من بيان أمرين :

١ ــ معرفة أسباب النزول و مصادرها و بيان أهمّيّتها علميّا.

٢ ــ بيان الصلة بين القرآن و بين الإمام عليّ عليه‌السلام .

فنقول :

٩٠

الأمر الأوّل

أسباب نزول القرآن‏

( ١ ) أهميّتها

اهتمّ المفسّرون بذكر أسباب النزول، فجعلوا معرفتها من الضروريّات لمن يريد فهم القرآن و الوقوف على أسراره، و أكّد الأئمّة على هذا الاهتمام، فجعله الإمام أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام من الأمور التي لو لم يعرفها المتصدّي لمعرفة القرآن لم يكن عالما بالقرآن، فقال عليه‌السلام : اعلموا رحمكم اللّه أنّه من لم يعرف من كتاب اللّه : الناسخ و المنسوخ، و الخاصّ و العامّ، و المحكم و المتشابه، و الرخص من العزائم، و المكّيّ من المدنيّ، و أسباب التنزيل ...، فليس بعالم القرآن، و لا هو من أهله (١) .

و من هنا نعرف سرّ عناية الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام بأمر نزول القرآن و معرفة أسبابه و مواقعه، فقد كان يعلن دائما عن علمه بذلك، و يصرّح باطّلاعه الكامل على هذا القبيل من المعارف الإسلاميّة :

ففي رواية رواها أبو نعيم الإصبهانيّ في «حلية الأولياء» عن الإمام‏

__________________

(١) بحار الأنوار للمجلسي (ج ٩٣ ص ٩) نقلا عن تفسير النعماني.

٩١

عليّ عليه‌السلام أنّه قال : و اللّه ما نزلت آية إلّا و قد علمت فيما أنزلت! و أين أنزلت! إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا و لسانا سئولا (١) .

و قال عليه‌السلام : و اللّه ما نزلت آية في ليل أو نهار، و لا سهل و لا جبل و لا برّ و لا بحر، إلّا و قد عرفت أيّ ساعة نزلت! أو في من نزلت! (٢) .

و إذا كان أمر نزول القرآن ــ و منه أسبابه ــ بهذه المثابة من الأهميّة عند الإمام عليّ عليه‌السلام ، و هو القمّة الشمّاء بين العارفين بالقرآن و علومه، بل هو معلّم القرآن بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما في الحديث عن أنس بن مالك، قال النبيّ : عليّ يعلّم الناس بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون يخبرهم. [ شواهد التنزيل ج ١ ص ٢٩ ].

و قال المفسّر ابن عطيّة : «فأمّا صدر المفسّرين و المؤيّد فيهم فعليّ بن أبي طالب» (٣) .

فإنّ أهمّية أسباب النزول و معرفتها تكون واضحة، حيث تعدّ من الشروط الأساسيّة لمن يريد التعرّف على القرآن.

و قد أفصح عن ذلك الأعلام و المؤلّفون أيضا :

قال الواحديّ : إذ هي [ يعني الأسباب‏ ] اولى ما يجب الوقوف عليها،

__________________

(١) تأسيس الشيعة (ص ٣١٨)، و سيأتي في نهاية هذا البحث ذكر أحاديث اخرى بهذا المضمون.

(٢) تفسير الحبري، الحديث (٣٦)، شواهد التنزيل للحسكاني (ج ١ ص ٢٨٠)، و سنتحدّث في خاتمة هذا البحث عن ارتباط الإمام بالقرآن.

(٣) المحرّر الوجيز (ج ١ ص ٨ ــ ٩) من مخطوطة دار الكتب المصريّة رقم (١٦٨) تفسير، بواسطة البرهان للزركشي (ج ١ ص ٨) بتحقيق أبو الفضل إبراهيم.

٩٢

فأولى أن تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية و قصد سبيلها دون الوقوف على قصّتها و بيان نزولها (١) .

و قال السيّد العلّامة الفاني : و أمّا وجه الحاجة إلى شأن نزول الآيات، فلأنّ الخطأ في ذلك يفضي الى اتّهام البري‏ء و تبرئة الخائن، كما نرى أنّ بعض الكتّاب القاصرين عن درك الحقائق، يذكرون أنّ شأن نزول آية تحريم الخمر إنّما هو اجتماع عليّ عليه‌السلام مع جماعة في مجلس شرب الخمر، مع أنّ التاريخ يشهد بكذب ذلك، و نرى بعضهم يقول : إنّ قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) إنّما نزلت في شأن ابن ملجم (٢) .

و قال الدكتور البوطي : لمعرفة أسباب نزول الآيات أهميّة كبرى في تجلية معانيها، و الوقوف على حقيقة تفسيرها. إذ ربّ آية من القرآن يعطي ظاهرها دلالات غير مقصودة منها، فإذا وقفت على مناسبتها و سبب نزولها انحسر عنها سبب اللّبس و ظهرت فيها حقيقة المعنى و مدى شموله و اتّساعه (٣) .

و قال الدكتور شوّاخ : نزل القرآن منجّما على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسب مقتضيات الأمور و الحوادث، و هذا يعني أنّ فهم كثير من الآيات القرآنية متوقّف على معرفة أسباب النزول، و هي لا تخرج عن كونها مجرّد قرائن حول النصّ، و قد حرّم العلماء المحقّقون الإقدام على تفسير كتاب اللّه لمن جهل أسباب النزول.

__________________

(١) أسباب النزول للواحدي (ص ٤).

(٢) آراء سماحة السيّد العلّامة الفاني (حول القرآن) (ص ٢٩).

(٣) من روائع القرآن (ص ٤٠).

٩٣

و لذا كان الإقدام على تفسير كتاب اللّه تعالى محرّما على أولئك الّذين يجهلون أسباب النزول و يحاولون معرفة معنى الآية، أو الآيات دون الوقوف على أسباب نزولها و قصّتها (١) .

و بلغ اهتمام علماء القرآن بأسباب النزول إلى حدّ عدّه من أهمّ أنواع علوم القرآن.

فجعله برهان الدين الزركشي أوّل الأنواع في كتابه القيّم «البرهان في علوم القرآن».

و أفرد له السيوطي «النوع التاسع» من كتابه القيّم «الإتقان في علوم القرآن» بعنوان «معرفة أسباب النزول».

و سنأتي في الفقرة التالية من هذا البحث على ذكر المصادر العامّة و الخاصّة لهذا الموضوع.

و بالرغم من الأهميّة البالغة لأسباب النزول، فقد عارض بعض هذا الاهتمام، مستندا إلى امور من الضروري عرضها ثم تقييمها :

الأمر الأوّل : إنّه لا أثر لهذا العلم في التفسير :

قال السيوطيّ : زعم زاعم أنّه لا طائل تحت هذا الفنّ [ أي فنّ أسباب النزول‏ ] لجريانه مجرى التاريخ (٢) .

و مع مخالفة هذا الادّعاء لما ذكره الأئمّة و العلماء كما عرفنا تصريحهم بأنّ معرفة أسباب النزول ممّا يلزم للمفسّر حيث لا يمكن الوقوف على التفسير

__________________

(١) معجم مصنفات القرآن الكريم (ج ١ ص ٦ ــ ١٢٧).

(٢) الإتقان (ج ١ ص ١٠٧).

٩٤

بدونه، بل يحرم كما قيل.

فقد ردّ السيوطي على هذا الزعم بقوله : و قد أخطأ في ذلك، بل له فوائد :

منها : معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.

و منها : تخصيص الحكم به عند من يرى أنّ العبرة بخصوص السبب.

و منها : أنّ اللّفظ قد يكون عامّا، و يقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإنّ دخول صورة السبب قطعيّ.

و منها : دفع توهّم الحصر (١) .

الأمر الثاني : إنّ المورد لا يخصّص :

و اعترض أيضا : بأنّ ما يستفاد من أسباب النزول هو تعيين موارد أحكام الآيات و أسبابها الخاصّة، و من المعلوم أنّ ذلك لا يمكن أن يحدّد مداليل الآيات و لا يخصّص عموم الأحكام، و قد عنون علماء اصول الفقه لهذا البحث بعنوان : «إنّ المورد لا يخصّص الحكم».

قال الاصوليّ المقدسيّ : إذا ورد لفظ العموم على سبب خاصّ لم يسقط عمومه، و كيف ينكر هذا، و أكثر أحكام الشرع نزلت على أسباب كنزول آية الظهار في أوس بن الصامت، و آية اللّعان في هلال بن أميّة. و هكذا (٢) .

__________________

(١) المصدر السابق (ج ١ ص ٧ ــ ١٠٩).

(٢) روضة الناظر و جنّة المناظر لابن قدامة المقدسي (ص ٥ ــ ٢٠٦)، و انظر الإتقان للسيوطي (ج ١ ص ١١٠).

٩٥

و الجواب عنه أوّلا : إنّ البحث الاصوليّ المذكور لا يمسّ المهمّ من بحث أسباب النزول، لأنّ البحث الاصوليّ يتوجّه إلى شمول الأحكام المطروحة في الآيات لغير مواردها، و عدم شمولها، فالبحث يعود إلى أنّ الآية هل تدلّ على الحكم في غير موردها أيضا كما تشمل موردها، أو لا تشمل إلّا موردها دون غيره؟

ففي صورة الشمول لغير موردها أيضا، يمكن الاستدلال بظاهرها الدالّ بالعموم اللفظيّ على الحكم في غير المورد.

و أمّا بالنسبة الى نفس المورد فلا بحث في شمول الآية له، فإنّ شمول الآية له مقطوع به و مجزوم بإرادته، بدلالة نصّ الآية، و هي قطعيّة لا ظنّية؛ حيث أنّ المورد لا يكون خارجا عن الحكم قطعا، لأنّ إخراجه يستلزم تخصيص المورد، و هو من أقبح أشكال التخصيص و فاسد بإجماع الأصوليّين.

قال المقدسيّ في ذيل كلامه السابق، في حديث له عن الآيات النازلة للأحكام في الموارد الخاصّة، ما نصّه : فاللفظ يتناولها [ أي الموارد الخاصّة ] يقينا، و يتناول غيرها ظنّا، إذ لا يسأل عن شي‏ء فيعدل عن بيانه إلى غيره ... فنقل الراوي للسبب مفيد ليبيّن به تناول اللفظ له يقينا، فيمتنع من تخصيصه (١) .

و قال السيوطيّ : إذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإنّ دخول صورة السبب قطعيّ و إخراجها بالاجتهاد ممنوع كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في «التقريب» و لا التفات إلى من شذّ فجوّز

__________________

(١) روضة الناظر (ص ٢٠٦).

٩٦

ذلك (١) .

إذن، لا تسقط فائدة معرفة أسباب النزول من خلال البحث الأصوليّ المذكور، بل تتأكّد.

و ثانيا : إنّ الرجوع إلى أسباب النزول قد لا يرتبط ببحث العموم و الخصوص في الحكم، و إنّما يتعلّق بفهم معنى الآية و تشخيص حدود موردها و تحديد الحكم نفسه من حيث المفهوم العرفيّ، لا السعة و الضيق في موضوعه كما أشير إليه سابقا، و لنذكر لذلك مثالا :

قال اللّه تبارك و تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة (٢) الآية (١٥٨).

قال السيوطيّ : إنّ ظاهر لفظها لا يقتضي أنّ السعي فرض، و قد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيّته، تمسّكا بذلك (٢) .

و وجه ذلك أنّ قوله تعالى : ( فَلَا جُنَاحَ )‏ يدلّ على نفي البأس و الحرج فقط، و لا يدلّ على الإلزام و الوجوب، فإنّ رفع الجناح لا يستلزم الوجوب لكونه أعمّ منه، فكلّ مباح لا جناح فيه، و الواجب ــ أيضا ــ لا جناح فيه، لكنّ فيه إلزام زيادة على المباح، و من الواضح أنّ العامّ لا يستلزم الخاصّ.

لكنّ هذا الاستدلال بظاهر الآية مردود، بأنّ ملاحظة سبب نزولها يكشف عن سرّ التعبير ب ( فَلَا جُنَاحَ )‏ فيها، و ذلك : لأنّ أهل الجاهليّة كانوا

__________________

(١) الإتقان (ج ١ ص ١٠٧).

(٢) المصدر السابق (ج ١ ص ١٠٩).

٩٧

يضعون صنمين على الصفا و المروة، و يتمسّحون بهما لذلك، و يعظّمونهما، و كان المسلمون بعد كسر الأصنام يتحرّجون من الاقتراب من مواضع تلك الأصنام توهّما للحرمة، فنزلت الآية لتقول للمسلمين : إنّ المواضع المذكورة هي من المشاعر التي على المسلمين أن يسعوا فيها فإنّها من واجبات الحجّ، و أمّا قوله تعالى : ( فَلَا جُنَاحَ )‏ فهو لدفع ذلك التحرّج المتوهّم.

فهذا الجواب يبتني على بيان سبب النزول كما أوضحنا و لا يمسّ البحث الاصوليّ المذكور بشي‏ء.

و قد أورد السيوطيّ في «الإتقان» أمثلة اخرى، ممّا يعتمد فهم الآيات فيها على أسباب النزول (١) .

و ثالثا : إنّ هذا البحث الاصوليّ إنّما يجري في آيات الأحكام كما يظهر من عنوانهم له، دون غيرها، و سيأتي مزيد توضيح لهذا الجواب فيما يلي.

و قد أثار ابن تيميّة شبهة حول أهميّة أسباب النزول تعتمد على أساس هذا الاعتراض، ملخّصها : أنّ نزول الآية في حقّ شخص ــ مثلا ــ لا يدلّ على اختصاص ذلك الشخص بالحكم المذكور في الآية، يقول : قد يجي‏ء ــ كثيرا في هذا الباب ــ قولهم : «هذه الآية نزلت في كذا» لا سيّما إذا كان المذكور شخصا كقولهم : إنّ آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن القيس، و إنّ آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد اللّه.

قال : فالّذين قالوا ذلك، لم يقصدوا أنّ حكم الآية يختصّ بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإنّ هذا لا يقوله مسلم و لا عاقل على الإطلاق،

__________________

(١) المصدر نفسه (ج ١ ص ٨ ــ ١٠٩).

٩٨

و الناس ــ و إن تنازعوا في اللّفظ العامّ الوارد على سبب، هل يختصّ بسببه؟ ــ فلم يقل أحد : إنّ عمومات الكتاب و السنّة تختصّ بالشخص المعيّن، و إنّما غاية ما يقال إنّها تختصّ بنوع ذلك الشخص، فتعمّ ما يشبهه.

و الآية التي لها سبب معيّن، إن كانت أمرا أو نهيا، فهي متناولة لذلك الشخص و لغيره ممّن كان بمنزلته، و إن كانت خبرا بمدح أو ذمّ، فهي متناولة لذلك الشخص و لمن كان بمنزلته (١) .

و الجواب عن هذه الشّبهة :

أوّلا : إنّ ما ذكره من «لزوم تعميم الحكم، و عدم قابليّة الآية للتخصيص بشخص معيّن» إنّما يبتني على فرضين :

١ ــ أن يكون الحكم الوارد في الآية شرعيّا فقهيّا.

٢ ــ أن يكون لفظ الموضوع فيها عامّا.

و هذان الأمران متوفّران في الأمثلة التي أوردها، كما هو واضح.

أمّا إذا كانت الآية تدلّ على حكم غير الأحكام الشرعيّة التكليفيّة أو الوضعيّة، أو كان الموضوع فيها بلفظ خاصّ لا عموم فيه، فإنّ ما ذكره من لزوم التعميم و امتناع التخصيص، باطل.

توضيح ذلك : إنّ البحث عن أسباب النزول ليس خاصّا بآيات الأحكام ــ و هي الآيات الخمسمائة المعروفة ــ بل يعمّ كلّ الآيات بما فيها آيات العقائد و القصص و الأخلاق و غيرها، و من الواضح أنّ من غير المعقول‏

__________________

(١) المصدر نفسه (ج ١ ص ١١٢).

٩٩

الالتزام بعموم الأحكام الواردة فيها كلّها.

مثلا : قصّة موسى و فرعون و بني إسرائيل، بما لها من الخصوصيّات المتكرّرة في القرآن، لا معنى للاشتراك فيها، فهي قضيّة في واقعة إنّما ذكرت للاعتبار بها، و يستفاد منها في مجالاتها الخاصّة.

و كذلك إذا كان الموضوع خاصّا لا عموم فيه، فإنّ القول باشتراك حكم الآية بينه و بين من يشبهه، شطط من القول. قال السيوطيّ في آية نزلت في معيّن و لا عموم للفظها : إنّها تقصر عليه قطعا ــ و ذكر مثالا لذلك، ثمّ قال ــ :

و وهم من ظنّ أنّ الآية عامّة في كلّ من عمل عمله، إجراء له على القاعدة، و هذا غلط، فإنّ هذه الآية ليس فيها صيغة عموم (١) .

و قوله تعالى : ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) سورة الكوثر (١٠٨) الآية (٣)، فإنّها نزلت في العاص الّذي كان يعيّر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بعدم النسل و الذرّيّة، فعبّرت عن ذمّه و حكمت عليه بأنّه هو الأبتر، و باعتبار كون الموضوع «شانئ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» فهو خاصّ معيّن، و هذا يعرف من خلال المراجعة إلى سبب النزول، فهل القول باختصاص الحكم في الآية بذلك الشخص فيه مخالفة للكتاب أو السنّة، حتّى لا يقول به مسلم أو عاقل! كما يدّعيه ابن تيميّة.

لكنّه خلط بين هذه الموارد، و بين ما مثّل به من موارد الحكم الشرعي بلفظ عامّ، فاستشهد بتلك على هذه، و هذا من المغالطة الواضحة.

و نجيب عن الشبهة، ثانيا : بأنّ الآية لو كانت تدلّ على حكم‏

__________________

(١) المصدر نفسه (ج ١ ص ١٢ ــ ١١٣).

١٠٠