خلافة الإِمام علي ( ع )
لقد آمن علي بحقه في الخلافة ، ولكن أراده حقاً يطلبه الناس ، ولا يسبقهم إلى طلبه . فخبر حقيقة أمرهم بأن رفض البيعة لنفسه معلناً لهم أنه لا حاجة له في هذا الأمر ، وأنه سيكون في جانب من يختاره المسلمون ، وبذلك أعطاهم الحرية الكاملة والكافية في الإِختيار وتقرير المصير .
لكن المسلمين كانوا يتوافدون نحوه ، فيجتمعون على باب داره مثل الجبال ، كتلاً بشريةً هائلةً يدفعها التفاؤل ويقودها الوثوق ، كل الوثوق بالرجل الذي سيتولى قيادة الأمة في أخطر وأدق مرحلةٍ من مراحل الدولة الإِسلامية .
يجتمعون على باب داره يريدون مبايعته ، وهو مع ذلك معتصم لا يجيبهم إلى شيء لأنه يريدها بيعةً حرةً صادقة تتجسد فيها آمال المسلمين ، غير أنهم ألحّوا عليه بإصرارٍ معلنين رفضهم لكل من يتقدم إلى هذا المنصب سواه ، وقد وضعوه بين اثنتين لا مناص لمسؤول عنهما ولا مهرب له منهما .
الأولى : أن المسلمين أمسوا لا إمام لهم !
الثانية : أنهم لا يرون أحداً أحق بالخلافة منه ، وكلا الأمرين يفرضان على الإِمام أن يتحمل مسؤولياته .