في قوله سبحانه (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (١) : «وكان كلّ من العليّين [علي بن الحسين زين العابدين وعلي بن عبد الله بن عباس أبى الأملاك] يقال له ذو الثفنات [الف ـ ١٤] لأنّ كثرة سجودهما أحدثت مواقعه منهما أشباه ثفنات (٢) البعير (٣)». (٤)
وأبو جعفر ، محمّد بن علي ، باقر علم النبيّين ، سمّاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولقّبه بالباقر لتبقّره في العلم ، وقال : إنّه يبقر العلم بقرا ، وأنبأ جابرا ـ رضى الله عنه ـ أنّك ستدركه ، وقال له : «إذا أدركته فأقرأه منّي السلام.» (٥) والحديث مستفيض الطرق ، متواتر المفاد بالمعنى لدى الخاصّة والعامّة (٦).
وأبو عبد الله ، جعفر بن محمّد الصادق ، ميزان الله الفارق ومصباحه الناطق ، انفجرت منه ينابيع العلوم والحكم ، وانتشرت أزاهير المعارف والاحكام ، أحصى من رجاله المعروفين وزهاء (٧) أربعة آلاف رجل من الحجاز والعراق والشام وخراسان ، ودوّن في مجالسه ـ من أجوبته عن المسائل وأقضيته في الغوامض ـ أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف هي المسمّاة بالاصول ، وأئمّة المذاهب وأكباش العلوم وأعلام الطرائق وعظماء المشايخ يدخلون أنفسهم في حزبه ، ويسندون مسالكهم إلى طريقته ، ويتبجّحون (٨) بالاستناد إلى بابه ، ويباهون بالانتساب إلى جنابه. كان مالك (٩) اذا سئل في
__________________
(١) الفتح ، ٢٩.
(٢) ثفنات البعير : هي ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ.
(٣) «الكشاف» ، ج ٤ / ٣٤٧.
(٤) ولتفصيل مناقبه فليراجع : «المناقب» لابن شهر آشوب ، ج ٤ / ١٢٩ ، «كشف الغمة» ، ج ٣ / ١٨٥ و «تذكرة الخواصّ» ، ص ٣٢٤.
(٥) راجع : «كشف الغمة» ، ج ٢ / ٣٣١.
(٦) ولتفصيل مناقبه فليراجع : «كشف الغمة» ، ج ٢ / ٣٢٩ ، «المناقب» لابن شهر آشوب ، ج ٤ / ١٢٩ و «تذكرة الخواصّ» ، ص ٣٣٦.
(٧) الزهاء : بفتح الزاء ، المقدار.
(٨) يتبجحون : ـ في الغنى أى يتوسع غناه ، بجح أى فرح ، تباجح أى افتخر.
(٩) قال مالك بن انس : ما رأت عين ، ولا سمعت اذن ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق (ع) فضلا وعلما وعبادة وورعا.
راجع : «المناقب» لابن شهر آشوب ، ج ٤ / ٢٤٨.