• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومعلوم أنّ البيت الحرام الذي جعله الله سبحانه للناس قياماً هو موضع للعبادة لا دار للولادة ، فولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه بما يكتنفها من ظواهر إعجازية خارجة عن المألوف وعن موارد المصادفة ، دليل على أنّ تلك الولادة كانت اصطفاءً تتجلّى فيه آثار المشيئة الربّانية وتحفّه الإرادة الإلهية ، وتلك هي خصوصيّة المكان التي تفرّد بها وليد الكعبة بمقتضى عناية الله بوليّه ، وتفضّله على وصيّ نبيّه صلى الله عليه وآله : (وَاللَّـهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١).

وليس عبثاً أن تتجلّى مشيئة الخالق في ولادة وصيّ النبيّ الخاتم صلى الله عليه وآله في بيته العتيق ، ما دام ثمّة تقارنٌ وتواصلٌ وتعاطٍ بين البيت والوصيّ في جهات عديدة :

منها : الاصطفاء الإلهيّ :

فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام : «أنّ الله اختار من كلّ شيء شيئاً ، واختار من الأرض موضع الكعبة» (٢).

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال لابنته فاطمة عليها السلام : «إنّ الله اطّلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيّاً ، ثم اطّلع ثانية فاختار من الخلائق عليّاً ، فأوحى إليّ فزوّجتكِ إياه ، واتخذته وصيّاً ووزيراً» (٣).

ومنها : الفضل والخلافة :

فالكعبة أكرم البيوت على وجه الأرض ، وأوّل بيتٍ شرّفه الله وعظّمه وجعله مثابة للعبادة في الأرض على نمط الضُّراح ـ أو البيت المعمور ـ الذي هو مثابةٌ لعبادة سكّان السماء.

وقد جعل الله سبحانه الكعبة نسخةً من البيت المعمور مضارعةً له في المكان والمنزلة.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٠٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه (للصدوق) : ٢ : ١٥٧ / ٦٧٩.

(٣) مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام (لابن المغازلي) : ١٥١ ، ومناقب علي بن أبي طالب عليه السلام (للخوارزمي) : ٢٠٦ ، وكنز العمال (للمتقي الهندي) ١١ : ٦٠٤ / ٣٢٩٢٣.