بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إن معنى تخريبها بأيدي المؤمنين أنهم عرضوها لذلك ، وقيل : إنهم كانوا يخربون بيوتهم بأيديهم بنقض الموادعة وبأيدي المؤمنين بالمقالة.

« فاعتبروا يا أولي الابصار » فيما نزل بهم والمراد(١) استدلوا بذلك على صدق الرسول إذ كان وعدهم ذلك(٢) « ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء » أي حكم عليهم أنهم يجلون عن ديارهم وينقلون عن أوطانهم « لعذبهم في الدنيا » بعذاب الاستيصال ، أو بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة « ولهم في الاخرة » مع الجلاء « عذاب النار » لان أحدا منهم لم يؤمن « ذلك » الذي فعلنا بهم « بأنهم شاقوا الله » أي خالفوا الله « ورسوله ومن يشاق الله » أي يخالفه « فإن الله شديد العقاب » يعاقبهم على مشاقتهم أشد العقاب « ما قطعتم من لينة » أي نخلة كريمة ، وقيل كل نخلة سوى العجوة « أو تركتموها قائمة على أصولها » فلم تقطعوها ولم تقلعوها « فبإذن الله » أي بأمره كل ذلك سائغ لكم « وليخزي الفاسقين » من اليهود و يهينهم به(٣).

« ألم تر إلى الذين نافقوا » فأبطنوا الكفر وأظهروا الايمان « يقولون لاخوانهم » في الكفر يعني يهود بني النضير : « لئن أخرجتم » من دياركم وبلادكم « لنخرجن معكم » مساعدين لكم « ولا نطيع فيكم » أي في قتالكم ومخاصمتكم « أحدا أبدا » يعنون محمدا وأصحابه « وإن قوتلتم لننصرنكم » ولندفعن عنكم « والله يشهد إنهم لكاذبون » فيما يقولونه من الخروج معهم والدفاع عنهم.

___________________

(١) فيه اختصار ، والموجود في المصدر : فاتعظوا يا اولى العقول والبصائر وتدبروا و انظروا فيما نزل بهم ، ومعنى الاعتبار النظر في الامور ليعرف بها شيئ آخر من جنسها ، والمراد اه.

(٢) فيه ايضا اختصار : وفى المصدر : اذ كان وعد المؤمنين ان الله سبحانه سيورثهم ديارهم واموالهم بغير قتال ، فجاء المخبر على ما اخبر ، فكان اية دالة على نبوته اه ثم استدل على ان الاية لا تدل على صحة القياس. راجعه.

(٣) مجمع البيان ٩ : ٢٥٧ ـ ٢٥٩.

١٦١

قوله : « ليولن الادبار » أي ينهزمون أو يسلمونهم « ثم لا ينصرون » أي لو كان لهم هذه القوة وفعلوا لم ينتفع أولئك بنصرتهم نزلت الآية قبل إخراج بني النضير ، وأخرجوا بعد ذلك وقوتلوا فلم يخرج معهم منافق ولم ينصروهم كما أخبر الله تعالى بذلك ، وقيل : أراد بقوله لاخوانهم بني النضير وبني قريظة. فأخرج بنو النضير ولم يخرجوا معهم ، وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم « لانتم أشد رهبة » أي خوفا « في صدورهم » أي في قلوب هؤلاء المنافقين « من الله » المعنى أن خوفهم منكم أشد من خوفهم من الله « ذلك بأنهم قوم لا يفقهون » الحق ولا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه « لا يقاتلونكم جميعا » معاشر المؤمين « إلا في قرى محصنة » أي ممتنعة حصينة ، أي لا يبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى « أو من وراء جدر » أي يرمونكم من وراء الجدران بالنبل والحجر « بأسهم بينهم شديد » أي عدواة بعضهم لبعض شديدة ، أي ليسوا بمتفقي القلوب ، أو قوتهم فيما بينهم شديدة ، فإذا لاقوكم جبنوا وفزعوا(١) منكم بما قدف الله في قلوبهم من الرعب « تحسبهم جميعا » أي مجتمعين في الظاهر « وقلوبهم شتى » أي مختلفه متفرقة خذلهم الله باختلاف كلمتهم ، وقيل : إنه عنى بذلك قلوب المنافقين وأهل الكتاب « ذلك بأنهم قوم لا يعقلون » ما فيه الرشد مما فيه الغي(٢) « كمثل الذين من قبلهم قريبا » أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وقوتهم كمثل الذين من قبلهم يعني المشركين الذين قتلوا ببدر وذلك قبل غزاة بني النضير بستة أشهر عن الزهري وغيره ، وقيل : يعني بني قينقاع عن ابن عباس ، وذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله (ص) من بدر ، فأمرهم رسول الله (ص) أن يخرجوا ، فقال عبدالله بن أبي : لا تخرجوا فإني آتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأكلمه فيكم ، أو أدخل معكم الحصن ، فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبدالله بن أبي إليهم

___________________

(١) تفرقوا خ ل أقول : في المصدر : وتفرغوا.

(٢) في المصدر زيادة لم يذكره المصنف اختصارا وهى : وانما كان قلوب من يعمل بخلاف العقل شتى لاختلاف دواعيهم واهوائهم ، وداعى الحق واحد ، وهو العقل الذى يدعوا إلى طاعة الله والاحسان في الفعل.

١٦٢

ثم تركه(١) نصرتهم كأولئك « ذاقوا وبال أمرهم » أي عقوبة كفرهم « ولهم عذاب أليم » في الآخرة « كمثل الشيطان » أي مثل المنافقين في غرورهم بني النضير(٢) و خذلانهم إياهم كمثل الشيطان « إذ قال للانسان اكفر » وهو عابد(٣) بني إسرائيل « فلما كفر قال إني بري منك » فكذلك بنو النضير اغتروا بالمنافقين ، ثم تبرؤا منهم عند الشدة وأسلموهم ، وقيل : كمثل الشيطان يوم بدر إذ دعا إلى حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما رأى الملائكة رجع القهقرى ، وقال « اني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما » أي الداعي والمدعو (٤).

بيان : وهي البؤيرة ، أي قصة التحريق هي المشار إليها في هذا البيت ، قال الجوهري : البؤرة : الحفرة بأرت أبئر بأرا : حفرت بؤرة يطبخ فيها وهي الارة ، وقال : الارة : موضع النار ، وأصله أرى والهاء عوض من الياء والسراة بالفتح جمع سري وهي الشريف وأذرعات بكسر الراء : موضع بالشام.

١ ـ عم : ثم كانت غزوة بني النضير ، وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مشى إلى كعب بن الاشراف يستقرضه ، فقال : مرحبا بك يا أبا القاسم وأهلا ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه فقام كأنه يصنع لهم طعاما ، وحدث نفسه أن يقتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزل جبرئيل (ع) فأخبره بما هم به القوم من الغدر ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله كأنه يقضي حاجة ، وعرف أنهم لا يقتلون أصحابه وهو حي ، فأخذ صلى‌الله‌عليه‌وآله الطريق نحو المدينة ، فاستقبله بعض أصحاب كعب الذين كان أرسل إليهم يستعين بهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبر كعبا بذلك ، فسارالمسلمون راجعين ، فقال عبدالله بن صوريا و كان أعلم اليهود : إن ربه(٥) اطلعه على ما أردتموه من الغدر ، ولا يأتيكم والله

___________________

(١) في المصدر : ثم ترك.

(٢) في المصدر : لبنى النضير.

(٣) اى برصيصا. ذكر قصته مفصلا في المصدر تركه المصنف اختصارا راجعه.

(٤) مجمع البيان ٩ : ٢٦٣ ـ ٢٦٥.

(٥) في المصدر : والله ان ربه.

١٦٣

أول ما يأتيكم(١) إلا رسول محمد يأمركم عنه بالجلاء فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثالثة : أن تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم ، وإلا فإنه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم ، فقالوا : هذه أحب إلينا ، قال : أما إن الاولى خير لكم منها ، ولولا أني أفضحكم لاسلمت ، ثم بعث محمد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرحيل والجلاء عن ديارهم وأموالهم ، وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال(٢).

٢ ـ أقول : قال الكازروني وغيره في شرح تلك القصة : كانت غزوة بني النضير في ربيع الاول(٣) وكانت منازلهم بناحية الفرع وما والاها بقرية يقال لها : زهرة ، وإنهم لما نقضوا العهد ، وعاقدوا المشركين على حرب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم السبت وصلى في مسجد قبا ومعه نفر من أصحابه(٤) ، ثم أتي بني النضير فكلمهم أن يعينوه في دية رجلين كان قد آمنهما فقتلهما عمرو بن أمية وهو لا يعلم ، فقالوا : نفعل هموا بالغدر به : فقال عمرو بن الحجاش(٥) : أنا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة ، فقال سلام بن مشكم : لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم(٦) فجاء جبرئيل فأخبره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرج راجعا إلى المدينة ، ثم دعا عليا وقال : لا تبرح من مكانك ، فمن خرج عليك من أصحابي فسألك عني فقل : توجه إلى المدينة ، ففعل ذلك ، ثم لحقوا به ، فبعث النبي (ص) محمد بن مسلمة إليهم وأمرهم بالجلاء

___________________

(١) في المصدر : والله ما يأتيكم.

(٢) اعلام الورى : ٥٦ ط ١ و ٩٧ ط ٢.

(٣) في الامتاع : في ربيع الاول على رأس سبعة وعشرين شهرا من مهاجر النبى صلى الله عليه وآله ، ويقال : كانت في جمادى الاولى سنة اربع ، وروى عقيل بن خالد وغيره عن ابن شهاب قال : كانت غزوة بنى النضير بعد بدر بستة اشهر.

(٤) في الامتاع : دون العشرة.

(٥) في الامتاع : عمرو بن جحاش.

(٦) في المصدر : بما هممتم به.

١٦٤

وقال : لا تساكنوني(١) وقد هممتم بما هممتم به ، وقد أجلتكم عشرا ، فأرسل(٢) إليهم ابن أبي : لا تخرجوا ، فان معي ألفين من قومي وغيرهم يدخلون حصونكم فيموتون من آخرهم ويمدكم قريظة وحلفاؤهم من غطفان ، فطمع حيي(٣) فيما قال ابن أبي ، فخرج إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى العصر بفناء(٤) بني النضير. وعلي عليه‌السلام يحمل رأيته ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، فلما رأوا رسول الله (ص) قاموا على حصونهم معهم النبل والحجارة ، فاعتزلتهم قريظة ، وخفرهم ابن أبي(٥) ، فحاصرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقطع نخلهم ، وكانت النخلة من نخيلهم ثمن وصيف ، وأحب إليهم من وصيف ، وقيل قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة ، وقيل : كان جميع ما قطعوا وأحرقوا ست نخلات ، فقالوا : نحن نخرج من بلادك فأجلاهم عن المدينة ، وولى إخرجهم محمد بن مسلمة ، وحملوا النساء والصبيان ، وتحملوا على ستمائة

___________________

(١) في المصدر : ففعل ذلك على حتى تناثلوا اليه ثم تبعوه ولحقوا به ، فقالوا : قمت ولم نشعر ، فقال : همت اليهود بالغدر فاخبرنى الله بذلك ، فقمت ، وبعث اليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان اخرجوا من بلدتى ولا تساكنونى.

(٢) في المصدر زيادة هى : فمن رئى بعد ذلك ضرب عنقه ، فمكثوا اياما يتجهزون وتكاروا من اناس ابلا ، فأرسل اه.

(٣) اى حيى بن اخطب وفى الامتاع : ثم بعث حيى بن اخطب مع اخيه جدى بن اخطب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انا لا نخرج فليصنع ما بدالك ، فلما بلغ جدى رسالة اخيه حيى كبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكبر من معه وقال : ( حاربت اليهود ) ونادى مناديه بالمسير إلى بني النضير.

(٤) في المصدر والامتاع : بفضاء.

(٥) في المصدر : وخفرهم ابن ابى وحلفاؤهم من غطفان. وفى الامتاع : ولم يأتهم ابن ابى واعتزلتهم قريظة فلم تعنهم بسلاح ولا رجال ، وجعلوا يومون يومهم بالنبل والحجارة حتى امسوا ، فلما صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العشاء وقد تتام اصحابه رجع إلى بيته في عشرة من اصحابه وعليه الدرع والمغفر وهو على فرس ، واستعمل عليا رضي‌الله‌عنه على العسكر ، وبات المسلمون محاصريهم يكبرون حتى اصبحوا ، واذن بلال رضي‌الله‌عنه بالمدينة : فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في اصحابه الذين كانوا معه فصلى بالناس في فضاء بنى خطمة ، واستعمل على المدينة ابن ام مكتوم.

١٦٥

بعير ، وقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اخرجوا ولكم دماؤكم وما حملت الابل إلا الحلقة » وهي السلاح ، فقبض رسول الله (ص) الاموال والحلقة ، فوجد من الحلقة خمسين درعا ، وخمسين بيضة ، وثلاثمائة وأربعين سيفا(١) ، وكانت غنايم بني النضير صفيا لرسول الله (ص) خالصة لم يخمسها ولم يسهم منها لاحد ، وقد أعطى ناسا منها ، وروي أنه حاصرهم إحدى وعشرين ليلة(٢) ،

٣ ـ فس : « يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولن تؤمن قلوبهم » فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة بطنان من اليهود من بني هارون وهم النضير وقريظة ، وكانت قريظة سبعمائة ، و النضير ألفا ، وكانت النضير أكثر مالا وأحسن حالا من قريظة ، وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبي ، فكان إذا وقع بين قريظة والنضير قتيل وكان القتيل من بني النضير قالوا لبني قريظة : لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم ، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتتلوا(٣) حتى رضيت قريظة ، وكتبوا بينهم كتابا على أنه أي رجل من اليهود من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يجنيه(٤) و

___________________

(١) في الامتاع : وقال عمر : الا تخمس ما أصبت؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا اجعل شيئا جعله الله لى دون المؤمنين بقوله : « ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله و للرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الاغنياء منكم » كهيئة ما وقع فيه السهمان للمسلمين ، وكانت بنو النضير من صفا يا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم جعلها حبسا لنوائبه ، وكان ينفق على اهلها منها ، كانت خالصة له ، فاعطى من اعطى منها ، وحبس ما حبس ، وكان يزرع تحت النخل ، وكان يدخل منها قوت اهله سنة من الشعير والتمر لازواجه وبنى ( عبد ) المطلب ، وما فضل جعله في الكراع والسلاح واستعمل على اموال بنى النضير ابا رافع مولاه ، وكانت صدقاته منها ومن اموال مخيريق.

(٢) المنتقى في مولود المصطفى : ١٢٥. الباب الرابع فيما كان سنة أربع من الهجرة.

(٣) ان يقتلوا خ ل.

(٤) يحنيه خ ل.

١٦٦

يحمم(١) والتجنية(٢) أن يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل ، ويلطخ وجهه بالحمأة(٣) ويدفع نصف الدية ، وأيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من النضير أن يدفع إليه الدية كاملة ويقتل به فلما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ودخل الاوس والخزرج في الاسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير فبعثوا إليهم بنو النضير ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله ، فقالت قريظة ، ليس هذا حكم التوراة وإنما هو شئ غلبتمونا عليه ، فإما الدية ، و إما القتل ، وإلا فهذا محمد بيننا وبيننكم ، فهلموا نتحاكم إليه ، فمشت بنو النضير إلى عبدالله بن أبي وقالوا سل محمد أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين قريظة في القتل ، فقال عبدالله بن أبي : ابعثوا(٤) رجلا يسمع كلامي وكلامه ، فإن حكم لكم بما تريدون وإلا فلا ترضوا به ، فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله إن هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم ، فإن بني النضير لهم القوة والسلاح والكراع ، ونحن نخاف الدوائر(٥) فاغتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك ولم يجبه بشئ فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات : « يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا » يعني اليهود « سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه » يعني عبدالله بن أبي وبني النضير

___________________

(١) في المصدر : ويحم. في نسختى المخطوطة : « ويجم » يقال : جاء في جمة أى في جماعة يسألون الدية.

(٢) والتحنية خ ل.

(٣) الحماة : الطين الاسود المنتن. واستظهر المصنف في الهامش انه مصحف : بالحممة

(٤) ابعثوا معى خ ل.

(٥) في المصدر المطبوع : الغوائل ، وفى نسختى المخطوطة : الدوائل. ( الدوائر خ ل ). أقول : كلها بمعنى الشر والفساد. والاصوب ما في المتن.

١٦٧

« يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه ، فاحذروا » يعني عبدالله بن أبي حيث قال لبني النضير : إن لم يحكم لكم بما تريدونه فلا تقبلوا « ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم * سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين(١) » إلى قوله : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(٢) » قوله : « نخشى أن تصيبنا دائرة(٣) » هو قول عبدالله بن أبي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تنقض حكم بني النضير فإنا نخاف الدوائر(٤).

بيان : أن يجنيه بالجيم والنون كذا في أكثر النسخ وكأنه من الجناية ، أي يظهر عليه أثر الجناية. في بعضها بالحاء المهملة ، والظاهر أن يحممه من التحميم بدون ويحمم كما سيأتي.

وقال في النهاية : فيه مر يهودي محمم مجلود ، أي مسود الوجه الحممة : الفحمة ، وجمعها حمم انتهى.

وكذا الظاهر بالحممة ، وفي أكثر النسخ بالحمأة وهي الطين الاسود المنتن.

٤ ـ فس : « هو الذي أخرج الذين كفروامن أهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا(٥) » قال : سبب ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة أبطن من اليهود : بني النضير(٦) وقريظة ، وقينقاع وكان بينهم وبين رسول الله (ص) عهد ومدة

___________________

(١) المائدة : ٤١ و ٤٢.

(٢) المائدة : ٤٤.

(٣) المائدة : ٥٢.

(٤) تفسير القمى : ١٥٦ و ١٥٨.

(٥) الحشر : ٢

(٦) بنو النضير خ ل.

١٦٨

فنقضوا عهدهم ، وكان سبب ذلك في بني النضير في نقض عهدهم أنه أتاهم رسول الله (ص) يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة ، يعني يستقرض ، وكان قصد كعب ابن الاشرف ، فلما دخل على كعب قال : مرحبا يا أبا القاسم وأهلا ، وقام كأنه يصنع له الطعام ، وحدث نفسه أن يقتل(١) رسول الله (ص) ويتبع(٢) أصحابه ، فنزل جبرئيل فأخبره بذلك ، فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ، وقال لمحمد بن مسلمة الانصاري : اذهب إلى بني النضير فأخبرهم أن الله عزوجل قد أخبرني بما هممتم به من الغدر ، فإما أن تخرجوا من بلدنا ، وإما أن تأذنوا بحرب(٣) ، فقالوا : نخرج من بلادك(٤) فبعث إليهم عبدالله بن أبي ألا تخرجوا وتقيمو (٥) وتنابذوا محمدا(٦) الحرب ، فإني أنصركم أنا وقومي وحلفائي ، فإن خرجتم خرجت معكم ، وإن قاتلتم قاتلت معكم ، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيأوا للقتال ، وبعثوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع ، فقام رسول الله (ص) وكبر وكبر أصحابه ، وقال لامير المؤمنين عليه‌السلام : تقدم إلى بني النضير ، فأخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام الراية وتقدم وجاء رسول الله (ص) وأحاط بحصنهم ، وغدر بهم عبدالله بن أبي وكان رسول الله (ص) إذا ظفر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه ، وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه ، وقد كان رسول الله (ص) أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك ، وقالوا : يا محمد إن الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذه ، و إن كان لنا فلا تقطعه ، فلما كان بعد ذلك قالوا : يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا(٧)

___________________

(١) أنه يقتل خ ل.

(٢) أى يلحقهم به.

(٣) للحرب خ ل.

(٤) من بلادكم خ ل.

(٥) الا يخرجوا ويقيموا خ ل.

(٦) رسول الله خ ل.

(٧) وأعطنا خ ل.

١٦٩

مالنا ، فقال : لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الابل ، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ثم قالوا : نخرج ولنا ما حملت الابل ، فقال : لا ، ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا ، فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه ، فخرجوا على ذلك ، ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى ، وخرج قوم منهم إلى الشام ، فأنزل الله فيهم : « هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ماظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا » إلى قوله : « فإن الله شديد العقاب(١) » وأنزل عليه فيما عابوه من قطع النخل : « ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزي الفاسقين » إلى قوله : « ربنا إنك رؤف رحيم(٢) » وأنزل عليه في عبدالله بن أبي وأصحابه : « ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون » إلى قوله : « ثم لا ينصرون(٣) » ثم قال : « كمثل الذين من قبلهم » يعني بني قينقاع « قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم » ثم ضرب في عبدالله بن أبي وبني النضير مثلا فقال : « كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين » قوله(٤) : « فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين(٥) » فيه(٦) زيادة أحرف لم يكن(٧) في رواية علي بن إبراهيم حدثنا به أحمد بن محمد بن ثابت(٨) ، عن أحمد بن ميثم ، عن الحسن بن علي بن أبي

__________________

(١) الحشر : ٢ ـ ٤.

(٢) الحشرة : ٥ ـ ١٠.

(٣) الحشر : ١١ و ١٢.

(٤) المصدر خلى عن كلمة ( قوله ).

(٥) الحشر : ١٥ ـ ١٧.

(٦) أى في الحديث المتقدم ، ولعل القائل بذلك هو راوى الكتاب ، فيستفاد من ذلك ان

في التفسير زيادة من غير على بن ابراهيم.

(٧) في المصدر : لم تكن.

(٨) في المصدر : محمد بن احمد بن ثابت.

١٧٠

حمزة ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير في غزوة بني نضير وزاد فيه : فقال رسول الله للانصار : إن شئتم دفعت إليكم(١) المهاجرين وقسمتها فيهم ، وإن شئتم قسمتها بينكم وبينهم وتركتهم معكم ، قالوا : قد شئنا أن تقسمها فيهم ، فقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين ودفعهم عن الانصار ولم يعطه من الانصار إلا رجلين وهما سهل ابن حنيف وأبودجانة فإنهما ذكرا حاجة(٢).

بيان : ظاهر الخبر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما جعل المهاجرين مع الانصار وضمنهم نفقاتهم خير الانصار في هذا الوقت بين أن يقسم غنائم بني النضير بين الجمع ويكون المهاجرون مع الانصار كما كانوا ، وبين أن يخص بها المهاجرين ولا يكونوا بعد ذلك مع الانصار فاختاروا الاخير(٣).

٥ ـ وروى الطبرسي رحمه‌الله في مجمع البيان عن ابن عباس قال : قال رسول ـ

___________________

(١) استظهر المصنف في الهامش ان الصحيح : ( دفعت عنكم ) وفى المصدر : دفعت اليكم في المهاجرين منها.

(٢) تفسير القمى : ٦٧١ ـ ٦٧٣.

(٣) قال المقريزى في الامتاع : ١٨٢ : فلما غنم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى النضير بعث ثابت بن قيس بن شماس فدعا الانصار كلها الاوس والخزرج ، فحمد الله واثنى عليه وذكر الانصار وما صنعوا بالمهاجرين ، وانزالهم اياهم في منازلهم واثرتهم على انفسهم ، ثم قال : ان احببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما افاء على من بنى النضير ، وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في مساكنكم واموالكم وان احببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم ، فقال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ : يا رسول الله بل تقسمه للمهاجرين ويكونون في دورنا كما كانوا ، ونادت الانصار : رضينا وسلمنا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللهم ارحم الانصار وأبناء الانصار » وقسم ما أفاء الله عليه على المهاجرين دون الانصار الا رجلين كانا محتاجين : سهل بن حنيف الانصارى : وأبودجانة سماك بن خرشة الانصارى ، واعطى سعد بن معاذ سيف ابن ابى الحقيق وكان سيفا له ذكر : ووسع صلى‌الله‌عليه‌وآله في الناس في اموال بنى النضير : وانزل الله تعالى في بنى النضير ، سورة الحشر ، وفى جمادى الاولى مات عبدالله بن عثمان من رقية ، وفى شوال من هذه السنة تزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بام سلمة رضى الله عنها انتهى. أقول : وقال ابن هشام في السيرة بعد ما ذكر ان تلك الغزوة كانت في ربيع الاول ، فحاصرهم فيها ست ليال : ونزل تحريم الخمر.

١٧١

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بني النضير للانصار : إن شئتم قسمتم للمهاجرين من دياركم وأموالكم وتشاركونهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شئ من الغنيمة فقال الانصار : بل نقسم لهم من أموالنا(١) ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها ، فنزل ويؤثرون على أنفسهم(٢) الآية.

٦ ـ قب ، شا : ولما توجه رسول الله (ص) إلى بني النضير عمد(٣) على حصارهم فضرب قبة(٤) في أقصى بني حطمة من البطحاء. فلما أقبل(٥) الليل رماه رجل من بني نضير بسهم فأصاب القبة(٦) فأمر النبي (ص) أن تحول قبته(٧) إلى السفح وأحاط بها المهاجرون والانصار ، فلما اختلط الظلام فقدوا أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، فقال الناس : يا رسول الله لا نرى(٨) عليا ، فقال عليه وآله السلام : أراه في بعض ما يصلح شأنكم ، فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي (ص) ، وكان يقال له : عزورا(٩) ، فطرحه بين يدي النبي (ص) ، فقال له النبي (ص) : كيف صنعت؟ فقال : إني رأيت هذا الخبيث جريا شجاعا فكمنت له وقلت : ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل(١٠) يطلب منا غرة ، فأقبل مصلتا بسيفه في تسعة نفر من اليهود ، فشددت عليه وقتلته فأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريبا فابعث معي نفرا فإني أرجو أن أظفر بهم

___________________

(١) في المصدر : من اموالنا وديارنا.

(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٦٠. والاية في سورة الحشر : ٩. وذكر الطبرسى ايضا عن ابى هريرة ان الاية نزلت في على عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام في ضيافة كانت لهما. راجعه.

(٣) يحمل خ ل.

(٤) في المصدرين : قبته.

(٥) فلما جن خ ل. أقول يوجد ذلك في الارشاد.

(٦) قبته خ ل.

(٧) فحولت قبته خ ل أقول : في الارشاد : ان يحول قبته إلى السفح واحاط اه. وفى المناقب : فلما اقبل الليل اصاب القبة سهم فحولت القبة إلى السفح وحوتها الصحابة.

(٨) ما نرى خ ل.

(٩) في المصدر : غرورا. وفى الامتاع : عزوك.

(١٠) الظلام خ ل.

١٧٢

فبعث رسول الله (ص) معه عشرة فيهم أبودجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف فأدركوهم قبل أن يلجوا(١) الحصن ، فقتلوهم وجاؤا برؤؤسهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر أن تطرح في بعض آبار بني حطمة(٢) ، وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير.

وفي تلك الليلة قتل كعب بن الاشراف ، واصطفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أموال بني النضير ، وكانت أول صافية قسمها رسول الله (ص) بين المهاجرين الاولين ، وأمر عليا عليه‌السلام فحاز ما لرسول الله (ص) منها فجعله صدقة ، وكان في يده مدة(٣) حياته ثم في يد أمير المؤمنين عليه‌السلام بعده ، وهو في ولد فاطمة عليها‌السلام حتى اليوم ، وفيما كان من أمر أميرالمؤمنين عليه‌السلام في هذه الغزاة وقتله اليهودي ومجيئه إلى النبي (ص) برؤس التسعة(٤) النفر يقول حسان بن ثابت :

لله أي كريهة أبليتها

ببني قريظة(٥) والنفوس تطلع

أردى رئيسهم وآب بتسعة

طورا يشهلم وطورا يدفع(٦)

بيان : قوله : طورا أي تارة ، وقال الجوهري : مر فلان يشلهم بالسيف يكسؤهم(٧) ويطردهم(٨).

___________________

(١) أن يدركوا خ ل.

(٢) ذكر نحو ذلك المقريزى في الامتاع : ١٨٠.

(٣) أيام خ ل.

(٤) في المصدر : النفر التسعة.

(٥) واستظهر المصنف في الهامش ان الصحيح : ببنى نضير.

(٦) مناقب آل ابى طالب ١ : ١٦٩ و ١٧٠. الارشاد : ٤٧ و ٤٨. وألفاظ الحديث من الثانى.

(٧) أى يضربهم.

(٨) استدراك : قال ابن هشام في السيرة ٣ : ١٩٤ لم يسلم من بنى النضير الا رجلان : يامين بن عمير بن كعب بن عمرو بن جحاش ، وأبوسعد بن وهب ، أسلما على اموالهما فاحرزاها. قال ابن اسحاق : وقد حدثنى بعض آل يامين ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ليامين : « الم تر

١٧٣

١٥

باب

*(غزوة ذات الرقاع وغزوة عسفان)*

الآيات : النساء « ٤ » : وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ـ إلى قوله ـ : كتابا موقوتا. ١٠٢ و ١٠٣.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله بعد تفسير الآيات في صلاة الخوف : وفي الآية

___________________

مالقيت من ابن عمك وما هم به من شأنى »؟ فجعل يامين بن عمير لرجل جعلا على ان يقتل له عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون. وقال في ص ٢٠٠ : قال ابن اسحاق : وقال على بن ابى طالب رضوان الله عليه يذكر جلاء بنى النضير وقتل كعب بن الاشراف.

عرفت ومن يعتدل : يعرف

وأيقنت حقا ولم أصدف

عن الكلم المحكم اللاء من

لدى الله ذى الرأفة الارأف

رسائل تدرس في المؤمنين

بهن اصطفى احمد المصطفى

فاصبح احمد فينا عزيزا

عزيز المقامة والموقف

فيا ايها الموعدوه سفاها

ولم يأت جورا ولم يعنف

ألستم تخافون ادنى العذاب

وما آمن الله كالاخوف

وإن تصرعوا تحت أسيافه

كمصرع كعب أبى الاشراف

غداة رأى الله طغيانه

واعرض كالجمل الاجنف

فأنزل جبريل في قتله

بوحى إلى عبده ملطف

فدس الرسول رسولا له

بأبيض ذى هبة مرهف

فباتت عيون له معولات

متى ينع كعب لها تذرف

وقلن لاحمد : ذرنا قليلا

فانا من النوح لم نشتف

فخلاهم ثم قال : اظعنوا

دحورا على رغم الانف

وأجلى النضير إلى غربة

وكانوا بدار ذوى زخرف

إلى أذرعات ردا في وهم

على كل ذى دبر أعجف

أنتهى كلام ابن هشام : وذكر الابيات في ديوان على عليه‌السلام : ٨٤. وفيه :

عن الكلم الصدق يأتى بها

من الله ذى الرافة الارأف

وفيه ايضا : تحت اسيافنا. وفيه ايضا : بأرهف ذى ظبة مرهف.

وفيه فقالوا لاحمد. وفيه : على رغمة الانف.

١٧٤

دلالة على صدق النبي (ص) وصحة نبوته ، وذلك أنها نزلت والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعسفان والمشركون بضجنان فتوافقوا فصلى النبي (ص) بأصحابه صلاة الظهر بتمام الركوع والسجود ، فهم المشركون أن يغيروا عليهم فقال بعضهم : إن لهم صلاة أخرى أحب إليهم من هذه ، يعنون صلاة العصر ، فأنزل الله عليه هذه الآية فصلى بهم العصر صلاة الخوف ، وكان ذلك سبب إسلام خالد بن الوليد ، وذكر أبوحمزة الثمالي في تفسيره أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غزا محاربا وبني أنمار(١) ، فهزمهم الله وأحرزوا الذراري والاموال ، فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمون ولا يرون من العدو أحدا ، فوضعوا أسلحتم ، وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض حاجته(٢) وقد وضع سلاحه فجعل بينه وبين أصحابه الوادي ، فأتى قبل أن يفرغ من حاجته السيل في الوادي(٣) والسماء ترش : فحال الوادي بين رسول الله (ص) وبين أصحابه ، و جلس في ظل سمرة(٤) ، فبصر به غورث بن الحارث المحاربي فقال له أصحابه : يا غورث هذا محمد قد أنقطع من أصحابه ، فقال : قتلني الله إن لم أقتله ، وانحدر من الجبل ومعه السيف ولم يشعر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا وهو قائم على رأسه ومعه السيف قد سله من غمده ، وقال : يا محمد من يعصمك مني الآن؟ فقال رسول الله (ص) : الله ، فانكب عدو الله لوجهه ، فقام رسول الله (ص) فأخذ سيفه ، وقال : يا غورث من يمنعك مني الآن؟ قال : لا أحد ، قال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، وأني عبدالله ورسوله؟ قال : لا ، ولكني أعهد أن لا أقاتلك أبدا ، ولا أعين عليك عدوا ، فأعطاه رسول الله (ص) سيفه ، فقال له غورث : والله لانت خير مني ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني أحق بذلك ، وخرج غورث إلى أصحابه ، فقالوا : يا غورث لقد رأيناك قائما على رأسه

___________________

(١) في المصدر : لبنى انمار

(٢) في المصدر : ليقضى حاجته.

(٣) في المصدر : فجعل بينه وبين اصحابه الوادى إلى ان يفرغ من حاجته ، وقد درا الوادى.

(٤) في المصدر : وجلس في ظل شجرة.

١٧٥

بالسيف فما منعك منه؟ قال : الله ، أهويت له بالسيف لاضربه فما أدري من زلخني بين كتفي فخررت لوجهي وخر سيفي وسبقني إليه محمد فأخذه. ولم يلبث الوادي أن سكن ، فقطع رسول الله (ص) إلى أصحابه فأخبرهم الخبر وقرأ عليهم « ان كان بكم أذى من مطر » الآية(١).

بيان : في القاموس : الزلخ : المزلة تزل منها الاقدام لندوته أو ملاسته ، وزلخه بالرمح : زجه ، وزلخه تزليخا : ملسه.

١ ـ عم : ثم كانت بعد غزوة بني النضير غزوة بنى لحيان(٢) ، وهي الغزوة التي صلى فيها صلاة الخوف بعسفان حين أتاه الخبر من السماء بما هم به المشركون : وقيل : إن هذه الغزوة كانت بعد غزوة بني قريظة.

ثم كانت غزوة ذات الرقاع بعد غزوة بني النضير بشهرين.

قال البخاري : إنها(٣) كانت بعد خبير لقى بها جمعا من غطفان ولم يكن بينهما حرب ، وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله (ص) صلاة الخوف ، ثم انصرف بالناس(٤).

وقيل : إنما سميت ذات الرقاع لانه جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض فسمي ذات الرقاع ، وقيل : إنما سميت بذلك لان أقدامهم نقبت فيها فكانوا

___________________

(١) مجمع البيان ٣ : ١٠٣.

(٢) قد اختلف اهل السير في وقت غزوة بنى لحيان ، فقال ابن هشام في السيرة : كانت في السنة الخامسة في جمادى الاولى على رأس ستة أشهر من فتح بنى قريظة ، وقال المقريزى في الامتاع : كانت لهلال ربيع الاول سنة ست ، وذكر ما تقدم عن ابن هشام وقال : صححه جماعة. وقال : وصحح ابن حزم انها في الخامسة ، وقال بعض من ارخ : انها كانت اكثر من مرة ، فواحدة كانت قبل الخندق ، واخرى بعدها.

(٣) اى غزوة ذات الرقاع راجع البخارى ٥ : ١٤٤.

(٤) وقيل : سميت بذلك لانهم رقعوا راياتهم ، وقيل : لانه كانت هناك شجرة يقال لها : ذات الرقاع. قيل : لان هذه الشجرة كانت العرب تعبدها ، وكل من كان له حاجة منهم يربط فيها خرقة وقيل : لوقوع صلاة الخوف فيها فسميت بذلك لترقيع الصلاة فيها.

١٧٦

يلفون على أرجلهم الخرق(١).

٢ ـ أقول : قال ابن الاثير في الكامل : أقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة بعد بني النضير شهري ربيع ، ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان ، وهي غزوة ذات الرقاع ، فلقى المشركين ولم يكن قتال ، وخاف الناس بعضهم بعضا ، فنزلت صلاة الخوف ، وأصاب المسلمون امراة منهم ، وكان زوجها غائبا ، فلما أتي أهله أخبر الخبر ، فحلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب رسول الله (ص) ، فخرج يتبع أثر رسول الله (ص) فنزل رسول الله فقال : من يحرسنا الليلة؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الانصار(٢) ، فأقاما بفم شعب نزله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاضطجع المهاجري وحرس الانصاري أول الليل وقام يصلي ، وجاء زوج المرأة فرأى شخصه(٣) فرماه بسهم فوضعه فيه ، فانتزعه وثبت قائما يصلي ، ثم رماه بسهم آخر فأصابه ، فنزعه وثبت يصلي ، ثم رماه الثالث(٤) فوضعه فيه فانتزعه ، ثم ركع وسجد ثم أيقظ صاحبه وأعلمه فوثب ، فلما رأهما الرجل عرف أنهما علما به ، فلما رأى المهاجري ما بالانصاري قال : سبحان الله ألا أيقظني أول ما رماك؟ قال : كنت في سورة أقرؤها(٥) ، فلم أحب أن أقطعها ، فلما تتابع علي الرمي وركعت أعلمتك ، و أيم الله لولا خوفي أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها ، وقيل : إن هذه الغزوة كانت في المحرم سنة خمس(٦).

٣ ـ قب : غزوة بني لحيان في جمادي الاولى ، وكان بينهما الرمي بالحجارة ،

___________________

(١) اعلام الورى : ٥٦ و ٥٧ ط ١ ، و ٩٨ ط ٢.

(٢) قال المقريزى في الامتاع انهما عمار بن ياسر وعباد بن بشير الانصارى. ويقال : بل هو عمارة بن حزم وأثبتهما عباد بن بشير.

(٣) زاد في المصدر : فعرف انه ربيئة القوم. أقول : الربيئة. الطليعة.

(٤) في المصدر : بالثالث.

(٥) في الامتاع : وهى سورة الكهف.

(٦) الكامل ٢ : ١١٩ و ١٢٠. فيه اختصار.

١٧٧

وصلى فيها صلاة الخوف بعسفان ، ويقال : في ذات الرقاع مع غطفان. وكان ذلك بعد النضير بشهرين ، وقال البخاري : بعد خيبر ولم يكن حرب(١).

٤ ـ أقول : قال الكازروني في حوادث السنة الخامسة : وفيها كانت غزاة ذات الرقاع ، وكان سببها أن قادما قدم المدينة بجلب(٢) له ، فأخبر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أنمارا وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع ، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم(٣) في أربعمائة ، وقيل : في سبعمائة(٤) ، فمضى حتى أتى محالهم بذات الرقاع وهي جبل فلم يجد إلا نسوة فأخذهن وفيهن جارية وضيئة ، وهربت الاعراب إلى رؤس الجبال ، وخاف المسلمون أن يغيروا عليهم ، فصلى بهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الخوف ، وكان أول ما صلاها ، وانصرف راجعا إلى المدينة فابتاع من جابر بن عبدالله جملا بأوقية وشرط له ظهره إلى المدينة وسأله عن دين أبيه فأخبره ، فقال : إذا قربت المدينة وأردت أن تجد(٥) نخلك فآذني ، واستغفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(٦) في تلك الليلة خمسا وعشرين مرة.

وفي الترمذي : سبعين مرة.

وفي مسلم(٧) من حديث أبي نضرة عن جابر قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتبيعينه بكذا وكذا والله يغفر لك » فما زال يزيدني : والله يغفر لك ، قال أبو نضرة : وكانت كلمة تقولها المسلمون : افعل كذا والله يغفر لك ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة(٨).

___________________

(١) مناقب آل ابى طالب ١ : ١٧٠

(٢) الجلب : ما تجلبه الانسان من بلد إلى بلد من خيل وابل وغنم ومتاع وسبى ليباع

(٣) في الامتاع : على رأس سبعة وعشرين شهرا.

(٤) زاد في الامتاع : وقيل : في ثمانمائة.

(٥) جد الشئ : قطعه.

(٦) في المصدر : لجابر.

(٧) في المصدر : وروى مسلم.

(٨) المنتقى في مولود المصطفى : ١٢٨ : الباب الخامس فيما كان سنة خمس.

١٧٨

٥ ـ وقال ابن الاثير : في جميدي الاولى من السنة السادسة خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه ، وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة ، وأسرع السير حتى نزل على منازل بني لحيان(١) بين أثح(٢) وعسفان ، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤس الجبال ، فلما أخطاه ما أراد منهم خرج في مائتي راكب حتى نزل عسفان تخوفا لاهل مكة ، وأرسل فارسين من الصحابة حتى بلغا كراع الغميم ثم عاد(٣).

٦ ـ كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد(٤). عن محمد بن أيوب ، وعلي ، عن أبيه جميعا عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : نزل رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد ، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه ، فرآه رجل من المشركون والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل ، فقال رجل من المشركين لقومه : أنا أقتل محمدا ، فجاء وشد على رسول الله (ص) بالسيف. ثم قال : من ينجيك مني يا محمد؟ فقال : ربي وربك ، فنسفه جبرئيل عليه‌السلام عن فرسه فسقط على ظهره ، فقام رسول الله فأخذ(٥) السيف وجلس على صدره ، وقال : من ينجيك مني يا غورث؟ فقال : جودك وكرمك يا محمد ، فتركه ، وقام(٦) وهو يقول : والله لانت خير مني و أكرم(٧).

عم : مرسلا مثله(٨).

بيان : النسف : القلع(٩).

___________________

(١) في المصدر : واغد السير حتى نزل غران منازل بنى لحيان

(٢) في المصدر أمج : بفتح الهمزة والميم واخره جيم.

(٣) الكامل ١ : ١٢٨.

(٤) اى الحسن بن محمد بن سماعة.

(٥) في المصدر : وأخذ السيف.

(٦) في المصدر : فقام.

(٧) روضة الكافى : ١٢٧.

(٨) اعلام الورى : ٥٧ ط ١ و ٩٩ ط ٢ فيه اختلافات لفظية منها : فرآه رجل من المشركين يقال له غورث.

(٩) استدراك : ١ ـ ذكر ابن هشام في السيرة ٣ ٢١٧ تفصيل حديث جابر لا يخلو ذكره عن

١٧٩

ـ ١٦ ـ

باب

*(غزوة بدر الصغرى وسائر ما جرى في تلك السنة إلى غزوة الخندق)*

الآيات : النساء « ٤ » : فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله اشد بأسا وأشد تنكيلا ٨٤.

وقال تعالى : ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ١٠٤.

___________________

فائدة قال : حدثنى وهب بن كيسان : عن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال : خرجت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لى ضعيف ، فلما قفل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : جعلت الرفاق تمضى وجعلت اتخلف حتى ادركنى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : « مالك يا جابر » قال : قلت : يا رسول الله أبطأ بى هذا ، قال : « انخه ».

قال : فأنخته واناخ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : « اعطنى هذه العصا من يدك او اقطع لى عصا من شجرة » قال : ففعلت : قال : فاخذها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنخسه بها نخسات ، ثم قال : « اركب » فركبت ، فخرج والذى بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة قال : وتحدثت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لى : « أتبيعنى جملك هذا يا جابر» قال : قلت : يا رسول الله : بل أهبه لك ، قال : « لا ولكن بعنيه » قال : قلت : فسمنيه يا رسول الله ، قال : « قد اخذته بدرهم » قال : قلت : لا اذن تغبننى يا رسول الله ، قال : « فبدرهمين » قال : قلت : لا ، قال : فلم يزل يرفع لى رسول الله في ثمنه حتى بلغ الاوقية ، قال : فقلت : افقد رضيت يا رسول الله؟ قال : نعم ، قلت : فهو لك ، قال : « قد اخذته » قال : ثم قال : « يا جابر هل تزوجت بعد »؟ قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : « أثيبا أم بكرا »؟ قال : قلت بل ثيبا ، قال : « أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك »؟ قلت : يا رسول الله ان ابى اصيب يوم احد وترك بنات له سبعا ، فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤسهن وتقوم عليهن ، قال : « أصبت ان شاء الله اما انا لو قد جئنا صرارا امرنا بجزور فنحزت واقمنا عليها يومنا ذاك وسمعت بنا فنفضت نمارقها » : قال : قلت : والله يا رسول الله ما لنا من نمارق ، قال : « انها ستكون.



١٨٠