دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٣

والعدول من السابقة الى اللاحقة غير جائز وإنما الجائز هو العكس ، فان القاعدة وإن اقتضت عدم جواز كليهما إلاّ أنّ الثانى بخصوصه قد دلّ الدليل الخاص على جوازه بل وجوبه ، وهو مثل صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام : « ... إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت فى الصلاة أو بعد فراغك فانوها الاولى ثمّ صلّ العصر فانّما هى أربعٌ مكانَ أربع ... وان كنت قد صلّيت من المغرب ركعتين ثمّ ذكرتَ العصر فانوها العصر ... » (١).

تكبيرة الإحرام

التكبير ـ اللّه اكبر ـ ركن تبطل الصلاة بتركه عمدا او سهوا. كما تبطل بزيادته العمدية دون السهوية.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوب التكبير للصلاة ، فتقتضيه الضرورة الدينية ـ وتدل عليه ايضا طوائف من النصوص ، منها ما ورد فى ناسى التكبير ، كصحيحة زرارة : « سألت أباجعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح ، قال : يعيد » (٢).

٢ ـ وأما كون الصيغة « اللّه اكبر » ولا يجزى ترجمتها او مرادفها او تغيير هيئتهاـ بالرغم من أنّ الرويات لم تدلّ على صيغة خاصة للتكبير ـ فلإرتكاز ذلك فى اذهان المتشرعة الذى لا منشأ له سوى وصوله يدا بيد من الشارع المقدس.

٣ ـ وأما بطلان الصلاة بتركه العمدى ، فلكون ذلك مقتضى جزئيّته.

٤ ـ وأما بطلانها بتركه السهوى ، فلكونه مقتضى القاعدة ، إذ المركب ينعدم بعدم

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٦٣ من ابواب المواقيت ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب تكبيرة الاحرام ، حديث ١.

١٤١

جزئه ولو سهوا.

هذا مضافا الى دلالة الصحيحة المتقدمة وغيرها على ذلك. ولا يمكن التمسك بإطلاق المستثنى منه فى حديث لا تعاد لنفى البطلان لكونه ناظرا الى من دخل فى الصلاة ، والتارك للتكبير ولو سهوا لا يكون داخلاً فى الصلاة.

٥ ـ وأما البطلان بالزيادة العمدية ، فللعموم فى صحيحة أبى بصير : « قال أبوعبداللّه عليه‌السلام : من زاد فى صلاته فعليه الإعادة » (١).

٦ ـ وأما عدم البطلان بالزيادة السهوية ، فلإطلاق المستثنى منه فى حديث لا تعاد بناء على شموله لحالة الزيادة ايضا ، وهو حاكم على صحيحة أبى بصير المتقدمة.

ودعوي : إختصاصه بالنقيصة لعدم تصور الزيادة فى الطهور والقبلة والوقت.

مدفوعة بأن ذلك لا يمنع من عمومه فى الباقى بعد تصورها فيه.

القيام

المعروف بين جمع من المتأخرين ركنيّة القيام حالة تكبيرة الإحرام وقُبيل الركوع.

وفى غير ذلك يكون واجبا غير ركني.

ومن لا يتمكن من القيام يصلّى جالسا.

ومن قدر على القيام فى بعض الصلاة بعَّض.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٩ من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ، حديث ٢.

١٤٢

والمستند فى ذلك :

١ ـ اما ركنيّة القيام ، ففى مقدارها خلاف ، فالمختار لدى جمع من المتأخرين ركنيّته فى الحالتين المتقدمتين لان المناسب لحديث لا تعاد وإن كان هو عدم الركنية مطلقا لعدم كونه احد الخمسة المستثناة إلا ان ركنيته حالة التكبير قد ثبتت بموثقة عمار : « ان وجبت عليه الصلاة من قيام فنسى حتى افتتح الصلاة وهو قاعد فعليه أن يقطع صلاته » (١).

وركنيته قُبيل الركوع قد ثبتت لتقوُّم مفهوم الركوع بالقيام القبلي ، حيث إنه عبارة عن الإنحناء الخاص عن قيام ، والإخلال به اخلال به.

٢ ـ وأما الانتقال الى الجلوس عند عدم القدرة على القيام ، فينبغى أن يكون واضحا بعد عدم سقوط الصلاة بحال. وقد دلت عليه ايضا صحيحة جميل : « سألت ابا عبدالله عليه‌السلام : ما حدّ المرض الذى يصلى صاحبه قاعدا؟ فقال : ان الرجل ليوعك ويحرج ولكنه اعلم بنفسه ، اذ قوى فليقم (٢) » وغيرها.

٣ ـ واما التبعيض للقادر على القيام فى الصلاة ، فيمكن استفادته من ذيل الصحيحة المتقدمة.

القراءة

تلزم فى الركعتين الاوليتين من الصلاة قراءة الحمد ، وفى الفريضة ـ لدى المشهور ـ قراءة سورة كاملة.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٣ من ابواب القيام ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٦ من ابواب القيام ، حديث ٣.

١٤٣

والمشهور أن البسملة جزء من كل سورة ، فتجب قرائتها معها إلا سورة التوبة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوب الفاتحة فى الاوليتين ، فامر لا خلاف فيه. وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام : « سألته عن الذى لا يقرأ بفاتحة الكتاب فى صلاته ، قال : لا صلاة له إلا أن يقرأ بها فى جهر او إخفات » (١) وغيرها.

٢ ـ وأما وجوبها فى النافلة ايضا ، فلإطلاق الصحيحة المتقدمة.

٣ ـ وأما لزوم قراءة سورة كاملة بعد الحمد ، فقد وقع محلاًّ للاختلاف تبعا لاختلاف الروايات.

ففى رواية منصور بن حازم : « قال أبو عبدالله عليه‌السلام : لا تقرأ فى المكتوبة بأقلّ من سورة ولا باكثر » (٢).

وفى صحيحة على بن رئاب عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها فى الفريضة » (٣).

ويمكن الجمع بحمل الاولى على الاستحباب. ولا معنى ـ بعد إمكانه ـ لحمل الثانية على التقية ، فان اعمال المرجّحات فرع استقرار التعارض ، وهو غير متحقق بعد امكان الجمع بما ذكر.

والاحتياط لا ينبغى تركه تحفظا من مخالفة المشهور.

٤ ـ وأما جزئية البسملة ، فينبغى أن تكون من المسلّمات بالنسبة الى الفاتحة

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ٢.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ١.

١٤٤

لصحيحة محمد بن مسلم : « سألت أبا عبداللّه عليه‌السلام عن السبع المثانى والقرآن العظيم أهى الفاتحة؟ قال : نعم. قلت : بسم اللّه الرحمن الرحيم من السبع؟ قال : نعم ، هى افضلهنّ » (١).

وأما جزئيتها من بقية السور ـ عدا التوبة ـ فقد ادّعى عليه الاجماع ، بل ربما عُدَّ من المسلّمات.

وقد يستدل له بصحيحة معاوية بن عمار : « قلت لأبى عبدالله عليه‌السلام : إذا قمت للصلاة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فى فاتحة الكتاب؟ قال : نعم. قلت : فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة؟ قال : نعم » (٢) ، بتقريب أن السؤال عن الاستحباب بعد عدم المعنى له لوضوحه ، فلابدَّ وأن يكون عن الوجوب ، وهو ملازم للجزئية لعدم احتمال إرادة الوجوب النفسي.

ثم إن الثمرة للحكم بجزئية البسملة للسورة ـ بعد وضوح لزوم قرائتها حتى لو لم تكن جزءاً ـ تظهر فى مثل عدِّها آية من صلاة الآيات او لزوم تعيين السورة عند قرائتها.

الركوع

وهو واجب فى كل ركعة مرة عدا صلاة الآيات.

كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمدا وسهوا عدا صلاة الجماعة فإن الزيادة فيها للمتابعة عند رفع الرأس من الركوع سهواً معفو عنها.

ويلزم فيه الانحناء بقصد الخضوع ـ ولو ارتكازاً ـ قدر ما تصل أطراف الأصابع

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١١ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ٥.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١١ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ٥.

١٤٥

الى الركبتين.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوب الركوع فى الصلاة ، فهو من ضروريات الدين. وتدل عليه صحيحة الحلبى عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « الصلاة ثلاثة اثلاث : ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود » (١) وغيرها.

٢ ـ وأما أنه مرّة فى كل ركعة ، فهو من ضروريات الدين ايضا. ويمكن استفادته من الروايات البيانية لكيفية الصلاة(٢) وغيرها.

٣ ـ وأما استثناء صلاة الآيات ، فللروايات الكثيرة الواردة فى بيان كيفيتها(٣).

٤ ـ وأما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته العمدية والسهوية ، فلقاعدة « لاتعاد » المستفادة من حديث زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود. ثم قال : القراءة سنة ، والتشهد سنة ، ولا تنقض السنة الفريضة » (٤) ، فإنه بإطلاقه يشمل الزيادة. ومجرد عدم امكان تصورها فى بعض افراد المستثنى لا يمنع من انعقاد الإطلاق بلحاظ ما امكن.

٥ ـ وأما استثناء الجماعة ، فلصحيحة على بن يقطين : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يركع مع الإمام يقتدى به ثم يرفع رأسه قبل الامام ، قال : يعيد بركوعه معه » (٥) وغيرها.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٩ من ابواب الركوع ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب افعال الصلاة ، حديث ١ ـ ١٠.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٧ من ابواب صلاة الكسوف والآيات.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٩ من ابواب القراءة فى الصلاة ، حديث ٥.

٥ ـ وسائل الشيعة : باب ٤٨ من ابواب الصلاة الجماعة ، حديث ٣.

١٤٦

٦ ـ وأما لزوم الإنحناء بقصد الخضوع ولو ارتكازاً ، فلتقوّم مفهوم الركوع لغة بذلك.

٧ ـ وأما التحديد بذلك ، فلصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « فإن وصلت أطراف أصابعك فى ركوعك الى ركبتيك أجزأك ذلك ... » (١).

السجود

تجب فى كل ركعة سجدتان. وهما ركن تبطل الصلاة بنقصانهما او زيادتهما العمدية والسهوية. ولا تبطل بزيادة او نقص واحدة سهوا.

ويلزم فى السجود أن يكون على الأرض او ما أنبتته من غير المأكول والملبوس. والأفضل أن يكون على التربة الحسينية على مشرِّفها آلاف التحية والسلام.

كما يلزم إضافة الى وضع الجبهة على الأرض او ما بحكمها السجود على ستة أعضاء : الكفّين والركبتين وإبهامى القدمين.

ولا يلزم فى غير الجبهة مماسة ما يصح السجود عليه.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوب سجدتين فى كل ركعة ، فتقتضيه ضرورة الدين وطوائف من النصوص ، كالتى وردت فيمن نسى السجدة الثانية وتذكرها قبل او بعد الركوع ، كصحيحة اسماعيل بن جابر عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « رجل نسى أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم أنه لم يسجد ، قال : فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمضِ فى صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء » (٢).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب افعال الصلاة ، حديث ٣.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٤ من ابواب السجود ، حديث ١.

١٤٧

٢ ـ وأما بطلان الصلاة بنقصانها عمدا ، فذلك لازم الجزئية. وأما عدمه فى فوات السجدة الواحدة وغيرها من الأجزاء غير الركنية فهو يختص بالنسيان للدليل الخاص ، كالصحيحة السابقة وغيرها.

٣ ـ وأما بطلانها بنقصانهما سهوا ، فلأن السجود من أحد الخمسة المستثناة فى صحيحة « لا تعاد » المتقدمة فى الركوع.

واطلاق السجود فيها وان كان شاملاً للسجدة الواحدة أيضاً إلاّ أنّها قد خرجت بالمقيّد وهو صحيحة اسماعيل المتقدمة.

٤ ـ وأما بطلانها بزيادتهما عمدا او سهوا ، فلإطلاق صحيحة أبى بصير : « قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من زاد فى صلاته فعليه الإعادة » (١) ، ولقاعدة « لا تعاد » بناء على شمولها للزيادة ، كما هو مقتضى الاطلاق.

٥ ـ وأما عدم بطلانها بزيادة سجدة واحدة سهواً ، فلصحيحة منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « سألته عن رجل صلّى فذكر أنه زاد سجدة ، قال : لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة » (٢) المقيِّدة لإطلاق صحيحة أبى بصير.

٦ـ وأما عدم بطلانها بنقصانها ، فلصحيحة اسماعيل بن جابر المتقدمة وغيرها.

٧ ـ وأما لزوم كون السجود على ما ذكر ، فلصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « أخبرنى عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز ، قال : السجود لا يجوز إلا على الأرض او على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل او لُبس » (٣).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٩ من ابواب الخلل ، حديث ٢.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٤ من ابواب الركوع ، حديث ٢.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب ما يسجد عليه ، حديث ١.

١٤٨

وحديث سجود النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله على الخُمْرة المنقول عن عائشة وميمونة مشهور(١).

٨ ـ وأما اعتبار السجود على الأعضاء الستة مضافا للجبهة ، فلصحيح زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السجود على سبعة اعظم : الجبهة واليدين والركبتين والإبهامين من الرجلين» (٢).

٩ ـ وأما وجه الأفضلية على ما ذكر ، فلما رواه معاوية بن عمار : « كان لأبي عبدالله عليه‌السلام خريطة (٣) ديباج صفراء فيها تربة أبى عبدالله عليه‌السلام فكان إذا حضرته الصلاة صبَّه على سجادته وسجد عليه ، ثم قال عليه‌السلام : إن السجود على تربة أبى عبدالله عليه‌السلام يخرق الحجب السبع » (٤).

على أن الأفضلية المذكورة لا تحتاج الى دليل بعد تعطُّر تلك التربة بأفضل دم أريق على وجه الأرض فى سبيل إعلاء كلمة الاسلام.

١٠ ـ وأما عدم اعتبار المماسة بلحاظ بقية الأعضاء ، فيكفى لإثباته اصل البراءة بعد القصور فى المقتضى لاعتبار مماستها ، فإن الامر بالسجود على الارض ونباتها منصرف الى الجبهة بخصوصها. هذا ولكن لا تصل النوبة الى الأصل بعد صحيحة الفضيل وبريد عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا بأس بالقيام على المصلى من الشعر والصوف اذا

__________________

١ ـ فقد روى مسلم فى باب الاضطجاع مع الحائض فى لحاف واحد من كتاب الحيض ، حديث ١١ عن عائشة : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها : ناولينى الخمرة من المسجد ، فقالت : إنّى حائض ، فقال : إن حيضتك ليست فى يدك ». كما وروى البخارى فى باب الصلاة على الخمرة من كتاب الصلاة ، حديث ٣٨١ عن ميمونة : « كان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّى على الخمرة ». والخُمْرة بضم الخاء وسكون الميم قطعة نسيج من خُوص يسجد عليها.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب السجود ، حديث ٢.

٣ ـ الخريطة : وعاء من أُدُم أو غيره يشدُّ على ما فيه.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب ما يسجد عليه ، حديث ٣.

١٤٩

كان يسجد على الارض. وإن كان من نبات الارض فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه» (١).

التشهد

وهو واجب فى الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الثانية فى الركعة الثانية. وفى الثلاثية والرباعية مرتين ، الثانية منها بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة فى الركعة الأخيرة.

وكيفيته : « أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله ، الّلهم صلِّ على محمّد وآل محمّد ».

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوبه فى المواضع المذكورة ، فمتسالم عليه. ولكن قد يعسر استفادة محله الواجب من النصوص إلا فى الثانية من الظهر وغيرها ، ففى صحيحة الحلبى عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « إذا قمت فى الركعتين من الظهر او غيرها فلم تتشهد فيها فذكرت ذلك فى الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس فتشهد وقم فأتم صلاتك ... » (٢).

وقد يتوهم أن صحيحة عبيد بن زرارة : « قلت لأبى عبدالله عليه‌السلام : الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير؟ فقال : تمت صلاته ، وإنَّما التشهد سنّة فى الصلاة فيتوضأ ويجلس مكانه او مكانا نظيفا فيتشهد » (٣) تدل على استحبابه.

والجواب : إن السنّة فى مصطلح النصوص تعنى ما سنَّه الرَّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فى مقابل

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب ما يسجد عليه ، حديث ٥.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٩ من ابواب التشهد ، حديث ٣.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٣ من ابواب التشهد ، حديث ٢.

١٥٠

الفرض بمعنى ما اوجبه الله سبحانه.

وعليه فدليل وجوب إتيانه فى الركعة الأخيرة ينحصر بالسيرة القطعية المتوارثة للمتشرعة المتصلة بزمن المعصوم عليه‌السلام.

٢ ـ وأما كيفيته بما تقدم ، فهو المشهور ـ ونسب الى بعض الاكتفاء بالشهادة الاولى فى التشهد الاوّل ، والى الصدوق الاكتفاء بجملة « بسم الله وبالله » بدل الشهادتين(١) ـ ولا توجد رواية تدل عليها بكاملها ، بل هى ثابتة بالجمع بين الروايات ، كصحيحة محمد بن مسلم : « قلت لأبى عبدالله عليه‌السلام : التشهد فى الصلاة؟ قال : مرّتين. قلت : وكيف مرّتين؟ قال : إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تنصرف ... » (٢) ، وصحيحة أبى بصير وزرارة : « قال أبو عبدالله عليه‌السلام : إن الصلاة على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من تمام الصلاة اذا تركها متعمدا فلا صلاة له » (٣).

والصحيحة الثانية وإن لم تدل على تعيين الموضع إلا أنه تكفى لذلك السيرة القطعية.

التسليم

وهو آخر أجزاء الصلاة. وبه يتحقق الخروج عنها وتحل منافياتها.

وله صيغتان : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبأيّهما بدأ تحقق به الانصراف.

__________________

١ ـ مدارك الاحكام : ٣ / ٤٢٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب التشهد ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٠ من ابواب التشهد ، حديث ١.

١٥١

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما وجوب التسليم ، فهو المشهور ـ وقيل باستحبابه ـ ويدلّ عليه موثق أبى بصير : « سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول فى رجل صلى الصبح فلما جلس فى الركعتين قبل أن يتشهد رعف ، قال : فليخرج فليغسل انفه ثم ليرجع ، فليتم صلاته فإن آخر الصلاة التسليم » (١) وغيره.

وأمّا التخيير فى صيغة التسليم وتحقق الانصراف بما بُدأ به منهما ، فهو المشهور بين المتأخرين. ويقتضيه الجمع بين صحيحة الحلبى « قال أبو عبداللّه عليه‌السلام كل ما ذكرت اللّه عزّوجلّ به والنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو من الصلاة. وإن قلت : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين فقد انصرفت » (٢) ، وموثقة الحضرمى عن أبى عبدالله عليه‌السلام « قلت له : إنى أصلّى بقوم. فقال : تسلم واحدة ولا تلتفت. قل : السلام عليك ايها النبى ورحمة اللّه وبركاته ، السلام عليكم ... » (٣).

احكام الشكوك

من شكّ فى أدائه للصلاة فى الوقت يلزمه فعلها دون ما لو شكّ فى خارجه.

والشاك فى جزء او شرط بعد الفراغ لا يلتفت.

والشاك فى فعل بعد الدخول فى غيره يبنى على تحققه ، واذا كان قبله يأتى به.

والشاك فى صحة المأتى به يبنى على الصحة وإن لم يدخل فى غيره.

والشك فى عدد الركعات من الثنائية والثلاثية والاوليتين من الرباعية مبطل لها.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب التسليم ، حديث ٤.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب التسليم ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب التسليم ، حديث ٣.

١٥٢

والشاك بين الإثنين والثلاث من الرباعية بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبنى على الثلاث ، ويحتاط بركعة قائما او بركعتين جالسا.

والشاك بين الثلاث والأربع يبنى على الأربع ويحتاط كذلك.

والشاك بين الثنتين والأربع بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبنى على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام.

والشاك بين الثنتين والثلاث والأربع بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبنى على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

والشاك بين الأربع والخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة يبنى على الأربع ويسجد سجدتى السهو. وإذا كان شكّه المذكور حالة القيام يجلس ويطبَّق حكم الشاك بين الثالثة والرابعة.

والظنّ بعدد الركعات بحكم اليقين بخلافه فى الأفعال فإنّه بحكم الشك.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أن الشاك فى أداء الصلاة يلزمه فعلها فى الوقت ، فلاستصحاب عدم الأداء.

وبقطع النظر عن ذلك تكفى قاعدة « الإشتغال اليقينى يستدعى الفراغ اليقينى » للزوم الإحراز.

على انّا فى غنى عن ذلك بعد صحيحة زرارة وفضيل عن أبى جعفر عليه‌السلام « متى استيقنت او شككت فى وقت فريضة أنك لم تصلّها او فى وقت فوتها أنك لم تصلّها صليتها. وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن ، فإن استيقنت فعليك أن تصليها فى ايّ حالة كنت » (١).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٦٠ من ابواب المواقيت ، حديث ١.

١٥٣

٢ ـ وأما عدم وجوب القضاء على الشاك خارج الوقت ، فللصحيحة المتقدمة.

على أنّا فى غنى عنها ، إذ الأمر بالأداء قد سقط جزما بخروج الوقت إما بالإمتثال أو بالعصيان ، والأمر بالقضاء يشك فى حدوثه فيكون مجريً للبراءة.

٣ ـ وأما أن الشاك فى جزء او شرط لا يلتفت بعد الفراغ ، فلقاعدة « الفراغ » المستفادة من موثقة محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام « كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو » (١).

٤ ـ وأما البناء على تحقق المشكوك بعد الدخول فى غيره ، فلقاعدة التجاوز المستفادة من صحيحة زرارة « قلت لأبى عبداللّه عليه‌السلام رجل شك فى الأذان وقد دخل فى الإقامة ، قال : يمضي. قلت : رجل شك فى الأذان والإقامة وقد كبَّر ، قال : يمضي. قلت : رجل شك فى التكبير وقد قرأ ، قال : يمضي. قلت : شك فى القرائة وقد ركع ، قال : يمضي. قلت : شك فى الركوع وقد سجد ، قال : يمضى على صلاته. ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت فى غيره فشكك ليس بشي ء » (٢) وغيرها.

٥ ـ وأما لزوم الإتيان بالمشكوك قبل ذلك ، فلمفهوم الشرط فى ذيل الصحيحة السابقة. مضافا الى اقتضاء الاستصحاب لذلك.

٦ ـ وأما أن الشاك فى صحة المأتى به يبنى عليها وإن لم يدخل فى غيره ، فلموثقة محمد بن مسلم المتقدمة.

وبذلك يتّضح الفارق بين قاعدة التجاوز حيث يعتبر فى تطبيقها الدخول فى الجزء اللاحق وبين إصالة الصحة حيث لا يعتبر فيها ذلك.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٣ من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ، حديث ٣.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٣ من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ، حديث ١.

١٥٤

ومنشأ الاختلاف المذكور : أن صحيحة زرارة التى هى المستند لقاعدة التجاوز قد اعتبرت الدخول فى الجزء اللاّحق ، بخلاف الموثقة التى هى المستند لأصالة الصحة حيث لم تعتبر ذلك.

٧ ـ وأمّا الشك فى عدد الركعات ، فالأصل الأوّلى فيه بمقتضى إطلاق دليل الاستصحاب وإن اقتضى لزوم البناء على الاقل ، ولكن قد طرأ عليه التقييد فى باب عدد الركعات بما دلّ على لزوم البناء على الأكثر والإتيان بما يحتمل نقصانه بعد التسليم. فقد ورد فى موثقة عمار عن أبى عبداللّه عليه‌السلام « يا عمار أجمع لك السهو كله فى كلمتين ، متى ما شككت فخذ بالأكثر ، فاذا سلمت فأتم ما ظننت أنك نقصت » (١).

وعليه ، فمقتضى الأصل الثانوى بمقتضى الموثقة المذكورة هو الحكم بصحة كل صلاة يشك فى عدد ركعاتها ولزوم البناء على الاكثر إلا إذا دلّ دليل خاص على العكس ، فيلتزم بتخصيصه كما سوف نلاحظ ذلك فى الثنائية وغيرها.

٨ ـ وأما البطلان بالشك فى الاوليتين ـ خلافا للصدوق حيث نسب له الحكم بالتخيير بين الإعادة والبناء على الأقل(٢) ـ فلصحيحة زرارة : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان الذى فرض اللّه على العباد عشر ركعات وفيهنّ القراءة وليس فيهنّ وهم ـ يعنى سهواـ فزاد رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعا وفيهنّ الوهم وليس فيهنّ قراءة.

فمن شك فى الاوليتين اعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شك فى الأخيرتين عمل بالوهم » (٣) وغيرها.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٨ من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ، حديث ١.

٢ ـ جواهر الكلام : ١٢ / ٣٢٩.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب الخلل ، حديث ١.

١٥٥

٩ ـ وأما بطلان الثنائية بالشك ، فلعدة نصوص تكفينا منها صحيحة زرارة السابقة.

١٠ ـ وأما بطلان المغرب بالشك ، فلصحيحة حفص وغيره عن أبى عبداللّه عليه‌السلام « إذا شككت فى المغرب فاعد ... » (١) وغيرها.

١١ ـ وأما حكم الشك بين الثنتين والثلاث بما تقدم ، فهو المشهور. ويدل عليه عموم موثقة عمار المتقدمة.

إلا أن الموثقة المذكورة تعيِّن القيام فى ركعة الاحتياط دون التخيير بينه وبين الجلوس.

ويمكن الجواب بان الصورة الآتية ثبت فيها التخيير ، وحيث يقطع بعدم الفرق بين الصورتين فيثبت التخيير فى صورتنا ايضا.

١٢ ـ وأما التقييد بإتمام مقدار الذكر الواجب ، فلأنه به يتحقق إكمال الركعتين الاوليتين اللتين لا يدخل فيهما السهو.

١٣ ـ وأما حكم الشك بين الثلاث والاربع بما تقدم ، فيقتضيه عموم موثقة عمار المتقدمة ، وصحيح الحلبى عن أبى عبداللّه عليه‌السلام « ... إن كنت لا تدرى ثلاثا صليت ام اربعا ولم يذهب وهمك الى شيء فسلّم ، ثم صلِّ ركعتين وانت جالس تقرأ فيها بام الكتاب » (٢).

١٤ ـ وأما التخيير فى ركعة الاحتياط بين الجلوس والقيام ، فهو للجمع بين الصحيح المتقدم وصحيحة زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : « ... إذا لم يدر فى ثلاث هو او فى أربع قام فاضاف إليها اخرى ولا شيء عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب الخلل ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٠ من ابواب الخلل ، حديث ٥.

١٥٦

فى اليقين » (١).

والمراد من قوله عليه‌السلام : « قام ... » هو القيام الى ركعة أخرى منفصلة لا متصلة لقضاء المذهب بذلك.

١٥ ـ وأما حكم الشك بين الثنتين والأربع بما تقدم ، فلعموم موثقة عمار المتقدمة وصحيحة زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام : « ...من لم يدر فى اثنتين هو او فى اربع ، قال : يسلم ويقوم ، فيصلى ركعتين ، ثم يسلم ولا شيء عليه » (٢) وغيرها.

١٦ ـ وأما اعتبار إتمام الذكر الواجب ، فلأنه بدونه لا يحرز إتمام الاوليتين.

١٧ ـ وأما أن حكم الشاك بين الثنتين والثلاث والأربع ما ذكر ، فلصحيح عبدالرحمن بن الحجاج عن أبى ابراهيم عليه‌السلام : « قلت لأبى عبداللّه عليه‌السلام : رجل لا يدرى أثنتين صلى ام ثلاثا ام رابعا ، فقال : يصلّى ركعتين من قيام ، ثمّ يسلم ، ثم يصلّى ركعتين وهو جالس » (٣).

١٨ ـ وأما حكم الشاك بين الاربع والخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة ، فلا يمكن استفادته من عموم موثقة عمار بل يدل عليه صحيح أبى بصير عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : « إذا لم تدر خمسا صليت ام اربعا ، فاسجد سجدتى السهو بعد تسليمك وأنت جالس ثم سلم بعدهما » (٤) وغيره. والتقييد بما بعد ذكر السجدة الأخيرة لاستظهاره من التعبير بالفعل الماضى « صليت ».

١٩ ـ وأمّا انّ الشاك بين الرابعة والخامسة حالة القيام يلزمه ماتقدم ، فلأنّ الشك

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٠ من ابواب الخلل ، حديث ٣.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١١ من ابواب الخلل ، حديث ٤.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٣ من ابواب الخلل ، حديث ١.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ١٤ من ابواب الخلل فى الصلاة ، حديث ٣.

١٥٧

مادام كذلك فلا يصدق عنوان « خمساً صلّيت أم أربعاً » بل يصدق عنوان « ثلاثاً صلّيت أم أربعاً » الوارد فى صحيح الحلبى المتقدّم فى الرقم (١٣) فيلزم هدم القيام والتسليم وتطبيق حكم الشك بين الثالثة والرابعة.

٢٠ ـ وأمّا انّ الظن بعدد الركعات بحكم اليقين ، فلصحيح صفوان عن ابى الحسن عليه‌السلام : « إن كنت لاتدرى كم صلّيت ولم يقع وهمك على شيء فاعد الصلاة » (١) ، فإنّه يدلّ على حكمين : وجوب العمل على طبق الوهم ، اى الشك ، ووجوب الإعادة عند الشك المتساوي ، غايته يلزم تقييد الثانى بغير الشكوك المتقدمة لخروجها بالمقيّد.

وأمّا أنّ الظنّ فى الأفعال هو بحكم الشك فباعتبار أنّ الشك لغة هو بمعنى خلاف العلم ، وتخصيصه بالمتساوى اصطلاح خاص لا معنى لتحميله على النصوص الشرعية.

كما أنّ تخصيصه بذلك فى باب الركعات هو للدليل الخاص.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٥ من ابواب الخلل فى الصلاة ، حديث ١.

١٥٨

صلاة المسافر

تقصر الرباعية بالسفر الى ثنتين بشرط :

القصد المستمر لقطع المسافة ـ ثمانية فراسخ ـ امتداديّة او ملفّقة ولو لم يرد الرجوع فى نفس اليوم.

وعدم قصد المرور بالوطن او اقامة عشرة قبل بلوغ المسافة.

وأن يكون السفر مباحا.

وعدم اتخاذ السفر عملاً.

وأن لا يكون ممن بيته معه.

والوصول الى حدّ الترخص ، وهو المكان الذى لا يرى فيه أهل البلد او لا يسمع فيه صوت اذانه.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما لزوم القصر فى السفر وعدم التخيير بينه وبين الإتمام ـ كما هو عند غيرنا(١) ـ فممّا لم يقع فيه خلاف بيننا بل هو من الضروريات.

وفى الحديث : « إن التقصير صدقة مَنَّ اللّه سبحانه بها على المسافر ، وهل يَسُرُّ

__________________

١ ـ الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٤٢٧.

١٥٩

احدكم إذا تصدق بصدقة أن تردّ عليه » (١) وفى حديث زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام « سمّى رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قوما صاموا حين أفطر وقصّر عصاة وقال : هم العصاة الى يوم القيامة ، وانّا لنعرف أبنائهم وأبناء ابنائهم الى يومنا هذا » (٢).

٢ ـ وأما أن القصر يختص بالرباعية وبحذف الركعتين ، فهو من الضروريات ايضا.

وتدل عليه بعض النصوص(٣).

٣ ـ وأما اشتراط القصر بقطع مسافة معيّنة ، فهو مما لا خلاف فيه بيننا.

ونسب الى داودبن عليالظاهرى ومحمدبن الحسن الإكتفاء بصدق عنوان المسافر(٤).

٤ ـ وأما أن مقدار المسافة ثمانية ، فراسخ فقد دلت عليه روايات تتراوح بين ٢٠ ـ ٣٠ رواية ، ورد فى بعضها التعبير بثمان فراسخ ، وبياض يوم ، وبريدين ، و ٢٤ ميلاً ، ومسيرة يوم ، وبريد فى بريد. والمقصود من الجميع واحد.

وفى بعضها عبّر : بريد ذاهبا وبريد جائيا ، (٥) وبريد ، ومسيرة ١٢ ميلاً ، واربعة فراسخ. وذلك محمول على من يقصد الرجوع.

٥ ـ وأما اعتبار القصد ، فيمكن اثباته بأن التقصير لمّا جاز عند حدّ الترخص بالرغم من عدم تحقق قطع المسافة خارجا ، فلازم ذلك كون المدار على قصد القطع.

هذا مضافا الى امكان التمسك بموثقة عمّار الآتية فى رقم (٨).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٢ من ابواب صلاة المسافر ، حديث ٧.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٢ من ابواب صلاة المسافر ، حديث ٥.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب صلاة المسافر.

٤ ـ الحدائق الناضرة : ١١ / ٣٠٠.

٥ ـ يمكن ملاحظة الروايات المذكوره فى الأبواب الاُولى من صلاة المسافر فى وسائل الشيعة.

١٦٠